افتتاحية جريدة البناء
حبس أنفاس في المنطقة والعيون شاخصة إلى القدس غداً… هل تقع المواجهة وتخرج عن السيطرة؟ / معركة نائب الرئيس امتحان أكثريّة القوات وتماسك التغييريّين والكتلة المستقلة وتحالفات التيار/ الحاكم يكشف تحكّمه بسعر الصرف فينخفض الدولار 25% بدقيقة واحدة وتعميم سيُنفّذ الاثنين/
تدخل المنطقة غداً يوماً ساخناً يحبس الأنفاس، مع انطلاق مسيرة الأعلام الصهيونية واستهدافها العبور داخل القدس وصولاً لأطراف المسجد الأقصى، بعدما سمحت حكومة الاحتلال بالمسيرة وخط سيرها، في ظل مخاطر ترافق المسيرة لتحول استفزازات المستوطنين والمتطرفين إلى مواجهات بينهم وبين المقدسيين، خصوصاً في باب العامود، والمرابطين في المسجد الأقصى، والذين يتوقع أن ترتفع أعدادهم بحجم الوافدين من الأراضي المحتلة عام 1948، في ظل تهديد واضح لقوى المقاومة في غزة، أنه في حال تنفيذ مسيرة الأعلام بصيغتها التقليدية التي تستهدف القدس وأحياءها ومقدساتها، فإن المقاومة ستدخل على الخط بصواريخها، وجاء تحذير الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من خطر انفجار على مستوى المنطقة يخرج عن السيطرة في حال تهديد المقدسات، ليرفع منسوب التدخلات والساعي لضبط مسار المسيرة الصهيونية وسلوك المشاركين فيها وحجم تدخل حكومة الاحتلال لضبطها، وتبقى الكلمة الفصل لما سيشهده يوم غد الأحد.
في لبنان يدخل مجلس النواب الأسبوع المقبل امتحانه الأول في كيفية مقاربته للاستحقاقات الدستورية، حيث ستختبر نظرية بعض النواب الذين ارتضوا الترشيح عن مقاعد طوائفهم، وشكلوا لوائح احترمت التوزيع الطائفي للمقاعد، لكنهم لمحوا الى نيتهم خرق العرف الطائفي في انتخاب رئيس المجلس النيابي، وسيلتزمون بالتوزيع الطائفي فيما يتعلق بمنصب نائب الرئيس، ويظهر يوم الثلاثاء مدى جدية هؤلاء في المضي بالعبث، الذي يتلفح بمزاعم إلغاء الطائفية بينما يخفي نعرة طائفية خبيثة، وسيظهر حجم المتأثرين بهذا العبث والذين سينضمون إليه، بينما بين أيديهم لإثبات جدية التمرد على الطائفية البدء بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية المنصوص عليها في الدستور، ومراقبة تطبيق نص المادة 95 من الدستور لجهة منع تخصيص طوائف بوظائف الفئة الأولى كقائد الجيش وحاكم مصرف لبنان ورئيس مجلس الإنماء والإعمار ورئيس الهيئة العليا للإغاثة، ورئيس مجلس الجنوب، ويبقى الاختبار الأهم في مدى صدقية هؤلاء النواب في السير بتطبيق المادة 22 من الدستور لجهة انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي وتشكيل مجلس للشيوخ.
الاختبار الثاني سيكون في انتخاب نائب رئيس مجلس النواب، بعدما عبر رئيس السن نبيه بري كمرشح وحيد لرئاسة المجلس عن عدم ربطه لتحديد موعد جلسة الانتخاب بعدد الأصوات التي سينالها، وترك الأمر لتشاور الكتل النيابية، خصوصاً لجهة الترشيحات لمنصب نائب الرئيس، حيث ستظهر العملية نتائج تتصل بصدقية ما أعلنته الكتل، فالقوات اللبنانية التي أعلنت امتلاك أكثرية نيابية ستواجه اختبار قدرة الفوز بمنصب نائب الرئيس لمرشحها غسان حاصباني وتجرئه على إعلان ترشحه، حيث الهروب من الترشح علامة كافية على توقع الفشل، ثم امتحان تبني ترشيح نائب من المستقلين الذين يشكلون الأكثرية المفترضة مع القوات، فإن حصل سيظهر حجم التصويت الذي يناله حجم الكتلة الأوسع التي سيظهر أنها لا تملك الأكثرية، وسيظهر حجمها الفعلي، والهروب علامة كافية لإثبات الفشل، كذلك الامتحان سيكون لنواب التغيير ومدى قدرتهم على تشكيل كتلة موحدة كثر الحديث عنها، والامتحان البسيط هو قدرتهم على الاصطفاف وراء مرشح واحد، والامتحان أيضاً سيكون لما تم تداوله عن تكتل للنواب المستقلين يدعم ترشيح النائب سجيع عطية وحجم هذا التكتل وقدرته على إقامة تحالفات في ظل إعلان عطية عن التوجه للتصويت للرئيس بري في انتخابات رئاسة المجلس النيابي، والامتحان أيضاً سيكون لكتلة التيار الوطني الحر التي لم تعلن رسمياً ترشيح أيّ من أعضائها لمنصب نائب الرئيس رغم التداول بحسم ترشيح النائب الياس بوصعب، وفي حال إعلان ذلك رسمياً سيكون الامتحان لتظهير التحالفات التي سينسجها التيار لضمان فوز بوصعب، مع تأكيده عدم التصويت لبري، وماذا سيكون موقف نواب ثنائي حركة أمل وحزب الله؟
مالياً، كان الحدث بقفز سعر صرف الدولار الى سعر 37 الف ليرة بعد ظهر أمس وتسارع صعوده، في ظل توقعات ببلوغه الأربعين ألفاً، قبل أن يصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً يفتح فيه الباب للمصارف لبيع الدولار لزبائنهم بسعر صيرفة، واستعداد مصرف لبنان لتزويدهم بالدولارات اللازمة، وقياساً بكون سعر صيرفة دون الـ 24 الف ليرة، هبط سعر الصرف خلال دقيقة واحدة من 37 الف ليرة الى 28 الف ليرة بنسبة 25%، على وعد تعميم يبدأ تطبيقه الاثنين، كاشفاً أن بيد مصرف لبنان القدرة على التحكم بسعر الصرف، فمن يملك قدرة التخفيض بالتدخل، كان يملك قدرة التصعيد بعدم التدخل.
وبعد الارتفاع الجنوني والقياسي وغير المسبوق بسعر صرف الدولار في السوق السوداء على مدى الأيام القليلة الماضية وبلوغه أمس حدود الـ38 ألف ليرة للدولار الواحد، سجل «الدولار» انخفاضاً كبيراً، ليبلغ عصر أمس 31000 ليرة لبنانية. وذلك بعد تدخل المصرف المركزي عبر تعميم أصدره حاكم المصرف رياض سلامة طلب خلاله من جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسّسات ويريدون تحويلها إلى الدولار الأميركي، التوجه الى المصارف اللبنانية الاثنين المقبل عبر «SAYRAFA» .
وتوجّه سلامة عبر التعميم إلى “جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسّسات ويريدون تحويلها إلى الدولار الأميركي، بناءً على التّعميم رقم 161 ومفاعيله، وعلى البنود رقم 75 و83 من قانون النقد والتسليف، التقدّم بهذه الطّلبات إلى المصارف اللبنانية ابتداءً من يوم الاثنين المقبل وذلك على سعر «SAYRAFA»، على أن تتمّ تلبية هذه الطلبات كاملةً في غضون 24 ساعة”. وأوضح أنّ “هذا العرض مفتوح ومتاح يوميًّا”. وطالب سلامة المصارف بالفتح الاثنين والثلاثاء والأربعاء حتى السادسة مساء لتلبية حاجة المواطنين من الدولارات.
ويُعد هذا التراجع بسعر الصرف الأكبر والأسرع خلال يوم واحد. ما يرسم علامات استفهام حول أسباب هذا الارتفاع المفاجئ والسريع من جهة وقدرة حاكم مصرف لبنان على لجمه بوسائل متعدّدة، فيما لم يحرك ساكناً خلال أيام عدة وسط غياب كامل من الحكومة والأجهزة المالية والقضائية والأمنية المعنية من جهة ثانية؟ ما رسم مشهداً قاتماً أعطى رسالة للبنانيين بأنهم متروكون لمصيرهم من دون حسيب ولا رقيب لقمة سائغة لمافيات الدولار وتجار الأزمات وعصابات التشليح والسرقة والقتل، وكأن الانهيار الكبير قد بدأ فعلاً بعدما وعدوا قبل الانتخابات بمرحلة جديدة مفتوحة على إنجاز سريع للاستحقاقات وحكومة وسلطة جديدة لمعالجة جدية للأزمات وخفض سعر صرف الدولار، كما بشر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع!
ويشير خبراء في هذا الإطار إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار غير طبيعي لوجود توازن بين سعر صيرفة وحجم مبيع الدولار في السوق، لكن بعض المصارف التي تعتزم إقفال فروعها في قبرص والعراق ودول أخرى عمدت إلى لمّ الدولار من السوق بشكل كبير ما رفع الطلب على الدولار، وبالتالي ارتفاع سعره عبر التطبيقات الالكترونية، وهذا ما دفع بالبائعين اليوميين للدولار الى عدم بيعه طمعاً ببيعه على أسعار أعلى، ما سبب خللاً بين الطلب على الدولار والكميات المعروضة. وتوقع الخبراء أن يدفع هذا التعميم الناس لبيع الدولار حتى نهار الاثنين قبل انخفاض سعره للحصول على كميات من اللبناني لصرفها على منصة صيرفة وفق التعميم للحصول على الدولار، وحتى الاثنين سيكون الدولار قد أكمل دورة انخفاضه الى حوالي 24 ألف ليرة أي الى حدود سعر صيرفة، ويكون مصرف لبنان قد لمّ دولارات الناس من السوق بسعر متدنّ ليستخدمها في تعزيز احتياطاته وحل أزمة بعض المصارف الكبرى وتسديد بعض الفواتير السياسية.
ولفتت جهات مطلعة على أوضاع السوق المالي والتجاري لـ”البناء” الى أن “تعميم مصرف لبنان سيؤدي الى مزيد من هدر لأموال المودعين لغايات سياسية – مصرفية، ومفاعيله لن تخدم أكثر من أسبوع أو أسبوعين ليعود الدولار الى الارتفاع مجدداً، وبالتالي دخول سعر الصرف في حلقة مفرغة من دون أية خطة مالية ومصرفية واقتصادية واضحة. وربطت الجهات تدخل سلامة على خط الدولار وبين الصراع السياسي الداخلي والخلاف الحاد حول الاستحقاقات المقبلة وتجميد الملف القضائي المتعلق برياض سلامة وشقيقه رجا سلامة. ولفتت الجهات الى أن “لا استقرار بأسعار الصرف ولا في السوق الاستهلاكية في ظل الجو السياسي السائد والخلاف السياسي الذي يشمل مختلف الاستحقاقات والملفات بين القوى السياسية لا سيما أن المجلس النيابي الجديد يحتوي على كتل متنوّعة وذات انتماءات وتوجهات متعددة، ما يصعب التوافق على حلول للأزمات”. كما حذرت الجهات من استغلال التجار لهذا الفارق الكبير بأسعار الصرف لتحقيق أرباح خيالية. متوقعة عدم تراجع الأسعار في الأسواق الاستهلاكية بنسبة انخفاض الدولار نفسها إذا لم تسارع وزارة الاقتصاد والأجهزة الرقابية والأمنية المعنية للنزول الى السوق والقيام بواجبهم الرقابي وإجبار التجار على خفض الأسعار.
وكان وزير الاقتصاد والتّجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، أعلن خلال إطلاق “المجلس الوطني لسياسة الأسعار”، أنه سيدعو “بشكل طارئ إلى اجتماع لهذا المجلس، لأنّنا اليوم في حالة طوارئ وما فينا نكفّي هيك”.
وعلق وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل على الفوضى في سوق الدولار، مشيراً الى أنّ “هناك أمرًا غير طبيعي في حجم الفارق بين سعر صيرفة وسعر الصرف في السوق السوداء”، شارحًا أنّ “عمليات الصرف في السوق السوداء لم يتجاوز حجمها مؤخرًا الخمسة ملايين دولار يوميًا، فيما يتعدى حجم التداول على منصة “صيرفة” عشرات ملايين الدولارات يوميًا”.
وأشار الخليل إلى أنّ “التطورات العالمية في زيادة أسعار السلع الأساسية عالميًا، وعدم حصول أي تبدل في ميزان المدفوعات والميزان التجاري في لبنان، لا يبرر هذا الفرق في سعر الصرف على منصة صيرفة والسوق السوداء”، مرجحًا مساهمة عوامل مختلفة لخلق هذا الفارق الكبير، “ربما لأسباب سياسية وتجارية” أو “لخلق حالة هلع في الأسواق”.
وأكّد أنّ “وزارة المالية قامت بالشراكة مع المؤسسات الدولية المالية بمختلف تقنياتها بمحاكاة لسعر الصرف، وجميعها تطابقت مع سعر الصرف المحدد من منصة صيرفة إلى حد كبير”، مؤكدًا أنّ “شح توافر الليرة اللبنانية وتوافر الدولار بشكل متزايد يفترض أن يؤدي الى نتائج عكسية، تؤدي الى انخفاض سعر صرف الدولار، وعليه فإن انفلاته بهذا الشكل هو أمر غير طبيعي مما يزيد من فرضية إقدام البعض على خلق هذه الفجوة”.
وكان اللبنانيون أمس، عاشوا يوماً كاملاً من حرب “حرق الأعصاب” بسبب “بورصة الدولار” الذي واصل ارتفاعه التدريجي قبل ظهر أمس بوتيرة سريعة ومريبة، ما انعكس على كامل مفاصل الحياة اليومية. وسادت أجواء من القلق والذهول على المشهد العام وعلى المواطنين الذين اكتووا بلهيب الأسعار، لا المحروقات مع عودة الطوابير الى المحطات التي أقفل بعضها في عدد من المناطق.
وفيما استقرّ سعر البنزين بنوعيه 95 و98 أوكتان، ارتفع سعر المازوت 30 ألف ليرة وسعر الغاز 24 ألف ليرة، وفق جدول تركيب الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة والمياه. وأقفلت معظم محطات المحروقات صباح أمس في بيروت والضواحي.
وأوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس أن “استمرار المصارف في التأخّر عن تسليم الشركات المستوردة للنفط مستحقاتها بالدولار الاميركي والتي تمثل ثمن البنزين المستورد وفق “منصة صيرفة” وللأذونات المسبقة من مصرف لبنان، سينتج منه استمرار التقنين بتسليم هذه الشركات كميات البنزين للسوق المحلي وبتراجع توافر هذه المادة للمستهلك في المحطات رغم وجود كميات غير قليلة في المستودعات في لبنان”. ومن جهته، لفت ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا إلى أنّ “البيان الذي صدر عن تجمع أصحاب المحطات، الملوّح بإقفالها، هو بيان تحذيري للمسؤولين بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الذي يحصل يوميا، وليس بإمكاننا كأصحاب مصالح أن نلحق بأسعار الدولار، ونحن كقطاع نفط متضررون لأننا نبيع وفق سعر صرف متقلب بشكل حادّ”.
ومع ارتفاع سعر القمح عالمياً وصدور جدول اسعار جديد للمحروقات، تمّ رفع سعر ربطة الخبز الصغيرة 2000 ليرة أي من 7 الى 9 آلاف ليرة لبنانية، والمتوسطة الحجم ايضاً 2000 ليرة لبنانية أي من 13 الى 15 الف ليرة لبنانية، مع إلغاء الربطة الكبيرة.
ولفتت وكالة “فيتش” الأميركية للتصنيف الائتماني، أنّ نتائج الانتخابات في 15 أيار غير الحاسمة في لبنان، تزيد صعوبة تمكن أي معسكر من تشكيل أغلبية مستقرة مسيطرة في البرلمان”، وحذّرت، من أنّ خروج لبنان من وضع التخلف عن سداد الدين ما زال صعباً بعد الانتخابات غير الحاسمة. وأشارت الوكالة في تقرير، إلى أن “الواقع الحالي، يزيد من تعقيد قدرة البلاد على تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية، فيما مثل هذه الإصلاحات ستكون شروطًا مسبقة للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي والشركاء الدوليين الآخرين، والذي بدوره يمكن أن يمهد الطريق لخروج لبنان من التقصير في الوفاء بالتزاماته السيادية”.
وفي سياق ذلك، نقل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب الذي يواصل اجتماعاته في واشنطن، عن ممثلي صندوق النقد الدولي “القلق الشديد من التطورات الاقتصادية في لبنان في المرحلة المقبلة، في ظل التراجع الكبير في احتياط العملات الصعبة لمصرف لبنان”. وشددوا بحسب بيان الخارجية على “عدم تمكن الصندوق من مساعدة لبنان من دون إقرار الإصلاحات الضرورية، والتي تعتبر أقل ما يطلبه الصندوق عادة من الدول التي ترغب في الحصول على مساعدته، خصوصاً إقرار موازنة عام 2022، وإقرار قانون الكابيتال كونترول، وتعديل قانون السرية المصرفية، وإقرار خطة استراتيجية للقطاع المصرفي تقوم على تقييم شفاف وعادل يعيد الثقة بالقطاع، وتقييم الموجودات الخارجية لمصرف لبنان”.
على خط مواز، ربطت مصادر سياسية بين تسخين الوضع الداخلي اللبناني وتفاقم الخلاف السياسي والأزمات الاقتصادية والمالية وبين تصريحات المسؤولين الأميركيين الذين كشفوا دور بلادهم بتسريع الانهيار في لبنان وفرض الحصار المالي والاقتصادي والنفطي عليه طيلة سنوات عدة، وكشفت لـ”البناء” عن توجه أميركي لتشديد الضغط على لبنان على وقع إنجاز المجلس النيابي الجديد جملة استحقاقات من انتخاب رئيس له الى تأليف الحكومة المقبلة وصولا الى استحقاق رئاسة الجمهورية، وبالتالي المطلوب أن يبقى لبنان تحت سيف العقوبات ومطرقة الضغط والتشرذم والفوضى حتى دفعه للتنازل في ملفات عدّة. وتساءلت المصادر أين الكهرباء والطاقة الذي وعدت واشنطن باستجراره من الأردن ومصر الى لبنان؟
وفي سياق ذلك، كشف الوزير بو حبيب، أنّ “هناك صعوبات تواجه نقل الغاز من مصر، أبرزها أن القاهرة تطالب بضمانات أميركية لعدم تطبيق العقوبات المفروضة على سورية سواء حالياً أو مستقبلاً، في حال توريد الغاز إلى لبنان”، لافتاً إلى أن هناك أموراً أخرى يجب على لبنان تنفيذها، ويتم التفاوض بشأنها حالياً مع القاهرة، ولذلك سيستغرق هذا الأمر وقتاً أطول من استيراد الكهرباء من الأردن”. وأعرب بو حبيب عن وجود “ارتياح قوي” بين المسؤولين الأميركيين تجاه الانتخابات التشريعية اللبنانية والتي أجريت بـ”شفافية ونزاهة”، مشيراً إلى “وجود ارتياح كذلك من وصول الحكومة اللبنانية إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهذا شيء مهم بالنسبة لنا وللدول المانحة”.
وعن أزمة الحدود البحرية الجنوبية، أوضح الوزير اللبناني أن “هناك عرضاً أميركياً بعد استشارتهم لتل أبيب، ونحن اعتبرناه إيجابياً ولكن غير كافٍ، وطالبنا بزيارات مكوكية للتعجيل بحل هذه المسألة”.
وفي المواقف، سأل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي: “شفتوا كيف بيطلع الدولار وبينزل؟ شو بتفيد الانتخابات ونتائجها والكتل النيابية وأحجامها والرئاسة وصلاحياتها اذا موظف هو بالواقع international crook بيلعب بالناس والبلد على مزاجه وما في قدرة على محاسبته بسبب نظام ممسوك من منظومة مشلّشة ومصرة تكفي جريمتها؟”. وأضاف باسيل: “برسم القضاء والمجلس الجديد”.
ورأى المفتي الجعفري الممتاز الشّيخ أحمد قبلان، “أنّنا أمام كارثة مرسومة ومقصودة، وهناك أوكار وقوى تتلاعب بمصير النّاس وحياتها المعيشيّة، بوجود حكومة مشلولة أو مغيّبة، فالدّولار اليوم تجاوز الـ36 ألف ليرة، واللّيرة تحوّلت مقبرةً للبلد بكلّ ما فيه، ومرحلة التفلّت النّقدي تعدّت الحدود الإنسانيّة والأخلاقيّة، فيما البعض يرفع سقفه السّياسي ويهدّد بالفراغ والشّلل، لنَسف أيّة قدرة للبلد وناسه على الصّمود”. وحذر قبلان خلال خطبة الجمعة من مشروع خارجي “لترك البلد للفراغ يعني أخذَه نحو فاجعة وطنيّة، ولا أبالغُ إن قلتُ حربًا أهليّةً، فلا بدّ من رسم ملامح المرحلة الحاليّة، لأنّ هناك مشروعًا جدّيًّا يريد سحق حضور الدّولة، تمهيدًا لمشاريع مناطقية خبيثة. ونخشى بشدّة من عرض لعبة “بروفا انفجار اجتماعي”، لأنّ هناك من هو مصمّمٌ على تحويل لبنان إلى طاحونة جوع وفوضى وفلتان وتقسيم طائفي”.
بدوره، تساءل عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قبلان قبلان: “أين أجهزة الدولة ومؤسساتها؟ ومن المسؤول عن هذا الانهيار الكامل للعملة اللبنانية؟ فهل أنتم عاجزون عن ملاحقة ومعرفة الذين يتلاعبون بالدولار، وعاجزون عن ملاحقة المتلاعبين بصرف سعر الليرة اللبنانيّة، ولماذا لا تلاحقونهم وهم الذين يدارون من الخارج من أجل إرباك الساحة اللبنانية، الدولة وأجهزتها مسؤولة أن تلاحق هؤلاء وأن تمنعهم من التلاعب بلقمة العيش، فالبلد كجريح ينزف في الأرض، وعلينا أن نوقف النقاش السياسي وأن نذهب إلى معالجة هذا الجريح الذي هو الوطن بكل مشاكله وكل ما يعانيه وهي مسؤولية وطنية”.
في غضون ذلك، تتجه الأنظار الثلاثاء المقبل الى ساحة النجمة التي ستشهد أولى جلسات المجلس النيابي الجديد لانتخاب رئيس للمجلس ونائب رئيس وهيئة مكتب المجلس، وسط حسم فوز الرئيس نبيه بري بالرئاسة بعدد أصوات يناهز الـ65 صوتاً ويزيد بحسب نتيجة الاتصالات والمشاورات المستمرة مع كتل نيابية عدة للتوصل الى توافق على نائب الرئيس.
ووفق معلومات “البناء” فإنّ تكتل “لبنان القوي” حسم أمره بترشيح النائب الياس بو صعب، لمنصب نائب الرئيس، فيما بقي على موقفه لجهة عدم التصويت لبري وقد يترك حرية التصويت لبعض الأعضاء غير المنتمين للتيار الوطني الحر.
أما لجهة حزب “القوات اللبنانية” فتقول مصادره لـ”البناء” إلى أننا “سنصوت بالورقة البيضاء في ما يتعلق باستحقاق رئاسة المجلس، وملتزمون المواصفات التي وضعناها للرئيس ونائبه، وما زلنا في طور التواصل مع القوى السيادية والتغييرية في محاولة للاتفاق معها على المواصفات التي أعلناها ليتم تجسيدها بشخصية معينة، والاتصالات مفتوحة للوصول الى تفاهم، لكن لغاية اللحظة لا مؤشرات على حصول تفاهم”. ونفت المصادر أن تكون “القوات” قد رشحت أية شخصية لمنصب نائب رئيس المجلس وبالتالي لم ترشح النائب غسان حاصباني، بل وضعنا مواصفات ونعمل للتوصل الى اتفاق مع القوى التغييرية”.
وأمام تمسك التيار الوطني الحر بموقفه رفض أي تفاهم مع بري، ووسط صعوبة توافق كتلة “القوات” مع قوى “المجتمع المدني” الذي بدوره لم يتفق على اسم حتى الساعة، فإن أسهم عضو كتلة نواب عكار النائب سجيع عطيه ترتفع كمرشح توافقي يحظى بقبول معظم الكتل النيابية، وفق معلومات “البناء”، وتجري مشاورات على هذا الصعيد قد تؤدي الى تفاهم بين الرئيس بري والنائب عطية لمقايضة الأصوات في استحقاقي الرئاسة والنيابة لكون النائب عطيه ينضوي ضمن كتلة نيابية من 5 نواب وقد تتوسع لتشمل عدداً من نواب عكار وطرابلس لتصبح 10 نواب. ويذكر أن عطية أعلن ترشحه كمرشح وسطي ومستقل وقد يفتح التوافق عليه باب الحل لأزمة نائب الرئيس. كما تم التداول باسم النائب غسان السكاف كمرشح توافقي.
====================================================
افتتاحية جريدة الأخبار
لقاءات متواصلة بين حزب الله والفاتيكان: روما تشجّع على الحوار لحماية المسيحيّين
بعدَ كلّ ما قيل حول رؤية «الفاتيكان» للبنان والعلاقة مع حزب الله والردود المعارضة للانفتاح عليه، شهِدت الفترة الماضية خطوات أكدت نشوء علاقة جديثة يحتمل أن تتطوّر، وتمثّلت بعقد اجتماعات في السفارة البابوية مع وفد من الحزب، حيث نوقشت ملفات عديدة بمعزل عن الخلاف حول مسألة السلاح
كلّ الرهانات على محاولة عزْل حزب الله باءَت بالفشل. المتأمّلون في ذلك، خطؤهم أنّ رهاناتهم حبلى بأوهام عائمة على وعود الغرب، بينما الواقِع في مكان آخر. نظرياً، لا حدود لاستعراض «القوة» ضدّ الحزب و«هيمنته» على البلد، وإعطاء معلومات وتوجيهات ونصائح حول ضربِه. تمّ حشد كل عناصر العداء في وجهه، بدءاً من الخطاب «العنصري» بتصويره وبيئته دخيلين على نسيج المجتمع، وتحميله مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في السنوات الأخيرة وابتزاز اللبنانيين باستقرارهم الاقتصادي والنقدي والمالي مقابِل تخلّيهم عن حقهم في المقاومة، وأخطر ما في ذلِك، العمل على سلخ البعد الوطني عنها. حتى الهجمة على الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحرّ ورئيسه جبران باسيل لا تخرج عن هذا السياق.
ولكنْ للبعد العملاني سياق آخر، دفعَ بعدد من القوى الخارجية الفاعلة كي تعود إلى واقعيتها بالحدّ الأدنى بتسليمها أن الحزب هو فصيل لبناني وشريك أساسي في اتخاذ أي قرار متعلق بمستقبل البلد، أو أقلّه يملك حق الفيتو عليه، فانكفأت إلى مدار البحث في نقاط وهموم مشتركة معه. مِن هذا المنطلق، وخلافاً لكل السرديات الداخلية، كانَ لـ«الفاتيكان» موقف متقدّم بدأ يتظهّر منذ ما قبل زيارة الرئيس عون لها في آذار الماضي، وكانت الإشارات الأولية قد صدرت خلال زيارة وزير خارجية الفاتيكان بول ريتشارد غالاغير للبنان قبل عدة أشهر، عندما تحدث عن ضرورة الحوار مع الحزب والتحذير من عزله. وقد سمع الرئيس عون الكلام نفسه الذي قاله كبار المسؤولين في الفاتيكان حول أن حزب الله فريق لبناني يجب أن يكون هناك حوار معه.
===============================================================
سعدنات الحاكم مستمرّة: المضاربات تتصاعد بضخّ الدولارات
بسحر ساحر، انخفض سعر الدولار في السوق الحرّة من 37 ألف ليرة إلى 29 ألف ليرة، وربما ينخفض أكثر خلال اليومين المقبلين. الانخفاض جاء استجابة لبيان صادر عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة/ يشير فيه إلى أنه سيضخّ الدولارات عبر التعميم 161 بالوتيرة المفتوحة السقف، أي أنه سيوقف تقنين ضخّ الدولارات وسيكرّر مرحلة السقف المفتوح في أول شهر من السنة الجارية. يومها بلغ الدولار 32 ألف ليرة، ثم انخفض إلى 20 ألف ليرة في 1 شباط. استمرّ الأمر لغاية 8 آذار (36 يوماً) ثم عاد سعر الصرف إلى الانفلات التدريجي، وصولاً إلى تسجيله ارتفاعاً قياسياً أمس بلغ 37 ألف ليرة. يقال إن سلامة أنفق أكثر من مليارَي دولار في هذه العملية. أما البيان الصادر أمس، فقد كان له مفعول السحر لأنه أعاد ضخّ الدولارات في شرايين المضاربات الجارية. سقف هذه المضاربات مفتوح للجميع، ما يعني أنه سيكون بإمكان أيّ أحد الاستفادة من الهامش الواسع بين سعر السوق الحرّة وسعر صيرفة. فرغم انخفاض السعر إلى 29 ألف ليرة، إلا أن الهامش ما زال واسعاً ويبلغ 4500 ليرة. كل 1000 دولار تباع في السوق بسعر 29 ألف ليرة تحقق للمضاربين أكثر من 100 دولار (بعد حسم العمولات للمصارف) خلال 24 ساعة.
=============================================================================
افتتاحية صحيفة النهار
ذعر الدولار يستدرج “هجوماً طارئاً” للتبريد
اشبه بما يكون حالة ذعر معممة او حتى هستيريا، لا حالة طوارئ مالية فقط، عاشها اللبنانيون امس، اذ بدا معها انفلات سعر #الدولار متخطيا كل السقوف والخطوط الحمراء بمثابة نذير ببدء المرحلة الأخطر من الانهيار المالي والاقتصادي، وما يحمله من موجات إضافية من التداعيات الاجتماعية الكارثية، وسط ضياع مخيف حيال حقيقة الأسباب والدوافع التي جعلت هذا الاعصار الانهياري يضرب البلاد غداة الانتخابات النيابية تحديدا، وراح يتدحرج متضخما الى ان وضع لبنان مجددا امام خطر الانفجار الاجتماعي الكارثي وربما أيضا الأمني.
ولكن ما جرى في الساعات الأخيرة مع طلائع تدخلات حاسمة بادر اليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ان في إجراءات من شانها ان تعيد تبريد الالتهاب في سعر الدولار وضبطه ولجمه على ايقاعات منصة “صيرفة”، او في إجراءات تلزم المصارف بتمديد الدوام لثلاثة أيام بما يستوعب كل الضغوط في طلبات المواطنين، بدا بمثابة هجمة معاكسة من حاكم مصرف لبنان في وجه انفلات قد تكون بعض وجوهه متعمدة. وارتسمت حيال ذلك تساؤلات مريبة وقلقة عما اذا كانت معارك خفية كانت تدور تحت جنح التفلت المخيف في سعر الدولار، الامر الذي دفع الحاكم سلامة الى التدخل بقوة والشروع في اصدار التعاميم المتعاقبة حول الإجراءات الجديدة لمواجهة، او على الأقل فرملة، الاندفاعات نحو انزلاق بالغ الخطورة. ولعل السؤال الأشد الحاحاً هو لماذا لم يبادر الحاكم أصلا الى هذه الإجراءات ما دامت كفلت في اقل من ثلاث ساعات تراجع الدولار بما يوازي الثمانية الاف ليرة اذ جرى تداوله مساء بسقف 30 الف ليرة بعدما حلّق نهارا الى سقف 38 الف ليرة ! واذا كانت ساعات العصر والمساء سجلت تراجعا سريعا بنسبة لا يستهان بها في سعر الدولار بما عكس الأثر الفوري لتعاميم حاكم المركزي على السوق المالية، فان الأنظار ستكون مشدودة من اليوم وفي مطلع الأسبوع الى تطورات هذا الاختبار الجديد وكيف ستتكيف الأسواق والمصارف مع الإجراءات الجديدة. وليس خافيا انه سيكون للاستحقاق الدستوري السياسي المتمثل في جلسة انتخاب رئيس #مجلس النواب ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس اثرها لجهة الدلالات التي ستتركها معركة انتخابية وسياسية ستدشن عمل المجلس المنتخب وترسم للمرة الأولى توزع القوى المنتخبة فيه سواء كانت قوى تقليدية ام ناشئة .
اذاً، وفي حين حلّق الدولار نهار امس متجاوزا حاجز الـ37 الف ليرة، اصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد الظهر بيانا توجه فيه “الى جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسسات ويريدون تحويلها الى الدولار الأميركي” فطلب منهم “التقدّم بهذه الطلبات الى المصارف اللبنانية إبتداءً من يوم الاثنين المقبل وذلك على سعر “صيرفة” على ان تتم تلبية هذه الطلبات كاملةً في غضون 24 ساعة. وهذا العرض مفتوح ومتاح يوميًا”.
واثر بيان الحاكم ، بدأ سعر صرف الدولار بالتراجع مسجلا في السوق السوداء 34 ألف ليرة ومن ثم وفي وقت لاحق بلغ التراجع سقفا جديدا اذ هبط سعر الدولار الى ما بين 31 الف ليرة و30 الفا ثم هبط لاحقا الى ما دون سقف الـ 30 الفا .
واتبع حاكم مصرف لبنان بيانه الأول ببيان اخر موجه الى المصارف فطلب منها “ابتداءً من يوم الإثنين المقبل ولثلاثة ايام متتالية ان تبقي على فروعها وصناديقها مفتوحة يوميًا حتى الساعة السادسة مساءً لتبية طلبات المواطنين من شراء الدولارات على سعر “صيرفة” لمن سلم الليرات اللبنانية كما دفع معاشات الموظفين في القطاع العام بالدولار أيضًا على سعر “صيرفة.”
تضارب
غير ان تضاربا لافتا ساد مواقف المعنيين بالملف المالي والمصرفي، اذ اعتبر وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل أن أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار في أسواق البلاد “مرتبط إلى حد كبير بعوامل خارجية”. وقال الخليل لوكالة “سبوتنيك” :”أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في الأسواق اللبنانية مرتبطة إلى حد كبير بعوامل خارجية، ولا فلتان في سوق القطع”. وأشار إلى أن منصّة “صيرفة” تتم عبرها أغلبية العمليات بسعر يتراوح بين 22 و24 ألف ليرة لبنانية، وهي عملية تخضع للتدقيق يومياً من قبل مؤسسات مالية ونقدية عالمية .
في المقابل كان وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام يحذر من “اننا متجهون نحو الانهيار”. وقال محذرا التجار، خلال إطلاق المجلس الوطني لسياسة الأسعار: “مَن يريد استغلال حاجة الناس سنكون له بالمرصاد” مشيرا الى انّ “أحدا لا يتحمل ماذا سيحصل . فنحن متوجهون نحو الإنهيار وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته”. واعلن أنه سيدعو بشكل طارئ إلى اجتماع للمجلس الوطني لسياسة الأسعار لأننا “اليوم في حالة طوارئ وما فينا نكفي هيك” .
في موازاة ذلك بلغت اسعار المحروقات درجة الغليان وعادت الطوابير الى العديد من المحطات. وفيما استقرّ سعر صفيحة البنزين عند عتبة الـ 600 الف ليرة ارتفع سعر صفيحة المازوت الى 760 ألف ليرة وسعر قارورة الغاز الى500 ألف ليرة. وأقفلت معظم محطات المحروقات في بيروت والضواحي. كذلك تمّ رفع سعر ربطة الخبز الصغيرة 2000 ليرة، والمتوسطة الحجم ايضاً 2000 ليرة لبنانية، مع الغاء الربطة الكبيرة.
الاستحقاق البرلماني
وسط هذه الأجواء تتجه معركة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائب الرئيس الى فرز حاسم بين التصويت للرئيس نبيه بري باقل نسبة أصوات سينالها منذ ثلاثين عاما والتصويت بالورقة البيضاء لجميع الرافضين اعادة انتخابه. وعلم ان تواصلاً يجري بين كتل “القوات اللبنانية “والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب وحركة الاستقلال وعدداً من النواب التغييرييين عن الانتفاضة. كما يضم التشاور بعضاً من النواب المستقلين، مع الاشارة إلى أن الجميع لديهم نوايا ايجابية واستعدادات تعاونية. وتتجه غالبية النواب السياديين المستقلين إلى الورقة البيضاء. وترى المصادر أن الجميع بات أمام وقت قصير لإنجاز المفاوضات قبل الثلثاء والاتفاق على إسم واحد، وإلا الذهاب إلى الجلسة النيابية بصورة غير جيّدة.
وتشير معطيات “النهار” إلى أنّ النواب التغييريين يتجهون إلى التصويت بورقة بيضاء على صعيد انتخاب رئاسة المجلس النيابي، باعتباره الخيار الأكثر تأييداً الذي استقرّت عليه المشاورات بينهم. ويشكل عددهم 13 نائباً. ولم تصل المفاوضات حتى اللحظة إلى تبني إسم معيّن لنيابة رئاسة مجلس النواب مع الاستمرار في جوجلة النقاش. وحسم رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل امس عبر ” النهار” قرار التكتل بترشيح النائب الياس أبو صعب لنيابة رئاسة المجلس فيما يتوقع ان ترشح الكتلة “القواتية” رسميا النائب غسان حاصباني.
وعلمت “النهار” أن غالبية من نواب عكار من غير المرتبطين بـ”التيار الوطني الحر” يتّجهون إلى انتخاب الرئيس نبيه بري لولاية جديدة. وقد حسم هذا الاتجاه مع تبني إسم النائب سجيع عطية كمرشّح للكتلة العكاريّة عن منصب نائب رئيس المجلس النيابي. وكذلك، تتجه كتلة “اللقاء الديموقراطي” إلى التصويت لمصلحة بري، في وقت يدرس النائب المستقل غسان سكاف خياراته وقد طُرح إسمه في مجالس سياسية لتولي منصب نيابة الرئاسة. والكتل التي باتت خياراتها واضحة لانتخاب بري، تشمل إضافة إلى كتلتي “الثنائي الشيعي” ونواب 8 آذار المستقلين كلاً من “اللقاء الديموقراطي” وعدداً من النواب السنة الذين كانوا من المحسوبين على نهج مقرب من “المستقبل”.
في غضون ذلك توالت المواقف الدولية والغربية التي تستعجل تشكيل حكومة لبنانية
جديذة ، وأكد لويس ميغيل بوينو الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في حديث تلفزيوني أن الاتحاد يحث على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة جديدة في لبنان، والسعي إلى إجراء الإصلاحات الضرورية في البلاد.” وقال “نتوقع من مجلس النواب الجديد المنتخب أن يدعم عملية سريعة لتشكيل الحكومة، وأن يعمل على اعتماد جميع التشريعات وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحسين الحوكمة والاستقرار الاقتصادي بما يخدم لبنان وشعبه، وكذلك على البرلمان الجديد أن يساهم في تنفيذ الإجراءات المسبقة المطلوبة في الاتفاق على مستوى الموظفين، الموقع مع صندوق النقد الدولي في 7 نيسان الماضي، من أجل المباشرة ببرنامجٍ للصندوق”. وكرر “ضرورة القيام بالإصلاحات اللازمة لضمان أمن واستقرار وازدهار مستدام للبنان واللبنانيين”.
************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
“هستيريا” الدولار: شد حبال بين “الصيارفة” و”صيرفة”
بوصعب مرشّـح “الثنائي”: باسيل و”حزب الله”!
بينما يتواصل الانهيار تحت أقدام اللبنانيين ملتهماً آخر ما تبقى لهم من مقدرات عيش ومقومات صمود، وأمام “الانحلال التام الذي وصل إليه الوطن وجريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب اللبناني”، رفع الجسم القضائي صوته في وجه “الزعماء السياسيين (…) إذ لا يمكن الاستفادة من ترف السلطة وغسل الأيادي عند جوع المواطنين”، فخلص القضاة الذين اجتمعوا أمس في قاعة “شهداء القضاء” لدى محكمة التمييز إلى إعلان حالة “اعتكاف قضائي شامل من دون استثناءات” بدءاً من بعد غد الاثنين ولمدة أسبوع كخطوة تحذيرية مبدئية لحث المسؤولين على “تحمل مسؤوليتهم المعنوية بحدها الأدنى”، في ظل ما وصلت إليه أحوال “الغالبية الساحقة من المواطنين، بمن فيهم القضاة والمساعدين القضائيين، من عجز عن تأمين قوتهم اليومي”.
وفي المقابل، لا تزال الطبقة الحاكمة مستغرقة في حالة الإنكار والهروب إلى الأمام عبر ابتداع المزيد من الخزعبلات والمناورات لتجنّب السير في سكة الإصلاح ومكافحة الفساد، فجاء الرد حاسماً بالأمس من المقر الرئيسي لصندوق النقد الدولي في واشنطن على مسمع من وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب ومفاده: “الصندوق لن يتمكن من مساعدة لبنان من دون إقرار الإصلاحات الضرورية بما يشمل إقرار الموازنة والكابيتال كونترول وتعديل قانون السرية المصرفية وخطة استراتيجية للقطاع المصرفي وتقييم الموجودات الخارجية لمصرف لبنان”، على أن يكرر رئيس بعثة صندوق النقد إرنستو راميريز هذه الرسالة على مسامع جميع المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته المرتقبة إلى بيروت في حزيران المقبل.
لكن على نهج المحاصصة نفسه الذي أوصل من خلاله العهد وتياره اللبنانيين إلى الدرك الأسفل من جهنم، خلص “البازار التشريعي” الذي خاضه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل مع “حزب الله” إلى تسليم الأول بضرورة رفع “الراية البيضاء” على حلبة انتخابات الرئاسة الثانية في مواجهة الرئيس نبيه بري، والمضي قدماً في خيار النائب الياس بو صعب لمنصب نيابة الرئاسة الثانية “ليكون مرشح “التيار الوطني” و”حزب الله” لهذا الموقع من دون تقديم أي التزام من جانب بري بتصويت كتلته لبو صعب أسوةً بعدم تصويت التيار لرئيس المجلس”، حسبما لخّصت مصادر مواكبة نتيجة الاتفاق الذي تم التوصل إليه في هذا الإطار، معتبرةً في الوقت نفسه أنّ “بري خرج رابحاً من هذه المعادلة خصوصاً وأن بو صعب هو مرشح “الثنائي الشيعي” المفضّل لخلافة إيلي الفرزلي، فيكون التالي قد وصل إلى مبتغاه من دون الحاجة حتى إلى إبرام مقايضة في الأصوات مع باسيل بين رئاسة المجلس ونيابة الرئاسة”.
أما عن الأسباب الداخلية التي دفعت باسيل إلى إعلان ترشيح بو صعب رغم أنه كان يدفع باتجاه ترشيح النائب جورج عطالله للموقع، فكشفت المصادر أنّ “الانقسام داخل صفوف كتلة “التيار” كان له الأثر الراجح في كفة اتخاذ القرار لصالح بو صعب لا سيما وأنّ الأخير أبدى نيته الصريحة بالترشح لنيابة الرئاسة الثانية بمعزل عن قرار الكتلة مدعوماً من عدد كبير من أعضائها الأمر الذي جعل رئيس الكتلة يرضح لترشيحه ويصرف النظر عن ترشيح عطالله”.
وعن الحاصل الانتخابي الذي سيحظى به بو صعب، أوضحت المصادر أنّ “الساعات المقبلة ستكون كفيلة بحشد “حزب الله” ما أمكنه من أصوات الحلفاء لصالح مرشح “التيار الوطني” مستفيداً بشكل أساس من عدم وجود مرشح تغييري في المقابل يحظى بدعم قوى الأكثرية النيابية الجديدة لموقع نائب رئيس المجلس”.
اجتماعياً، بلغت لعبة السوق السوداء أمس مداها في حرق أعصاب وأموال المواطنين، مع بلوغ “هستيريا” الدولار مستويات قياسية في سوق الصرافين نهاراً ناهزت عتبة الـ40 ألف ليرة، قبل أن يتدارك المصرف المركزي الموقف ويسارع إلى كبح جماح السوق بلجام التعاميم، فبادر إلى إصدار تعميم جديد شهر فيه سيف “صيرفة” في وجه “الصيارفة” معلناً الجهوزية لتلبية “طلبات جميع حاملي الليرة من مواطنين ومؤسسات من أجل تحويلها إلى الدولار على سعر منصة “صيرفة” خلال 24 ساعة بدءاً من الاثنين عبر المصارف”، التي عاد وطلب منها في بيان آخر أن تبقي فروعها وصناديقها مفتوحة يومياً حتى الساعة السادسة مساءً ولثلاثة أيام متتالية بغية تلبية طلبات المواطنين من شراء الدولارات.
وسرعان ما هبط سعر صرف الدولار في سوق الصرافة بشكل دراماتيكي ليتراجع إلى ما دون الـ30 ألفاً مساءً مقلصاً الفارق بين السوق الموازية وتسعيرة “صيرفة”، على أن تبقى العبرة وفق الخبراء الاقتصاديين والماليين في “مدى قدرة مصرف لبنان على مواصلة لعبة “شد الحبال” مع الصرافين واستمراره في ضخّ الدولارات في السوق، وإلا فإنّ السيناريو نفسه سيتكرر وسيعود سعر الصرف إلى التحليق بلا سقف”.
************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
لبنان: تحذيرات من «الانهيار التام» ودعوات للإسراع بتشكيل الحكومة
مع تفاقم الأوضاع في مختلف القطاعات الصحية والمعيشية
ارتفعت الأصوات المطالبة في لبنان باتخاذ إجراءات فورية وسريعة مع تفاقم الأوضاع على مختلف المستويات الاجتماعية.
وفي هذا الإطار، دعا رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل إلى تشكيل حكومة استثنائية، وكتب في تغريدة له على تويتر قائلاً: «ذاهبون إلى الانهيار التام لأنهم صرفوا معظم الاحتياط لحماية أنفسهم في الانتخابات. إن لم تشكل حكومة استثنائية بسرعة استثنائية تتمتع بثقة استثنائية تقوم بخطوات استثنائية، لبنان ذاهب إلى الفوضى الكبرى. ليتحمل الجميع مسؤولياته».
من جهته، قال النائب المنتخب أشرف ريفي عبر حسابه على تويتر: «الوضع المعيشي لم يعد يُحتمل ودخلنا في المحظور. هناك حاجة ماسة وأولية لدعم 550 ألف عائلة لبنانية، فضلاً عن ملايين اللبنانيين الذين يسيرون على خط العَوز»، مضيفاً: «لقد صرف ما تبقى من الأموال في مغامرات غير مجدية، يجب إقرار الدعم الفوري للناس، وسنتقدم بمشروع قانون في هذا المجال».
بدوره دعا النائب المنتخب في حزب «القوات اللبنانية» زياد حواط إلى تأليف حكومة منتجة فاعلة لا ألغام تعطيلية فيها، وكتب على حسابه على تويتر قائلاً: «ارحموا الناس بعدما صار الفقر والجوع قاتلاً للبنانيين بكل ما في الكلمة من معنى، غيروا المقاربات وأسرعوا بتأليف حكومة تترجم نتائج الانتخابات المعبرة عن الرغبة بالتغيير والسيادة، منتجة فاعلة، لا ألغام تعطيلية فيها».
ولم تغب كذلك الأوضاع المعيشية الصعبة والانهيار المتسارع عن خطب صلاة الجمعة يوم أمس، وتحدث المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان عن كارثة مرسومة ومقصودة لكنه ربط بين الانهيار والسقوف السياسية المرتفعة. وقال: «هناك أوكار وقوى تتلاعب بمصير الناس، وحياتهم المعيشية، بوجود حكومة مشلولة، أو مغيبة، والليرة تحولت مقبرة للبلد بكل ما فيه، ومرحلة التفلت النقدي تعدت الحدود الإنسانية والأخلاقية، فيما البعض يرفع سقفه السياسي، ويهدد بالفراغ والشلل، لنسف أي قدرة للبلد وناسه على الصمود، ولذلك قلنا مراراً إن المعركة معركة وطنية بامتياز، وخصوصاً أن البلد يعاني من غرف عمليات مالية سياسية تتلاعب بالداخل وتريد تمزيقه»، وأكد أن «المطلوب التفكير بخيارات كبيرة، وبمسؤولية، وشفافية، لأننا أمام انفجار مدوٍ يهدد أصل وجود لبنان».
وتأتي هذه التحذيرات مع تفاقم الأوضاع في مختلف القطاعات، الصحية والمعيشية وغيرها وعلى رأسها الخبز الذي أعلنت وزارة الاقتصاد يوم أمس عن زيادة في أسعاره. وأعلنت الوزارة في بيان أنه «حتم التسعيرة الجديدة الارتفاع السريع بسعر صرف الدولار كما الارتفاع الكبير في سعر المحروقات التي تؤثر مباشرة في سعر إنتاج الطحين وفي أكلاف إنتاج ربطة الخبز والنقل، إلى جانب ارتفاع سعر القمح في الأسواق العالمية نتيجة الأزمة الأوكرانية».
************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
“الجمهورية”: صعود وهبوط للدولار والناس في النار.. و«نائب الرئيس»: ترشيحات ومفاجآت!
بعيداً عن ملهاة الأرقام والأحجام التي أغرقت مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية في النكايات والتمريكات المتبادلة بين بعض الاطراف، وبعيداً عن العراضات التي استبقت الاستحقاق المجلسي بمحاولة التحكّم بانتخاب رئيس المجلس وإخضاعه لشروط سياسية وغير سياسية، وبعيداً عن الاحتفاليات الإعلامية التي يقوم بها بعض الفائزين، بأنّ الانتخابات أفرزت واقعاً جديداً عنوانه التغيير، وحَجّمت سياسيين، وكسرت ما تسمّى الأكثرية الحاكمة للبلد والممسكة بزمام القرار، ثمة حقيقة مفجعة تبدّت في المشهد الداخلي، خلاصتها أن كل المشاركين في هذه الملهاة في واد، لا يرون سوى بعين واحدة حدود رؤيتها لا تتخطى مصالحهم وعدد مقاعدهم في المجلس النيابي الجديد، وفي المقابل وطن ينهار، وشعب بات على باب الجحيم الكارثي.
على ما يُقال فإنّ المصيبة تجمع، الّا في المشهد اللبناني فإنّ المصيبة تزداد إيلاماً بعقليّات لا تحسن سوى مدّ هذه المصيبة بما يزيد اشتعالها ويذكّي نارها أكثر، كما هو الحال في هذه الأيام التي يتعرّض فيها لبنان واللبنانيون لإعدام جماعي يهدد بسقوط الهيكل اللبناني على رؤوس الجميع. فأيّ قيمة لأرقام أو أحجام او أكثريات أو أقليات حينما يتحوّل البلد إلى أطلال لا حياة فيه؟
الواقع مفجع
كل الوقائع الداخلية تؤشّر الى تسارع في مسار الانهيار، وثمة سؤال بات اكثر من مشروع في ظل ما يجري: هل اتخذ قرار ما من مكان ما بإسقاط لبنان نهائيا؟ وما الذي يمنع اطراف الداخل كلها الى التلاقي حول خطة طوارىء لكبح هذا المسار وانقاذ ما يمكن انقاذه؟
لبنان في ظل هذا المسار، يبدو انه يُقاد الى خراب امام أعين الجميع؛ الناس، كل الناس تتعرض للقهر والإذلال، وسقف الدولار بَدا نهاراً مفتوحاً على غاربه وبدأ يطرق باب الثلاثين الف ليرة وغرف السوق السوداء في ذروة فلتانها، ومع الدولار عالياً تحلّق الاسعار، وتختفي الاساسيات وتُحتكر، والمواطن، بكل فئاته وطبقاته، صار وقوداً للنار.
المربع الاخير
يقول احد الخبراء الاقتصاديين لـ«الجمهورية»: «انّ لبنان دخل المربع الأخير من مؤامرة إسقاطه نهائياً في النار الاجتماعية والمعيشية، ولن يطول الامر مع ذلك ليتعالى الصراخ من الجوع والإفقار».
أجندة خبيثة
هذه الصورة المخيفة، تلاقيها مخاوف مصادر سياسية مسؤولة مما وصفته «مستقبل مُعتم»، وقالت لـ«الجمهورية»: ما يجري في لبنان، منذ صدور نتائج الانتخابات النيابية، والانهيار المتسارِع على كلّ الصّعد، أخشى أن يكون مندرجا ضمن «سياق منظّم» لإخضاع البلد لأجندة خبيثة محرّكة من «مكان ما»، لإيصال لبنان إلى لحظة تنعدم فيها سبل الانقاذ».
وتسأل المصادر «إلامَ يرمي تفخيخ لبنان بهذا التوتير الاجتماعي والمعيشي؟». وتجيب: «من حق اللبنانيين ان يوجّهوا اصابع الاتهام في كل اتجاه، وان يسألوا أي يد خفيّة محلية كانت او خارجية تقود هذا الانهيار؟ ولكن ما يبعث على الاسف والحزن والريبة في آن معاً، هو ان الانهيار يتحرّك والبلد يغرق بوتيرة شديدة الخطورة، ومكونات السياسة والنيابة غارقة في عالمها الانقسامي».
قلق دولي
على انّ اللافت في هذا السياق، ووفق معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» ما نقله مسؤولون كبار في دولة اوروبية الى مرجع مسؤول خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية، من مخاوف جدية على لبنان. حيث قيل للمرجع المذكور ما حرفيته: «علّقنا الأمل على ان تشكل الانتخابات النيابية في لبنان محطة انتقالية الى واقع افضل يتشارَك جميع اللبنانيين في الوصول اليه، ولكن التقارير التي تردنا حول التطورات في لبنان زرعت لدينا قلقا بالغا على بلدكم ومن واقع صعب ومؤلم جداً لا حدود فيه لمعاناة الشّعب اللبناني، وهو أمر يوجِب أن يتلاقى القادة والمسؤولون في لبنان، سواء في مجلس النواب او على مستوى الحكومة التي نرى ضرورة ان يتم تشكيلها سريعاً، على نقاط مشتركة يتمكّنون من خلالها إنقاذ الشعب اللبناني من المعاناة الكبرى التي تتهدده».
مخاوف ديبلوماسية
وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ حركة مشاورات جرت في الايام الأخيرة بين بعض البعثات الديبلوماسية الغربية في بيروت، وبحسب مصادر ديبلوماسية مُشاركة فيها فإنّ هذه المشاورات عكست حالاً من عدم الإطمئنان، وتم التوافق على توجيه تحذيرات بهذا المعنى الى المسؤولين الرسميين والسياسيين في لبنان قبل فوات الاوان».
وقالت مصادر ديبلوماسية غربيّة لـ«الجمهورية»: لقد سبق للمجتمع الدولي ان اكد وقوفه إلى جانب الشعب اللبناني والتزم بتوفير الدعم له. اما في الواقع الراهن الذي يمر به لبنان، فإنّ ما يهمّ الاسرة الدولية بالدرجة الاولى هو إبقاء حال الاستقرار قائمة في لبنان، ومُسارعة السلطات فيه الى اتخاذ مبادرات تصب في ذات الهدف، خصوصاً ان الوضع الحالي يبعث على القلق».
الا ان المصادر عينها لفتت الانتباه الى انّ المجتمع الدولي على التزامه تجاه لبنان، ولكنه في الوقت نفسه يرغب في ان يرى التزاما مماثلا من داخل لبنان، نحن نشعر بقلق وخوف من ان تأخّر المبادرات الجادة والمسؤولة من قبل قادة هذا البلد، سيقرب من دخول لبنان في تعقيدات اكبر، ومجهول لا يمكن لأحد ان يقدر ما ينتظره فيه».
تطمين
وفي موازاة ما لفتت اليه المصادر حول تقارير عن «مخاوف اللبنانيين من بلوغ حال من الفوضى، في ظل الارتفاع المتزايد لمعدلات الجريمة والسرقات، والاعمال المسلحة في اكثر من منطقة»، سألت «الجمهورية» مرجعاً أمنياً حقيقة الأمر فأكّد ذلك، مشيراً الى انّ القوى الامنية، ورغم امكاناتها المتواضعة جراء الازمة، تقوم بواجباتها في هذا المجال، وتردع المرتكبين.
وطمأنَ المرجع إلى «ان الاجهزة العسكرية والامنية في أعلى درجات جهوزيتها لحماية الاستقرار وضمان امن اللبنانيين، ولن تسمح بالمسّ بذلك. كما انّها ستواجه بكل قوة وردع أي محاولة لإحلال الفوضى وسيادة شريعة الغاب، ما نؤكد عليه الآن هو انّ الأمن مُصان وليس ما يدعو الى القلق من سيناريوهات غير واقعية».
إستعجال الحكومة
الى ذلك، وفيما أكدت وكالة «فيتش» أنّ «خروج لبنان من وضع التخلف عن سداد الدين لا يزال صعباً بعد الانتخابات غير الحاسمة»، توالى التأكيد الرسمي الاوروبي على ضرورة تشكيل حكومة جديدة سريعاً في لبنان.
وقال الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لويس ميغيل بوينو، في حديث لـ«العربية»، انّ «الاتحاد يحثّ على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة جديدة في لبنان، والسعي إلى إجراء الإصلاحات الضرورية في البلاد».
واضاف: «نتوقّع من مجلس النواب الجديد المنتخب أن يدعم عملية سريعة لتشكيل الحكومة، وأن يعمل على اعتماد جميع التشريعات وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحسين الحوكمة والاستقرار الاقتصادي بما يخدم لبنان وشعبه، وكذلك على البرلمان الجديد أن يساهم في تنفيذ الإجراءات المسبقة المطلوبة في الاتفاق على مستوى الموظفين، الموقّع مع صندوق النقد الدولي في 7 نيسان الماضي، من أجل المباشرة ببرنامجٍ للصندوق».
وكرّر «ضرورة القيام بالإصلاحات اللازمة لضمان أمن واستقرار وازدهار مستدام للبنان واللبنانيين».
ورداً على سؤال رجّح الناطق الرسمي الاوروبي «إجراء الانتخابات الرئاسية والبلدية اللبنانية في موعدهما، بما يتماشى مع المبادئ»، مشيراً إلى أن «الاتحاد الأوروبي سيواصل الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه، خاصة أن هذا الدعم مستمر منذ عقود ولم يتوقف، ففي عام 2020 وحده، قدم الاتحاد حوالى 333 مليون يورو لمساعدة البلاد. ونحن على استعداد للاستمرار في مساعدته بعد إبرام اتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي».
الاستحقاق المجلسي
سياسياً، لا تبدّل في خريطة مواقف الاطراف السياسية والنيابية من استحقاق انتخاب رئيس المجلس النيابي، وسط النتيجة المُسلّم بها مسبقاً بفوز الرئيس نبيه بري بولاية مجلسية جديدة، فيما تعجّ الصالونات والاروقة السياسية بحركة مشاورات حول وجهة الاصوات في جلسة الانتخاب التي تحددت الثلاثاء المقبل، حيث يرجّح ما يرشح عن هذه المشاورات نيل الرئيس بري اكثرية نيابية تفوق الـ65 صوتاً.
الا انه في المقابل، تتزايد الحماوة الانتخابية حيال موقع نائب رئيس المجلس، في ظل وجود عدد من المرشحين المفترضين لهذا المنصب. وعلى رغم الاجواء التي شاعت من اوساط التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية بأنهما ليسا معنيين بهذه الانتخابات، فإنّ التيار حسمَ في الساعات الماضية توجّهه لترشيح عضو تكتل لبنان القوي النائب الياس بوصعب لمنصب نائب رئيس المجلس. وفي الوقت ذاته لم تستبعد مصادر حليفة لحزب القوات ترشيح النائب غسان حاصباني، في وقت بقي اسم النائب ملحم خلف مُتداولاً في بعض الاوساط النيابية.
وعلمت «الجمهورية» انّ انتخاب نائب الرئيس كان محور سلسلة اتصالات جرت في الساعات الماضية من قبل كتل نيابية كبرى ببعض الجهات النيابية طلباً لدعم مرشحها لهذا المنصب، كذلك نشط أحد المرشحين في إجراء اتصالات بالكثير من النواب طالِباً دعمهم.
وبحسب ما تؤشّر الاجواء السابقة لجلسة الثلاثاء فإنّ الأمر، وإن كان محسوما لناحية انتخاب بري، الا انه بالنسبة الى انتخاب نائب الرئيس ستسوده تعقيدات كبيرة تحول دون بلوغ تفاهمات بين القوى النيابيّة حول ايّ من مرشحي الكتل الكبرى، ما لم تسبق ذلك «تسوية ما» تُفضي الى تفاهمات مسبقة تعدّل مسار الانتخاب. كَون أيّ من الكتل الكبرى، ومن دون هذه «التسوية»، غير قادر على حشد الاكثرية النيابية دعماً لمرشحه بالنظر الى التباينات القائمة.
وإنّ نجاح مرشح «التيار» في ظل عدم وجود «تفاهم مسبق» علني او ضمني، بحسب مصادر نيابية، يفرض ان يحظى بتأييد كتل اخرى، اذ انه قد يحظى بدعم نواب «حزب الله»، الا انه سيجد صعوبة في حشد دعم اطراف اخرى بالنظر الى العلاقة الاشتباكية التي تربطه بهم، والامر نفسه ينطبق على «القوات» التي قد لا تجد داعماً لمرشحها سوى نواب كتلة الجمهورية القوية مع بعضٍ محدود من النواب الذين يسمّون أنفسهم تغييرين او سياديين، خصوصاً ان سائر الكتل الأخرى تقف معها على اشتباك متبادل.
وتبعاً لذلك، وفي غياب «التسوية المسبقة»، لم تستبعد المصادر النيابية حصول مفاجأة في انتخاب نائب رئيس المجلس، بحيث انّ الاحتمال الاكثر ترجيحاً امام انسداد طريق الكتل الكبرى الى منصب نائب الرئيس، هو انتخاب احد النواب الارثوذكس المستقلين من خارج دائرة الاحزاب.
الدولار ارتفاع فهبوط
وكان سوق الدولار قد شهد أمس إرباكاً كبيراً، حيث فتح في فترة الصباح على قفزة الى ما فوق 37 الف ليرة، ليعود في فترة بعد الظهر ويهبط سبعة آلاف ليرة، بعد بيانَين لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة موجّهَين الى المصارف والى حاملي الليرة اللبنانية، حيث قال في الأول: «على المصارف اللبنانية ابتداءً من يوم الإثنين المقبل وذلك لثلاثة أيام متتالية ان تُبقي على فروعها وصناديقها مفتوحة يوميًا حتى الساعة السادسة مساءً لتبية طلبات المواطنين من شراء الدولارات على سعر sayrafa لمَن سلم الليرات اللبنانية كما دفع معاشات الموظفين في القطاع العام بالدولار أيضًا على سعر Sayrafa».
وقال في البيان الثاني: «بناء ً على التعميم ١٦١ ومفاعيله وعلى البندين رقم ٧٥ و٨٣ من قانون النقد والتسليف، بيان موجّه الى جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسسات ويريدون تحويلها الى الدولار الاميركي. يُطلب منهم التقدّم بهذه الطلبات الى المصارف اللبنانية إبتداءً من يوم الاثنين المقبل وذلك على سعر SAYRAFA على ان تتم تلبية هذه الطلبات كاملةً في غضون ٢٤ ساعة. وهذا العرض مفتوح ومُتاح يوميًا».
السبب خارجي
الى ذلك، لفت ما قاله وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، لوكالة سبوتنيك بأنّ «أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار في أسواق البلاد مرتبط إلى حد كبير بعوامل خارجية». مؤكداً ان «لا فلتان في سوق القطع».
وأشار وزير المالية إلى أن «منصّة «صيرفة» تتم عبرها أغلبية العمليات بسعر يتراوح بين 22 و24 ألف ليرة لبنانية، وهي عملية تخضع للتدقيق يومياً من قبل مؤسسات مالية ونقدية عالمية».
الاسعار
الى ذلك، كشف وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام أنّ «النقابات أكدت أنّ أسعار السلع ترتفع بشكل متوازٍ مع سعر صرف الدولار. وحذّر التجار، خلال إطلاق المجلس الوطني لسياسة الأسعار، قائلاً: «مَن يريد استغلال حاجة الناس سنكون له بالمرصاد»، مشيراً الى انّ «ما حَدا بيتحمّل شو رح يصير»، فنحن متوجّهون نحو الإنهيار وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته». وأعلن أنه سيدعو بشكل طارئ إلى اجتماع للمجلس الوطني لسياسة الأسعار لأننا «اليوم في حالة طوارئ، «وما فينا نكفّي هيك».
************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«المركزي» يتدخّل في حرب الدولار وتلاعب مكشوف بالنار!
باسيل يرضخ ويتبنّى ترشيح بوصعب.. وقُضاة لبنان لمطالبة الطبقة السياسية بدعم الخزينة
وكان حاكم المركزي رياض سلامة أصدر بياناً تضمن تعميماً إلى المصارف جاء فيه: على المصارف ابتداء من الاثنين (30 أيار) ولمدة ثلاثة أيام متتالية (الاثنين، الثلاثاء، الاربعاء) أن تبقي على فروعها مفتوحة، حتى الساعة السادسة مساء، لإفساح المجال أمام استبدال الليرات اللبنانية بالدولار وتلبية طلبات المواطنين من شراء الدولارات على سعر «صيرفة» Sayrafa وكذلك دفع معاشات الموظفين في القطاع العام بالدولار أيضاً على سعر «صيرفة».
وبصرف النظر عن عملية التلاعب هذه، فإن التحليلات الاقتصادية لم تتفق على الاسباب التي ادت إلى قفزة في سعر صرف الدولار في السوق السوداء اقتربت من الـ40 ألفاً، فالبعض اتهم التجار والمركزي بالتهافت على شراء الدولار، مما رفع الطلب عليه، في حين عزا وزير المال الارتفاع إلى عوامل خارجية لم يشأ الكشف عنها.
نيابيا، اكدت مصادر سياسية مطلعة عبر «اللواء» ان اتصالات حثيثة تسبق جلسة مجلس النواب الثلاثاء المقبل،وتتمحور حول كيفية توزيع الأصوات وخيارات القوى التغييرية والمستقلة في البرلمان .
وأوضحت المصادر نفسها أن انتخاب نائب رئيس مجلس للنواب بعيد عن القوى التقليدية قد يكون الخيار الأنسب، مع العلم أن كلا من «القوات» و«التيار» يسعيان إلى كسب المنصب في معركة يعملان على خوضها حتى النهاية.
إلى ذلك، افادت المصادر نفسها أن لا معطيات واضحة عن المرشحين لرئاسة الحكومة قبل بلورة مشهد انتخاب رئيس مجلس النواب مع العلم أن بعض الكتل بدأ عملية جوجلة أسماء والبعض الآخر يدرس عدم التسمية، على أن ذلك قد يتبدل تبعا لنتائج جلسة الثلاثاء .
وفي الاطار، نفت مصادر سياسية حصول صفقة سياسية افضت للاعلان عن ترشيح كتلة التيار الوطني الحر، النائب الياس ابو صعب لمنصب نائب رئيس المجلس النيابي، بعدما كان هذا الترشح مطروحا ضمن مقايضة، تتضمن بأن يصوت باسيل وتكتله او بعضهم، لانتخاب بري رئيسا للمجلس النيابي، مقابل إعطاء ضمانات من قبل الاخير بدعم شروط ومطالب رئيس التيار الوطني الحر، بالحكومة الجديدة، ان بتسمية رئيسها او باختيار بعض وزرائها، وتحديد أولوياته ومهماتها سلفا.
وقالت ان مبدأ طرح المقايضة اوالصفقة،لم يكن مطروحا منذ البداية ،بالرغم من كل ما يروج من اخبار مغلوطة بهذا الخصوص منذ البداية بعدما رفض بري الدخول بهذا الامر، وحدد موعد جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب بمعزل عن أي صفقة كانت،ووضع جميع الكتل امام مسؤولياتهم لاتخاذ المواقف التي تناسبهم.
وكشفت المصادر ان ثلاثة اسماء مطروحه جديا ومرشحة لمنصب نائب رئيس المجلس النيابي، هي النواب، ملحم خلف، الياس ابو صعب، وسجيع عطية،ويبقى النائب الذي يحظى بتاييد أكبر عدد من النواب هو الفائز بهذا المنصب.
واشارت المصادر الى ان انتخاب ابو صعب لنيابة رئيس المجلس،يتوقف على عدد النواب الناخبين الذين ينتخبونه،وفي حال فوزه، يتطلب الامر اعادة النظر بتشكيلة مكتب المجلس،واعادة توزيع المسؤوليات على اخرين، لانه لا يمكن أن يكون نائب الرئيس من تكتل معين، ويبقى زميل له من نفس التكتل في موقع آخر بمكتب المجلس، وفي هذه الحالة، لن يبقى النائب الآن عون بموقعهم بمكتب رئيس المجلس، وسيتم اعادة توزيع رئاسة اللجان النيابية على الكتل والنواب من جديد.
واعتبرت المصادر ان مسألة انتخاب تكتل لبنان القوي للرئيس بري،ليست محسومة بانتظار الموقف النهائي للتكتل،مع ان المواقف السابقة لرئيس التكتل ترفض التصويت لبري،وإذا استمرت هذه المواقف على حالها،فإن كتلة بري لن تصوت لانتخاب ابي صعب لنيابة الرئاسة، وهذا يعني حصول معركة انتخابية على المرشحين الثلاثة المطروحين لهذا المنصب، مرجحة ان يفوز بها النائب سجيع عطيه، كمرشح يحظى بقبول عدد لا بأس به من أعضاء المجلس النيابي الجديد.
وهكذا، تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي بموضوع استحقاقات تأليف المطبخ التشريعي للمجلس النيابي من رئيس ونائب وهيئة مكتب، لمصلحة انهيار القدرة الشرائية لليرة وللمواطن الى حد غير مسبوق بتاريخ لبنان، بعدما تجاوز سعر الدولار 38 الف ليرة فارتفعت معه اسعار الخبز والمحروقات وكل السلع الحياتية، برغم انخفاضه عصراً وفجاة الى نحو 35 الفاً ثم ما دون 32 الفاً وصولا الى 30 الف ليرة، ولا من يسأل او يدقق في الاسباب الحقيقية لهذه اللعبة ومخاطرها، او يرف جفن لمسؤول.
ودخل حاكم المركزي رياض سلامة على الخط، واعلن في بيان «موجّه الى جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسسات ويريدون تحويلها الى الدولار الاميركي»، قال فيه: انه بناء ً على التعميم ١٦١ ومفاعيله وعلى البنود رقم ٧٥ و٨٣ من قانون النقد والتسليف، يُطلب منهم التقدّم بهذه الطلبات الى المصارف اللبنانية إبتداءً من يوم الاثنين المقبل وذلك على سعر SAYRAFA على ان تتم تلبية هذه الطلبات كاملةً في غضون ٢٤ ساعة. وهذا العرض مفتوح ومتاح يومياً.
ثم اصدر سلامة بيانا آخر قال فيه: على المصارف اللبنانية ابتداءً من يوم الإثنين المقبل وذلك لثلاثة ايام متتالية، ان تبقي على فروعها وصناديقها مفتوحة يوميًا حتى الساعة السادسة مساءً لتبية طلبات المواطنين من شراء الدولارات على سعر sayrafa لمن سلم الليرات اللبنانية كما دفع معاشات الموظفين في القطاع العام بالدولار أيضًا على سعر Sayrafa.
وردت المصادر المتابعة تراجع سعر الدولار الى هذين القرارين.
هذا الانهيار دفع بعض القوى السياسية وحتى الاتحاد الاروبي الى اطلاق مناشدات بسرعة تشكيل الحكومة واستكمال الاصلاحات المطلوبة والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي. فيما أكدت وكالة «فيتش» للتصنيف أن «خروج لبنان من وضع التخلف عن سداد الدين لا يزال صعباً بعد الانتخابات غير الحاسمة.
وقالت الوكالة: أنّ نتائج انتخابات 15 أيار غير الحاسمة تزيد صعوبة تمكن أي معسكر من تشكيل أغلبية مستقرة مسيطرة في مجلس النواب.
وردّ وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في الأسواق اللبنانية «الى اسباب مرتبطة إلى حد كبير بعوامل خارجية، ولا فلتان في سوق القطع». لكنه لم يحدد ما هي هذه الاسباب.
وأشار وزير المالية إلى أن منصّة صيرفة تتم عبرها أغلبية العمليات بسعر يتراوح بين 22 و24 ألف ليرة لبنانية، وهي عملية تخضع للتدقيق يومياً من قبل مؤسسات مالية ونقدية عالمية.
وقال وزير الإقتصاد أمين سلام خلال إطلاق المجلس الوطني لسياسة الأسعار: سأدعو بشكل طارئ إلى اجتماع لهذا المجلس لأننا في حالة طوارئ، «وما فينا نكفي هيك. وما حدا بيتحمل شو رح يصير»، فنحن متوجهون نحو الإنهيار وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته.
وجاء اطلاق المجلس بعدما وقع الرئيس ميشال عون امس، المرسوم 9334 تاريخ 27 أيار 2022، القاضي بتشكيل «المجلس الوطني لسياسة الأسعار» المنشأ في وزارة الاقتصاد والتجارة والمشكل وفقا لما يلي:
وزير الاقتصاد والتجارة رئيسا، مدير عام إدارة الإحصاء المركزي نائبا للرئيس، والأعضاء: مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة، مدير عام وزارة المالية، مدير عام وزارة السياحة، مدير عام وزارة العمل، مدير عام وزارة الزراعة، مدير حماية المستهلك، مندوب عن مصرف لبنان (مدير الإحصاءات والأبحاث الاقتصادية في المصرف)، رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين، رئيس جمعية مصارف لبنان، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة، وثلاثة مندوبين عن الاتحاد العمالي العام، هم: الدكتور بشارة الأسمر (رئيس الاتحاد العمالي العام)، حسن فقيه (نائب الرئيس) وسعد الدين حميدي صقر (الأمين العام).
وحسب تشكيل المجلس، «يعمل الاعضاء معاً على وضع سياسة للأسعار بعدما كانت وزارة الاقتصاد معنية وحدها من خلال مصلحة حماية المستهلك بهذه المسؤولية، فأتى المجلس المشكل للمرة الأولى منذ إقرار انشائه في العام 1974، ليضم جميع المعنيين بالشأن الاقتصادي للعمل لمصلحة المواطنين، بحيث سيكون على كل قطاع ان يعطي رأيه في سياسة الأسعار، ما يعزز الرقابة ويضع الأمور في نصابها من خلال ممارسة علمية وتقنية.
موقف اوروبي
اما في المواقف الخاريجة، فقد أكد لويس ميغيل بوينو الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في حديث لقناة «العربية» أن الاتحاد يحث على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة جديدة في لبنان، والسعي إلى إجراء الإصلاحات الضرورية في البلاد.
اضاف: أن الاتحاد ساهم في جعل الانتخابات النيابية التي جرت الأسبوع الماضي ممكنة، من خلال تقديم المساعدة الفنية لهيئات إدارة الانتخابات وإيفاد بعثة لمراقبتها، واصدرت بعثة المراقبة تقریرها الأولي، الذي أشار إلى أن النظام الانتخابي والمخالفات وشراء الأصوات قد أدت إلى عدم تكافؤ في الفرص، علماً أنّ هذا التقرير سيتبعه تقرير نهائي آخر.
وتابع قائلاً: نتوقع من مجلس النواب الجديد المنتخب أن يدعم عملية سريعة لتشكيل الحكومة، وأن يعمل على اعتماد جميع التشريعات وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحسين الحوكمة والاستقرار الاقتصادي بما يخدم لبنان وشعبه، وكذلك على البرلمان الجديد أن يساهم في تنفيذ الإجراءات المسبقة المطلوبة في الاتفاق على مستوى الموظفين، الموقع مع صندوق النقد الدولي في 7 نيسان الماضي، من أجل المباشرة ببرنامجٍ للصندوق.
ورجّح الناطق الرسمي «إجراء الانتخابات الرئاسية والبلدية اللبنانية في موعدهما، بما يتماشى مع المبادئ، مشيراً إلى أن”الاتحاد الأوروبي سيواصل الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه، خاصة أن هذا الدعم مستمر منذ عقود ولم يتوقف، ففي عام 2020 وحده، قدم الاتحاد حوالي 333 مليون يورو لمساعدة البلاد. ونحن على استعداد للاستمرار في مساعدته بعد إبرام اتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي».
تفاصيل موجعة
اما في التفاصيل الموجعة. فقد عادت طوابير السيارات الى بعض المناطقنتيجة تمنع الشركات عن تسليم والمرحوقات او تمنع بعض المحطات عن البيع، بعدما استقرّ سعر البنزين بنوعيه 95 و98 أوكتان، فيما ارتفع سعر المازوت 30 ألف ليرة وسعر الغاز 24 ألف ليرة، وفق جدول تركيب الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط.
وإذ أقفلت معظم محطات المحروقات امس في بيروت والضواحي، أوضح عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس أن «استمرار المصارف في التأخر عن تسليم الشركات المستوردة للنفط مستحقاتها بالدولار الاميركي، والتي تمثل ثمن البنزين المستورد وفق «منصة صيرفة» وللاذونات المسبقة من مصرف لبنان، سينتج منه استمرار التقنين بتسليم هذه الشركات كميات البنزين للسوق المحلي، وبتراجع توافرهذه المادة للمستهلك في المحطات برغم وجود كميات غير قليلة في المستودعات في لبنان».
وقال: لذلك يتوجب على السلطات المعنية ومصرف لبنان والمصارف الخاصة الاسراع في ايجاد حل لهذا الموضوع لكي لا تعود الازمة التي لا يريدها احد».
كما قال ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا: أنّ البيان الذي صدر أمس عن تجمع أصحاب المحطات، الملوّح باقفالها، هو بيان تحذيري للمسؤولين بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الذي يحصل يوميا، وليس بإمكاننا كأصحاب مصالح أن نلحق بأسعار الدولار، ونحن كقطاع نفط متضررون لأننا نبيع وفق سعر صرف متقلب بشكل حادّ.
ومع ارتفاع سعر القمح عالمياً وصدور جدول اسعار جديد للمحروقات، تمّ رفع سعر ربطة الخبز الصغيرة 2000 ليرة أي من 7 الى 9 آلاف ليرة لبنانية، والمتوسطة الحجم ايضاً 2000 ليرة لبنانية أي من 13 الى 15 الف ليرة لبنانية، مع الغاء الربطة الكبيرة..
وأشار وزير الاقتصاد الى ان قرار رفع سعر رغيف الخبز جاء مع الارتفاع السريع بسعر صرف الدولار وتبعاً لدراسة دقيقة لكلفة مكونات الرغيف. وهناك استعداد لإصدار جدول اسبوعي او حسب التغييرات الحاصلة في سعر الدولار.
اعتكاف قضائي
واحتجاجا على الانهيار الشامل، اجتمعت مجموعة من القضاة في قاعة «شهداء القضاء» لدى محكمة التمييز امس، حيث تداولت «بما آلت اليه الامور نتيجة الانحلال التام الذي وصل اليه الوطن وجريمة الابادة الجماعية الذي يتعرض لها الشعب اللبناني، بمن فيهم القضاة والمساعدين القضائيين، في ظل عجز الغالبية الساحقة من المواطنين عن تأمين قوتهم اليومي، وقررت:
– دعوة الشعب اللبناني الى مطالبة الزعماء السياسيين كافة الذين توالوا على الحكم عقودا من الزمن الى دعم الخزينة العامة للدولة اللبنانية المفلسة والمنهوبة من أموالهم الخاصة تحملا لمسؤوليتهم المعنوية بحدها الادنى.
– اعلان الاعتكاف القضائي الشامل من دون استثناءات، ابتداء من صباح الاثنين الواقع فيه ٣٠/ ٥/ ٢٠٢٢ ولمدة أسبوع كامل رفضا لاضمحلال الكرامة القضائية على الاصعدة كافة.
– مناشدة مجلس القضاء الأعلى ومكتب مجلس شورى الدولة ومجلس ديوان المحاسبة لدعوة القضاة عامة للاجتماع في جمعية عمومية لمعالجة الوضع القضائي المزري.
جديد المجلس
على صعيد قالت مصادر متابعة للإتصالات الجارية حول انتخاب هيئة مكتب المجلس النيابي، ان الرئيس نبيه بري مُطمئن لإنتخابه ولو بعدد اصوات غير كبير، إذ إن المهم عنده وعند حلفائه هو تسلم المنصب، عندها يكون قد حصل على كامل الصلاحيات الدستورية للرئاسة الثانية والقدرة على ادارة الامور والتقرير في كل المسائل.
اضافت المصادر: ان تولّي برّي السلطة سيدفع الكثير من الكتل النيابية والنواب المستقلين – حتى الخصوم منهم- الى التعاطي معه في عمليات التشريع على انه امر واقع لا مهرب منه.
وقال المرشح للمنصب النائب سجيع عطية: أن تكتل نواب الشمال الذي شُكّل، يتّجه إلى التصوت للرئيس نييه بري لرئاسة مجلس النواب. وسبب هذا القرار يعود إلى كون بري يمثل كتلة شيعية وازنة في المجلس، كما أنه يتمتّع بتأثير وليس هناك بديل أفضل أو أحسن.
وسأل عطية «إذا وضعنا ورقة بيضاء في جلسة يوم الثلاثاء، من سيُنتخب رئيسا للمجلس»؟ وشدد على أن المطلوب من مجلس النواب العمل على تنفيذ القوانين المتراكمة.
واضاف: أنه يميل إلى تشكيل حكومة أقطاب بشخصية لديها بعد اقتصادي مع مسؤوليات استثنائية لمعالجة سريعة لأوضاع لبنان، وأنه يؤيد حكم الاكثرية والاقلية.
واعتبر عطية «أن حزب الله هو حزب وطني ومنطقي»، وقال: نريد ثقة دول الخارج بسلاح حزب الله. والحزب هو مقاوم والحوار ضروري للوصول الى نتيجة توافقية، والسلوك سيتغير عندها عن السابق.
اما بالنسبة لنياية رئاسة المجلس، فقد استقر قرار التيار الوطني الحر على ترشيح النائب الياس بو صعب للمنصب، وبحسب المعلومات، فإن هذا القرار لا يعني أن النائب سجيع عطية سوف يتراجع عن ترشيح نفسه لهذا المنصب أيضا خاصة وان «كتلة إنماء الشمال» رشحته. وهو يعتبر أن الترشح والتصويت من صلب العملية الديمقراطية التي ستأخد مجراها يوم الثلاثاء. مضيفا رداً على سؤال أنه «لم يتبلغ مطلقا من باسيل دعمه لموقع نيابة رئاسة المجلس وأن كل ما حصل في الساعات الماضية اقتصر على كلام مفاده أن الأمور قيد النقاش والبحث .
في هذه الاثناء، إنهمكت المجموعات النيابية «التغييرية والسيادية» والمستقلة في اجتماعاتها المفتوحة لتقرير الموقف النهائي، بعدما باتت مواقف معظم الكتل الاساسية معروفة اتجاهات التصويت أو بإنتظار مزيد من المعطيات حول انتخاب نائب رئيس المجلس. وفي هذا الصدد، قالت مصادر القوات اللبنانية لـ «اللواء»: انها لم تقرر حتى الان ترشيح النائب غسان حاصباني، وانها ستصوت بورقة بيضاء للرئيس بري، لكن بالنسبة لنائب الرئيس فإن القوات تتواصل مع كل القوى التغييرية والسيادية والحزب الاشتراكي في محاولة للتفاهم على شخصية واحدة تحمل المواصفات التي حددتها، لكن لم تسفر الاتصالات عن نتيجة نهائية حتى الآن، فالأمور ما زالت ضبابية بالنسبة للكثيرين.
اما «مجموعة» التغيير النيابية فقالت مصادرها لـ «اللواء» ان اجتماعاتها مازالت مفتوحة للتشاور ولم يتم التوصل الى اي قرار ، لكن خلال اليومين المقبلين سيتم الإعلان عمّا توصلنا اليه.
معيشياً، بلغت اسعار المحروقات درجة الغليان وعادت الطوابير الى المحطات. فقد استقرّ سعر البنزين بنوعيه 95 و98 أوكتان، فيما ارتفع سعر المازوت 30 ألف ليرة وسعر الغاز 24 ألف ليرة، وفق جدول تركيب الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط. وإذ أقفلت معظم محطات المحروقات صباح أمس في بيروت والضواحي، أوضح عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس أن «استمرار المصارف في التأخر عن تسليم الشركات المستوردة للنفط مستحقاتها بالدولار الاميركي والتي تمثل ثمن البنزين المستورد وفق «منصة صيرفة» وللاذونات المسبقة من مصرف لبنان، سينتج منه استمرار التقنين بتسليم هذه الشركات كميات البنزين للسوق المحلي وبتراجع توافرهذه المادة للمستهلك في المحطات رغم وجود كميات غير قليلة في المستودعات في لبنان». وقال: لذلك يتوجب على السلطات المعنية ومصرف لبنان والمصارف الخاصة الاسراع في ايجاد حل لهذا الموضوع.
وفي اطار معيشي آخر، ومع ارتفاع سعر القمح عالمياً وصدور جدول اسعار جديد للمحروقات، تمّ رفع سعر ربطة الخبز الصغيرة 2000 ليرة أي من 7 الى 9 آلاف ليرة لبنانية، والمتوسطة الحجم ايضاً 2000 ليرة لبنانية أي من 13 الى 15 الف ليرة لبنانية، مع الغاء الربطة الكبيرة.. وأشار وزير الاقتصاد الى ان قرار رفع سعر رغيف الخبز جاء مع الارتفاع السريع بسعر صرف الدولار وتبعاً لدراسة دقيقة لكلفة مكونات الرغيف. وهناك استعداد لإصدار جدول اسبوعي او حسب التغييرات الحاصلة في سعر الدولار.
72 إصابة جديدة
صحياً، سجلت وزارة الصحة العامة 72 اصابة جديدة بفايروس كورونا، وحالة وفاة واحدة، ليرتفع العدد التراكمي الى 1098971 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
خطوة مُدويّة لسلامة ضدّ مافيا الدولار حمت الدولة من التفكّك الكامل
سياسياً… عرض لموقف الأطراف من انتخابات رئاسة المجلس وتأليف الحكومة – نور نعمة
في خضم جهنم ونارها التي تحرق كل ما حولها، وتحوّل لبنان الى رماد على كل الاصعدة، رأى المضاربون والمتلاعبون بسوق الصرف ساحة خالية لهم، فرفعوا الدولار الى سقف جهنمي دون حسيب او رقيب، الا ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اقدم على خطوة مدوية ضد مافيا الدولار عبر تعميم تمكن خلاله من خفض الدولار 10 آلاف ليرة لبنانية، فضلا انه توجه لحاملي الليرة الذين يريدون تحويلها إلى الدولار، سواء مواطنين ام مؤسسات قائلا: «ستتم تلبية الطلبات كاملةً في غضون ٢٤ ساعة»، وطلب منهم التقدم بهذه الطلبات الى المصارف اللبنانية إبتداءً من يوم الاثنين المقبل وذلك على سعر منصة «صيرفة»، مشيرا الى ان هذا العرض مفتوح ومتاح يوميا، وعلى المصارف ان تُبقي صناديقها مفتوحة حتى الساعة السادسة مساء لثلاثة ايام متتالية، الى جانب قيام المصارف بدفع رواتب الموظفين في القطاع العام بالدولار أيضاً على سعر منصة «صيرفة». وعليه، شكلت هذه الخطوة ضربة قاضية لمافيا الدولار، حيث اعادت الهدوء الى سعر الصرف، ومنعت لبنان من الانزلاق في فوضى لا تحمد عقباها.
بموازاة ذلك، لا تحرك فعليا وعمليا على الصعيد الرسمي ولا الشعبي، اذ بدا واضحا التخامل من قبل ما تبقى من الدولة، في حين شكل رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون المجلس الوطني لسياسة الاسعار، الذي تم انشاؤه عام 1974، وللمرة الاولى يتم تفعيله. وهنا السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيرقى هذا المجلس لمستوى الكارثة التي يعيشها لبنان وحجم التفكك في الدولة التي وصلت اليه؟ خصوصاً ان الناس تنتظر في الطوابير، غير منتفضة على الاحوال المزرية، وقابعة في صمت كبير لا مبرر له في الجحيم التي هي فيه، بدلا من التمرد على الجهات التي تشعل الدولار ارتفاعا، وتجعل من الشعب اللبناني شهيدا.
والمؤسف ان معظم القوى تتلهى بمناصب تافهة وانتصارات زال وهجها، امام هذا الواقع المفجع الذي ينذر بزوال لبنان كاملا، في حين ان الشعب نائم، وربما ينتظر اعجوبة او فرجا من جهة اقليمية او دولية، ولكنه غير مُدرك ان هذه المرة لن يأتي احد لمساعدته ما لم يقرر مساعدة نفسه اولا.
الخبير الاقتصادي نادر: إبرام اتفاق مع صندوق النقد هو حل طويل الامد
وفي هذا المجال ، قال الخبير الاقتصادي سامي نادر لـ «الديار» ان عوامل اساسية ادت لارتفاع الدولار: اولها ارتفاع فاتورة الاستيراد، حيث ان لبنان كان يشتري القمح بسعر ادنى من السعر الذي هو عليه اي 600$ ثمن طن القمح حاليا نتيجة الحرب الاوكرانية، وبالتالي زاد الطلب على الدولار. العامل الثاني هو ان احتياطي مصرف لبنان يتقلص، وقريبا سنصل الى النفاد. اما العامل الثالث فهو ان الانتخابات النيابية فرزت معادلة جديدة، الا انها لم تغيّر كثيرا في المشهد السياسي، حيث لم تؤد حتى الى نقاش لتشكيل حكومة، بل يستمر نظام المحاصصة وتبادل التهم، واشار الى ان الصراع بين مصرف لبنان والمصارف لم يعد مخفيا، والذي ادى الى المزيد من انهيار قيمة الليرة .
وتابع نادر ان مصرف لبنان يحاول ضبط سعر الصرف على المدى القصير، من خلال التعميم الذي اصدره، ولكن هذا التعميم يشكل ابرة مورفين لن يدوم مفعولها مطولا».
وعلى هذا الاساس، شدد نادر «ان الحل الوحيد لانقاذ لبنان هو ابرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في اسرع وقت، لانه عندما ينفد احتياطي مصرف لبنان سنكون امام كارثة كبرى».
لعبة الدولار داخلية… وحزب الله وضع خبراء بتصرف الحكومة وطرح حلولاً عدة
في غضون ذلك، اعتبرت اوساط سياسية ان هذا التدهور السريع بعد انتهاء الانتخابات النيابية هدفه الذهاب الى تشكيل حكومة باسرع وقت ممكن. فعلى المستوى الخارجي، هناك قرار دولي بان يبقى لبنان مستقرا يبدأ في واشنطن مرورا بالرياض وطهران ووصولا الى باريس. وعلى المستوى الداخلي، لا يوجد اي فريق سياسي لبناني يريد ان يغرق لبنان في الفوضى. وعليه، اصبح هذا التدهور مدروسا لتأليف حكومة ، بما ان التأخير في ولادة اي حكومة اصبح عرفا في لبنان، وبالتالي اضحى واضحا ان العهد يريد تأليف الحكومة سريعا وفقا للاوساط السياسية، التي تؤكد ان هذا التأليف الحكومي يجب ان يتم تحت وقع غبار اقتصادي مالي واجتماعي معيشي، وعليه هذا الغبار سيؤدي حكما الى تسريع وتيرة تشكيل الحكومة الجديدة. وتابعت الاوساط السياسية ان العهد يريد حكومة قريبا، لانه يسعى الى ادخال النائب جبران باسيل اليها، حيث يتمكن الاخير من ادارة ملفات اساسية بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية. وشارت الى ان اللبنانيين سيشهدون عودة الثلاثي الى الحكومة، اي باسيل والنائب علي حسن خليل ومحمد فنيش، حيث لكل فريق اعتباراته.
من جهة اخرى، تكشف اوساط مالية في اجواء «الثنائي» لـ «الديار»، ان الامر داخلي وليس خارجياً ، وهو ترجمة للانهيار ونفاد دولارات المصرف المركزي، وعقم الحكومة وعدم اتخاذها اجراءات كفيلة بوقف الانهيار.
وتكشف الاوساط ان حزب الله، ومنذ فترة، وضع فريق اقتصادي ومالي في تصرف الحكومة (من خلال مستشاري الوزراء ودراسات لخبراء ماليين واقتصاديين)، وطرح العديد من الحلول، وابدى استعداده للمساعدة في الاتجاه شرقاً ، خصوصاً في اتجاه ايران، الا انه قوبل بتعنت ورفض وتسويف من الحكومة وبعض اعضائها، وخوف السلطة من العقوبات الاميركية!
الاوضاع الاقليمية مُجمّدة… والمطلوب ان تبقى كذلك في لبنان
الى ذلك، يسأل المواطن والمسؤول في آن واحد : لبنان الى اين يسير؟ والجواب ان التطورات الاقليمية مجمدة، وبالتالي ما يعيشه لبنان حاليا هو محض تطورات داخلية. بيد ان المفاوضات السعودية- الايرانية مجمدة لا تعكس اي تطور ايجابي او سلبي، في حين ان الازمة الاوكرانية تتفاعل وتنعكس تداعياتها على لبنان في القمح وبعض السلع التي يستوردها من كييف، ولكن لا تداعيات سلبية سياسيا.
اما مفاوضات فيينا حول برنامج ايران النووي فهي ايضا فاترة لا توحي بتقدم ملموس، وبالتالي كما الاوضاع الاقليمية جامدة حاليا، ستبقى الامور في لبنان مجمدة ايضا، ولن يتأثر بما يجري في محيطه حتى اللحظة.
خطاب السيد حسن نصرالله يتفاعل لبنانياً واقليمياً ودولياً
على صعيد آخر، لا تزال مفاعيل خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في شقيه الداخلي والمتعلق بالغاز والنفط من جهة، وبالشق الفلسطيني المتعلق بمسيرة الاعلام الصهيونية داخل مسجد الاقصى، تتفاعل على الصعيد اللبناني والاقليمي والدولي. وتؤكد اوساط مطلعة في «الثنائي الشيعي» لـ «الديار» ان كلام السيد نصرالله في اتجاه كيان العدو تحذيري، لكنه مرتبط بتنفيذ فوري للرد، والذي سيكون صاعقاً من محور المقاومة ومن اكثر من جبهة.
وتكشف ان تجريم البرلمان العراقي للتطبيع مع العدو يشكل رداً سياسياً صاعقاً للعدو، ويؤكد توحد الساحات وقوى المقاومة من فلسطين الى لبنان فسوريا فالعراق واليمن.
وتلفت الاوساط الى ان المقاومة على اهبة الاستعداد جنوباً، وهي في جهوزية واستنفار عالي المستوى منذ مطلع ايار، تاريخ بدء العدو لمناورته، والتي يفترض ان تستمر بعض الوقت، وتؤكد ان اي حماقة يرتكبها العدو في ملف الاقصى والقدس، سيُقابل برد فوري وساحق من حزب الله ، كما اكد ووعد السيد نصرالله ، وهذا لا مجال للتراجع عنه.
اما في الملف الداخلي فكلام السيد نصرالله كان تهدوي من منطلق القوة والحزم ومن منطلق القوي والحريص على لبنان وابنائه، وهو مد اليد للخصوم ولكل من يناصب المقاومة العداء، وطالب بتأطير الخلاف حول طاولة حوار عنوانها الاول استراتيجية دفاعية غازية ونفطية، بالاضافة الى استراتيجية برية وبحرية وجوية متكاملة ودفاعية.
حزب الله يُواصل البحث مع باسيل مجلسياً
وفي ملف جلسة يوم الثلاثاء النيابية، تؤكد الاوساط نفسها ان حزب الله مستمر في وساطته مع النائب جبران باسيل لتأمين «عبور سلس» لجلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس. وتكشف ان تسمية التيار الوطني الحر للنائب الياس بو صعب وحسم امره، يؤكد وجود توجّه «لتطرية الامور» مع بري ، خصوصاً ان بري يفضل وجود بو صعب ولا مشكلة معه.
«القوات اللبنانية»: نعم لاسقاط اتفاق الدوحة واحياء المداورة في الحكومة الجديدة
مصادر «القوات اللبنانية» ردّت على ما يقال انها تتلهى بالمناصب، فقالت لـ «الديار» ان الحزب اراد ان تترجم نتيجة الانتخابات برلمانيا من خلال اعتماد نهج جديد في الممارسة الوطنية والسياسية وتحديدا المؤسساتية، لان الجميع يعلم ان النهج القديم ادى الى الانهيار الحاصل. ولذلك تطالب «القوات» انتخاب رئيس للمجلس ونائب له، والذهاب الى تشكيل حكومة مختلفة عن كل المواصفات السابقة، عبر ابعاد الفريق الحاكم وتطبيق الدستور واسقاط اتفاق الدوحة، اي الغاء الثلث المعطل واعادة احياء المداورة في الوزارات واعطاء وزارة الطاقة لفريق آخر وليس للتيار الوطني الحر، واكدت المصادر ان حكومات الوحدة الوطنية لم تخرج لبنان من ازمته ولا حكومات اللون الواحد تمكنت من ذلك ايضا.
« الاشتراكي»: لتشكيل حكومة فوراً والا سيستمر اللعب المفضوح في السوق
من جهته، علق مفوض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي صالح حديفة على تعيين رئيس الجمهورية للمجلس الوطني لسياسة الاسعار بالقول: «ليت رئيس الجمهورية بادر الى تشكيل هذا المجلس عند بدء الازمة المالية والاقتصادية عام 2019 وليس الآن، ولكن هذا الامر ليس بجديد بالنسبة لاداء عهد الرئيس ميشال عون والانفصام عن كل ما يحصل حوله ، خاصة وان العهد يتحمل الجزء الكبير من المسؤولية في تدهور الاوضاع، ويكفي ان نذكر بالوزارات التي شغلها تياره ابرزها وزارة الطاقة التي كبّدت الخزينة 40 مليار دولار خسائر حتى اللحظة».
وتابع حديفة: في كل حال «الضرب بالميت حرام»، ولكن لا نريد ان يموت الوطن، ولذلك نطالب بتشكيل حكومة باسرع وقت ممكن، وأن لا تحصل محاولات تعطيل كما عوّدنا الرئيس عون على التعطيل في كل مرة كان يجري فيها تأليف حكومة، بما ان البلد لم يعد يحتمل اي هدر للوقت. وندعو أن تنصرف هذه الحكومة فور تشكيلها الى تنفيذ بنود الاصلاح التي وضعها صندوق النقد الدولي وبغير ذلك سيبقى هذا اللعب المفضوح في سعر الصرف ممن لهم امكانية في التحكم بالسوق سواء من قوى محلية أومن بعض الجهات المالية، وتبقى الضحية الاولى والاخيرة هي الناس. ولفت حديفة الى ان «الحزب التقدمي الاشتراكي» شدد مرارا «بعدم ربط معالجة الازمة اللبنانية بكل ما يتعلق من مفاوضات ونقاشات حاصلة في المنطقة»، مشيرا الى انه « آن الاوان لتحييد لبنان عن كل الصراعات الاقليمية».
وعن انتخاب الرئيس نبيه بري مجددا لرئاسة مجلس النواب قال حديفة ان الحزب «التقدمي الاشتراكي» سيعلن موقفه قريبا ، لكننا لا نخجل بالعلاقة التاريخية المتينة مع بري.
************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
بيان الحاكم سلامة لجم جنون الدولار
صدر عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة البيان الآتي: «بناء على التعميم ١٦١ ومفاعيله وعلى البنود رقم ٧٥ و٨٣ من قانون النقد والتسليف، بيان موجّه الى جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسسات ويريدون تحويلها الى الدولار الاميركي.
يُطلب منهم التقدّم بهذه الطلبات الى المصارف اللبنانية إبتداءً من يوم الاثنين المقبل وذلك على سعر SAYRAFA على ان تتم تلبية هذه الطلبات كاملةً في غضون ٢٤ ساعة. وهذا العرض مفتوح ومتاح يوميًا». وبعد البيان انخفض سعر الدولار فورا الى ٣٢ ألف ليرة بعد ملامسته الـ٣٨ ألفً.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :