.. وسقط القضاء بضربة سياسية جديدة اتت قاضية هذه المرة، فتبخرت كل الآمال التي بنى عليها البعض، وفي مقدمهم تكتل لبنان القوي، ليُسقط المجلس الدستوري تعديلات قانون الانتخاب، والتي كان تقدم التكتل بالطعن بها امامه. فبعدما استنفد «الدستوري» كل المهل القانونية، عقد جلسته الاخيرة امس، ليخرج بعدها تماما كما كانت «الديار» قد ذكرت بـ «لا قرار»، اي بعدم التمكن من التوصل لقرار يحظى بغالبية 7 اصوات من اصل 10 من اعضائه، فبات قانون الانتخاب نافذا. علما ان المعلومات تفيد بان 6 اعضاء من المجلس كانوا الى جانب قبول الطعن، وهم 4 اعضاء مسيحيين وعضوين سنيين، مقابل 4 اعضاء كانوا ضده توزعوا على الشكل الآتي: عضوان شيعيان، اضافة الى عضو درزي، وآخر مسيحي.
هذه النتيجة، او بالاحرى اللانتيجة، التي خرج بها «الدستوري» لم ترض اكثر من عضو في المجلس. فبحسب ما نُقل عن احد الاعضاء، ان ما حصل بالامس كان يوما اسود في تاريخ المجلس، وهذا ما قاله صراحة رئيس المجلس الدستوري، الذي بدا منزعجا خلال مؤتمره الصحافي من «اللاقرار»: «نعم ما حصل قد يكون سقطة»!
صحيح ان النتيجة لم ترض بعض الاعضاء، لكن اوساطا بارزة كانت متابعة للاتصالات التي سبقت الجلسة، لم تستغرب «اللاقرار» اذ قالت: «سقطت الصفقة التسوية قبل ساعات،ومن الطبيعي ان يسقط الطعن بتعديلات قانون الانتخاب»!
فما الذي حصل في الساعات الاخيرة ؟ ومن اسقط «التسوية الصفقة»؟ مصدر متابع للاتصالات ومطلع على جو 8 اذار، روى لـ «الديار» سيناريو التسوية التي كان يُعمل عليه، فكشف ان استشعار رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عن امكان رفض المجلس الدستوري الطعن بقانون الانتخاب، دفعه للتفكير جديا بتسوية تكون مقبولة من الجميع، فدخل حزب الله على الخط بين الحليفين: باسيل وبري.
احد الشروط التي طلبها باسيل مقابل تأمينه النصاب لجلسة نيابية تصوّت على احالة ملف المدعى عليهم من رؤساء ووزراء ونواب الى لجنة تحقيق برلمانية ، بان تشمل التعيينات التي يُحضر لها باطار التسوية، 5 مراكز اساسية، اي قيادات قضائية صف اول هي: مدعي عام التمييز ورئيس مجلس القضاء الاعلى والمدعي العام المالي ورئيس هيئة التفتيش بركان سعد، هذه الشروط اضيف لها طلب دعمه رئيس الجمهورية، بان تضم السلة اقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، هذه الشروط، بحسب ما يروي المصدر، لاسيما طلب ان تشمل التعيينات المدعي العام المالي وحاكم مصرف لبنان قوبل برفض من رئيس مجلس النواب.
تم غضّ النظر عن اقالة سلامة، واستمر شد الحبال بين باسيل وبري عبر وسيط حزب الله على مسألة يريدها باسيل، وهي ان تشمل التعيينات الجديدة المدعي العام المالي، وطلب بري ان يصوّت باسيل في الجلسة النيابية على الاحالة للمجلس الاعلى لا ان يكتفي بتأمين النصاب، اصرّ باسيل على الطلب فرفض بري. استمرت الاتصالات، ولم تكن هذه النقطة قد بتت نهائيا حتى يوم الاثنين، عندها حط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في عين التنية، وخرج غاضبا بعدما اسمع بري رفضه ما يحصل، لاسيما لجهة القبول بتغيير عويدات وحاكم مصرف لبنان، باعتبار ان هذه التسوية ستظهر هيمنة الشيعي والماروني على البلد بمعزل عن السنة، اضف الى رفضه ان تكون الحكومة جزءا مما يحصل قضائيا، وان يكون الحل عبر مجلس النواب من خلال تصويت باسيل على الاحالة.
وتوجه ميقاتي لبري، بحسب المعلومات بالقول: «انا مطالب باصلاحات من قبل المجتمع الدولي، وبهذه الطريقة فانا اقوم بعكس المطلوب، فبدل ان اصلح اخرّب، واذا كان لا بد من تعيينات فهي تأتي بوقتها وضمن سلة كبيرة»، اضف الى ذلك عدم قدرة ميقاتي على السير بتغيير عويدات من دون «كلمة من الحريري والمستقبل». فخرج ميقاتي معلنا: «نحن غير معنيين بما يحصل»!
هذا السيناريو الذي ترويه مصادر مطلعة على جو 8 آذار، تناقضه مصادر مطلعة على جو التيار التي اشارت الى ان ما حصل في عين التينة مسرحية،لاسيما لجهة ما تصرف به ميقاتي امام الكاميرا، وقد عبر رئيس التيار عن ذلك بمؤتمره امس اذ قال: «هالمسرحية ما بتقطع علينا»!
هذه المسرحية كما وصفتها مصادر التيار، اراد عبرها ميقاتي، عندما ايقن ان «الامور مش زابطة»، ان يتنصل وان يلصق «الصفقة» التي يعمل عليها بالتيار الوطني الحر، وكل هذا «السيناريو المسرحية» اعدّ بموافقة من بري، ودائما بحسب المصادر المطلعة على جو التيار، التي تضيف بان الجو الذي اوحى به ميقاتي عمدا، وتسريبه خبر توجهه للاستقالة قبل ان يعود وينفيه، هو بحد ذاته المسرحية ولكن باخراج ظهر ضعيفا.
وعليه، وبعدما ظهرت التسوية انها «فارطة» من اساسها، طلب بري ليل الاحد من العضوين الشيعيين في المجلس الدستوري التصويت وفق دراستهم القانونية، ما يعني عمليا ترك لهم حرية التصويت ظاهرا والتصويت ضد باطنا، وهذا ما حصل بالفعل في جلسة « الدستوري»، حيث لم يكن امام المجلس الا عدم التمكن من تأمين 7 اصوات لقبول الطعن، فكانت النتيجة: «سقوط الطعن بلا قرار».
هذه الواقعة دفعت بباسيل الى رفع سقف المواجهة امس، في وجه الثنائي الشيعي، وبمن فيهم الحليف حزب الله، اذ قال : «ما جرى نكسة للحق وليس للتيار، وقد تم بقرار سياسي واضح من قبل منظومة متحالفة مع بعضها في عهد الرئيس الرئيس عون، وعلى رأسها بالمجلس الدستوري اليوم كان الثنائي الشيعي، وهذا ما ستكون له مترتبات سياسية اترك لها الحديث في 2 كانون الثاني».
واللافت في كلام باسيل الذي نفى اية مقايضة محتملة، كان ما كشفه عن اتصال تلقاه قبيل صدور القرار، حيث طرح عليه ان يقبل بالتصويت مع المجلس الاعلى بمجلس النواب، وليس فقط ان يؤمن الحضور، مقابل قبول الطعن، فردّ : «طالما تعرفون الجواب، فلماذا تسألون اوقفوا هذه الالاعيب، عرض المقايضة ما مشي من شهرين وما بيمشي اليوم».
وفي هذا الاطار، افادت المعلومات بان ما كان يريده ميقاتي وعرضه على بري مفاده : «ابعدوا عني هذه الكأس ولا تدخلوا الحكومة بالملف القضائي، فلتحل الامور عبر مجلس النواب»، اضاف: «انتزعوا موافقة والتزاما من باسيل بان يؤمّن الحضور مع التصويت في جلسة نيابية للاحالة الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وليأخذ بالمقابل الطعن بقانون الانتخاب»، وهو ابلغ الثنائي الشيعي بمن فيهم حزب الله الوسيط بهذا الامر، وقال : «حلّوها مع جبران قبل ما يطلع قرار المجلس الدستوري»، فتم الاتصال بباسيل عبر احد ى القنوات التي لعبت دور الوسيط عارضة الطرح الذي قوبل بالرفض.
هذا الاتصال لم يكشف باسيل عنه، امام الحاضرين من النواب في اجتماع التكتل امس، وعمن وراءه، ولم يفعلها حتى مباشرة في كلمته، لكن مصادر خاصة كشفت بان باسيل تلقى بالفعل اتصالا من جانب احد المكلفين من قبل الرئاسات الثلاثة، قبيل 15 دقيقة من صدور قرار المجلس الدستوري، عارضا تبديل رأيه باتجاه التصويت مع الاحالة، مقابل صدور قرار بالمجلس الدستوري لصالحه في ما خص الطعن، الا انه رفض.
كلام باسيل العالي السقف، لاسيما لجهة حديثه باطار التصويب على الثنائي وتحميله مسؤولية ما حصل، الا ان مصادر مطلعة على جو حزب الله علقت بالقول: «لم نعلق يوما على كلام صادر عن التيار الوطني الحر ولن نفعل اليوم، فنحن نتفهم هواجسه لاسيما المسيحي منها»، اضافت: «كلو بيقطع وبيرجع كلو بيحكي مع بعض»
و عن سبب عدم وقوف حزب الهب الى جانب التيار في المجلس الدستوري، اكتفت المصادر بالقول: «بكرا بيشوف كيف منوقف حدو، بكرا جايي الانتخابات وبيشوف كيف رح نوقف معو».
وعما اذا كان ذلك يؤشر لاشتباك سياسي بين الحزب وبين التيار،تجيب المصادر نفسها: «ليش نحنا فينا نعمل انتخابات بلا بعض»؟
اذا في السياسة، «كلو تكربج»، كما تقول اوساط بارزة، فكل شيء رحّل، التسوية والحكومة ولجنة التحقيق البرلمانية، والكلام بعد الاعياد!
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :