تخايل معي يا رفيقي أن الزعيم حيا أو قل أن الزعيم كان في الغيبة الصُغرى وعاد فجأة الى الوطن ، ماذا عساه أن يقول وهو يرى أوضاع القوميين وأوضاع الحزب وأوضاع العالم .
تخايل معي ولا تتهمني بجلد النفس أو التجني أو بخس حق المستحقين .
حصلت مرة، وغاب غيابا قسريا لكنه بقي على تواصل مع الوطن ومعهم ، فماذا فعلوا في غيابه ؟ وماذا فعل بعد عودته ؟
كان حيا لكنه كان بعيدا عنهم ، وخانوه وتمردوا عليه ، وباعوه ، واتهمه احدهم بالطاغية ، وعندما عاد لم يحاسبهم على مافعلوه ، غفر لهم وطلب منهم العودة الى الصواب ، فمنهم من رفض ومنهم من استعمل التقّية ، وقلّة قليلة تابت وعادت الى رشدها .
يومها لم تكن حال الحزب كما اليوم ، ولم تكن أوضاع البلاد كما اليوم ولم يكن العالم متفجرا كما هو اليوم ، بل كان يلملم شظايا تفجيرات الحرب العالمية الثانية ويمشي نحو الخرائط الجديدة .
تخايل معي ... عاد الزعيم الى شارع الحمراء ، الى اسوار الجامعة الاميركية أ الى رأس بيروت وقرر ان يسأل المواطنين والسكان عن الحزب وحركة الحزب وأخلاق الحزبيين ، والنشاط الحزبي .ماذا سيسمع ؟ وماذا سيقول ؟
تخايل معي .... عاد الزعيم الى الشوير وسأل عن الحزب فماذا سيكون جواب الناس؟ وماذا كان سيقول للناس .
تخايل معي ... قرر الزعيم ان يزور العرزال ومرّ من أمام القصر الملوكي وخطر بباله ان يسأل لمن هذا القصر ، فأجابه أنه لمواطن كان فقير الحال وبسيطا ،اشتغل في الحزب القومي وصار مسؤولا كبيرا فاغتنى وبنى قصورا واشترى أملاكا وصار شريك حصص في الفساد . ويخبره المواطن عن أمثاله في كل المناطق ، في االبقاع ، في الكورة ، في الجنوب ، وفي بيروت .
تخايل معي ..... زار الزعيم البريستول وقال له أحدهم ، انظر هذه الشقّة لصاحب القصر المبني في الشوير ، وهذه الشقة المقابلة للتلميذ الذي انقلب عليه هو وأصحابه ، ويزعمون أنهم يريدون الاصلاح ولكل واحد منهم ملفات يشيب الشعر من نجاستها .
تخايل معي ..... أن الزعيم جمع قيادات أحزاب الحزب السوري القومي الاجتماعي وأراد ان يضطلع منهم على أوضاع الحزب والأسباب الموجبة لوجود هذه الاحزاب وهذا العدد الكبير من القوميين خارج المؤسسات ،وعن الخلافات والعلاقات وطُرُق الاستقطاب والندوة الثقافية .
تخايل ... سألهم عن فلسطين ودمشق وبغداد فقط ،ماذا سيقولون له ؟
لوكان الزعيم حيا ، أو عاد من الغيبة الصُغرى كا ن وقف على أعلى تلة في سوريا الطبيعية ونادى بصوته العالي :
أيها الناس هذه الاحزاب ليست من حزبي وهذه القيادات لا أعرفها ، وهذا الضجيج لا أسمعه ، وهذا الدخان الاسود ليس من ناري ، وهذا الفحش المعلن والمستتر ليس من صفاتي ، لا اعرفهم لم أسمع بأسمائهم وهم لم يسمعوا باسمي لم يقرأوا كتابي ، لست منهم وليسوا مني ، أيها الناس أنا منكم وانتم مني سأترك هذه القمة العالية وأعود اليكم .
وسيم سعادة
نسخ الرابط :