كان لافتاً ما صدر عن رئيس المجلس الدستوري القاضي طنّوس مشلب، من وصفٍ لقرار المجلس بعدم حسم الموقف من الطعن المقدّم من تكتل "لبنان القوي" بقانون الإنتخاب، ب"السقطة"، إذ أن العجز عن تأمين أكثرية 7 أعضاء على كل النقاط الواردة في الطعن، شكّل، وكما تكشف أوساط سياسية مطّلعة، ترجمة واضحة لسيناريو التصعيد الذي انطلق من عين التينة أمس الأول، عبر موجة من الشائعات والتسريبات، دفعت بكل الأطراف إلى حبس الأنفاس بانتظار قرار المجلس الدستوري الحاسم بالأمس، والذي كان سيفضح أو ينسف مشروع الصفقة السياسية التي سقطت بنتيجة تضارب المصالح بين أطرافها، وليس أكثر أو أقلّ.
وبرأي هذه الأوساط، فإن عودة الخلاف السياسي إلى المربّع الأول، من خلال استعادة حق التصويت من قبل المغتربين للنواب أل128، ترسم مشهداً مختلفاً للمواجهة الجارية اليوم بين حلفاء الأمس، والتي باتت متقدّمة من حيث منسوب التصعيد وارتفاع سقف الخطاب الذي لامس الخطوط الحمراء في بعض الأحيان. وبالتالي، فإن قرار المجلس الدستوري، لن يشكّل نهاية الطريق بين أركان التسوية التي سقطت سقوطاً مدوّياً، إذ أن الأوساط، تعتبر أن الفرصة ما زالت متاحة لإعادة خلط الأوراق مجدداً، ومن خلال عناصر جديدة سوف يتمّ إدخالها في عملية التفاوض التي ستنطلق مجدّداً، ولكن بعد فترة الأعياد، من أجل نسج تحالف سياسي بنسخةٍ جديدة، وهو ما ستُظهره الأيام المقبلة، حيث تكشف هذه الأوساط أن كل الأطراف السياسية المكوّنة للسلطة، محكومة بالتفاهم والتعاون وتخطي الخلافات والمصالح، في مواجهة الضغط الخارجي، كما الداخلي، والمتمثّل بسيف العقوبات من عواصم القرار للمعرقلين، وسيف التصويت الذي يحمله الناخبون في الداخل كما في الخارج.
وعليه، فإن الأوساط نفسها، تؤكد أن ما صدر بالأمس عن المجلس الدستوري، لم يكن متناغماً مع ما تسرّب عن بعض أعضائه في الأيام الماضية، وذلك، لجهة القبول بما ورد في الطعن المقدّم، حيث أن أحد القضاة تحدّث صراحةً عن أن النقاشات الداخلية كانت قد أفضت إلى موقف مغايرٍ عن الموقف الذي صدر، والذي أبقى على التعديلات التي أُقرّت على قانون الإنتخاب، سارية المفعول، وبالتالي، بات الإستحقاق الإنتخابي أمام واقع إجرائه وفق القانون الحالي، ولكن مع ترك الباب مفتوحاً أمام تحديد موعد حصول الإنتخابات الذي يبدو مرتبطاً بعوامل لوجستية أكثر مما هي سياسية، وفق الأوساط، والتي تعتبر أن وزارة الداخلية لم تصل بعد إلى مرحلة الجهوزية الكاملة لكي تشرف على الإنتخابات النيابية في آذار المقبل.
وبصرف النظر عما سيحمله اليوم الثاني الذي سيلي قرار المجلس الدستوري والتصعيد السياسي غير المسبوق، فإن هذه الأوساط، تتحدّث عن أن الصفقة التي سقطت، وأطاحت بالطعن، ساهمت بشكلٍ أو بآخر ببقاء الحكومة التي كادت أن تطير بالأمس، ولكنها في الوقت نفسه، وضعت الإستحقاق في دائرة الخطر الشديد.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :