علمت «الأخبار» أن مصر بدأت اتصالات مع عدد من الدول المعنية لإعادة إحياء عمل مجموعة اللقاء الخماسي بعدما تبين أن نتائج الجولة الأخيرة من اللقاءات، والتي عُقدت في العاصمة الفرنسية في شباط الماضي، كانت سيئة للغاية. إذ انتهت، بحسب مصادر متابعة، إلى مواجهة عاصفة بين الجانبين السعودي والفرنسي، أدّت إلى مغادرة رئيس الوفد السعودي نزار العلولا القاعة غاضباً، ومعه السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، بعدما وصل النقاش إلى طريق مسدود مع الحاضرين، خصوصاً الجانب الفرنسي الذي كان يصرّ على طرح مبادرة توافقية تمنع الانفجار في لبنان، وتفتح الباب أمام إعادة الرعاية الخارجية وتوفير الدعم الضروري لمنع انهيار البلد.
وتؤكّد المصادر أن الجانب السعودي لا يزال يتعامل مع الساحة اللبنانية على أنها معقل أبرز خصومه، وأن لبنان هو المكان الذي يمكن أن تواجه الرياض فيه حزب الله، كونه «مصدر صداع للسعودية في اليمن والعراق وسوريا إضافة إلى لبنان». ونقل معنيون عن تقارير ديبلوماسية أن العلولا قال بصوت مرتفع: «لن نتعامل مع لبنان إذا بقي على مساره الحالي، ولن يلزمنا أحد بتقديم أي دعم سياسي أو مالي في حال جاء إلى الحكم أشخاص لا يقفون في مواجهة حزب الله»، في مقابل الرأي الفرنسي القائل إن «أي رئيس مواجهة يعني استمرار الفراغ، وأن حزب الله قوة رئيسية في البلاد ولا يمكن عزله».
وأشار المعنيون إلى أن الجانب المصري شعر بأن الأجواء العاصفة التي انتهى إليها الاجتماع تجعل إعادة عقده في باريس صعباً، لذلك فكّرت القاهرة بمبادرة تفتح الطريق أمام عقده في الرياض. وقد أثار المصريون الأمر مع أطراف عدة، وتحدثوا عن إمكانية أن يبادروا إلى التواصل مع الجانب الإيراني لتسهيل الأمور. علماً أن القاهرة تعطي إشارات إلى رغبة في تواصل أكثر حرارة مع حزب الله في بيروت، لكنها تعتبر أن الموقف النهائي يبقى مرتبطاً بالموقف السعودي.
وقبل أن يصل رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى باريس، للقاء المستشار في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل، كانَ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد عاد إلى بيروت بعدما التقى مدير الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنار إيميه. وأكّد مطّلعون أن زيارة جنبلاط أتت «في سياق إقناع باريس بالتراجع عن مشروع المقايضة بين فرنجية في رئاسة الجمهورية ونواف سلام في رئاسة الحكومة، أو أي مقايضة تحمِل فرنجية إلى بعبدا». ونقل هؤلاء عن جنبلاط أنه كانَ حريصاً على «التشديد أمام الفرنسيين بأن انتخاب فرنجية أمر صعب، خصوصاً في غياب الموافقة السعودية»، وأنه حتى لو وافقت المملكة «سيبقى الأمر صعباً بسبب موقف الكتل المسيحية منه». وأضافوا أن الزعيم الاشتراكي «جنبلاط طلب بصراحة من الفرنسيين التخلي عن هذه المقايضة وعن محاولة إقناع السعوديين بالسير بها»، و«الانتقال بالبحث إلى مكان آخر للخروج من هذه المراوحة التي لن تصِل إلى أي مكان». وأوضح جنبلاط أنه «في مقابل إصرار ثنائي حزب الله وحركة أمل على دعم ترشيحه، فإن الكتل المسيحية وتحديداً التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لا تزال عند موقفها المتصلب بالرفض، وتتقاطع في ذلك مع الموقف السعودي، بالتالي يتعين على باريس أن تتراجع عن هذا الدعم وتبدأ بالبحث عن شكل جديد للتسوية، ما لم يحصل ما يدفع هذه القوى إلى تغيير مواقفها».
وأكدت المصادر أن «واحداً من الأسباب التي تدفع جنبلاط إلى ثني الفرنسيين عن دعم فرنجية هو المشكلة التي تواجهه داخل الحزب، وخصوصاً مع نجله النائب تيمور»، إذ إن «الخلاف بينهما على الملف الرئاسي كبير، وقد أبلغ جنبلاط الابن والده بأنه لن يصوّت لفرنجية بأي شكل من الأشكال، انسجاماً مع موقف القاعدة الشعبية»، وهذا التعارض هو «ما أجبر جنبلاط على التراجع عن الوعد الذي قطعه لرئيس مجلس النواب نبيه بري بالتفكير بالأمر».
في المقابل، أكّدت مصادر ديبلوماسية لـ«الأخبار» أن الموقف الفرنسي لا يزال نفسه، وأن باريس تتصرف على قاعدة أن «هناك متسعاً من الوقت لاستكمال النقاش مع السعودية في الأسابيع المقبلة، وإقناع المملكة بالسير في التسوية». وفيما يدور حديث عن مساعٍ تقوم بها القاهرة للترويج لما طرحته في لقاء باريس لعقد لقاء للقوى اللبنانية على غرار مؤتمر الدوحة، تترقب بيروت ما سيحمله وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري محمد بن عبد العزيز الخليفي الذي يصل إلى لبنان الأسبوع المقبل بعد زيارة قام بها لطهران.
نسخ الرابط :