لا تريد المملكة العربية السعودية إظهار نفسها في العلن كطرفٍ مؤثّر في السياسة اللبنانية لذلك تجنّبت مثلاً تلبية مواعيد رسمية كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد طلبها إبّان زيارته الأخيرة إلى الرياض قبل عيد الفطر السعيد.
التبرير الذي قُدم إلى ميقاتي، بحسب معلومات "ليبانون ديبايت"، كان في أفضلية التحضير لزيارة سياسية، تتجاوز الزيارة التي أتمّها تحت عنوان أداء الفرضية الدينية (العمرة)، على أن تتمّ بعيد الإنتخابات النيابية المرتقبة في الخامس عشر من أيار المقبل، أي عملياً حين يتحول ميقاتي إلى رئيس لحكومة تصريف الأعمال، لا صفة دستورية له. وهذا، بحسب معلومات "ليبانون ديبايت" يناسب الرياض التي تتجنّب حتى الآن إجراء لقاءات علنية مع مسؤولين سياسيين رسميين لبنانيين. ويعتقد البعض أن حصر زيارة ميقاتي ببعدها الديني ووعده بزيارة ذات طابع سياسي مستقبلاً، يعني عملياً قذف ميقاتي إلى موعدٍ يحدد لاحقاً أو قد لا يحدد طالما أنه على رأس مجلس الوزراء.
وللعلم، فإن ميقاتي تعامل مؤخراً مع الطلبات السعودية كأوامر، رغبةً منه في تضييق الفجوة بينها وبين الساسة اللبنانيين، تحديداً في ما خصّ المشاركة في الإنتخابات النيابية المقبلة. فعلى الرغم من عزوف ميقاتي عن الترشّح كخطوة قيل إنه باعها لرئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، المنقطع عن العمل السياسي نتيجة قرارٍ صادر عنه، لكنها في الحقيقة محاولة لحجز منصب رئيس مجلس الوزراء في حكومة ما بعد الإنتخابات، غير أنه في المقابل، دعم مشاركة السنّة الواسعة في الإستحقاق الإنتخابي، نزولاً عند رغبة السعودية العازمة على أداء أدوار سياسية فاعلة داخل الطائفة، من خلال إقناع مجموعة سياسية + الإكليروس الديني السنّي، الذي جنح صوب رغبات عدم المقاطعة وصولاً لاشهار سيف الحرم الديني عن الداعين إلى القطيعة وأولّهم تيّار "المستقبل" الذي يُرتقب أن يكون له موقف عالي السقف خلال الأيام القليلة المقبلة.
وكان ميقاتي قد اعلن غداة مشاركته في إفطارٍ دعا إليه السفير السعودي وليد بخاري في منزله، في مستهل شهر رمضان، أنه عازم على زيارة المملكة العربية السعودية في القريب العاجل، وهو خبرٌ رأت فيه مصادر سياسية أنه "متسرّع إن لم يكن مبالغاً فيه"، وقد عُوتِبَ ميقاتي من قبل مقربين منه على تسرّعه في الإعلان عن الزيارة وجدول أعمالها.
وفي هذا السياق، عملت أوساط ميقاتي طوال الفترة الماضية على محاولة تلطيف الزيارة بعدما اتضح عدم استعداد المملكة للقاء رئيس الحكومة بصفته الرسمية الحالية. وبعيد إنجازها، صدرت مواقف عديدة أشارت إلى البعد الديني للزيارة، لتحصرها به، وهو ما اعتُبر هروباً إلى الأمام، بعدما فشل ميقاتي في تأمين مواعيد له، على الرغم من الدعم الفرنسي الذي تجسّد في مبادرة الإتصال الثلاثي التي رعاها الرئيس إيمانويل ماكرون خلال زيارته الرياض وجمع فيه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ونجيب ميقاتي.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :