"النهار"- ابراهيم بيرم
في الايام القليلة الماضية سُجِّل تطور سياسي لافت وضعه البعض في خانة الحدث، وتمثّل في شروع "التيار الوطني الحر" في فتح أبواب التواصل والتلاقي مع قوى ومكونات سياسية وازنة متجاوزا حالة من القطيعة وحتى العداوة مع بعضها، خصوصا الحزب التقدمي الاشتراكي وزعيمه وليد جنبلاط.
لكن مصادر في "التيار البرتقالي" على صلة، ترفض إدراج "لقاء اللقلوق" الطويل الذي انعقد فجأة بين رئيس التيار النائب جبران باسيل وبين عضو التكتل النيابي المحسوب على "تيار المردة" فريد هيكل الخازن في خانة جولة وساطة جديدة بين باسيل ورئيس "المردة" سليمان فرنجية. ورفضُ هذا التشخيص والتوصيف يأتي من منطلق يتبناه "التيار البرتقالي" منذ فترة وفحواه ان العلاقة بين باسيل وفرنجية والتواصل الناشط بينهما قد تجاوز حدود الوسيط والوساطة وانطلق في فضاءات اخرى وحسابات مستقبلية مختلفة، خصوصا بعد مائدة المصالحة التي دعا اليها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية، ليكون هذا الحدث بحدّ ذاته فاتحة لمرحلة جديدة تماما يمكن البناء عليها سياسيا. واللافت في المقابل كان اللقاء الذي جمع النائب الشوفي غسان عطاالله مع زعيم المختارة وليد جنبلاط في كليمنصو قبل بضعة ايام في حضور قيادات من الطرفين، وهو لقاء نوعي كونه أتى بعد مرحلة طويلة من التصارع والتساجل.
يؤثر النائب عطاالله في اتصال مع "النهار" عدم اعتبار اللقاء إياه "مفاجأة أو حدثاً استثنائياً من نوعه". ويشير الى انه رغم الاقرار بان الطرفين قد خاضا جولة الانتخابات النيابية الاخيرة كل على ضفة تحالفاته وحساباته السياسية المتعارضة "فان خيوط الاتصال لم تكن مقطوعة تماما بيننا وبين الحزب التقدمي، خصوصا مع علمنا وادراكنا اننا نتشارك واياه العمل على بقعة جغرافية واحدة ولكل منا قواعده ومرتكزاته المغروسة فيها".
ويضيف عطاالله: "وضعاً للامور في نصابها دعنا نعتبر ان اللقاء الذي تم كان ذا طابع انمائي – اجتماعي قبل ان يكون كما اعتبره البعض بداية مصالحة أو فاتحة انفتاح متبادل بناء على رغبة الطرفين، اذ اننا تقصّدنا كلانا ان ننجز هذا اللقاء بغية الوقوف على الاوضاع الانمائية والاجتماعية في منطقتي الشوف وعاليه خصوصا والجبل عموما، وهي كما سواها من مناطق المعاناة والاحتياجات". فليس جديدا، يستطرد عطاالله، "اننا جميعا موعودون بصيف سياحي واعد، خصوصا مع ارتفاع الكلام من اكثر من مصدر رسمي وغير رسمي عن ترقب وصول جموع وحشود من السياح والمصطافين وانهم سيحلّون في كل الربوع اللبنانية عموما على نحو يفوق بأضعاف الاعوام الصيفية الماضية. وعليه تقصّدنا من توقيت اللقاء ان يكون عامل دحض لكل ما يشاع ويذاع عن امكان بروز مظاهر غير مريحة وظهور اوضاع لا تبعث على الشعور بالاستقرار والامان، وان نوحي لمن يعنيهم الامر ان كل شيء على مايرام".
واذا كان ذلك اللقاء، يضيف عطاالله، "قد عزز فكرة انفتاح ابواب التقارب والتلاقي السياسي فنحن والحزب التقدمي نجد ان من مصلحتنا كطرفين ومن المصلحة الوطنية عموما ان تُفتح الابواب الموصدة بيننا وبين الجميع".
ويلفت الى ان "البعض سمح لنفسه بان يقارب الحدث من باب انه خطوة انفتاحية اولى شرع بها تيارنا على الآخرين ومن المكونات الاخرى علينا، فاننا نقول اننا لا نحبذ ان تؤخذ الامور على هذا المحمل، فنحن لم نكن نشعر يوما اننا في حال انقطاع او اننا معزولون من الآخرين. فنحن وبصراحة نجد هذا التأويل خاطىء وفيه ايهام باننا جسم سياسي محاصَر ومعزول، أو لان اصحاب هذه الرؤية يسقطون تمنياتهم ويريدون ان نظهر بمظهر المحاصَر".
ورداً على سؤال يجيب عطاالله: "نحن حرصاء كل الحرص على تعزيز تحالفاتنا وتكريس انفتاحنا، ونحن ايضا نحب ان نكون خصوما شرفاءعندما نجد ان ثمة من يريد اشهار عداوته في وجوهنا وافتعال المواجهات معنا. ان التواصل بحثاً عن الحلول والتفاهمات هو في ادبياتنا وخطابنا السياسي جزء اصيل في خطنا ونهجنا، خصوصا في الملمّات والمراحل الصعبة والمفصلية".
ورداً على سؤال عن خلفيات تصاعد الخلافات مع الرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي ما يهدد بعدم استيلاد حكومة جديدة؟ يقول: "اعتقد ان جوهر المشكلة القائمة بيننا وبين الرئيس المكلف هي انه يتحاشى اعطاءنا الفرصة الكافية لكي نتحاور واياه حول قضايا وملفات ملحّة لكي نتوجه جميعا نحو الهدف الاساس الذي ينشده الكل بلا استثناء وهو الانقاذ العاجل بكل عناوينه المعروفة الاقتصادية منها والسياسية، اذ اننا نجد ان الطرف الآخر المعني يأخذ الامور في اتجاه يعزز الشعور بان ثمة تعمداً للمماطلة والتسويف وتأجيل استيلاد الحكومة الجديدة الاصيلة والمكتملة المواصفات والمطلقة الصلاحيات التي ننتظرها بفارغ الصبر اليوم قبل الغد. بل اكثر نحن وللاسف نستشعر ان ثمة من يستخدم ضيق هامش الوقت ليؤجل ولادة طبيعية للحكومة التي تنتظرها تحديات ومهمات شاقة وصعبة وملحاحة من نوع ترسيم الحدود البحرية مع العدو الاسرائيلي وتثبيت حقنا بثرواتنا النفطية والغازية، اضافة الى اقرار خطة التعافي واستكمال مسار الحوارالذي بدأ مع صندوق النقد الدولي".
ويختم: "نقول بكل ثقة وصراحة ان مشكلتنا هي انه رغم الملفات الملحّة لم نجد مع الحكومة الماضية من يأخذ القرارات المصيرية ويمضي بها قدماً الى الامام. مشكلتنا استطرادا هي ان ثمة من اعتاد التهرب من المسؤوليات. لذا نحن بأمسّ الحاجة الى حكومة تتصدى وتواجه ولا تمتهن التهرب والهروب الى الامام. ورؤيتنا ان مثل هذه الحكومة المنشودة تنهض بها حكومة اصيلة مع وجوه جديدة واصيلة وإلا سنبقى في دائرة المراوحة".
نسخ الرابط :