افتتاحية صحيفة البناء :
قبل أسبوع من يوم الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة: ولايات متردّدة تسجل تقدماً لبايدن الحكومة نحو التمثيل السياسيّ توسّع مهمتها للملفات الساخنة وتمدّد عمرها للانتخابات / اجتماعان ناجحان لعون والحريري يرسمان إطار حكومة الـ 20 24 وزيراً وتوازناتها
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية يوم الثلاثاء من الأسبوع المقبل، يعيش العالم كله الحدث الأميركي ويتتبع يومياته المتسارعة، في ظل استطلاعات للرأي تواظب على ترجيح كفة المرشح الديمقراطي جو بايدن على حساب الرئيس دونالد ترامب، وجاءت المناظرة الأخيرة بين المرشحين وفقاً لاستطلاعات أجرتها قناة سي أن أن تمنح بايدن 52% مقابل 39% لترامب من المصوتين، بينما جاءت الاستطلاعات الخاصة بالولايات المتأرجحة أو التي تحتسب غير محسومة لكل من المرشحين، بهوامش قريبة بينهما مع ترجيح كفة بايدن بفوارق بين 1% و2%، بما يعني ان نقطة الضعف التي أصابت انتخابات المرشحة هيلاري كلينتون التي فازت بأغلبية تصويت الأميركيين كأفراد وخسرت الانتخابات بفعل خسارتها مندوبي عدد من الولايات، سيكون ممكناً وفقاً لما تقوله الصحف الأميركية الكبرى، لبايدن تفاديها بالجمع بين الحصول على أغلبية تصويت الناخبين وأغلبية مندوبي الولايات، التي ترجّح كفتها الولايات المترددة.
بانتظار الانتخابات الرئاسية الأميركية، يتوزع التقدير للمسار الحكومي اللبناني بين رأيين، من يعتقد بأن التفاؤل الذي برز خلال اليومين الماضيين سيتكفل بإنجاز تشكيل الحكومة سريعاً، ورأي آخر يعتقد بأن الأمر مؤجل لما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.
في المسار الحكومي يبدو أن الأمر الرئيسي الذي تم حسمه في هويتها هو تمثيلها السياسي للكتل النيابية الكبرى، وموافقة الرئيس المكلف سعد الحريري بحصيلة اجتماعين عقدهما مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على هذا المبدأ، وهذا يعني بالنسبة للحريري أن الحكومة لم تعد محصورة بمهمة مدتها ستة شهور لإقرار الإصلاحات بل صارت حكومة سياسية بواسطة اختصاصيين عليها أن تتولى الملفات الساخنة وتتحمل مسؤولية التحضير للانتخابات النيابية المقبلة، بما يعني أنها ستكون من حيث المبدأ حكومة غير محدّدة بمهمة ومدة زمنية.
في تفاصيل شكل الحكومة وحجمها، تقول مصادر متابعة للملف الحكومي إن النقاش لا يزال مفتوحاً حول حجم الحكومة بين 20 و24 وزيراً بعد استبعاد نظرية الحكومة المصغرة، وإقرار مبدأ حقيبة لكل وزير، ويدور النقاش حول صيغ الـ 20 والـ 22 والـ 24 وزيراً، مع ترجيح الحريري للأولى وترجيح عون للثانية، وفيما يبدو التمثيل في الحقائب التي تعود للسنة والشيعة والدروز شبه نهائيّ، حيث يتولى ثنائي حركة أمل وحزب الله تسمية المقاعد الشيعية، ومن ضمنها وزارة المالية، مقابل تسمية تيار المستقبل للمقاعد السنية وترك مقعد للرئيس نجيب ميقاتي ليختار من يشغله، إضافة لمقعد سيجري عرضه على السفير مصطفى أديب، يرجّح أن يكون لحقيبة الخارجية، وإذا وافق تنتقل تسمية وزير الداخلية إلى حصة رئيس الجمهورية، وشبه تفاهم على حصر تسمية الوزيرين الدرزيين بالحزب التقدمي الاشتراكي، مع سعي الرئيس عون ليكون الوزير الدرزي الثاني موضع قبول من النائب السابق وليد جنبلاط والنائب طلال إرسلان، أما المقاعد المسيحيّة في الحكومة فالمحسوم منها حصة الطاشناق والمردة، ومثلها حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، وتبقى ثلاثة عناصر عالقة لم يتم بحثها بعد، هي مصير وزارة الطاقة وما إذا كان التيار الوطني الحر سيتخلى عنها في ظل تمسك الرئيس الحريري بهذا المطلب، وموقف رئيس الجمهورية من طلب الرئيس المكلف لمقعد مسيحي في الحكومة، وتبقى قضية تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي في الحكومة موضوعاً عالقاً لم يتطرّق البحث إليه بعد، وعلاقته بمنح الكتلة القومية للثقة للحكومة بعدما قامت بتسمية الرئيس الحريري.
والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الرئيس المكلّف سعد الحريري بعد ظهر أمس، للبحث في مسار التأليف الحكومي، وقد برز وفق حساب رئاسة الجمهورية تقدّم في ملف تشكيل الحكومة الجديدة. ويأتي هذا اللقاء في خانة التزام الرئيس الحريري الدستور لجهة اطلاع رئيس الجمهورية الشريك في عملية التأليف في صورة الاتصالات التي أجراها ويجريها مع المعنيين. ومع ذلك فقد أشارت مصادر مطلعة لـ"البناء" الى ان عدد الوزراء لم يحسم بعد، لافتة الى ان حزب الله يحبذ ان تتألف الحكومة من 22 او 24 وزيراً. وهذا المطلب يؤيده رئيس الجمهورية، مع اشارة المصادر الى ان الطائفة الدرزية لن تحبذ حكومة من 18 وزيراً وتفضل حكومة من 24 وزيراً لكي تتمثل بوزيرين، وكذلك الأمر بالنسبة للكاثوليك الذين يعتبرون ان حكومة من 18 وزيراً لن تنصفهم، وعلى هذا الأساس ترى المصادر ان الامر من المرجح ان تتبلور الاسبوع المقبل، لا سيما أن الرئيس الحريري سيكثف من لقاءاته ومع المعنيين من المكونات السياسية للوقوف عند طروحاتها وأفكارها خاصة أنه يريد ان يؤلف حكومة بأسرع وقت ممكن من اختصاصيين وقطع شوطاً كبيراً مع القوى السياسية التي تجاوزت عقدة الوزراء الحزبيين. وهذا ما المح اليه النائب محمد رعد بعد لقائه الحريري أول أمس في المجلس النيابي.
وليس بعيداً رأت مصادر مطلعة لـ"البناء" ان الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أعلن صراحة انه لن يتمثل بحزبي داخل الحكومة او مقرب منه، يفضل ان تؤول وزارة الصحة الى شخصية درزية. وبالطبع ستكون صديقة للحزب التقدمي الاشتراكي على اعتبار ان التقدمي الاشتراكي يمثل الشريحة الأكبر من الدروز وهذا لا يُخفى على احد، مع تشديد مصادره على أنه لن يعرقل التأليف.
إلى ذلك فإن الرئيس سعد الحريري يحبّذ ان يعتمد مبدأ المداورة في الوزارات بعيداً عن وزارة المالية التي ستكون من حصة الشيعة، ولفتت مصادر المستقبل لـ"البناء" الى ان الحريري ابلغ المعنيين أنه لن يكرر ما كان يحصل في الحكومات السابقة التي تولاها خاصة أن التدخلات الكثيرة من كل حدب وصوب أدت الى تعطيل الإنتاجية، من هنا فهو سوف يركز على ضرورة تفعيل الإنتاجية في الحكومة فور تشكيلها من شخصيات كفوءة والانصراف الى معالجة الازمات الاقتصادية والمالية والنقدية بالتوازي مع التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ الإصلاحات من دون أن يعني ذلك التسليم بكل الشروط.
الى ذلك كانت لافتة عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، حيث توجّه بالمباشر الى الرئيس المكلف سعد الحريري بالقول: تخطّى، أيّها الرئيس المكلّف، شروط الفئات السياسيّة وشروطها المضادّة، وتجنّب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهيّة السياسيين والطائفيين، فيما الشعب منهم براء. من أجل بلوغ هذا الهدف نقول لك باحترام ومودّة: التزم فقط بنود الدستور والميثاق، ومستلزمات الإنقاذ، وقاعدة التوازن في المداورة الشاملة وفي اختيار أصحاب الكفاءة والأهليّة والولاء للوطن، حيث تقترن المعرفة بالخبرة، والاختصاص بالاستقلاليّة السياسيّة. احذر الاتفاقيّات الثنائيّة السريّة والوعود، فإنّها تحمل في طيّاتها بذور خلافات ونزاعات على حساب نجاح الحكومة: "فلا خفي إلّا سيظهر، ولا متكوم إلّا سيُعلم ويعلن، لأنّ كلّ ما قلتموه في الظلمة سينادى به على السطوح")، على ما يقول السيّد المسيح. لا تضع وراء ظهرك المسيحيّين، تذكّر ما كان يردّد المغفور له والدك: "البلد لا يمشي من دون المسيحيّين". هذا انتباه فطن وحكيم، فالمسيحيّون لا يساومون على لبنان لأنّه وطنهم الوحيد والأوحد، وضحّوا كثيرًا في سبيل إيجاده وطنًا للجميع، وما زالوا يضحّون.
على خط واشنطن، شبّه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو "حزب الله" بتنظيمَي "القاعدة" و"داعش" من حيث تمدده عبر العالم"، حسب ما أظهرته مخططات تم الكشف عنها، ومنع حصولها في السنوات الأخيرة في القارات الأميركية والأوروبية الإفريقية والآسيوية، والشرق الأوسط"، على حدّ قوله.
وحثّ بومبيو جميع شركاء الولايات المتحدة على تصنيف "حزب الله" ككل "منظمةً إرهابيةً"، مؤكداً أن "لا فرق بين جناحيه العسكري والسياسي". وذكّر بقرارات مماثلة اتخذتها كل من ألمانيا وليتوانيا وكوسوفو، إضافة لتعهد في هذا السياق من صربيا. واعتبر أن "تلك القرارات الحاسمة تشكل اعترافاً بأن "حزب الله"، بجناحيه (السياسي والعسكري)، منظمة إرهابية ويشكل تهديداً كبيراً في أوروبا وسائر أنحاء العالم". ورحّب بومبيو بتزايد عدد البلدان التي حظرت أنشطة "حزب الله"، وآخرها إستونيا وغواتيمالا اللتان صنفتا الحزب منظمة إرهابية. وفي هذا السياق، لفتت مصادر متابعة للموقف الاميركي لـ"البناء" الى ان العقوبات الاميركية على حزب الله سوف تستمر، والترحيب بتأليف حكومة برئاسة الرئيس الحريري لا يعني على الإطلاق ان العقوبات سوف توضع جانباً لا بل على العكس فإن العقوبات الاميركية سوف تبقى مسلطة على حزب الله بمسؤوليه فضلاً عن كل من يتهم بالفساد، قائلة: ما يجري من ضغط خارجي قد يدفع القوى كافة حتى التي ترفع من التحدي والصمود الى تقديم التنازلات لتمرير هذه المرحلة بغض النظر عن نتائج الانتخابات الاميركية.
وفيما تجري الجولة الثانية لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية اللبنانية ـ "الإسرائيلية" في 28 من الحالي، فإن حكومة العدو الإسرائيلية سوف تفضّ اليوم عروض دورة التراخيص الخاصة ببلوك 72 الذي كان يعرف في السابق باسم ALON D والذي تبلغ مساحته 257 كم مربع والذي يقع مباشرة على الحدود المتنازع عليها مع لبنان.
اما على خط الحراك الشعبي وتشكيل معارضة سياسية، فإن "المؤتمر الوطني للإنقاذ" الذي عقد أمس، بحضور 200 شخصية انتهى قبل ان يتوصل المجتمعون الى صياغة توصياته ومرد ذلك الخلاف حول ما بات يعرف بالملفات الخلافية المتصلة بالحياد وسلاح حزب الله والاستراتيجية الدفاعية.
الى ذلك، أعلنت شركة رامكو أنها لم تعد قادرة على الاستمرار بعملياتها ضمن نطاق بيروت وقضاء المتن وكسروان اذا لم تعمد الدولة اللبنانية على تسديد مستحقاتها بالدولار الأميركي وفقاً للعقد الموقع معها، وذلك لكي تتمكن من تسديد ديونها للمصارف الناجمة عن شراء المعدات ولسداد التزاماتها وكلفتها التشغيلية من قطع غيار وخلافه المترتبة عليها أيضاً.
ولفتت في بيان إلى أنّ القيود المصرفية الموضوعة من قبل جمعيّة المصارف ومصرف لبنان ولا سيما التعميم الأخير لجهة تسديد ثمن المحروقات نقداً جعل الشركة عاجزة عن تأمين حاجاتها من المحروقات لتشغيل آلياتها.
وبذلك تجد الشركة نفسها بحالة عجز وعدم القدرة على الاستمرار بعملها وتعلن أنها ستضطر إلى تعليق العمل بما يختص برفع النفايات في الأيام القليلة المقبلة وتتوجه بالاعتذار إلى جميع المواطنين والبلديات الواقعة ضمن نطاق عملها الجغرافي على ما قد ينتج عن ذلك من تراكم للنفايات وتطلب منهم تفهم الأسباب من جراء عجزها وتتوجه إلى الدولة اللبنانية وتناشدها باتخاذ قرار سريع لحل هذه المشكلة عبر التزامها ببنود العقد ولا سيما بأن هذا القطاع عام وحيوي.
وعلى خط كورونا، فإن عداد الإصابات اليومي يواصل ارتفاعه، حيث سجل أمس 1400 اصابة فضلاً عن 3 حالات وفاة وبات لبنان يحتلّ المرتبة 59 عالمياً على مستوى إجمالي الإصابات والمرتبة 78 في العدد التراكمي للوفيات بفيروس كورونا المستجد. ومع ذلك، تعمّد وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال استباق اجتماع لجنة الطوارئ المقرر اليوم وأصدر قراراً اعلن فيه إقفال 63 بلدة فقط لمدة أسبوع إضافي تنتهي يوم الاثنين المقبل، علما ان هذا القرار لم يلق ترحيباً عند اعضاء اللجنة وبعض الوزراء، وبينما لفت الوزير عماد حب الله إلى أنه بحال عدم إقفال البلد لمدة أسبوعين فلن يجد المرضى غرفاً في المستشفيات، وسيتدهور الوضعان الصحي والاقتصادي أكثر بكثير من الواقع الحالي"، قائلاً: "ليس لدينا قدرة على استيعاب تدهور كوروني أكبر"، وشددت مصادر متابعة للملف الصحي لـ"البناء" على ان وضع المستشفيات يرثى له لجهة عدم وجود اسرة كافية في كافة المستشفيات لاستقبال مرضى كورونا، وهناك العديد من المرضى الذين تسوء حالتهم في منازلهم أثناء الحجر، يعالجون في الطوارئ وهذا الأمر يفترض ان يكون مدعاة متابعة حقيقية وجدية من المعنيين هذا فضلاً عن ان الصليب الاحمر بات عاجزاً الى حد كبير عن سد الثغرات الحاصلة، فهو لا يملك السيارات الكافية في المحافظات والأقضية لنقل المرضى عندما يطلبون النجدة منه الأمر الذي يصعب الامور ايضاً لا سيما وان اعداد المصابين بكورونا ترتفع، والحلول لم تصل الى الغاية المنشودة من جراء التباين الحاصل بين الوزارات فضلاً عن وجود المستشفيات في مأزق، وبعضها يرفض استقبال المرضى على نفقة وزارة الصحة او الضمان او التأمين، بذريعة صعوبة تحصيل تلك الأموال.
****************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
الحريري متكتم وعون يشير الى تقدم إعلان الحكومة ينتظر "التمثيل المسيحي"؟
لا مكان بين السياسيين حالياً لغير التفاؤل بتأليف حكومة سريعاً. غالبية العقد حُلت أو تكاد، لكن تبقى مسألة التمثيل المسيحي. حساسية المسألة مرتبطة بحساسية العلاقة بين سعد الحريري وجبران باسيل، لكن ثمة من يؤكد أن تلك لن تكون عقبة دام رئيس الجمهورية يمثّل "ضمانة مسيحية"
حركة سعد الحريري توحي بأنه مستعجل التأليف، كما سبق أن أعلن في البيان الذي تلاه بعد تكليفه. الخميس كُلّف، والجمعة أجرى الاستشارات النيابية، والسبت والأحد التقى رئيس الجمهورية. رغم التكتّم الشديد وبيانات التوضيح، إلا أن الأجواء إيجابية. في لقاء السبت، جرى الاتفاق على حكومة عشرينية، لا مصغّرة. مبدأ إدارة وزير واحد لأكثر من وزارة بدا غير عملي بالنظر إلى تجربة الحكومة المستقيلة. وبالرغم من أن ذلك اللقاء لم يتطرق إلى آلية التأليف، لكن الحريري أبلغ عون حرصه على التفاهم معه على كل شيء. لم يرشح الكثير عن لقاء أمس، لكن مجرد انعقاده بهذه السرعة أوحى أن أمور التأليف تتقدم، وهو ما أكده المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية أمس. وإذ خرجت كلمة من القصر الجمهوري، فإن بيت الوسط يفرض تكتّماً شديداً على اللقاءات التي يجريها ونتائجها.
مع ذلك، فإن الحديث عن تأليف سريع يزداد حضوراً في الأوساط السياسية. لا أحد يتعامل مع يوم التكليف بوصفه اليوم الأول لانطلاق قاطرة التأليف. الحريري بدأ التأليف فعلياً لحظة تكليف مصطفى أديب. وإلى أن اعتذر الأخير، كان الحريري قد قطع شوطاً كبيراً. الكثير من الإشكاليات والعقبات ذُلّل في تلك الفترة، وهو يستكمل عمله بناءً على ما وصل إليه من نتائج، خاصة أنه يعرف تماماً مطالب كل طرف. وعلى سبيل المثال، لم تعد فكرة الحكومة المصغرة التي سبق أن أصرّ عليها الحريري عبر أديب مطروحة، كما لم يعد التأليف من دون الأخذ برأي مختلف الكتل مطروحاً. وكذلك لم تعد مسألة وزارة المالية، التي استهلكت وقتاً طويلاً من مساعي "التأليف الأول"، مطروحة في "التأليف الثاني". حتى مسألة الحصة الدرزية اتفق عليها قبل التكليف الثاني. لم يعد يبقى سوى معالجة مسألة الحصة المسيحية، وتلك هي الأكثر تعقيداً. على ما يبدو، فإن الجميع سلّم بواقع أن رئيس الجمهورية سيكون هو المعني بتسمية العدد الأكبر من هذه الحصة، إضافة إلى تمثيل تيار المردة والقومي والطاشناق. وفيما سبق أن أكد النائب جبران باسيل للحريري، خلال الاستشارات، أنه يؤيد ما يتفّق عليه مع رئيس الجمهورية، إلا أن القلق من تفجير الموقف لا يزال قائماً، بالنظر إلى التعقيدات والحساسيات الموجودة أو التي يمكن أن تطرأ.
باسيل لا يزال في انتظار أن يضع الحريري "قواعد التأليف ليبنى على الشيء مقتضاه". الجيد، في رأي قيادة التيار، "هو الاتفاق على أن أسماء الوزراء يجب ان تحوز موافقة رئيس الجمهورية. الأجواء عموماً إيجابية لكن الخشية تكمن في شيطان التفاصيل. على الأغلب الحريري متّجه صوب حكومة تكنو سياسية ليس بمعنى تقسيم الوزراء بين سياسيين واختصاصيين، ولكن باختصاصيين مدعومين من أحزاب، رغم أن البعض قد يتشاطر بالترويج للأمر على أنه حكومة اختصاصيين".
الراعي: المداورة الشاملة
في سياق متصل، دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي الرئيس المكلف إلى "تخطّي شروط الفئات السياسية وشروطهم المضادة، وتجنّب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهية السياسيين والطائفيين، فيما الشعب منهم براء". وتوجه إليه بالقول: "التزم فقط بنود الدستور والميثاق، ومستلزمات الإنقاذ، وقاعدة التوازن في المداورة الشاملة وفي اختيار أصحاب الكفاية والأهلية والولاء للوطن، حيث تقترن المعرفة بالخبرة، والاختصاص بالاستقلالية السياسية". وحذر من "الاتفاقيات الثنائية السرية والوعود، فإنها تحمل في طياتها بذور خلافات ونزاعات على حساب نجاح الحكومة". وقال الراعي: "لا تضع وراء ظهرك المسيحيين، تذكر ما كان يردّد المغفور له والدك: البلد لا يمشي من دون المسيحيين". واعتبر أن الحريري، "خلافاً لكل المرات السابقة، أمام تحدّ تاريخي وهو إعادة لبنان إلى دستوره نصاً وروحاً، وإلى ميثاقه، وإلى هويته الأساسية الطبيعية كدولة الحياد الناشط، أي الملتزمة ببناء سيادتها الداخلية الكاملة بجيشها وقواها العسكرية، والقائمة على سيادة القانون والعدالة، والممسكة وحدها بقرار الحرب والسلام، والمدافعة عن نفسها بوجه كل اعتداء خارجي بجيشها وقواها الذاتية، والفاصلة بين الحق والباطل". ودعا إلى "العجلة في تشكيل الحكومة، لكن ليس على قاعدة: من مشى مشى، ومن لم يمش يبقى خارجاً".
***************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
مباحثات بعبدا السرية: أيام مفصلية لموعد الولادة
لم تكن مسارعة مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الى اصدار بيانين متعاقبين السبت والأحد يكذب فيهما التسريبات المنسوبة الى مصادر بعبدا او مقربين منها حيال عملية تأليف الحكومة والكثير من التفاصيل المزعومة في صددها، الا مؤشر واضح حيال مستوى الجدية الكبيرة التي تدور في ظلها المباحثات “السرية” منذ 72 ساعة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. ومع ان الحكم على مجريات اللقاءات التي اطلقتها دينامية سريعة وحيوية اطلقها الرئيس الحريري فور انتهائه من اجراء الاستشارات النيابية في مجلس النواب مساء الجمعة الماضي، قد يشكل وحده عامل تسرع في تقدير النتائج، فلا يمكن في المقابل تجاهل المعطيات التي تظهر تبدلا واضحا في مسار الأمور والاستعجال الى تجاوز العقبات التي بدأت تبرز وسيتوالى ظهورها تباعا في طريق تأليف الحكومة، ولكن هذه المرة وسط مناخ مختلف من التكتم والصمت الشديدين اللذين يبدو واضحا ان الرئيسين عون والحريري قررا فرضهما على مسار المباحثات المتصلة بالتأليف. وبعدما كان الرئيس الحريري اكتفى عصر السبت بوصف لقائه والرئيس عون بانه إيجابي ولم يستفض بكلمة أخرى، فعل القصر الجمهوري الامر نفسه امس ببيان مقتضب تحدث عن تقدم الامر الذي وضع عملية التأليف في مكانة وسطية، وفق ما اكدت معلومات جهات واسعة الاطلاع على المجريات الحاصلة بين التأليف السريع المحتمل والعقبات التي تحول دون تأليف سريع بمعنى ان النسبة تتوزع مناصفة بين هذين الاحتمالين. وابرز الحريري في أي حال اتجاها واضحا الى ضرب حديد التأليف وهو حام عقب انتهاء الاستشارات، فعقد السبت والأحد اجتماعين طويلين مع رئيس الجمهورية وأفاد بيان رئاسة الجمهورية امس انهما تداولا ملف تشكيل الحكومة الجديدة “وقد سجل تقدم في هذا المجال”. ولم تشأ أوساط الرئيس المكلف زيادة أي معطيات على هذا البيان وقالت ان ليس هناك زيادة على ما صدر في البيان الرسمي الصادر عن بعبدا .
اما المعطيات القليلة التي رشحت عن الاجتماع الذي عقد امس في بعبدا بين الرئيسين عون والحريري فأشارت الى ان هذا الاجتماع الثاني بينهما خلال 24 ساعة عكس الرغبة المشتركة في الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة كما عكس الإيجابية السائدة في بحثهما المشترك في تفاصيل الملف الحكومي . وعلم ان التقدم الذي اشارت اليه المعلومات الرسمية عن الاجتماع يمثل إشارة واضحة الى سعي مشترك من الرئيسين عون والحريري لحل العقد القائمة امام التشكيلة الحكومية المتصلة بعدد أعضاء الحكومة وتوزيع حقائبها ومعايير التوزير والمداورة في الحقائب السيادية والخدماتية الأساسية. ووفق المعلومات فان عون والحريري لا يريدان أي تشويش على سعيهما الحثيث الى تذليل العقبات امام عملية تأليف الحكومة وعلى شراكتهما في عملية التشكيل.
أسبوع مفصلي؟
وترصد الأوساط السياسية حركة الحريري في الساعات والأيام القليلة المقبلة مع مختلف القوى السياسية باعتبار ان الأسبوع الحالي سيشكل نقطة الانطلاق المحورية والأساسية لتكوين معالم الحكومة وتوفير الارضيّة السياسية لولادتها وسط معطيات لا تستبعد ولادة هذه المرة اسرع مما يظن كثيرون، والا فان المسار سيصطدم بمعوقات خطيرة في حال التأخر والمماطلة مجددا او افتعال العراقيل. وتحدثت معلومات مستقاة من جهات سياسية متابعة للمجريات الحكومية عن وضع عملية التأليف على نار حامية وسط معطيات لا تمنع ابدا توقع ولادة الحكومة قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية بمعنى ان انطلاق مسار التوافق اذا توافرت معالمه بالكامل لن يوقفه أي تطور خارجي بعد الان. ولكنها لفتت الى امكان ان يكون الرئيس الحريري قد بدأ يواجه من الرئيس عون باشتراطات ومطالب مغايرة لتصوراته الامر الذي يتعين مراقبته بدقة في الأيام المقبلة. وتقول هذه الجهات ان ثمة عناوين مهمة بات هناك اتجاها واضحا لدى القوى التي ايدت تكليف الحريري الى التسليم بحكومة اختصاصيين التي تعهد الحريري تأليفها بل وإضافة عبارة من ذوي الخبرات الى صفة الوزراء الاختصاصيين الذين لا ينتمون الى أحزاب. ولكن هذا الاتجاه يقابله اتجاه آخر الى التوافق بين القوى المعنية والحريري على مساهمة هذه القوى في تسمية واختيار الوزراء المتخصصين بما يحقق التوافق المتوازن بين هدف الحريري وتعهداته وحقوق القوى السياسية في المشاركة لتوفير الدعم السياسي للحكومة. وتشير هذه الجهات الى ان هناك اتجاها غالبا لاقناع الحريري بتأليف حكومة لا تقل عن عشرين وزيرا .
السفيرة الفرنسية
وسط هذه المناخات برز اول كلام للسفيرة الفرنسية الجديدة في لبنان آن غريو في اطلالة أولى لها منذ وصولها الى بيروت وبعد تعافيها من إصابة بكورونا وذلك في لقاء صحافي مصغر شاركت فيه “النهار” . واكدت السفيرة غريو ان “فرنسا ترحب بتكليف رئيس لتشكيل حكومة في لبنان وبمعزل عن الشخص الذي تم اختياره وتعتبر ان هذا التكليف يشكل بداية الدينامية ومؤشرا إيجابيا وعنصرا اول في مسار يجب استكماله”. وأوضحت السفيرة الفرنسية ان “مطلبنا هو الإسراع في تأليف الحكومة لتبدأ على الفور بوضع خارطة الطريق الفرنسية موضع التنفيذ “. ولفتت الى انه ” لا يهمنا شكل الحكومة بل ان يكون أعضاؤها أصحاب كفاءة ونزاهة واختصاص وقادرين على تنفيذ برنامج إصلاحات “. وقالت ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون “تواصل وتحدث مع الجميع وقال كل ما يجب قوله والرسالة وصلت الى الجميع وكل بات يعرف مسؤولياته “.
اما الموقف الداخلي الأبرز امس فتمثل في “وصايا” البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للرئيس المكلف سعد الحريري. وإذ رحب الراعي بتكليف الحريري دعاه الى ” تخطي شروط الفئات السياسية وشروطهم المضادة وتجنب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهية السياسيين والطائفيين”. وخاطبه قائلا: “التزم فقط بنود الدستور والميثاق ومستلزمات الإنقاذ وقاعدة المداورة الشاملة في اختيار أصحاب الكفاءة والأهلية والولاء للوطن. وأحذر الاتفاقيات الثنائية السرية والوعود”. كما لفت في موقفه قوله للحريري “لا تضع وراء ظهرك المسيحيين وتذكر ما كان يردد المغفور له والدك “البلد لا يمشي من دون المسيحيين”.
************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الحكومة خلال أيام وإلّا الدخول في نفق طويل.. ومطالب تنتظر أجوبة الحريري
تُهيمن المناخات الإيجابية على ما عداها من أجواء سياسية وكأنّ التأليف حاصل في غضون أيام، فلا عرقلة ولا شروط وشروط مضادة ولا «فيتوات» وجميع الأطراف يريدون التسهيل والتعاون. ولكن، تأسيساً على التجربة اللبنانية، فإنّ المناخات التفاؤلية نفسها التي تشهدها البلاد اليوم كانت تواكب الأيام الأولى لكل تأليف بعد التكليف مباشرة، وعندما يبدأ البحث في التفاصيل تخرج التعقيدات الواحدة تلو الأخرى، بدءاً من الأحجام التمثيلية، وصولاً إلى الحقائب الوزارية، ولم يسبق أن تألفت حكومة إلّا بعد فراغ طويل يتخلله مشادّات وانقسامات ومواجهات وتسخين سياسي.
ومواكبة للأجواء التفاؤلية بدأ الحديث عن تأليف يسبق الانتخابات الأميركية في 3 تشرين الثاني، وذلك في ظل ما يسرّب عن مسودة وضعها الرئيس المكلف سعد الحريري، وانه توافق مع القوى السياسية على اختيار وزراء من أصحاب الاختصاص وغير حزبيين، وان تسميتهم لن تشكل استفزازاً وخلافاً مع هذه القوى، وانه في حال استمرت هذه المناخات فإنّ الرئيس المكلف سيكسر رقماً قياسياً لجهة سرعة تأليف الحكومات في لبنان.
وفي السياق نفسه، هناك من يقول انّ السرعة في التأليف مردها إلى 3 أسباب أساسية: خطورة الأزمة المالية، الاستفادة من الدعم الدولي وتحديداً الفرنسي، ووضع القوى المعنية بالتأليف الماء في نبيذها من خلال التقاطع في منتصف الطريق تسهيلاً فتأليفاً، لأنّ الأوضاع لم تعد تحتمل، ولا خيار سوى تأليف حكومة سريعاً لفرملة الانهيار، وخلاف ذلك سيكون البلد أمام سيناريوهات كارثية.
وما بين تكليف الحريري، وبين تسريع خطواته من استشارات التأليف، إلى التشاور مع رئيس الجمهورية، إنخفض سعر صرف الدولار في مؤشر ارتياح على مستوى الأسواق. وبالتالي، في حال توِّج هذا المسار بالتأليف فإنّ الوضع سيكون قابلاً نحو التحسُّن، خصوصاً إذا أرفق بإصلاحات سريعة فتحت باب المساعدات الخارجية.
وفي موازاة هذا الجَو التفاؤلي، هناك من يعتبر انّ التأليف غير ممكن أولاً قبل الانتخابات الأميركية، كما انّ الصعوبات ستبدأ ثانياً بالظهور تباعاً، وانّ النيات الإيجابية ستصطدم بشَد الحبال المعهود من خلال سَعي كل طرف إلى نفخ حصّته وانتزاع الحقائب التي يريدها، بين حقائب سيادية وحقائب خدماتية، فضلاً عن انّ الصورة العامة والكبرى تختلف عن الصورة الصغرى والتفاصيل، ولا يكفي الاتفاق على مبدأ التشكيل، لأنّ الخلاف الحقيقي يكمُن في حجم الحكومة واختيار التشكيلة وتوزيع الوزارات.
ولا تقف العراقيل والصعوبات عند طبيعة الحكومات وتوازناتها، إنما تتجاوزها إلى الاعتبارات الإقليمية وتحوّل التأليف صندوق بريد بين الدول، إذ غالباً ما يصطدم التشكيل بقرار خارجي سعياً إلى تفاوض وعدم فَك أسر الحكومة مجاناً، حيث يصعب فصل الوضع اللبناني عن الوضع الخارجي.
ولكن الأكيد أيضاً ان لا العهد في وارد التساهل مع حكومة قد تكون حكومته الأخيرة، ولا «حزب الله» في وارد التساهل في ظل مرحلة مفتوحة على شتّى الاحتمالات والتطورات.
عون والحريري
في ظل هذه الاجواء إستقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الرئيس المكلف سعد الحريري بعد ظهر أمس في جناحه الخاص في قصر بعبدا، «وتداولا في ملف التأليف، وقد سجّل تقدّم في هذا المجال»، بحسب المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية.
وقد دام اللقاء ساعة تقريباً، بعيداً من اي تغطية اعلامية وبلا اعلان مسبق. وفيما لفّ صمت مُطبق قصر بعبدا و«بيت الوسط»، لم تنف مصادر تشارك في الاتصالات رواية قالت انّ تفاهماً أولياً تمّ على حكومة عشرينية لكل وزير فيها حقيبة بعد دمج بعض الوزارات، وانّ الحريري تراجع عن صيغة الـ 14 وزيراً التي لم تكن خياراً نهائياً لديه.
وفي ظل المعلومات التي تسرّبت من اللقاء الاول بينهما على وقع بيانَين أصدرهما مكتب الاعلام في قصر بعبدا، نفيا وكذّبا مضمون بعض السيناريوهات التي نشرت وتحدثت عن تفاهمات بدأت تتبلور في بعض النواحي من الآلية التي ستعتمد لتسمية الوزراء على ان يكون القرار النهائي لعون والحريري من دون غيرهما من لوائح توضَع بعد التفاهم مع رؤساء الكتل النيابية لثنائي حركة «أمل» و«حزب الله» ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، كما بالنسبة الى الإسراع في توليد التشكيلة الحكومية.
وعليه، بقيت الروايات التي تحدثت عن تفاهمات أعمق من الاصرار على الحديث عن ايجابية من دون اي تفاصيل، ومنها الحديث عن تفاهم نهائي على ان تسمّي القيادات الحزبية وزراءها من ضمن لوائح يتقدمون بها ليغربلها عون والحريري رواية يتيمة لم يتبَنّها أحد، ولم يثبت مصدرها بعد في ظل نَفي بعبدا وتكتم «بيت الوسط».
سلبيات تمحو الايجابيات
وأبلغت اوساط واسعة الاطلاع الى «الجمهورية» انّ الايجابية التي عكسَها بيان القصر الجمهوري، بعد اللقاء بين عون والحريري، «قد لا تكون دقيقة».
واشارت المصادر إلى «أنّ الحريري متعاون حتى الآن، الا انه يُخشى من ظهور عقبات هنا أو هناك»، مشددة على «ضرورة التعجيل في تشكيل الحكومة لأنّ كل يوم تأخير ستكون له تداعيات سلبية وسط الازمة الاقتصادية- الاجتماعية القاسية».
وعلمت «الجمهورية» انّ الاجواء الايجابية التي غَطّت مناخ التأليف الحكومي قد مسحتها سلبيات مفاجئة طرحت في الساعات الاخيرة، من شأنها، اذا ظَلّت مُستعصية، ان تؤخر التأليف الذي كان يُسعى ان يكون خلال ايام قليلة، الى فترة طويلة تزيد على الأسابيع.
وفي معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» انّ البحث بين عون والحريري لم يُكمل امس بالايجابية التي بدأ فيها، بل انه عاد واصطدم بعقدة المداورة في توزيع الحقائب، حيث برز موقف لرئيس الجمهورية يصرّ فيه على المداورة الشاملة في توزيع الوزارات.
وحتى مساء امس، كانت الاجواء سلبية، وشَبّهت مصادر سياسية مطلعة على اجواء الاتصالات الاخيرة الموقف الرئاسي المتجدد بأنه موقف مفاجىء وغير متوقع ويُجافي الايجابية التي عبّر عنها رئيس الجمهورية بأنه سيكون عاملاً مسهّلاً للتأليف، إذ انه بدلاً من ان يخرج من كُمّه أرنباً للحلحلة، أخرج عموداً وضع في دواليب التأليف في لحظة دقيقة كان التأليف يقترب من خواتيمه الايجابية.
وأعربت المصادر عن اعتقادها أنّ اعادة فتح موضوع المداورة يطاول مباشرة موضوع وزارة المال، وجَعلها من ضمن حصة الطائفة الشيعية. وهو الأمر الذي لطالما أصرّ عليه الثنائي الشيعي، وسبق للرئيس المكلف أن حسم إسنادها الى الطائفة الشيعية عشيّة تكليفه تشكيل الحكومة.
وبحسب المصادر فإنّ اثارة موضوع المداورة مجدداً، من زاوية انه لا يجوز ان تُميّز طائفة او فئة عن سائر الطوائف والفئات (غمزاً من قناة إسناد وزارة المال الى الشيعة)، يُراد من خلالها إبقاء وزارة الطاقة في يد الجهة التي تتولاها حالياً، خصوصاً بعدما تأكد لهذه الجهة أنّ وزارة الطاقة ستُنتَزع من يدها.
وسألت «الجمهورية» معنيين بملف التأليف، فقالوا: «نأمل ألا تكون هناك اي عرقلة، خصوصاً انّ البلد لا يحتمل أي تأخير في تشكيل الحكومة، وانظار العالم كلها علينا، وإنّ أي مماطلة او مناورة من شأنها ان تخرّب كل الجهود الرامية الى الانقاذ».
ولفت هؤلاء المعنيون الى انّ اي كلام عن المداورة وإعادة اثارة هذه المسألة لا يخدم الايجابيات، خصوصاً انّ جميع الاطراف متمسّكة بالمبادرة الفرنسية، والمبادرة الفرنسية لا تتحدث من قريب او بعيد عن المداورة. وان كان هناك من يقرأ في المبادرة الفرنسية على انها تنصّ على المداورة، فليقُل لنا اين هو هذا النص، وعلى اساسه نبني على الشيء مقتضاه. وقال المعنيون: دعونا نتوقف عن اللف والدوران، ولا نضع العصي في الدواليب، ولنذهب الى الاستفادة من الفرصة الثمينة لتشكيل حكومة اليوم قبل الغد، لأنّ أيّ عرقلة سيكون ثمنها باهظاً جداً على البلد.
3 توقعات
الى ذلك، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الاوساط السياسية المعنية بتأليف الحكومة منقسمة الى 3 أفرقاء:
ـ فريق المتفائلين يؤكد انّ الحكومة ستعلن هذا الاسبوع، على ان تَمثل ببيانها الوزاري امام مجلس النواب الاسبوع المقبل لنيل الثقة.
ـ فريق الواقعيين يقول انّ المطلوب من الرئيس المكلف الاجابة عن ثلاثة مطالب اساسية تتعلق بتمثيل «التيار الوطني الحر»، وطريقة تسمية الوزراء، والخطة الفرنسية (ومن ضمنها شروط صندوق النقد الدولي). فاذا جاءت ردوده ايجابية تعلن الحكومة، اما اذا جاءت معاكسة فسيطول مخاض الولادة الحكومية.
ـ فريق يتأرجح بين التفاؤل والتشاؤم يقول انّ الحكومة اذا لم تولد من اليوم وحتى الخميس المقبل، فإنّ الاستحقاق الحكومي سيدخل في نفق طويل.
وفد روسي رفيع
الى ذلك، وفي الوقت الذي تأكدت المعلومات عن إلغاء وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف زيارته التي كانت مقررة الى بيروت منتصف الاسبوع الجاري، كشفت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» انّ وفداً روسياً رفيعاً، كان سيرافق لافروف، سيصل الى بيروت بعد غد الاربعاء في زيارة رسمية تمتد ليومين، يلتقي خلالها المسؤولين اللبنانيين الكبار ناقلاً اليهم رسالة بالغة الأهمية في ضوء الاوضاع اللبنانية الصعبة، وللتشاور في ما يجري في لبنان والمنطقة.
وقالت هذه المصادر انّ الوفد يترأسه ميخائيل ميزينتساف، رئيس المركز القومي لادارة الدفاع في روسيا، ويضم إليه موفد الرئيس الروسي الخاص الى سوريا الكسندر لافرانتييف، وموفد وزير الخارجية المكلّف تسوية الأزمة السورية الكسندر كينسشاك، وعدداً من المساعدين الكبار من العسكريين والمدنيين.
وأكدت المصادر انّ تركيبة هذا الوفد تعكس الزيارة أهمية خاصة لجهة الإطلاع على الوضع في لبنان، في ظل الترابط الذي بات قائماً بين الساحتين السورية واللبنانية بمختلف وجوههما السياسية والاستراتيجية، وللتعبير عن اهتمام روسيا المستجِد بالملف اللبناني، خصوصاً في هذه المرحلة بالذات، لمواكبة الاتصالات الجارية على وقع المبادرة الفرنسية ولدعم الجهود المبذولة لتوفير مخارج للازمة اللبنانية بمختلف وجوهها.
الراعي للحريري
على صعيد المواقف، لاحَظ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظة الاحد أمس، «انّ المسؤولين في المؤسسات الدستورية والإدارات العامة أخفَقوا في واجب تأمين هذا الخير العام، لأنهم اعتَنوا فقط بخيرهم الشخصي الخاص، وبعدم الولاء للوطن، وبالفساد وسرقة المال العام وتقاسم المغانم. ففكفكوا أوصال الدولة، وأفقدوها هيبتها وكسروا وحدتها، وأرهقوها بالديون وأفقروا شعبها، واستباحوا السلاح غير الشرعي والمتفلت، وهجّروا شبابها وقواها الحية، وأوصلوها إلى حالة البؤس».
وهنّأ الراعي الحريري بتكليفه، وقال: «نشجعه، ونرغب إليه أن ينطلق في تشكيل حكومته من هذا الواقع، فمعه الشعب المنتظر الفرج، والثورة الإيجابية العابرة للطوائف والأحزاب والمناطق، ومعه اللبنانيون المحبّون للبنان، ومعه الكنيسة المؤتمنة على خير كل إنسان، ومعه منكوبو نصف العاصمة بيروت المدمرة من انفجار المرفأ، وأكثرية أهلها الساحقة من المسيحيين. فتخَطّ أيها الرئيس المكلف شروط الفئات السياسية وشروطها المضادة، وتجنّب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهية السياسيين والطائفيين، فيما الشعب منهم براء. من أجل بلوغ هذا الهدف نقول لك باحترام ومودة: إلتزم فقط بنود الدستور والميثاق، ومستلزمات الإنقاذ، وقاعدة التوازن في المداورة الشاملة وفي اختيار أصحاب الكفاية والأهلية والولاء للوطن، حيث تقترن المعرفة بالخبرة، والإختصاص بالاستقلالية السياسية. إحذر الاتفاقيات الثنائية السرية والوعود، فإنها تحمل في طياتها بذور خلافات ونزاعات على حساب نجاح الحكومة: فلا خفي إلّا سيظهر، ولا مكتوم إلّا سيعلم ويعلن، لأنّ كل ما قلتموه في الظلمة سيُنادى به على السطوح» (لو 12: 2-3)، على ما يقول السيد المسيح. لا تضع وراء ظهرك المسيحيين، تذكّر ما كان يردده المغفور له والدك: البلد لا يمشي من دون المسيحيين. هذا انتباه فطن وحكيم، فالمسيحيون لا يساومون على لبنان لأنه وطنهم الوحيد والأوحد، وضحّوا كثيراً في سبيل إيجاده وطناً للجميع، وما زالوا يضحّون».
عودة
ومن جهته، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، ألقى عظة، في قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس وسط بيروت، تناولَ فيها الازمة التي يعيشها قطاع التعليم بمختلف مجالاته: «فيما نحن على أبواب تأليف حكومة جديدة، نسأل الله أن يُلهم المسؤولين العمل على ولادتها بأسرع وقت ممكن، لتتسلم زمام الأمور وتوقف انهيار البلد بكل ما فيه. كذلك نتمنى أن يكون أعضاؤها من ذوي الكفاءة والنزاهة والاختصاص، مِمّن انتماؤهم للبنان الوطن، وولاؤهم له وحده، لا لحزب أو زعيم أو طائفة أو مرجع داخلي أو خارجي». واكد «انّ الدول تبنى بالأخلاق، بالثقافة، بالتربية الصالحة والتعليم الجاد»، لافتاً الى ان «المؤسف في لبنان أنّ التربية ليست في سُلّم أولويات الحكام، ووزارة التربية من الوزارات الثانوية التي لا يتسابقون من أجل الحصول عليها وإدارتها بأفضل الطرق، لكونها العمود الفقري للدولة وصانعة الأجيال».
مفاوضات الترسيم
في هذه الأجواء لن تعقد الجلسة الثانية من مفاوضات الترسيم للحدود البحرية بين لبنان واسرائيل اليوم، كما كان مقرراً منذ رفع الجلسة الأولى في 14 الجاري في مقر قيادة قوات «اليونيفيل» الى بعد غد الاربعاء، لأسباب وصفت بأنها تقنية.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الجانبين اللبناني والاسرائيلي تجاوبا مع تَمنٍ أميركي تدعمه قيادة «اليونيفيل» بتأجيل جلسة اليوم الى 48 ساعة مقبلة، وهي مهلة يحتاجها رئيس الوفد الأميركي السفير جون دورشر الذي ينتظر وصول بعض المعدات التقنية التي يحتاجها، وتسمح له بإتمام المهمة المكلّف بها.
كورونا
وعلى صعيد كورنا إحتلّ لبنان المرتبة 59 عالمياً على مستوى إجمالي الإصابات، والمرتبة 78 في العدد التراكمي للوفيات بفيروس كورونا المستجد.
وأعلنت وزارة الصحة العامة أمس تسجيل 3 وفيات و1400 اصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 71390.
وأصدر وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي تعميماً بأسماء القرى والبلدات الجديدة التي يشملها قرار الاقفال والاجراءات المفروضة فيها، وهي: المرداشة، كفرسلوان، المنصورية، المكلس، الديشونية، شحيم، داريا، كترمايا، برجا، الجية، الزعرورية، الجاهلية، نيحا، عين عنوب، حومال، بيصور، مجدل بعنا، بلونه، عينطورة، الكفور، حبوب، بلاط، عمشيت، نهر ابراهيم، المنصف، إهمج، مشمش، الميناء، بتوراتيج، قره باش، مجدليا، رحبة، عندقت، طاران، بخعون، قاع الريم، جديتا، عين كفرزبد، كفر زبد، المنارة، كفر دين، بدنايل، تمنين الفوقا، تمنين التحتا، النبي شيت، البرامية، حارة صيدا، عبرا، الحجة، دير قانون رأس العين، يانوح، معروب، صديقين، دير قانون النهر، وبقين، حومين الفوقا، الدوير، انصار، رميش – قطمون، حاريص، القليعة، عديسة، كفركلا، حاصبيا، الفرديس.
أزمة النفايات
وعلى صعيد آخر يبدو أنّ أزمة النفايات ستعود الى الواجهة مجدداً، خصوصاً مع إعلان «شركة رامكو/التاس-ب»، في بيان، أنها لم تعد قادرة على الاستمرار في عملياتها ضمن نطاق بيروت وقضاءي المتن وكسروان «اذا لم تعمد الدولة إلى تسديد مستحقاتها بالدولار الأميركي وفقاً للعقد الموقّع معها». واستطردت: «ولذلك، تجد الشركة نفسها في حالة عجز وعدم قدرة على الاستمرار بعملها، وتعلن مُكرهة أنها سوف تضطر إلى تعليق العمل بما يختصّ برفع النفايات، في الأيام القليلة المقبلة».
************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
الراعي للرئيس المكلّف: لا تضع المسيحيّين وراء ظهرك
“سباق” التأليف… الحريري “داعس”!
بين “السوداويات” المتمددة على أرض الواقع في ظل شحّ الليرة بعد الدولار وانقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية واجتياح النفايات المناطق والأحياء، وبين “الإيجابيات” المتطايرة من فضاء قصر بعبدا، ثمة انفصام سوريالي في المشهد اللبناني تتنازعه كوابيس اليقظة مع أضغاث الأحلام. فكما الرهان في الإنقاذ لم يكن يوماً على صدق الوعود الداخلية بل على قوة الضغوط الخارجية، كذلك الأمل في أن تسلك حكومة العهد الأخيرة مسلك الإصلاح والتغيير في النهج التدميري والذهنية الهدامة للدولة ومؤسساتها، لن يكون أملاً يُرتجى من إرادة ذاتية تتملك أهل الحكم إنما من أفعال لاإرادية أضحت تحكمهم من الخارج لتسيير أعمال الدولة الفاشلة التي يتربعون على كراسيها… هكذا مرّ التكليف وهكذا يخوض التأليف سباقه “الماراتوني” لاقتناص لحظة ولادة الحكومة في ظل الحاضنة الدولية المتاحة للبنان.
وعلى ميدان التشكيل يبدو الرئيس المكلف سعد الحريري “داعساً” بسرعة قصوى نحو تسجيل رقم قياسي غير مسبوق في سجل تأليف الحكومات، مدفوعاً بيقين مختلف الأفرقاء أنّ الفرصة الفرنسية الأخيرة للبلد هي أيضاً آخر فرصة لبقائهم على قيد الحياة السياسية إن هم أحسنوا التقاط حبل النجاة الممدود في بحر التقاطعات الإقليمية والدولية. ومن هذا المنطلق، تؤكد مصادر مواكبة للملف الحكومي أنّ الأسبوع الجاري سيختزن مؤشرات حاسمة في بلورة اتجاهات الأمور، موضحةً لـ”نداء الوطن” أنّ القيّمين على عملية التأليف “ينتهجون نهجاً متسارعاً في تدوير الزوايا، وما زيارات الرئيس المكلف المتلاحقة لرئيس الجمهورية ميشال عون سوى دلالة على اعتماد معيار السرعة والجدية في إنجاز حكومة المهمة”.
وإذ لفتت إلى “اتفاق الحريري مع عون على إنضاج الطبخة الحكومية بسرية تامة من دون ضجيج إعلامي وسياسي، وهذا ما دفع بقصر بعبدا الى اصدار بيانين متتاليين خلال 48 ساعة لنفي كل ما يُنشر ويُنسب الى رئيس الجمهورية أو القصر الجمهوري حول مفاوضات التأليف”، أشارت المصادر إلى أنّ طريق “الكتمان” الذي يسلكه الحريري في مسار مباحثاته الرئاسية، سينسحب كذلك على مفاوضاته مع الكتل النيابية “بعيداً من دهاليز التسريبات والحرتقات” السياسية، بحيث أعربت عن اعتقادها بأنّ “حبل التأليف لن يطول إذا صدقت النوايا ونجحت “خلطة” التشدد والليونة التي يعتمدها الحريري في تسريع ولادة حكومة اختصاصيين غير حزبيين مهمتها إنجاز بنود الورقة الإصلاحية الفرنسية”، كاشفةً في هذا السياق أنّ “الرئيس المكلف لديه تصور واضح إزاء التشكيلة الوزارية التي يعتزم ترؤسها، وجعبته مليئة بالسير الذاتية لذوي اختصاص على درجة عالية من التخصّص والكفاءة بعيداً عن المحسوبيات السياسية، وهو ينطلق في تشاوره مع رئيس الجمهورية والأطراف السياسية من هذا التصوّر لدفع الأمور قدماً باتجاه ولادة سريعة ومختلفة للحكومة”.
في الغضون، برزت الرسالة “المسيحية” التي ضمّنها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عظة الأحد متوجهاً إلى الحريري بالقول: “لا تضع وراء ظهرك المسيحيّين، تذكّر ما كان يردّد المغفور له والدك: البلد لا يمشي من دون المسيحيّين”.
وحث الراعي الرئيس المكلف على ضرورة تخطي “شروط الفئات السياسيّة وشروطهم المضادّة والتزام الدستور والميثاق ومستلزمات الإنقاذ والتوازن في المداورة الشاملة وفي إختيار أصحاب الكفاءة والأهليّة والولاء للوطن، حيث تقترن المعرفة بالخبرة، والإختصاص بالإستقلاليّة السياسيّة”، مجدداً التشديد في الوقت عينه على وجوب أن يكون لبنان “دولة حياد ناشط تنأى بنفسها عن الدخول في أحلاف وصراعات وحروب إقليميّة ودوليّة”، باعتبار الحياد هو “المدخل الضامن إلى الوحدة الداخلية وإلى الإستقرار والنهوض الإقتصادي والمالي والإنمائي والإجتماعي”، مع دعوته إلى تعجيل تشكيل الحكومة لكن ليس “كيفما تيسّر على قاعدة: من مشى مشى، ومن لم يمشِ يبقى خارجًا”.
************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
تحذيرات لبنانية من ربط الحكومة بانتخابات أميركا
برّي يستعجل التشكيل هذا الأسبوع ويحذر من رهانات خاطئة
بيروت: محمد شقير
حذّر رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري من التداعيات السلبية المترتبة على ترحيل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، ورأى أن «لا مبرر لهذا التأجيل ما دام أن نتائج الانتخابات لن تقدّم أو تؤخّر، خصوصا أن وضعنا الداخلي المتأزّم لا يحتمل هدر الفرص وبات يتطلّب توفير الحلول لوقف الانهيار المالي والاقتصادي ومنع البلد من أن يتدحرج نحو الهاوية»، كما نقل عنه زواره لـ«الشرق الأوسط».
وأمل بري، بحسب زواره، بأن «تتوّج الأجواء الإيجابية السائدة بين رئيس الجمهورية ميشال عون وبين الرئيس المكلف سعد الحريري بتشكيل الحكومة في أسرع وقت، ولا مانع من أن ترى النور هذا الأسبوع، وبالتأكيد قبل موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية لأن الفرصة متاحة لإخراج البلد تدريجيا من التأزّم، شرط أن تتضافر الجهود لتأمين الغطاء السياسي من دون أي تردد يدفع باتجاه تسريع ولادتها».
وشهد ملف تشكيل الحكومة تقدماً، أمس، من غير الكشف عن تفاصيله، إثر لقاء جمع الرئيس اللبناني ميشال عون بالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، بعد ظهر أمس، في قصر بعبدا للمرة الثانية خلال 24 ساعة. وأشار بيان رئاسة الجمهورية إلى «تقدم في ملف تشكيل الحكومة الجديدة».
ونقلت المصادر عن بري تشديده على «ضرورة خطف الفرصة واقتناصها اليوم قبل الغد وتوظيفها على طريق الانتقال بالبلد من مرحلة التأزم إلى تبنّي خريطة الطريق الفرنسية» التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون «لإنقاذ البلد ووقف انهياره وتحضيره للتعافي من أزماته». واعتبر «أننا أمام مرحلة حاسمة بدءا من هذا الأسبوع وعلينا ألا نفوّتها ونغرق في تحاليل لا فائدة منها سوى هدر الفرص وتقطيع الوقت بدلا من تذليل العقبات التي يمكن أن تؤخر التشكيل».
ورأى رئيس البرلمان أن «هناك ضرورة للتعاون بين عون والحريري، ولم يعد هناك من مجال للمساكنة أو المهادنة بينهما لأننا نمر بظروف استثنائية صعبة تستدعي من الجميع التصرّف بمسؤولية وعدم الدخول في سجالات نحن في غنى عنها أو الانجرار إلى مزايدات شعبوية». وأكد، بحسب زواره، أن «تكليف الحريري تشكيل الحكومة الجديدة عامل إيجابي، وتعاونه مع عون سيؤدي حتما إلى تذليل العقبات لأن المطلوب أن نقلّع شوكنا بيدنا وبيد مبادرة الإنقاذ الفرنسية».
وسأل بري وكأنه يرد على من يربط تشكيل الحكومة بالانتخابات الرئاسية الأميركية: «ماذا يفيدنا الانتظار في الوقت الذي يعاد فيه رسم الخرائط السياسية في المنطقة التي ستؤدي إلى تبدّل التحالفات وتُنذر بتحوّلات على أكثر من صعيد؟ وهل نبقى نتفرج على ما يدور من حولنا من دون أن نلتفت إلى ترتيب بيتنا الداخلي كي لا نندم في حال لم نخرج من حالة التردد؟».
وقال إن كل هذه التحالفات الجديدة التي يُفترض أن تشهدها المنطقة «تحتّم علينا اليوم قبل الغد أن نبادر إلى تحصين وضعنا الداخلي والاستعداد لمواجهة كل هذه المتغيّرات التي تتسارع بتشكيل الحكومة ليكون في وسعنا تأمين شبكة أمان سياسية توفّر الحماية لوحدتنا الداخلية لقطع الطريق على الانزلاق إلى متاهات غير محسوبة أو الانجرار إلى رهانات خاطئة».
وكرر بري قوله إنه يأمل «أن يتصاعد الدخان الأبيض هذا الأسبوع» بالإعلان عن تشكيل الحكومة بتفاهم عون – الحريري: «بعيدا عن المناورات والتسريبات التي يُفترض أن تغيب كليا لمصلحة الوصول إلى تشكيلة محصنة بالمبادرة الفرنسية وعدم تفويت معاودة الاهتمام الدولي بلبنان، خصوصا أن مجرد العودة إلى الوراء سيزيد من تأزّم الوضع».
وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية مواكبة للأجواء الإيجابية التي سادت الجولة الأولى من مشاورات التأليف بين عون والحريري والتي يُفترض أن تتكثّف في اليومين المقبلين، إن «مقولة الربط بين ولادة الحكومة وبين الانتخابات الرئاسية الأميركية مرفوضة بالشكل والمضمون». وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أنها لا تفهم الأسباب الكامنة وراء مثل هذا الربط «الذي يعني من وجهة نظرنا أن مجرد التلازم بين إنجاز الاستحقاق الحكومي والاستحقاق الأميركي لن يجدي نفعا وبات علينا عدم التفريط بالفرصة الدولية المواتية للعبور بولادة الحكومة إلى بر الأمان».
وأيّدت المصادر ما تناقله زوار بري عنه بأن هذا الأسبوع سيكون حاسما، وقالت إن «هناك ضرورة للتأسيس على الأجواء الإيجابية التي يعكسها الحريري، ليس لإعادة بناء الثقة بينه وبين عون فحسب وإنما لاستعادة ثقة اللبنانيين ببلدهم».
وسألت «ما الضمانة في حال تأجيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية؟ وهل ستحمل متغيرات ليست مرئية حتى الساعة يمكن الإفادة منها لمعاودة تشغيل المحركات لتأليفها؟». وقالت إن «مجرد الربط سيرتّب على البلد المزيد من الأكلاف السياسية والاقتصادية والمالية».
وتوقّفت أمام دخول واشنطن على خط الوساطة بين لبنان وإسرائيل لتسوية الخلاف حول ترسيم الحدود البحرية، وقالت إن وساطتها «يجب أن تنسحب إيجابيا على تشكيل الحكومة لأن ما يهمها الحفاظ على الاستقرار في لبنان لحماية استمرار المفاوضات، وهذا لا يتأمّن إلا بإعادة انتظام المؤسسات الدستورية بدءا بتشكيل الحكومة، لأن تمديد الفراغ يزيد من تأزّم الوضع ويعرض لبنان إلى انتكاسات مصدرها الارتدادات المترتبة على إعادة رسم الخرائط السياسية في المنطقة».
واعتبرت أن لتكليف الحريري بتشكيل الحكومة بغياب أي منافس له «أكثر من معنى لجهة تمرير رسالة بوجود نية لإعادة تموضع لبنان دوليا والاستعداد لتصحيح علاقاته بعدد من الدول العربية التي تراقب عملية تأليف الحكومة لتبني على الشيء مقتضاه وصولا للتأكد بأن البلد يستعد للدخول في مرحلة جديدة غير المراحل السابقة التي أقحمت لبنان باشتباكات مجانية مع المجتمع الدولي».
وترى المصادر أن لبنان يقف حاليا أمام «فرصة الإنقاذ الأخيرة»، وسط تساؤلات عن إمكانية عودة الكيمياء السياسية بين عون والحريري إلى ما كانت عليه فور إنجاز التسوية الرئاسية قبل سقوطها، وبالتالي ولادة الحكومة الأخيرة في الثلث الأخير من الولاية الرئاسية.
************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
الكنيسة على خط التأليف: تحسين شروط أم خلافات بين المسيحيين؟
طوق من التكتم حول «التقدم بالتأليف» والنفايات تعود إلى الشارع في الجبل وانفراج بتمويل المستشفيات
في إشارة، من شأنها، ان تعزّز المناخ، الذي يجنح الى التقدُّم، كشف المكتب الاعلامي، في الرئاسة الاولى، بعد اجتماع، هو الثاني خلال 24 ساعة بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، بأن «تقدماً ما» سجّل في ملف تشكيل الحكومة الجديدة.
ويفهم من الاعلام الرئاسي، ان الحصة المسيحية، وفقا للمادة 95/د التي تتحدث عن المناصفة بين المسلمين والمسيحيين لدى تأليف الحكومة، تم التفاهم عليها، وفقا لما كشفته «اللواء» في عددها السبت الماضي، لجهة الوقوف على خاطر رئيس الجمهورية في ما خص الحقائب والوزراء الذين سيتولونها، وهي من الحصة المسيحية، في ظل مداورة محدودة في تداول الحقائب، باستثناء وزارة المال، التي تبقى من الحصة الشيعية.
والسؤال،الذي فرض نفسه على التأليف ما وراء الكواليس، لماذا هذ الدخول المفاجئ للكنيسة المارونية على خط تأليف الحكومة؟
ويستتبع هذا السؤال اسئلة طبيعية: مَنْ اوحى للبطريرك الماروني الكاردينال مار بطرس بشارة الراعي ان يسوق سلسلة من النصائح للرئيس المكلف، ابرزها ان لا يضع المسيحيين وراء ظهره..
وتذكيره بما كان «المغفور له والدك بأن البلد لا يمشي من دون المسيحيين. تطلع يا دولة الرئيس مع فخامة الرئيس بعين واحدة». اضاف: «لست اعني بالعجلة التشكيل كيفما تيسر وعلى قاعدة مَن مشى مشى، ومن لم يمش يبقى خارجاً.. فلبنان ذو نظام ديمقراطي».
وحذر الراعي الحريري من «الاتفاقيات الثنائية السرية، والوعود فإنها تحمل في طياتها بذور خلافات ونزاعات على حساب نجاح الحكومة..
في اشارة الى ما نقل الى الراعي من تفاهمات حصلت مع «الثنائي الشيعي» والنائب جنبلاط.
وهل تدخل البطريرك لتحسين شروط الحصة المسيحية، ام ان هناك خلافات داخل مراكز القرار في ما خص الحصة المسيحية، اذ تتحدث المعلومات عن ان بعض المستشارين، فضلا عن رئيس تكتل لبنان القوي، طلبوا الاستعانة بدعم لمواقفهم من المرجعية الروحية.. والمطالبة بأن يتفق الرئيس المكلف مع رئيس التكتل الاكبر للمسيحيين اي النائب باسيل لاختيار الوزراء المسيحيين.
في حين ان مصادر اخرى تحدثت عن تدخل «قواتي» لدى بكركي، بعدما شعرت «القوات اللبنانية» انها خارج التمثيل في الحكومة.
وكان الملفت للاهتمام البيان الذي صدر عن القصر الجمهوري في ما يتعلق بالمصادر التي تتحدث عما يجري، وتنفي ان تكون معبرة عن موقفه.
وسادت اجواء من التكتم المطبق في بعبدا وبيت الوسط، حول ما يجري على صعيد الطبخة الحكومية.
ولم تستبعد المصادر السياسية ان يكون تأثير سلبي على المبادرة الفرنسية استمرار ردود الفعل على الكلام الذي قاله الرئيس ايمانويل ماكرون في ما يتعلق بالرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد، والتي لاقت ردود فعل بالغة الرفض في العالم الاسلامي.
الحصص
وعلى الرغم من التكتم على عدد الوزراء، فإن المعلومات تتحدث عن كيفية احتساب التوزيع الوزاري على الكتل.
فبالنسبة للحصة المسيحية، فالاتجاه سار على النحو التالي:
– خمسة او ستة وزراء من حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر.
– وزيران لتيار المردة.
– وزير للطاشناق.
– وزير محسوب على الرئيس الحريري، ومن المرجح ان يرضي عنه الحزب السوري القومي الاجتماعي.
وعلى صعيد الحصص الاسلامية، فالثنائي الشيعي يسمي الوزراء الاربعة، وتيار «المستقبل» وتيار العزم يسميان الوزراء الاربعة من السنّة.
أمَّا اللقاء الديمقراطي، فسيسمي الوزيرين الدرزيان، على ان يكون احدهما يحظى بموافقة النائب طلال ارسلان.
ويطالب النائب وليد جنبلاط بوزارتي التربية والشؤون الاجتماعية الوطنية والتعليم العالي.
ومع ذلك، فالأنظار تتجه الى لقاءات مع ممثلي كتل، لانهاء ما يلزم، ضمن آلية الاسراع في عملية التأليف، والمعتمدة حالياً، كسبيل لان تكون للبنان حكومة جديدة، تشارك في مؤتمر الدول المانحة، وجاهزة لاجراءات عملية قبل 22ت2 عيد الاستقلال السابع والسبعين.
ووفقا للمصادر ذات الصلة بالتيار الوطني الحر، فإن تمثيل لبنان القوي ينتظر ترجمة لما تم الاتفاق عليه في لقاء رئيسه النائب جبران باسيل مع الرئيس الحريري في المجلس النيابي.
ولاحظت مصادر سياسية ان المكوكية النشطة في حركة الاتصالات، تشير الى ان الطبخة الحكومية تقترب من الانضاج، وربما يكون هناك تصور حكومي او مسودة يعمل عليها، قبل المسودة الاخيرة.
واشارت هذه المصادر الى ان الايجابية المنوه عنها تتعلق بـ: 1 – العناوين المتفق عليها، كجدول اعمال لحكومة المهمة.
2 – الحكومة غير موسعة مع عدم دمج الوزارات.
3 – وجود وزراء كفوئين ونظيفي الكف، يملكون الاصرار علىالسير بالاصلاحات.
وعلى صعيد تنظيم عناصر الحراك لمجموعاتهم، عقد مؤتمر للإنقاذ في فندق لوريان- ضبيه، شاركت فيه القوى والاطراف المشاركة في انتفاضة 17ت1.
وحصل هرج ومرج، بعد اشتباك بالايدي بين العناصر المنظمة وعناصر حزبية. تحدث بعض المشاركين انهم من حزب الله.
ومع ذلك استمر المؤتمر، وخرج بـ26 توصية في ما يتعلق بالمطالب وكيفية الوصول الى تحقيقها، والموقف من الحكومة التي هي قيد التأليف.
وأبدى نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي تفاؤله بولادة قريبة للحكومة.
وكشف ان الوزراء المسيحيين، سيسميهم الرئيس المكلف بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، وممثلي الكتل النيابية المسيحية.
مالياً، واصل الدولار الأميركي تراجعه في السوق السوداء، والذي كان بدأ منذ أيّام. وبعد أن انخفض الدولار أمس، للمرة الأولى منذ فترة طويلة، الى ما دون السبعة آلاف ليرة، سجّل اليوم تراجعاً جديداً حيث وصل الى ٦٣٠٠ ليرة للمبيع و٦٥٠٠ ليرة للشراء.
استشفائيا، اعتبر نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون أن «ما صدر عن مصرف لبنان حول تأمين الأموال نقدا للمستشفيات لدفع ثمن المستلزمات الطبية، لم يأت على ذكر الأدوية وهو بالتالي غير واضح»، مشيراً الى اعتقاده أن المشكلة لم يتم حلها حتى الآن. وشدد، في تصريح تلفزيوني، على أن المسؤولية لا تقع على المستشفيات بل على تعميم مصرف لبنان، وجزء من المسؤولية يقع على المستوردين، مؤكداً أن المستشفيات لا تمتنع عن اعطاء الدواء بل ان الدواء غير موجود لديها، الا انه طمأن الى «ان المستشفيات لن تمتنع عن استقبال المرضى، بل هناك أدوية ومستلزمات لم تعد موجودة والوكيل يفرض علينا ان ندفع ثمنها نقدا».
في المقابل، أكّد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن صوت المستشفيات وصل، معتبراً أن «تصريح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف أمس، ايجابي». وشدد حسن على أن تهديد اللبنانيين بوقف استقبالهم من قبل المستشفيات أمر غير مقبول، لافتاً الى أن «القطاع الاستشفائي يجب أن لا يتزعزع من الناحية المالية.» وكشف أن نتائج ما قالته المصارف وسلامة، يجب أن تظهر ابتداء من الاثنين ونحن نتابع هذا الأمر.
استعداد نقابي
نقابياً، تعقد اتحادات ونقابات النقل البري اجتماعا، ومؤتمراً صحفياً عن الساعة 11 من قبل اليوم في مقر الاتحاد العمالي العام لاعلان موقفها من رفع الدعم واعفاء من رسوم الميكانيك، وتحديد موعد العودة الى الارض.
نقابات رامكو
وعادت النفايات الى الشوارع والساحات بدءا من مدينة الشويفات واحياء في الضاحية الجنوبية، بعد تمنع شركة رامكو عن مواصلة عملية الكنس والجمع ونقلها الى المكبات.
واعلنت شركة رامكو انها لم تعد قادرة على الاستمرار بعملياتها ضمن نطاق بيروت وقضاء المتن وكسروان، ان لم تعمد الدولة اللبنانية إلى سداد مستحقاتها بالدولار الاميركي، وفقا للعقد الموقع معها، وذلك لكي تتمكن من تسديد ثمن المحروقات نقداً ما جعل الشركة عاجزة عن تأمين حاجاتها من المحروقات لتشغيل آلياتها.
71390
صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 1400 اصابة جديدة بفايروس كورونا، و3 حالات وفاة، ليرتفع العدد الى 71390 حالة مثبتة منذ 21 شباط 2019.
************************************
افتتاحية صحيفة الديار
الحريري يُسرّع بالتأليف ولقاء ثانٍ مع عون.. وخوف من صفقة حقائب تزرع الفشل
الارجح حكومة من 20 وزيراً وحصة الرئىس والتيار 6 وزراء … فمن يأخذ «الطاقة» و«العمل»؟
الدولار خسر في اسبوع 2400 ليرة … فهل يستمر في الهبوط ويخسر 2000 ليرة مع التأليف؟
المحلل السياسي
في اقل من 24 ساعة، عقد الرئيس المكلف سعد الحريري اجتماعه الثاني مع رئىس الجمهورية العماد ميشال عون، وذلك في خطوة تظهر ان الحريري مصمم على تأليف الحكومة بسرعة والتفاهم مع شريكه في التوقيع الاول الرئيس العماد عون. وذكرت بعبدا ان الاجواء كانت ايجابية كما اكد ايضا ذلك الحريري بأن الاجواء كانت ايجابية. وقد تركز النقاش الذي دار بين الرئيسين عون والحريري حول عدد الوزراء في الحكومة، وايضاً تباحثا حول تولّي كل وزير حقيبة واحدة بدل من توليه عدة حقائب. وعلى الارجح ستكون الحكومة مؤلفة من 20 وزيراً، وقد يتغير الامر وتصبح 24 وزيراً، لكن المعلومات حتى الان تفيد ان الحكومة قد تكون مؤلفة من 20 وزيراً، وحصة الرئىس العماد عون مع التيار الوطني الحر في هذه الحكومة هي 6 وزراء وحصة «الثنائي الشيعي» 4 وزراء وحصة الطائفة السنية 4 وزراء والارثوذكس 3 والارمن وزير والطائفة الكاثوليكية وزيران والطائفة الدرزية وزيران ايضاً، على قاعدة ان الوزارة مؤلفة من 20 وزيراً : 10 وزراء مسيحيين و10 وزراء مسلمين.
ولكن هنالك خوف كبير من صفقات على مستوى توزيع الحقائب على قاعدة معلومات ذكرت على لسان الحريري انه سيعطي من قام بتسميته حصة في الحكومة التي سيؤلفها، في حين ان المطلوب حكومة وجوه جديدة من خبراء غير حزبيين شبه مستقلين يمثلون المرحلة المقبلة التي تحتاج الى جهود كبرى لاقرار المبادرة الفرنسية وسلسلة الاصلاحات المطلوبة منذ مؤتمر سيدر1، ومن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي العالمي، وما لم تكن الحكومة مؤلفة بهذا الشكل، فإنها ستزرع بذور الفشل، وبدل ان تنطلق الحكومة بقوة من خلال دفع معنوي كما وعد الحريري بأنها ستكون حكومة خبراء غير حزبيين ستكون انطلاقتها متعثرة، وبالتالي، فالشعب اللبناني يتطلّع الى حكومة اختصاصيين تنقذه من وضعه المأساوي.
وعلى هذا الاساس، لقي تكليف الرئىس سعد الحريري وتصريحه شعباً مؤيداً له وكبيراً على مستوى المناطق كلها، خاصة في الشارع السني، حيث انتشرت صوره في كورنيش المزرعة والطريق الجديدة والمصيطبة وبقية احياء بيروت حيث الوجود السني، كذلك انتشرت صوره في البقاع الاوسط من زحلة حتى الحدود اللبنانية السورية، كما انتشرت في طرابلس ايضاً ومناطق من عكار والمنية والضنية، وانتشرت صوره ايضاً في صيدا وفي مناطق عديدة، وهذا يعني عودة العصب السني الهام الى تأييد الحريري وهو ما زال في اطار التكليف ولم يحكم بعد لمدة 6 اشهر او سنة، لان وجوده في السراي سيستقطب الجمهور السني كما كان منذ 3 سنوات ويصبح تيار المستقبل قوياً في صفوف الطائفة السنية.
اذا كان الاتفاق قد حصل على اعطاء الطائفة الشيعية وزارة المال، فان الاتفاق يجب ان يجري على وصول اخصائي خبير من الطائفة الشيعية لادارة وزارة المالية، ولا يكون تابعاً لحركة امل او حزب الله، بل يكون غير حزبي، والخوف هنا، ان تأخذ بعض الكتل مبدأ اعطاء الطائفة الشيعية وزارة المال كي تطالب بصفقة حقائب اهمها وزارتا الطاقة والعمل، ذلك ان التيار الوطني الحر من الناحية المبدئية لا يريد التخلي عن وزارة الطاقة، ولكن آن الاوان بعد 10 سنوات ان يأتي وجه جديد لا علاقة له بالتيار الوطني الحر ويدير وزارة الطاقة، لان الاصلاح سيشمل قطاع الكهرباء الهام والحيوي للشعب اللبناني، اما بالنسبة لوزارة العمل فيريدها النائب اسعد حردان لانها وزارة خدمات وتمويل مالي، والجميع يعرف عندما ادار حردان وزارة العمل، ماذا حصل في الحريق الذي لحق بكل ملفات الوزارة، والرئىس سعد الحريري قد يكافىء النائب اسعد حردان لانه قدم له 3 اصوات مسيحية هي الكتلة القومية الاجتماعية المؤلفة من حردان والنائبين سليم سعادة وألبير منصور، من اصل 21 نائباً مسيحياً صوتوا لتكليف الحريري، واذا اعطى الحريري وزارة العمل لحردان يكون قد زرع بذور فشل في حكومته، وهي المحاصصة العلنية، والاسماء والوجوه معروفة في لبنان، وعندما سيتم تسمية وزير العمل ستظهر الامور على حقيقتها.
نحن في الفرصة الاخيرة ما قبل الانهيار، فاذا اخطأ الحريري في الاختيار، او لا سمح الله اعتذر، وعلى كل حال الاعتذار غير وارد، انما الخوف ان تبدأ الكتل النيابية بطلب المحاصصة بدل اعطاء اسماء لشخصيات مستقلة ولها تاريخ شفاف ونزيه وخبراء في الوزارات التي سيتسلمونها، ويبدو ان الحريري الذي يقوم بتسريع تأليف الحكومة حريصاً ان تكون حكومته من وجوه جديدة وذات خبرة، لانه يريد ان ينجح، ومصمم على النجاح، لذلك يبقى خوف كبير على نوايا الحريري الذي يريد النجاح من خلال تجاذب الكتل النيابية وتقديم اسماء تخضع لهذه الكتل النيابية.
اما بالنسبة للثلث المعطل، فان 6 وزراء الذين هم من حصة الرئيس عون والتيار الوطني الحر مع وزراء حزب الله وعددهم اثنان على الاقل، اذا كانت الحكومة من 20 وزيراً، مع الحلفاء فانهم يشكلون الثلث المعطل للحكومة، والثلث الذي يؤدي الى استقالتها، مع العلم ان الاجواء حالياً ومستقبلياً لا تشي باستعمال الثلث المعطل الذي يؤدي الى استقالة الحكومة.
والاجواء كلها هي اجواء السعي للنجاح واجراء الاصلاحات، وهذا ما وعد به الحريري باجراء الاصلاحات خلال ستة اشهر، فاذا تحققت سيكون انجاز كبير وتاريخي بالنسبة للشعب اللبناني لوقف الانهيار واعادة النهوض واعادة اعمار ما هدمه الانفجار الرهيب في مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، وباستطاعة الحريري مع الفريق الحكومي انجاز الاصلاحات خلال 6 اشهر واقرارها في المجلس النيابي، لان الرئيس بري مصمم على نجاح الحكومة وعلى نجاح سعد الحريري في مهمته بمساعدة كتلة حركة امل، وحزب الله ايضا مصمم على النجاح وبقية الكتل مصممة على الاصلاح والنجاح في الحكومة.
هبوط سعر الدولار في السوق السوداء
خلال الاسبوع الماضي هبط الدولار بنسبة 2400 ليرة من سعر 8800 ليرة الى سعر 6400 ليرة اي بفارق 2400 ليرة، وتوقف المراقبون عند هذه النقطة ويقولون انه اذا حصل التأليف بنجاح واطلت الحكومة بوجوه جديدة وخبراء واخصائيين، فان الدولار سيواصل هبوطه، لكن لا احد يستطيع التكهن الى اي مستوى، لكن بكل الاحوال سيصل الى 5000 ليرة، وربما أقل من ذلك، لان عرض بيع الدولار هو اكثر من الطلب عليه، والذين استفادوا في صعود الدولار الى حدود سقف 9000 ليرة حققوا ارباحهم ويريدون التخلص منه وتكوين رأس مال بالليرة اللبنانية وهم فعلوا ذلك وسيفعلون ذلك عند التأليف او قبله.
حملات التضليل والظلم ضد حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة
بعد هبوط الدولار ظهر واضحاً ان ارتفاعه الى سقف 9000 ليرة كان سعراً سياسياً بامتياز وان هبوطه بنسبة 2400 ليرة بعد تكليف الحريري هو هبوط سياسي، وان حاكم مصرف لبنان الذي حافظ 26 سنة على سعر وقيمة الليرة اللبنانية والعملة الوطنية بسعر1500 ليرة مقابل كل دولار، قام بالهندسات المناسبة، فيما حاولت جهات رسمية للاسف وجهات اخرى ارسال المتظاهرين لرشق مصرف لبنان بالحجارة واطلاق الاتهامات الغوغائىة، وكانت محاولة خبيثة من جهات رسمية للضغط على حاكم مصرف لبنان ليكون كبش المحرقة، الا ان الحاكم رياض سلامة كان الصامت والصامد الاقوى، ومع صموده سيعود الدولار الى سعر يحدده سوق العرض والطلب على الدولار وعلى الليرة اللبنانية، ولا شيء يمنع بعد ستة اشهر مع اقرار كل الاصلاحات وتدفق مليارات من مؤتمر سيدر1 ومن صندوق النقد الدولي ان يصل الدولار الى سعر قريب جداً مما كان عليه.
************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
لقاءان بين عون والحريري وتشكيل الحكومة يتقدم
متسلّحا بالدفع الفرنسي – الدولي، ومستفيدا من «ايجابية» القوى السياسية التي سمّته ولم تسمّه، والتي ظهرت معالمها بوضوح خلال الاستشارات النيابية «شكلا» و»مضمونا»، انطلق الرئيس المكلف سعد الحريري في مشوار الالف الميل نحو تشكيل الحكومة التي حدد صفاتها اكثر من مرة «تضم اختصاصيين غير حزبيين»، حتى انه وضع تصوّرا اوليا لها. وغداة اتصال اجراه مساء الجمعة برئيس مجلس النواب نبيه بري، زار قصر بعبدا مرتين خلال عطلة نهاية الاسبوع، واعلن بعد لقاء السبت : «لن أتكلم كثيرا. وقد عقدت جلسة طويلة مع فخامة الرئيس والجو إيجابي، وانا لن أرد على أي سؤال». اما بعد لقاء امس الاحد فقد صدر عن بعبدا بيان جاء فيه ان الرئيسين عون والحريري تداولا في ملف تأليف الحكومة، وقد سجل تقدم في هذا المجال.
وقد جاء صدور بيان رسمي من اعلام رئاسة الجمهورية عن لقاء الامس قطعا لدابر الشائعات والمعلومات المدسوسة وترويج اجواء سلبية من قبل وسائل الاعلام المحسوبة على جهات سياسية معارضة لتكليف الحريري ولمهمته الانقاذية، وقد ذهب بعضها الى القول بأن الحريري سيلقى مصير السفير مصطفى اديب لجهة الفشل في تشكيل الحكومة وتحت عنوان ان القصر الجمهوري استبق اللقاء بين عون والحريري بتعميم معلومات «نافرة لافتة»، مثل انه «بات محسوما ان القوى السياسية ستسمي وزراءها، وان مبدأ المداورة سقط، وان الحصّة الشيعيّة شبه متّفق عليها ووزارة المال ستكون لبرّي وحقيبة الصّحة ستبقى مع «حزب الله» وان وزير الصحة سيكون اختصاصيّاً وليس حزبيّاً أي لا يمتلك بطاقة حزبيّة، وان الطاقة ستبقى مع التيار الوطني»، لافتة الى ان «حصة الدروز والسنة والشيعة في الحكومة، شبه محسومة، ويبقى التفاهم على حصة المسيحييين، وهذا ما سيحصل خلال اللقاء».
لذلك أصدر مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية يوم السبت، البيان الآتي: «بثت وسائل إعلامية معلومات حول الاجتماع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف الرئيس سعد الحريري الذي انعقد اليوم. يهم مكتب الأعلام أن يؤكد أن الاجتماع كان مغلقا بين الرئيسين ولم يصدر عن قصر بعبدا أي معلومات عنه، وبالتالي لا أساس من الصحة لما وزع من معلومات. فاقتضى التوضيح».
الحجم والبرنامج
وبينما ستساعد محادثات عون – الحريري ، المراقبين، على تحديد المسار الذي ستسلكه عربة التأليف، وما اذا كان سيكون سهلا ام معقدا، اضافة الى المدة الى ستستغرقها العملية، تقول مصادر سياسية مراقبة ان أهم النقاط التي سيركّز عليها الحريري في اتصالاته كلّها، وأبرزها سيضمّه قريبا الى «الخليلين»، هي شكل الحكومة وحجمها، حيث يريدها «مصغّرة» فيما يفضّلها حزب الله والتيار الوطني الحر موسّعة، غير ان هذه المسألة لن تكون عائقا امام التشكيل. اما النقطة الثانية، فهي برنامج الحكومة، حيث سيسعى الحريري الى انتزاع موافقة متجددة من القوى السياسية على الالتزام بما تعهّدت به امام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الصنوبر. فالاصلاحات تعتبر اولوية وملزمة للفوز بالدعم الدولي. وهنا، سيدعو الحريري، القلقين من صندوق النقد وشروطه – وعلى رأسهم حزب الله – الى عدم رفع السقف واللاءات الى درجة تعوق التشكيل، بل سيحثّهم على حمل معارضتهم هذه الى مجلس النواب. فأي بند لا يروق للحزب، او لأي طرف آخر، يمكن ان يسقط في ساحة النجمة لاحقا.
استبعاد المسيحيين؟
في المواقف ، كانت عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس لافتة اذ دعا الرئيس المكلف الى تخطَّي شروط الفئات السياسية وشروطهم المضادة وتجنّب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهيّة السياسيين والطائفيين والشعب منهم براء، وباحترام، إلتزم فقط بنود الميثاق والدستور ومستلزمات الإنقاذ وقاعدة التوازن في المداورة الشاملة.
ولكن المستغرب في العظة قول الراعي: لا تضع وراء ظهرك المسيحيّين، تذكّر ما كان يردّد المغفور له والدك: «البلد لا يمشي من دون المسيحيّين». هذا انتباه فطن وحكيم، فالمسيحيّون لا يساومون على لبنان لأنّه وطنهم الوحيد والأوحد، وضحّوا كثيرًا في سبيل إيجاده وطنًا للجميع، مازالوا يضحّون».
فهل يعقل ان يقال هذا الكلام للرئيس سعد الحريري ابن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهما اللذان حميا العيش المشترك الاسلامي المسيحي برموش العيون وبذلوا الغالي والرخيص من اجل لبنان بكل طوائفه ومكوناته.
الاوضاع ضاغطة
المصادر السياسية المتابعة ترى ان الاوضاع المعيشية والحياتية المتردّية ستفعل فعلها هذه المرة، وستضغط على القوى السياسية كلّها، لوضع الماء في نبيذها. فأزمة النفايات انفجرت مجددا في شوارع الضاحية الجنوبية ، فيما كورونا يتفشى. فقد حلّق عدّاد الاصابات بالوباء مسجّلا ارقاما قياسية جديدة، على وقع قرار مستشفيات كبرى وقف استقبال المرضى بسبب النقص في معداتها! أما الغلاء الفاحش في الاسعار، والنقص في المحروقات وفي المازوت على ابواب الشتاء، فيحتاجان ايضا معالجة ملحّة لا يمكن لاحد – مبدئيا – تحمّل وزر تأجيلها.. الا اذا كانت المصالح الخاصة والاقليمية لا تزال أقوى!
الدولار يتراجع
في الغضون، وفي عامل يفترض ان يحثّ الجميع على المضي قدما في التشكيل، واصل الدولار الأميركي تراجعه في السوق السوداء، والذي كان بدأ منذ أيّام. وبعد أن انخفض الدولار أمس، للمرة الأولى منذ فترة طويلة، الى ما دون السبعة آلاف ليرة، سجّل اليوم تراجعاً جديداً حيث وصل الى ٦٣٠٠ ليرة للمبيع و٦٥٠٠ ليرة للشراء.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :