«صكّ بيع السيارة بمليون ليرة، ومش عاجبك ما تشتري»، هذا ما وصلت إليه حال جمهورية «المزرعة اللبنانية»، حيث شرّع الإضراب وفقدان السيولة ونفاد الحبر والورق وكل القرطاسية من دوائرها، ازدهار تجارة صكوك بيع السيارات من قبل سماسرة ومكاتب التسجيل، وفيما هذه الصكوك تتم طباعتها من قبل مكاتب تابعة للجيش اللبناني، المستغرب كيف تُفقد من مكاتب النافعة وتتوفر بأي كمية لدى السماسرة؟ ومن المستفيد من هذه التجارة التي يدفع ثمنها مواطن ذنبه أنه يعيش في مزرعة اسمها لبنان؟
حتى صكوك البيع دخلت السوق السوداء، والمخزي أنّ سعرها تخطى المليون ليرة، رغم أنها توزع مجاناً، ففي «جمهورية المزرعة»، يصبح كلّ شيء مباحاً.
فصكوك بيع السيارات في الجنوب وحتى في كل لبنان، تخطّى سعرها المليون ليرة بعد فقدانها من مراكز النافعة، بسبب شح الورق والمال، غير أنّ السؤال الذي يطرح نفسه، كيف يتم تأمينها في السوق السوداء ولدى مكاتب تسجيل السيارات التي تتبع بمعظمها للأحزاب؟
دفع اختفاء صكوك البيع وحصر المعاملات في الدكوانة الى فتح السوق السوداء على مصراعيها، ولا ينحصر الأمر بالصكوك فقط، بل المعاينة والتسجيل ودفاتر السوق وغيرها، فالسمسرة في هذا القطاع «شغّالة»، ودفع الفساد المتعشّش في دوائر الدولة الى تنشيطها، إذ تحوّلت كل دائرة جمهورية إلى دائرة مخصّصة «للنصب والإحتيال» على المواطن الذي يصدق كذبة تكلّفه ملايين.
ملايين الليرات يجنيها سماسرة هذه السوق، وقد شرّعتها مصلحة السير في الدكوانة وسرت على كل مراكز الدولة، والأخطر من ذلك أن الكل على دراية بهذه السرقة، ولا أحد يحرك ساكناً.
قد يقول البعض إنّ مراكز السيارات تأخّرت في الانخراط بالسوق السوداء، غير أنّ الحقيقة مغايرة، فهذا القطاع على وجه الخصوص «كلّه سوق سوداء» على ما يقول ابراهيم، الذي ينشط على خط مكاتب السيارات ويعرف كل شاردة وواردة، بحسبه فإن هذه المكاتب وسماسرتها يلعبون على وتر «سجّل قبل ما يرفعوا السعر»، ولأن المواطن يصدق فهو يسارع لدفع أي مبلغ هرباً من الضريبة الجديدة.
غير أنّ ما يجهله، بحسب مصادر مطلعة أن «صكوك البيع تنتهي صلاحيتها سريعاً، وأن لا جدوى من شرائها بأسعار خيالية، فالمصلحة مقفلة، وبالتالي فإنّ شراءها بمليون أو أكثر سيذهب سدى»، ولا تخفي المصادر «قلقها من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة، لا سيما أنّ صكوك البيع توزّع بالمجان في النافعة حيث تتوفّر لديها الصكوك بشكل محدود، غير أنّ ما يقلقها هو مسارعة المواطنين الى شرائها، رغم علمهم أنّ السيارات التي دخلت لبنان لن يشملها رفع الضريبة، وبالتالي لا مبرّر للهجمة على شراء هذه الصكوك بهذه الأسعار»، غير أن المصادر تؤكد أن هناك من يتاجر بالأمر، ولكن من أين تأتي هذه الصكوك طالما هناك جهة وحيدة مخوّلة بطبعها؟ وبحسب المصادر فإن الصكوك التي تسلّم للنافعة تحمل أرقاماً تسلسلية، وبالتالي أيّ تلاعب بها يكون فاضحاً، من دون أن تخفي وجود من يتاجر بها لصالح سماسرة السوق السوداء.
حلول عدة تمّ طرحها في الاجتماع الأخير لمديري مصالح السيارات في الدكوانة ومن بينها طباعة الصكوك على ورق A4 وغيرها من حلول غير مكلفة، إلا أنها طروحات لم تلق آذاناً صاغية ربما لان هناك من يستفيد من هذه التجارة على حسب ما تقول المصادر التي تأسف أن تصل الحال الى شراء ورقة لا قيمة لها بمليون ليرة.
على ما يبدو إنّ السوق السوداء باتت أقوى من سوق الدولة، وقد شرّعت الفساد على مصراعيه وأعطت لتجار السوق السوداء الإشارة الحمراء… فابتسم أنت في لبنان.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :