بعد تحديد رئيس الجمهورية موعد الإستشارات النيابية المُلزمة الخميس القادم، بات هذا الملف يُشكِّل أولويةً بالنسبة إلى الفاعلين على الساحة السياسية، وذلك، بانتظار عودة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في جولة جديدة من المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية.
أهمية هذه الإستشارات تكمن في الوظيفة التي قد تلعبها الحكومة المقبلة، في حال تعذّر انتخاب رئيس جديد للبلاد. حيث ستتولى، حتّى لو لم تتمكن من الحصول على ثقة مجلس النواب، صلاحيات رئيس الجمهورية. هذا الدور سيجعل من عملية التكليف، ومن ثم التأليف، محلّ تجاذب سياسي بين مختلف الأطراف بهدف الحصول على الحصّة الأكبر من الحقائب.
وباستثناء الرئيس نجيب ميقاتي، لم يظهر لغاية اليوم أي إسمٍ جدّي لتولّي هذا المنصب، حيث يغيب نادي رؤساء الحكومات عن المشهد السياسي مع اعتكاف الرئيس سعد الحريري، وغياب تمام سلام، وهزيمة الرئيس فؤاد السنيورة المدوّية في الإنتخابات. لذا، فإن إسم ميقاتي يبقى في طليعة الأسماء المرشّحة لهذا المنصب، في ظل تأمينه للحدّ الأدنى من الدعم الخارجي، وتبنّي الرئيس نبيه بري له، بالإضافة إلى عدم ممانعة "حزب الله" السير به. كما إن ميقاتي قد يحظى بأصوات بعض النواب المستقلّين وكتلة "المردة" وكتلة "اللقاء النيابي الشمالي"، الذي يضمّ مجموعة من النواب الذين يرفعون شعار الإنماء لعكار، وبالتالي، فإن دعمهم لميقاتي قد يساعدهم في مهمتهم.
إضافة إلى ما تقدّم، فإن تكليف شخصيةٍ لرئاسة الحكومة لا تحتاج إلى الأكثرية المطلقة، وإنما الأكثرية البسيطة، وهذا ما سيُسهّل من مهمة ميقاتي. فبصرف النظر عن عدد الأصوات التي سيحرزها، إلاّ أن غياب المنافس وتشرذم القوى المواجهة وعدم توحّدها على إسم مُحدّد لمواجهته، ستزيد من حظوظه في الوصول مجدّداً إلى السراي الحكومي.
وفي السياق عينه، فإن موقف الحزب التقدمي الإشتراكي لا يبدو بعيداً عن تسمية ميقاتي، إذ أن المختارة التي ما قبلت يوماً في الإبتعاد عن جنّة الحكومة، حتّى في حكومة حسان دياب، لن تقبل بذلك وهي الخارجة من الإنتخابات بفوز كبير على جميع خصومها على الساحة الدرزية. لذا، فإن تحدّي جنبلاط بعد الإنتخابات ليس كما بعدها، فلم يعد الحديث عن عدد المقاعد التي ستوزع بينه وبين النائب السابق طلال إرسلان، وإنما أهمية الحقائب التي سيحصل عليها بوصفه ممثلاً وحيداً للطائفة الدرزية، في ظل حسم النائبين التغيريين مارك ضو وفراس حمدان عدم المشاركة بالحكومة.
بقي النائب جبران باسيل الذي أعلن مراراً عدم نيّته تسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة المقبلة، في حين أنه لن يسير بمرشّح مواجه لمرشّح "الثنائي الشيعي"، في ظلّ معرفته بخسارة هذه المعركة. هكذا، يصبح هامش باسيل مقيّداً بمدى قدرته على تحسين شروط تفاوضه خلال عملية التأليف، وهذا ما سيدفعه إلى إمكانية الإتفاق مع ميقاتي، ومنح حكومته الثقة على غرار ما حصل في الحكومة الحالية بعد نيله الحصّة التي يطمح بها.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :