أيام قليلة ويتنفس الرئيس نبيه بري الصعداء بعد خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا. لا ينكر رئيس المجلس امتعاضه الكبير من بعض الاشخاص الذين واكبوا الرئيس عون طيلة السنوات الست وعلى رأسهم رئيس التيار جبران باسيل الذي بقي رأس حربة في مواجهة من يصفها بمنظومة بري السياسية والمالية.
رئيس المجلس الذي خسر في عهد الرئيس ميشال عون سعد الحريري والكثير من "الأصدقاء" داخل المجلس وعلى رأسهم نائبه الدائم ايلي الفرزلي، يستعد اليوم لاطلاق طاولة حوار وطني بجدول اعمال اعلن عنه مسبقا وهو التوافق على انتخاب رئيس للبلاد، ولكن قد يتوسع الجدول ليبحث أيضا في نقاط كثيرة رفض بعض الاطراف من قبل نقاشها في بعبدا، ويسعى اليوم الى احيائها. وربما يكون بند الغاء الطائفية السياسية واحد من تلك الامور التي ينطلق منها لتصحيح مسار تطبيق اتفاق الطائف كما يردد.
يضمن بري حضور حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي وعدد من النواب المستقلين أو المحسوبين على دار الفتوى، كما يسعى الى استمالة نواب التغيير بمختلف كتلهم وعلى رأسهم النائبة بولا يعقوبيان التي تلقت اتصالا من امين سر تكتل الاعتدال الوطني هادي حبيش يستعرض معها دعوة بري وامكانية المشاركة في اللقاء خصوصاً وان الطاولة قد تلتئم بعد يوم على خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا.
قُدرة الرئيس بري على تجنيد النواب من مختلف الهويات، كبيرة وفعالة. فهو الذي واكب عقودا من التشريع يعرف نقطة ضعف الكتل ويعمل على اساسها. فقبل فرط عقد تكتل التغيير كانت عين التينة "محجة" لبعض نواب هذا التكتل، وحرص رئيس حركة أمل على التواصل مع هذا الفريق ادراكا منه بضرورة التفتيش عن صوت ولو في" كومة قش"، وعليه فإن الهدف الاساس برأيه بعد 31 تشرين هو محاصرة التيار الوطني الحر في خياراته والافساح للقوى المسيحية الاُخرى بالتعبير عن رأيها عبر المشاركة بطاولات الحوار الجانبية أو الرئيسية كتلك التي يريد بري عقدها.
أما القوات اللبنانية التي انقطع التواصل العلني معها، يجهد بري لضمها الى الطاولة وتُعقد في الكواليس لقاءات نيابية بين القوات وحركة أمل للتنسيق أكثر في مرحلة الفراغ الرئاسي، ويحرص بري على فصل كل تداعيات الخصومة السياسية مع القوات عن الملف الرئاسي وتداعياته، وعليه لا يتأخر رئيس المجلس باستدعاء نواب من القوات للحديث معهم عن طاولة الحوار واقناع "الحكيم" بضرورة المشاركة لأن الامور كما هي عليه في مجلس النواب في ظل وجود تكتلات نيابية متعددة التوجهات لا يمكن أن توصلنا الى رئيس للجمهورية، وبالتالي فإن المطلوب برأي رئيس المجلس التوافق الداخلي ولو بالحد الأدنى بين الاطراف على اسم للرئاسة قبل عرضه على الخارج.
يتقاطع بري مع جعجع حول امكانية التوافق على اسم قائد الجيش لرئاسة الجمهورية ولا مانع لديه لأن يكون الاسم منطلقا لأي حوار رئاسي، وهذا الامر ألمح اليه رئيس القوات في مقابلته قبل أيام حين أبدى استعداده للسير بقائد الجيش جوزاف عون بشرط أن يكون هناك توافق عليه من قبل جميع الاطراف. أما مسألة اقناع النائب السابق سليمان فرنجية بالرجل أو سحبه من السباق الرئاسي فهي أيضا سهلة بالنسبة الى بري لأنه "بمون" على رئيس المرده كذلك حزب الله الذي يسير بقائد الجيش في حال كان هناك اجماع داخلي عليه وتقاطع مصالح اقليمية ودولية.
وفي الوقت الرئاسي الضائع يشتري الرئيس نجيب ميقاتي الوقت الحكومي مع رئيس الجمهورية، يُناور الرجل وعندما يجد أن الامور ستنقلب عليه يُبادر نحو بعبدا ويلتقي لدقائق رئيس الجمهورية قبل أن يخرج الدخان الاسود معلنا عدم التوافق على تأليف الحكومة، فيذهب الرجل في استراحة قبل خوض جولة جديدة من المباحثات. اليوم لم يعد عامل الوقت لصالح العهد والتيار الوطني الحر وعليه فإن لم يتدخل حزب الله بقوة لانضاج التشكيلة خلال الاربع والعشرين ساعة المقبلة فسنكون حكما أمام أزمة دستورية خطيرة في البلاد، قد يستحضر فيها الرئيس ميشال عون سيناريو العام 1988 ويُعدل عن فكرة الخروج من قصر بعبدا وعندها نشهد تظاهرات للتيار الوطني الحر أمام قصر بعبدا الذي يتحول الى مقر رئاسي دائم للرئيس عون ريثما تحل أزمة التأليف ونشهد انتخابات رئاسية.
برأي باسيل، يسعى بري وميقاتي الى وراثة صلاحيات رئاسة الجمهورية ويمارسان كل الضغوط لولادة الفراغ وتصفية حساباتهم مع التيار، الذي يُحضر لسيناريو المواجه وقد يفاجئ فيه الجميع.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :