كان اعتذار رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن المشاركة في الإجتماع الرئاسي الثنائي في قصر بعبدا (شارك فيه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي) نهار السبت الماضي، يحمل مفعول عدم الرضى عن مقاربة ترسيم الحدود البحرية التي سيتولى عون عرضها أمام الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، الذي يبدأ زيارته الرسمية لبيروت اليوم. وعليه، باتت مسألة توحيد الموقف اللبناني ضرباً من ضروب الخيال، ما يعني أن المستوى اللبناني في صدد الإنكشاف أكثر أمام المفاوض الأميركي، وباختصار، مشكلة بري نابعة من عدم الأخذ برؤيته المرتكزة إلى الإتفاق الإطار المعلن عنه عام 2020.
من جانب آخر، يأتي رفض رئيس المجلس، بسبب دخول عدة أطراف على خط ملف الترسيم، ما جعله نقطة تجاذب سياسية محلية، أظهرت هشاشة وضعف الرئاسة الأولى في مقاربة الملف، وتقلّبها المستمر في التوصيف، لا سيّما حين تعتبر أن جنوب الخط 23 منطقة متنازع عليها، وهي في الأصل تعتبر الخط 23 خطاً للحدود البحرية اللبنانية.
كذلك، يأخذ بري على رئاسة الجمهورية أنها تعمل على عكس الموقف الموحّد الذي جرى التوصل إليه بعيد زيارة هوكشتاين الأخيرة إلى بيروت، بدليل أنها تطرح اليوم معادلة تأمين التوافق على موقف سياسي موحّد من مسار التفاوض ورسم الخطوط، علماً أنها تعمّدت يومذاك عدم إبلاغه الموقف برفض الإقتراح المقدّم وفق الأصول كما يفترض أن يكون، نتيجة استشارة معينة، ما تسبّب بتجميد مسعاه وتحميل لبنان نتائج ذلك، وهو ما دفع الإسرائيلي إلى مزيد من التصعيد.
عملياً، تريد عين التينة حصر التفاوض برئاسة الجمهورية حصراً، بالتنسيق مع رئاسة الحكومة بطبيعة الحال، غير أنها ترفض في المقابل، التدخلات التي تحصل على صعيد هذا الملف والتي لأجلها قرّر الصمت، والذي يبدو أنه مفتوح، ومن المتوقّع أن يشمل أكثر من ملف، وما يزيده، ذلك الذي يتسلّل من عين التينة على شكل استهجان لتمرير الرئاسة الإستحقاقات بالقطّارة، فيتمّ استبعاد موضوع الإستشارات النيابية الملزمة من النقاش الداخلي، وربطها بزيارة هوكشتاين، مع العلم، أنه كان ثمة احتمال أن تدعو بعبدا إلى الإستشارات خلال نهاية الأسبوع الماضي، أي خلال حركة الإتصالات حول التفاهم على إسم رئيس الحكومة المكلّف.
في المقابل، تبدو الأمور لدى بعبدا مختلفة، ويظهر أن تركيزها مُنصبّ على موضوع الترسيم البحري حصراً. ويطرح المقرّبون من بعبدا، نظرية الحسم في شأن الترسيم، بمعنى تأمين الحدّ الأقصى من المكاسب الممكنة من زيارة هوكشتاين، التي يقال أنها ستكون الأخيرة في هذا العهد. وعلى هذا الأساس، تطمح بعبدا إلى تحقيق نقاط قوة من هذه الوساطة، وهي لأجل ذلك، أبدت تشدّدها في الإستحواذ على كامل "حقل قانا"، وتأمين ذلك يعود للمفاوض الأميركي. وعلم "ليبانون ديبايت"، أن القصر أبلغ من يعنيهم الأمر، أنه سيضع الوسيط الأميركي بمضمون طلبه الحصول على "قانا"، من دون وجود أي تأثير للجانب الإسرائيلي فيه، بمعنى رفض منطق "المكمن المشترك" مع العدو، بالإضافة للحصول على كامل الخط 23. غير أن مصادر الترسيم البحري، تنصح رئاسة الجمهورية عبر "ليبانون ديبايت"، ب" تهذيب طروحاتها، بمعنى أنك إذا أردت أن تنال ما تبتغيه، عليك المطالبة بأقصى ما يمكن". وبهذا المعنى، يأتي الإقتراح بعدم قبول إسقاط توصيف المنطقة المتنازَع عليها جنوب الخط 23، والإصرار عليه إذا كانت بعبدا تريد فعلاً الحصول على الخط كما ورد في المرسوم 6433 المودع لدى الأمم المتحدة عام 2011.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :