من اليوم الأربعاء وحتى الاثنين ٣١ تشرين الأول - نهاية ولاية العماد ميشال عون في رئاسة الجمهورية اللبنانية، خمسة أيام، يمكن فيها للمساعي والجهود، والأهم الضغوط، أن تثمر تأليفاً لحكومة جديدة، فتصدر مراسيمها، إما من قصر بعبدا من الآن وحتى الأحد المقبل، اليوم الذي اختاره الرئيس عون لمغادرة القصر والانتقال الى الرابية قبل يوم واحد من نهاية الولاية، أو تصدر مراسيم الحكومة من الرابية يوم الاثنين أي اليوم الأخير من الولاية الرئاسية.
أمس الثلاثاء، عندما زار الرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي القصر الجمهوري والتقى الرئيس عون، لم يجد ميقاتي "محلا لينام فيه حتى تأليف الحكومة"، "لقد نقلوا كل شي الى الرابية، ما في محل نام". بهذه العبارات أجاب ميقاتي على سؤال صحافي لدي مغادرته القصر. لكن الرئيس المكلف، بحسب اوساط مطلعة على المجريات، حمل من رئيس الجمهورية، تصوراً أو مطلباً توزيرياً يخص التيار الوطني الحر. الأمر الذي يدل، بحسب الاوساط، الى استمرار السعي والمساعي، والجهد و"الجهاد"، على مسار العمل لتأليف الحكومة. وبالتالي، فإن الضغوط مستمرة ولاسيما منها من حزب الله، نحو الجهتين، من أجل الوصول الى ولادة حكومة كاملة الأوصاف (وهو ما يشدد عليه الرئيس عون، وعدد من الأفرقاء) تتولى المهمات ما بعد انتهاء الولاية الرئاسية ودخول البلاد في نفق الفراغ الرئاسي أو الشغور الرئاسي، هذه المصطلحات التي تستخدم، عندما تخلو سدة رئاسة الجمهورية.
وعلى ما يظهر، فإن هناك، على المستوى المحلي، تجدداً مستمراً للجهود من أجل الوصول الى ولادة حكومة جديدة، كما أن هناك مكوكية متجددة على مستوى الدبلوماسية الأجنبية، لمواكبة المرحلة، سواء ما يتعلق منها بالحض على انتخاب رئيس للجمهورية، أو بالدعوة لتأليف حكومة. وأبرزها، اللقاءات التي تضطلع بها كل من السفيرة الاميركية دوروثي شيا، والسفيرة الفرنسية آن غريو، من خلال اللقاءات مع كبار المسؤولين السياسيين وكذلك مع مرجعيات أخرى، وعلى سبيل المثال، كلقاء غريو- البطريرك الراعي، وذلك من دون أن نغفل، عن الاتصالات في الخارج، ومنها الاتصالات الفرنسية الايرانية، ومنها ايضاً محادثات البابا فرنسيس- الرئيس ماكرون وقد اخذ لبنان حيزاً منها.
في أي حال، أوساط مطلعة على مجريات الاتصالات واللقاءات الداخلية، في الساعات الأربع والعشرين الماضية، بدءاً من لقاء عون - ميقاتي في قصر بعبدا قبل ظهر الثلاثاء، أكدت وجود معطيات أو ترجيحات، عن امكان ولادة الحكومة الجديدة في الربع الساعة الأخير من الولاية الرئاسية، هذا الربع الساعة الذي يمتد من الآن وحتى٣١ تشرين الأول منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء مطلع الاسبوع المقبل.
أما بالنسبة الى استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية والتي تنتهي مهلته الدستورية الاثنين المقبل، فلا توجد كما هو أكيد، مؤشرات لتوافق داخلي على إسم، وبالتالي، فإن رئيس البرلمان نبيه بري، سينصرف بدءًا من أول تشرين الثاني المقبل، الى العمل لتأمين أجواء دعوة للحوار الداخلي، من اجل بلوغ تفاهم او توافق سياسي، يؤدي الى ترجيح اسم شخصية لرئاسة الجمهورية، وذلك في حال لبّى الأفرقاء تلك الدعوة المرتقبة من الرئيس بري.
وبالتوازي تستمر الاتصالات الدولية - الاقليمية، لمقاربة الاوضاع اللبنانية، والمساعدة في تأمين أجواء تحمل وتشجع افرقاء الداخل، على الالتفاف حول شخصية للرئاسة.
وإذا كان في قرارة ومقدمة ما يضمره ما يسمى "قائد ٨ آذار" اسم شخصية يعمل لها بطرق عدة، لتكون مقبولة لاحقاً لدى معظم الأفرقاء السياسيين، ويؤمن لهذا الاسم تأييد إحدى الكتلتين النيابيتَين الكبيرتَين مسيحياً وهي تكتل لبنان القوي، فإن هناك، من أفرقاء آخرين، من يراهن على ظروف تؤدي الى خيار قائد الجيش لرئاسة الجمهورية.
ويبقى خيار ثالث، بحسب الاوساط السياسية، هو خيار شخصية اقتصادية، لكن الخيارين الأولين يبقيان متقدمين على الثالث.
أما "خيار رئيس تحدي"، فلا ولن يكون له مكان في المعادلة، خصوصاً بعد سلسلة من تطورات الأشهر الماضية، وأبرزها أو آخرها ملف الترسيم البحري، اضافة الى انقسامات القوى المواجهة لما يسمّى بقوى الممانعة.
نسخ الرابط :