يراهن البعض على انتهاء ولاية عون لإعادة إطلاق دينامية جديدة في البلاد تسهل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة. ويعتبر هؤلاء أن مغادرة عون قصر بعبدا تطلق بداية عصر مختلف. لكن هذا التقدير لا يبدو واقعيًا، نظرًا لكثرة التعقيدات التي تتحكم بمفاصل الأمور في لبنان.
معارضة شعبية من الرابية
إصرار عون على مغادرة القصر مصدره من يقينه أن بقاءه فيه يرتد عليه وعلى جبران باسيل سلبًا، فيما ينتظر لحظة عودته إلى ممارسة دور المعارضة، بعد انتهاء عهده وعودته إلى الرابية. ومن هناك يطلق وقفات شعبية مؤيدة له ولخياراته، ورافضة لممارسات القوى السياسية التي يتهمها عون بالتربص بعهده وإسقاطه وإغراقه في أزمات متتالية.
يفتتح عون وتياره بذلك مسارًا جديدًا من الضغط السياسي والشعبي على الجميع. سواء لفرض وقائع سياسية جديدة شعبيًا أو برلمانيًا في استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل الحكومات. هذا فيما يعزز عون تحالفه مع حزب الله، لا سيما بعد تحرره من أثقال الرئاسة، وبعض فروضها وقواعدها. لن يترك عون للآخرين أن يستمروا فيما هو خارج من القصر، بل سيعيش لبنان فصولًا جديدة من المعارك السياسية.
ورقة ميقاتي المستهجنة
شطر أساسي من معارك عون بدأ منذ الآن، وميدانه تشكيل الحكومة وصراعات تشكيلها. لكن هناك من يعتبر أن التباطؤ في التشكيل يشترك فيه الأطراف جميعًا. وقد يكون مرتبطًا بانتظار تطورات خارجية تسهم في تسهيل تشكيلها، أو تبقي الوضع على ما هو عليه.
لكن الأخطر هو أن يكون التباطؤ في عملية التشكيل ينطوي على خوف من تحمّل مسؤوليات أكبر، إذا حصلت تطورات خطيرة، سواء في ترسيم الحدود، أو المعضلات المالية والاقتصادية، أو حتى في حال حصول تصعيد إقليمي ينعكس على الداخل اللبناني.
لم يأت تقديم ميقاتي لعون ورقة تتضمن تعديلًا في توزيع الحقائب الوزارية، من خارج هذه الحسابات والاحتمالات. ولكنه هذه المرّة أرسل الورقة مع وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال. وهذا التصرف يشكل سابقة في تاريخ تشكيل الحكومات: إرسال رئيس حكومة مكلف مقترحًا لرئيس الجمهورية، يتضمن تعديلات على تشكيلة وزارية.
الطاقة.. والطاقة
استغرب عون هذا التصرف، فاتهم ميقاتي بعدم الجدية في عملية التشكيل. ورد ميقاتي بأنه لم يرسل مقترحًا رسميًا، إنما جملة أفكار للبحث في إمكان التوافق حولها. علمًا أن الورقة تضمنت استعدادًا لتبديل بعض الحقائب وآلية توزيعها، لجس نبض عون، وما إذا كانت تتوافر قابلية لعقد لقاء به في الأيام المقبلة. لكن عون لم يوافق على المقترح. لأن ميقاتي لم يدخل تغيرات أساسية على الحقائب الوازنة: ابقاؤه الوزارات السيادية وفق التوزيعة ذاتها. إصراره على إبقاء وزارة الطاقة من حصته، عارضًا التربية أو الصناعة على التيار العوني، الذي يصرّ على الحصول على الطاقة.
نسخ الرابط :