لم يعد الهاتف الخلوي في أيامنا "موضة" أو "اكسسوارًا"، وقد يتعدى في أهميته ببعض الأحيان الطعام والشراب، إلا أنّ تكلفة أن تقتني هاتفًا في لبنان باتت مرهقة لا سيما على أصحاب الدخل المحدود وبالأخص الذين لا يزالون يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، اذ بات عليهم دفع جزء كبير من الراتب لتعبئة الشريحة لمدة شهر للاستفادة من الحد الأدنى من الخدمات.
ورغم الترهل الذي يعتري قطاع الاتصالات وتكلفة الخدمات المرتفعة، أُضيف إلى قائمة الهموم اعتماد الدولار الجمركي على أساس 15000 ليرة لبنانية كضريبة على استيراد الهواتف، ما سيرفع سعرها عاجلًا أم آجلًا، ليصبح سؤال هل يستغني اللبنانيون عن هواتفهم؟ مشروعًا.
ورغم بدء تطبيق الدولار الجمركي، إلا أنّ الهواتف الجديدة لم يرتفع سعرها حتى الساعة. وفي هذا الإطار، يُرجع رئيس نقابة تجار الخلوي في لبنان علي فتوني السبب إلى وجود كميات في السوق قبل أن يرتفع "الجمرك" إلى 15000 ليرة. وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري يوضح فتوني أن وزير الاتصالات أعطى مهلة إلى نهاية العام الماضي لكي يدفع أصحاب الهواتف غير "المجمركة" المبالغ المستحقة -على دولار الـ 8000 ليرة- لتبقى هواتفهم تعمل على الأراضي اللبنانية. وهنا يلفت فتوني الى أنّ الهواتف ذات الطراز الحديث (Iphone - Samsung) بالطبع ارتفع "الجمرك" المتعلق بها وارتفع سعرها وهي بنسبة حوالى 10% بالحد الأدنى.
لكن برزت معضلة جديدة أمام اللبنانيين، وهي أن بعض هواتفهم غير مدفوعة "الجمرك" ستتوقف، وهذا القرار لم يكن وليد اللحظة، وهو يعود لأشهر خلت لكن الظروف المتعددة حالت دون تطبيقه، إلا أن قرارًا حازمًا من وزير الاتصالات الحالي مدّد فترة الاستفادة من هاتف غير "مجمرك" فقط مدة أسبوع بعد 31 كانون الأول من العام 2022، وسيكون واجبًا على كل من يقتني هاتفًا لم يُدفع جمركه دفعه فورًا تحت طائلة توقف هاتفه عن العمل.
وبحسب فتوني، لم يكن في مصلحة أي كان في العامين الماضيين (بسبب انتشار كورونا والاضطرابات المحلية) أن لا يدفع "الجمرك" لأنه كان وفق سعر صرف 1500 ليرة لبنانية، لكن ما حدث أن الموظفين في وزارة الاتصالات مرّوا بفترة من عدم المواظبة على الدوام، وبهذه الفترة فُتح المجال أمام المستخدمين بأن يبقى معهم الهاتف لمدة عام وإن كان "مجمركًا" تم اعتباره غير "مجمرك" لكثرة الملفات لديهم، وبدأت الاتصالات بالمواطنين لكي يدفعوا "الجمرك"، وبما أنه كان على سعر صرف 1500 ليرة دفعها أصحاب الهواتف، دون مراجعة أصحاب محال الخلوي التي اشتروا منها لمطالبتهم بدفع "الجمرك" إلا القليل منهم، وفضّل دفع 50 أو 60 ألف أو 100 ألف ليرة للحفاظ على هاتفه.
إن لم تدفع "جمرك" الهاتف سيتوقف عن العمل
لكن من الآن وصاعدًا لا يمكن أن يدخل هاتف إلى لبنان من دون "جمرك" إلا في حال لم يكن الهاتف للاستخدام داخل لبنان، لأن بلدنا ليس مستوردًا للهواتف فقط بل هو يصدرها عبر "الترانزيت". وبحسب قول فتوني قد تكون معفاة من "الجمرك" مثًلا تلك الهواتف التي يصدرها إلى تركيا أو سوريا.
ويشير رئيس نقابة تجار الخلوي إلى أنه لا فرق بين هاتف "الآيفون" "موديل" العام أو هاتف "أبو لمبة" في وجوب دفع "جمركه"، لأن الرقم التسلسلي الداخلي للهاتف (IMEI) يظهر لدى شركتي "ألفا" و"تاتش"، ويُعرف إن كان ضمن اللوائح التي ترسلها وزارة الاتصالات للهواتف المجمركة من عدمها.
ووفق المتحدّث، خلال يومين أو ثلاثة تبدأ الهواتف بالتوقف في حال لم يُدفع جمركها أو كانت غير مدفوعة "الجمرك" عند استيرادها، وهنا يشير فتوني إلى أنه كان مع نظرية أن تُفتح صفحة جديدة ونبدأ من الآن باحتساب "الجمرك" على السعر الجديد لأن بعض الناس تمتلك هواتف منذ 9 أشهر واتصلوا بهم الآن ليدفعوا الجمرك، والخطأ هنا يبدو من قبل وزارة الاتصالات.
قطاع الاتصالات بات "مدولرًا"
يجزم فتوني أن قطاع الاتصالات بات مدولرًا، وهذا القطاع لديه الكثير من المصاريف، والشركات لا تذهب إلى الطاقة النظيفة لتخفيف هذه المصاريف. وبحسب فتوني، يجب أن يفكروا بطرق حديثة غير تعبئة المازوت وغيرها أسوة بالتطور الذي تسير به دول العالم لتجد حلولًا تخفف الأعباء عن المواطنين.
ويؤكد أن لا مجال لازدهار سوق التهريب أو التزوير أبدًا، لأن هذا الأمر لا يمرّ إن لم تكن أرقام الهواتف التسلسلية مسجلة على الحاسوب ولها آلية معقدة جدًا وهي إن قطعت مرحلة معينة سيتم إيقافها في مكان آخر.
كما يشير إلى أن "الاكسسوارات" الخاصة بالهواتف ليست ذات أهمية كبيرة لناحية ارتفاع أسعارها نظرًا لأنها مستوردة بنسبة كبيرة جدًا من الصين، وهي بضاعة زهيدة الثمن، وقد يلحقها 11% كضريبة TVA على دولار بسعر صرف 15000 ليرة، ورغم ذلك تبقى أرخص من بلدان ثانية.
فتوني يلفت في حديثه إلى أن الهواتف في بلدان الخارج تخضع لسوق العرض والطلب مثلها مثل أي سلعة ثانية لا سيما أن المصانع لا تلبي كل الاحتياجات حاليًا، والصين تخضع الآن لوضع اقتصادي لا يسمح بإنتاج كميات كبيرة، مثلًا قد تجد في أحد المحلات بدبي 10 آلاف هاتف، وبعد 24 ساعة قد لا تجد لديه أي هاتف، وبعض الهواتف قد يرتفع سعرها بسبب الطلب عليها أو ينخفض إن لم يكن عليها طلب كبير.
وبخصوص التوقعات لمدى الإقبال على الهواتف في لبنان، يتوقع فتوني أن يهبط الطلب على الهواتف ذات الأسعار المرتفعة، ففي السابق كان بإمكان أي مواطن الحصول على مبلغ 1000$ ليشتري هاتفًا، أما اليوم فبات من الصعوبة ذلك، وبات هناك تفاوت بين الطبقات الاجتماعية بالنسبة لنوعية الهواتف وهناك فقير وغني، فيما تدنت كثيرًا الطبقة الوسطى التي كان بإمكان أصحابها الاستحواذ على هاتف "مرتفع الثمن"، وهذا النوع من الهواتف يبدأ سعره اليوم من 1500$ وما فوق.
لا تقتصر تكلفة الهاتف على "الجمرك"
إضافة إلى "الجمرك"، هناك عدة مصاريف تدفع ليصل الهاتف إلى يد المستهلك النهائي، حيث يضاف الى المصاريف الضريبة على القيمة المضافة (TVA) وكلفة الشحن من بلد المنشأ، وهي بالمجمل تبلغ حوالى 20% من الثمن النهائي للهاتف، وعلى سبيل المثال فإنّ الهاتف الذي يبلغ سعره اليوم 200$ سيصبح بـ240$.
وهنا ينصح فتوني كل مواطن أن لا يذهب إلى الدعاية التي تروّج للهاتف الأغلى ثمنًا، فهناك اليوم هواتف مصنوعة في الصين لها أسماء مختلفة تفي بالغرض وحاجات المواطن، وهي بقيمة 100$ أو 150$ وبذات مواصفات الهاتف الذي سعرة 1000$، لكن المواطن اللبناني ينصاع للمظاهر بشكل عام وإن كانت هذه العادة بدأت تتدنى بسبب الأوضاع الحالية، يضيف المتحدّث.
ويلفت فتوني إلى أنه لا تزال هناك أسعار هواتف زهيدة الثمن في لبنان مقارنة ببلدان أخرى، نظرًا لأنه بلد صغير وفيه منافسة كبيرة بين تجار الهواتف الذين يضعون هامشًا صغيرًا للربح في كل هاتف قد يكون 10$ فقط، وعليه فإن الهواتف في لبنان أرخص من فرنسا وبريطانيا والإمارات، وربح محلات الهواتف يقتصر على تبديل هاتف قديم أو بيع "تشريجات" الهاتف.
ورغم سريان الدولار الجمركي على أساس 15000 ليرة للدولار الواحد، يُطمئن فتوني إلى أن أسعار الهواتف لن ترتفع حاليًا لوجود منافسة قوية في السوق، وستبقى الأسعار كما هي حتى استيراد بضاعة جديدة، مرجحًا أن يطرأ تعديلات على الأسعار صعودًا أو هبوطًا من الآن حتى شهر.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :