بعد الإنتهاء من الإستحقاق الأهم في هذه المرحلة، أيّ زيارة الوسيط الأميركي في ملفّ ترسيم الحدود البحريّة آموس هوكشتين، سيعود إلى الواجهة ملفّ تسمية رئيس الحكومة المكلّف الجديد، نظراً إلى أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون من المفترض أن يبادر في وقت قريب إلى تحديد موعد الإستشارات النيابية الملزمة لذلك.
في الصورة العامة، لا يمكن توقع أن تكون هذه المهمة سهلة على الإطلاق، نظراً إلى أن أي حكومة جديدة من المفترض أن تكون هي التي ستتسلم صلاحيات رئيس الجمهورية بعد إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في حالة حصل الفراغ، الأمر الذي يدفع مختلف الأفرقاء إلى التشدد في موقفهم، خصوصاً "التيار الوطني الحر" الذي لا يريد الذهاب إلى حكومة تتولى تمرير الوقت فقط، على أن تكون توازناتها، بعد الوصول إلى مرحلة الفراغ، لا تصب في صالحه.
في هذا الإطار، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لا يزال الإسم الأكثر ترجيحاً، رغم الموقف الواضح الذي عبّر عنه رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي أكّد أنّه لن يذهب إلى تسميته لمجموعة واسعة من الأسباب، بالإضافة إلى التنسيق الكبير بين حزب "القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الإشتراكي" في هذا الملف، الذي قد يقود إلى قلب المعادلات على مستوى التسمية، خصوصاً إذا ما تم التوافق على الاسم مع النواب المستقلين والتغييريين.
وتلفت هذه المصادر إلى أن هناك أكثريتين بارزتين تم إظهارهما منذ بداية ولاية المجلس النيابي الحالي: الأولى هي التي انتخبت رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أيّ قوى الثامن من آذار ونواب "الإشتراكي" والنواب الذين يدورون في فلك تيار "المستقبل" بشكل أساسي، بينما الثانية هي التي كانت انتخبت نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بو صعب، أيّ قوى الثامن من آذار و"التيار الوطني الحر" بشكل أساسي، وتضيف: "بعد أن أعلن باسيل موقفه فإن ميقاتي قد يكلف بأكثريّة برّي، في حال لم يذهب الإشتراكي إلى أيّ موقف متناقض، من الممكن أن يقود إلى تكليف شخصية أخرى".
من وجهة نظر المصادر نفسها، هناك معادلتين، فيما يتعلق بالتسمية، يجب أن يوضعا بالحسبان: الأولى هي أن "الإشتراكي" لن يكون خارج أيّ حكومة، لا سيّما أنه يعتبر الممثل الأوحد للطائفة الدرزيّة في المجلس النيابي الحالي، حتى ولو لم يذهب إلى تسمية رئيس الحكومة الذي يُكلف، الأمر الذي قد يدفعه إلى تسمية ميقاتي في نهاية المطاف بالتنسيق مع رئيس المجلس النيابي، أما الثانية فهي أن "التيار الوطني الحر" من المستبعد أن يذهب إلى تسمية شخصيّة من الممكن أن يتم التوافق على تسميتها مع "القوات" و"الإشتراكي" والنواب المستقلين والتغييريين، خصوصاً إذا كانت تمثل إستفزازاً لـ"حزب الله".
بناء على ما تقدّم، ترى المصادر المطّلعة أنّ حالة الشرذمة القائمة في هذا المجال ستقود إلى إعادة تسمية ميقاتي، على الأرجح، بغض النظر عن عدد الأصوات التي سينالها في عمليّة التكليف، أيّ حتى ولو لم تصل إلى 65 نائباً، لكنها تشير إلى أنّ السؤال الأساسي يبقى حول إمكانية أن ينجح في عملية التأليف، نظراً إلى التوازنات الدقيقة التي تتطلبها هذه العملية، بالإضافة الى إمتلاك رئيس الجمهورية ورقة عدم توقيع مرسوم أي صيغة لا تحظى بموافقته أو بموافقة "التيار الوطني الحر" عليها، وبالتالي من الممكن الحديث عن عدم القدرة على التأليف بـ"فيتو" من باسيل، لا سيما أن الجميع يعتبر أن التوازنات القائمة في حكومة تصريف الأعمال "مرضية" إلى حد ما.
في المحصّلة، تجزم هذه المصادر أنّ عملية التكليف قد لا تشكّل مشكلة كبيرة لكنّ الأساس يبقى القدرة على التأليف، التي تحتاج إلى معبر أساسي في قصر بعبدا، وبالتالي إمكانيّة النجاح في ذلك تتطلب إطلاق عملية واسعة للوصول إلى تفاهمات حول توازناتها، قد لا تسمح بها الفترة الفاصلة عن موعد الإستحقاق الرئاسي، إلا بحال حصول تطورات كبيرة لم تظهر معالمها بعد.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :