الثقافة العمودية ... التقاطع بين ثقافة الصالونات والثقافة العمودية

الثقافة العمودية ... التقاطع بين ثقافة الصالونات والثقافة العمودية

 

Telegram

 



لم تسنهوني ثقافة الصالونات ، دون أن أدري لماذا ، ولم أكن ملبيا لحضورها إلا إذا كان الغياب  يسبّب  إحراجا  ،وكنت أفتش دائما عن أسباب تخفف من برودتي وتزيد من حماستي وأحاول استحضار ايجابيات هذه الصالونات ، وكنت أخاف من نعتي بالمثقف الداعشي الذي يرفض الانخراط في مشاريع ثقافة الصالونات الحضارية .
ولأني كنت أجهل البديل لهذه الصالونات ، فضلّت الصمت عن الكلام .
 لم أحاول لمرة واحدة الاختلاء بنفسي ومحاولة تبرير هذه البرودة وقلة الحماس .
أما وقد وصلنا الى ما وصلنا اليه من إنقسامات حادة ومن تباينات متناقضة حتى الافتاء بضرورة إقصاء الآخر ، وبعد أن انقطع حبل التواصل ، وتمركزت قوى المصالح الطائفية والمذهبية  في متاريسها وراحت تطلق قذائفها بغاية تحقيق أهدافها ومراميها ، وبعد أن تمكنت الثقافة العمودية من الهيمنة على الساحة الثقافية ، تصالحت مع نفسي واقتنعت أن وظيفة صالونات الثقافة هي التلاقح بين أفرادها الذين ينتسبون الى لون واحد .
عادة ،عند الذين تشتغل  عقولهم  يعتمد الحوار على النتائج وليس على التوقعات ،تخف حدة التوترات ، لأن النتائج وقائع ثابتة ، أما عند الذين ما زالت عقولهم مختومة بالشمع الأحمر يكون الحوار حوار طرشان . 
لم تستطع الصالونات الثقافية ولا الأحزاب العقائدية تعميم مبادىء الثورة الثقافية ، فعندما حكم الأحزاب أصحاب المشاريع السياسية ، وخرج من صفوفها الأقلام الثقافية ، فأصبحت الأحزاب صحراء وأصبح المثقفون صالونات ، وبين الصالونات والصحراء ضاعت مهمة إحداث الثورة الثقافية . 
عبثا يحاول بعض المثقفين خرق جدار التنظيمات الحزبية وتصحيح المسار. فالسلطة تتعاطى مع المثقفين على قدر ما يؤمنوا لها خدمات .
عبثا تحاول الصالونات الثقافية خرق جدران فاعليتها المنحصرة في دائرى تواجدها 
التحدي الكبير في زمن الانهيارات الكبيرة هو كيف يمكن بعث ثورة ثقافية تهدم جدران الفصل وتبني مشروع التفاعل الايجابي الذي يُمهد للثورة الثقافية .
وهل يمكن للصالونات الثقافية التمهيد لهذه الثقافة ؟
أثبتت نتائج أكثر من ربع قرن من النشاط ، أن ثقافة الصالونات  أفقية دائرية ، تدور على محاور مقفلة  محدودة الفاعلية وقليلة الحيوية  عاجزة عن إطلاق  ثورة ثقافية. 
كما الثقافة العمودية حاصرت المجتمع ورمت فيه ثبات ثقافة النقل ، ونشرت ثقافة الجمود وساهمت مساهمة كبيرة في التطور نحو الوراء  كذلك بنت  ثقافة الصالونات مقصورات حاصرت نفسها فيها ، ولم تستطع  إنشاء لغة يفهما جميع فئات الشعب تبعث ثقافة نهضوية ثورية تتنكب مسؤولية التغيير في المجتمع والدولة وتفسح المجال واسعا أمام التطور والارتقاء .
نحن نعتقد أن المهمة المركزية في إعادة البناء واستكمال التأسيس هي إنشاء المؤسسات القا درة على بعث الثقافة النهضوية الثورية .وأن لا تكون هذه المؤسسات مركزية ، بل يجب أن تكون في كل  مكان مُتاح .


سامي سماحة 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram