شوقي عواضة
لو استطاع أن يمجّده لصنع له نصباً تذكاريّاً على أنقاض صبرا وشاتيلا. أنجز الكثير من الصّفقات التّجاريّة ولم يخسر لكن الصّفقة الأخيرة التي أنجزها من خلال مشاركته في ما يسمى بمؤتمر حوار الأديان الذي انعقد في طنجة في 10 و11 حزيران/يونيو 2022 حوّلته إلى الخاسر الأكبر الذي لفظته بيروت وأبناؤها المقاومون الشّرفاء بل كلّ لبنان بشهدائه وجرحاه وأسراه، ففشل في أن يبني مجده على أشلائهم وجراحهم وعذاباتهم. ذلك هو البرلماني المطبع فؤاد مخزومي الذي خطا على خطى من سبقه بسنواتٍ قليلةٍ عندما التقى بحاخام الكيان الصّهيوني الأكبر شلومو عمار في العاصمة البحرينيّة المنامة.
مضى مخزومي دون خجلٍ من المشاركة في مؤتمر ضمّ وفداً رسميّاً إسرائيليّاً تقدّمه العميد السّابق في جيش العدوّ الاسرائيلي أفراييم سنيه وهو مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نفتالي بينيت للشّؤون الإيرانيّة إضافةً إلى رئيس مركز "إس" دانيال أبراهام للحوار الاستراتيجيّ ونائب الرّئيس التّنفيذي لمؤتمر رؤساء المنظّمات اليهوديّة الأمريكيّة مالكولم هوينلين، والمدير التّنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشّرق الأدنى روبرت ساتلوف، والمستشار الأوّل السّابق لوزير الخزانة الأمريكيّة نورييل روبيني ووفود من دول التّطبيع العربيّة وغيرها من الشّخصيّات التي يستقطبها المؤتمر الذي أسّسته السّعوديّة والنّمسا وإسبانيا عام 2012 ومن أبرز أهدافه تفعيل دور الأفراد والقيادات والمؤسّسات الدّينية لمساعدة صانعي السّياسات في ما يسمى "بناء السّلام والتّعايش السّلمي"، وبمعنى آخر مؤسّسة بغطاء دينيّ ثقافيّ مهمتها الأساسيّة خدمة الكيان الصّهيوني المؤقّت من خلال تحقيق العديد من المهمّات كما يلي:
1– التّرويج لفكرة "السّلام" مع العدوّ الاسرائيليّ وتعزيز هذه الفكرة وتنميتها وتطويرها، وهي بالطّبع لا تعني إلّا التّطبيع مع هذا العدوّ.
2- دعوة مختلف الشّخصيّات من الدّول المطبعة وغير المطبعة لخرق المجتمعات العربيّة والإسلاميّة بشتى الأساليب والطّرق.
3 – تعميم مفهوم التّعامل مع العدوّ وخيانة الوطن وتكريسه كوجهة نظر قابلة للنّقاش. أمّا على مستوى المشاركين فليس من الضّروري أن يكون المشارك من دولةٍ مطبّعة ولا من الضّروري أن يكون رجل دينٍ مسيحيّاً أو مسلماً مع أنّ المؤتمر يرفع شعار حوار الأديان كغطاءٍ لعمله الاستخباراتي والأمنيّ الدّؤوب على خرق مجتمعاتنا وتغيير ثقافتنا. وما مشاركة فؤاد مخزومي في هذا المؤتمر إلّا دليلٌ على ذلك وهو ليس رجل دين ولا مكلّفاً لا من لبنان ولا من المسلمين والمسيحيين بتمثيلهم في حوار الأديان في طنجة وعليه فإنّ مشاركة مخزومي في هذا المؤتمر ما هي إلّا تطبيعٌ علنيٌّ وصريحٌ مع العدوّ ولا يحتاج إلى تفسير فمجرد مشاركته بالمؤتمر بحضور وفدٍ صهيونيٍّ رسميٍّ أياً كانت مبرّرات حضوره فهي لا تعني إلّا التّطبيع إذا لم نقل عمالةً للعدوّ وخيانة للوطن لا سيّما وأنّ مخزومي الذي أعلن مراراً أنّه مستعدٌ لفعل أي شيءٍ لتجريد المقاومة من سلاحها لا بدّ من أن يصل به الأمر إلى التّعامل مع العدوّ.
ووفقاً للقانون فإنّ كلّ مطبّع هو عميلٌ للعدوّ ولا فرق بين الحالتين فالخائن واحدٌ سواء كان مطبعاً أو عميلاً، وعليه فإنّ ما قام به مخزومي من تطبيع يؤشّر إلى ظاهرةٍ خطيرةٍ وهي التّعامل والتّطبيع مع العدوّ تحت عناوين شتى تبدأ من حرّيّة التّعبير ولا تنتهي بالخيانة كوجهة نظرٍ. وعليه فإنّ القضاء مطالبٌ بمحاكمة كلّ مطبّعٍ مهما كانت صفته وبالتّالي المطلوب من المجلس النّيابي رفع الحصانة الدّيبلوماسيّة عن المطبّع فؤاد مخزومي وتقديمه للمحاكمة لا سيّما وأنّ من التقى بهم في المؤتمر هم من أعداء لبنان الذين دمّروا وقتلوا واعتقلوا الشّعب اللّبناني خاصّة وأنّهم يحملون صفاتٍ رسميّةً اسرائيليّة على قدر رغبة مخزومي الحالم بزوال سلاح المقاومة لا الاحتلال.
نسخ الرابط :