عاصفة التهديد والوعيد التي أطلقها مسؤولون إسرائيليون ضد لبنان قبل وصول الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، بدأت تهدأ بعد ساعات من وصول طائرته إلى مطار بيروت، وبدء أولى إجتماعاته مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي كان قد بحث ملف الترسيم مع المسؤولين المعنيين في واشنطن، إبان زيارته الأخيرة للعاصمة الأميركية.
وفيما كان أهل الحكم في لبنان يلملمون خلافاتهم، محاولين توحيد مواقفهم حول تكتيكات التفاوض مع الزائر الأميركي، كان العدو الإسرائيلي يشن حرباً نفسية على لبنان، ملوحاً بضرب آلاف الأهداف وتدمير البنية التحتية، في حال لم يوافق الجانب اللبناني على المقترحات الأميركية التي تُراعي المصالح الإسرائيلية أولاً وأخيراً.
مهما يكن من الأمر ، فإن لبنان اليوم أبعد ما يكون عن الخط ٢٩ وحقل كاريش، بعدما أعلن رئيس الجمهورية أن الخط ٢٣ هو الحد الفاصل في المنطقة المتنازع عليها، وما تبعه رئيس التيار الوطني في مقابلته التلفزيونية الأخيرة عن إستعداد لبنان للقبول بحقل قانا مقابل التخلي عن حقوقه في كاريش، مما يعني أن هوكشتاين يكون قطع أكثر من نصف الطريق في التوصل إلى تسوية تحظى بموافقة الجانب الإسرائيلي.
ولكن إنخفاض سقف المفاوض اللبناني إلى هذا المستوى، لا يضمن الحصول على الحد الأدنى من الحقوق اللبنانية في الثروة النفطية، وذلك لعدة أسباب قد يكون أهمها أن لبنان لا يملك المعلومات الوافية عن مكونات حقل قانا، كما أن خط الوسيط الأميركي الأسبق فردريك هوف يجتاز هذا الحقل ويُقسمه بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، دون وضع قواعد واضحة تحدد حصة كل طرف. يُضاف إلى ذلك أن الإستعدادات الإسرائيلية التي تسبق الخطوات اللبنانية بأشواط بعيدة، تُعرّض حصة لبنان للخطر، لأن في إستطاعة العدو سحب الغاز والنفط من الجانب اللبناني لهذا الحقل، دون رقيب أو حسيب، لعدم جهوزية لبنان في توفير التقنيات اللازمة لحماية حقوقه الوطنية.
هي جريمة جديدة يرتكبها أهل الحكم في هدر ثروات الوطن الإستراتيجية، وسوء إدارة الإمكانيات المتاحة لإخراج البلاد والعباد من بلاء جهنم الذي أوصلوا الوطن إليه، وعدم إبداء الإهتمام اللازم لصون حق الأجيال القادمة في حياة كريمة، توقف موجات الهجرة، وتحافظ على الطاقات الشابة لبناء الدولة الحديثة.
نسخ الرابط :