افتتاحية صحيفة البناء :
قمة عمان لدول جوار العراق تؤكد التباعد السعودي الإيراني… وقناة نووية رفيعة /
لبنان بعيد عن طاولة المحادثات وعن اللقاءات الثنائية… وإشارة رمزية فرنسية /
الدولار في ماراتون الـ 50 ألف ليرة… والسبب ضخ كميات من الليرات المطبوعة
انتهت قمة عمان لدول جوار العراق التي عقدت برعاية فرنسية أردنية مشتركة، وحضرتها إيران والسعودية، ولم تتحقق التمنيات بحضور الرئيس الإيراني السيد ابراهيم رئيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وحلّ مكانهما وزيرا خارجيتيهما حسين أمير عبد اللهيان وفيصل بن فرحان، لكن التمنيات لم تتحقق أيضاً بحلول اجتماع عبد اللهيان وبن فرحان مكان اجتماع رئيسي وبن سلمان، فبدت العلاقات السعودية الإيرانية بعيدة عن تحقيق النقلة التي كان البعض يتمناها، والبعض يتوقعها، ولم يظهر في أجواء القمة وكواليسها ما يوحي بخطوات نوعية في الملفات الإشكالية، حيث العلاقات السعودية الإيرانية ليست وحدها التي بقيت معلقة على حبال الانتظار، والاجتماع اليتيم الذي كسر الجمود كان بين مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وكان خجولاً في نتائجه لجهة تبادل المواقف وتأكيد إبقاء قنوات التواصل دون آمال بتحقيق تقدم قريب.
لبنان الذي كان بعض السياسيين والإعلاميين فيه يتمنون ويتوقعون أن يكون حاضراً على طاولة القمة سجل غياباً حتى في كلمات الوفود، لدرجة أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماركون لم يأت على ذكر لبنان في كلمته الا بصورة رمزية خلال إشارته إلى أن حل أزمات العراق ولبنان وسورية يحتاج الى التعاون الإقليمي. ولم يُذكر الاستحقاق الرئاسي وحال الشغور التي يعيشها المنصب الرئاسي إلا بصورة رمزية أيضاً في كلمة وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا بعد نهاية القمة، وخلال المؤتمر الصحافي المشترك مع وزيري خارجيتي الأردن والعراق، بقولها إن على القادة اللبنانيين «الاضطلاع بمسؤولياتهم في تسهيل الانتخاب السريع لرئيس جديد في لبنان وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاج إليها لبنان بشدة».
في الداخل اللبناني لا صوت يعلو فوق صوت الدولار، حيث الإجازة السياسية الطويلة لما بعد نهاية العام، لم تشمل اللبنانيين جميعاً، الذي فاجأ سعر الصرف أغلبيتهم الفقيرة بارتفاعات لا تتناسب مع التدفقات التي بدأت تشهدها الأسواق مع بداية موسم الأعياد والحجوزات التي قاربت الـ100 % في الفنادق، وتوقعات بدخول مليار ونصف مليار دولار خلال الأعياد، حيث تجاوز سعر الصرف عتبة الـ 45000 ليرة وهو ماض في ماراتون الصعود الى سعر الـ 50000 ليرة، وردت مصادر مالية على الشائعات التي تم ضخها في بعض وسائل الإعلام عن كون ارتفاع السعر عائداً الى سحب كميات من الدولارات إلى سورية، بالسؤال مقابل أي عملة تم بيع الدولارات الذاهبة الى سورية؟ فإذا كان مقابل العملة السورية فذلك سوف يرتب ارتفاع الدولار مقابل الليرة السورية وليس الليرة اللبنانية، وإذا كان مقابل ليرات لبنانية، فهذا يعني أن هذه الليرات تمّ شراؤها مقابل دولارات ثم تمّ شراء الدولارات بها، وهذا غير منطقي، علماً أنه في حال حدوثه مردوده صفر، لأن نتائج عمليات البيع تعادل نتائج عمليات الشراء، وقالت المصادر إن هذه الشائعات مبرمجة للتغطية على السبب الحقيقي، وهو أن مصرف لبنان قرر ملاقاة التدفقات الوافدة الى لبنان يضخ كميات من الليرات اللبنانية المطبوعة، وشراء الدولارات بها، لتأمين المزيد من الأموال لحساب تحويلات مصرفية الى الخارج من خارج حاجات الاقتصاد والدولة، وفقاً للوائح يقرّرها حاكم المصرف ويُعطَّل قانون الكابيتال كونترول للحفاظ عليها.
ولم تدخل قمة بغداد 2 في عمق الأزمة اللبنانية ولم تقدّم مقاربة عملية وواضحة لحل الأزمة السياسية والرئاسية باستثناء تطرّق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون باقتضاب في كلمته الى ملف لبنان، ما يؤشر الى أن الظروف الإقليمية والدولية لم تنضج بعد لإنتاج تسوية رئاسية، وبالتالي هناك ملفات واستحقاقات وأزمات عدة تتقدم على الملف اللبناني. وتوقعت أوساط سياسية عبر «البناء» أن يطول أمد الشغور الرئاسي بسبب التعقيدات التي تشهدها المنطقة والعالم، مشيرة الى أنه لو كان هناك نية وإرادة وإقليمية ودولية لمساعدة لبنان على حل أزمته المتعددة الأوجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكان ظهر ذلك في قمة بغداد التي تشكل فرصة لتبادل وجهات النظر والحوار والخروج بحد مقبول من التفاهم على خريطة طريق للخروج من الأزمة، طالما أن المجلس النيابي لم يستطع فتح ثغرة في جدار الأزمة عبر انتخاب الرئيس وإنهاء الشغور. ولاحظت الأوساط أن حضور القمة كان على مستوى وزراء خارجية وليس رؤساء دول، كما لم ترصد عدسات الكاميرا أي لقاء ثنائي بين وزيري خارجية السعودية وإيران.
ولفت ماكرون خلال القمة التي افتتحت أمس في الأردن، بمشاركة مصر وفرنسا والإمارات والسعودية وقطر وتركيا وإيران وفرنسا وعمان والبحرين، الى أن «أزمات العراق وسورية ولبنان تتطلب لحلّها أجندة تعاون صادق بين الدول المعنية». معتبراً أن «منطقة الشرق الأوسط تمتلك كل المقوّمات لتكون في مقدمة الأجندة الدولية، إنما تعاني من انقسامات وتدخلات تؤثر على استقرارها». وشدّد على أن «الأمن والاقتصاد والبنية التحتية هي الركائز الأساسية لتحسين استقرار المنطقة برمتها».
وما لم يقله ماكرون في قمة بغداد، أشارت اليه وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، بدعوتها القادة السياسيين اللبنانيين إلى «تحمل مسؤولياتهم» والعمل على «إجراء انتخابات سريعة» لرئيس جديد للبلاد.
وعبرت الوزيرة الفرنسية في مؤتمر صحافي في ختام قمة إقليمية عقدت في السويمة على شواطئ البحر الميت، عن «قلقها»، داعية القادة اللبنانيين إلى «الاضطلاع بمسؤولياتهم في تسهيل الانتخاب السريع لرئيس جديد في لبنان وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاج إليها لبنان بشدّة».
وشكّل الملف الرئاسي محور بحث في بكركي بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والسفير السعودي وليد بخاري. وقد قالت مصادر بكركي إن بخاري أكد ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت وتشكيل حكومة منسجمة مع الرئيس للنهوض بالبلد وإن المملكة لن تتردّد في القيام بأيّ جهد يُطلب للمساعدة في موضوع الانتخابات وإن التنسيق مع الجانب الفرنسي مستمرّ.
وأشارت المعلومات إلى أن بخاري قال في بكركي إن المطلوب اليوم رئيس مقبول من الجميع وأن يكون على علاقة جيدة بمختلف الدول، ولفتت الى أن البطريرك الراعي فهم من كلام بخاري أن المملكة تحبّذ رئيساً لا ينتمي إلى أي محور سياسيّ. وأردفت: بخاري أثنى على عظات البطريرك الراعي لا سيما في ما يتعلّق بالحياد وبضرورة انتخاب رئيس للجمهورية.
وأفادت مصادر الصّرح البطريركي في بكركي، وفق ما نقلت وسائل إعلام، بأنّ «بخاري أكّد ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت، وتشكيل حكومة منسجمة مع الرّئيس للنّهوض بالبلد، وأنّ السعودية لن تتردّد في القيام بأيّ جهد يُطلب للمساعدة في موضوع الانتخابات، والتّنسيق مع الجانب الفرنسي مستمر».
في غضون ذلك، برزت زيارة الرئيس ميشال عون الى مركز التيار الوطني الحر في «ميرنا الشالوحي» وترأس اجتماع تكتل «لبنان القوي»، بحضور رئيس التيار النائب جبران باسيل، وشدد عون على «أننا علينا أن نعرف ماذا ينتظرنا خلال المرحلة المقبلة وفي حال لم تتغير الطبقة الحاكمة الحالية لن يكون هناك وطن»، مشيراً إلى أن «الوطن لا يُبنى بالزمرة الحاكمة حالياً، و80 بالمئة من الشعب اللبناني أصبح فقيراً، وأمامنا 3 إلى 4 سنوات «لنتنفّس» بانتظار كميات الغاز الموجودة في البلوكات وعلينا الحفاظ على خطنا السياسيّ وعلى المحاسبة». وأكد، «اننا كي نستطيع أن نحاسب، تجب إعادة بناء الدولة كلّها».
ولفت مصدر نيابي في التيار الوطني الحر لـ«البناء» الى أن الرئيس عون لم يخرج من الحياة السياسية لكي يعود اليها وسوف يستمرّ بقيادة مسيرة بناء الدولة ومحاربة الفساد وبالتالي الزيارة طبيعية لكونه مؤسس التيار وعضواً في الهيئة السياسية، أما إذا كان سيحضر اجتماعات التيار والهيئة السياسية فيه، فيعود للرئيس عون، لكن خروجه من بعبدا لا يعني انتهاء مكافحة الفساد والتدقيق الجنائي فهو على رأس أكبر كتلة نيابية ومستمر في نضاله في الملفات كافة لا سيما الرئاسي والحكومي».
ولوحظ اجتماع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وزير الصحة فراس الأبيض وبحثا في موضوع تأمين الطبابة والأدوية لمرضى السرطان، ما فسّر على أن ميقاتي لن يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء فيما ما تبقى من العام وسيستعيض باجتماعات ثنائية مع الوزراء أو اجتماعات وزارية موسّعة، مع تأكيد أوساط حكومية لـ«البناء» على أن ميقاتي يحتفظ بحقه في الدعوة الى جلسة عندما تستدعي الحاجة والضرورة ومتمسك بصلاحياته الدستورية، ويرفض استبدال مراسيم الحكومة بالمراسيم الجوالة التي طرحها وزير العدل هنري خوري. ويقول الخبراء في هذا الإطار إن المراسيم الجوالة غير دستورية في حالة الحكومة الحالية لأن هذا النوع من المراسيم تصدر اذا تعذر وصول الوزراء الى مكان انعقاد مجلس الوزراء بسبب ظروف أمنية قاهرة، لكن اليوم الوضع الأمني جيد الى حد كبير ويمكن اجتماع الحكومة وتصدير مراسيم عادية يوقعها رئيس الحكومة والوزير المختص ووزير المال إذا كانت ترتب أمور ماليّة، وبالتالي لا حاجة لتوقيع الـ24 وزيراً.
في المقابل تشير أوساط نيابية مطلعة في التيار الوطني الحر الى أن «ميقاتي يتحمل نتائج الخرق الدستوري الذي حصل في انعقاد جلسة مجلس الوزراء، فميقاتي يحاول التطبيع مع الفراغ في وقت كان يستطيع تأليف حكومة كاملة الصلاحيات منذ ستة أشهر، ولن يستطيع ميقاتي بهذه الحكومة حكم البلد وحده». وتعتبر الأوساط لـ«البناء» أن جلسة الحكومة خرق للميثاق والدستور والاتفاقات والميثاق والتوازن الوطني ولن نرضى بأقل من إلغاء المراسيم التي صدرتها الحكومة البتراء والعرجاء، وسنذهب الى المسار القضائي القانوني الإداري والطعن كإجراء طبيعي عند القضاء الإداري، وأيضاً كل المسارات متوفرة ومفتوحة ومتاحة ومشروعة لمقاومة هذا الواقع الانقلابي على الدستور والميثاق».
واضافت الأوساط: «الجميع مشارك في الخطيئة الدستورية ومن لا يعرف حجم هذه الخطيئة إما جاهل أو متواطئ ولن يمر مرور الكرام ولن نقبل بتمييعه».
وعن العلاقة مع حزب الله، أوضحت الأوساط أن «العلاقة مع الحزب تبحث مع الحزب في القنوات والأطر المعروفة وليس في الإعلام، فالمشكل الظاهريّ هو انعقاد حكومة تصريف الأعمال بغياب رئيس الجمهورية ومحاولة ميقاتي اغتصاب صلاحيات رئيس الجمهورية»، موضحة أن «حكومة الرئيس تمام سلام كانت مكتملة الصلاحيات تسلّمت وكالة صلاحيات رئيس الجمهورية وكانت توقع المراسيم من قبل 24 وزيراً، أما حكومة ميقاتي فانتهت مدتها وفقدت صلاحياتها قبل نهاية ولاية الرئيس، فكيف يسمح لها بأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية ويوقع رئيس حكومتها المراسيم مكان رئيس الجمهورية؟».
وعلى وقع الارتفاع الجنوني والقياسي بسعر صرف الدولار عاد مشهد اقتحام المودعين للمصارف الى الواجهة مع مزيد من العنف والتأزم، حيث اقتحم عدد من المحتجّين أمس، باسم «جمعية صرخة المودعين»، فرع مصرف الاعتماد اللبناني في كورنيش النهر، ورفعوا شعارات تطالب باسترداد الأموال المحتجزة في المصارف.
وبعد عملية كرّ وفرّ بين المهاجمين وحرس وموظفي ومدراء المصرف تمكّن المهاجمون من الدخول الى مكتب مدير المصرف، وحصل عراك أدّى الى سقوط جرحى حيث تدخلت القوى الأمنية.
ونشرت جمعية «صرخة المودعين»، عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يوثق «اعتداء بلطجية رئيس بنك الاعتماد اللبناني جوزيف طربيه، على رئيس الجمعية وبعض أعضاء الجمعية».
وأفادت مصادر إعلامية أن «رئيس جمعية «صرخة المودعين» علاء خورشيد سيتقدّم بشكوى، في مخفر الأشرفية، ضد الأشخاص الذين أقدموا على الاعتداء عليه أمام بنك الاعتماد اللبناني».
وكان سعر صرف الدولار واصل ارتفاعه التدريجي متجاوزاً عتبة الـ45 ألف ليرة مساء أمس، قبل أن ينخفض الى حدود 44400 ليرة.
على صعيد آخر، أصدر وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري، قرارًا قضى بـ«توقيف القاضي شادي قردوحي، المحال على المجلس التأديبي الخاص بالقضاة العدليّين، عن العمل، حتّى انتهاء المحاكمة التّأديبيّة، على أن يتقاضى نصف رواتبه وتعويضاته طيلة فترة وقفه عن العمل.
**************************
افتتاحية صحيفة النهار
الدولار إلى 50 ألفاً… وفرنسا تستعجل الرئيس
لن يكون مستبعدا، ولا مستغربا، ان يستقبل اللبنانيون السنة الجديدة بعد عشرة أيام على “انغام” وايقاع دولار يتجاوز سقف الـ 50 الف ليرة. بالامس لامس دولار السوق السوداء سقف الـ 45600 الف ليرة وكأن شيئا لم يحصل. لا سلطة مصرفية ولا مالية ولا سياسية رف لها جفن، ولا صوت ارتفع، ولا اجراء اتخذ بما يثبت المثبت من ان لبنان يعيش احلك ظروفه، الأسوأ من زمن الحرب، في ظل أزمات تتفاقم ومواطن ضحية متروك للتداعيات الوحشية التي يعاني تحت وطأتها، علما ان مفاعيل هذا التفلت التصاعدي في سعر دولار السوق بات يثير الريبة والشكوك اكثر من أي وقت مضى. ذلك انه مع ادراك الجميع ان الاحتياط المركزي لمصرف لبنان من العملات الأجنبية آخذ في التناقص المتدرج والمتدحرج، فان السوابق في اتخاذ إجراءات تلجم او تفرمل من اندفاعات وقفزات #الدولار بما يضبط الى حدود معقولة التفلت في سقوفه تملي التساؤلات الملحة عما يجري راهنا، علما ان ارتفاع سعر “صيرفة” امس أيضا الى سقف 31200 ليرة من شأنه ان يضخم القلق من التفلت في السوق المالية. كل هذا يقف عند حدود الخشية من الأسابيع والاشهر المقبلة في واقع سياسي ينذر بانعدام افق الانفراجات والحلول بدءا بالانسداد في ازمة الفراغ الرئاسي، وفي وقت لا شيء يضمن تحسن “إدارة” الازمة بالحدود الممكنة عبر الحكومة المهددة بشلل جلساتها بفعل الانقسامات والخلافات بين ثلث الأعضاء الذين يدينون باخذ توجهاتهم من “التيار الوطني الحر” والثلثين الاخرين من الأعضاء من المكونات الأخرى للحكومة. وتبعا لذلك فان التقديرات والتوقعات المالية والاجتماعية للمرحلة الاتية في مداها القصير والمتوسط تنذر بكثير من الام جديدة للبنانيين سواء على مستوى المعاناة المالية والاجتماعية او على صعيد تداعيات الازمة السياسية في حال صحت معظم المؤشرات المتصلة باستبعاد أي تطور إيجابي على صعيد انتخاب رئيس الجمهورية في وقت غير بعيد، ولو ان تحركات ومواقف خارجية برزت في الساعات الأخيرة ولا سيما منها بعض ما تناول لبنان في قمة بغداد – 2 في الأردن بما يوحي بتنامي اهتمامات بعض الدول المؤثرة بالازمة اللبنانية.
وفي السياق المالي أكد امس وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل العزم على تضمين مشروع موازنة 2023 “بنوداً إصلاحية” تضع “لُبنة في مسار النهوض”، آملاً خلال رعايته لقاء نهاية العام الذي اقامته إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي” في مقرها الرئيسي في الحدث “في أن يطغى على نقاشاتها الجانب العلمي والواقعي، وتبتعد عنها المزايدات السياسية والشعبوية”.
لبنان في #قمة الأردن
اما جديد المواقف الخارجية من الاستحقاق الرئاسي فكان عبر كلمة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قمة بغداد 2 التي افتتحت امس في الاردن، بمشاركة مصر وفرنسا والإمارات والسعودية وقطر وتركيا وإيران وفرنسا وعمان والبحرين. وقال ماكرون: “أزمات العراق وسوريا ولبنان تتطلب لحلّها أجندة تعاون صادق بين الدول المعنية. أن منطقة الشرق الأوسط تمتلك كل المقومات لتكون في مقدمة الأجندة الدولية، إنما تعاني من انقسامات وتدخلات تؤثر على استقرارها”. وشدد على أنه “الأمن والاقتصاد والبنية التحتية هي الركائز الأساسية لتحسين استقرار المنطقة برمتها”.
وبدورها دعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا القادة السياسيين اللبنانيين إلى “تحمل مسؤولياتهم” والعمل على “إجراء انتخابات سريعة” لرئيس جديد للبلاد بعد نحو شهرين من انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون. وعبرت الوزيرة الفرنسية عن “قلقها”، داعية القادة اللبنانيين الى “الاضطلاع بمسؤولياتهم في تسهيل الانتخاب السريع لرئيس جديد في لبنان وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاج اليها لبنان بشدة”.
بخاري في بكركي
وكان الملف الرئاسي محور بحث في بكركي بين البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي والسفير السعودي #وليد بخاري الذي لوحظ انه حرص “الثناء على مواقف البطريرك الراعي الوطنية التي تشكل ضمانة وخريطة طريق للحلول ” كما وصفها . واوضحت مصادر بكركي ان بخاري أكد ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت وتشكيل حكومة منسجمة مع الرئيس للنهوض بالبلد وان المملكة العربية السعودية لن تتردد في القيام بأي جهد يطلب للمساعدة في موضوع الانتخابات وان التنسيق مع الجانب الفرنسي مستمر. واشارت المصادر الى ان بخاري قال في بكركي إن المطلوب اليوم رئيس مقبول من الجميع وأن يكون على علاقة جيدة بمختلف الدول وان البطريرك الراعي فهم من كلام بخاري أن المملكة تحبّذ رئيساً لا ينتمي إلى أي محور سياسيّ. ولفتت الى ان بخاري أثنى على عظات البطريرك الراعي لا سيما في ما يتعلّق بالحياد وبضرورة انتخاب رئيس للجمهورية.
وعلى جاري عادته و”غرائبه” في السلطة وخارجها، اطل رئيس الجمهورية السابق ميشال عون امس للمرة الأولى بعد ترؤسه اجتماع تكتل “لبنان القوي” ليعلن مواقف تدين فعلا عهده فيما اطلقها ضد الطبقة السياسية وقال “علينا أن نعرف ماذا ينتظرنا خلال المرحلة المقبلة وفي حال لم تتغير الطبقة الحاكمة الحالية لن يكون هناك وطن”، واشار إلى أن “الوطن لا يُبنى بالزمرة الحاكمة حالياً، و80 بالمئة من الشعب اللبناني أصبح فقيراً، وأمامنا 3 إلى 4 سنوات “لنتنفّس” بانتظار كميات الغاز الموجودة في البلوكات وعلينا الحفاظ على خطنا السياسي وعلى المحاسبة”.
وأكد”اننا كي نستطيع أن نحاسب، يجب إعادة بناء الدولة كلّها”.
وفي السياق الرئاسي أيضا نفي المرشح النائب ميشال معوض كل ما اشيع عن تواصل بينه وبين “حزب الله” وقال “يحاول بعض المغرضين المعروفين ولأسباب باتت مكشوفة للجميع فبركة أخبار عن تواصل أقوم به مع حزب الله وأنني أحرص على إبقاء لقاءاتي سرية. يهمني أن أؤكد أن هذه الفبركات تافهة كمطلقيها ولا أساس لها. مواقفي ثابتة وعلاقاتي علنية وأمد يدي للجميع تحت سقف سيادة الدولة والمؤسسات والطائف والشرعيتين العربية والدولية”.
على صعيد اخر وبينما لم يبرز أي عامل جديد بعد في ملف حادث الاعتداء على اليونيفيل في بلدة العاقبية، سُجل تطور امني جديد جنوبا، حيث أفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، امس بأن “قوات جيش الدفاع رصدت مسيرة (درون) تسللت من داخل لبنان الى الأراضي الإسرائيلية في منطقة بلدة زرعيت وقامت بإسقاطها، حيث تابعتها أنظمة المراقبة طيلة الحادث”. وأضاف “تعود المسيرة كما يبدو الى منظمة حزب الله الإرهابية” مشيراً إلى أن “جيش الدفاع سيواصل العمل لمنع أي خرق لسيادة دولة إسرائيل”.
***************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
“شروط وقوائم سوداء”… وإغراءات مالية لمحطات التلفزة
هجمة مصرفية مرتدّة: ميزانية سخيّة لترويج تحميل الدولة خسائر الودائع
عشية تجديد العقود الإعلانية بين المصارف ومحطات التلفزيون لعام 2023، علمت “نداء الوطن” أن القطاع المصرفي، أو بالأحرى الوحدات النافذة فيه والمدعومة من مصرف لبنان تحضر لهجمة مرتدة هدفها توسيع دوائر التأثير و”لوبيات الضغط” من خلال حملات إعلامية وإعلانية بقيم سخية يجري درس أرقامها بعناية شديدة، على ان تخصص لبعض محطات التلفزيون الأكثر مشاهدةً حصة الأسد.
وأكدت مصادر متابعة أنّ “المصارف ضاقت ذرعاً بأصوات (سواء من أفراد أو منصات وجهات خبرات واستشارات) ازداد تأثيرها تباعاً منذ بداية الأزمة، تحمّل البنوك مسؤولية تبديد الودائع. وترغب المصارف، بشكل أو بآخر، في حجب هذه الأصوات عن المشهد التلفزيوني. ووضعت مبدئياً “قوائم سوداء” على المحطات الالتزام بها، إذا قبلت ذلك ضمن شروط تجديد العقود الإعلانية. ومن ضمن المخطط زيادة المحتوى الذي يركز على مسؤولية الدولة، ومحاولة حجب التركيز على الانحرافات والارتكابات التي يوصم بها مصرف لبنان والمصارف”.
وأشارت المصادر الى أنّ “المعركة المصرفية عبارة عن معركة حياة أو موت. فالمسألة متعلقة بخسائر تبلغ 75 مليار دولار، وهي بازدياد يومي. فالميزانية التي ترصد للإعلام ولوبيات الضغط بعشرات ملايين الدولارات (أو أكثر حتماً) لا تعتبر شيئاً نسبياً من اجمالي تلك الخسائر”.
يذكر ان العام 2023 مفصلي، فبعد الاستحقاقات الرئاسية والحكومية والدستورية المنتظرة، هناك جملة مشاريع قوانين يجب اقرارها، ابرزها مشروع قانون إعادة التوازن المالي (توزيع الخسائر) ومشروع قانون إعادة هيكلة المصارف. والمشروعان سيحددان مستقبل القطاع لسنوات طويلة قادمة. فإذا وقع عبء الخسائر أولاً على المصارف لجهة رد الودائع أو الجزء الأكبر منها، فإننا قد نشهد إفلاسات بالجملة. اما إذا ربحت المصارف المعركة ورمت عبء الخسائر على ظهر الدولة، وتحديداً تثبيت مبدأ رد الودائع من إيرادات الأصول العامة، فإن معظم ما هو قائم حالياً في هذا القطاع سيستمر بشكل او بآخر مع بعض الرسملة.
وختمت المصادر بالإعراب عن اعتقادها بأنّ المصارف “ستستغل الضائقة المالية التي تمر بها بعض محطات التلفزيون لتفرض شروطها، التي تعتبر إذعانية بالنسبة لإعلام يفترض به الحياد والاستقلالية، لكن ليس أكيداً أنّ كل المحطات ستقبل بكل تلك الشروط”.
تزامناً، وبينما لفت تأكيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مشاركته في القمة الأردنية حول الوضع العراقي أنّ “أزمات العراق وسوريا ولبنان تتطلب لحلّها أجندة تعاون صادقة بين الدول المعنية”، برزت في الوقت عينه على هامش انعقاد القمة دعوة وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، القادة السياسيين اللبنانيين إلى “تحمّل مسؤولياتهم في تسهيل الانتخاب السريع لرئيس جديد في لبنان، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاج إليها لبنان بشدة”.
وفي بيروت، استرعت الانتباه الزيارة التي قام بها السفير السعودي وليد البخاري أمس إلى بكركي حيث التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي وتطرق معه إلى المستجدات اللبنانية. وبحسب المعلومات المتواترة عن اللقاء، فإنّ الموقف السعودي الذي نقله البخاري بدا منسجماً مع الموقف الفرنسي حيال الوضع في لبنان، إذ نقلت مصادر بكركي أنّ البخاري أكد أمام الراعي على موقف بلاده الداعي إلى ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت والشروع في تشكيل حكومة منسجمة مع رئيس الجمهورية الجديد للنهوض بالبلد، معلناً استعداد المملكة العربية السعودية لبذل أي جهد يصبّ في خانة مساعدة لبنان، مع الإشارة في هذا السياق إلى أنّ التنسيق السعودي مستمر مع الجانب الفرنسي حيال الملف اللبناني.
**************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
طوابير اللبنانيين أمام المصارف ترافقها إجراءات مذلّة لسحب أموالهم
نتيجة تعاميم متناقضة من «المركزي» وأسعار صرف متفاوتة
كارولين عاكوم
المتنقل على طرقات بيروت ومختلف المناطق اللبنانية يدرك مدى الذل الذي يتعرض له اللبنانيون من المصارف التي تحتجز أموالهم. فمشهد الطوابير صباح كل يوم أمام البنوك يختصر هذا الواقع، وذلك بعدما بات إجراء أي عملية في المصرف يحتاج إلى موعد مسبق. موعد قد يؤجل لأسابيع، لا سيما إذا كان يرتبط بما بات يعرف في لبنان بـ«حساب صيرفة» الذي يسمح، وفق أحد تعاميم المصرف المركزي، بشراء الدولارات وفق سعر صرف أدنى من السعر في السوق السوداء. وكان قد أعلن «المركزي» في تعاميم خاصة عن دفع رواتب القطاع العام بالدولار الأميركي كما السماح بسحب 400 دولار لأصحاب الحسابات المصرفية.
وفي حين وصل سعر صرف الدولار يوم أمس في السوق السوداء إلى نحو 45 ألف ليرة، أعلن مصرف لبنان أنّ حجم التداول على منصة صيرفة بلغ 36 مليون دولار، بمعدّل 30800 ليرة لبنانيّة للدّولار، وفقاً لأسعار صرف العمليّات التي نُفّذت من قِبل المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة.
ويعبر عدد من المودعين عن استيائهم من الإجراءات المرتبطة بسحب أموالهم وإيداعها عبر آلة السحب الموضوعة أمام المصارف بحيث إنها تكون معطّلة في معظم الأحيان أو مقفلة، ما يتطلب انتظار المودع لساعات لإنجاز العملية نتيجة الزحمة اليومية التي تشهدها البنوك التي يتخذ كل منها إجراءات خاصة، لكنها اتفقت في معظمها على وضع أبواب حديدية محكمة يتم فتحها فقط لإدخال كل مودع على حدة.
وتختلف عملية «صيرفة» بين مصرف وآخر؛ إذ في حين اتخذ بعضها قراراً بإيداع المبلغ بالليرة اللبنانية وسحبه عبر الآليات الإلكترونية، لا يزال القسم الأكبر يفرض الحصول على موعد مسبق لإنجاز العملية، ويبقى الانتظار سيد الموقف في الحالتين، حيث يأتي المودعون إلى البنك حاملين أكياساً مليئة بالأموال بالليرة اللبنانية لاستبدالها بالدولار الأميركي.
ويروي أحد العسكريين المتقاعدين الذين ينطبق عليهم تعميم المصرف المركزي، معاناته الشهرية مع «صيرفة» التي تسمح له بقبض راتبه بالدولار الأميركي، بحيث يتمكّن من الحصول على ربح مادي يبلغ نحو مائة دولار أميركي. ويقول «بات راتبي الشهري يبلغ نحو 50 دولاراً، ومع تعميم صيرفة أستطيع الاستفادة بزيادة نحو مائة دولار، لكن هذه الزيادة هي ذل بحد ذاته نتيجة انتظارنا ساعات طويلة، قد تنتهي من دون أن يصل دوري، وهو ما حصل معي يوم أمس، حيث ذهبت إلى المصرف عند الساعة السابعة صباحاً وكان قد سبقني أيضاً عدد من المواطنين، لكن تم إبلاغنا بأنه فتحت المنصة لنصف ساعة فقط ومن ثم أقفلت، وبالتالي لم يستفد من المنتظرين في الخارج والحاصلين على مواعيد إلا عدد قليل»، ويتّهم العسكري المتقاعد المصارف والمسؤولين فيها بتوزيع ما تعرف بـ«كوتا صيرفة» المحددة من قبل مصرف لبنان لكل مصرف، على المحسوبين عليهم ومعارفهم وحرمان الفقراء منها.
الموقف نفسه يتحدث عنه أحد المواطنين، ويقول: «منذ ثلاثة أيام وأنا أحاول إيداع مبلغ من المال بالليرة اللبنانية عبر الآلة الإلكترونية، لكن تعذر لي ذلك»، ويضيف «معظم الأحيان تكون آلات الصيرفة معطة أو مقفلة بالأبواب الحديدية، وإذا كانت تعمل فيصطف أمامها عشرات المنتظرين، بحيث يحتاج إجراء العملية إلى ساعات طويلة».
وعن هذه الإجراءات وتداعياتها، يشرح الخبير الاقتصادي باتريك مارديني، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن «سياسة المصرف المركزي متخبطة ومليئة بالتناقضات؛ إذ يقرر ضخ كميات كبيرة من الليرة اللبنانية في السوق ما يؤدي إلى التضخم، أي ارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار الليرة، ليعود ويقرر سحب الليرة عن طريق تعاميم، مثل صيرفة بحيث يخسر في المقابل ما تبقى من أموال المودعين، من هنا فإن هذه الحلقة الجهنمية تنعكس سلباً على أصحاب الودائع العالقة بالبنوك وحولت من جهة أخرى، كل الشعب اللبناني لمضاربين يمضون أيامهم أمام المصرف بدلاً من أن يركزوا على الأعمال الإنتاجية».
وعما إذا كان هذا الواقع سيؤدي لاحقاً إلى عودة الاعتداءات على المصارف من قبل المودعين المطالبين بحقوقهم، يقول مارديني «الاعتداءات على المصارف ليست حلاً، إذا اتُخذ قرار بإقفال البنوك من يستطيع اليوم قبض بعض المال يصبح عاجزاً عن ذلك»، ويوضح من جهة أخرى، أن الزحمة الموجودة أمام المصارف لقبض «صيرفة» والتي باتت تقتصر على عدد محدود من المودعين، «هناك كوتا محددة لكل مصرف بعدما كانت في وقت سابق مفتوحة من قِبل المصرف المركزي، وهذا الأمر أدى بالتأكيد إلى زيادة الفساد، حيث باتت هذه الكوتا توزّع بطريقة غير عادلة وفق محسوبيات محددة».
وفي حين يشدد مارديني على أن لتعدد سعر الصرف انعكاسات سلبية كبيرة على الاقتصاد، يؤكد على أن الحل عند الدولة التي يجب أن تقوم بدورها ومسؤولياتها وتنفذ الإصلاحات التي يفترض أن تقوم بها لتحسن من نسبة استرداد ودائع المودعين وتعيد هيكلة القطاع المصرفي، والأهم أن تعمل على سياسة نقدية صحيحة لا تؤذي المودعين».
**************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
لبنان «يسبح» خارج «الجاذبية».. والسوق السوداء تملأ الفراغ
على وَقع الفلتان المتزايد في الأمن الاقتصادي والاجتماعي تحت وطأة الارتفاع الدرامي للدولار، بَدا لبنان وكأنه يسبح خارج «الجاذبية»، في ظل غيبوبة الدولة التي يكاد يغيب أي أثر لها، بفِعل الشغور المتمادي في موقع رئاسة الجمهورية وشلل الحكومة المستقيلة التي يختلف وزراؤها ورُعاتها على حدود تصريفها للأعمال، وصولاً الى دخول مجلس النواب في إجازة الاعياد. هكذا، وبدل ان تكون السلطة مُستنفرة بكاملها في هذه الظروف الصعبة لمواجهة الازمة المتفاقمة على كل الصعد، اذا بها تنكفئ أكثر فأكثر لتملأ فراغها السوق السوداء حيث تسود فوضى الدولار والاسعار.
يتسابق الفراغ الرئاسي الذي أتمّ الخمسين يوماً من عمره مع اشتداد الازمة وانفلاشها وسط مخاوف جدية من انفلاتها نتيجة الارتفاع اليومي للعملة الخضراء التي تترك وراءها يباساً في ادارة الدولة وانهياراً داخل المؤسسات وغلاء غير مسبوق في المعيشة… واذا كان اللبنانيون سيسترقون العيد من ركام دولة فإنهم يدركون ان ما ينتظرهم في السنة الجديدة مخيف على كل المستويات، وأول قدومها شمعة على علو دولار سيُلامس سعره الخمسين الف ليرة… واستغربت اوساط مطلعة عبر «الجمهورية» ان يستمرالمعنيون في التلهّي بسجالات عبثية في السياسة والدستور بينما المواطن يئنّ تحت ضغط الانهيار المالي، «وآخر همه اذا كان انعقاد مجلس الوزراء شرعياً ام لا، او اذا كانت المراسيم تحتاج إلى تواقيع الوزراء الـ 24 جميعاً ام لا». وشددت هذه الاوساط على أن الوضع السيئ السائد يتطلب مقاربات استثنائية حتى يتمكن البلد من الصمود الى حين التمَكّن من انتخاب رئيس الجمهورية، معتبرة ان العجز الداخلي دفع البعض الى انتظار بارقة حياة من البحر الميت في الأردن حيث انعقد مؤتمر «بغداد 2» الذي ضَم دول جوار العراق وفرنسا، «علماً انّ الملف اللبناني لم يكن مطروحا على جدول الأعمال، ومع ذلك فإنّ المعلقين والمُمسكين بحبال الهواء يعوّلون على ان يكون قد تم البحث في هذا الملف في كواليس المؤتمر».
إستعصاء وشغور الى ذلك، اكدت مصادر حكومية لـ»الجمهورية» ان الحلول تستعصي اكثر واكثر مع تقدّم الوقت من دون معالجات للأزمة، وأم الازمات الشغور الرئاسي الذي اذا ما شَق طريقه نحو الاتفاق سيسحب معه مجموعة ملفات لا تقل اهمية واستجد منها الشغور الواسع على مستوى المراكز الامنية بالدرجة الاولى يليها الادارية وعددها ٢٢ يتوزّعون بالنصف بين ١١ تنتهي ولايتهم مع نهاية السنة (خصوصاً رئيس الاركان والمفتش العام في المجلس العسكري ميلاد اسحق ) و١١ في بدايات السنة المقبلة تباعاً (مدير الادارة والمال اللواء الركن مالك شمص، قائد الدرك، المدير العام للامن العام)، امّا الطامة الكبرى فستحلّ مع شهر حزيران تاريخ انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اذا كان البلد لا يزال في مرحلة شغور رئاسي، وقالت المصادر نفسها ان القوى السياسية بدأت بإعداد plan B في حال فشلت السيناريوهات المتوقعة وتعوّل عل مؤتمرات الخارج، لا سيما منها ما يمكن ان يرشح من الاجتماعات الجانبية على هامش مؤتمر العراق ٢ في الاردن واجتماع فرنسي ـ اميركي ـ سعودي ـ ايراني مُرتقب يمكن ان يفتح كوة كلام لحوار مفقود في الداخل…
موقفان فرنسي وسعودي في غضون ذلك، برز امس على هامش قمة البحر الميت وفي بيروت موقفان فرنسي وسعودي يستعجلان انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة كاملة الصلاحيات تنفّذ الاصلاحات التي يحتاجها لبنان للخروج من أزمته، ما أشاعَ في بعض الاوساط السياسية تفاؤلاً باقتراب إنجاز الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً انّ التنسيق القائم في شأنه بين باريس والرياض بلغ على ما يبدو مرحلة متقدمة وغير متأثر بعطلة الاعياد. الموقف الفرنسي عبّرت عنه وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، أمس، في مؤتمر صحافي في ختام قمة السويمة في الاردن ودعت فيه القادة السياسيين اللبنانيين إلى «تحمّل مسؤولياتهم» والعمل على «إجراء انتخابات سريعة» لرئيس جديد للبلاد بعد نحو شهرين من انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون. وعبّرت كولونا عن «قلقها»، داعية القادة اللبنانيين الى «الاضطلاع بمسؤولياتهم في تسهيل الانتخاب السريع لرئيس جديد في لبنان وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاج اليها لبنان بشدة». وجاء موقف كولونا على خلفية خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في القمة حيث دعا فيه الى ضرورة التحدث مع ايران عن الأزمات في المنطقة، بما في ذلك العراق ولبنان وسوريا، حيث تتمتع طهران بنفوذ كبير. وقال: «من الضروري إذا أردنا عراقاً سيّداً أن نصِل الى حل جميع المسائل الأمنية للعراق وجيرانه». واضاف انّ «ذلك يكون من خلال التحاور، وأن يكون لدينا أجندة بشأن الأزمات الإقليمية الكبرى بما فيها العراق أو سوريا أو لبنان أو الأزمات والصراعات التي يشارك فيها أحيانًا نفس الأطراف، حيث تتشابَك حالات النفوذ». اما الموقف السعودي فعبّر عنه سفير خادم الحرمين الشريفين في لبنان وليد البخاري أثناء زيارته أمس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مقدّماً التهاني بالأعياد، ومُثنياً على «المواقف الوطنية للبطريرك الراعي الوطنية التي تشكل ضماناً وخريطة طريق للحلول». وإذ أكد بخاري «وقوف المملكة الدائم الى جانب لبنان وشعبه»، اشار الى «العلاقات التاريخية والعميقة التي تربط بلاده بلبنان وبالبطريركية المارونية خصوصاً». ونقلت قناة LBCI عن مصادر البطريركية المارونية قولها «ان بخاري أكد على ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت وتشكيل حكومة منسجمة مع الرئيس للنهوض بالبلد، وان المملكة لن تتردد في القيام بأي جهد يُطلَب للمساعدة في موضوع الانتخابات وان التنسيق مع الجانب الفرنسي مستمر». على انّ بخاري أطلع الراعي على آخر التطورات، لا سيما منها النتائج الاولية التي انتهت إليها مجموعة القمم العربية والخليجية والسعودية ـ الصينية، وما انتهى إليه لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقد أحيت العلاقات بين لبنان والمملكة على مستوى عال والتوجهات السعودية الجديدة تجاه الوضع في لبنان. وتحدثت مصادر قريبة من بكركي عن اللقاء، فقالت لـ»الجمهورية» انّ أجواءه «كانت إيجابية ومريحة، وقد شدد الديبلوماسي السعودي على اهمية انتخاب رئيس «جامِع» بين اللبنانيين وعلى علاقة بالجميع ويمكنه أن يحيي العلاقات بين لبنان والعالم العربي والغربي وترميمها ممّا أصابها من ندوب في السنوات الماضية». واضافت انّ بخاري توافقَ مع الراعي على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية في اسرع وقت ممكن على أن يليها تشكيل حكومة منسجمة مع الرئيس للنهوض بالبلد. وقالت المصادر إن بخاري عبّر عن توجهات وُصِفت بأنها «متطورة»، وأن المملكة لن تتردد في القيام بأي جهد يطلب منه للمساعدة في أي موضوع سواء يتصل بالتطورات السياسية او الاقتصادية والاجتماعية، فالمبادرة السعودية ـ الفرنسية مستمرة وقد عقد الجانبان اجتماعات في الرياض على مستوى ديبلوماسي متخصّص مُتابِع للوضع في لبنان، وذلك قبل أيام على القمة الصينية وفي وقت لاحق مما يوحي أنّ التنسيق الفرنسي ـ السعودي ومعهما دول اخرى سينتقل من الهَم الأمني والمعيشي الى السياسي في وقت قريب. وانتهت المصادر الى التأكيد انّ السفير السعودي أيّد مواقف الراعي الاخيرة وتنبيهاته الى الطاقم السياسي، كما بالنسبة الى دعوته الى حياد لبنان.
مستشار إيراني واللافت انّ الراعي التقى بعد البخاري المستشار الثقافي في السفارة الايرانية كميل باقر، الذي شدد على «أهمية لقاء البطريرك الماروني في إطار زيارات التهنئة بعيد ميلاد السيد المسيح والسنة الجديدة، وتقديم التمنيات الى الشعب اللبناني بتحسّن الظروف الإقتصادية والمعيشية، والرجوع الى تعاليم الأنبياء لحل الأزمات والمشكلات الموجودة في مجتمعاتنا وفي المنطقة ولبنان والعالم».
عون والمحاسبة من جهة ثانية، وفي أول نشاط سياسي له بعد خروجه من رئاسة الجمهورية، حضر الرئيس ميشال عون اجتماع الهيئة السياسية في «التيار الوطني الحر» في سنتر ميرنا الشالوحي، ثم شارك في الاحتفال الذي دعت إليه قيادة التيار لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة. وألقى الرئيس عون كلمة بدأها بقوله للحاضرين: «جايي زوركن وشِق عليكن لأن اشتقتلّكن». وأضاف: «كما قلتُ يوم تركت بعبدا لقد أنهينا مرحلة وبدأنا أخرى جديدة لنُكمل عملنا في كشف الفاسدين». وقال: «علينا أن نعرف ماذا ينتظرنا خلال المرحلة المقبلة وفي حال لم تتغير الطبقة الحاكمة الحالية لن يكون هناك وطن». واكد «اننا نريد رئيساً يستطيع أن يكمل الطريق وليس صعباً أن نتمكن من المحاسبة ولكن علينا الاصرار على ذلك. أبناؤنا يهاجرون من أجل تَلقّي العلم ولا يعودون». ولفت إلى أنّ «أمامنا 3 إلى 4 سنوات «لنتنفّس» في انتظار كميات الغاز الموجودة في البلوكات، وعلينا الحفاظ على خطنا السياسي وعلى المحاسبة». وأكد «اننا كي نستطيع أن نحاسب، يجب إعادة بناء الدولة كلها». تقلّص حسابات «صيرفة» وعلى الصعيد المالي، قلّصت المصارف الى الحد الادنى السحب من أجهزة الصراف الآلي التي توقفت امامها طوابير الساعين الى سحب رواتبهم على سعر «صيرفة»، ما أدى الى استفادة العشرات فقط من بضع مئات من المصطفّين امام بعض الصرافات الآلية وتسببت بزحمة سير خانقة في العاصمة وبعض المناطق. وفي هذه الأجواء قفزَ سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء مقابل الليرة اللبنانية وبلغ بعد ظهر أمس 44,950 ليرة للمبيع و45,050 للشراء، وهو رقم لم تصل اليه العملة الوطنية من قبل.
حسومات خيالية وقالت مصادر مصرفية لـ»الجمهورية» انّ الترتيبات المتّخذة في بعض المصارف تنحو الى التشدّد بعدما رفعت نسبة الحسومات الشهرية الى الحسابات المحتجزة فيها الى الحد الاقصى وقد بلغت 20 يورو شهرياً، بعد ان كانت لفترة طويلة تتراوح بين 6 و8 وصولاً الى 12 يورو، قبل ان ترتفع الحسومات فجأة في غضون الأيام القليلة الماضية الى 20 يورو. كذلك ارتفعت نسبة المحسومات على الحسابات المجمّدة والمحتجزة الى أن بلغت 12 دولاراً شهرياً، ولو كانت حسابات صغيرة.
**************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«رهانات مُفلسة» على دولارات الوافدين وقمم الإقليميين!
بخاري في بكركي يدعم مواقف الراعي.. وبلبلة في السوق السوداء وتطهيرات القضاء
رهان للطبقة السياسية المفلسة، على المستويات كافة:
1- مالي – نقدي على تدفق المغتربين على الرغم من الانهيار المريع في سعر صرف الدولار، الذي واصل صعوده الجنوني، غير عابئ بشعب او بمصرف مركزي او بأية اخلاقية مجتمعية عشية الاعياد المجيدة.
2- سياسي- دبلوماسي على قمة بغداد الثانية لدول جوار العراق، في السويمة على شواطئ البحر الميت، بمشاركة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
في هذه الاثناء، تنوء حكومة تصريف الاعمال تحت عبء العجز عن معالجة الشؤون الحياتية والصحية والكهربائية، وحقوق العاملين في سائر القطاعات، مع استمرار اضراب القضاة، والحملات المتبادلة بين القضاة الموقوفين عن العمل ورئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود ووزير العدل في حكومة تصريف الاعمال هنري خوري، في وقت تتواصل فيه عملية كشف المستور في الدوائر العقارية في بعبدا.
تربوياً، تستمر الدعوات للاضرابات التحذيرية، بين يوم او يومين في الاسبوع، للمطالبة بالحصول على ما وعدوا به من حوافز مالية بالعملة الصعبة.
والأنكى، اتجاه الصرافين الكبار الى التوقف عن بيع وشراء الدولار في السوق السوداء حتى إشعار اخر.
وافادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الحركة الداخلية في ملف الأستحقاق الرئاسي شبه خجولة وإن المواقف التي تصدر لم تقدم أي جديد وإن الجميع بات على يقين أنه رحل إلى العام الجديد دون معرفة كيف يفتتح.
وقالت هذه المصادر أن لا معلومات عما قد تقدم عليه القوى السياسية في المرحلة المقبلة في ضوء عدم التقدم بمبادرات جديدة، لافتة إلى أن الحركة الداخلية تأتي بالتزامن مع حركة خارجية يفترض بها ان تتبلور في وقت قريب، على أن لا إشارات من اي دولة بالذات مع العلم أن موضوع الرئاسة يحتاج إلى تقاطع خارجي محلي.
تلاشي الرهان على دبلوماسية الخارج
وبدا إفلاس الرهان على الحراك الفرنسي – الاقليمي من مضمون البيان الختامي لمؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في دورته الثانية (وهو مؤتمر سنوي) استضافته الاردن في منطقة البحر الميت، لدعم العراق لتحقيق التنمية الشاملة، والعمل على بناء التكامل الاقتصادي والتعاون في قطاعات تشمل الطاقة والمياه والربط الكهربائي والامن الغذائي والصحي والنقل ومشاريع البنية التحتية وحماية المناخ، الذي لم يأتِ، حتى على ذكر لبنان، لا من قريب او بعيد.
والاغرب في الموضوع، ان فرنسا التي ترعى الحراك من اجل التوصل الى تفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، رمت الطابة مجدداً الى ملعب ما اسمته «القادة السياسيين اللبنانيين»، فقد دعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا هؤلاء الى «الاضطلاع بمسؤولياتهم في تسهيل الانتخاب السريع لرئيس جديد في لبنان وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الاصلاحات التي يحتاج اليها لبنان بشدة».
ومع هذه النتيجة، بغياب ولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان والرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي، واختصار التمثيل لدى السعودية وعمان والبحرين وقطر وايران على وزراء الخارجية، لم يكن من الممكن ان يكتب للرهانات على تقارب، او تفاهم سعودي – ايراني اي تحقق، مما يعني وفقاً لمصادر دبلوماسية لبنانية، ان ملف لبنان ما يزال على الرّف، فضلاً عن ان ملف الاتفاق النووي ليس من اولويات الإدارة الاميركية حالياً..
واعتبرت المصادر ان التطرق الى الازمة اللبنانية وسبل مساعدة لبنان، بين الرئيس الفرنسي وعدد من القادة والمسؤولين العرب المشاركين بالمؤتمر، مؤشر مهم، يعكس مدى الاهتمام الفرنسي والعربي والدولي بلبنان، ويترجم الوعود الى حقيقة، الا انها ابدت خشيتها، من عرقلة ايران لهذا الاهتمام، واحجامها عن المساهمة في الجهود المبذولة لتسريع حل الازمة، على خلفية تردي العلاقات الفرنسية والعربية مع ايران.
ورصدت المصادر الديبلوماسية مواقف ومؤشرات مقلقة خلال انعقاد مؤتمر بغداد ٢ في الاردن، اطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزيرة الخارجية، تبدي استياءها من التدخلات في شؤون الدول المجاورة للعراق، ومن بينها لبنان وتحملها مسؤولية تدهور الاوضاع فيها، باشارة غير مباشرة على التدخل الايراني في شؤون هذه الدول، بينما طالبت وزيرة خارجية فرنسا نظيرها الايراني المشارك بالمؤتمر اطلاق سراح الرهائن الفرنسيين المحتجزين بايران، ما يعكس تردي العلاقات بين البلدين، ويؤدي الى تعثر تسويق التحركات والجهود المبذولة للتفاهم بين الدول المؤثرة ومن بينها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وايران وقطر، لمساعدة لبنان ليتمكن من حل ازمته الحالية المستعصية وينجح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن.
وكان الشأن السياسي المحلي، تنقّل امس بين بكركي التي زارها السفير السعودي والمستشار الثقافي الايراني لتقديم التهاني بالأعياد، وبين عمّان التي افتتحت «قمة بغداد2» بكلمات لممثلي الدول المؤثرة في المنطقة سياسياً وامنياً واقتصادياً، فيما برزت إطلالة الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون بعد اجتماع «تكتل لبنان القوي» حيث تحدث بعد الاجتماع للصحافيين. بينما الوضع الداخلي راوح مكانه في الوقت الضائع عن تنفيذ الاستحقاقات المطلوبة واولها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة ومتابعة الاصلاحات البنيوية الاقتصادية والادارية.
ومع أنّ الرئيس نجيب ميقاتي أعلن خلال لقائه مجلس نقابة المحررين في السراي الحكومي الإثنين، أن «لا شيء طارئاً في الوقت الراهن يستدعي عقد جلسة لمجلس الوزراء»، يتم تداول معلومات عن احتمال كبير لعقد جلسة قبل نهاية العام لبت ترقيات وتعيينات الضباط لا سيما في المجلس العسكري الذي يُحال عدد من اعضائه الى التقاعد اعتباراً من مطلع العام، لكن مصدراً وزارياً ابلغ «اللواء» انه حتى مساء امس لم تكن هناك اي دعوة او اتصال للتشاور في عقد جلسة للمجلس.
وقالت مصادر اخرى من الوزراء المعارضين لعقد الجلسات: ان المشكلة مع الرئيس ميقاتي لا زالت قائمة، وهويريد تغييبنا وربما الحصول على تفويض الوزراء الذين يحضرون الجلسة لتوقيع المراسيم منفرداً كأنه يملك توقيعي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وهذا امر كبير وخطير لن يمر، وهذه النقطة كانت مكمن الخلاف الاكبرمع ميقاتي وليس فقط موضوع تحديد ما هو الضروري والطارئ لعقد الجلسات.
وكان الإستحقاق الرئاسي قد حضر في كلمة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في «قمة بغداد 2» التي افتتحت امس في الاردن، بمشاركة مصر وفرنسا والإمارات والسعودية وقطر وتركيا وإيران وفرنسا وسلطنة عُمان والبحرين. وقال ماكرون: أزمات العراق وسوريا ولبنان تتطلب لحلّها أجندة تعاون صادق بين الدول المعنية. أن «منطقة الشرق الأوسط تمتلك كل المقومات لتكون في مقدمة الأجندة الدولية، إنما تعاني من انقسامات وتدخلات تؤثر على استقرارها». وشدد على أن «الأمن والاقتصاد والبنية التحتية هي الركائز الأساسية لتحسين استقرار المنطقة برمتها» .
وبالتزامن، اكد وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي:اننا نرغب جميعاً بدعم لبنان ومنعه من الانهيار. فيما دعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا «المسؤولين اللبنانيين إلى تسهيل انتخاب سريع لرئيس جديد».
اما داخلياً، فقد برز مساءاليوم كلام للرئيس ميشال عون خلال ترؤسه اجتماع «تكتل لبنان القوي» حيث قال: نحن كما قلت يوم تركت بعبدا أنهينا مرحلة وبدأنا أخرى جديدة لنكمل عملنا بكشف الفاسدين، علينا أن نعرف ماذا ينتظرنا خلال المرحلة المقبلة وفي حال لم تتغير الطبقة الحاكمة الحالية لن يكون هناك وطن.
واضاف: نحن أمام 4 سنوات من الانتظار «لنتنفس» حتى يتحسن الوضع الاقتصادي بانتظار كميات الغاز الموجودة في البلوكات البحرية. ومن الان وإلى حينه علينا الحفاظ على خطنا السياسي والعمل على المحاسبة. نريد رئيساً يستطيع أن يكمل الطريق وليس صعباً أن نتمكن من المحاسبة ولكن علينا الاصرار على ذلك. أبناؤنا يهاجرون من أجل تلقي العلم ولا يعودون.
ولاحظت مصادر سياسية أن الاستعانة بحضور الرئيس السابق ميشال عون إلى واجهة المشهد السياسي في اجتماعات التيار، وقبله المشاركة بالتحريض الطائفي مع وريثه السياسي النائب جبران باسيل ضد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بكركي على خلفية دعوته مجلس الوزراء للانعقاد بمعزل عن موافقة باسيل، انما يعتبر بمثابة محاولة، يائسة ومكشوفة من الاخير، لاعادة شد عصب جمهور التيار بعد حالة التراجع التي اصيب بها، جراء الخسائر المتكررة التي مني بها، قبل انتهاء ولاية عون من خلال رفض كل شروطه ومطالبه اللامعقولة بتشكيل حكومة آخر العهد التي لم تتشكل، أو من خلال تجاهل رفضه لانعقاد جلسات مجلس الوزراء في ظل الفراغ الرئاسي، واخيرا استفحال خلافه مع حليفه المتبقي حزب الله، بعد ر فضه دعم ترشيح خصمه اللدود رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، واصراره على ان تكون له الكلمة الفصل، في اي مرشح للرئاسة، من خارج الاسماء المتداولة.
واعتبرت المصادر ان اعادة تظهير صورة عون، بعد خمسين يوما من انتهاء ولايته السوداوية بامتياز، يظهر حالة الوهن التي اصابت التيار، جراء الفشل الذريع لممارسات وسياسات العهد طوال ست سنوات، وتشاؤمه باعادة بناء لبنان ومؤسسات الدولة بوجود الطبقة السياسية نفسها، كما اعلن، استغرابه لعدم انتفاضة المواطنين ضدها ،وتعويله على الثروة النفطية والغاز لانعاش الوضع الاقتصادي، والاهم بمواصفات رئيس الجمهورية الجديد، لاكمال مسيرة مكافحة» الفساد» التي بدأها هو، انما تعتبر عن حالة الانفصام الكلي التي يعيشها هو شخصيا وتياره السياسي، كون ما يطالب به في الوقت الحاضر، يتعارض كليا مع سياساته وممارساته، لانه هو أول من وقف ضد انتفاضة تشرين الاول عام 2019 وضرب المتظاهرين مع حزب الله، والاهم انه تشارك في السلطة ومغانمها وفسادها مع المكونات السياسية التي ينتقد وجودها حاليا، والتي كان باسيل بطلها في نهب وزارة الطاقة وتدمير قطاع الكهرباء، بينما تشكل مطالبته برئيس جديد ليكمل مسيرته، بأنها تؤشر الى رفضه دعم وتأييد انتخاب كل المرشحين المطروحة أسماؤهم، باشارة واضحة ضد حليفه، وان كانت المواصفات التي يطرحها، تتجسد بوريثه السياسي المستبعد من بورصة المرشحين، من الحليف قبل الخصم.
السعودي والايراني
في بكركي
كما زار بكركي امس كلا من السفير السعودي وليد بخاري والمستشار الثقافي في السفارة الايرانية في بيروت. وأثنى بخاري على «المواقف الوطنية للبطريرك الراعي التي تشكل ضمانا وخريطة طريق للحلول» .
اذ اكد بخاري «وقوف المملكة الدائم الى جانب لبنان وشعبه»، اشار الى «العلاقات التاريخية والعميقة التي تربط بلاده بلبنان وبالبطريركية المارونية خصوصاً».
ثم التقى الراعي المستشار الثقافي في السفارة الايرانية كميل باقر الذي شدد على «اهمية لقاء البطريرك الماروني في اطار زيارات التهنئة بعيد ميلاد السيد المسيح والسنة الجديدة، وتقديم التمنيات الى الشعب اللبناني بتحسن الظروف الإقتصادية والمعيشية، والرجوع الى تعاليم الأنبياء لحل الأزمات والمشاكل الموجودة في مجتمعاتنا وفي المنطقة ولبنان والعالم» .
ونُقلَ عن مصادر بكركي: ان بخاري أكد ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت وتشكيل حكومة منسجمة مع الرئيس للنهوض بالبلد، وان المملكة لن تتردد في القيام بأي جهد يطلب للمساعدة في موضوع الانتخابات وان التنسيق مع الجانب الفرنسي مستمر».
واشارت معلومات اخرى، الى ان بخاري أثنى على عظات البطريرك الراعي لا سيما في ما يتعلّق بالحياد وبضرورة انتخاب رئيس للجمهورية» وقال في بكركي: إن المطلوب اليوم رئيس مقبول من الجميع وأن يكون على علاقة جيدة بمختلف الدول. وإن البطريرك الراعي فهم من كلام بخاري أن المملكة تحبّذ رئيساً لا ينتمي إلى أي محور سياسيّ.
سياسياً، وصف النائب سامي الجميل العلاقة مع النائب السابق سليمان فرنجية بأنها جيدة بالشخصي، اما في السياسة فهناك تباعد، ومن ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، قال الجميل: تقييمي لقائد الجيش في موقعه الحالي «Chappeau Bas» ولكن كرجل سياسي، فلا نعلم آراءه ومواقفه، مؤكداً اننا مع الحوار، ولكن ليس على حساب جلسات انتخاب رئيس الجمهورية مشيراً انه طالما حزب الله ليس مستعداً لوضع الامور «يللي بتزعل» على الطاولة فلا جدوى للحوار.
عودة «المُسيّرات» جنوباً
وبعد غياب طويل لحركة الطائرات المسيّرة،أفاد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي بأن «قوات جيش الدفاع رصدت مُسيّرة «درون» تسللت من داخل لبنان الى الأراضي الإسرائيلية في منطقة بلدة زرعيت وقامت بإسقاطها، حيث تابعتها أنظمة المراقبة طيلة الحادث». وأضاف عبر «تويتر»: تعود المسيرة كما يبدو الى منظمة حزب الله الإرهابية، مشيراً إلى أن جيش الدفاع سيواصل العمل لمنع أي خرق لسيادة دولة إسرائيل».
الدولار وموازنة 2023 والاتصالات
واصل الدولار تسجيل ارتفاعات جديدة فقارب الـ 45 الف ليرة، فيما أكد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل «العزم على تضمين مشروع موازنة 2023 بنوداً إصلاحية تضع لُبنة في مسار النهوض». آملاً خلال رعايته لقاء نهاية العام الذي اقامته إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية «الريجي» في مقرها الرئيسي في الحدث «في أن يطغى على نقاشاتها الجانب العلمي والواقعي، وتبتعد عنها المزايدات السياسية والشعبوية».
الى ذلك، قال وزير الاتصالات جوني القرم رداً على سؤال حول احتمال زيادة التعرفة لتأمين طلبات موظفي شركتي الخلوي ان «الاتفاق الذي توصّلنا إليه معهم هو نفسه الذي كان موجوداً قبل إضرابهم»، مؤكداً أن «أي قرار لن يُتّخذ قبل إجراء دراسة مالية شاملة لضمان إمكان إعطاء الزيادات من دون أن تتأثر التعرفة».
وبالنسبة إلى «أوجيرو»، أكد القرم أن «الوضع صعب في ظلّ ما وصل إليه سعر صرف الدولار، ويجب تعديل التعرفة في «أوجيرو» في الوقت المناسب، لكن الوقت اليوم ليس ملائماً».
جريح في محاولة لاقتحام مصرف
ولم ينته العام الحالي، الذي شهد عمليات اقتحام قوية للمصارف لتحرير الودائع المحجوزة او المخفية او المعتّم عليها، من دون عملية جديدة، بعدما حاول احد المودعين الحصول على امواله مما ادى الى سقوط جريح.
وفي التفاصيل انه، حاول ما يقارب الـ20 شخصا من المودعين اقتحام الفرع الرئيسي لمصرف الاعتماد اللبناني في كورنيش النهر، ورفع المتواجدون شعارات تطالب باسترداد الأموال المحتجزة في المصارف.
في حين، نفت إدارة المصرف ان يكون المودعون قد نجحوا في الدخول الى المبنى وسط اجراءات امنية لعناصر من قوى الامن الداخلي، وقد قطعت الادارة الكهرباء عن المصاعد، مشيرة الى ان الشركة الامنية الخاصة بالمصرف نجحت في منع المودعين من الدخول الى المبنى والذي لم يتأكد عما اذا كان رئيس مجلس ادارة البنك الدكتور جوزيف طربيه موجوداً ام لا.
فيما أكدت جمعية صرخة المودعين، ان مجموعة من المودعين اقتحمت المركز الرئيسي للمصرف في منطقة العدلية بعد أن قامت بنشر الابواب الحديدية والدخول بقوة الى الطوابق وبدأت تبحث عن مكتب رئيس مجلس الادارة جوزيف طربيه.
بدوره، أكد رئيس جمعية «صرخة المودعين» علاء خورشيد، أنه بحال لم يحصل على حقه بالقانون، فإن الأمور ذاهبة في الأيام المقبلة إلى تصعيد كبير، لافتاً إلى أن بنك «الاعتماد اللبناني» وجوزيف طربيه سيكونان هدفاً.
رميش
اما في ملف ما عرف بأراضي بلدة رميش في هذه المنطقة الحدودية، فقد اشار كاهن رعية رميش الاب نجيب العميل الى ان المحادثات لا تزال مستمرة بين اهالي البلدة ومن اعتدوا على اراضيهم، مشدداً لم ننتهِ الى تسوية، انما لا زلنا في اطار المحايدين، ولا احد طرق بابنا او سألنا السماح للعمل في اراضي حدودنا من هنا نحن اعترضنا.
كوليرا:0
كورونا:74
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة في تقرير نشرته مساء أمس، عن حالات الكوليرا في لبنان «عدم تسجيل أي إصابة جديدة ، وعليه استقر العدد التراكمي للحالات المثبتة على 663 ، كما لم يتم تسجيل اي حالة وفاة ، كما استقر العدد التراكمي للوفيات 23».
وفي تقرير منفصل، أعلنت الصحة عن حالات كورونا تسجيل» 74 إصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 1221791، كما لم يتم تسجيل أي حالة وفاة».
***************************************
افتتاحية صحيفة الديار
عدم التعويل على قمة بغداد 2 كان في محله… ملف لبنان غاب عن بيانها الختامي
عون يوزّع الرسائل من ميرنا الشالوحي ويدعم مواقف باسيل في الإشكالية الميثاقية
زحمة المغتربين والسياح في المطار تحرّك عجلة الاقتصاد وتضيء شمعة في النفق – صونيا رزق
مع دخول البلاد في عطلة الاعياد، تستريح المسرحية الرئاسية التي كانت تلعب كل يوم خميس، عبر ممثليّ الامة مع توزيع أدوار وسيناريو باتت مستهلكة عشر مرات، كما تستريح الحركة السياسية حتى مطلع العام، من دون ان تغيب عنها مناكفات اهل الحكم وخلافاتهم وإن بصورة غير مباشرة، لكن بالتأكيد مع غياب أي امل بالوصول الى حلول داخلية لأزمات لبنان، اذ يستمر الملف الرئاسي في طليعة القضايا العالقة، في ظل البحث عن نور ولو خافت لفتح الابواب الموصدة امام لبنان.
إزاء هذه المشاهد المترافقة مع إقتراب الاعياد، إتجهت الانظار الى الخارج علّه يفتح ثغرة في الجدار الرئاسية المقفلة، وفي هذا الاطار راهن لبنان المأزوم من كل النواحي على قمة بغداد 2 للتعاون والشراكة، التي عقدت يوم امس في مدينة العقبة بالاردن، بدعوة من الملك عبدالله الثاني، ومشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحضور كبار مسؤولي دول الجوار كمصر وقطر والسعودية وايران والامارات والبحرين والكويت، وافيد في وقت سابق بأنّ البيان الختامي سيتضمن فقرة عن لبنان، نتيجة المحادثات التي بحثها ماكرون في الدوحة مع المسؤولين القطريين، ومع الدول الفاعلة كالولايات المتحدة الأميركية والسعودية وايران، مع إمكانية ان تنتج القمة معاودة للحوار السعودي- الإيراني والفرنسي- الايراني، الامر الذي قد ينعكس حلحلة في ملفات المنطقة وخصوصاً لبنان، لكن الآمال اتت كالعادة مخيّبة عربياً، اذ لم يتضمّن البيان الختامي أي بند او عبارة عن لبنان وازماته وإمكانية مساعدته لحلحلة مشاكله، اذ كان عدم تعويل البعض على القمة في مكانه، بحيث اتى البيان داعماً للعراق ولإستقراره ومسيرته الديمقراطية وعمليته الدستورية، مع التأكيد على أهمية آلية التعاون الثلاثي بين الأردن ومصر والعراق، وعلى أهمية مشاريع التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق.
وأوضح البيان أن انعقاد هذا المؤتمر في دورته الثانية يعكس الحرص على دعم دور العراق المركزي في توسعة التعاون الاقتصادي الاقليمي، وفي بناء الجسور وتعزيز الحوار الإقليمي، ما يسهم في جهود إنهاء التوترات، وبناء علاقات إقليمية بناءة تحقق النفع المشترك. وأكد المشاركون أن تحقيق التنمية الاقتصادية ونجاح مشاريع التعاون الاقليمي يتطلبان علاقات إقليمية بناءة قائمة على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام القانون الدولي واعتماد الحوار سبيلا لحل الخلافات، وعلى التعاون في تكريس الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب.
مع الإشارة الى لبنان إستبعد عن القمة على خلفية مواقفه وخلافه مع الدول الخليجية والعربية.
دور لافت لقطر
مع إنتهاء المونديال سيكون لقطر دور لافت على صعيد التحرك العربي في إتجاه لبنان، وهي أجرت بعض اللقاءات مع مسؤولين لبنانيين، من ضمنهم قائد الجيش العماد جوزاف عون، ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، مع معلومات بأنها تؤيد بقوة وصول الاول الى بعبدا ، اما رئيس «التيار» فالامر يختلف معه لانها حاولت جسّ نبضه في ما يخص قبوله بوصول العماد عون الى الرئاسة، فكان الجواب المعروف من قبله.
وقد ترددّت معلومات عن إمكانية زيارة أمير قطر الى واشنطن لبحث ملف الرئاسة اللبنانية.
عون مترئساً إجتماع « لبنان القوي»
بعد غياب طويل، برزت زيارة الرئيس السابق ميشال عون يوم امس الى مركز «التيار الوطني الحر» في منطقة ميرنا الشالوحي، لترؤس اجتماع تكتل « لبنان القوي»، والتي حملت في جعبتها رسائل في إتجاه الخصوم والحلفاء القليليّ العدد، فإنطلقت تلك الرسائل من مفهوم التأييد المطلق لرئيس «التيار» جبران باسيل، في ما يخص الإشكالية الميثاقية مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وللتأكيد مجدّداً على رفضه الكليّ لإنعقاد جلسات مجلس الوزراء في ظل الفراغ الرئاسي، خصوصاً بعد إشارة ميقاتي الى رفضه المراسيم الجوالة، واستعداده لعقد جلسة حكومية عند الضرورة، بدعم من الثنائي الشيعي، الامر الذي أراد تأكيده عون عبر رسائل أيضاً الى حارة حريك، التي جمدّت العلاقة مع باسيل، وفق مصدر وزاري اشار خلال إتصال مع «الديار».
الى ذلك تطرّق الرئيس عون خلال تصريحه بعد الاجتماع الى الوضع السياسي في البلد قائلاَ: «علينا أن نعرف ماذا ينتظرنا خلال المرحلة المقبلة، وفي حال لم تتغير الطبقة الحاكمة الحالية لن يكون هناك وطن»، الامر الذي دفع بمصادر سياسية معارضة الى التعليق على هذا الموقف، بسؤال حول هوية الطبقة الحاكمة الحالية؟ وحول مَن يقصد عون بقوله هذا؟، وهل تناسى انّ صهره وتياره ونوابه ووزراءه هم من الطبقة الحاكمة؟.
مواجهة ميقاتي – باسيل الى الاحتدام
لا يبدو رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي هادئاً سياسياً، وفق تصريحاته الاخيرة، اذ لا يريد المهادنة مع رئيس «التيار» جبران باسيل، لانّ كيله قد طفح من الاخير وفق ما قال مقرّبون منه لـ»الديار» ليلاً، واشاروا الى انّ ميقاتي ملتزم المهام المطلوبة منه دستورياً في مرحلة الشغور في رئاسة الجمهورية، مع التأكيد بأنّ جلسات الحكومة واردة مع التلميح الى ضرورة إصدار مراسيم ترقيات الضباط قبل مطلع السنة الجديدة، الامر الذي يستدعي إجتماعاً للحكومة قبل نهاية العام لانّ مسألة ترقية الضباط منوطة بمهلة قانونية، والحكومة ملزمة بالاجتماع، وهذا ما أكد عليه ايضاً وزير التربية عباس الحلبي، فيما على خط مغاير، يستبعد وزير سابق الدعوة الى عقد جلسة الحكومة لاصدار مرسوم ترقية الضباط، على اعتبار ان هذه الترقيات يمكن التوقيع عليها من دون الحاجة الى جلسة.
ووفق معلومات لـ «الديار» افيد نقلاً عن وزير بأنّ كل المؤشرات تدل على منازلة مرتقبة بين ميقاتي وباسيل، في ضوء دخول الرئيس السابق ميشال عون على خط المواجهة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، حول الجهة التي ستضع جدول اعمال الجلسة المقبلة.
البخاري في بكركي
زار السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الصرح البطريركي امس، حيث إلتقى البطريرك بشارة الراعي للتهنئة بالاعياد، فأثنى على عظاته لا سيما في ما يتعلق بالحياد، وشدّد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت ممكن، مع ضرورة تشكيل حكومة تنسجم مع الرئيس للنهوض بالبلد، واشار الى انّ المملكة لن تتردّد في القيام بأي جهد يُطلب للمساعدة في موضوع الانتخابات، كاشفاً عن أن التنسيق مع الجانب الفرنسي مستمر.
عجقة المطار ونفحة الأمل
وسط هذا السواد السياسي والاقتصادي الذي يخيّم على لبنان، تبرز نفحة امل لدى اللبنانيين مع عجقة مطار بيروت، ووصول هذا العدد الكبير يومياً من المغتربين والسياح، الذين يزورون لبنان لقضاء عيديّ الميلاد ورأس السنة، في جو عائلي بعدما ابعدتهم الظروف المعيشية الصعبة والهجرة عن وطنهم وعائلاتهم، الامر الذي يعطي نكهة مميزة للاعياد تضفي على اللبنانيين أجواء فرح، ولو لفترة وجيزة تنسيهم همومهم وسط جمعة المحبين والاصدقاء.
سياسيو لبنان يمضون الاعياد في اوروبا
فيما المواطن اللبناني يئن من المآسي التي يعيشها يومياً، في ظل الغلاء الفاحش وتغيّر يومياته وعاداته، خصوصاً في فترة الاعياد بإستثناء مَن يتلقى مساعدات بالدولار الاميركي من عائلته وابنائه المغتربين، الذين يعملون في الخارج لإعالة اهاليهم وسط الازمات المعيشية المتواصلة منذ اكثر من ثلاث سنوات، يستعد معظم السياسيين لقضاء الاعياد خارج لبنان، وافيد بأنّ الاغلبية سيمضون العطلة مع عائلاتهم في عواصم اوروبية، وخصوصاً في باريس ولندن، وفق معلومات «الديار» التي إتصلت ببعض النواب فنفى معظمهم ذلك، مع العلم انهم يستعدون للسفر يوم غد.
تدابير مشدّدة ليلة رأس السنة لمنع إطلاق النار
ككل سنة يتردّد الكلام نفسه، وتعمّم التدابير والبيانات الصادرة عن وزارة الداخلية، على محافظتيّ بيروت وجبل لبنان، والمديرية العامة لقوى الامن الداخلي، والمديرية العامة للأمن العام وجهاز أمن المطار، وأمانة سر مجلس الامن الداخلي المركزي، باتخاذ التدابير الرادعة والصارمة لمنع اي كان من اطلاق النار بمناسبة رأس السنة.
فيما يستمر الوضع على حاله وتسقط الضحايا نتيجة الرصاص الطائش، كما في كل مطلع عام بسبب عدم وعي البعض، وعدم إدراكهم لتداعيات ما يقومون به من إصابات قاتلة او إعاقات جسدية، فقط بسبب فرحة بعض المتهورين الذي لا يأبهون لحياة الناس، او بسبب عدم وجود رادع لطيشهم وإستهتارهم وعدم إحترامهم للدولة، التي لم تفرض هيبتها كما يجب، مع الامل بأن يكف هؤلاء عن قتل الناس والتسبّب بأذيتهم، مع معرفتهم المسبقة بهذه الجرائم التي يرتكبونها بحق الابرياء.
***************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
ملف لبنان في عمّان.. والسعودية مع رئيس مقبول من الجميع
أطبق الشغور الرئاسي يومه الخمسين متجها تصاعديا ومثله صاروخيا الدولار الاسود وقد التهمت نيرانه القيمة الشرائية لليرة اللبنانية بسعر صرف بلغ 45 الفا، في ظل جنوح متواصل نحو مزيد من الإنهيارات ومزيد من الهموم المالية والإقتصادية والإجتماعية التي تفرض نفسها على وقائع اليوميات اللبنانية عشية موسم الاعياد، من دون ان تجد من يحد من مفاعيلها، وقد تعطّلت لغة الكلام بين اهل الحكم وارجئت الاستحقاقات كلها الى العام المقبل، بما فيها اجتماعات الحكومة التي لن تلتئم كما قال اول امس رئيسها الا عند الضرورة والحاجة ولا شيء طارئا في الوقت الراهن يستدعي انعقادها.
اما الاستحقاق الرئاسي فحضر اقليميا في كلمة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قمة بغداد 2 التي افتتحت امس في الاردن، بمشاركة مصر وفرنسا والإمارات والسعودية وقطر وتركيا وإيران وفرنسا وعمان والبحرين. وقال ماكرون: أزمات العراق وسوريا ولبنان تتطلب لحلّها أجندة تعاون صادق بين الدول المعنية. أن “منطقة الشرق الأوسط تمتلك كل المقومات لتكون في مقدمة الأجندة الدولية، إنما تعاني من انقسامات وتدخلات تؤثر على استقرارها”. وشدد على أنه “الأمن والاقتصاد والبنية التحتية هي الركائز الأساسية لتحسين استقرار المنطقة برمتها”.
المملكة والرئيس
في الداخل، الملف كان محور بحث في بكركي بين كل من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والسفير السعودي وليد بخاري. وقد قالت مصادر بكركي ان بخاري أكد ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت وتشكيل حكومة منسجمة مع الرئيس للنهوض بالبلد وان المملكة لن تتردد في القيام بأي جهد يطلب للمساعدة في موضوع الانتخابات وان التنسيق مع الجانب الفرنسي مستمر. واشارت معلومات صحافية الى ان بخاري قال في بكركي إن المطلوب اليوم رئيس مقبول من الجميع وأن يكون على علاقة جيدة بمختلف الدول. وتابعت المعطيات: البطريرك الراعي فهم من كلام بخاري أن المملكة تحبّذ رئيساً لا ينتمي إلى أي محور سياسيّ. واردفت: بخاري أثنى على عظات البطريرك الراعي لا سيما في ما يتعلّق بالحياد وبضرورة انتخاب رئيس للجمهورية.
بين معوض والحزب
رئاسيا ايضا، وفي وقت رُحّل الاستحقاق الى العام المقبل، غرد المرشح النائب ميشال معوض عبر حسابه على “تويتر” كاتبا “يحاول بعض المغرضين المعروفين ولأسباب باتت مكشوفة للجميع فبركة أخبار عن تواصل أقوم به مع حزب الله وأنني أحرص على إبقاء لقاءاتي سرية. يهمني أن أؤكد أن هذه الفبركات تافهة كمطلقيها ولا أساس لها. مواقفي ثابتة وعلاقاتي علنية وأمد يدي للجميع تحت سقف سيادة الدولة والمؤسسات والطائف والشرعيتين العربية والدولية… فاقتضى التوضيح”.
رميش
اما في ملف الاعتداءات على اراضي بلدة رميش من قبل قوى الامر الواقع في هذه المنطقة الحدودية، فقد أشار كاهن رعية رميش، الاب نجيب العميل الى ان المحادثات لا تزال مستمرة بين اهالي البلدة ومن اعتدوا على اراضيهم من قوى الامر الواقع في المنطقة. السفيرة الفرنسية
من جهة ثانية، اعلنت السفارة الفرنسية في لبنان في بيان ، ان” السفيرة آن غريو، قامت بزيارة جديدة إلى جنوب لبنان، في السادس عشر من شهر كانون الأول 2022، خصّصتها هذه المرّة لمدينة جزين وضواحيها”. واشارت الى ان” هذه الزيارة تندرج في إطار العمل الذي تقوم به فرنسا إلى جانب المؤسسات التربوية والمنظمات الخيريةّ، وقد شكّلت فرصة للقاء ممثلّين عن التجمّعات المحليةّ والشخصياّت السياسيةّ في المنطقة”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :