افتتاحية صحيفة الأخبار : التأليف معطّل بين الحريري وباسيل
هدأ التفاؤل الذي رافق الأسبوع الأول من مفاوضات التأليف. العقَد كلها عادت لتقف في وجه التقدّم الذي كان قد سُجّل. أولاها هي عدد الوزراء، وبالتالي الثلث المعطل، وثانيتها مفهوم المداورة. وتضاف إليهما مطالبة التيار الوطني بحقيبة الطاقة، ومطالبة المردة بحقيبة وازنة، وتركّز الوزارات الأمنية بيد واحدة...
بعد الكثير من التفاؤل بقرب تأليف الحكومة، صار الحديث عن العقد يوحي بأن أي اتفاق لم ينجز حتى اليوم. العين مرة جديدة على جبران باسيل. اتهامه بالتعطيل تردّ عليه مصادر عونية بالتأكيد أن الحكومة ستُؤلّف في غضون أيام. لكن بالنظر إلى حجم الاختلافات، فإنه يتم التعامل مع هذا الموقف بوصفه إبعاداً لمسؤولية باسيل عن عرقلة التأليف.
عشرة أيام مرت على تكليف سعد الحريري تأليف الحكومة، كانت نتيجتها العودة إلى النقطة الصفر. الأيام الثلاثة الأخيرة لم تشهد أي تواصل بين رئاسة الجمهورية والرئيس المكلف. التكتم الشديد على المفاوضات في الأيام التي سبقت أبعد كل طرف آخر عن طاولة النقاش. ولذلك، فإن الواقع الراهن يشير إلى غياب أي وسيط داخلي أو خارجي يمكن أن يقوم بدور في تقريب وجهات النظر. في الداخل، لا تتوفر صفات الوسيط بأي طرف. وفي الخارج، لا يبدو الفرنسيون مستعدّين لزيادة الاهتمام بالوضع اللبناني بالنظر إلى الأوضاع في فرنسا، فيما يعتمد الأميركيون الحياد السلبي.
على ما تؤكد مصادر مطّلعة، فإن التفاؤل كان محقّاً ومرتبطاً بالاتفاق على أغلب التفاصيل. حينها كان الاتفاق على توزيع الحقائب قد أنجز وبدأ النقاش بالأسماء. لكن ما طرأ في مسألة عدد الوزراء هو الذي أطاح الاتفاق. بعدما وافق رئيس الجمهورية على حكومة من 18 وزيراً، عاد وأصرّ على أن تتألف من عشرين وزيراً، بهدف توزير وزير درزي ثان ووزير كاثوليكي ثان. تلك خطوة، إضافة إلى كونها شكّلت مطلباً درزياً وكاثوليكياً، اعتبرت سعياً من باسيل للحصول على الثلث المعطل، فرفضها الحريري، بالرغم من إدراكه أن الثلث المعطل لا قيمة له في التوازنات الحالية التي تسمح لأي طرف بفرط عقد الحكومة، بصرف النظر عن حصوله على الثلث من عدمه.
في حكومة الـ 18 وزيراً، كان متوقعاً أن يحصل رئيس الجمهورية مع التيار الوطني الحر على 6 وزراء بالحد الأقصى، على أن يذهب مقعد مسيحي إلى كل من الطاشناق والمردة والقومي. رفع العدد إلى 20 وزيراً سيسمح بحصول التيار على مقعد أو اثنين، وبالتالي ضمان الثلث المعطل.
هذا الثلث هو ورقة باسيل الرابحة لمنع الحكومة من تخطّيه وإصدار قرارات قد تضرّه انتخابياً. لكن هذه العقدة أعادت فتح كل العقد السابقة. المداورة، التي كانت قد حسمت عادت إلى النقاش. هل تكون المداورة سياسية أم طائفية؟ إن كانت طائفية، فهذا يعني أن الداخلية ستذهب إلى الطائفة المسيحية، إلى جانب الدفاع. "المردة" كان يمنّي النفس بحقيبة وازنة، بوصفه الحزب المسيحي الوحيد الذي سمّى الحريري. وهو سبق أن طالب بحقيبتين أيضاً تكون إحداهما لشخصية شمالية أرثوذكسية تشكل تقاطعاً بينه وبين "القومي". وفي المقابل، كان عون يسعى إلى أن يكون الوزير القومي من الحصة السنية، بالتوازي مع رفضه التخلي عن حقيبة الدفاع أو الداخلية لمصلحة المردة. عدم تخلّيه عنهما والإصرار على أن تضاف إليهما حقيبة العدل، تعنيان وضع الأمن والعسكر والقضاء في يد واحدة، وهو ما لا يبدو مقبولاً حتى اليوم. الحريري، وتحت ضغط "البيئة" عاد ليشير إلى أن الداخلية ليست محسومة للتيار، مع التداول بفكرة أن يكون وزير الداخلية مسيحياً، لكن من حصة "المستقبل".
ثمة من يؤكد أن المشكلة الأساس هي حقيبة الطاقة، التي يريد التيار المحافظة عليها، بعدما سبق أن اتفق على أن تؤول إلى الطاشناق. الوصول إلى حل مشترك فشل سابقاً، بعدما رفضت كارول عياط، التي رُشّحت لتولي الحقيبة، لقاء باسيل، وبعدما رفض الحريري اسم بيار خوري الذي اقترحه رئيس التيار.
بالنتيجة، توقفت المفاوضات التي كانت قد تجاوزت في وقت سابق توزيع الحقائب، حيث بدأ النقاش في الأسماء. خمسة وزراء على الأقل، إما من حاملي الجنسية الفرنسية أو من المقيمين في أوروبا، كانوا قد حزموا أمتعتهم وربما أجروا فحص الكورونا تمهيداً للعودة إلى لبنان وتسلّم حقائبهم. عاد هؤلاء وتمهّلوا، لكن المعضلة الحقيقية في أنه لم يُصر إلى اعتبار ما يُتفق عليه بمثابة المنجز. ما حصل أن كل نقطة اتفق عليها، عادت إلى صلب النقاش بعد تعذّر التأليف.
ما هي الخيارات اليوم؟ واحد من الخيارات التي كانت مطروحة يوم الجمعة، وصرف الحريري النظر عنها، هي تقديم تشكيلة وزارية تضم أسماء وزانة ولا تكون مستفزة لأحد. خيار آخر يطرحه معنيون مفاده أن يتعامل الحريري مع الحصة المسيحية كما قيل إنه تعامل مع الحصة الشيعية، أي ألّا يتدخل في الأسماء، لكن الخيار الذي يمكن أن يعيد تحريك عجلة التأليف هو العودة إلى حكومة الـ 18 وزيراً.
**********************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
“إنقلاب” تعطيلي جمّد التأليف ورحّل الحكومة!
في الحد الأدنى لا حكومة قبل فجر الأربعاء وفي الحد الأقصى قد يكون مسار تأليف الحكومة منزلقا نحو ازمة مفتوحة وقد يكون الاحتمال الثاني هو الأرجح. هذه الخلاصة الخاطفة تختصر الجمود الحاصل منذ ثلاثة أيام وتحديدا عقب ما تجمع العديد من مصادر المعلومات والجهات السياسية المطلعة على مجريات مسار التأليف، على وصفه بانقلاب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل على اكثر من 75 في المئة من بنود التوافق الذي كان يجري استكماله بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون. ويبدو ان باسيل نجح مجدداً في إطاحته واضعاً موقع رئيس الجمهورية مرة جديدة في مكان شديد الحرج ومهددا بتعطيل مسار تأليف الحكومة الجديدة المنتظرة. واذا كان ستار الكتمان الذي فرض على مجريات الاجتماعات الأربعة التي عقدها الرئيسان عون والحريري في قصر بعبدا لا يزال وحده البند الذي يجري “التزامه” منهما، فان ذلك لا يعني حجب انكشاف الانقلاب الذي تعرض له الرئيس المكلف بعدما جرى التراجع من القصر فجأة عن معظم النقاط والأسس التي كان عرضها الحريري تباعا في اللقاءات الأربعة التي عقدها مع رئيس الجمهورية، فاذا بلقاء عون وباسيل قبل أيام يشكل الانكاسة الكبيرة التي بدا من خلالها ان ثمة قطبة مخفية دفعت الرئاسة الأولى الى الالتفاف على التوافقات السابقة وسرعان ما انكشف الامر عن جملة حقائق. ذلك ان ما كان تم التوافق عليه بين عون والحريري حول حجم الحكومة من 18 وزيرا اطيح به وعاد الضرب على وتر حكومة من 22 او 24 وزيرا بما ترجمه علنا بيان التيار الوطني الحر السبت الماضي من رفضه لإعطاء وزير اكثر من حقيبة. ثم اسقط أيضا تفاهم آخر أساسي يتصل بالمداورة بين الحقائب مع استثناء حقيبة المال التي اقرت للشيعة بموافقة عون والافرقاء السياسيين الاخرين، ولكن “الانقلاب” كشف ان باسيل رفض التسليم بمداورة تستثني المال والا فلن يتنازل عن حقائب سابقة كانت بحوزة وزراء للتيار. الامر الثالث الأساسي الذي جرى تجميد البحث فيه يتصل بحقيبة الطاقة التي فشلت محاولات الحريري في الوصول الى تفاهم مع عون حيال تسليمها لوزير مستقل متخصص لا يحسب على احد نظرا لخطورة ملف الكهرباء في البرنامج الإصلاحي الذي تلحظه المبادرة الفرنسية، وتبين ان ثمة معاندة في اخضاع الحقيبة لمفاصلات وإملاءات سياسية من جانب القصر والتيار سواء بسواء من خلال طرح اسم مستشار حالي في الوزارة لتسلم الحقيبة وهو محسوب على باسيل. اما الامر الرابع الأساسي أيضا الذي أصابه الشلل بفعل الانقلاب التعطيلي لمسار التأليف فيتصل بالفيتوات الهابطة على الحريري فجأة حيال توزيع حقائب خدماتية أساسية على الشركاء السياسيين الاخرين كرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية في حين جرى “تفريخ “مفاجئ لما سمي العقدة الدرزية التي اريد من خلالها مقاسمة جنبلاط الحقيبتين اللتين كانتا يجب ان تذهبا اليه باعتبار انه رافعة التكليف والتأليف فيما النائب طلال أرسلان رفض تكليف الحريري وقاطع الاستشارات، فاذا بالقصر ينبري لإعطائه حقيبة وزارية ورفع عدد الوزراء لتمكينه من هذا الهدف .
واذا كانت هذه بعض الوقائع المباشرة التي تكشف أسباب تعطيل مسار التأليف وإعلان ولادة الحكومة التي كانت متوقعة اليوم كما كشف رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ”النهار”، فان ثمة دلالات تبدو ابعد من مجرد خوض معركة محاصصة قسرية لجعل سعد الحريري يسلم بسقوط مشروعه الأصلي تماما القائم على تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين وعندما يرفع الراية البيضاء لفارضي الشروط الانقلابية يكون قد انتحر سياسيا فعلا. هذا البعد كشفه مصدر سياسي بارز لـ”النهار” ويتمثل في اندفاع فريق رئاسة الجمهورية و”التيار الوطني الحر” الى الاستئثار بالحقائب الأمنية والقضائية الثلاثة أي الداخلية والدفاع والعدل على خلفية ان تأليف الحكومة الجديدة متى تعرض لتبديل المعايير التي يطرحها الرئيس الحريري من منطلق تحديد مهمتها زمنيا بستة اشهر كحكومة انقاذية فقط، فربما تكون حكومة ما تبقى من العهد أي لسنتين. وهو الامر الذي يقول المصدر انه جعل الفريق الرئاسي وتياره يحاولان تطويب الحقائب الثلاث لهما للشروع من الان في الإمساك بالأوراق الأساسية التي تتيحها لمصلحة “التيار” هذه الوزارات تحضيرا للانتخابات المقبلة.
بري… والراعي
في غضون ذلك وفي ما يؤكد ضمنا دوران المأزق في دائرة التعقيد قال الرئيس بري لـ”النهار” ان لا مشكلة لديه في عدد أعضاء الحكومة سواء كان 18 او 20 موضحا ان هذه النقطة تعود للرئيس المكلف ورئيس الجمهورية . وأضاف: من جهتنا لا مشكلة عندنا على الاطلاق كنا ولا نزال في مقدم المستعجلين لتأليف الحكومة والتوصل الى التشكيلة غدا( اليوم ) على ابعد تقدير”. كما رفض بري أي ربط لتأليف الحكومة بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجري غدا الثلثاء . وفيما بدا واضحا ان رهان بري على اعلان الحكومة اليوم لم ينطبق على مجريات التعطيل المفاجئ، لم يخف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي معالم الإحباط من تعقيد تأليف الحكومة بل ذهب لليوم الثاني الى رفع الصوت بقوة ضد تعطيل التأليف وتأخيره. وسأل امس “الى متى يتمادى المعنيون من مسؤولين وسياسيين ونافذين وأحزاب وباي حق في عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة ؟ الا يخجلون من الله والناس وذواتهم وهم يعرقلون تمسكا بمحاصصتهم والحقائب الطائفية فيما نصف الشعب اللبناني لا يجد حصة طعام ويوضب حقائبه ليهاجر”. ودعا الراعي جميع الأطراف “ليوقفوا ضغوطهم على الرئيس المكلف”لافتا الى ان “ما رشح عن نوعية الحكومة العتيدة لا يشير الى الاطمئنان”.
إقفال لا اقفال!
وبعيدا من تعقيدات مسار تأليف الحكومة تعيش البلاد أجواء الانتشار الكارثي لوباء كورونا وسط تخبط مخيف في القرارات الرسمية والطبية والاستشفائية المعنية باحتواء الكارثة علما ان الجدل المتصاعد حول اجراء الاقفال الشامل للبلاد بلغ ذروته في الساعات الأخيرة من دون أي حسم . وفيما كانت الأوساط الطبية تعول على تأليف سريع للحكومة الجديدة علها تباشر اتخاذ إجراءات مختلفة وفعالة في احتواء الانتشار الوبائي في كل المناطق اللبنانية عاد التأخير في تأليف الحكومة يرخي بثقله على حكومة تصريف الاعمال التي تتخبط القرارات عشوائيا فيها بين وزارات الداخلية والصحة والتربية.
****************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
الحكومة أسيرة “المتحاصصين” والراعي يسأل: ألا تخجلون؟
كورونا… السلطة تتخبّط و”البقاء للأقوى”
بين دعاة الإقفال التام ودعاة الإقفال الجزئي، ينازع اللبنانيون على فراش الموت السريري لضمير السلطة والشلل المستحكم بمفاصل الدولة تحت وطأة التضارب في الصلاحيات والتخبط في الأداء. حكومة يتخندق وزراؤها في مواجهة بعضهم البعض لا يُرتجى منها لا علاج ولا دواء، بل هي بيت الداء والبلاء والوباء، وما تقاذف تُهم التقصير والعجز سوى علامة فارقة إضافية في سجل فشل التركيبة الحاكمة وانعدام حسّ المسؤولية لدى أركانها… على شاشة يطل وزير الصحة مصوّباً على خيار الإقفال الجزئي وعدم جدواه، وعلى شاشة أخرى يطل وزير الداخلية مصوّباً على التدخلات السياسية والقضائية في تطبيقات التدابير الاحترازية التي تعتمدها وزارته، وبين هذا وذاك يدخل البلد مرحلة الوضع “الكارثي” على مقياس تفشي الوباء، وتسود سياسة “مناعة قطيع” قسرية بحكم الأمر الواقع، سيكون فيها “البقاء للأقوى” مناعياً وصحياً ومادياً.هكذا اختصرت مصادر رسمية معنية بالملف الصحي الوضع القائم والقادم على اللبنانيين، موضحةً لـ”نداء الوطن” أنّ الأمور متجهة “من السيئ إلى الأسوأ ومن السوداوية إلى المأساوية”، لافتةً إلى أنّ “طرح الإقفال التام دونه اعتراضات وعقبات تمنع تطبيقه، وطرح الإقفال الجزئي تحول دون تطبيقه تعقيدات متشعبة وسط حالة الضياع المتحكمة بتوجهات الجهات الرسمية المعنية، فلا الدولة طبقت الإجراءات التي اتخذتها ولا الناس التزمت تلقائياً بهذه الإجراءات”.
وحذرت المصادر من “انهيار وشيك في القطاع الطبي والتمريضي والاستشفائي عموماً”، مؤكدةً أنّ “هذا القطاع أصبح منهكاً والعديد من الأطباء والممرضين سلكوا طريق الهجرة والسفر للعمل في الخارج، وبالتالي فإنه مع تزايد وتيرة الإصابات وتناقص القدرة الاستشفائية والطواقم الطبية والتمريضية، باتت كل المؤشرات تنذر بأنّ البلد يسير نحو منزلقات خطرة قد تشهد ارتفاعاً حاداً في معدلات الوفيات بشكل دراماتيكي، لا سيما في صفوف المصابين بكورونا من ذوي الأمراض المزمنة ونقص المناعة”.
وعما يتم تناقله عن ارتفاع بالآلاف في أعداد الوفيات في حال دخول لبنان مرحلة “مناعة القطيع”، نفت المصادر وجود “أي تقديرات أو نسب مئوية علمية تتيح توقع مثل هذه الأعداد، عدا عن أن هذا المبدأ لم يُعتمد بشكل رسمي في أي دولة لكي يقاس عليه علمياً كنموذج متبع في هذا المجال”، غير أنها أشارت إلى أنّ “قراءة المعطيات والمؤشرات اللبنانية تفيد بتسجيل نحو 500 ألف إصابة كورونا خلال الأشهر الخمسة الأخيرة (80 ألف إصابة معلنة يقابل كل حالة منها 6 حالات غير مثبتة مخبرياً)، وقياساً على الاعتقاد الطبي السائد بأنّ هذا الرقم سيتضاعف كل 5 أشهر، وإذا ما اعتمدنا المعيار العالمي الذي يقول بأنّ دخول أي بلد في مرحلة مناعة القطيع يحتاج إلى إصابة 60% من سكانه، سيكون لبنان عندها أمام مشهد كارثي خلال عام يضعه عنوةً أمام احتمال كهذا مع ما يرافقه من ارتفاع حاد في نسب الوفيات، ما لم يتم اعتماد اللقاح المنتظر لمكافحة التفشي”.
حكومياً، عادت الأمور إلى مربع تجاذب المغانم على مذبح التأليف. فالسكوت الذي كان بالأمس علامة رضى وإيجابية على المضمار الحكومي، أضحى اليوم من علامات النكسة والسلبية لا سيما في ضوء تأكيد أوساط مواكبة للملف أنّ “حليمة عادت لعادتها القديمة” في إشارة إلى عودة لعبة فرض الشروط على طاولة الرئيس المكلف “ما جعل ولادة الحكومة أسيرة رغبات المتحاصصين”، لافتةً إلى أنّ اندفاعة الرئيس المكلف سعد الحريري اصطدمت خلال الأيام الأخيرة “بمحاولات ومناورات متجددة تهدف في الجوهر إلى تطويع الطابع التخصصي لتشكيلته وتفريغه من مضمونه عبر جملة مطالب وشروط استيزارية رامية إلى توسيع التركيبة الحكومية لتمثيل مختلف مكونات الأكثرية الحاكمة”.
وإذ شددت على أنّ اللقاء المقبل بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون “من المفترض أن يؤسس إما لانفراج أو لانفجار في الوضع الحكومي”، لاحظت المصادر أنّ تأثير رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل عاد ليطغى على مقاربة عون للاستحقاق الحكومي “بعدما بدا رئيس الجمهورية في بداية مشاورات التكليف والتأليف أنه تحرر نسبياً من هذا التأثير مدفوعاً بالحاجة إلى تشكيل حكومة قادرة على إنقاذ ما تبقى من عهده”، من دون أن تستبعد في الوقت عينه وجود “قبة باط” من جانب “حزب الله” لحلفائه في سبيل “تأخير ولادة الحكومة ربطاً باستحقاقات إقليمية ودولية”.
إزاء هذا المشهد، تساءل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في أعنف انتقاد لأركان السلطة الحاكمة: “بأي حق يعرقلون الحكومة الجديدة؟ ألا يخجلون؟ لا حمايةً للمبادئ الدستورية والثوابت الوطنية، بل تمسك بمحاصصتهم وبالحقائب الطائفية، فيما نصف الشعب اللبنانيّ لا يجد “حصّة” طعام ليأكل ويوضّب “حقائبه” ليهاجر. يا للجريمة بحقّ الوطن والمواطنين”، وأضاف: “فليوقف جميع الأطراف ضغوطهم على الرئيس المكلَّف، لكي يُبادر بالتعاون مع رئيسِ الجمهورية إلى إعلان حكومة بمستوى التحديات… لكنَّ ما رَشَح عن نوعية الحكومة العتيدة لا يُشير إلى الاطمئنان”.
****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
الحريري يقدم لعون تشكيلة وزارية… والاعتذار غير وارد
مشاورات تأليف الحكومة اللبنانية متوقفة وتدور في حلقة مفرغة
بيروت: محمد شقير
كشف مصدر سياسي لبناني واسع الاطلاع أن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري لن يبقى مكتوف اليدين حيال استمرار المراوحة التي تؤخر ولادتها وأعادت المشاورات إلى المربع الأول. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إنه (الحريري) سيبادر في أي لحظة إلى كسر الحلقة المفرغة التي تحاصر عملية تأليفها بأن يتقدم من رئيس الجمهورية ميشال عون بمشروع تشكيلة وزارية من 18 وزيراً ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه في ضوء رد فعل عون الذي يحق له دستورياً عدم الموافقة عليها أو أن يطلب التريث قبل أن يحدد موقفه النهائي من التشكيلة.
ولفت المصدر السياسي إلى أن الحريري اختلى بنفسه بعيداً من الاتصالات منذ يوم الجمعة الماضي، وانصرف إلى تقويم ما آلت إليه مشاوراته مع عون تمهيداً لتحديد الخيار الذي سيأخذه من مجموعة من الخيارات لكسر المراوحة في المشاورات التي تدور في حلقة مفرغة، وقال إنه استقر في رأيه على أن يتقدم من عون بتشكيلة وزارية، وهكذا دواليك سيعيد الكرة في حال اعترض عليها من دون أن يلجأ إلى خيار الاعتذار على الأقل في المدى المنظور.
وأكد أن الحريري يأخذ في الاعتبار أن تتشكل الصيغة الوزارية من وزراء مستقلين واختصاصيين ولا يمت من يشارك فيها بصلة إلى التسريبات الإعلامية التي تعاملت مع المشاورات التي أجراها من زاوية أنها تعطي الأولوية للمحاصصة في توزيع الحقائب الوزارية. ورأى أنها تحقق التوازن بين الطوائف وتدفع باتجاه الخروج عن الأعراف والتقاليد في توزيع الحقائب السيادية لجهة إصراره على أن تكون بعض هذه الحقائب من حصة الطوائف الصغيرة بدلاً من أن تبقى محصورة بالطوائف الأربع: الموارنة، الشيعة، السنة، الأرثوذكس.
واعتبر أن الصيغة الوزارية التي أعدها الحريري يفترض أن تكون مدعاة لثقة محلية وعربية ودولية لتمرير رسالة لكل من يعنيهم الأمر بأنه باقٍ على التزامه بالمبادرة الفرنسية وبخريطة الطريق التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون وحظيت بتأييد أبرز المكونات السياسية التي التقاها في قصر الصنوبر.
وقال إن أي صيغة أخرى ستقابل حتماً بالرفض من المجتمع الدولي الذي يبدي استعداده لإنقاذ لبنان ومساعدته للخروج من أزماته شرط أن يبدأ اللبنانيون بمساعدة أنفسهم.
وأكد المصدر السياسي أن التشكيلة الوزارية التي أعدها الحريري لن تخضع للبازار السياسي ولا لتوزيع الحصص أو منح جوائز ترضية لهذا الطرف أو ذاك. وقال إن أي تشكيلة تراعي المعايير السابقة في تأليف الحكومات سترتد سلباً على لبنان وستكون أشبه بمن يحاكي نفسه، وبالتالي لا جدوى من تسويقها محلياً أو خارجياً.
ورأى أن الحريري لا يتوخى من خطوته هذه حشر هذا الطرف أو ذاك بمقدار ما أنه أراد أن يدق ناقوس الخطر في الوقت المناسب لتوجيه رسالة في أكثر من اتجاه بأن إنقاذ البلد لن يتحقق من خلال الاعتماد على أدوات الشغل السابقة، وبالتالي التصرف وكأننا بألف خير وقد تجاوزنا الكارثة التي حلت ببيروت من جراء الانفجار الذي حصل في المرفأ.
مراجعة نقدية
ونصح بعدم الرهان على أن الحريري سيضطر للتسليم بشروط البعض للإفراج عن التشكيلة الوزارية، وعزا السبب إلى أنه تغير واستفاد من التجارب السابقة وأجرى مراجعة نقدية بينت له أين أخطأ وأين أصاب، وقال إن الضغط عليه لن يجدي نفعاً ولن يبدل من قناعاته بذريعة أن ما يهمه العودة بأي ثمن إلى رئاسة الحكومة.
واعتبر المصدر نفسه بأن الأجواء الإيجابية التي اتسمت بها مشاوراته مع عون سرعان ما تبدلت، وهذا ما أدى إلى خفض منسوب التفاؤل الذي كان سائداً حتى ليل الخميس الماضي وعكسه رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمام زواره، قبل أن يبادر إلى حبس أنفاسه في اليوم التالي في ضوء ما توارد إليه من معطيات لم تكن مرضية.
وأكد المصدر أن الحريري التزم بالسرية التامة حول المداولات التي جرت بينه وبين عون على امتداد أكثر من نصف دزينة من اللقاءات لأن بعضها أحيط بسرية تامة، وقال بأنه لن ينجر إلى سجالات سياسية مع أحد.
العائق الأساسي
وكشف رئيس حكومة سابق، فضل عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، أن العائق الأساسي الذي يؤخر ولادة الحكومة يقع على عاتق رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يسعى لفرض هيمنته على التشكيلة الوزارية من دون أن يبادر عون إلى ردعه لئلا نقول إنه اضطر لمراعاته برغم أنه لم يصمد أمام بعض ما اتفق عليه مع الحريري.
وإذ لفت إلى أن «حزب الله» لم يتدخل لدى عون ومن خلال باسيل لتسهيل ولادة الحكومة، قال في المقابل بأنه يدعم زيادة عدد الوزراء من 18 إلى 20 وزيراً حرصاً منه على إرضاء حليفه الذي يصر على تمثيل النائب طلال أرسلان في الحكومة.
عقدة مفتعلة
ورداً على سؤال أوضح المصدر أن ما ورد في عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي بعد انتهاء السينودس، يحظى بتأييد السواد الأعظم من اللبنانيين الذين يرون أن هناك ضرورة لمبادرة بعض الأطراف أو جميعها إلى التنحي إفساحاً في المجال أمام المجيء بحكومة هي الأولى من نوعها في تاريخ لبنان.
وأكد أن عون لم يكن مضطراً للتصرف حيال الرأي العام وكأنه يفاوض الحريري بالنيابة عن باسيل، وقال إن العقدة تكمن في إصراره على الحصول على الثلث الضامن أو المعطل في الحكومة وفي تمثيل أرسلان الذي يتزعم كتلة نيابية هي بمثابة وديعة لباسيل أودعها لديه في محاولة لتعويمه.
ورأى بأن المشكلة ليست في العقدة الدرزية التي هي مفتعلة ويتذرع بها باسيل لحجب الأنظار عن شهيته اللامتناهية للسيطرة على المفاصل الرئيسة في الحكومة، وقال إن هذا لا يعني عدم وجود عقد أخرى لكنها قابلة للحل بخلاف الشروط التي يضعها باسيل مع أنه يعلم بأن لا مكان للثلث الضامن في الحكومة وأصبح من مخلفات الماضي وهذا ما يدركه الجميع.
الملف الأمني
وكشف بأن عون ومن خلاله باسيل يريد الاحتفاظ بحقائب الدفاع والداخلية والطاقة والعدل وهذا ما يعني أنه يريد الإمساك بالملف الأمني وإلا ما هو المبرر للاستقبالات التي ينظمها باسيل لعدد من الضباط المتقاعدين لاختيار من يرشحه من بينهم لوزارتي الدفاع والداخلية التي من يشغلها هو بمثابة الحاكم الإداري للبنان، وبالتالي لن تسند وكسواها إلا لشخصيات مستقلة؟
وعليه، يبقى السؤال، لماذا لم يقرر «حزب الله» التدخل لدى عون وباسيل؟ وهل لامتناعه علاقة بما يشاع بتأجيله تشكيل الحكومة إلى ما بعد تظهير نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تجري غداً؟ وكيف سيتعامل عون مع إصرار الحريري على موقفه بالتقدم منه بتشكيلة وزارية تلو الأخرى، وبالتالي، هل سيترك لبنان دولياً؟ أم أن التأزم سيفتح الباب أمام مداخلات خارجية لمنع انهيار لبنان وزواله والذي سيدفع باتجاه سقوط الهيكل فوق رؤوس الجميع بلا استثناء، وبالتالي يدخل البلد في أزمة غير مسبوقة.
****************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
لبنان يخسر الزخم الفرنسي.. والحكومة الى ما بعد الثلثاء الأميركي الكبير
على وَقع اصطدام عملية تأليف الحكومة بمجموعة من التعقيدات التي خيّبت الآمال التي تعاظمت بولادة حكومية وشيكة مطلع هذا الاسبوع، كشفت مصادر ديبلوماسية في باريس لـ”الجمهورية” انّ لبنان خسر فرصة ثمينة بعدم استفادته من زخم المبادرة الفرنسية في الوقت المناسب، وفقد الاولوية في أجندة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي اصيب بخيبة أمل من فشل القوى السياسية اللبنانية في التقاط لحظة دولية إقليمية مؤاتية للحصول على مساعدات يحتاج اللبنانيون إليها حاجة ماسة. وأوضحت هذه المصادر انّ اولى أولويّات ماكرون اليوم هي مكافحة الموجة الارهابية التي شغلت الفرنسيين في الآونة الاخيرة، ومعركة مواجهة كورونا اضافة الى الوضع الاقتصادي الفرنسي المتأزّم نتيجة كورونا والتطورات الاخيرة. وبالتالي، لم يعد في الجعبة الفرنسية ما تقدمه من مساعدات للبنان، خصوصاً انّ المسؤولين رفضوا التجاوب مع النصائح الفرنسية والدولية للحصول على الدعم والمساعدة. وكشفت المصادر انّ مدير المخابرات الفرنسية برنار ايميه بات أكثر انشغالاً في قضية مكافحة العمليات الارهابية، فيما يُواجِه رئيس خلية الازمة في الرئاسة الفرنسية ايمانويل بون مشكلات داخلية ادارية، ما انعكس سلباً على لبنان الذي اختار مسؤولوه تركه وحيداً وبلا أي غطاء او مساعدة وهو في طريقه الى السقوط.
إصطدمت دينامية التأليف، التي انطلقت بنحو مُتسارع وغير مسبوق، بالتعقيدات التي واجهت كل الحكومات المتعاقبة، بدءاً من حجم الحكومة، مروراً بحجم القوى المشاركة، وصولاً إلى الحقائب السيادية والخدماتية والثلث المعطّل. ولا يبدو حتى اللحظة انّ إمكانية حلحلة هذه العقد قبل موعد الانتخابات الأميركية غداً متوافرة. وبالتالي، إنّ السرعة، التي كان الهدف منها الخروج بحكومة قبل الانتخابات، أصبحت متعذرة مبدئياً، فيما وقت التأليف ما بعد هذه الانتخابات يصبح مفتوحاً. وهذا لا يعني العودة إلى النقطة الصفر في التأليف، لأنه في اللحظة التي يَنوجِد فيها قرار التأليف تُذَلّل كل التعقيدات كما يحصل دائماً حيث تولد الحكومات بين ليلة وضحاها، خصوصاً انّ القوى المتشاركة في التأليف لها مصلحة بولادة هذه الحكومة، ولكن لم يعرف بعد ما إذا كانت أسباب التأخير تتعلق برغبة البعض في انتظار نتيجة الانتخابات الأميركية، أم انها تتصل بنزاع الحصص والنفوذ المعهودين. ولكن في مطلق الحالات ستتألف الحكومة عاجلاً أم آجلاً، ولا يبدو انها ستكون مختلفة عن الحكومة المستقيلة.
وقالت مصادر مواكبة للملف الحكومي لـ»الجمهورية « انّ زخم التفاؤل بإمكان تشكيل الحكومة مطلع الاسبوع تراجَع بفِعل التعثّر حتى الآن في معالجة عدد من العقد التي كان يُفترض انه تم تجاوزها. وقد تبيّن انّ توزيع الحقائب على الطوائف لم يحسم بعد، وكذلك الأمر بالنسبة الى عدد الوزراء الذي لا يزال موضع أخذ ورد وَسطَ إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبعض القوى السياسية على أن تضم الحكومة 20 وزيراً بحيث تتّسِع لتمثيل رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، وحماسة الرئيس المكلف سعد الحريري في المقابل لاقتصارها على 18، ما يعني حصر التمثيل الدرزي بوزير واحد يسمّيه «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وهو الأمر الذي يعارضه رئيس الجمهورية ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل «لكي لا تصبح الميثاقية الدرزية رهينة طرف واحد».
وأبلغت المصادر نفسها الى «الجمهورية» انه اذا كان الحريري يعارض توسيع الحكومة الى 20 وزيراً خشيةً من أن يمتلك عون وحلفاؤه الثلث المعطّل، فإنّ هذا التخوّف ليس في محله، لأنّ الوزراء المسيحيين لن يكونوا جميعهم محسوبين على عون و»التيار الوطني الحر»، بينما لدى الحريري القدرة على إسقاط الحكومة لوحده بمجرد ان يستقيل.
وعلمت «الجمهورية» انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يتدخل مباشرة في تفاصيل مفاوضات التأليف، وهو ينتظر ما سيعرضه الحريري على «الثنائي الشيعي» حتى يُبنى على الشيء مقتضاه.
توقّف الحركة المكوكية
وفي رواية أخرى، قالت مصادر مواكبة للاتصالات انه في الوقت الذي أوحَت حركة الحريري المكوكية بين «بيت الوسط» وقصر بعبدا، في الأيام الخمسة الأولى التي أعقبت التكليف، أنها قرّبت موعد الولادة الحكومية قبل حلول اسبوع على الاستشارات النيابية بشِقّيها المُلزمة وغير الملزمة، كانت المفاجأة انها توقفت بنحو غير معلن ومستغرب في آن.
وعندما تجمّدت وتفرملت اللقاءات والزيارات قبل يومين من عطلة نهاية الأسبوع، وانسحب الجمود على يومي العطلة، غابت المشاورات الخاصة بالتشكيلة الحكومية، وتراجعت السيناريوهات التي وزّعت الحقائب بداية على الطوائف والاحزاب السياسية في ظل حديث خجول عن بعض الأسماء التي تنتظر دخول «الجنة الحكومية»، منذ النهاية المأسوية لتجربة تكليف السفير مصطفى أديب قبل اعتذاره في نهاية أيلول الماضي.
الصمت المشترك
وتزامناً مع غياب اي حديث عن مصير التشكيلة الحكومية في بعبدا، فقد تقاسمت مصادرها الحديث عن الصمت مع «بيت الوسط» الذي قالت اوساطه لـ»الجمهورية» انّ الحريري لم يتوقف عن القيام بما هو مقرر من اتصالات ولقاءات من دون الاعلان عنها نهائياً ولا عن هوية أطرافها.
أسباب متشابكة ومتعددة
وقالت اوساط عليمة على صِلة بحركة التشكيل الحكومي لـ«الجمهورية» انّ العوائق التي برزت امام ولادة الحكومة متعددة الوجوه، بما يوحي أنّ الخلافات التي أخفاها الصمت لم تعد سراً في جوانب محدودة منها. وانّ الخلاف الذي نشأ عند تنفيذ مبدأ المداورة ما بين الحقائب التي استثنت وزارة المال وشملت كل من وزارات الخارجية والداخلية والأشغال والطاقة والعدل والصحة قد بلغ الذروة، ما أعادَ كرة التأليف الى المربّع الأول، ذلك انّ رئيس «التيار الوطني الحر» أحيا نظرية انّ استثناء وزارة المال يُحفّز على استثناء وزارة الطاقة، خصوصاً بعدما طالبَ بها تيار «المردة»، ولا يُخفى على أحد الرفض او التحذير الدولي الذي نَمَا الى المسؤولين الكبار من انّ إبقاء وزارة المال لدى حركة «أمل» ووضع وزارة الأشغال في عهدة «حزب الله» قد أحيا نظرية تناقض مضمون العقوبات الأميركية التي طاوَلت وزيري الحقيبتين السابقين، هذا عدا عن التوغّل السياسي في تشكيل حكومة قيل إنها ستأتي بوزراء حياديين من خارج الوسط الحزبي، وهو ما لن يشجّع على استعادة ما وعد به لبنان من مساعدات.
«تَهشيل» الوسيط الفرنسي
وانتهت المصادر الى القول انّ مجمل الخلافات استدرجَت التشكيلة الحكومية الى لعبة «دومينو» نسفت جزءاً كبيراً ممّا بُني في الأيام الماضية، والخوف من فقدان اي وسيط او اي طرف داخلي لتوفير المخرج بات على الأبواب في ظل انشغال الوسيط الفرنسي الذي «هَشّله» فريق من اللبنانيين فبل ان ينشغل بالشؤون الداخلية.
الراعي
وفي المواقف، وَصّف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حال لبنان بأنها «استغناء عن الله وكلامه، بَلبلة في المصالح الشخصية والولاءات الخارجية، غياب في السلطة الإجرائية، وفوضى إدارية وأمنية من جرّاء السلاح غير الشرعي والمتفلّت والسرقات والاعتداءات، التهريب خارج البلاد وعلى حسابها، تَسييس القضاء. وبكلمة: سلطة غائبة وضعيفة وفوضى».
وتساءل الراعي في عظة الأحد أمس: «إلى متى يتمادى المعنيون، من مسؤولين وسياسيين ونافذين وأحزاب، وبأيّ حق، في عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة؟ ألا يخجلون من الله والناس وذواتهم وهم يعرقلون، لا حماية للمبادئ الدستورية والثوابت الوطنية، بل تمسّكاً بمحاصصتهم، والحقائب الطائفية، فيما نصف الشعب اللبناني لا يجد حصّة طعام ليأكل ويوَضّب حقائبه ليهاجر؟ يا للجريمة بحق الوطن والمواطنين! فليوقف جميع الأطراف ضغوطهم على الرئيس المكلف، لكي يبادر بالتعاون مع رئيس الجمهورية إلى إعلان حكومة في مستوى التحديات. لكن ما رَشَح عن نوعية الحكومة العتيدة لا يشير إلى الاطمئنان». وقال: «أمّا ما يختَصّ بترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، فيجب أن تشمل الحدود البرية أيضاً بما يحفظ حقوق لبنان، بل وأن تثَبّتها. فحدود لبنان الدولية مُرَسّمة وثابتة منذ إعلان دولة لبنان الكبير سنة 1920، ونرفض المَس بها. لذلك، حَريّ بالدولة اللبنانية أن تنطلق في مفاوضاتها من خط تلك الحدود التي أعيد تثبيتها في اتفاقية الهدنة سنة 1949 وليس من أي اتفاقية أخرى. وإذ نشدد على ذلك فلأننا نتمسّك بوحدة لبنان وكيانه، فلا نريد أن يعبث بالدستور هنا وبالحدود هناك». وشدّد على «ضرورة عودة اللبنانيين جميع اللبنانيين إلى كنف الدولة، وضرورة عودة الدولة إلى كنف الدستور. ففي المراحل المصيرية تبقى وحدة الشعب، معطوفة على اتّباع نظام الحياد الناشط، أفضل شبكة حماية لبقاء لبنان في منأى عن عدوى النزاعات التي تهدد منطقة الشرق الأوسط».
العبسي وحقوق الكاثوليك
من جهته، استغرب بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، في بيان لمكتبه الاعلامي، «العودة للحديث عن حكومة مصغّرة تتمثّل فيها طائفة الملكيين الكاثوليك بوزير واحد» . وناشَد عون والحريري «عدم ظلم أي طائفة، ولا سيما طائفتنا، وهي واحدة من الطوائف الست الرئيسة المؤسسة للكيان اللبناني، وهي تملك طاقات كبيرة بين أبنائها». وأكد أنه «لن يرضى بأي حكومة لا يتمثّل فيها الروم الملكيون الكاثوليك خير تمثيل في ظل النظام القائم في البلد».
جردة اقتصادية للعهد
من جهة ثانية، طرحت أوساط مالية في السنة الرابعة للعهد، التي مرّت السبت الماضي، سلسلة أسئلة اقتصادية:
1- أين قطع الحسابات في المالية العامة التي كان مصرّاً عليها قبل استكمال سلسلة الموازنات التي تعكس أرقاماً متوقعة وليس أرقاماً فعلية؟
2- أين المحاسبة في ملف سلسلة الرتب والرواتب والأخطاء الفادحة في احتسابها والعجوزات المالية الكارثية التي نَتجت عنها، وساهمَت في تسريع انفجار الازمة بشهادة مَن ساهموا بها بأنفسهم وبتسريعها قبل الانتخابات النيابية في العام 2018؟
3- أين المحاسبة بعد تقرير التفتيش المركزي حول 5300 موظف إضافي بعد قرار وقف التوظيف؟
4- أين المحاسبة تجاه قرار زيادة 22 نوع ضريبة ورسوم في موازنة 2017 التي أعطت مفعولاً معاكساً بزيادة العجز وخنقت الاقتصاد لأنها أقرّت في فترة الانكماش trop d›impôts tuent l›impôt؟
5- أين سياسة دعم القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية طالما انهم كانوا ينتقدون السياسة الإقتصادية المعتمدة منذ العام 1992 على الخدمات السياحية والمصرفية حصراً، في حين شهدت الزراعة والصناعة في السنوات الأخيرة أصعب أيامهما مع إغراق السوق بالمنتجات المماثلة والمهربة والأكثر قدرة تنافسية لجهة انخفاض الأسعار وعدم مطابقتها مواصفات النوعية بالحد الاقصى؟
6- أين السياسة الصحية الشاملة التي كان الحديث عنها شبه يومي قبل الوصول إلى السلطة والوعود بالتغطية الصحية الشاملة والرعاية الاجتماعية وقانون «ضمان الشيخوخة» الشهير؟
7- أين السياسة الإنمائية التي هي من مسؤولية الدولة وليس مصرف لبنان المركزي الذي حمل وزرها في فترة غياب الموازنات، وكان من الطبيعي أن يتوقف عنها بعد عودة العمل المؤسساتي والموازنات عام 2017، فتمّ الاكتفاء في بداية عام 2017 بالإعلان عن قروض بفوائد مخفضة عبر بنك الاسكان، ولكن أين الدولة وسياستها الإنمائية خصوصاً بعد إقرارها قانون الإيجارات الذي لم يعرف حتى الآن كيف يتم تطبيقه وما مصير صندوق العائلات العاجزة عن الدفع وفق الإيجار الجديد؟
8- أين السياسة التربوية الحديثة التي يحملها القطاع الخاص على اكتشافه مناضلاً لتأمين المنح المدرسية، ولا سيما منها الجامعية، للطلاب العاجزين عن الدفع في حين لم تطوّر الدولة التعليم الرسمي لهم، والبرهان انّ معظم العائلات تفضّل بيع أملاكها لتعليم أولادها في القطاع الخاص، في حين لا يتم تجديد البرامج ولا حتى الاتفاق على كتاب التاريخ، ولا تأمين الوسائل الإلكترونية للتعليم عن بُعد… فتبيّن انهم لا يزالون على «القلم والطبشورة» في عصر الـipad لصفوف الحضانة في الخارج؟
9 – أين سياسة النقل الموعودة، والتي كانت لتشكّل الدعامة عند رفع الدعم عن المحروقات، لا بل أين هي سياسة النقل ونحن لا نحسن ضبط سيارات الاجرة التي يضارب بها غير اللبنانيين على السائقين اللبنانيين من دون رادع، هذا عدا عن مشكلات اصحاب الشاحنات، فضلاً عن النقل البري غير المضبوط عبر الحدود؟
10- أين السياسة البيئية وخطة الحماية من الحرائق وموضوع الطوافات وخطة النفايات العالقة وخطة ضبط التلوث الهوائي والمائي؟
11- إنّ الكهرباء والاتصالات والمياه وحدها تحتاج الى ملفات خاصة بها بفِعل أثرها على كل القطاعات الإنتاجية التي ترفع تكاليفها، ولا تؤمّن لها النوعية المطلوبة فتضعف إمكانية منافسة المنتج اللبناني في الاسواق داخلياً وخارجياً…
وتطول اللائحة كثيراً… لكنّ الأوساط اكتفت بما كان يرفع «التيار الوطني الحر» من عناوين قبل القدوم إلى السلطة، ولم تتطرّق الى ما هو أصلاً مطلوب ولم يكونوا يذكرونه…
كورونا
على الصعيد الصحي، ومع اقتراب موجة كورونا الثانية، حذّر وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، خلال تفقّده مركز دير الأحمر الطبي، من «اننا أمام منعطف خطير جداً وقارَبنا المشهد الكارثي». وقال: «رفعنا توصية منذ شهر، كلجنة علمية في وزارة الصحة العامة، بالإقفال لمدة أسبوعين، وتبيّن أننا عاجزون كحكومة وكدولة، وخصوصاً بعد انفجار المرفأ، عن تطبيقه والنتائج كانت كارثية. يجب أن يؤخَذ موضوع الإقفال، إن كان جزئيّاً أو عاماً، خلال 24 ساعة، هناك اجتماع صباح غد (اليوم) للجنة العلمية، ولجنة كورونا ستجتمع ظهراً (اليوم)، لرفع التوصيات للجنة الوطنية الوزارية التي بدورها سترفع التوصية لاتخاذ القرار، نحن علينا أن نرفع الصوت للأمان المطلق، والقرار يتخذه مجلس الوزراء».
بالتزامن، أصدر وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي القرار الرقم 1358 يتعلق باستمرار إقفال بعض القرى والبلدات بسبب ارتفاع إصابات كورونا فيها، وشمل القرار 115 بلدة وقرية. وقد تم تعديل توقيت حظر التجول، إذ أعلن قرار الداخلية أنه يمنع الخروج والولوج الى الشوارع والطرق ما بين التاسعة مساء وحتى الخامسة صباحاً من كل يوم في المناطق اللبنانية كافة المشمولة وغير المشمولة بقرار الاقفال.
****************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
باسيل ينسف تفاهمات بعبدا .. والحريري يواجه الخيار الصعب
إقفال البلد لأسبوعين أمام لجنة كورونا اليوم.. ومفاوضات الترسيم في خزّان الغاز
بين اليوم الاثنين والخميس المقبل، ايام قليلة فاصلةعن مضي اسبوعين علىتكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، وسط اسئلة، واستفهامات، تكاد تعيد اجواء التفاؤل، التي تولدت عن التكليف والاتجاه المتسارع للتأليف الى عام الى الوراء، وربما اكثر، ضمن استعادة غير مشجعة لتجربة التعاون او التفاهم بين الرئيس الحريري ورئيس كتلة لبنان القوي النائب جبران باسيل.
ولاحظت مصادر سياسية ان عنصر الوقت ليس لمصلحة الرئيس المكلف، ولا حتى التأليف بحد ذاته، مع متغيرات في الداخل والخارج، تحمل مؤشرات عن احتمال تصاعد العقد والمطالب وكأن «الدنيا بألف خير» نسجاً على منوال ما كان يحصل في الماضي، الامر الذي يضع الرئيس المكلف امام خيارات صعبة، ليس اقلها البقاء على موافقة او مزيد من تدوير الزوايا.
وكانت عجلة الاتصالات لتشكيل الحكومة تجمدت بعد الزخم الذي شهدته الاسبوع قبل الماضي، وساق كل طرف اسبابه وتعليلاته للتمسك بمواقفه وتحت عناوين كبيرة، مثل المداورة في الحقائب ورفض إعطاء الثلث الضامن لأي طرف، وميثاقية التمثيل، وبرنامج الحكومة الاصلاحي الاقتصادي والمالي والمعيشي، بينما الحقيقة كامنة في نقطة واحدة هي توزيع الحصص، ولو على حساب تسريع الحلول للأزمات التي يعيشها المواطن، وتراكمت وتضاعفت مع الوقت إنعكاساتها السلبية عليه.
لكن الجهات المعنية بالتأليف ترفض التسليم بما يمكن وصفه بدخول الاتصالات بالمأزق.
وتعزو هذه الجهات تقييمها هذا الى ان الوقت لم يفت بعد، وان تاريخ تشكيل الحكومات لا يشي بأن المساعي وصلت الى أزمة.
انتكاسة أو…؟
والسؤال الخطير: هل تعرضت الآلية التي اعتمدها الرئيس الحريري مع رئيس الجمهورية لانتكاسة؟ الثابت ان الاجتماعات الخمسة التي عقدت في بعبدا،كانت تحت عنوان «الشراكة في التأليف» وجهاً لوجه بين الرئيسين انفاذاً للنص الدستوري.
المعلومات تتحدث عن حرص بعبدا على اعادة وصل ما انقطع بين الحريري وباسيل، ولكن على صعيد التأليف، وقبل الحكومة وليس بعدها.. وربما هذا الامر، اثر سلباً على الاندفاعة باتجاه التأليف.
وحسب المعلومات فإن النقاش تدرج بين الرئيسين عون والحريري لجهة العدد من 14 وزيراً كما كانت الحال مع السفير مصطفى اديب الى 18، وليس الى 24 و20 وزيرا على ان يجري التوزيع على هذا النحو:
– تسعة وزراء مسلمين:
1 – 4 وزراء سنّة (ثلاثة للحريري وواحد للرئيس ميقاتي).
2 – 4 وزراء شيعة (مناصفة بين امل وحزب الله).
3 – وزير درزي واحد يسميه النائب السابق وليد جنبلاط.
– تسعة وزراء مسيحيين:
1 – 4 وزراء موارنة(لكل من رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والنائب سليمان فرنجية، واذا حصل تبادل فوزير للرئيس الحريري).
2 – 3 وزراء ارثوذكس (مثالثة بين بعبدا وباسيل وفرنجية).
3 – كاثوليكي واحد (من حصة بعبدا).
4 – وزير ارمني واحد (يسميه حزب الطاشناق).
وتتحدث مصادر مطلعة ان زيارة النائب باسيل الى بعبدا غيرت مجرى التفاهمات، لجهة:
1 -التمسك بوزير لكل حقيبة مما يعني رفع، العدد الى 20 وزيراً.
2 – التمسك بحقيبة الطاقة، ورفض المرشحة لتوليها كارول عياط، وهي موظفة رفيعة في ادارة بنك عودة، كذلك يطالب النائب باسيل ببيتر خوري، المستشار الحالي في الوزارة للحلول مكان الوزير الحال ريمون غجر.
ويبرز فريق بعبدا تمسكه بالطاقة، بأن تمسك الشيعة بالمالية يعني بقاء الطاقة مع هذا الفريق.
3 – بالنسبة للوزارات السيادية، يتمسك باسيل بالداخلية للارثوذكسي نقولا الهبر، وهو مدير عام سابق في الوزارة، والتي يطالب بها النائب فرنجية.. مع العلم أن الدفاع حسمت لصالح الرئيس عون، وطرح اسم العميد المتقاعد فادي داود لتوليها، على ان يتولى الخارجية السفير مصطفى اديب، والا فالوزارة تُسند الى مدير عام الخارجية الحالي هاني شميطلي.
وبالنسبة للتمثيل الدرزي الثاني، فباسيل لا يرغب بأن ينحصر التمثيل الدرزي بالفريق الجنبلاطي، وسط مخاوف اكيدة لدى التيار الوطني الحر من العودة الى حلف رباعي، يضم الثنائي الشيعي، وجنبلاط وفرنجية، لمحاصرة باسيل وتياره، كما تردد مصادر قريبة من هذا الفريق.
واعتبرت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة أن تباطؤ الاتصالات بين المعنيين بعملية التشكيل، اي رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف بعد الاندفاعة التي حصلت في الايام الماضية والأجواءالإيجابية التي رافقتها، يؤشر إلى صعوبات او شروط ومطالب للاطراف السياسيين ،اما يصعب تحقيقها، او تتجاوز العناوين الاساسية لمضمون المبادرة الفرنسية التي قبل الرئيس الحريري تشكيل الحكومة العتيدة على اساسها،تعرقل انجاز التشكيلة وبالتالي بات الأمر يتطلب توسيع التشاور مع المعنيين لتخفيض سقف هذه المطالب،أو تبديد التباينات وصولا الى إعادة تسريع عملية تشكيل الحكومة،لان البلد بحاجة سريعة لحكومة جديدة تتولى مهمة ادارة السلطة بلبنان والاهتمام السريع بمطالب وحاجات المواطنين المعيشية. واشارت المصادر المذكورة الى انه وبالرغم من التكتم الشديد وعدم صدور اي مواقف علنية بخصوص مايجري، فإن مايسرب بشكل غير مباشر عن مطالب لهذا الطرف أو ذاك،يدل بوضوح على ان هنآك من يرفع سقف مطالبه في هذا الظرف بالذات، اما لتحسين شروطه، أو لوضع العصي بدواليب التاليف من خلالها لأسباب مرتبطة بمصالح اقليمية محضة لها علاقة بنتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة. وقالت المصادر إلى ان ماتردد عن شروط اومطالب طرحها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على الرئيس المكلف، من بينها الحصول على الثلث المعطل او وزارات سيادية وخدماتية وازنة ،قد يكون أحد الاسباب التي فرملت عملية التشكيل اذا صحت هذه المعلومات، في حين ان مطالبة اطراف اخرين بوزارات خدماتية أخرى تزيد من الصعوبات الموضوعة امام عربة تشكيل الحكومة. ويبقى الاهم كما تشير هذه المصادر هو مايروج سرا وعلنا بان عملية التشكيل قد رحلت الى بعد موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية وليس قبلها، وكل مايطرح ويروج من اسباب أخرى ومطالب وشروط لهذا الطرف أو ذاك هو للتغطية على السبب الاساس.
لكن مصادر اخرى استدركت ان هذه المعطيات لا تعني ان التأليف اصبح في خبر كان لا سيما إذا بذلت مساع من أكثر من طرف ومن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان قد أعلن أن ولادة الحكومة وشيكة ومسألة ايام. ولم يسجل في الساعات الماضية أي تواصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.
وعلمت «اللواء» ان زيارة مرتقبة للرئيس المكلف الاربعاء الى بعبدا، وان التواصل لم ينقطع بين الرئيسين، ضمن اطار اكيد على انجاز تأليف الحكومة.
سياسياً، شنَّ البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي هجوما على النافذين السياسيين واحزابهم، متسائلا عن الاعتبارات التي تجعلهم يعرقلون تأليف الحكومة، وبأي حق، واصفا العرقلة بالجريمة بحق الوطن والمواطن.
وخرجت مطالبة الروم الكاثوليك هذه المرة، صراحة على لسان البطريرك يوسف العبسي، بوزيرين كاثوليكيين، مما يعني ضرورة ان يكون عدد وزراء الحكومة 20 وزيراً بدلا من 18، وهذا ما يتفق مع رغبة رئيس التيار الوطني الحر.
المفاوضات
وعلى صعيد مفاوضات ترسيم نشرايهود يعاري،وهو خبير امني اسرائيلي ووثيق الصلة بأجهزة الامن الاسرائيلية في مقال نشره على موقع «القناة 12» أن «هناك بنية جيولوجية تحمل كميات كبيرة من الغاز، ومن الواضح لمفاوضي الجانبين بمقر اليونيفيل في رأس الناقورة، أنه سيكون من الضروري تقاسم ملكية هذا المجال مستقبلا».
ولفت يعاري إلى ضرورة التوصل لاتفاق بين إسرائيل وقبرص، على صيغة تقسيم هذه المقدرات الاقتصادية، ما قد يعبد الطريق إلى تقاسم وشراكة أخرى بين إسرائيل ولبنان.
وأكد أن «القادة اللبنانيين الذين يختلفون حول بعضهم، ممزقون بين رغبتهم بملء خزائن الحكومة الفارغة وجيوبهم، والخوف من أنهم سيضطرون للانحطاط نحو أعمال مستمرة مع إسرائيل، مع العلم أن بيروت تنتظر انتهاء الخلافات حول تشكيل حكومة سعد الحريري الجديدة، وتركز في هذه الأثناء على تضخيم العضلات أمام إسرائيل»، بحسب تعبيره.
وكشف أنه «في رأس الناقورة، قدم اللبنانيون فجأة طلبا جديدا للحصول على حقلي «القرش والتمساح»، الذي يتدفق منه الغاز في العام المقبل، وأضافوا 1500 كيلومتر مربع أخرى إلى المنطقة المثيرة للجدل البالغة 850 كيلومترا مربعا، مع العلم أنها المرة الثالثة التي يغير فيها لبنان مطالبه الأصلية، التي أودعت في الأمم المتحدة في وقت مبكر من عام 2007، وباتت لديهم شهية تنمو مع ارتفاع روائح الغاز من الجانب الإسرائيلي».
وأشار إلى أن «الوسطاء الأمريكيين يخشون أن يصل الوفد الإسرائيلي قرار من تل أبيب بالانسحاب والرحيل، لكن ذلك لم يحدث، حيث قام وزير الطاقة يوفال شتاينتس بإعداد تعليماته، وبناء عليها قدم الوفد الإسرائيلي مطالبته الجديدة الخاصة بخط الحدود البحرية الذي يضيف 350 كيلومترا مربعًا أخرى للمياه الاقتصادية الإسرائيلية، بما في ذلك البنية الجيولوجية الواعدة التي افتتحتها».
كورونا.. والاقفال المرتقب
ووسط حالة الارباك الداخلي هذه، تفاقمت المخاوف من وباء كورونا، فبعد ان دعا وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن الى اقفال البلد لأربعة اسابيع، اصدر وزير الداخلية في الحكومة نفسها محمد فهمي قرارا قضىباقفال 115 بلدة جديدة واعقبه وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب بتعطيل الدراسة في المدارس الواقعة ضمن نطاق القرى المقفلة.
وانتقد الوزير فهمي التدخلات في قرارات الداخلية المتعلقة بالاقفال، سواء لجهة السياسيين، او حتى القضاء نفسه، الذي يعيد فتح بعض القرى والبلدات التي تقفل.
ونفى ان يكون على خلاف مع وزير الصحة، مؤكدا انه مع الاقفال العام من دون اي استثناء (وعزا التدهور في ما خص كورونا، الى الوضع الاقتصادي المعدوم، وثقافة بعض المواطنين، المتعلقة بعدم الاكتراث لكورونا).
وطالب رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي بإقفال لأسبوعين وزيادة الأسرة في المستشفيات الخاصة.
واستدرك عراجي في تصريح لـ «اللواء» أن إقفال البلد بشكل عام لأسبوعين متروك لما يمكن أن يصدر عن لجنة مواجهة وباء كورونا العليا التي تنعقد اليوم مكررا التأكيد أنه يفضل هذا التوجه شرط تطبيقه بحذافيره على أن تكون مهلة الأسبوعين فرصة لأراحة القطاع الطبي والتمريضي المنهك وتخفيف عدة الإصابات كما يسمح للمستشفيات الخاصة والحكومية في زيادة أسرتها داعيا المستشفيات الخاصة إلى التعاون في هذه الفترة.
اما بالنسبة إلى عودة المدارس فرأى النائب عراجي أن هناك تقريرا سيقدم عن الوضع كل اسبوع واذا تبين أن هناك إصابات مرتفعة فيتخذ القرار المناسب معلنا ان وزير التربية اكد له أن هناك مراقبة ستحصل وإن الإصابات قليلة.
وأشار عراجي أنه إذا اتخذ قرار الأقفال العام فإن ذلك سيشمل المدارس.
ولم تتردد نقابة اصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسيري من انتقاد توصية لجنة كورونا باتخاذ قرار الاقفال التام لمدة اسبوعين من دون اي استثناء، وانتقدت قرار حظر التجول من الساعة التاسعة ليلا الى الخامسة صباحا.
82617
صحياً، اعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 1389 اصابة جديدة بالفايروس، مما فع العدد الى 82617، وتم تسجيل 6 حالات وفاة، ليرتفع العدد الاجمالي الى 643 حالة.
****************************************
افتتاحية صحيفة الديار
عُقد تأليف الحكومة تزداد وتصل الى المحاصصة… والخلاف الشكلي على عددها 18 وزيراً او 20
الأجواء السلبية تسيطر على لـبـنـان ويــزيـدها الكورونا والخلاف على الاقفال الـعام
المحلل السياسي
تزداد العقد امام تأليف الحكومة العتيدة والتي ينتظرها اللبنانيون على أحرّ من الجمر، لانها الفرصة شبه الاخيرة للانقاذ. ولم يعد يهمّهم لبننة الحكومة او اي سبب آخر، بل يهمّهم تأليف الحكومة حتى لو حصلت المحاصصة البغيضة، لانه يبدو ان المرض السياسي في لبنان اقوى من ارادة اللبنانيين الراغبين بتشكيل الحكومة بسرعة.
لقد تأكد ان هنالك تمايزاً في الرأي بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول عدد وزراء الحكومة، لان الرئيس المكلف اصبحت لديه تشكيلة 18 وزيراً جاهزة ليقدمها لرئيس الجمهورية الذي يُصرّ على حكومة من 20 وزيراً، على قاعدة تأمين التمثيل للطائفة الدرزية من اجل ميثاقية الحكومة عبر اعطاء الطائفة الدرزية وزيرين بدلاً من وزير واحد في تشكيلة الـ 18 وزيراً، فيما يُصرّ الرئيس المكلف على ان تكون الوزارة من 18 وزيراً ومنسجمة، مع اعطاء الطائفة الدرزية وزيراً درزياً واحداً يمثل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط كيلا يغضبه، وعدم اعطاء وزارة ثانية للطائفة الدرزية لتمثيل الوزير طلال ارسلان،لان «كتلة الجبل» التي يرأسها ارسلان تمثل نواباً من «التيار الوطني الحر» وليس نواباً يتبعون للوزير ارسلان. يرفض هذا الامر الرئيس ميشال عون ويريد اعطاء حليفه الوزير ارسلان وزارة في الحكومة. وهنا طالب بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي بتمثيل الطائفة الكاثوليكية بوزيرين وليس بوزير واحد. وفوراً لاقاه النائب في «التيار الوطني الحر» ادي معلوف وأيد بطريرك الكاثوليك وطالب بوزيرين للطائفة كي تكون الحكومة من 20 وزيراً وليس 18 وزيراً كما يريد الرئيس المكلف سعد الحريري.
وهكذا دخل تأليف الحكومة الى المحاصصة البغيضة ما بين الكتل النيابية، واهمها بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» الذي اتهم الوزير جبران باسيل بأن زيارته الى قصر بعبدا واجتماعه بالرئيس العماد ميشال عون ادى الى تعطيل تأليف الحكومة، وحمّل تيار المستقبل بتحميل الوزير باسيل مسؤولية التأخير في التأليف.
عدد وزراء الحكومة هو الصورة الشكلية للخلاف الحاصل، ذلك ان تمثيل النائب اسعد حردان او الكتلة القومية بوزير من الطائفة الارثوذكسية يتطلب اعطاء طائفة الارثوذكس 3 مقاعد وزارية، وعندئذ ستتمثل الطائفة الكاثوليكية بوزير واحد اذا كانت الحكومة من 18 وزيراً. وهنا بات «التيار الوطني الحر» يُصرّ على تأليف حكومة من 20 وزيراً وليس 18، لان الوزراء المسيحيين في الحكومة سيتمّ توزيعهم على نفوذ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و«التيار الوطني الحر» والوزير سليمان فرنجية، حتى ان الوزير الارمني هو من «كتلة التيار الوطني الحر». وهكذا تكتمل المحاصصة من خلال اختيار الحريري لوزراء الطائفة السنية واختيار الثنائي الشيعي لوزراء الطائفة الشيعية واختيار جنبلاط لممثله في الحكومة.
الفرنسيون ليسوا جاهزين للتدخل وازالة العراقيل من امام التأليف، لان الرئيس الفرنسي ماكرون مشغول بالاوضاع الامنية في فرنسا سواء على مستوى ردات الفعل على الاساءة للرسول الاكرم باعلان الشرطة الفرنسية والجيش الفرنسي حالة الاستنفار وزيادة عدد القوى العسكرية المنتشرة الى نحو 15 الف جندي. كذلك، فإن فرنسا منشغلة بأزمة الكورونا، وقد قرر الرئيس ماكرون الاقفال العام لمدة شهر بعدما تجاوز عدد الاصابات 30 الفاً في اليوم الواحد وباتت تقترب من 40 الفاً. لذلك، قرر الاقفال العام مع تقديم الحكومة الفرنسية مساعدات للمؤسسات التي ستقفل، كما ان الحكومة الفرنسية ستدفع رواتب الذين يتمّ صرفهم من العمل مهما طال الاقفال او بقوا دون عمل لمدة سنة او سنتين.
الاجواء السلبية تسيطر على لبنان
مع التأخير في تأليف الحكومة، وتحوّل الاجواء من ايجابية الاسبوع الماضي الى سلبية في بداية هذا الاسبوع، واذا كان الخلاف على تشكيل الحكومة ما بين 18 وزيراً و20 وزيراً، فان ذلك هو خلاف شكلي وليس في العمق. اما الخلاف الفعلي فهو بين نظرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونظرة الرئيس المكلف سعد الحريري، ورغبة الكتل النيابية والاحزاب السياسية في المحاصصة، فكل كتلة تريد زيادة حصتها، خاصة ان الرئيس ميشال عون و«التيار الوطني الحر» سيحصلان على الثلث المعطل مع زيادة وزيرين اذا كانت الحكومة مؤلفة من 20 وزيراً او 18. وهذا امر مفصلي بالنسبة لاي حكومة، وهو الحصول على الثلث المعطل، لان اي حكومة يستقيل فيها الثلث المعطل او يستقيل رئيسها تصبح مستقيلة حتما وفق الدستور اللبناني. وهــكذا يمســك الرئــيس عون و«التيار الوطني الحر» بمفتاح استقالة الحكومة عندما يريدان. ويُبيح الدستور لرئيس الحكومة ان يستقيل وتصبح الحكومة مستقيلة. وبالتالي، مفتاح استقالة الحكومة سيكون بيد رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» والرئيس المكلف في الوقت نفسه وتصبح حياة الحكومة بمفتاحين.
انتشار وباء الكورونا والاقفال العام … والكارثة الاقتصادية والارتياح الى قرارات وزير الداخلية
مع ازدياد نسبة اصابة المقيمين في لبنان بوباء الكورونا بات طلب الاقفال العام من قبل وزارة الصحة ملحاً وضرورياً، فيما هناك ارتياح الى قرارات وزير الداخلية محمد فهمي الذي اقفل 155 بلدة وقرية بسبب ارتفاع عدد الاصابات بفيروس كورونا فيها، كما ان وزير الداخلية فرض منع التجول من التاسعة مساء حتى الخامسة صباحاً.
لكن وزارة الصحة نظراً لعدم وجود اسرّة في المستشفيات كافية لاستقبال مرضى الكورونا، ونتيجة لعدم تعاون بعض المستشفيات الخاصة برفضها استقبال المصابين، فإن الحالات التي تتطلب العناية المركزة لم تعد المستشفيات قادرة على استيعابها، لذلك تطلب وزارة الصحة الاقفال العام وضرورة اجتماع مجلس الدفاع الاعلى، وتحقيق هذا الامر يختلف عليه اللبنانيون، فقسم منهم يفضلون اقفال المناطق الاكثر اصابة بالكورونا وترك مناطق مفتوحة لعدم ارتفاع المصابين، فيما فئة من اللبنانيين تشارك وزارة الصحة وتطلب الاقفال العام نظراً لارتفاع الاصابات بشكل جنوني عبر الاختلاط البشري وعدم الالتزام بالتباعد البشري ولبس الكمامة والوقاية بشكل سليم، ممّا يؤدي الى ارتفاع حالات الوفيات وانتشار الفيروس اكثر، الا ان «الهيئات الاقتصادية» تحذر من كارثة سواء بالنسبة للحانات والمحلات التجارية. اما بالنسبة للمطاعم والفنادق والمصانع وكل المؤسسات التي يشملها الاقفال العام، فاذا اتخذ المجلس الاعلى هذا القرار فإنه يسبب بكارثة اقتصادية بكل ما للكلمة من معنى وفق الهيئات المشرفة على هذه المراكز التجارية والسياحية والصناعية وحتى الزراعية، وخاصة مصانع المواد الغذائية التي يحتاج اليها الشعب اللبناني كي تبقى موجودة في الاسواق، وايضاً مصانع الادوية التي تقوم بتصنيع الادوية نظراً لحاجات الصيدليات والمستشفيات لها.
وتذكر «الهيئات الاقتصادية» ان فرنسا وبريطانيا اللتين اعلنتا الاقفال العام تقوم بالتعويض مالياً على كل المؤسسات المقفلة، كما تدفع رواتب الموظفين في القطاع الخاص، اضافة الى الموظفين في القطاع العام. اما في لبنان اذا كانت الدولة غير قادرة على دفع الرواتب لموظفيها، فكيف تستطيع ان تدفع للقطاع الخاص، فيما تتحمل الهيئات الاقتصادية من صناعية وتجارية وزراعية خسائر كبرى نتيجة الاقفال العام، وهي غير قادرة على الاستمرار، لان الاقفال العام هو مؤقت ويكون لمدة شهر ويلحق بها خسائر، وبعد الاقفال العام يعود انتشار الكورونا وكأن شيئا لم يحصل. وهكذا تدفع «الهيئات الاقتصادية» ثمناً باهظاً بالخسائر مقابل راحة المستشفيات ووزارة الصحة من خلال معالجة المصابين وتأمين الاسرّة لهم كما تأمين العناية المركزة للحالات الصعبة والدقيقة..
****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
تشكيل الحكومة ينتظر الإنتخابات الأميركية
الراعي للسلطة: اعترفوا بفشلكم وتنحّوا من أجل لبنان واللبنانيين
لم يعد من تبقى من اللبنانيين في هذا الوطن يهتمون لا لذكرى انتخاب رئيس ولا لمناسبة تشكيل حكومة ولا لمن يرأسها او يتمثل فيها من القوى السياسية التي ما زالت حتى اللحظة تتصارع على انقاض الوطن وفتات الجمهورية لتحصيل مقعد وزاري من هنا وثلث معطل من هناك. هم لا يذكرون حتى، او معظمهم على الاقل، ان 31 تشرين الاول هو ذكرى انتخاب رئيس بلادهم الذي انقضى ثلثا عهده، من دون ان يتمكن من انتشالهم من قعر الهاوية لا بل غرقوا اكثر في وحولها. هم لا ينتظرون زيارة للرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا للتشاور في كيفية تذليل العقبات من درب ولادة حكومته وحركة اتصالاته المأمول ان تخرجها الى النور في الايام القليلة المقبلة. لقد ملّوا الانتظار. فكل الحكومات التي انتظروها وهللوا لها لم تقدم لهم سوى المحاصصات والتسويات بين اهل السلطة فيما هم يتخبطون وحدهم، يصارعون القدر للاستمرار في تأمين لقمة عيش، اكثر من نصفهم لم يعد قادرا على الحصول عليها.
الراعي… تنحوا
وفيما الشح اليسير من المعلومات المسربة عن مصير الجهود المبذولة على خط التشكيل يؤشر الى استمرارها لتقريب وجهات النظر وتذليل العقبات الاخيرة المستجدة لاسيما حجم الحكومة التي يريدها الحريري من 18 وزيرا ويصر الرئيس ميشال عون على رفع العدد الى 20، قبل ان يتوجه الحريري الى بعبدا مجددا، شن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اعنف هجوم على السلطة في اختتام سينودس اساقفة الكنيسة المارونية داعيا اياها الى التنحي، فاعتبر»أننا أمام استحقاق تاريخيّ دستوري كبير الأهميّة هو تأليف حكومة جديدة، يجب على الجماعةِ السياسيّةِ أن تَعترفَ بفشلِها في تمثيلِ المواطنين وكسبِ ثقتِهم وفي إدارةِ البلاد. فتَتنحّى من أجل لبنان، ولو مُوقّتًا، أمام فريقِ عملٍ حكوميٍّ متضامنٍ يَقود البلادَ نحو طريقِ النهوض. وإذ ننتظر تشكيلَ الحكومةِ سريعًا، فإنّا نريدها مع الشعب كله حكومةَ اللبنانيّين ولبنان، حكومةَ الدستورِ والميثاق، حكومة منكوبي إنفجار مرفأ بيروت، حكومةَ صرخةِ الأمّهاتِ والآباءِ والبنين، حكومةَ القدرةِ على الإنقاذ. وأيُّ حكومةٍ أخرى هي مَضيعةٌ جديدةٌ للوقتِ وللوطنِ كما كانت الحكومات السابقة. ولست أدري ما ستكون حظوظُ بقائِها ونجاحِها».
التيار العوني
من جهته، وجه التيار الوطني الحر رسائله الحكومية رافضا مبدأ اسناد اكثر من وزارة للوزير كونه يضرب الاختصاص. ودعت الهيئة السياسية في التيار الى احترام وحدة المعايير الميثاقية والدستورية في عملية التشكيل لأن المبادرة الفرنسية بنقاطها الإصلاحية تحتاج إلى حكومة فاعلة ومنتجة من وزراء قادرين على تنفيذ البرنامج ويكونون إختصاصيين في مجال دراستهم، ما يعني ضرورة وجود وزير متخصص على رأس كل وزارة وبالتالي فإن إسناد اكثر من حقيبة وزارية لوزير واحد هو ضرب لمبدأ الإختصاص لا سيما إذا جمع الوزير بصورة إعتباطية بين حقيبتين لا علاقة لإختصاص الواحدة بالاخرى». وتابعت: «تعلن الهيئة اصرارها وتمسكها بإجراء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان كخطوة أولى إلزامية على طريق الإصلاح».
الاشتراكي
وفي المواقف النيابية، تحدث عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب بلال عبدالله، عن «استحضار عقد جديدة من هنا وهناك، من ضمن ما استحضر ما حكي عن خلاف حول عدد الوزراء بين 18 أو 20 بسبب التوزير الدرزي، وهنا نقول إن طرفا في بعبدا يستحضر هذه الأخبار ويضعها في الإعلام للايحاء بأن المشكلة درزية وان وليد جنبلاط يعطل تشكيل الحكومة، وبالتالي الذهنية القائمة هي هيمنة وسيطرة، ولم يكتفوا بأنهم أوصلوا البلد إلى هذا الدرك المتدني».
بري متفائل
بدوره، شدد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب فادي علامة على أن «الرئيس نبيه بري متفائل لجهة قرب تشكيل الحكومة ولديه الحلول دائما اذا ما طلب منه ذلك»، مشيرًا الى ان «تأليف الحكومة يخضع لنمط جديد لم نشهده من قبل وهناك تكتم على التفاصيل والاسماء حتى الساعة».وقال في حديث اذاعي: «عدد الوزراء ومسألة المداورة لا يجب ان تقف عقبة امام تشكيل الحكومة»، مؤكداً ان «كتلة التنمية والتحرير متمسكة بحقيبة وزارة المالية والرئيس الحريري متفهم لهذه النقطة»، معربا عن اعتقاده بأن «الجميع تخطوا هذه المسألة».
كورونا والاقفال
في المقلب الآخر من هموم اللبنانيين، وفي ظل بلوغ عداد الاصابات بكورونا رقما قياسيا غير مسبوق يناهز الالفي اصابة يوميا، قال وزير الصحة حمد حسن اثناء تفقده مستشفى تل شيحا في زحلة حول امكان إغلاق البلد «عادة وزارة الصحة ترفع كلجنة علمية توصية الى لجنة كورونا الوطنية. البارحة تواصلت مع دولة رئيس الحكومة حسان دياب، الوضع الحكومي اليوم غير مستقر وبالتالي قرار الإقفال هو قرار كل الوزارات تتحمل فيه المسؤولية ( وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، وزارة الشؤون الإجتماعية …) طريقة دعم المواطنين وحمايتهم، كيفية تعايش الناس مع الظروف الصعبة مع الإقفال العام، لذا كتوصية دائمة من وزارة الصحة العامة يجب الإقفال، ولكن حتى بجزئية الإقفال نتمنى ان يكون القرار جديا وليس إعلاميا فقط، هذا يسيء إلينا والى معنويات الجمهور».
وعن قرار فتح المدارس وسط ازدياد عدد الإصابات مع تسجيل إصابات فيها، ودور وزارة الصحة في الرقابة على المدارس، قال حسن: «… هناك توصية من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف بضرورة أن يذهب الأولاد الى المدارس، لكن يبقى هذا الموضوع بحاجة الى مثبتات علمية كي يكون لدينا الجرأة في الدعوة الى إكمال أو اتخاذ إجراءات إضافية لحماية الأجيال».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :