من المنتظر أن تشهد المعركة الإنتخابية في دائرة بيروت الثانية منافسةً قوية، لا تقتصر ارتداداتها على الفوز بمقاعد نيابية، بقدر محاكاتها لنشوء زعامة بيروتية خارج عباءة تيار "المستقبل". فمنذ إعلان الرئيس سعد الحريري تعليق العمل السياسي وعدم خوض الإنتخابات النيابية، فُتحت شهية المقربين والمنافسين على وراثة هذه الزعامة، وهذه الوراثة لا يمكن أن تنطلق سوى من الخزان البشري الأكبر لتيار :المستقبل" ومركز القرار، أي العاصمة بيروت.
تضمّ هذه الدائرة الموزعة بين مناطق زقاق البلاط، المزرعة، رأس بيروت، دار المريسة، المصيطبة، المرفأ، الباشورة وميناء الحصن، 11 مقعداً مقسّمين بين 6 سنة، 2 شيعة، 1 أرثوذكس، 1 درزي، و 1 إنجيلي. ويبلغ عدد الناخبين 371 ألف ناخب، ووصلت نسبة الإقتراع عام 2018 نحو 41% فيما بلغ الحاصل الإنتخابي 11500 صوت.
في هذه الإنتخابات تتنافس 10 لوائح، يمكن تصنيفها في أربع خانات: الأولى هي اللوائح التي تُحاول أن تُحاكي صوت جمهور التيار الأزرق، سواء برفع السقف أمام "حزب الله"، من خلال لائحة "بيروت تواجه" التي يترأسها خالد قباني ومدعومة من رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، أو سواء من خلال تقديم وجوه مقرّبة من هذا التيار عبر لائحة "هيدي بيروت" التي يترأسها رئيس نادي الأنصار نبيل بدر، وتضمّ إلى جانبه "الجماعة الإسلامية" ومحمود الجمل الذي كان يشغل منصب منسّق بيروت في تيّار "المستقبل".
الصنف الآخر من اللوائح في هذه الدائرة هي تلك التي تقدم نفسها ممثلةً للمعارضة وثورة 17 تشرين، وأبرز اللوائح المنضوية تحت هذه الراية، هي لائحة "بيروت التغيير" المدعومة من قبل حملة "بيروت تقاوم" والكتلة الوطنية وحزب "سبعة" و"خط أحمر" و"ثوار بيروت" و"المرصد الشعبي" وتحالف "وطني" ونقيب المحامين السابق ملحم خلف. بالإضافة إلى لائحة "مدينتي" التي تضم أسماءً من المجتمع المدني، ولائحة" قادرين" المدعومة من حركة "مواطنون ومواطنات في دولة".
وإلى جانب هذه اللوائح، هناك لائحتان تدوران في فلك قوى 8 آذار، لائحة "وحدة بيروت" التي تجمع "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" وحركة "أمل"، ولائحة "لبيروت" المدعومة من "جمعية المشاريع" الطامحة إلى الوصول للحاصل الثاني بعد اعتكاف الحريري، وهذا ما دفعها للإفتراق انتخابياً عن لائحة "وحدة بيروت". تبقى لائحة الخانة الأخيرة من اللوائح عبر لائحة "بيروت بدا قلب" التي يترأسها النائب فؤاد مخزومي والتي تسعى لنيل مقعد ثاني إلى جانب مقعد مخزومي، بالإضافة الى لائحة " لتبقى بيروت" المدعومة من رجل الأعمال بهاء الدين الحريري.
وفيما يتمتع الثنائي الشيعي بفائض من الأصوات، تمكّنه من ضمان فوز النائبين محمد خواجة وأمين شري، فإن الأنظار تشخص لمعرفة الوجهة التي سيختارها الحزب لناحية دعم أحد المرشحين الحلفاء على هذه اللائحة، والخيارات في هذا الإطار تتراوح بين مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي- فرع الروشة رمزي معلوف أو مرشح "التيار الوطني" النائب ادغار طرابلسي، أو مرشح "الحزب الديمقراطي اللبناني" نسيب الجوهري. واختيار دعم الأخير يعني عملياً محاولة لضرب مرشح الحزب التقدمي الاشتراكي فيصل الصايغ، مع ما تحمله هذه الخطوة من آثار سياسية.
وفي حين يُصر "حزب الله" على تأكيد عدم تقديم أي التزام بمنح أحد الحلفاء الأصوات التفضيلية، تفادياً لتكرار تجربة رئيس جزب "التوحيد العربي" وئام وهاب، فإن دعم طرابلسي قد يكون الأكثر واقعية، سواء لناحية مراعاة العلاقة بين بري وجنبلاط من ناحية، أو سعي الحزب إلى ضمان أكبر عدد من المقاعد المسيحية لصالح "التيار الوطني" بهدف الإبقاء على التفوق العددي لكتلة "لبنان القوي" على حساب كتلة "الجمهورية القوية".
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :