افتتاحية صحيفة الأخبار :
هل يعود دياب عن استقالته؟
مرّ شهران على استقالة حسان دياب. في الظروف العادية شهران من تصريف الأعمال يؤديان إلى إنهاك البلد، فكيف إذا كان البلد منهاراً أصلاً. الفشل في تشكيل الحكومة لا يعني الاستسلام لمخالفة الدستور والتغاضي عن المسؤولية، أقله في السعي إلى وقف الإنهيار. وذلك يتطلب في الحد الأدنى تفعيل عمل الحكومة وعودتها إلى الاجتماع، وفي الحد الأقصى عودة دياب عن استقالته، فهل هذا ممكن؟
عند الثامنة من مساء 10 آب، تسلم رئيس الجمهورية استقالة رئيس الحكومة حسان دياب. مرّ نحو شهرين على تصريف الأعمال. حتى الأمل الذي أضفاه تكليف مصطفى أديب تشكيل حكومة جديدة ضاع مع اعتذاره. الوضع يزداد مأساوية يوماً بعد يوم وسط توقعات بأن تطول فترة تصريف الأعمال. رئيس الجمهورية لم يدع إلى استشارات نيابية جديدة ولا إشارات إيجابية بشأن تشكيل قريب. "تصريف الأعمال بالمعنى الضيق" يزيد من صعوبة الموقف في ظل الحاجة إلى قرارات تنفيذية ضرورية تحدّ من سرعة الانحدار في الوضع المعيشي والاقتصادي والنقدي في البلد. أما القول بأن تغيير هذا التفسير يؤدي إلى مخالفة الدستور، فهو كان ليكون مفهوماً لو أن السلطة لم تذهب إلى خيار ما يسمى "الموافقة الاستثنائية" لتمرير قرارات تتخطى مفهوم تصريف الأعمال. منذ العام 2013، ابتكر الرئيس نجيب ميقاتي، بالتعاون مع الرئيس ميشال سليمان، تفسيراً خاصاً لتصريف الأعمال (التعميم رقم 10/2013 تاريخ 19/4/2013)، خلص فيه إلى الطلب من الوزراء "في حال أن ثمة قراراً إدارياً يدخل في نطاق أعمال التصرفيّة التي تقتضي الضرورة اتخاذه في خلال فترة تصريف الأعمال إيداع مشروع القرار رئاسة مجلس الوزراء للاستحصال بشأنه على الموافقة الاستثنائية لفخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء".
الأعمال التصرفية، بحسب قرار صادر عن مجلس شورى الدولة في العام 1969، هي تلك الأعمال التي ترمي إلى "إحداث أعباءٍ جديدةٍ أو التصرّف باعتماداتٍ هامة أو إدخال تغييرٍ جوهري على سير المصالح العامة أو في أوضاع البلاد السياسية والإقتصادية والإجتماعية تحت طائلة المسؤولية الوزارية". منذ ذلك التعميم، وحتى التعميم الذي صدر عن دياب في 11 آب الماضي، كل رؤساء الوزراء اعتمدوا الصيغة نفسها عند استقالتهم أو عند اعتبارهم بحكم المستقيلين، على أن يعاد طرح كل القرارات الاستثنائية على الحكومة الجديدة عند تشكيلها، على سبيل التسوية.
بالنسبة للخبير الدستوري وسام اللحام فإن هذا النص يستحدث آلية غير ملحوظة في الدستور، وهو ينقل صلاحيات مجلس الوزراء إلى رئيسي الحكومة والجمهورية. يعتبر اللحّام أنه في حال وُجد ظرف استثنائي، فهذا يستدعي اتخاذ أعمال تصرفية تسمح لصاحب الاختصاص باستعادة هذا الجزء من صلاحياته لمعالجة الوضع. أي في هذه الحالة للوزير المعيّن أو لمجلس الوزراء المستقيل أن يجتمع ويتخذ القرار المناسب. علماً أن ذلك ليس جديداً في لبنان. السوابق عديدة في هذه الحالة. في العام 1969، أقرت حكومة الرئيس رشيد كرامي مشروع الموازنة بعد استقالتها. وفي العام 1979 اجتمعت حكومة الرئيس سليم الحص بعد استقالتها لإقرار عدد من القوانين. وكذلك فعلت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في العام 2013، حيث شكلت الهيئة العامة للإشراف على الانتخابات.
تمديد "الطوارئ"
مسألة الظروف الاستثنائية تعتبر مبرراً كافياً لانعقاد الحكومة في فترة تصريف الأعمال. الوزير السابق بهيج طبارة يؤكد أن واجب الحكومة المستقيلة تصريف الأعمال إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة عملاً بمبدأ استمرارية سير المرافق العامة، ولو بالحد الادنى، للحؤول دون حصول فراغ في مؤسسات الدولة. لكنه يضيف إنه "في الأزمات الكبيرة التي يمر فيها البلد يصبح واجبها أن تمارس صلاحياتها العادية للتصدي لهذه الأزمات ومواجهتها".
أليس البلد في أزمة كبرى حالياً؟ بعيداً عن الأسباب الاقتصادية، يكفي ان السلطة نفسها اعتبرت بعد انفجار المرفأ أن هنالك كارثة تستدعي إعلان حالة الطوارئ. إعلان يتطلب اجتماع مجلس الوزراء، وصدور القرار بموافقة ثلثي أعضائه، ولاحقاً بموافقة مجلس النواب. هذا ما حصل في الخامس من آب، لكن تمديد حالة الطوارئ جرى بمرسوم استثنائي، من دون موافقة مجلس الوزراء ولا مجلس النواب. أما التمديد الثاني فجاء بطريقة أكثر غرابة، إذ اكتفت الأمانة العامة لمجلس الوزراء بإصدار مذكرة استثنائية مبنية على الموافقة الاستثنائية تسمح بتمديد حالة الطوارئ! الطرفة هنا أن عدم توقيع رئيس الجمهورية لمراسيم إعفاء المدير العام للجمارك والمدير العام للنقل البري والبحري رئيس اللجنة المؤقتة لإدارة المرفأ كانت حجته أن الأمر بحاجة إلى قرار من مجلس الوزراء! هل إعلان حالة الطوارئ أقل أهمية من إعفاء موظف؟
العودة عن الاستقالة
كل ذلك يقود إلى عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، بوصف ذلك أقل الأضرار، لكن اللحّام يذهب إلى أبعد من ذلك. يسأل ألا يحق لرئيس مجلس الوزراء العودة عن استقالته؟ ثمة سابقة لذلك. في نهاية السبعينات، عاد الرئيس سليم الحص عن استقالته، وقد وافق حينها رئيس الجمهورية الياس سركيس على ذلك. بالنسبة لمصدر مطلع، فإن تلك الحالة لا يمكن أن تنطبق على فترة ما بعد الطائف. قبله كان رئيس الحكومة بمثابة موظف أو مساعد لرئيس الجمهورية الذي يعيّن الوزراء ويسمي رئيساً من بينهم. لا يتجاهل اللحام الفارق في وظيفة مجلس الوزراء ودوره بين ما قبل الطائف وما بعده، لكنه في ما يتعلق بالاستقالة وقبولها، فإنه لا يعتبر أن الأمر يختلف بين الحقبتين. المشكلة تتعلق بكيفية تحويل الممارسة الدستورية التي كانت سائدة إلى نص دستوري في الطائف. ولذلك جرى الدمج في المادة 69 بين الحالات الحكمية لاعتبار الحكومة مستقيلة وبين قبول رئيس الجمهورية لاستقالة رئيس الحكومة. وهو ما لم يحصل في المادة 53 على السبيل المثال.
في الفقرة السادسة منها التمييز واضح بين الأمرين: "يصدر رئيس الجمهورية منفرداً مراسيم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة". في الممارسة أيضاً روعي هذا الفارق في كل المراسيم التي صدرت بين العام 1990 وبين العام 2013. عندما يستقيل رئيس الحكومة يصدر رئيس الجمهورية مرسوماً بقبول استقالته. منذ استقالة ميقاتي في العام 2013، اختلف الأمر واستمر في عهد الرئيس ميشال عون. صارت المراسيم تصدر باعتبار الحكومة مستقيلة ليس فقط عند بداية ولاية جديدة للمجلس النيابي أو عند انتخاب رئيس الجمهورية، بل أيضاً عند استقالة رئيس الحكومة. هنا يستغرب اللحام كيف لعون الذي يعلن حرصه على صلاحيات الرئاسة الأولى أن يتخلى عن حقّه الدستوري في قبول الاستقالة، بدلاً من أخذ العلم بها فقط؟ خلاصة القول بالنسبة للحّام أن واقعة العام 78 لا تزال ممكنة اليوم. وبالتالي، فإن رئيس الحكومة يمكنه دستورياً العودة عن الاستقالة، ويمكن لرئيس الجمهورية الموافقة على ذلك أو الرفض.
الاجتماع فوراً
يعرف اللحّام أن لا إجماع على ذلك بين الفقهاء الدستوريين، لكنه يذكّر أن الحكومة لا تزال حاصلة على ثقة المجلس. النائب السابق الخبير الدستوري حسن الرفاعي، على سبيل المثال، يعارض مبدأ العودة عن الاستقالة. يعتبر أن المطلوب لعودة الحكومة إلى العمل هو إصدار مراسيم تعيينها من جديد. أما في الدراسة التي أعدّها طبارة بشأن تصريف الأعمال، فيعيد التذكير أن المادة 64 التي نصّت على أن "لا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة وبعد استقالتها او اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الاعمال". ويشير إلى أن "الحكومة في الأنظمة البرلمانية تستمد شرعيتها من الثقة التي يمنحها مجلس النواب. وفي حال نزع الثقة او في حال استقالة الحكومة تبعاً لاستقالة رئيسها فإنها تفقد شرعيتها وتصبح خارج رقابة مجلس النواب".
حكماً ليس النقاش دستورياً فقط. بحسب التجربة فإن تفسير الدستور منذ الطائف إلى اليوم مرتبط بالمصالح والتوازنات السياسية. وإذا كان متعذّراً الاتفاق على الأخذ بدستورية العودة عن الاستقالة، وإذا رفض دياب المبادرة إلى التراجع عن الاستقالة، فعلى الأقل يُفترض البدء فوراً بإنهاء حال المراوحة المستمرة منذ استقالة الحكومة، بالبحث عن طريقة لإعادة تفعيل عملها. المبرر الدستوري موجود بحسب اللحّام وطبّارة. الأول يعتبر أن ذلك أمر بديهي في الظروف الاستثنائية، وهو حكماً أولى من المراسيم الاستثنائية المخالفة للدستور، فيما الثاني يؤكد أن "الأزمة الخطيرة التي يمر بها لبنان ليس فقط تبرر عقد جلسة لحكومة تصريف الأعمال، بل تستدعي ان يكون مجلس الوزراء في حالة انعقاد دائم لمتابعة المستجدات ومناقشتها واتخاذ ما يلزم من تدابير سريعة لمعالجتها".
*******************************************************
افتتاحية صحيفة البناء :
الحوار الجويّ بين عون وبري في رحلة الكويت لامس العناوين بدون الدخول في التفاصيل الاستشارات للأسبوع المقبل... وعقدة التكليف حريريّة... والثنائي لن يبادر وسينتظر / ميقاتي مستعدّ وسلام ممتنع والسنيورة مستبعَد والحريري معتكِف... فهل يعود أديب؟
تنطلق مصادر سياسيّة متابعة لتفاصيل التفاوض في الملف الحكومي من أن فشل تجربة تأليف الحكومة مع السفير مصطفى أديب، أنتجت عقداً لا يمكن من دون تخطيها استئناف المسار نحو ولادة حكومة جديدة، وربما يصعب بوجودها التوصل لتسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة. فالفشل تمّ عند تعارض جوهري بين فريقين لا يكتمل المشهد الحكومي من دون تلاقيهما في منطقة وسط، هما الغالبية النيابية في الطائفة السنية التي ينتمي إليها رئيس الحكومة والتي تتوقف على موافقتها تسمية الرئيس المكلف، ضماناً لاستقرار لن يتحقق بتجاهل هذه الغالبية، ومن بيدهم فرصة الاستناد إلى كونهم غالبية نيابية لم يفعلوا ما سُمّي بتجاهل هذه الغالبية في طائفة رئيس الحكومة مع تسمية الرئيس حسان دياب الا لمنع الفراغ، ويجمعون اليوم على عدم تكرار التجربة خصوصاً بما تعنيه من إعلان سقوط المبادرة الفرنسية، ومواجهة تحديات مالية واقتصادية كبرى.
وفقاً للمصادر أيضاً، تسمية رئيس مكلف جديد ترضى به الغالبية النيابية ويحظى بتأييد الغالبية النيابية في طائفته، يعني عملياً تفاهم يجمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري كموقعين دستوريين تمنحهما الغالبية النيابية ثقتها، والرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، وهذا التفاهم الذي يحتاج تجاوز تعقيدات الأزمة الناتجة عن تجربة فشل تأليف حكومة السفير مصطفى أديب، يحتاج إلى استعداد الرئيس الحريري لفتح باب المحادثات حول الملف الحكومي.
وتقول المصادر إن أقصر الطرق للحل هو أن يكون الحريري نفسه الرئيس المكلف، لكن وفقاً لتفاهم على ما يضمن التأليف، أي تفاهم على صيغة الحكومة وتوازناتها الطائفية والسياسية والنيابية. وهو ما يبدو بحاجة لأكثر من مزيد من الوقت، بينما بالتوازي يتقدّم الرئيس السابق نجيب ميقاتي كمرشح ينتظر هو الآخر موافقة الحريري وتسميته لتشكيل الحكومة، بينما يبدو الرئيس السابق تمام سلام الذي طرحه الفرنسيون خياراً بديلاً في بعض اللقاءات غير الرسمية، متمسكاً بامتناعه عن طرح اسمه في التداول كمرشح لتولي المهمة، بينما اسم الرئيس فؤاد السنيورة لا يزال مستبعداً في ظل التباعد بينه وبين قوى الغالبية النيابية، ووفقاً لهذا المشهد لا تستبعد المصادر عودة التداول باسم السفير مصطفى اديب بعد تفاهم الحد الأدنى لضمان تشكيل حكومة محدودة المدة الزمنية لضمان نضوج عودة الحريري لرئاسة الحكومة.
العقدة الحريرية تشكل سبباً بالنسبة لثنائي حركة أمل وحزب الله لعدم المبادرة وتفضيل الانتظار، كما تقول المصادر، خصوصاً في ظل البرود الفرنسي، فهل يشكل التوصل إلى اتفاق إطار التفاوض على ترسيم الحدود البحرية، بين الرئيس بري والجانب الأميركي مدخلاً لمساهمة أميركية في تذليل عقدة الرئيس الحريري سعودياً، وتوسيع هامش المبادرة الفرنسية التي لم يعد خافياً ان الأميركي هو مَن أطاحها برسالته القاسية التي مثلتها العقوبات، وفقاً لتوصيف الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون لدور العقوبات في تعقيد الأمور، خصوصاً أنه كما يبدو فإن العقدة الحريرية ستحول دون تسمية رئيس مكلف سواء كان الحريري أو اسم آخر ينتظر موافقته؟
مشاورات عون - بري
وشكّل الملف الحكومي محور النقاش بين رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري على متن الطائرة التي أقلتهما إلى الكويت للقيام بواجب العزاء بوفاة أمير الكويت.
وبحسب مصادر بعبدا فإن التشاور بين الرئيسين عون وبري بموضوع تأليف حكومة كان عادياً بحكم الظروف والاقتران المكاني واتفقا على ضرورة حصول تشاور بين مختلف الكتل النيابية للإسراع بتحديد استشارات التكليف. وتلفت المصادر إلى أنه لم يجرِ استعراض لأسماء ولا لصيغ بل جدّد الرئيسان تمسكهما بالمبادرة الفرنسية كمنطلق للاتفاق على الحكومة الجديدة. كما اتفق الرئيسان بحسب المصادر على تكثيف المشاورات المباشرة بينهما ومع الأطراف السياسية الأخرى للتوصل إلى حلٍ حكومي.
كما أشارت المصادر إلى أن الرئيس عون ينوي تحريك الملف الحكومي خلال الأيام المقبلة، واتفق مع الرئيس بري خلال الرحلة الرئاسية الى الكويت على هذا الأمر، وسيدعو عون إلى الاستشارات النيابية الملزمة هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل لتحديد اسم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة.
إلا أن مصادر إعلامية نقلت عن المكتب الإعلامي للرئيس بري بأن الكلام المنقول عن الخلوة بين الرئيسين عون وبري غير دقيق واصفة المعلومات التي نقلت عن اللقاء بأنها أطول من الرحلة نفسها.
إلا أن حقيقة الأمر، بحسب ما علمت "البناء" من مصادر مطلعة هي أن "اللقاء بين الرئيسين عون وبري لم يكن جلسة حوار طويلة كما قيل، بل تمت ملامسة الموضوع الحكومي من باب ضرورة تأليف حكومة خاصة بهذه الظروف الصعبة، حيث إن لبنان مقبل على تحدّ جديد بملف ترسيم الحدود البرية والبحرية يضاف إلى سلسلة تحديات متعددة. وهذا يستوجب وجود حكومة لمواكبة الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية بالدرجة الأولى ولمتابعة ملف الترسيم كقضية وطنية على الجميع التوحّد حولها من منطلق مصلحة لبنان وبما يحفظ حقوقه وعدم التنازل عن سيادته".
وفيما علمت "البناء" أن محاولات جس نبض تجري لاختيار مرشح لتأليف حكومة جديدة، أفادت قناة "المنار" أن ثنائي أمل وحزب الله والحلفاء باشروا البحث عن اسم رئيس مكلف لتشكيل الحكومة. وأشارت القناة إلى أن الاتصالات تجري بصمت. ولفتت القناة إلى أن المهمة صعبة بعد امتناع الرئيس سعد الحريري عن التسمية، لذلك من الصعب الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة هذا الأسبوع
.
"الثنائي": التأليف قبل التكليف
ولفتت مصادر ثنائي أمل وحزب الله لـ"البناء" إلى أن المراوحة سيدة الموقف والمبادرة الفرنسية مجمّدة والأطراف الداخلية لم تقدم أي مبادرة لأنها محكومة بالفشل في ظل الشروط التي يفرضها نادي رؤساء الحكومات السابقين على التأليف.
وتشير المصادر إلى أنه بعد تجربة مصطفى أديب فإن الاتجاه الغالب هو الاتفاق على تفاصيل الحكومة من شكلها وحجمها ونوعية الوزراء قبل التسمية لكي لا ندخل في متاهات التفاصيل وتفسيرات المبادرة الفرنسية كما حصل سابقاً وذلك لضمان وتسهيل تأليف الحكومة.
وتشير إلى أن الأطراف السياسية سلمت بصعوبة الحل لذلك تنتظر ما سيعرضه الفرنسيون الذين يترقبون بدورهم نتيجة الانتخابات الأميركية، فإذا أدّت إلى فوز الرئيس الحالي دونالد ترامب. فالأمور قد تتجه إلى مزيد من التشدّد، أما في حال فوز المرشح جو بايدن فقد يقدم الجانب الفرنسي صيغة جديدة للحل تختلف عن المبادرة السابقة.
وأشارت المصادر إلى أن اللقاء الأخير بين السفير الفرنسي ومسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله عمار الموسوي هدف إلى "ترتيب الأجواء والإبقاء على قنوات التواصل للاستمرار في الحوار في الموضوع الحكومي وملفات أخرى".
خليل: العقوبات لا تفرمل بري
وأكّد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي حسن خليل في حديث لقناة المنار أنّه "لم يتغيّر أي شيء بعد العقوبات الأميركية الأخيرة، قناعاتنا ثابتة نمارس هذه القناعات بكل مسؤوليّة، من موقعي الحركي والسياسي. هذه المحطة تزيدني إصراراً وكل حيثيات هذا القرار تدلّ على نوع من السطحيّة في مقاربة الملفات الداخلية اللبنانية، لتغيير المواقع والمواقف. وهي محاولات للتأثير في قضايا مرتبطة في الداخل وفي الإقليم". ولفت إلى أنّ "موقفي هو الموقف الذي عبرت عنه هيئة الرئاسة في حركة أمل، بأن العقوبات لا تمسّ الشخص بل التنظيم، والعقوبات أتت كجزء من عملية ضغط لتغيير الأدوار والمواقع وجزء من محاولات التأثير على المسار في جملة قضايا داخلية وإقليمية"، مشدداً على أنّ "مَن يعرف رئيس مجلس النواب نبيه بري يعرف أنه لا يُفرمَل لا في عقوبات ولا في غيره". وتابع حسن خليل "أنا بعد العقوبات كما قبلها ومن مارسها مخطئ في كيفية التعاطي مع حركتنا والدور التأسيسي المقاوم لها وتراكم هذا الدور على مر السنوات، ولم أسمع بخبر العقوبات إلا لحظة إعلانه عبر وسائل الاعلام".
إطلالة لنصرالله غداً
ووسط هذه الأجواء يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء غدٍ لمناسبة أربعين الإمام الحسين ومن المتوقع أن يتطرّق إلى الملف الحكومي ويحدّد موقف حزب الله من مسألة تأليف الحكومة، كما يتطرّق بحسب مصادر "البناء" إلى "ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية لجهة الثوابت الوطنية من دون الغوص في تفاصيل المفاوضات". كما يتطرق إلى بعض الملفات الإقليمية وما يجري من أحداث وصراعات في المنطقة لا سيما موضوع التطبيع بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني المحتل.
المستقبل: الحريري غير مرشّح حتى الساعة
ولم تلقَ الاقتراحات التي تم التداول بها كتأليف حكومة تكنوسياسية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي أو حكومة برئاسة محمد بعاصيري أي تفاعل إيجابي من القوى السياسية لا سيما من تيار المستقبل الذي أكدت مصادره إلى أن الرئيس سعد الحريري ليس مرشحاً حتى الساعة.
ويشير عضو المكتب السياسيّ في تيار المستقبل النائب السابق الدكتور مصطفى علوش لـ"البناء" إلى أن الرئيس الحريريّ لا يزال عند موقفه بالتزام المبادرة الفرنسيّة كما جاءت وطالما أنها لم تتغيّر في إطارها العام ولا في تفاصيلها فلن ندخل في بازار التكليف والتأليف، لافتاً إلى أن كل الطروحات التي يتم تداولها هي نوع من الاجتهادات التي ترمى في الإعلام لمعرفة ردود الفعل عليها والواضح حتى الآن أن ثنائي أمل وحزب الله غير مستعد لتأليف حكومة وفقاً للمبادرة الفرنسية بانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وعن موقف الحريري والمستقبل من طرح تكليف النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري لفت علوش إلى أن بعاصيري نفسه أكد أنه ليس مرشحاً، فضلاً عن أن الأمر لا يتعلق بالاسم رغم أهميته لكن الأهم هو شكل الحكومة ووظيفتها وموافقة المجتمع الدولي عليها.
وعن طرح ميقاتي لفت علوش إلى أن ميقاتي سحبه من التداول لكونه غير عمليّ ولا يؤدي النتيجة المرجوة والمشكلة في هذا الطرح يكمن في مَن سيسمّي الوزراء التكنوقراط الـ 16؟ وهل سيتم اختيار الوزراء السياسيين الستة من الطبقة السياسية نفسها؟ وبهذا الطرح نعود إلى حكومة الرئيس حسان دياب.
وشدّد علوش على أن الحريري لن يترأس حكومة سياسية ولا أي حكومة لا تتوفر فيها قواعد وشروط النجاح كاستقلاليّة الوزراء ومهمة محدّدة لإنجاز الإصلاحات المطلوبة والانفتاح على الدول العربية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي.
الوفد الرئاسي في الكويت
وكان الوفد اللبناني المؤلف من الرئيسين عون وبري ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قدموا واجب التعزية أمس، الى أمير دولة الكويت الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح والمسؤولين الكويتيين التعازي بغياب الأمير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، وذلك في القاعة الاميرية في المطار الاميري في الكويت.
وعبّر الرئيس عون للأمير نواف عن الحزن الذي انتاب اللبنانيين برحيل الأمير الشيخ صباح الذي له في قلوبهم مكانة خاصة نظراً للمواقف التي اتخذها دعماً للبنان ولأبنائه، معتبراً أن غيابه خسارة كبيرة وهو الذي اتصف بالحكمة والاعتدال وبوقوفه دائماً في المحافل العربية والإقليمية الى جانب لبنان لا سيما في الظروف الصعبة التي مرّ بها حيث كانت له الأيادي البيضاء في المساهمة بإعادة إعمار لبنان وإطلاق المشاريع الإنمائية والاجتماعية والإنسانية. وتمنى عون للأمير نواف التوفيق في مسؤولياته الجديدة في قيادة الكويت وشعبها الشقيق الى مصاف التقدم والازدهار والخير. ورد الأمير الشيخ نواف مؤكداً ان الكويت في عهده ستبقى الى جانب لبنان وتواصل مسيرة دعمه لما فيه خير أبنائه وإعادة نهوضه، مشيراً الى موقع لبنان واللبنانيين في قلوب الكويتيين.
قرار الإقفال
على صعيد آخر، دخل قرار الإقفال الجزئي حيز التنفيذ في 111 بلدة، وسط تفاوت في الالتزام وتململ القطاعات الاقتصادية.
وعدّد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن التحديات التي يواجهها لبنان في المرحلة الراهنة بالنسبة إلى وباء كورونا، موضحاً ان نسبة الإصابة في لبنان تبلغ مئة وعشرين (120) على كل مئة ألف نسمة أسبوعياً وهذه النسبة تعتبر الذروة في تسجيل الإصابات تجعلنا نقترب من المشاهد الأوروبية. واشار إلى أن "ما جنب لبنان المشهد الإسباني أو الإيطالي في بداية الوباء كان جهوزية وزارة الصحة التي تعاملت مع أول حالة وافدة مصابة بالفيروس كمؤشر ومنعطف جدي. وكان الجميع في الوزارات والإدارات على مستوى واحد من المسؤولية ما مكن لبنان من تسجيل التقدم في مواجهة الوباء".
لجنة المال
في غضون ذلك، بحثت لجنة المال والموازنة برئاسة النائب إبراهيم كنعان مع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني في التشريعات الضرورية في المرحلة الراهنة، واطلعت على آخر ما توصلت إليه المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وقال كنعان: "جلسة مهمة بمضمونها من أجل تحديد خريطة طريق نيابية حكومية تتعلق بالإصلاحات التشريعية والمالية وتنفيذ القرارات المتعلقة بحاجات المجتمع". وأضاف: عرضنا لموضوع الـ"كابيتال كونترول"، واطلعنا على التطورات بين الحكومة و"لازارد" وصندوق النقد والتي حملت حلولاً أخذت في الاعتبار النقاشات التي حصلت سابقاً في لجنة المال. ووزّع كنعان على الحاضرين، لائحة مفصّلة بالإصلاحات ستكون مدار بحث في الأيام المقبلة، وتم تحديد جلسة ثانية للجنة الخميس للبحث في التشريعات المالية".
*********************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
دولة مشلولة تواجه الزحف الأخطر للاستحقاقات!
لا مشاورات الجو، ولا مشاورات الأرض، تبدو كافية لإيقاظ الدولة وأركانها من السبات العميق الذي يغطون فيه منذ اعتبروا ان تعليق المبادرة الفرنسية بعد توجيه ضربة قاسية اليها على يد “الثنائي الشيعي ” قد منحهم ذريعة الاستسلام للانتظار. ولعل الامر الذي بات مكشوفا ولا يحتاج الى ادلة لإثباته هو ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لم يصدر بعد اي إشارة لا من قريب ولا من بعيد الى موعد قيامه بتحريك الاستحقاق الحكومي العالق والجامد من خلال انعدام أي تحرك إيذانا بتحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة، يستبطن هذه المرة اتجاها فعليا اكثر من أي تجربة سابقة لانجاز توافقات سياسية تستبق الاستشارات بما يقدم عمليا التوافق على معالم الحكومة واسم رئيسها قبل اجراء استشارات التكليف. واذا كانت حسابات عون في هذا السياق تتصل بتداعيات الأضرار الكبيرة التي لحقت بدوره جراء تعمد حليفه “حزب الله ” التسبب بتعليق المبادرة الفرنسية حاليا على الأقل في انتظار الانتخابات الرئاسية الأميركية، فان المعطيات الماثلة بقوة حيال أسباب الجمود اللافت الذي يشوب المشهد الرسمي والسياسي، تشير الى استبعاد تسمية رئيس الحكومة المكلف قريبا وسط انقطاع جسور التواصل بين رئاسة الجمهورية ومعظم القوى السياسية وعدم فهم حقيقة الدوافع التي تجعل رئيس الجمهورية يمضي في تأخير الاجراء الدستوري المتمثل بالاستشارات النيابية الملزمة.
وتؤكد أوساط معنية ان الملف الحكومي حضر لماماً في رحلة التعازي الى الكويت، وعلم ان التباعد الاجتماعي في جلوس رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة المستقيلة كان ترجمة رمزية للجمود الذي يتحكم بملف التكليف والتأليف. فرئيس الجمهورية ورئيس المجلس كانا متفقين على ضرورة الاسراع في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس لتشكيل الحكومة المقبلة. لكن علم من المصادر ان جمود الاتصالات الحكومية وعدم حسم الكتل مواقفها من مسار التكليف والتأليف قد يؤخر موعد الاستشارات الى الاسبوع المقبل بعدما كان متوقعاً حسم موعدها في هذه الرحلة واجرائها نهاية الاسبوع الجاري.
وتؤكد المصادر ان الكلام عن اتجاه رسمي لتعويم حكومة تصريف الاعمال ليس دقيقاً ولا يمكن لأي مسؤول القبول بهذا الشلل في ادارة شؤون الدولة والمواطنين، الا ان الاكثرية ليست بوارد الذهاب الى تكرار تجربة حكومة الرئيس حسان دياب اي حكومة الفريق الواحد، ولذلك تنتظر الكتل رؤساء الحكومات السابقين ليرشحوا شخصية فيتبناها الآخرون. ومعروف حتى الآن انه بعد فشل تجربة ترشيح الرئيس المكلف مصطفى اديب ، لن يكرر الرؤساء الاربعة السابقون التجربة نفسها، وهم يمتنعون عن اي ترشيح. حتى ان مبادرة الرئيس نجيب ميقاتي بحكومة عشرينية تكنو- سياسية ما زالت مبادرة فردية لم يتبناها زملاؤه رؤساء الحكومات.
ووفق المصادر المطلعة على الرحلة الرئاسية الى الكويت، فان البحث خاض اكثر في ملف الترسيم الحدودي. ومن المتوقع ان يشكل رئيس الجمهورية الوفد المفاوض من العميد بسام ياسين، والعقيد مازن بصبوص، وضابط الارتباط في اللجنة الثلاثية العميد حسيب عبدو ، اضافة الى عضو من هيئة ادارة قطاع النفط.
ويلفت معنيون الى امكان ان يكون هناك دافع ضمني للتريث في اطلاق جولة الاتصالات واللقاءات والمشاورات الاستباقية للاستشارات الملزمة يتصل بإعادة ترميم التفاهم بين القوى اللبنانية و”الراعي الفرنسي” بعدما استشعر جميع المسؤولين والقوى فداحة التداعيات التي تتهدد البلاد جراء التشهير السلبي الحاد الذي أصاب صورة السلطة عقب الهجوم الذي شنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على مجمل الطبقة السياسية واضعا المجتمع الدولي امام خلاصة من شأنها تعريض السلطة المقبلة لعزلة كبيرة ما لم يقترن تأليف الحكومة الجديدة بـ”ختم ” الموافقة الفرنسية عليها.
تبعا لذلك بدا واضحا ان خلوة الرئيسين عون ونبيه بري خلال رفقة الرحلة الجوية الى الكويت ذهابا وإيابا امس لم تشكل أي تطور يعتد به ولو انه يعتقد انها أرست التمهيد اللازم لاطلاق الاتصالات المتعلقة باستمزاج القوى السياسية حيال الشخصية المناسبة لتولي رئاسة الحكومة الجديدة بعد مجمل الصدمات الداخلية والخارجية التي حصلت أخيرا.
رفع الدعم
غير ان الجمود السياسي المهيمن على الاستحقاق الحكومي بدأ ينذر بأسوأ التداعيات في ظل انعدام فاعلية أي إجراءات من شأنها ان تلجم الاتجاهات البالغة الخطورة لانهيارات تبدو اقرب واخطر مما يعتقد كثيرون. فاذا كان هاجس انهيار النظام الصحي والاستشفائي يتقدم كل الهواجس في ظل الارتفاعات المحلقة لإعداد المصابين بفيروس كورونا فان ذلك لا يقلل خطورة اقتراب استحقاقات مالية واجتماعية داهمة في الشهرين المقبلين بما يثير الخشية المتعاظمة من الفراغ الحكومي الذي لا تعوضه في أي شكل حكومة تصريف الاعمال المحدودة الصلاحيات. اقرب واكثر هذه الاستحقاقات وأكثرها اثارة لمخاوف اللبنانيين بدأت ترتسم مع نفاد مهلة الشهرين او الثلاثة التي سبق لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان أبلغها الى الحكومة في شأن رفع الدعم عن المواد الاستراتيجية في ظل بلوغ احتياط العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي الخط الأحمر. والواقع ان موضوع رفع الدعم وضع عمليا في الأيام الأخيرة على الطاولة إيذانا بوضع الخطة التنفيذية للتعامل مع تداعياته في موعد لم يعد يتجاوز الشهرين حدا اقصى. وفي اجتماع عقد أخيرا في مصرف لبنان وضم حاكم المصرف ووزيري المال والاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني وراوول نعمة، علمت “النهار” ان الاتجاه الغالب الذي برز في النقاشات هو الى اعتماد ألية للرفع المتدرج للدعم بشكل لا يمس دعم القمح مثلا الذي لا يحتاج الى أموال كبيرة فيما سيجري وضع لوائح بالأدوية التي لا يمكن تركها بلا دعم وتمييزها عن الأودية الأقل الحاحا كما سيجري تخفيف الدعم عن المحروقات بنِسَب مدروسة.
اما الجانب الاخر من الاستحقاقات المالية فبرز امس مع بدء الخطوات العملية لاجراء التدقيق الجنائي في مصرف لبنان تنفيذا للعقود التي وقعها وزير المال غازي وزني مع شركة التدقيق الجنائي “الفاريز اند مارشال” في الأول من أيلول الماضي . وعقد امس وفد الشركة اجتماعا مع وزني في وزارة المال ثم اجتمع مطولا مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقدم اليه لائحة بالمعلومات التي تطلبها الشركة كما تناول الاجتماع آلية التنسيق والتعاون بين الوفد والمصرف لانجاز التدقيق في حسابات المصرف المركزي .
كورونا
في غضون ذلك يواصل وباء كورونا تفشيه في مختلف المناطق ويقفل مزيداً من المؤسسات والدوائر الرسمية والقطاعات، فعلى رغم العزل الذي طال 111 بلدة، سجلت الفحوص المحلية الإيجابية لكورونا أمس النسبة الأعلى على الإطلاق ووصلت إلى 20.5 في المئة، وهي نسبة تنذر بالأسوأ إذا استمر الوضع على ما هو عليه من خروق للعزل والإقفال وعدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي ووضع الكمامة، خصوصاً ان أسرة المستشفيات المخصصة للمصابين بالوباء امتلأت، فيما المستشفيات الخاصة لم تزد أسرّتها بعد وفق ما أكّد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن.
وأعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي أمس تسجيل 1175 اصابة جديدة رفعت العدد التراكمي منذ 21 شباط الماضي الى 45657 حالة. كما سجلت 8 حالات وفاة رفعت العدد الإجمالي للوفيات جراء كورونا في لبنان إلى 414 وفاة. وسجلت ايضاً 9 إصابات في القطاع الصحي رفعت العدد بين العاملين في القطاع إلى 1087، فيما بلغت حالات الشفاء 20243 حالة. وأوضح التقرير ان عدد فحوص PCR بلغ 6703 فحوص من بينها 5661 للمقيمين و1052 للوافدين عبر المطار، فيما بلغت نسبة الفحوص المحلية الإيجابية 20.5 في المئة وهي الأعلى على الإطلاق، إذ أن قرار الإقفال للقرى والأحياء الـ111 اتخذ بناء على نسبة بلغت 8 في المئة وهذا ما ينذر بخطر صحي كبير في مختلف المناطق.
ويظهر من خلال المعطيات أن لا قرار بالإقفال العام، فيما تبحث لجنة كورونا الوزارية عن خيارات أخرى لكبح تفشي الوباء، ووفق تصريح لمستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال بترا خوري أن “خيار اقفال البلد غير متاح لانه يعني نهاية للقطاع الاقتصادي”، موضحةً ان “لا خيارات امامنا سوى خطة عزل المناطق وللأسف لم نر تجاوباً مشجعاً لا من المؤسسات ولا من الافراد ولا من السلطات المحلية”.
****************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
“الاتفاق” مع إسرائيل يربك 8 آذار ونصرالله “يرصّ الصفوف” غداً
استشارات “على العمياني” وتحرك فرنسي خلال أيام
“تيتي تيتي”… بهذه العبارة يمكن اختصار الأجواء التي رشحت عن رحلة المشاورات الحكومية التي ذهبت كما عادت، على خط بيروت – الكويت. فلا الرئيس ميشال عون لديه ما يطرحه ولا الرئيس نبيه بري طرح ما لديه، وكانت النتيجة مشاورات خالية من بلورة أي فكرة يُعتد بها لحلحلة مفاصل الأزمة الحكومية، وعلى ذلك استقر الرأي الرئاسي على اعتبار “الدردشة الجوية” بمثابة نقطة انطلاق نحو كسر الجمود والجليد بين الأفرقاء السياسيين، بالتوازي مع الشروع في تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة ولو “على العمياني” قبل تلمّس أي بصيص توافق داخلي، تكليفاً وتأليفاً. وترقبت مصادر مواكبة حصول “تحرك فرنسي خلال الأيام القليلة المقبلة”، كاشفةً في هذا المجال لـ”نداء الوطن” عن تواصل جرى ولم يتم الإعلان عنه بين عون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ما قد يفضي إلى إعادة تزخيم خطوط التشاور على أكثر من مستوى بين باريس وبيروت في الساعات المقبلة، تمهيداً لتفعيل قنوات المبادرة الفرنسية ووضع آليات جديدة لتطبيقاتها حكومياً.
وإذ لفتت إلى أنّ المراوحة الحاصلة مردّها إلى “انتظار الأفرقاء اللبنانيين تحركاً فرنسياً متجدداً لا سيما بعد التغييرات التي يعمد ماكرون إلى إجرائها ضمن فريق عمله المكلّف بالملف اللبناني”، أشارت المصادر إلى أن “رحلة الكويت مهّدت لعودة الحرارة إلى خطوط التواصل اللبنانية – اللبنانية لكن من دون أن تنجح في تحقيق أي شيء ملموس بعد، وجلّ ما تم الاتفاق عليه هو ضرورة تحديد موعد للاستشارات النيابية في قصر بعبدا نهاية الأسبوع الجاري أو الأسبوع المقبل كحد أقصى، بمعزل عما يمكن أن تسفر عنه الاتصالات والمشاورات السياسية من نتائج توافقية مسبقة، باعتبار أنّ تحديد موعد للاستشارات أقلّه سيضع الجميع أمام سقف زمني محدد لمحاولة التوصل إلى مخارج مقبولة لعملية التكليف والتأليف”.
تزامناً، رصدت خلال الساعات الأخيرة معالم تصدع على أرضية قوى 8 آذار خلّفتها ترددات إعلان “اتفاق الإطار” مع إسرائيل، فجاء التجسيد الأوضح لها على لسان النائب جميل السيد الذي قصف بعنف جبهة الحلفاء في الثنائي الشيعي من دون أن يسمي معتبراً أنّ “أميركا اعتمدت معهم أسلوب غازي كنعان: شو بتحب تاكل، عصا أو جزرة؟! عقوبات فساد أو ترسيم؟!” ليجيب في تغريدته: “دخيلكم، ترسيم الحدود مع إسرائيل أرحم”.
وعلى الأثر استنفرت “عين التينة” جبهتها النيابية ضدّ السيّد فلاقى نصيبه من الردود النارية وكان أعنفها على لسان النائب غازي زعيتر الذي وصفه بأنه “خبير بالفساد والخوات وغلام يتسكع الرتبة تارة بالعصا وتارة بالجزرة”، وأضاف: “لو كان للذهب والقصور ألسن لنطقت من أين لسيادة اللواء كل هذا؟ (…)غازي كنعان ترك لنا جميلاً سيئاً برتبة لواء وهي رتبة يعرف “الجميل” كيف حاز عليها”.
وإزاء البلبلة المتزايدة التي خلّفها الاتفاق مع إسرائيل على الشروع في مفاوضات الترسيم، وبينما لاحظت أوساط متابعة “تضعضعاً في مواقف المنظّرين لسياسة الممانعة واختيار العديد منهم الانكفاء إعلامياً خشية الوقوع في الحرج والإرباك على خلفية تراجع الثنائي الشيعي عن تلازم المسارين البري والبحري في الترسيم والقبول بشرط أسبقية المسار الثاني، فضلاً عن الرضوخ للشرط الإسرائيلي بأن تكون الولايات المتحدة هي الجهة الرعاية للتفاوض وليس الأمم المتحدة كما كان يطالب الثنائي”، توقعت الأوساط لـ”نداء الوطن” أن يعمد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في إطلالته غداً إلى إعادة “رص الصفوف والتخفيف من وطأة الإرباك في محور الممانعة، عبر التشديد على أنّ موضوع الإعلان عن اتفاق الإطار لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل تم تضخيمه بشكل كبير ومفتعل من قبل بعض الجهات لضرب صورة المقاومة والإيحاء بأنها تسير بركب التطبيع مع العدو، في حين أنّ ما جرى لا يعدو كونه مجرد استكمال لخطوات سابقة تم البحث فيها على مدى السنوات الماضية علناً مع الموفدين الأميركيين، من دايفيد هيل إلى دايفيد شينكر، وانتهت الأمور اليوم إلى تحديد موعد لبدء المفاوضات دون أي التزامات مسبقة من الجانب اللبناني وبلا أدنى تفريط بالحقوق السيادية والنفطية للبنان”.
وبحسب الأوساط نفسها، فإنّ جوهر مقاربة نصرالله لهذا الملف سيتمحور حول استغراب “تضخيم الموضوع والتعامل معه كمعطى مستجد في العلاقات مع إسرائيل بينما هناك لجنة ثلاثية قائمة في الناقورة وهي تجتمع دورياً برعاية الأمم المتحدة بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي، أما “اتفاق الإطار” الذي أعلن عنه فسيبقى محصوراً بالشق التقني الحدودي بلا أي أبعاد أو تبعات سياسية، مع إعادة تصويبه وتشديده على وجوب استخدام مصطلح الكيان الإسرائيلي وعدم الاعتراف بإسرائيل كدولة شرعية حتى ولو تم التفاوض معها لترسيم الحدود”.
****************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الاوروبيون ينصحون .. والخبراء يحذّرون.. وتعويم الحكومة مطروح
المشهد الداخلي مربك بامتياز؛ على الصعيد الوبائي، فيروس كورونا سبق الجميع، والمسؤولية على المواطن الذي لا يزال مستهتراً بنفسه ومفرّطاً بأمنه الصحّي، لكنّ المسؤولية الأكبر، هي على السلطة التي تغنّت منذ آذار الماضي، وصمّت آذان الناس بإجراءات وقائية واحترازية، قالت انّها اتخذتها او ستتخذها، وثبت مع فلتان الفيروس، وبما لا يقبل ادنى شك، أنّها اجراءات فارغة، عجزت عن تحقيق ولو مساحة احتوائية متواضعة لهذا الوباء، الذي اكتُفي بمواجهته بذلك الشعار الزائف: «لا داعي للهلع»، فيما وقع البلد في المحظور، والفيروس الخبيث صار يزحف في اتجاه كل بيت، وناشراً الذعر في كل الارجاء.
اما على الصعيد السياسي، فالملف الحكومي «مكربج» عند ذات الاسباب والشروط التي اطاحت تكليف مصطفى اديب، وكل طرف على ضفتي الاصطفاف السياسي الداخلي، ما زال متسلقاً الى أعلى شجرة شروطه السابقة. ولغة التواصل معطّلة بينهما حول أيّ فكرة لمخرج، او طرح قابل للنقاش. فلا أحد يتكلّم مع احدٍ، لا مباشرة او عبر وسيط، فليس لدى أيّ منهم ما يقوله للآخر.
مراوحة طويلة
هذا هو واقع حال ملف التأليف والمعنيين الداخليين به، ما يؤشّر الى انّ الملف الحكومي يقع حالياً في الوقت الميّت غير المحدّد بسقف، وأهل الحل والربط في الملف الحكومي جميعهم، وفي مقدّمهم طرفا الاشتباك الذي اطاح تكليف أديب، قابعون جميعهم على رصيف هذا الملف، في انتظار ان يتبلور المخرج الحكومي من خارج الحدود.
يؤشر ذلك بكل وضوح، الى أنّ لبنان مقبل على مراوحة طويلة في هذا الملف، وعلى ما يقدّر معنيون بملف الحكومة لـ»الجمهورية»، فإنّ «مهلة الأسابيع الستة التي حدّدها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لتأليف حكومة في لبنان، وتبعاً للعجز الداخلي الفاضح على الإتفاق على شخصية سنيّة لتكليفها تشكيل هذه الحكومة، فإنّ هذه الاسابيع، التي أُكل منها اسبوعان حتى الآن، بات محسوماً سلفاً أنّ هذه المراوحة ستبتلعها».
هذا الأمر يعزّز صحّة «النبوءات» اللبنانية، التي افتت بأنّ تأليف الحكومة رُحِّل الى «ما بعد» الانتخابات الرئاسيّة الاميركية التي ستجري يوم الثلثاء في 3 تشرين الثاني المقبل! الّا انّ أحداً لا يملك جواباً عن سؤال عن موعد هذا الـ»ما بعد» التي تحدثت عنه تلك النبوءات»، هل هو بعد 3 تشرين الثاني مباشرة؟ أم أنّه على مقربة متوسطة منه؟ أم أنّه على مسافة بعيدة منه؟ هذا مع الاشارة الى انّ هذه «النبوءات»، انهمرت قبل ما استُجد في الولايات المتحدة الاميركيّة، وإصابة رئيسها دونالد ترامب بفيروس «كورونا». ومن يرصد القنوات الإخبارية الاميركية يلمس بشكل واضح ما تشير اليه من احتمالات مفتوحة، لا ترتبط فقط بالرئيس الاميركي وصراعه مع «كورونا»، بل تتجاوز بارتداداتها حتى الانتخابات الرئاسية الى أمد طويل.
هل يصمد لبنان؟
الأكيد انّ لبنان، وبالنظر الى مساره الانحداري المتسارع اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، لا يحتمل الانتظار لأيام معدودة، فكيف إذا كان هذا الانتظار لفترة طويلة، قد لا تقاس بالاسابيع، وربما بأشهر، يفرضها العجز الداخلي الكامل على الإمساك، لا بزمام الملف الحكومي، ولا بزمام ادارة البلد وحرفه عن هذا المسار المتهاوي، ويفرضها ايضاً إحجام القوى السياسية عن التفاهم مع بعضها البعض، وإصرار بعضهم على الانتظار ريثما تنجلي صورة التطورات والاولويات الخارجية والاميركية على وجه التحديد.
على أنّ السؤال الذي ينتظر بدوره اجابات واضحة من هؤلاء المنتَظِرين: ما الذي يضمن في فترة الانتظار هذه، الّا يصبح تشكيل الحكومة في لبنان أمراً ثانويًّا، ولا يُرى حتى بالعين المجرّدة أمام تلك الاولويات؟ لا بل ما الذي يضمن ان يتمكن لبنان من الصمود والاستمرار مع «صراع البقاء» الذي يخوضه، مع أزمات على كل المستويات، بدأت تنذر ببلوغها نقطة النهاية الكارثية؟
هذان السؤالان، يتوازيان مع حقيقة ساطعة، يعترف بها احد كبار مسؤولي تصريف الاعمال بقوله: «إنّ الطاقم الحاكم متخبّط في الازمات، وبحكومة تصريف أعمال مشلولة منذ استقالة رئيسها حسان دياب، ولا يملك قدرة ادارة المرحلة الراهنة بالحدّ الادنى من الخسائر، ولا ادارة الفراغ الحكومي، ولا ادارة الفشل السياسي الذي اوصل الامور الى هذا الهريان، ولا إدارة الانهيار الذي بلغه البلد، ولا ادارة الفلتان الدولاري، ولا ادارة فلتان كورونا واستفحاله، ولا ادارة نتائج، أو بالأحرى كوارث، ما يُحضّر للبلد من رفع للدّعم عن الأساسيات (المحروقات والدواء والقمح)».
الفوضى تطرق الأبواب!
هذه الحقيقة، تقرّ بها ايضاً، مستويات سياسية ورسمية اخرى، حيث أنّها في ظلّ الانسداد الحكومي الحاصل، تذهب أبعد من هذه الصورة السوداء. فقد استفسرت «الجمهورية» أحد كبار المسؤولين، حول كل ما تقدّم، فجاء جوابه صادماً، يحيط المستقبل بعلامات قلق واضحة، حيث قال حيال صورة البلد السوداء: «أخشى اننا اقتربنا من أن يُفتح باب البلد على ما لا تُحمد عقباه، والمخيف هو أن يتأسّس على الشلل القائم، والفشل في إدارة كلّ هذه الأزمات، شكلٌ من أشكال الفوضى الشاملة».
جمود مفتعل
وعلى الرغم من تأكيد المسؤول المذكور على «انّ الفرصة الوحيدة المفروض على الجميع التقاطها فوراً، هي المسارعة الى تشكيل حكومة، كخطوة لا بدّ منها لكبح الانهيار المتسارع»، فإنّ ما يثير الريبة في موازاة هذه الصورة السوداء، ما تعتبره مصادر سياسية، «الجمود المفتعل في حركة المشاورات والإتصالات الداخلية حول الملف الحكومي، فلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يبادر، ولا سائر القوى تبادر. والاستشارات النيابية الملزمة، إن لم يبادر رئيس الجمهورية الى الدعوة اليها الاسبوع المقبل، على ما تشيع اجواء القصر الجمهوري، باتت امام تعليق مفتوح، وعلى نحو يتأكّد فيه أنّ المعنيين الداخليين بالملف الحكومي، ليسوا اصحاب القرار في شأن يعني بلدهم، بل وكأنّهم خاضعون لـ»تعليمة» خفيّة صادرة من جهات قابضة على الاستحقاق الحكومي، وتفرض هذا التجميد، وتتحكّم به»
الحوار الطائر
وفي خضم هذا الجمود، جاءت الزيارة الرئاسيّة الثلاثيّة التي نقلت الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب معاً الى الكويت أمس، حيث قدّموا التعزية لأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، بالأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. واكّد امير الكويت للوفد الرئاسي اللبناني «انّ الكويت في عهده ستبقى الى جانب لبنان وتواصل مسيرة دعمه لما فيه خير ابنائه واعادة نهوضه، مشيراً الى موقع لبنان واللبنانيين في قلوب الكويتيين».
واللاّفت في هذا السياق، أنّ هذه الزيارة ترافقت مع «توقعات» داخلية، اعتبرت انّ فرصة اللقاء في الجو، وتحديداً بين الرئيسين عون وبري، قد تؤدي الى انبعاث الدخان الابيض في ما خصّ الإستشارات النيابيّة المُلزمة، لاختيار الشخصيّة السنيّة لتشكيل الحكومة الجديدة.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ اللقاء الجوي بين الرؤساء الثلاثة، هو الأول بين عون وبري منذ زيارة الرئيس الفرنسي إلى بيروت، ومرحلة تكليف مصطفى اديب الفاشلة، وهو الأول بينهما ايضاً بعد اعلان بري عن اتفاق اطار مفاوضات ترسيم الحدود الجنوبية البحرية والبرية. كما أنّه اللقاء الأول وجهاً لوجه بين بري ودياب منذ ما قبل استقالة حسان دياب. وبالتالي، فإنّ «الحوار الطائر» سواء في رحلة الذهاب الى الكويت أو في رحلة الإياب الى بيروت، كان عموميًّا، ومشتتاً بين الداخل والخارج وصولاً الى صحّة ترامب. وبالتالي لم يدخل في عمق او تفاصيل ايّ ملف. وأنّ كان التوجّه مشتركاً لكي تحضر حكومة تصريف الأعمال بفعاليّة في هذه الفترة، الى حين تشكيل الحكومة الجديدة.
واذا كان الملف الحكومي قد جرى المرور عليه، وتحديداً بين الرئيسين عون وبري، ومن زاوية انّه من غير الجائز ان يبقى في وضع المعلّق الى ما لا نهاية، الّا انّ المؤكّد في هذا السياق، هو انّ الاولوية للتوافق على الشخصية التي سترأس الحكومة، وبالتالي فلا الرئيس عون ولا الرئيس بري يملك أي منهما وحده، مفتاح هذا الملف، وخصوصاً أمام «القفل المحكم» الذي يسكّر هذا الملف حتى الآن، والمتمثل في عدم وجود شخصيّة سنيّة لتكليفها تشكيل الحكومة. ونادي المرشحين لهذه المسؤولية فارغ تماماً، وفق ما تؤكّد مختلف المستويات السياسية على ضفتي الفراغ الحكومي، ما يعني أنّ الكلمة الفصل في طرح هذه الشخصية، وبمواصفات يُفترض ان تكون توافقية، هي في ملعب القوى السنيّة الرئيسيّة سواء السياسيّة وغير السياسيّة.
تعويم حكومة دياب!
على أنّ اللاّفت في موازاة الإنسداد على خطّ التكليف، هو أنّ الحديث عن تعويم حكومة تصريف الأعمال، الذي تردّد في بعض الصالونات الداخلية، منذ اعتذار مصطفى اديب ودخول الأزمة مرحلة التفاعل السلبي، وخصوصاً لجهة فلتان الدولار والإرتفاع الجنوني للأسعار، بدا أنّ له صدى خارجياً. وبحسب معلومات «الجمهوريّة»، فإنّ بعض الديبلوماسيّين الغربيّين فاتحوا جهات لبنانيّة وسياسيّة ونيابيّة، بفكرة «تعويم – تفعيل» الحكومة المستقيلة ولو مؤقتاً، ارتكازاً على أنّ لبنان صار محكوماً حالياً بـ»ظرف طارئ ودقيق»، يوجب هذا التفعيل. وذلك بالتوازي مع توجّه ديبلوماسي غربي الى الإنفتاح مجدداً على حكومة تصريف الإعمال، كشف عنه هؤلاء الديبلوماسيون لنواب في لجنة الشؤون الخارجية النيابية.
مآخذ اوروبية
ولخّصت مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية» اجواء الديبلوماسيين الغربيين بالآتي:
– أولاً، استبعاد تشكيل حكومة في لبنان ما قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية.
– ثانياً، «الظرف الطارئ» في لبنان، في ظلّ الفشل في تشكيل حكومة جديدة، وامام الوضع الاقتصادي والمالي الحرج في لبنان، يستدعي ان تكون الحكومة، وحتى ولو كانت مستقيلة، أكثر حضوراً وفعالية لمواكبة شؤون الداخل.
– ثالثاً، الفرنسيون كانوا جادّين في مسعاهم لإنقاذ لبنان، وهم يشعرون بخيبة كبرى جرّاء تفشيل مبادرتهم، وهم حالياً في حالة انكفاء إرادي، ولا يوجد حتى الآن قرار لدى الرئيس ايمانويل ماكرون بتدخّل وشيك.
– رابعاً، المجتمع الدولي، والاوروبي تحديداً اعطى للقادة في لبنان، كل القادة من دون استثناء، فرصة لإنقاذ بلدهم عبر المبادرة الفرنسية، ولكنّهم أضاعوها، برغم علمهم أنّ لبنان في وضع انهيار.
– خامساً، مشكلتكم في لبنان، انّ القادة عندكم وسائر الاطراف ايضاً، يقولون الشيء ويأتون عكسه في آن معاً، مشكلتكم في الكلام الكثير الذي لا يتوقف عندكم، ولكن بلا أي فعل، ولذلك، أثره الشديد السلبية لدى المجتمع الدولي، الذي تبعدوه بسلوككم عنكم. فلقد طالبكم المجتمع الدولي باتباع خطوات صحيحة، وبإجراء اصلاحات سريعة، تفتح لكم الباب سريعاً الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والفرنسيّون كانوا الاكثر تعبيراً، سواء عبر الرئيس ماكرون، او عبر وزير خارجيته جان ايف لودريان بقوله، «ساعدوا انفسكم لنساعدكم»، وانكم بسياستكم ومنحى الفساد الذي تسلكونه، ستصلون بلبنان الى لحظة لا يبقى فيها موجودًا، الى حدّ أنّه قد يفقد وجوده كوطن. ولكن بدل أن تستجيبوا لهذه المطالبات وتقدّموا اشارات ايجابية تعيد ثقة المجتمع الدولي بكم، بقيتم على ذات السلوك، فما زالت الممارسات نفسها مستمرة على ما كانت ولم يتغيّر شيء.
– سادساً، المجتمع الدولي ما زال معكم، ويعتبر انّ ابواب العلاج لم تُقفل بعد امام الاتفاق على تشكيل حكومة ضمن مهلة الاسابيع الستة التي حدّدها الرئيس ماكرون، تطبّق بصورة عاجلة برنامج المبادرة الفرنسية، من دون أيّ عوائق في طريقها، ولكن، إن لم تتحرّكوا هذه المرة في هذا الاتجاه، فلن تجدوا احداً في العالم يقف معكم وستصبحون وحدكم.
سابعاً، ثمة معطيات تؤكّد انّ دفعة من العقوبات الاميركية ستصدر في المدى المنظور، وستأتي بوتيرة قاسية، ضدّ من يسمّيهم الاميركيون حلفاء «حزب الله» وداعميه.
تحذيرات
على انّ هذه المآخذ والتحذيرات الاوروبية، تتلاقى مع تحذيرات من واقع اسود ينتظر لبنان، يطلقها خبراء اقتصاديون وماليون، استوضحتهم «الجمهورية» حول صورة الوضع. فتكوّنت الخلاصات الآتية:
– اولاً، «لا توجد في لبنان قيادة تدير الامور بحكمة، في وقت اصبح هذا البلد على النَفَس الأخير، وقد وصل الى آخر الطريق، وصار مطلًّا على لحظة الحقيقة، والحقيقة هنا هي الانهيار الشامل، فالدولار والعملات الصعبة تشحّ، ولا توجد يد ممدودة للبنان، الدولة مشلولة، الممارسات هي ذاتها، ولا توجد حكومة، بل فراغ واصطفافات واشتباكات، وكل شيء في خطر، خزينة الدولة مفلسة، المصارف مربكة، قوت الناس في خطر، والمعاشات في خطر، والأزمة القاسية ليست هي التي يعيشها لبنان واللبنانيون حالياً، بل هي لم تأتِ بعد، وما يعاني منه لبنان واللبنانيون من وجع الآن لا يُقاس مع ما هو آتٍ».
– ثانياً، «إنّ لبنان لا يستطيع أن يبقى على ما هو عليه، ولطالما حذّرنا السلطة من أنّ كل يوم في لبنان سيكون أسوأ من اليوم الذي قبله، ومن انّ الانهيار آتٍ حتماً، وثمة فرصة وحيدة امامه، تكمن في تشكيل حكومة، أيّ حكومة، تتخذ قرارات سريعة وإصلاحات جدّية اسرع، فذلك يؤدي حتماً الى كبح عجلة الانهيار».
– ثالثاً، «إنّ أقل البديهيات لدى السياسيين هو ان يسارعوا الى اتخاذ القرار الفوري بتوفير العلاج، وهذا ما سبق واكّد عليه، وما زال، المجتمع الدولي، ومختلف المؤسسات المالية الدولية، التي تجمع بأنّ ليس امام لبنان سوى سلوك هذا السبيل، الذي بالتأكيد سيوجد أملاً للبنان في أن ينهض من جديد، حتى ولو لم يكن هذا النهوض وشيكا».
رابعاً، «إن ما يتصف بالاهمية والمسؤولية والضرورة الملحة، هو أن يوضع لبنان على السكة العلاجية، لكن هذا العلاج لن يتمّ بكبسة زر، بل سيستغرق وقتاً طويلاً، بالنظر الى عمق الازمة وارتداداتها التي ارهقت كل القطاعات، ولعل السبب الاساس هو المداواة بالمسكّنات او ما سُمّيت بـ»الهندسات»، على ما كان سارياً في العهود السابقة، فهذه المداواة، كانت الخطيئة الكبرى والفظيعة، التي ارتُكبت بحق لبنان واللبنانيين، وجعلت البلد امام خيارين اثنين لا ثالث لهما؛ إما أن ينتهي وينهار، وإما أن يخضع فوراً لعملية جراحيّة انقاذية، بالتأكيد سيكون فيها الكثير من الوجع على كل المستويات، لكنّها الوحيدة المتاحة لكي تُخرج لبنان رويداً رويداً، من النفق، وتوصله في النهاية الى الشفاء، الذي سيتطلّب بلوغه الكثير من الصبر من قِبل اللبنانيين».
تحذير نقابي وعمّالي
إلى ذلك، حذّرت إتحادات ونقابات قطاع النقل البري «حكومة تصريف الأعمال والمسؤولين المعنيين، من الإقدام على رفع الدعم عن السلع الأساسية خصوصاً المحروقات، لأنها ستكون إنطلاقة الشرارة لإشعال البلاد وسيكون للسائقين الدور الأساس في هذه الإنطلاقة».
وعقب إطلاق التحذير بساعات، قطع عدد من المحتجين المسلك الشرقي لأوتوستراد الزلقا – جل الديب إحتجاجاً على الأوضاع المعيشية، بعدما كانوا نفّذوا وقفة مطلبية تحذيرية بدعوة من الإتحاد العام لنقابات عمال لبنان تحت شعار «الجوع كافر».
****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
لبنان يختبر «الفرصة الأخيرة» قبل الاتجاه إلى «كارثة» انتشار الوباء
حذّر وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال من أن إقفال 111 بلدة في لبنان لمدة أسبوع «يمثل الفرصة الأخيرة» قائلاً إن البلاد وصلت إلى الذروة في تسجيل عدد الإصابات اليومي الذي وصل إلى 120 إصابة على كل 100 ألف نسمة أسبوعياً، كما أن نسبة الوفيات وصلت إلى الذروة أيضاً، فيما نبّه رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي من «أننا بوضع صحي مقلق جداً، ويجب التعاون سوياً، وإلا فنحن متجهون نحو كارثة كبرى».
وقال النائب عراجي إن «نسبة الإصابات بـ(كورونا) سترتفع في الأيام المقبلة، فإن 10 في المائة من الفحوصات اليومية تظهر إيجابية، وهذا مؤشر عالٍ جداً»، داعياً المواطنين لارتداء الكمامة، حفاظاً على سلامة المجتمع. ويسجل لبنان أكثر من 1300 إصابة يومياً، ما دفع السلطات لفرض إغلاق تام في 111 بلدة وقرية لمدة أسبوع، ليتسنى لفرق وزارة الصحة إجراء المسوح الكاملة في تلك المناطق.
وقال حسن، خلال ترؤسه اجتماع اللجنة العلمية في وزارة الصحة العامة، إن التحديات تتمثل في أن نسبة الإصابة في لبنان تبلغ 120 لكل 100 ألف نسمة أسبوعياً، وهذه النسبة، التي تعتبر الذروة في تسجيل الإصابات، تجعلنا نقترب من المشاهد الأوروبية.
وأشار إلى أن نسبة الوفيات «بلغت الذروة في الآونة الأخيرة وسجلت 1.2 في المائة». وقال: «يجب عدم الاستخفاف بهذه النسبة لأن مجتمعنا فتي وفي التفاصيل تبلغ نسبة الوفاة لمن يفوق عمرهم 60 عاماً 2.5 في المائة، ولمن يفوق عمرهم 70 عاماً 3.2 في المائة».
وأكد حسن «أن النجاح في القرار الجريء في إقفال عدد من البلدات هو الفرصة الأخيرة، فإذا كان يمكن تفهم العجز السابق عن اتخاذ القرار بالإقفال لأسبوعين نظراً للمشكلات الاقتصادية والتضخم المالي، فالذرائع والأسباب التي تحول دون تطبيق الإقفال الجزئي تسقط كلها الآن». وقال: «المطلوب من البلديات التي تعترض على إقفالها باعتبار أن نسب الإصابات فيها منخفضة أن تتجاوب مع قرار الإقفال، لأن وزارة الصحة العامة تعتبر أن هذه المناطق تحتاج كغيرها وبغض النظر عن تسجيل إصابات فيها أم لا، لتقييم وبائي يتيح تحديد الواقع وتسجيل مدى التفشي من خلال معطيات ميدانية».
وشدد على أن «وزارة الصحة العامة ستعمل خلال هذين الأسبوعين على رفع الجهوزية التي كانت تتمثل قبل وقوع انفجار بيروت في تأمين 300 سرير عناية فائقة». ولفت إلى أن «غالبية المستشفيات الخاصة لا تنخرط في المساعدة على تحقيق الهدف بل تعترض على استقبال مرضى كورونا، وذلك رغم الاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل بضعة أيام مع النقابة والجهات الضامنة وبموافقة النقابة. فحتى اليوم، لم يزد أي مستشفى خاص من عدد أسرة العناية الفائقة».
ولفت إلى أن «ما جنّب لبنان المشهد الإسباني أو الإيطالي في بداية الوباء كان جهوزية وزارة الصحة التي تعاملت مع أول حالة وافدة مصابة بالفيروس كمؤشر ومنعطف جدي، وكان الجميع في الوزارات والإدارات على مستوى واحد من المسؤولية، ما مكن لبنان من تسجيل التقدم في مواجهة الوباء».
وفي ظل تلك التحديات، لا يبدو أن خيار الإقفال العام للبلاد متاحاً الآن، فقد أكدت مستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال بترا خوري أن «خيار إقفال البلد غير متاح لأنه يعني نهاية للقطاع الاقتصادي»، موضحة أن «لا خيارات أمامنا سوى خطة عزل المناطق، وللأسف لم نر تجاوباً مشجعاً أمس، لا من المؤسسات، ولا من الأفراد، ولا من السلطات المحلية». وشددت في حديث إذاعي على أن «المطلوب التغيير في السلوك، وحذرت منذ شهرين من أننا سنصل إلى التنافس بين أفراد العائلة الواحدة على الأسرة في المستشفيات».
وفي سياق متصل، أعلن المكتب الإعلامي لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في بيان، أنه «بعد أن أنهى علاجه الأساسي من وباء كورونا في مستشفى أوتيل ديو، خرج باسيل من المستشفى وتوجّه إلى منزله حيث سيستكمل الحجر الصحي مع ما تبقى من متابعة طفيفة للعلاج للأيام القليلة المقبلة». وتمنى باسيل على الجميع «الانتباه وأخذ كل الاحتياطات اللازمة للحماية من هذا الوباء الفتاك الذي وصل إلى مستويات خطيرة تستوجب زيادة السعة الاستيعابية للمستشفيات وتقييد الحركة في البلاد».
****************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«المفاتحة الحكومية»: العجز عن التكليف يطيح بسرعة التأليف!
أمير الكويت يجدّد الاستمرار بدعم لبنان.. وسفيرة ماكرون خلال أيام.. والنقابات تهدّد إذا رفع الدعم
جرت أوّل «مفاتحة» بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي، على مرأى من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، على متن الطائرة التي اقلت الرؤساء الثلاثة إلى دولة الكويت، لتقديم واجب العزاء لأمير الدولة الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح والمسؤولين الكويتيين بوفاة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حول قضية الجمود، المحيط بموضوع الحكومة الجديدة، استشارات ملزمة، وشخصية قادرة على التعامل مع التحديات الحالية والمتوقعة، للحد من الانهيار العام، وملاقاة المبادرة الفرنسية، المدعومة اوروبياً عند منتصف الطريق، مع مرور الأسبوع الأوّل من الشهر الجاري، حيث تعهد الرئيس ايمانويل ماكرون بتنظيم مؤتمر دولي لتوفير أكبر دعم ممكن للبنان، على صعيد المساعدات، وإعادة البناء، خصوصاً مرفأ بيروت.
وكشف المعاون السياسي للرئيس برّي علي حسن خليل ان الرئيسين عون وبري تحدثا عن تشكيل الحكومة بالعموميات، وليس بالتفاصيل.
وبدا، وفقاً لمصادر سياسية متابعة، ان العجز هو سيّد الموقف، فلا تكليف مرضي عنه، ولا مساعي أو اتصالات، فالانقطاع بين 8 آذار والفريق السني، يكاد يكون منعدماً، وكذلك الحال بالنسبة لبعبدا، حيث لا اتصالات ولا لقاءات، الأمر الذي يطيح بسرعة تأليف الحكومة لملاقاة قوة الدفع الفرنسية لمساعدة لبنان.
ونقلت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا ان الرئيس عون يرغب في تحديد موعد للاستشارات الملزمة بداية الأسبوع المقبل أو أواخر الأسبوع الحالي.
وقالت المصادر لـ«اللواء» ان الأمر يتوقف على استمزاج ما تريده الكتل النيابية، والاتفاق سلفاً على الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة..
وتحدثت هذه المصادر عن جولة من الاتصالات والمساعي شبيهة بتلك التي سبقت تكليف الرئيس مصطفى أديب، والذي اعتذر لاحقاً، يتولاها الرئيسان عون وبري، كل في مجاله لاستكشاف المواقف والتوجهات انطلاقاً من نقاط:
1- هوية الرئيس الذي سيكلف بالتأليف..
2- شكل الحكومة وعددها انطلاقاً من «داتا» استشارات الرئيس عون السابقة..
3- مع الأخذ بعين الاعتبار المرونة على هذا الصعيد بانتظار معرفة توجهات الرئيس الذي سيكلف.
4- اعتبار الشق الاقتصادي من المبادرة الفرنسية حجر الأساس، في برنامج الحكومة العتيدة، في ما خص الإصلاحات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتنظيم مؤتمر الدعم، للحصول على المساعدات..
ولكن يبقى الموقف الفرنسي هو الاهم، بعد الصمت الرسمي إثر فشل الرئيس المكلف مصطفى اديب في تشكيل الحكومة وفق المبادرة الفرنسية، لا سيما وان السفير برونو فوشيه غادر لبنان يوم الجمعة الماضي ويتوقع وصول السفيرة الفرنسية الجديدة آن غريو الى بيروت خلال ايام قليلة، وسط ترقب لما هي اولى خطواتها في بيروت. وهي سبق ان شغلت المنصب الدبلوماسي في سفارة فرنسا في المكسيك. وهي بدأت منذ أسابيع في فرنسا، بدراسة الملفّ اللبناني بكلّ تفاصيله.
ولا تخفي أوساط بعبدا ان الجو الحكومي يميل إلى ايجابيات، من دون ان تكشف عن طبيعتها، لكنها اشارت إلى ان الأجواء الدولية، لا سيما الموقف الأميركي هو غيره قبل انطلاق التفاوض حول ترسيم الحدود بعد أقل من عشرة أيام.
وفي هذا السياق، اكد الرئيس برّي أن المفاوضات التي ستنطلق في الرابع عشر من الجاري في الناقورة من اجل ترسيم الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، يجب ان تواكبها حكومة كاملة المواصفات لتشكّل في قرارها دعماً يحتاجه الوفد اللبناني في المفاوضات الصعبة والمعقدة المتوقعة مع الإسرائيليين. ولفت بري ان البحث لا يزال جارياً عن رئيس حكومة وصفه بالعاقل الذي يستطيع مع الوزراء مواجهة التحديات.
وكشفت أوساط «الثنائي الشيعي» ان البحث عن اسم الرئيس الجديد، الذي سيتولى تأليف الحكومة العتيدة انطلق..
وكان الوفد الرئاسي اللبناني عاد إلى بيروت بعد تقديم واجب العزاء بالشيخ صباح الأحمد الصباح في القاعة الأميرية في المطار الاميري في الكويت.
وشكر الامير الشيخ نواف للرؤساء الثلاثة التعزية بالأمير الراحل، مؤكدا ان «الكويت في عهدي ستبقى الى جانب لبنان وتواصل مسيرة دعمه لما فيه خير ابنائه واعادة نهوضه»، مشيرا الى موقع لبنان واللبنانيين في قلوب الكويتيين.
ومن الممكن ان تحمل إطلالة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله مساء غد، لمناسبة ذكرى أربعين الامام الحسين، مؤشرات على مجريات المرحلة، في بعديها: التفاوضي وتشكيل حكومة جديدة، فضلاً عن مخاطر التفشي الخطير لوباء كورونا..
وقال خليل الذي التقى أمس المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، لم يتحدث معنا الرئيس نجيب ميقاتي، ولا مع حزب الله حول مبادرته، معرباً عن استعداد الثنائي لمناقشة أية صيغة إيجابياً.. ولم نمارس دور الأغلبية الكبيرة ولا خطوط حمر في العلاقة مع أحد، معرباً عن حرصه على المكون السني، وان الرئيس برّي ما يزال يمد يده إلى الرئيس الحريري..
وانتقد خليل في حديث مع «المنار» الرئيس ماكرون، الذي شكل خطابه سقطة، وادخل نفسه في مكان لا نريد لفرنسا ولا لرئيسها ان يدخل فيه، وهو تفاصيل عملية تشكيل الحكومة التي تخضع إلى اعراف وتوازنات داخلية..
إلى ذلك، يترقب الوسط الرسمي والسياسي التحرك الروسي الموعود، حيث يزور بيروت نهاية هذا الشهر، وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف برفقة معاونه الموفد الخاص للرئيس بوتين ميخائيل بوغدانوف، الذي سبق واجرى مشاورات مكثفة مع بعض الاطراف السياسية، بينما يكون قد وصل الى بيروت السفير الروسي الجديد الكسندر روداكوف، في الحادي عشر من الشهر الحالي لتقديم اوراق اعتماده الرسمية، ويباشر التحضير لزيارة لافروف.
التدقيق المالي
مالياً، وفي إطار زيارة ميدانية إلى وزارة المالية، عُقد أمس اجتماع بين وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال د. غازي وزني وفـريق عـمل شـركة التدقيـق الجنائـي Alvarez&Marsal برئاسة جيمس دانيال حول تدقيق حسابات مصرف لبنان، على أن يستكمل الوفد المناقشات اليوم مع حاكم المصرف المركزي رياض سلامة.
وكان وزني الذي شارك في اجتماع لجنة المال والموازنة النيابية، التي اجتمعت برئاسة النائب إبراهيم كنعان، وضع النواب الأعضاء في الأجواء، وابلغهم ان ممثّلي شركة «الفاريز» ستمكث خمسة أيام في لبنان، للقاء المسؤولين المعنيي، وستضع تقريرها الأوّل بعد 10 أيام، أي بدءاً من الخميش 15 ت1 الجاري ونقل وزني استعداد الحاكم سلامة للتعاون مع الشركة المدققة.
وكانت اللجنة النيابية بتت في التشريعات المالية الضرورية من مشاريع واقتراحات قوانين، من شأنها ان تواكب المطالب الدولية، وتمنع ان تنهار الدولة اللبنانية.
وكشف وزني ان السرية المصرفية، المحددة في قانون النقد والتسليف قد تعيق مهمة التدقيق الجنائي، مشيراً إلى ان صندوق النقد الدولي اعرب عن ارتياحه إلى بدء التدقيق الجنائي، وان الاتصالات بين وزارة المال وإدارة الصندوق تركز على ردم الهوة في الأرقام بين المالية والمصرف المركزي، والاطلاع على ملاحظات الصندوق على مشروع قانون الكابيتال كونترول.
الاحتجاجات.. جرس إنذار
ومع اقتراب موعد رفع الدعم عن عدد من المواد الحيوية، كالمحروقات والقمح والدواء، تزداد الاتحادات النقابية تحفزاً للمواجهة، نظراً للانعكاسات الخطيرة على إمكانية استمرار المواطن، لا سيما أصحاب المداخيل المحدودة والمتوسطة، في تأدية وتأمين حوائجه، أقله اللغذاء والماء والطبابة، وسط تصاعد خطير في ارتفاع أسعار السلع الغذائية والدولار..
وفي هذا السياق، نفذ اتحاد النقابات العمالية اعتصاماً امام مقر الاتحاد على اوتوستراد جل الديب للمطالبة بعدم رفع الدعم عن السلع الأساسية، ونجح المحتجون في اقفال المسلك الشرقي للاوتوستراد بالكامل، وتدخل الجيش لإعادة فتحه، بعدما شهد زحمة سير قاتلة، وذكل بعد حدوث إشكالات بين العناصر الأمنية والمتظاهرين.
ولليوم الثاني، سار الاقفال الجزئي 111 بلدة وهي بالتزام ملحوظ، وغير كافٍ ضمن التباسات بين ما هو مقفل وغير مقفل، نظراً لتداخل الاحياء بعضها مع البعض الآخر..
باخرة الجاكوار
على صعيد التحقيقات في الباخرة الموقوفة في الزهراني أشار النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان بتوقيف كل من الوكيل البحري لباخرة «jaguar s» وقبطانها على ذمة التحقيق، بعدما اظهرت التحقيقات الاولية التي تجريها مخابرات الجيش والشرطة العسكرية حول كيفية دخول الباخرة وهي محملة بأربعة ملايين ليتر من البنزين الى مصفاة الزهراني بهدف تهريبها لاحقا الى سوريا.
وجاء توقيف المذكورين بعد اعترافهما حول تواطؤهما بإدخال الباخرة وتفريغ حمولتها في لبنان كتوطئة لتهريبها الى سوريا.
45057
صحياً، سجلت وزارة الصحة إصابة 1175 بالفايروس و8 وفيات، ليرتفع العدد إلى 45657 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط الماضي.
****************************************
افتتاحية صحيفة الديار
لبنان ينزلق الى النموذج الايطالي صحيا .. رفع الدعم يهدد «بانفجار» الشارع
«كسر الجليد» «جوا» لم يخلُ من «عتب» رئاسي على بري : لا حكومة قريباً !
تضليل اسرائيلي وشروط لبنانية في ملف الترسيم .. وخرائط الجيش حاسمة
ابراهيم ناصرالدين
يتجه لبنان صحيا على طريق «النموذج» الايطالي، ويتجه اقتصاديا على طريق «النموذج الفنزويلي»، اما حكوميا فجمود تام في الاتصالات السياسية، لم تحركها رحلة التعزية الجوية الى الكويت، ما حصل بين الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري لا يتعدى «كسر الجليد»، والتشاور في الملف الحكومي لم يتجاوز جوجلة بعض الافكار غير البناءة، وتخلل الحديث بين الرجلين «غمز» رئاسي من «قناة» «عين التينة» لاستعجالها بالاطاحة بالحكومة الحالية قبل الوصول الى تفاهمات حول الحكومة الجديدة، وفي الخلاصة، اذا لم تحصل «عجيبة»، لا جديد في الاسابيع الخمس المقبلة، ولا استشارات قبل حصول تفاهمات على السلة «الكاملة»، بانتظار «الخطة باء» من باريس، والانتخابات الاميركية .. اما ملف الترسيم البحري والبري فلا يزال مادة «ابتزاز» اسرائيلية عبر تعميم «الاوهام» التي يروج لها بعض الاعلام والسياسيين اللبنانيين، فيما يرفض لبنان اي تجاوز لحدود التفاهم على استرجاع حقوقه، ويضع «فيتو» على اي تمثيل سياسي في عملية التفاوض، وهو امر يفترض ان يوضحه على نحو «حاسم» الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته مساء الاربعاء في ذكرى اربعين الامام الحسين..
«شبح» النموذج الايطالي
صحيا، وبعد 7 اشهر على تفشي الوباء، تلوح «التجربة» الايطالية في الافق، في ظل استمرار ارتفاع الاصابات، وحالات الوفاة، ووصول المستشفيات الى سعتها القصوى حيث يخشى من انهيار القطاع الصحي، وبالامس سجلت 1175حالة جديدة و8 حالات وفاة، وفيما دخل الاقفال الجزئي في 111 بلدة يومه الثاني بالامس، وسط تفاوت في الالتزام وتململ القطاعات الاقتصادية، تبقى الاسئلة دون اجوبة حول ما بعد هذا الاقفال؟ فماذا لو لم تنخفض اعداد الاصابات؟ وما هي الخطوة التالية بعد استراتيجية «العزل»؟ في هذا السياق، لا اجوبة، ولا خطط فعالة، ووفقا لاوساط طبية، دخل لبنان مرحلة الخطر الشديد، ولن يجد المرضى خلال اسبوع مكانا في العناية الفائقة، اذا ما استمرت اعداد المصابين في الارتفاع، ولا حل برايها الا في التزام المواطنين بالاجراءات المعروفة من التباعد الاجتماعي الى ارتداء الكمامات،وغير ذلك سنكون امام «فوضى» صحية قريبة..
ويبدو لبنان في سباق مع الوقت، فوزارة الصحة تعمل على تخصيص 123 سريراً اضافياً في غرف العناية الفائقة في المستشفيات الحكومية ونحو 200 غرفة عادية، وكذلك هناك عمل لزيادة 90 غرفة للعناية الفائقة في المستشفيات الخاصة، وهذه الخطة لن تكون جاهزة قبل 4 اسابيع، ووفقا لوزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن لا حجة لدى اي مستشفى خاص او حكومي لعدم استقبال مرضى كورونا..
وقد عدد حسن التحديات التي يواجهها لبنان في المرحلة الراهنة بالنسبة إلى وباء كورونا، موضحا ان نسبة الإصابة في لبنان تبلغ مئة وعشرين على كل مئة ألف نسمة أسبوعياً وهذه النسبة تعتبر الذروة في تسجيل الإصابات تجعلنا نقترب من المشاهد الأوروبية، واشار إلى أن «ما جنب لبنان المشهد الإسباني أو الإيطالي في بداية الوباء كان جهوزية وزارة الصحة التي تعاملت مع أول حالة وافدة مصابة بالفيروس كمؤشر ومنعطف جدي وكان الجميع في الوزارات والإدارات على مستوى واحد من المسؤولية ما مكن لبنان من تسجيل التقدم في مواجهة الوباء…».
«جمود» حكومي ..
حكوميا، لا جديد يذكر على مستوى الاتصالات السياسية، والجمود يظلل المشهد السياسي في البلاد،ووفقا لمصادر سياسية بارزة لا شيء في الافق حاليا، وحتى الان لا اتصالات حتى داخل الفريق الواحد حيال الخطوة المقبلة، ما يعني ان مهلة الاسابيع الخمسة المتبقية ستمر دون اي نتائج مرتقبة، الا اذا حصلت مفاجئة غير محسوبة، في هذا الوقت ثمة قناعة لدى فريق «الاغلبية النيابية» بعدم تكرار تجربة حكومة الرئيس حسان دياب بعد فشلها لاسباب داخلية ترتبط بازمة الثقة العميقة بين المعنيين في تاليفها، وعدم امكانية الحصول على دعم خارجي لحكومات مماثلة حيث ستعتبرها فرنسا تحديا واضحا لها، كما سيصعب حتما ترويجها لدى الاميركيين الذين سيعمدون الى المزيد من تصعيد الضغوط تزامنا مع انطلاق التفاوض حول الحدود البحرية والبرية في 14 الجاري.. وفيما يصل مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط دايفيد شينكر الى بيروت في 14 الجاري للمشاركة في اول جولة تفاوض حول الحدود، نفت اوساط مطلعة وجود تعويل على زيارة مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم الى واشنطن في التاريخ نفسه، فالزيارة اذا تمت في موعدها، فهي جاءت بناء على دعوة رئيس مجلس الامن القومي الاميركي روبيرت اوبراين ، لتكريم اللواء ابراهيم تعبيرا عن الشكر على المساعدة التي قدمها في مجال تحرير عدد من الاسرى وجهده الدؤوب في هذه القضايا الانسانية..
مراجعة فرنسية
وهذا يعني حكما ان «الجمود» سيكون سيد الموقف الى ما بعد الانتخابات الاميركية، والجميع بانتظار النسخة المعدلة للمبادرة الفرنسية والتي اخذت بعين الاعتبار الاخطاء المرتكبة والتي ادت الى فشل نسختها الاولى، وثمة مراجعة فرنسية جادة لفريق العمل الخاص بالملف اللبناني، وقد لمس حزب الله تفهما فرنسيا واضحا للاسباب الموضوعية التي ادت الى الفشل، وقد حمل السفير الفرنسي برنار فوشيه بطريقة «دبلوماسية» في اللقاء الاخير مع مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله عمار الموسوي، رؤوساء الحكومة الاربعة مسؤولية «تفخيخ» المبادرة، دون ان يقدم بدائل جاهزة لاستئناف الاتصالات، تاركا المهمة لخليفته، وهنا تجدر الاشارة الى ان الدبلوماسي الفرنسي لم يلمح الى وجود تغيير سلبي في العلاقة مع الحزب على الرغم من حدة مواقف الرئيس ايمانويل ماكرون…
«مثل ما راحوا رجعوا»
في هذا الوقت، اختصرت اوساط مطلعة رحلة الرئيس ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، الى الكويت بالقول «مثل ما راحوا» «رجعوا»، فالرحلة التي لم تكن منتجة حكوميا، فقط «كسرت» نوعا ما «الجليد» بين الرئيس ميشال عون ورئيس المجلس نبيه بري، على خلفية «الترسيم»، وقد جرى تقييم عام للمبادرة الفرنسية والمعوقات التي ادت الى عرقلتها، دون ان يكون لدى الرجلين اي رؤية واضحة حول طبيعة المرحلة المقبلة في ظل توقف المحركات الفرنسية في الوقت الراهن، وغياب اي تواصل سياسي مع نادي رؤوساء الحكومة السابقين، ما يعني ان الدعوة الى الاستشارات النيابية غير واردة في الوقت الراهن، حيث اكد الرئيس عون انه لن يعيد تجربة الرئيس المعتذر مصطفى اديب، واي دعوة للاستشارات سيسبقها حكما تفاهمات سياسية حول تركيبة الحكومة العتيدة..وفي هذا الاطار، وعد رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب بتفعيل العمل الحكومي بما يسمح به الدستور، مؤكدا على ضرورة الاسراع في التوصل الى ولادة حكومة جديدة كاملة المواصفات لان عمله مقيد دستوريا وصلاحياته محدودة، محذرا من خطر «كورونا» وازمة في القطاع الصحي، واعدا بان يكون هذا الملف من اولوياته..
«عتب» حكومي..
وكان لافتا في هذا السياق «عتب» غير مباشر من رئيس الجمهورية ميشال عون على رئيس المجلس نبيه بري، عندما اشار في معرض الحديث عن الحكومة الى انه لم يكن من الحكمة الاستعجال في اسقاط مجلس الوزراء وتكبيله بتصريف الاعمال، قبل الوصول الى اتفاقات مبرمة على «الخطوة» التالية، والان البلد كله يدفع الثمن.. وكان «الرؤوساء الثلاثة» قدموا الى امير دولة الكويت الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح والمسؤولين الكويتيين التعازي بغياب الأمير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، وتمنى الرئيس عون للامير نواف التوفيق في مسؤولياته الجديدة في قيادة الكويت وشعبها الشقيق الى مصاف التقدم والازدهار والخير. ورد الامير الشيخ نواف شاكرا للرئيس عون والرئيسين بري ودياب التعزية بالراحل الكبير، مؤكدا ان الكويت في عهده ستبقى الى جانب لبنان وتواصل مسيرة دعمه لما فيه خير ابنائه واعادة نهوضه، مشيرا الى موقع لبنان واللبنانيين في قلوب الكويتيين..
نصرالله وملف الترسيم
وفيما يتوقع ان يتطرق الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى ملف التفاوض حول ترسيم الحدود في اطلالته مساء الاربعاء لمناسبة اربعين الامام الحسين، تلفت اوساط معنية بالملف الى وجود جهات لبنانية تواكب التضخيم الاميركي – الاسرائيلي للحدث، وتحاول توظيفه في السياسة للتصويب على «الثنائي الشيعي» من خلال ايهام الراي العام بوجود تنازلات على وقع ارتفاع منسوب الضغوط الاقتصادية والسياسية على لبنان، مع العلم ان آلية التفاوض في الناقورة معتمدة منذ تفاهم نيسان في العام 1996.
دعم المقاومة
وفي هذا السياق تؤكد اوساط معنية بهذا الملف، بان «الزكزكات» اللبنانية المرتبطة بالشكل لا تغيٌر في المضمون شيئا، واذا كان ثمة ملاحظات لدى الرئاسة الاولى حول الحفل الاستعراضي في «عين التينة»، فان الملف الذي بات اليوم في عهدة رئيس الجمهورية ميشال عون سيمضي قدما تحت سقف التفاهمات الاستراتيجية بين بعبدا «وحارة حريك»، بعيدا عن الملاحظات «البهلوانية» وغير الموفقة لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في تغريدته الاخيرة.. فالرئيس ميشال عون، والمؤسسة العسكرية، جهتان موثوقتان ولا شكوك من اي نوع في حسن ادارتهما لعملية التفاوض على الحقوق اللبنانية، وسبق لحزب الله ان ابلغ المعنيين بعملية التفاوض سرا وعلنا، بان المقاومة عامل دعم للمفاوض اللبناني، وهي جزء من «اوراق» القوة على «الطاولة»، وما تقبل به القيادة اللبنانية المفاوضة برئاسة عون، يقبل به حزب الله، وما سترفضه سيرفضه حتما، والثقة متبادلة في هذا السياق..
«جهل» .. حقد او عمالة؟
في هذا الوقت، لفتت اوساط نيابية بارزة الى وجود «طابور خامس» في لبنان يتبنى عن جهل او حقد، او «عمالة»، الرواية الاسرائيلية حول اتفاق الاطار، وما يقوله هؤلاء في اطار الحملة الممنهجة على الرئيس نبيه بري، وحزب الله، تحدثت عنه بالامس صحيفة «اسرائيل اليوم» المقربة من رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، التي انه كان بالامكان الشروع في المفاوضات على ترسيم خط الحدود قبل نحو عقد من الزمان عندما اكتشفت حقول غاز كبرى في مياه البحر المتوسط. غير أن اللبنانيين جروا الأرجل ورفضوا كل اتصال مع إسرائيل، كجزء من فكرة أن المفاوضات بين الدولتين فيها نوع من الاعتراف بل وإعطاء شرعية لإسرائيل.. وفي معرض تبريرها للموقف اللبناني الحالي لفتت الصحيفة الى ان لبنان وصل الان إلى شفا الانهيار التام. فالاقتصاد ينهار، سواء بسبب العقوبات الحادة التي فرضتها الولايات المتحدة على حزب الله ومؤيديه، وعلى إيران وسوريا، أم بسبب أزمة كورونا. او انفجار عبوة الأمونيا في مرفأ بيروت، وخلصت الصحيفة الى الادعاء بان اللبنانيين وافقوا على الشروع في مفاوضات مع إسرائيل، ومنحوها – رغم أنوفهم – الاعتراف والشرعية واعترفوا بشكل غير مباشر بأن الطريق إلى الاستقرار والازدهار الاقتصادي يمر عبر الحوار مع إسرائيل.
«شروط» لبنانية
وتلفت تلك الاوساط الى القول، يتعامل الاسرائيليون بخبث مع الاعلان وهم يخدعون انفسهم لان المفاوضات ليست جديدة والاعلان عن اتفاق الاطار، وان كان بتوقيت اميركي، الا انه لم يكن ليعلن، لولا تثبيت لبنان لقواعد التفاوض الضامنة لاسترجاع حقوقه، ونسي الاسرائيليون وبعض اللبنانيين ان اللقاءات بين الجانبين تتم منذ التسعينات في الناقورة برعاية الامم المتحدة، ولم يكن يوما تطبيعا او اعترافا، والتفاوض حول «الاطار» مستمر منذ عشر سنوات فما الجديد اليوم؟ فثمة خلط مقصود بين «الاتفاق» على ترسيم الحدود وبين «اتفاق السلام» او التطبيع، فالأول، إن تحقّق، فوظيفته هي تثبيت حق لبنان في حدوده ليس أكثر، ولا يمكن أن يمتد، بأي شكل من الأشكال، إلى حدود الثاني، فحالة العداء ستظل قائمة بين لبنان وكيان العدو، واي ترتيبات يتبقى في السياق المتبع عبر الامم المتحدة منذ توقيع اتفاقية الهدنة، وفي هذا السياق، رفض الجانب اللبناني رفع مستوى الوفد المفاوض من الجانب الاسرائيلي حيث جرت عملية «جس نبض» «ولدت ميتة» تقضي بترأس وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس المحادثات وقد رفض لبنان رفضا قطعاً اي مشاركة سياسية في المفاوضات، واصر على حصرها في الجانب التقني، واي كلام آخر سيكون شرطا لاغيا لانطلاق التفاوض.
لا «تطبيع» ولا «سلام»
وفي هذا الاطار، فان ما ورد في صحيفة يديعوت يعد اكثر واقعية بكثير من بعض ما طرحه اسرائيليون ولبنانيون «طبلوا» لانتصار اسرائيل، فقد اكدت الصحيفة انه لن يكون هناك قريباً اتفاق سلام بين إسرائيل ولبنان، وقالت «تجرى مفاوضات غير مباشرة ومتقطعة بين إسرائيل ولبنان في الموضوع منذ سنين، وفي العام 2000 قررت الأمم المتحدة ألا تحكم، وهكذا نشأ وضع متواصل من عدم الاتفاق بين الجانبين، وعندما تبين بعد سنوات من ذلك بأن هناك حقول غاز كبيرة في المنطقة، أصبح الموضوع أكثر حرجاً…».
خرائط الجيش جاهزة..
وفي سياق حديثها عن الخلافات بين الجانبين لفتت الصحيفة الى ان اسرائيل تريد ترسيما من خط يقع على 90 درجة مئوية من خط الشاطئ، وهو ذاك الذي يتجه شمال غرب، وللدقة في نقطة 291 درجة. أما لبنان فاختار بالطبع نهجاً آخر، تكون الحدود البحرية بموجبه استمراراً للحدود البرية. وحسب هذا النهج، فإن الحدود خط مباشر يتجه من رأس الناقورة بالضبط غرباً في نقطة 270. وفي هذا الاطار، تشير اوساط لبنانية معنية بهذا الملف، ان الخرائط عند الجيش ستكون حاسمة وهي خرائط قانونية وعلمية وفق قانون البحار، وهو انتهى من إعدادها منذ العام 2008، وتضمنت تعديلاً في النقطة (واحد) لتصبح النقطة (23) هي نقطة انطلاق الترسيم جنوباً، ما أعاد قانوناً مساحة الـ 860 كلم مربعاً الى السيادة اللبنانية، والتي جرى اهمالها في الوفد الذي ارسل من قبل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الى قبرص، فضلاً عن مرسوم المنطقة الاقتصادية الخالصة الذي تمّ اصداره عام 2011 وإيداعه لدى الأمم المتحدة، وبحسب تلك الاوساط، فان استرجاع هذه المسافة البسيطة على البر يعني استرجاع نحو 17 كلم عند نقطة نهاية المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر..
تضليل اعلامي وسياسي!
وتخلص تلك الاوساط الى القول، ثمة حملة اعلامية وسياسية «مخيفة» تهدف الى «ترويض» «العقل» اللبناني، والالتحاق ببعض العرب الذين يحاولون تبرير التطبيع مع اسرائيل، لكن ثمة معادلة مرسومة في لبنان ويؤمن بها غالبية الشعب اللبناني، يعرفها الاميركيون وكذلك الاسرائيليون، وخلاصتها ان المفاوضات على ترسيم الحدود يمثّل نقطة محورية يمكن الارتكاز عليها لضمان تثبيت لبنان لحقوقه البحرية، وثرواته النفطية، ونقطة على «آخر السطر»، واي كلام آخر عن اعتراف او تطبيع للعلاقات ليس الا وهما، وسيكتشف الواهمون قريبا هشاشة هذا النمط من التفكير «المريض» الذي لن يغير من الوقائع شيئا..
«الانفجار في الشارع»
معيشيا، ومع اقتراب لبنان من «نموذج» الانهيار الفنزويلي، توعد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر بالنزول الى الشارع فور الاعلان عن أي خطوة برفع الدعم وقال «ما يحصل غير مقبول وهو دعوةٌ لتهجير الشعب اللبناني والقول لنا من أين نأتي بالمال؟ فردنا: أين ذهب المال؟». وأضاف : «مهمتنا تأمين حياة كريمة للشعب اللبناني فوجئنا بقرار الجامعة الأميركية برفع التعرفة الى 3950 ليرة للدولار الواحد وهي أزمة تطال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والجهات الضامنة». من جهته حذر رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان بسام طليس من رفع الدعم عن البنزين وسائر المواد الاساسية، وقال انه سيؤدي الى انفجار اجتماعي. ولفت إلى انه «تم اعداد مشروع قانون حول اعفاء المواطنين من رسوم الميكانيك ولقد انتهى وتحول الى مجلس النواب وطالب من المواطنين عدم الدفع».. وشدد في مؤتمر صحافي على ان «رفع الدعم عن المواد الاساسية يؤدي إلى انفجار اجتماعي لا يحمله أحد، ويبدو انه اتخذ القرار برفع الدعم عن المحروقات والمواد العذائية والدواء والطحين والقمح»، محذرا من ان «اي كلام عن رفع دعم أو اي تطبيق له على المحروقات لا سيما مادة البنزين يعني دفع السائقين العموميين إلى الانتحار».
****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
الشيخ نواف الأحمد: سنبقى الى جانب لبنان
بري: لافرق بين اللبناني والكويتي في حب لبنان والكويت
عاد إلى بيروت بعد ظهر امس، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب، بعد زيارة خاطفة إلى الكويت قدموا في خلالها التعزية إلى أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح والمسؤولين الكويتيين بوفاة المغفور له الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في القاعة الاميرية في المطار الاميري في الكويت.
وضم الوفد الرسمي وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه والقائم باعمال السفارة اللبنانية في الكويت باسل عويدات.
وعبر الرئيس عون للامير نواف عن «الحزن الذي انتاب اللبنانيين برحيل الامير الشيخ صباح الذي له في قلوبهم مكانة خاصة نظرا للمواقف التي اتخذها دعما للبنان ولابنائه»، معتبرا ان «غيابه خسارة كبيرة وهو الذي اتصف بالحكمة والاعتدال وبوقوفه دائما في المحافل العربية والاقليمية الى جانب لبنان، لاسيما في الظروف الصعبة التي مر بها، حيث كانت له الايادي البيضاء في المساهمة باعادة اعمار لبنان واطلاق المشاريع الانمائية والاجتماعية والانسانية».
وتمنى عون للامير نواف «التوفيق في مسؤولياته الجديدة في قيادة الكويت وشعبها الشقيق الى مصاف التقدم والازدهار والخير».
ورد الامير الشيخ نواف شاكرا للرئيس عون والرئيسين بري ودياب التعزية بالراحل الكبير، مؤكدا ان «الكويت في عهدي ستبقى الى جانب لبنان وتواصل مسيرة دعمه لما فيه خير ابنائه واعادة نهوضه»، مشيرا الى موقع لبنان واللبنانيين في قلوب الكويتيين.
بدوره، اشاد الرئيس بري بـ»مواقف الراحل الكبير والدعم الذي قدمه للبنان عموما وللجنوب خصوصا»، متمنيا «ان يكون الامير نواف خير خلف لخير سلف وان تتعزز في عهده العلاقات اللبنانية – الكويتية المميزة التي نشعر من خلالها ان لا فرق بين اللبناني والكويتي سواء في حب لبنان او في حب الكويت».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :