لا صوت يعلو فوق صوت المعركة الإنتخابية على الأكثريّة النيابيّة التي ستُحدّد هويّة مجلس النواب اللبناني صباح ١٦ أيّار ٢٠٢٢، رغم تشتّت القوى الحزبيّة والمستقلّة - بين التغييريّة وصاحبة العناوين السياديّة - على لوائح عدّة في مختلف الدوائر الإنتخابية، إن بحُكم واقع القانون الإنتخابي الحالي، وإن بداعي تعدّد الأجندات السياسيّة الخاصّة، والمرتبطة باستحقاق رئاسة الجمهوريّة بعد ٣١ تشرين الأوّل، تاريخ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.
ولّدت ضراوة المواجهة السياسية الحاصلة مخاوف من سيناريو «وضع العصي في دواليب» اليوم الإنتخابي عبر إحداث عراقيل لوجستيّة وفَبركتها والتلاعب بالأصوات تزويراً للنتائج قبل انتقال الصناديق من مراكز الإقتراع إلى السرايا، خصوصاً في الأقضية التي تشهد تزاحماً حادّاً بين الحواصل الإنتخابية، حتّى ضمن اللائحة الواحدة، علماً أنّ هذه العراقيل بدأت، بنحوٍ منظَّم ومكشوف، في انتخابات المغتربين.
وليست الأمم المتّحدة خارج دائرة الإنتخابات، إلاّ أنّ دورها هذه المرّة ينحصر في الدعم التّقني واللوجستي لإتمام العمليّة الإنتخابيّة - في ظلّ أزمة مالية تحدّ من قدرة الدولة الكاملة على إدارة العمليّة - بينما يتولّى الإتّحاد الأوروبي، بالتنسيق مع هيئة الإشراف على الإنتخابات، مهمّة الرقابة الدوليّة لضمان نزاهة وشفافيّة الإستحقاق الديموقراطيّ، من لحظة فتح أقلام الإقتراع وصولاً إلى الفرز وإصدار النتائج، بهدف قطع الطريق أمام أيّ محاولة للتزوير والتلاعب بالأصوات في الدوائر الإنتخابيّة الـ ١٥.
وفي موازاة بدء الماراتون الإنتخابي الذي انطلق من دول الإغتراب في ٦ و٨ أيار، ودخول لبنان الأسبوع الأخير الذي يفصله عن انتخابات المقيمين، خَصّت المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان يونا فرونتسكا «الجمهورية» بحديث حول استحقاق ١٥ أيّار الذي تعوّل عليه «الأمم» لإحداث تغيير مفصليّ ووصول وجوه جديدة إلى مجلس النواب قادرة على استكمال مَسار ١٧ تشرين الأوّل ٢٠١٩.
تلفت فرونتسكا إلى أنّ «الدعم التقني الذي تقدّمه الأمم المتّحدة للمساعدة فى إتمام الإنتخابات يشمل تأمين الكهرباء والحبر المُستخدَم في الإقتراع، الأوراق، تدريب الموظّفين المسؤولين عن العمليّة، وتقديم نصائح إلى رؤساء الأقلام والمندوبين، وذلك ضمن برنامج الإنماء للأمم المتحدة UNDP»، موضحةً أنّه «لن يكون هناك أيّ دور عمليّ في الرقابة على الإستحقاق إلّا أنّني سأزور عدداً من المراكز في ١٥ أيّار للإطّلاع على سير الإنتخابات، حيث سيحضر أيضاً ديبلوماسيون أجانب في أكثر من منطقة لمتابعة مجريات الإقتراع ومدى الإلتزام بمعايير الشفافيّة وحريّة الناخبين وتسجيل الملاحظات اللازمة».
وشدّدت المنسّقة الخاصّة على أنّ «الخيار اليوم هو في ذمّة اللبنانيين إن كانوا يُريدون تغييراً أم لا، فهذه الإنتخابات فرصة بالغة الأهميّة للتعبير عن خياراتهم في ظلّ الأزمة الكبيرة التي يُواجهونها»، مضيفةً: «نحن مستعدّون لمرافقة اللبنانيين في القرار الذي يتّخذونه هذا الأسبوع».
أمّا عن مدى تعويل الأمم المتحدة على هذه الإنتخابات لإحداث تغيير سياسي في السلطة اللبنانيّة، فركّزت فرونتسكا على أنّ «هذا الإستحقاق بمثابة المرحلة البداية التي ستُمهّد لمراحل أخرى آتية في لبنان، والمطلوب من اللبنانيين ممارسة حقّهم والتوجّه بكثافة إلى صناديق الإقتراع، فنحن نريد وصول وجوه جديدة وإصلاحيّة إلى مجلس النواب لكنّ الدور الأوّل والأساس يقع على عاتق الشعب اللبناني لصناعة مستقبله بيديه».
وبالنسبة إلى مرحلة ما بعد الإنتخابات، أكّدت فرونتسكا أنّ «على السلطة في لبنان بعد ١٥ أيار بذل الجهود كافّة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة داخلياً ودولياً عبر تحرّك عاجل يُنقذ ما يمكن إنقاذه ويُجنّب اللبنانيين أزمات اقتصاديّة ومعيشيّة أصعب». ونوّهت بـ»وجود عدد كبير من المرشّحين والمرشّحات في مختلف الدوائر الإنتخابية، خصوصاً أنّ الأمم المتّحدة تشجّع وصول النساء إلى مراكز القرار، فدخولهنّ إلى مجلس النواب في هذه المرحلة أمرٌ بالغ الأهميّة لتعزيز دور المرأة على المستويات كافّة». وقالت: «ندعو الشباب اللبناني إلى المشاركة في صناعة مستقبله والإقتراع بكثافة لكي يُحدّد خياراته ويتحمّل مسؤوليّته، خصوصاً أنّ الأمل موجود رغم الصعاب القائمة».
يدخل اللبنانيون اليوم أسبوع الفصل نحو انتخابات يُرادُ منها أن تكون استفتائيّة على الخيارات المصيريّة، لا مزاد علَنيّاً يُشتَرون فيه اليوم ليُباعوا غداً على طاولات المفاوضات والتقاسم.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :