يزدحم المشهد الانتخابي في زحلة بصُوَر التحالفات المنقسمة بين احزاب سياسية تريد التجديد لنفسها أربع سنوات اضافية لتكسر عُرف العائلات وتُكرس نفسها مرجعية في عاصمة البقاع، وبين بيوتات سياسية تريد العودة الى الساحة مستغلّة التقصير الكبير لنواب الاحزاب في المدينة الذين وضعوا مصلحة الحزب فوق كل اعتبار وتجاهلوا مطالب أهل المدينة، ما أثر سلباً على قاعدتهم الشعبية التي اعتادت على نائب تقصده ليلبي نداءها من دون العودة الى مركزه الحزبي والاستفسار منه عن الشاردة والواردة قبل اعلان موقفه.
وبين القوتين تبرز قوى التغيير المنبثقة من ثورة 17 تشرين. هذه القوى تحاول استغلال النقمة على الطرفين "الحزبي والعائلي"، لتُكَوِّن حيثيتها في المدينة طارحة أسماء للتفاوض عليها في معركة تأمين الحاصل الانتخابي.
في جردة سريعة لانتخابات العام 2018 في دائرة البقاع الأولى، كان هناك خمس لوائح، حصل النائب ميشال الضاهر ولائحتا التيار الوطني الحر وتيار المستقبل على ثلاثة مقاعد: مقعد كاثوليكي للنائب ميشال ضاهر، وآخر ماروني لسليم عون، فيما ذهب المقعد السني لنائب المستقبل عاصم عراجي.
حصلت القوات اللبنانية من جهتها على مقعد كاثوليكي للنائب جورج عقيص ومقعد أرثوذكسي للنائب سيزار معلوف، اما حزب الله فحصل على المقعد الشيعي بعد نيل اللائحة التي جمعته بالنائب السابق نقولا فتوش على حاصلين انتخابيين، الاول للنائب أنور جمعة عن المقعد الشيعي، والثاني للأرمن الأرثوذكسي فاز به النائب إدي دمرجيان بـ 77 صوتاً.
وفيما فشلت لائحة الكتلة الشعبية بتأمين حاصل انتخابي رغم حصول رئيسة الكتلة ميريام سكاف على 6348 صوتاً، فشل حزب الكتائب بتحالفه مع القوات بإيصال مرشحه إيلي ماروني.
في الـ 2022 تغيَّر المشهد الانتخابي رأساً على عقب، والاحزاب التي تمكنت من الفوز بعاصمة الكثلكة، لن تتمكن اليوم من التفرد بالقرار ونسج التحالفات على قياسها، فالجميع في هذه الدائرة "محشور"، ويحتاج الى شخصيات فاعلة يمكن أن تؤمن الحاصل الانتخابي للائحة.
وبانتظار عودة الرئيس سعد الحريري هذا الاسبوع واعلان قراره النهائي الذي يرجح مشاركة المستقبل وبقوة في الانتخابات النيابية، بدأت ملامح التحالفات تظهر تباعاً، وفي السياق تسعى رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف الى ضم الدكتور عيد عازار الى لائحتها عن المقعد الأرثوذكسي، بعد أن لمع نجم الرجل كرئيس اللجنة التنفيذية للقاح كورونا وبرز بإطلالاته التلفزيونية طيلة مراحل انتشار كورونا في البلاد كاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية. واليوم يسعى الى الفوز بمقعد نيابي مع سكاف التي تستغل تقرّب عازار من بعض مجموعات الثورة لتأمين حاصل انتخابي يوصلها الى الندوة البرلمانية بعد فشلها في الدورة السابقة. وشكل اسم عازار ايضاً اشكالية في صفوف "الثورة" حيث رفض قسم كبير من مجموعة "زحلة تنتفض" تبنّيه كمرشح للثورة الى جانب سكاف، وقد انقسمت الآراء داخل المجموعة واتهم البعض منها بالتواصل مع سكاف لتسويق اسماء وطرحها في اللائحة، الامر الذي رفضه البعض الآخر المنحاز الى التحالف مع قوى جديدة بعيدة عن العائلات والاحزاب.
اضافة الى عازار يبرز اسم المحلل السياسي جوني منيّر عن المقعد الماروني وهو المحسوب على سكاف والمقرّب منها، ويتقاطع اسم منيّر مع أكثر من طرف وحاول الرجل في اطلالاته الاعلامية الظهور كمعارض
لكل السياسات الحزبية وصاحب "سيناريوهات" مستقبلية تحلّل الواقع الخارجي وتسقطه على الداخل.
اما التيار الوطني الحر الذي فاز بمقعد ماروني في تحالفه مع تيار المستقبل والنائب ميشال الضاهر، فوضعه الانتخابي في زحلة مُعقّد ويمكن أن يكون أكبر الخاسرين في المدينة. فتيار المستقبل الذي دعمه في الانتخابات السابقة لن يكون معه في استحقاق الـ 2022، والنائب ميشال الضاهر الذي جيَّر حوالى العشرة آلاف صوت للائحة، اختار الابتعاد عن تكتل لبنان القوي ويدرس اليوم أكثر من عرض قبل ان يقول كلمته، في وقت يتردد ان الضاهر قد يكون الى جانب سكاف وتيار المستقبل في لائحة واحدة، او مع المستقبل لتأمين حاصلين في الحد الأدنى.
القوات اللبنانية من جهتها تسعى الى نسج التحالفات وفق شروطها، وتشير المعلومات الى أن حزب القوات سيكون في لائحة ثانية "تحت الطاولة" حيث حسمت يمنى بشير الجميل قرارها بالترشح في زحلة مع قوى التغيير والثورة، والجميل المقرّبة من مواقف معراب قد تحظى بدعم قواتي كبير في زحلة، لا سيما من أولئك الذين أُحبِطُوا من الأداء القواتي في المدينة، إن عبر النواب أو المجلس البلدي، ويريدون اسماء قادرة على التغيير وتحاكي جيل الشباب، حيث يتم الهمس من قبل مطلعين بأسماء ترفض القوات التعليق على جديتها مثل الياس اسطفان او اسم احد السفراء السابقين.
خلط اوراق انتخابية بالجملة ستشهدها زحلة، مع دخول قوى التغيير الى الساحة، ويبرز اسم بهاء الحريري الذي ينشط ايضاً في الدائرة ويتواصل مع اطراف سياسية ونيابية، ومجموعات 17 تشرين المنضوية تحت لواء نحو الوطن، ويتم التداول بأسماء جديدة في الدائرة يمكن أن تتحالف مع نواب مستقلين كالضاهر أو مع العائلات كمريم سكاف، في حين يدرس حزب الله امكانية تحالفه مع صديقه الدائم نقولا فتوش لتأمين حاصل انتخابي، وامكانية انضمام التيار الوطني الحر الى هذا التحالف مع حزب الطاشناق الذي يتجه الى ترشيح وزير الصناعة جورج بوجيكيان.
اما حزب الكتائب الخارج من خسارة انتخابية مع مرشحه إيلي ماروني، يعمل على تنظيم صفوفه لركوب موجة التغيير والتقارب مع مجموعات الثورة، ويحتاج ايضاً الى تحالف واسع لتأمين الحاصل وبشخصية جديدة. فالحزب قرَّر التخلّي عن ماروني، الذي يؤكد أنه لم يعد تنظيمياً داخل الحزب ويغرد خارج سربه.
معركة كسر عظم يمكن التنبؤ بها في مدينة زحلة، الكل مأزوم ويبحث عن حبل نجاة ينقذه في هذا الاستحقاق، وتغيُّر خارطة التحالفات الحزبية قد يطيح برؤوس كبيرة لصالح العائلات وقوى التغيير، التي بدورها تريد الوحدة من أجل كسب المعركة لأن الانقسام يطيح بكل آمالها في هذا الاستحقاق.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :