يبدو أن المجلس النيابي تصح عليه تسمية «مجلس الأكثرية الضئيلة والأقلية المبعثرة»، قياساً على ما حصل في جلسة إنتخاب رئيس المجلس ونائبه بأكثرية ٦٥ صوتاً، وما حصل أمس في تسمية الرئيس نجيب ميقاتي الذي حصل فقط على ٥٤ صوتاً، في الإستشارات النيابية الملزمة، مقابل إمتناع ٤٦ نائباً عن التسمية، وترشيح ٢٥ آخرين للسفير نواف سلام.
ولكن ثمة إشكالية برزت بقوة، وتجاوزت كل مدلولات الأرقام الهزيلة، وتمثلت في إمتناع الكتلتين المسيحيتين الكبيرتين في المجلس النيابي، القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، عن تسمية ميقاتي، والهروب إلى «الصوت الصامت»، الذي يرادف الورقة البيضاء في صندوقة الإنتخاب، مما يطرح أكثر من علامة إستفهام حول أبعاد الموقف المسيحي من تكليف ميقاتي، عشية حلول الإستحقاق الإنتخابي لرئاسة الجمهورية، وما يكثر الحديث عنه من إستبعاد حصول الإنتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، وبالتالي تولي الرئيس ميقاتي ، سواء عبر حكومة تصريف الأعمال، أم الحكومة الجديدة، مهام إدارة البلد بالصلاحيات الرئاسية.
فهل يُجسد إمتناع القوات والتيار عن التسمية في الإستشارات الملزمة الهواجس المسيحية من دور ميقاتي في مرحلة الشغور الرئاسي المنتظر؟ ولماذا؟
من الواضح أن موقف التيار الوطني يعود إلى فقدان الكيمياء الشخصية بين رئيسه والرئيس المكلف منذ ما قبل تشكيل الحكومة المستقيلة. كما أن الكباش بين الرجلين تجدد بعد الإنتخابات النيابية وإستقالة الحكومة، حيث سارع النائب جبران باسيل إلى إعلان رفضه العودة لحكومة التكنوقراط، ومطالبته بحكومة سياسية، يتولى فيها وزارة الخارجية، ويحتفظ تياره بوزارة الطاقة إلى جانب الحصول على وزارة البيئة، في حين أن ميقاتي بقي على موقفه في الحفاظ على حكومة الإختصاصيين مع إدخال بعض التعديلات على عدد محدود من الحقائب التي لم يكن آداء وزرائها على المستوى المطلوب.
يُضاف إلى ذلك الخلاف المستحكم بين رئيس الحكومة العائد إلى السراي، وفريق رئيس الجمهورية ، وخاصة الرئيس عون شخصياً و باسيل، في موضوع تغيير حاكم مصرف لبنان، وإدارة ملف الكهرباء الذي ظهر الخلاف الحاد حوله إلى العلن بعد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الحكومة المستقيلة، بعد سحب الوزير فياض ملف عرض شركة سيمنس، الذي لم يتضمن أي ذكر لمشروع سلعاتا!
هل يستطيع الرئيس المكلف تشكيل حكومة جديدة في ظل هذه الأجواء الخلافية مع رئيس الجمهورية وفريقه المقرّب، أم سيكتفي بتصريف الأعمال طوال الأشهر المتبقية من ولاية العهد؟
نسخ الرابط :