هل يُطيّر الخليج الإنتخابات؟

هل يُطيّر الخليج الإنتخابات؟

 

Telegram

 

يُشدّد "حزب الله" على إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها (15 أيار المقبل) وزاد من نسبة تأكيداته عبر رفع وتيرة الحضور السياسي والميداني ضمن هذا المجال. بالتوازي مع ذلك، إرتفع مستوى الإتهامات التي يُصدرها البعض في حقّه، كالزعم بأنه يُفكّر في تطييرها، وبين هذا وذاك تُصبح الإنتخابات على المحك!

إحدى علامات حرص الحزب على لفّ المسار الإنتخابي بـ"مظلّة أمان"، أن أقحم بزنود النخبة لديه المتمثّلة بالأمين العام السيّد حسن نصرالله و نائبه الشيخ نعيم قاسم، عملاً على ترطيب الأجواء وإزالة أي فكرة متعلقة بوجود أي احتمال لتأجيل الإنتخابات أو تطييرها، وعلى الأرجح أن الغرب –أو بعضهم- تحديداً الذين يريدون الإنتخابات عن حقّ، بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى، "وضعوا أقدامهم" في المياه الباردة.

 

على المقلب الرسمي، صدرت إشارات عديدة أخيراً توحي بأن الإنتخابات ماشية، ومن العلامات، تخصيص مجلس الوزراء لمبلغ 15 مليون دولار أميركي لزوم إتمام العملية، وإذا كان صحيحاً أن مثل هذا الإجراء يُريح، لكن الصحيح أيضاً أن إعادة الرئاسة "الدسّ" بقضية الـ"ميغاسنتر" قبل أقلّ من 3 أشهر على موعد فتح الصناديق، له أن يعيد تقديم المواقف إلى الأمام.

لقد جرّبت المجموعات التي تطرح نفسها كـ"قوى تغيير" تستمدّ شرعيتها من الشارع _ الثورة، حظّها في إنتاج لوائح مشتركة تفي بغرض إحداث الخرق الإنتخابي – الهدف الذي يُعمل عليه غريباً، لكنها وحتى الآن لم تأتِ نتائجها كما يرغب البعض. في المقابل، بعض أحزاب السلطة ليست بعيدة عن جوّ "العطب". فمثلاً إحدى القوى الرئيسية في السلطة، أجرت دراسةً على محازبيها قبل مدة، حول مدى التزامهم بتوجيهات الحزب ومرشحيه ومشروعه الإنتخابي، ومن أصل 4000 عينة تم استطلاع رأيها في هذا المجال، جاءت النتيجة بأقلّ من 1200 شخص – محازب أبدى التزاماً "مشروطاً" بمعنى التقيّد مثلاً باللائحة دون التقيّد بأسماء المرشحين بالإضافة إلى إبداء اعتراضات عديدة حول المشروع، وهذا فرّخ خطراً على مرشحي هذا الحزب.

بعيداً عن ذلك، ثمة أسباب سياسية يرى البعض أنها تقود إلى "انقلابه" لدى الجانب العربي الدافع لإجراء الإنتخابات تحت شعارٍ وحيد: "إنتزاع الأكثرية من حزب الله"، لذلك فهم الحزب الرسالة جيداً فعاد يحشد وبقوة من جديد وأعاد تجديد شباب شعاره الإنتخابي من "نحمي و نبني" إلى "ماضون نحمي ونبني". فصحيح أن هذا الشعار يحوي إشارات ذات بعدٍ إقتصادي – أمني لكنها ذات مدلولات سياسية هامة أيضاً توحي بأن المشروع الذي بدأ عام 2018 مستمرّ.

وثمة من يعتبر أن إصرار "حزب الله" على إجراء الإنتخابات وتصريحه عن ذلك بشكل شبه يومي وصولاً لخوض العملية وفق الشعارات الماضية بما تحمله من مضامين قد يطيح بالإستحقاق، لماذا؟

نظرياً، الخليج العربي أو تحديداً بعض الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، تجد في الإنتخابات المقبلة فرصةً لضرب أكثرية الحزب أو الحدّ من نفوذها وقدرتها، وبالتالي يُصبح من الممكن تسويق ذلك على أنه انتصار و "انقلابة" لدى الشعب اللبناني. فصحيح أن هؤلاء يدركون أن "تقفيل" الحزب للساحة الشيعية أمرٌ لا مفرّ منه، لكنهم يطمحون إلى اللعب في البيئات الأخرى، ومنها المسيحية على وجهٍ خاص.

زد على ذلك، أن الإعتقاد السائد لدى هؤلاء، أن توجيه ضربة شعبية إلى الحزب وحلفائه، يكبّدهم خسائر على المستوى المعنوي أولاً و الاستراتيجي ثانياً، وتكاد أي ضربة أن تهزّ الحزب. وعملاً بهذا المذهب يحصل الدفع، لكن ماذا لو كان الحزب مثلاً وفي ظلّ التغييرات والتبدلات السياسية المحلية وقدرته التجييرية التي أثبتت الإنتخابات الماضية، أنها تفوق النصف مليون صوت، له أن يقلب أمر الإنتخابات ومعادلاتها المفترضة رأساً على عقب ويُعيد تجديد الأكثرية على نحوٍ ما؟

هكذا مضى البعض إلى تقدير ما عنديات الحزب لتقديمه، فإعادة إنتاج الأكثرية السياسية على نحوٍ ما، أي الإبقاء على حضور الحزب وحلفائه وقوتهم ضمن اللعبة السياسية الداخلية، تعني أن الغالبية اللبنانية الساحقة التي ستشارك في الإنتخابات، تقول للخليج أن خيارنا هو الحزب وحلفائه، وهذا يعني إستعداءهم لهذه الدول أو الخروج عنها. بهذا المعنى ستكون خيارات الخليج السياسية كمن ينحر نفسه بقطنة، فلماذا إذاً نذهب إلى الإنتخابات.

وهكذا، تذهب أكثرية نحو الإعتقاد بأن الإنتخابات وفيما لو خيضت ضمن هذه الظروف، قد يأتي مردودها ثقيلاً على المراهنين على إنتاج بديل، وبدل أن تنتج تحفيز ونصر قد يسفر عنها خيبة سياسية، ولهذه الخيبة أن تعمّق الأزمة مثلاً مع دول الخليج، فهل يمكن العبور صوب إنتخابات في ظلّ هذا الوضع؟

عملياً، ما أشار إليه السيد حسن نصرالله خلال خطابه يوم أمس حول احتمال وجود أطراف تريد تطيير الإنتخابات وترمي بالتهم على الحزب موجود وحقيقي، وقد سبق لنا وأشرنا إليه في مقالٍ سابق، وبالتالي مكمن الخطر يتربّص هنا بالذات، أي لدى الفريق الذي يُدرك تباعاً أن احتمالات التغيير عبر الإنتخابات محدودة، وبالتالي لا ريب في الدفع صوب تأخير إجراء الإستحقاق واتهام الآخرين به، علّ الظروف تتحسّن.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram