ماذا ترانا من أصداء التاريخ نسمع، لو استنطقنا الذكرى جديدا مفيدا، عنيت ذكرى مولد أنطون سعاده؟ أليست تتردد في الاسماع، والويل يحاصرنا من كل ساح وناح: "عودوا الى الجهاد"؟
ومع الاصداء يعصف سؤال: أتلاميذ من مدرسة النهضة أولئك القاعدون على رصيف التاريخ، يكفكفون دموعا لم يذرفوها، منتظرين أن يستكمل الزمان دورته كل عام، لكي يمضوا الى المناسبة عيدا لا يحملون جديدا الا لباسهم الجديد. يطوفون حول الذكرى، كما كان يفعل المطوّفون حول عزّى واللات..
وفي استعراض لتوالي السنين على آذار، يرتسم على شاشة الذاكرة زمن البدايات. زمن كانت الذكرى فيه جمرا في الوجدان ولهبا، اذ طالما أحياها المحتفلون نارا يشعلونها على رؤوس الجبال تعبيرا رمزيا متوارثا في تراثنا ومضافا اليه، من مفاهيم النهضة ، معناه الجديد.
معناه الذي أشار اليه واضحا المحتفى بذكراه، يوم اعلن ان نهضته " جاءت لتحرق وتضيء، تحرق كل من يقف في سبيلها وتحرق من أتى بها، وتضيء لأمة ظنها أعداؤها منقرضة".
بمثل هذه الخصوصية، لا بد أن يكون للذكرى، عند "الجماعة التي لا تقصد في الحياة لعبا"، معنى غير الذي ألفه المطوّفون حول الاصنام والاوثان، بكل أسمائها الحديثة... لقد بدّلت النهضة، لا في الألفاظ كمبان، بل في جوهر المعاني... وما كنا جميعا امناء، حد الكفاية، على المباني والمعاني والجواهر . لهذا، التبس ولايزال يلتبس على بعضنا المفهوم الحقيقي لآذار، موضوع الاحتفال.
أبذكرى آذار 1904 ام بآذار 1935 يصح الاحتفال؟ لئن كان التاريخان هذان متحدين اتحاد اللاهوت بالناسوت، الا ان قاموس الانسان الجديد يشير الى ان الاحتفال الحق ليس بالوليد ذاتا الذي ابصر النور في ضهور الشوير 1904، بل بما توّلد عنه من نور أشع باهرا من القسم الذي أدّاه، في الاول من اذار1935، وهو يرد على من جاؤوه معيّدينه بذكرى مولده.
مع تلاوة قسم الزعامة الذي ليس له مثيل في سير العظماء وصانعي تاريخ الشعوب، بقسمه المعروف ذاك، كان وكأنه يقول لمريديه: لهذا ال انطون سعاده تعيّدون. ومن قبل ومن بعد، علينا أن نتذكّر، في الذكرى، أن قدر النهضات العظمى أن تستمر ابداعا متواصلا، لا بدعا ولاشيعا، كما حال الجاهليّات، وأن تستمر نارا، جمرها لا ينطفىء، أو فهي صائرة سؤالا بلا جواب وخبرا في كتاب.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :