هوكشتاين سيُكرّر اقتراحاته السابقة ولا يعترف بالخط 29 ... ويترك الجواب عند المسؤولين
يتحضر لبنان، لمفاوضات مع منسق الادارة الاميركية لامن الطاقة آموس هوكشتاين، ستبدأ غدا الاثنين للبحث في ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، بعد تقدم العدو الاسرائيلي باتجاه المياه اللبنانية الاقليمية، في اكثر من بقعة في البحر، لا سيما في «البلوكات النفطية»، الخاصة بلبنان 8 و9 و10 في جنوبه ما بعد الناقورة، واستقدام الكيان الصهيوني لباخرة يونانية (Engerines) للانتاج، بما يعني انه انهى مرحلة التنقيب في حقل «كاريتش»، وهو متنازع عليه مع لبنان، ولم يبدأ بذلك الا بضوء اخضر اميركي، وان تصدير النفط والغاز «الاسرائيلي» سيبدأ في ايلول المقبل اي بعد ثلاثة اشهر، وفق التوقيت «الاسرائيلي».
وللبنان قصة مع اميركا ووساطتها، وادعائها بمساعدته على استعادة حقوقه، وتطبيق القرارات الدولية مع العدو الاسرائيلي، اذ لم يحضر موفد من قبلها منذ عقود وعمل لصالح لبنان، بل كان دائم الانحياز الى العدو الاسرائيلي، الذي رفض تطبيق اي قرار دولي للبنان، منذ صدور القرار 194 المرتبط بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا اليه اثر النكبة التي حلت بهم في العام 1948.
ولم تساعد اميركا لبنان بتنفيذ القرار 425 الصادر عن مجلس الامن الدولي في آذار 1978، اثر احتلال «اسرائيل» لاراضي في جنوبه وصلت الى حدود نهر الليطاني، وطالبها بالانسحاب الفوري، والسماح للجيش اللبناني بالانتشار، لكنها لم تنفذه بدعم اميركي، ومنعت الجيش اللبناني من الدخول الى الشريط الحدودي في الجنوب، الذي سلمته الى سعد حداد وهو ضابط في الجيش اللبناني تعامل معها، وبات الاحتلال مقنعا عبره، وفتحت الحدود مع لبنان بما سمي «الجدار الطيب»، حيث لم يمض اربع سنوات حتى وسعت «اسرائيل» من احتلالها، واجتاحت الجنوب كله ووصلت الى العاصمة بيروت، بعد غزوها للجبل والبقاعين الغربي والاوسط، تحت ذريعة طرد منظمة التحرير الفلسطينية ومقاتليها من لبنان، واقامة حكم فيه يوقع صلحا معها، وكان كل ذلك يتم برعاية الموفد الاميركي فيليب حبيب اللبناني الاصل، الذي عمل لصالح العدو الاسرائيلي وعملائه، واتى بقوات «المارينز» واخرى من دول خليجية، تحت اسم «القوات المتعددة الجنسيات»، ليفرض على لبنان توقيع صلح وسلام مع الكيان الصهيوني، وفق مبادرة الرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغان.
ويذكر مرجع مطلع على تلك المرحلة، بان حبيب هو من رعى توقيع اتفاق 17 ايار للسلام مع الكيان الصهيوني، الا ان عمليات المقاومة الوطنية، ومنذ توغل قوات الاحتلال في لبنان، بدأت عملياتها العسكرية، التي انتجت مع «المقاومة الاسلامية»، تحرير الجنوب في العام 2000، بعد ان كانت مناطق اخرى منه قد تحررت، فلم يتمكن المشروع الاميركي – الصهيوني من تفتيت لبنان، حيث تمكنت القوى الوطنية من ان تغلبه، وتفرض عليه التراجع عما كان يخطط له، في ان يقع لبنان تحت القبضة الصهيونية، وكان لحرب الجبل التي فرضتها «القوات اللبنانية» على اهله، القاعدة الاساس في فتح طريق دمشق التي ساندت القوى الوطنية في تحرير مناطقها، كما في اضعاف حكم امين الجميل.
وهذا العرض التاريخي للانحياز الاميركي، الى جانب العدو الاسرائيلي، للتأكيد بان كل الموفدين الذين حضروا من واشنطن كانوا يقدمون مصلحة العدو الاسرائيلي، على مصلحة لبنان سواء في ترسيم الحدود البرية او البحرية، فأمن «اسرائيل» ومصالحها يتقدم على اي شيء آخر، وعبر كل الادارات الاميركية المتعاقبة سواء كانت جمهورية او ديموقراطية، فاول موفد اميركي حضر في العام 2012 فريدريك هوف للبحث في المنطقة الاقتصادية الخالصة بين لبنان و»اسرائيل»، فرسم خطا سمي باسمه، وقسم مساحة المنطقة التي تبلغ 860 كلم2 فاعطى لبنان 560 كلم2 ، و»اسرائيل» 360 كلم2 (55% للبنان و45% «لاسرائيل»)، فاعترض لبنان على ذلك، لكن واشنطن لم ترد عليه، وبدأت بارسال الموفدين. فحضر ديفيد ساترفيلد وديفير هيل وديفيد شانكير، وآخرهم هوكشتاين، فلم يعطوا للبنان حقوقه، وحصروا البحث في ما رسمه هوف، وانه الخط المعترف به اميركيا.
عندها ، تقدم لبنان بخارطة ترسيم تنطلق من الخط 23، فكان الوفد العسكري اللبناني الذي يذهب الى الناقورة للتفاوض غير المباشرمع وفد «اسرائيلي» يعود خالي الوفاض، في الوقت الذي كانت «اسرائيل» تمارس عمليات التنقيب، وتتفق مع قبرص التي رسمت معها حدودها البحرية، ومدت انبوبا اليها لتوريد الغاز، حيث حضرت السفينة اليونانية بالتزامن مع ازمة النفط العالمية، لا سيما في اوروبا، بسبب الحرب الروسية – الاوكرانية، وستدخل «اسرائيل» سوق النفط الى اوروبا، وهي تستغل ضياع لبنان في تحديد موقفه وانقساماته الداخلية، اضافة الى الضبابية حول موقف الحكومة من خط 29، الذي قدمه الجيش بالوثائق كنقطة تفاوض تعطي لبنان مساحة 1430 كلم2 اضافية، الذي يرفض البحث به الموفد الاميركي القادم مجددا الى لبنان، والذي حاول اغراء المسؤولين، بانشاء صندوق مشترك لبناني – «اسرائيلي» توضع فيه واردات النفط، من الحقول المتنازع عليها، في «قانا» و»كاريتش»، في استغلال واضح لحاجة لبنان الى مساعدات مالية، بسبب الازمة التي يمر بها، وبدأت مواقف وتصريحات لبنانية تروج لذلك، بما يشبه التطبيع النفطي ليتوسع الى اقتصادي وسياسي وامني.
ان زيارة هوكشتاين الى لبنان، والتي جاءت بطلب رسمي لبناني، لن تكون افضل من سابقاتها، وهو سيكرر على مسامع المسؤولين اللبنانيين اقتراحاته السابقة، والتي تقوم على عدم اعتماد الخط 29 للتفاوض، واقامة خط متعرج عند البلوك رقم 8 ، بما يعطي مساحة للبنان في حقل «قانا»، حيث ينتظر الموفد الاميركي جوابا رسميا لبنانيا، ويترك «اسرائيل» تستخرج نفطها وغازها وتبدأ تسويقه.
وقد يسيل لعاب المسؤولين اللبنانيين على تكرار مقترحات هوكشتاين، بعد ان رفع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل مقولة «نفط قانا مقابل نفط كاريتش»، وهو ما يتفق مع اجواء رسمية تدعو الى الابتعاد عن خط 29.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :