كلّما اقتربنا من موعد الإستحقاق الإنتخابي، تتصاعد وتيرة تنافس الأحزاب وتنكشف النيّات، فمن التزموا الصمت والهدوء في السنتين الماضيتين، أي بعد لقاء "بعبدا الخماسي" الذي ضمّ الرئيس العماد ميشال عون والرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري والزعيمين الدرزيين وليد جنبلاط وطلال أرسلان وعُرِف حينها بلقاء "المُصارحة لا المصالحة"، كما شاء أرسلان تسميته، ثمّ لقاء "عين التينة الثلاثي" الذي ضمّ أرسلان وجنبلاط برعاية الرئيس برّي، وصولاً إلى لقاءي "كليمنصو وخلدة الثنائيين" اللذين جمعا جنبلاط وأرسلان، بدأوا يسرّبون أخيراً معطيات وتأويلات وتهديدات مبطّنة.
دخلنا اليوم في استحقاق جديد تتنافس فيه الأحزاب في لبنان كلّه وليس في الجبل حصراً، والجديد أنّنا أمام استحقاق يأتي بعد تطورات جذريّة حصلت في الإقليم وفي الداخل، وقد يكون تعدادها مضيعة للوقت، إنما نتيجتها أنّ الأحزاب تعتقد بمعظمها أنها مضطرة لخوض الإستحقاق بأقلّ خسائر، ومن دون عدّة العمل القديمة، أي التحريض المذهبي والتخويف من الآخر وهدّ الجبال بحجّة "البُعبُع". اللعبة اختلفت، والتهديد تبدّل واللهجة تغيّرت، فانحصرت النغمة والهم الأكبر بمقعد عاليه مقابل مقعد بيروت.
تشير مصادر الحزب الديمقراطي اللبناني لموقع mtv، الى أن "لا معركة وجودية كما يحاول الآخر تصويرها، حقّنا بالتمثيل الصحيح حقّ مشروع سُلب منا لعقود وسنوات وأشهر وأيام، وماذا فعل من سلبها، وما هي إنجازاته؟ فإن يعتبر حكمه رشيداً وخياراته صائبةً وإنجازاته تاريخية، فليحكم ليشبع، وليستمرّ بنهجه المدمّر للوحدة والتعايش والشراكة".
وفي المقابل، تضيف المصادر، "نحن لا ندّعي أنّنا نشيل الزير من البير" ولسنا سحرة ولا أنبياء نخلق المعجزات، إنّما نعتبر مشاركتنا من باب إثبات الوجود والتمثيل الخجول الذي فُرض علينا في السابق، من الأقربين والأبعدين، هو أحد أبرز مسببات ما نحن فيه اليوم، لبنانياً ودرزياً".
وتؤكّد المصادر "أنّ قيادة الحزب اتخذت قراراً منذ زمن ألا تنجرّ خلف ما يفعله البعض من إطلاق الشعارات والكذب على الناس، وفي المقابل الجميع يرى نتائج ما زُرع على مدى سنوات طويلة، مع التفرّد بالقرار، إنما في الواقع حين استطعنا اليوم المشاركة الفعلية في جزء من القرار، من خلال وزراء في الحكومة، بدأ التغيير الملحوظ في النهج والتعاطي في مناطقنا، ولو بوتيرة بطيئة، إنّما أصبح موجوداً،
فوزيرنا الحالي وممثلنا في الحكومة عصام شرف الدين يوصل يومياً صوتنا الذي قد يؤيده البعض ويرفضه الكثيرون، ويضع أفكاراً واقعية لسدّ عجز الموازنة من خلال تحميل الطبقة الغنية القادرة على تحمّل ولو جزء بسيط من الأعباء بدلاً من تحميلها إلى الشّعب بأكمله، وفي السابق استطعنا تحقيق تعيينات مشرّفة وتستند إلى الكفاءة، بدءاً من مصرف لبنان ووحدة الشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي وغيرها من المراكز، عدا عن إقرار وزيرينا صالح الغريب ورمزي المشرفية لخطّة عودة النازحين السوريين، بموافقة ومباركة سورية وبترحيب وثناء روسي كبير".
وبما يتعلّق بمقعد بيروت الدرزي، تؤكد مصادر الديمقراطي أنّ "حقّنا بالتمثّل الصحيح وحقنا في الترشح عن مختلف الدوائر الحزبية حيث لنا وجودنا وأهلنا وشعبيتنا، هو حقٌّ مكتسب وطبيعي، ولو تمّت مواجهته بتهديدات واهية وكلام لا يقدّم ولا يؤخر، فمن قال إننا نطلب إبقاء مقاعد فارغة أصلاً؟ ومن قال إنّنا نقبل بمنطق المقايضة والسكوت عن الحقّ، لمجرّد اعتقاد البعض أنّ احتكارهم مُنزلٌ وقراراهم مفروض ومؤلّهٌ، فخيارنا هذه المرّة "الدفاع عن الحقّ" حتى النهاية، ومشاركتنا في التشريع وتطوير الأنظمة والقوانين هدف أساسي لنا".
وختمت المصادر معتبرة أنّ "المعركة اليوم ليست معركة على مقعد من هنا وحصّة من هناك، بل هي استمرار لمعركة أساسية بدأناها منذ فترة، وهي معركتنا ضدّ نهج كان سائداً، وبقاؤه مستحيل، واستحالة بقائه لا تتعلّق بأيّ تغيير كوني أو إقليمي إنما سببها داخلي صرف، ودرزيّ بامتياز، على أمل أن تشهد المرحلة توافقاً تاماً نحن أبرز الساعين له، وفي حال صعوبته، أن تبقى المعارك ضمن الأصول والحقوق المشروعة بالتنافس السياسي والإنتخابي الشريف بعيداً عن تجارب الماضي الأليمة والمكلفة جداً".
ويبقى السؤال، هل يكون مقعد بيروت خاتمة المعارِك لدى زعامتي الدروز!؟
نسخ الرابط :