«هندسات قضائيّة» برعاية رئيس مجلس القضاء الأعلى… خلافاً للقانون: ممنوع كفّ يد البيطار
مستنسخاً تجربة «زميله» رياض سلامة في «الهندسات الماليّة»، يُجري رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود «هندسات قضائيّة»، خلافاً للقانون، لمنع كفّ يد القاضي طارق البيطار عن قضية تفجير المرفأ. خلافاً للقانون، يُمنع الادّعاء على قضاة مشتبه فيهم من قبل البيطار. وخلافاً للقانون، تُرفض طلبات ردّ البيطار. وخلافاً للقانون، يُمنع التحقيق في دعوى تزوير منسوب للبيطار. وخلافاً للقانون، يتدخّل رئيس مجلس القضاء الأعلى لمنع قاضٍ من استكمال النظر في طلب ردّ البيطار
تقدّم الوزير يوسف فنيانيوس بطلب رد القاضي طارق البيطار عن قضية المرفأ. أحيل الطلب على محكمة يرأسها القاضي نسيب إيليا. عاد فنيانوس ليطلب رد القاضي إيليا، فأحيل الطلب على غرفة يرأسها القاضي حبيب مزهر، فقرر بدء إجراءات النظر بطلب رد القاضي البيطار. سريعاً، تقدّم محامون بطلب لرد القاضي مزهر، فيما يجري التحضير لطلب رد عضوين في الغرفة التي بات يرأسها مزهر، إلى جانب درس إمكان «الادعاء» على رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بـ«جرم» الارتياب المشروع».
هذه «الخبصة» القضائية ليست شأناً إجرائياً وحسب، بل أمر سياسي بالدرجة الأولى. المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ، القاضي طارق البيطار، كان يتباهى أمام زملاء له بأن «أيّ قاضٍ لن يجرؤ على إزاحتي عن ملف المرفأ». وتباهيه كان في محله. كل طلبات الرد التي جرى التقدم بها لكف يده عن التحقيق، تم رفضها عبر مخالفات قانونية صريحة، برعاية رئيس مجلس القضاء الأعلى. هندسَ الأخير تركيب غرف المحاكم التي تنظر في دعاوى الرد والارتياب، بصورة أفضت إلى جعل البيطار قاضياً «لا يُرَدّ»، حتى لو اشتُبِه بارتكابه جرم التزوير. وعندما تقدّم فنيانوس بدعوى مباشرة لدى النيابة العامة التمييزية بحق البيطار، متهماً إياه باتخاذ قرارات بعد كف يده مؤقتاً، وتسجيل تلك القرارات بتاريخ سابق، حفظ المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان الشكوى، من دون أن يقوم بأي إجراء تحقيقيّ، في مخالفة صريحة للقوانين وللمبادئ العدلية.
آخر فصول «فعل المستحيل» لإبقاء ملف المرفأ في يد البيطار جرى أمس. إعادة عرض الوقائع توضح الصورة:
1- تقدّم فنيانوس بطلب رد القاضي بيطار، فأحيل طلبه على الغرفة التي يرأسها القاضي نسيب إيليا.
2- تقدّم إيليا بعرض تنحّيه عن النظر في طلب فنيانوس، لأنه سبق أن أصدر قراراً رفض فيه طلباً مماثلاً من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، ما يعني أنه صاحب رأي مسبق لا يجوز له النظر في الطلب. لكن الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت، القاضي حبيب رزق الله، جمع الغرفة التي يرأسها، وأصدر قراراً رفض فيه عرض التنحي المقدّم من إيليا، رغم أن الأصول توجب تنحي الأخير.
3- تقدّم فنيانوس بطلب رد إيليا عن النظر في طلب الرد الذي قدمه بحق البيطار. أعاد إيليا عرض تنحيه، فقبله رزق الله، بحسب ما هو وارد في سجل المحكمة. ففي هذا السجل، ورد حرفياً: «تقرر تكليف الرئيس حبيب مزهر لترؤس هيئة الغرفة الاستئنافية الثانية عشرة للنظر في الملف الرقم 72/2021 (طلب رد القاضي نسيب إيليا المقدم من الوزير السابق يوسف فنيانوس)، مكان الرئيس نسيب إيليا المقبول تنحيه، وإبلاغ ذلك من يلزم».
4- قبِل القاضي حبيب مزهر التكليف، وقرّر النظر في طلب فنيانوس رد البيطار، وطلب من الأخير كف يده عن متابعة قضية المرفأ إلى حين البت بطلب الوزير السابق. استند مزهر في قراره إلى كون التكليف يتضمّن تصريحاً واضحاً من زرق الله بقبول تنحي إيليا، ما يعني حُكماً أن موضوع تكليفه هو النظر في طلب فنيانوس رد البيطار، بما أن طلب رد إيليا صار بلا موضوع بعد قبول تنحيه.
«مخالفة توزيع المهام لا تلغي القرار القضائي الصادر عن قاضٍ صاحب اختصاص»
قرار القاضي مزهر أثار الكثير من اللغط. انقلبت العدلية رأساً على عقب يومَ أمس. تدخّل رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود الذي وصل إلى مركز عمله في الصباح الباكر، وحصل نقاش حاد مع الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت حبيب رزق الله الذي سئِل عن سبب تكليفه مزهر بدعوى رد البيطار. فأجاب رزق الله بأنه كلّفه حصراً بدعوى طلب ردّ القاضي نسيب إيليا الناظر في طلبات الردّ المقدمة ضد البيطار.
كذلك اجتمع رزق الله بمزهر مستنكراً قراره بحق البيطار، ومؤكداً أنه طلب منه النظر حصراً بدعوى إيليا، لكنه تجاوز الصلاحيات وقرّر ضم الطلبين. في هذا الوقت، بدأت حملة ضد مزهر داخل أروقة العدلية وخارجها. استشعر مزهر بأن عبود ورزق الله يحاولان اختلاق وجود التباس، وتنفيذ لعبة تهدف الى سحب الملف كله من يده. وبدأ الاعتراض همساً على إحالة الملف الى قاضٍ شيعي، بعدما تعمّد عبود في المرات السابقة إحالة كل ما يتصل بالقاضي بيطار على غرف يترأسها قضاة ميسيحيون، بعدما نجح فريق الادعاء السياسي في تحويل قضية انفجار المرفأ إلى قضية تخص المسيحيين وحدهم.
وفي إطار البحث عن تخريجة لهذا الالتباس، بدأت تنهال طلبات رد مزهر، مع مطالبات بإحالته على التفتيش القضائي. من الجبهة المضادة، ستُقدَّم دعاوى في وجه القضاة الذين سينظرون في طلبات الرد!
وفيما قال قضاة وقانونيون إن قرار مزهر كف يد القاضي البيطار باطل لأنه حصل من دون تكليف، ردّ قضاة وقانونيون آخرون بأن إلغاء قراره مستحيل من دون قرار قضائي صريح. ويقول أصحاب الرأي الثاني إن «مخالفة توزيع المهام لا تلغي القرار القضائي الصادر عن قاضٍ صاحب اختصاص»، لافتين إلى أن «القاضي مزهر رئيس غرفة استئناف، ولا وجود لأي نص قانوني يحظر عليه النظر في طلب رد قاضٍ آخر».
ما جرى في العدلية أمس يثبت مرة جديدة أن التحقيق في تفجير المرفأ خرج من كونه قضية جزائية قضائية قانونية ذات طابع سياسي، وتحوّل إلى قضية سياسية تتجاوز العمل القضائي والقوانين، أو في أحس الأحوال تطوّعها لتحقيق هدف سياسي. مهندس عملية التحويل هذه ليس سوى رئيس مجلس القضاء الأعلى، الذي سبق أن أمّن الحماية للقضاة المشتبه فيهم بانفجار المرفأ، بغطاء سياسي وإعلامي ودبلوماسي غربي. ففي نظر القاضي سهيل عبّود والقوى الداعمة له، لا يمكن تثمير التحقيق في جريمة 4 آب، سياسياً، إلا بجعل طارق البيطار قاضياً «لا يجرؤ أحد على ردّه».
************************************
العاصفة الخليجية تحاصر الحكومة بين انقساماتها
غداة عودة رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي من غلاسكو وإطلاقه موقفاً بارزاً سعياً إلى حل يحتوي عاصفة الازمة المتصاعدة بين لبنان وال#دول الخليجية، بدا واضحاً ان تداعيات الانسداد في معالجة هذه الازمة ارتدت على البيت الحكومي وباتت تتهدد الحكومة بمزيد من الشلل والعلاقات بين شركائها بمزيد من التباينات والانقسامات. ذلك ان المواقف التي أعلنها ميقاتي أول من أمس من السرايا وكان محورها دفعه نحو استقالة طوعية لوزير الاعلام جورج قرداحي والتي رفضت فوراً على لسان قرداحي نفسه و”حزب الله” أدت إلى إعادة الوضع الحكومي برمته إلى نقطة الصفر، أي إلى ما قبل لقاءات غلاسكو بحيث كان تعطيل جلسات مجلس الوزراء بسبب مسألة مطالبة الثنائي الشيعي بتنحية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، وبعدها بسبب احداث الطيونة، قد شلّ الحكومة فجاءت مسألة التداعيات السعودية والخليجية لتصريحات قرداحي لتفاقم الشلل الحكومي. والجديد الذي اثاره صدّ طروحات ميقاتي في الساعات الأخيرة، ان شبح ازمة استعصاء الحل او التسوية، تضخم وصار الأولية الأشدّ الحاحاً لتجنب انزلاق البلاد نحو متاهات جديدة ومحدثة من تجارب التعطيل تحت وطأة احتمالين كلاهما سلبي: الأول تسليم رئيس الحكومة او بالأحرى الاستسلام لواقع يحول الحكومة التي بالكاد أقلعت عندما شلتها مقاطعة الثنائي الشيعي إلى حكومة تصريف اعمال إذا ارتضى التعايش طويلا مع معادلة شل مجلس الوزراء والحؤول دون انعقاده الا بالرضوخ لشروط رافضي طروحاته الشركاء الحكوميين. والثاني تصاعد الانقسامات إلى حدود تفتق تداعيات جديدة داخل الصف الحكومي ربما تؤدي إلى استقالتها كلا. ومع ان تبين الخط البياني للمأزق الحكومي يحتاج إلى أيام في ظل معرفة الاتجاهات الحاسمة للقوى المعنية والمنضوية داخل الحكومة، فان المعطيات التي أمكن تلمسها أمس من دوائر الرئاسات الثلاث والقوى السياسية الأخرى بدت متشائمة للغاية حيال إمكانات التوصل إلى مخرج قريب. ولعلّ المفارقة الناشئة عن هذه المعطيات هي في تأكيدها ان لبنان الرسمي بات يتخبط في تداعيات مؤذية لمسار تصعيدي مزدوج خارجي مع انعكاسات العاصفة الخليجية وداخلي مع انعكاسات الازمة الحكومية الناشئة.
وإذ لم يُسجّل أمس اي تحرك علني ولا اي بوادر حلحلة في اي من الملفات، بدا “حزب الله” على تشدده وتصلّبه خصوصا في ما يخص اطاحة المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار والتمسك بوزير الاعلام جورج قرداحي.
وفي انتظار ما سيعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من هذه القضايا، حيث أعلن امس انه سيتحدث في “يوم شهيد حزب الله”، عصر الخميس المقبل، ووسط صمت مستمر يلتزمه رئيس مجلس النواب نبيه بري ونوابه ازاء الازمة الخليجية، نقل عن مصادر قريبة من عين التينة ان الرئيس بري قدم مبادرة تلقفها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وسوّقها الا ان ابواب بعبدا اوصدت في وجهها، فما جدوى اطلاق مبادرات جديدة ما دام مصيرها الحتمي على هذا النحو.
لودريان مجددا
وعلى الصعيد الخارجي مضت فرنسا في إطلاق مؤشرات حيال اهتمامها بمتابعة الوضع في لبنان، اذ أكدت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أنها على “اتصال وثيق بجميع الأطراف المعنيين بالنزاع المستجد بين الدول العربية ولبنان”. ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في تصريح نشره موقع الخارجية الفرنسية، “جميع الأطراف وكذلك المسؤولين اللبنانيين، إلى تعزيز التهدئة والحوار لصالح الشعب اللبناني واستقرار لبنان”، مشددا على أنه “أمر حاسم للمنطقة”. واعتبر لودريان أن “فصل لبنان عن الأزمات الإقليمية له أهمية أساسية”. وقال: “يجب أن يكون لبنان قادراً على الاعتماد على جميع شركائه الإقليميين لدعمه على طريق تطبيق الإصلاحات”.
إلى ذلك، تبلغ الرئيس ميقاتي أمس من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان يوانا فرونتسكا، التي زارت بكركي ايضا، “كل الدعم لحكومته وتشجيعها على المضي بالاصلاحات المطلوبة”. واوضحت فرونتسكا إن “الهدف من هذه اللقاءات التشاورية هو الإطلاع على مجرى التطورات السياسية في لبنان ووضع تقويم موضوعي، كما تطرقنا إلى مجمل الأوضاع العامة في لبنان، وشرح لنا دولة الرئيس أين نحن من هذه الأوضاع، فأبدينا كل الدعم لعمل الحكومة مشجعين على المضي في الإصلاحات المطلوبة، كما أطلعتُ دولة الرئيس على معطى إيجابي يتمثل بتنظيم لقاء تحت عنوان “المنصة الإنتخابية” يوم الإثنين المقبل في الثامن من الجاري برعاية وزارة الداخلية والبلديات وبمشاركة السفراء المعتمدين في لبنان بهدف التركيز على مجريات الإنتخابات المقررة في آذار المقبل ودعم لبنان على هذا الصعيد، فنحن نعتقد أن إجراء الإنتخابات ضمن المهل الدستورية هو قرار يخص اللبنانيين وأن منظمة الأمم المتحدة ستقف داعمة لهم”.
يشار إلى ان رئاسة الجمهورية أعلنت أمس رسميا ان قانون تعديل قانون الانتخاب بات نافذاً حكماً بعد رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إصداره وعدم توقيعه لعدم أخذ مجلس النواب بملاحظاته حول المخالفات الدستورية والقانونية التي شابته. وقد صدر في ملحق العدد 43 من الجريدة الرسمية القانون النافذ حكماً الرقم 8 الصادر بتاريخ 3/11/2021 القاضي بتعديل بعض مواد القانون الرقم 44 تاريخ 17/6/2017 المتعلق بانتخاب اعضاء مجلس النواب. ولم يقترن تعديل القانون بتوقيع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي سبق ان ردّه إلى مجلس النواب طالباً إعادة النظر فيه لوجود مخالفات دستورية وقانونية فيه تم ادراجها بالتفصيل في الكتاب الذي ارسله الرئيس عون إلى مجلس النواب قبل اسبوعين.
شكوك وبلبلة
في غضون ذلك ارتسمت ظلال من الشكوك المتجددة حول ملف التحقيق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت اذ سادت بلبلة في العدلية حول كف يد القاضي طارق البيطار موقتا، وآلية تعيين القاضي حبيب مزهر رئيس الغرفة الرقم 12 في محكمة الاستئناف المدنية، وضمّ ملفي القاضيين البيطار ونسيب ايليا في ملف واحد.
وأشارت معطيات قضائية إلى انه عندما تقدم وكلاء الدفاع عن الوزير السابق يوسف فنيانوس، بطلب رد القاضي البيطار، اعتبر رئيس الغرفة رقم 12 في محكمة الاستئناف المدنية، بأنه سبق ان اعطى رأيًا مسبقًا في قضية مشابهة، وبالتالي، لن يتمكن البتّ بهذه الدعوى، ويومها اتى الجواب من الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله بأن الدعوَيين المقدمتين من الوزيرين علي حسن خليل وغازي زعيتر منفصلتان ومستقلتان، لذا يمكن للقاضي ايليا ان يبت بدعوى الوزير فنيانوس. وأشارت هذه المعطيات إلى ان القاضي نسيب ايليا كلف يومها وكلاء الدفاع عن الوزير فنيانوس لمناقشة الصلاحية النوعيّة، حيث اعتبرت هذه المحكمة انها غير مختصّة لرد محقق عدلي، ولكن خلافا لما طلبه ايليا، لم يأت جواب من وكلاء الدفاع عن الوزير فنيانوس، خلافا لما قاله وكيل الوزير فنيانوس المحامي طوني فرنجية بأنه ناقش وقدّم مذكرة. واكدت المعطيات نفسها انه خلال انتظار القاضي ايليا الرد من قبل وكلاء فنيانوس، كانوا قد تقدّموا بطلب كف يد القاضي ايليا، وهنا السؤال، طالما ان الرد فقط متعلق بالقاضي ايليا فمن قرر ضم الملفين، ملف البيطار مع ملف ايليا.
ولاحقا، أكدت محكمة الاستئناف المدنية لنقابة المحامين انها كلفت القاضي حبيب مزهر للنظر في قضية رد القاضي نسيب ايليا حصراً لا القاضي طارق بيطار.
وغرّد عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص وكتب: “ان ما يجري في العدلية اليوم سيترك جروحاً عميقة في الجسم القضائي. مزيج من التعسف باستعمال الحق، والتحدي والتهديد والشخصنة. ضحايا ما يجري: شهداء انفجار المرفأ الذين يعاد قتلهم اليوم عمداً والعدالة او جنين العدالة الذي يجهض في رحم الامل ببناء وطن جديد”.
الموقوفون من جانب واحد
ووسط هذه الأجواء لوحظ ان ملفي موقوفي عين الرمانة وخلدة بدأا يشكلان حالة أهلية – امنية اعتراضية تنذر بتداعيات وتضع القضاء امام محك خطير لجهة اتهامه بالانحياز وعدم التعرض اطلاقا لقوى “الامر الواقع” في مقابل الاقتصاص من جهات مناوئة. فغداة الاعتصامات التي نفذها أهالي موقوفي عين الرمانة احتجاجا على اقتصار التوقيفات عليهم ومعاملتهم بطرق مخالفة للقوانين وحقوق الانسان، نفذ أمس عرب خلدة اعتصاما قطعوا خلاله الطريق عند أوتوستراد خلدة، طريق المطار والشويفات وسط انتشار أمني كثيف، احتجاجاً على قرار قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان، حيث اعتبروا أنّ “المحكمة العسكرية تفتري على الشبّان في أحداث خلدة”، موضحين أنّه لم يتمّ حتّى الساعة توقيف أيّ أحد من المعتدين على المنطقة التابعين لـ”حزب الله”. وأشاروا في بيان إلى أن “أهالي الموقوفين يعبّرون عن استيائهم الشديد من الافتراءات التي تقوم به المحكمة العسكرية حيث لا يزال واحد وعشرون شاباً من خلدة معتقلين لديها ولم يلق القبض حتّى الساعة على أيّ من عناصر “حزب الله” المسلحة التي اعتدت على خلدة وروعت النساء والأطفال والشيوخ وهؤلاء معروفون بالأسماء والعناوين عند الأجهزة الأمنية المتابعة”.
******************************************
ميقاتي يلوّح بـ”الإعتكاف”… وأهالي ضحايا المرفأ “يُقاضون” القاضي مزهر
باسيل “يسنّ السكين”: “طعن” بالقانون و”طعنة” بالإنتخابات!
“قانون تعديل قانون الانتخاب بات نافذاً حكماً بعد رفض الرئيس عون إصداره وعدم توقيعه لعدم أخذ مجلس النواب بملاحظاته حول المخالفات الدستورية والقانونية التي شابته”… تغريدة تصدّرت أمس قائمة تغريدات رئاسة الجمهورية، فرفعت بالشكل مسؤولية اعتماد القانون الانتخابي المعدّل عن الكاهل العوني، وأطلقت بالمضمون “رصاصة الانطلاق” باتجاه الطعن بالقانون وفرملة مفاعيله الاغترابية والزمنية.
وعلى هذا الأساس، بدأ عملياً العد التنازلي لمهلة الـ15 يوماً القانونية لتقديم الطعون بالقانون الانتخابي منذ تاريخ نفاذه حكماً أمس، ليبدأ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إعداد العدة و”سنّ السكّين لتوجيه ضربة انتخابية مزدوجة تستهدف من جهة الطعن دستورياً بتعديلات القانون الانتخابي، ومن جهة ثانية تسديد طعنة قاضية تهدد بنحر الاستحقاق ودحر مخاطره عن التيار”، وفق تعبير مصادر نيابية، موضحةً أنّ الطعن الذي سيتقدم به تكتل “لبنان القوي” من شأنه أن يدخل الانتخابات النيابية في “متاهة متشعبة الأبعاد، قانونياً ودستورياً ونيابياً وزمنياً، قد تفضي في نهاية المطاف إلى تطيير الانتخابات”.
وفي هذا السياق، كشفت المعلومات المستقاة من أوساط “التيار الوطني الحر” أنّ الطعن الذي يعتزم تقديمه سيطال التعديلات التي أدخلت إلى القانون الانتخابي، وطريقة التصويت التي اعتمدت في الهيئة العامة لإقرارها نتيجة احتساب الأكثرية اللازمة نسبةً للعدد الفعلي للنواب بعد استبعاد المقاعد النيابية الشاغرة بالاستقالة أو الوفاة. وعليه فإنه إذا قبل المجلس الدستوري طلب الطعن، وهذا المرجح، تعود صيغة القانون الانتخابي إلى نصه الأصلي بالنسبة لاقتراع المغتربين ضمن إطار الدائرة رقم 16 المستحدثة لحصر تمثيلهم بـ6 مقاعد تتوزع على 6 قارات، من دون منحهم الحق بالمشاركة في انتخاب 128 نائباً في أقلام دول الانتشار، فضلاً عن العودة إلى اعتماد البطاقة الممغنطة وإسقاط تقديم المهل الزمنية لإجراء الاستحقاق.
ونتيجة ذلك، من المتوقع أن يحجم رئيس الجمهورية عن توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للانتخاب في 27 آذار، فيسقط هذا التاريخ ويعود الاستحقاق إلى مربع تاريخه الأول المقرر في أيار. وهو مسار استشعرت من خلاله مصادر سياسية “خطراً حقيقياً على إجراء الانتخابات، نظراً لكون المسائل المنوي الطعن بها سيكون من الصعب إعادة النظر فيها وتنفيذ مقتضياتها في المهلة الزمنية القصيرة التي تفصل عن موعد الاستحقاق، سواءً بالنسبة لموضوع الدائرة 16 الاغترابية أو في ما خصّ البطاقة الممغنطة التي ستواجه حكماً مشاكل جوهرية مالياً ولوجستياً، بالإضافة إلى إعادة تشريع الباب واسعاً أمام احتدام السجال النيابي والسياسي في البلد بين مُطالب بإجراء الانتخاب وفق القانون المعتمد، ورافض لإجرائها من دون إدخال تعديلات على القانون”.
أما في مستجدات الشرذمة الحكومية، فدخلت باريس أمس على خط محاولة تطويق تداعيات “النزاع المستجد” في لبنان منعاً لتمدد محاذيره على أرضية الاستقرار اللبناني الهش، داعيةً على لسان وزير خارجيتها جان إيف لودريان “جميع الأطراف والمسؤولين اللبنانيين، إلى تعزيز التهدئة والحوار لصالح الشعب اللبناني واستقرار لبنان”، مشدداً على أنّ هذا الاستقرار هو “أمر حاسم للمنطقة”، مع التأكيد في الوقت نفسه على ضرورة “فصل لبنان عن الأزمات الإقليمية” وعلى وجوب أن يبقى هذا البلد “قادراً على الاعتماد على جميع شركائه الإقليميين لدعمه على الطريق نحو تطبيق الإصلاحات”.
لكن على أرض الواقع، لا يزال “حزب الله” يفرمل عربة “معاً للإنقاذ” فارضاً تجميد مسار العمل الحكومي رداً على عدم امتثال الرئيس نجيب ميقاتي لأجندة الشروط التي يضعها “الحزب” على طاولة مجلس الوزراء، سواءً بالنسبة للإصرار على “قبع” المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار أو بالنسبة للإصرار على عدم “قبع” وزير الإعلام جورج قرداحي. وفي المقابل، كشفت معلومات موثوق بها أنّ ميقاتي لا يزال على موقفه الرافض لخضوع الحكومة لسياسة “الابتزاز والتهديد”، لكنه، بالتوازي مع قراره عدم الاستقالة، يلوّح بلجوئه إلى خيار الاعتكاف في حال استمر “حزب الله” على موقفه الرافض لانعقاد مجلس الوزراء.
وفي الغضون، طغى على سطح المشهد القضائي خلال الساعات الأخيرة ما وصفته مصادر قضائية بـ”الخبصة” الناتجة عن قرار القاضي حبيب مزهر “كفّ يد” المحقق العدلي عن متابعة تحقيقات المرفأ “بشكل يمثل تجاوزاً فاضحاً للصلاحيات الممنوحة له بالنظر في طلب رد القاضي نسيب إيليا المقدم من الوزير السابق المدعى عليه يوسف فنيانوس”، موضحةً أنّ محكمة الاستئناف كانت قد كلفت القاضي مزهر النظر في هذا الطلب “حصراً”، لكنه تعدى نطاق هذا التكليف ومنح نفسه من دون أي تفويض أو مسوغ قضائي حق النظر في قضية “الرد” الأساس المتعلقة بطلب كف يد القاضي البيطار، طالباً تسليمه ملف التحقيق للبت على أساسه بطلب فنيانوس ردّ المحقق العدلي عن ملف انفجار المرفأ.
وبناءً عليه، كشفت أوساط معنيّة أنّ وكلاء أهالي الضحايا يتحضرون لاتخاذ مجموعة من الإجراءات القانونية بعد غد الاثنين بحق القاضي مزهر، وسط مطالبات موجهة إلى مجلس القضاء الأعلى “باتخاذ التدابير العقابية اللازمة بحقه لارتكابه مخالفة صريحة للصلاحيات الممنوحة له، وصولاً إلى إحالته إلى التفتيش القضائي”.
******************************************
تصاعد الضغوط على حكومة ميقاتي العاجزة عن التصدي لـ”حزب الله”
في ظل مطالبات بالإسراع في إيجاد حلول للأزمة مع الخليج
تتصدر الأزمة مع الخليج وتداعياتها كل القضايا الأخرى في لبنان، بحيث باتت تشكل محور المواقف السياسية الداعية بشكل أساسي إلى الإسراع لإيجاد حلول لها في أسرع وقت ممكن عبر استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، وذهب البعض إلى دعوة رئيس الحكومة نفسه نجيب ميقاتي إلى الاستقالة مع وزرائه بسبب هيمنة {حزب الله} على عمل الحكومة {العاجزة} في وجهه.
وفي هذا الإطار، قال أمين سر «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، إنه «لا يجب أن يسقط الخيار العربي على الإطلاق، وعلى كل الفرقاء اللبنانيين الإصغاء إلى صوت العقل والمسؤول الذي أطلقه الرئيس ميقاتي لتسوية هذا الأمر، لأننا عدنا مجدداً إلى نقطة التقاطع التي لا يقوى لبنان على تحملها».
واعتبر أن «استقالة الوزير جورج قرداحي هي المدخل لتصحيح مسار العلاقة مع المملكة والإخوان العرب، وهذا يحتاج إلى حوار ونقاش والعودة إلى الأصول الدبلوماسية».
من جهته، دعا النائب في «التيار الوطني الحر» ماريو عون، إلى استقالة قرداحي، وقال في حديث إذاعي، «أصبح واضحاً أن الرئيس نجيب ميقاتي، يطلب جاهداً استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، لكن لا حياة لمن تنادي، لأننا بالواقع أفرقاء سياسيون، وكل فريق لديه حصته، ويتحكم بها، ويعمل على أساسها». وعن عقد جلسة للحكومة للبحث في إقالة قرداحي، أكد ماريو عون أن «هذا الموضوع لم يُطرح بعد في اجتماعات التكتل».
لكن أمين سر تكتل «الجمهورية القوية» (حزب القوات اللبنانية) النائب السابق فادي كرم قال، من جهته، إن «استقالة الحكومة مسألة خطيرة، وقد تهدد الانتخابات النيابية، وهذا ما لا نتمناه، والرئيس ميقاتي يحدد هذا الأمر على ضوء ما إذا كانت هناك إمكانية لإصلاح الأوضاع مع دول الخليج»، مضيفاً أن «ميقاتي قادر على مواجهة الأطراف التي تخلق المشكلات للبنان، وعلينا تحديد مصالح البلد، وإذا استمر منطق (اللادولة) و(الدويلة)، فلن تبقى دولة في العالم تحترمنا وتتعاطى معنا».
وفي خضم الإرباك الحاصل نتيجة الأزمة، قال النائب نقولا نحاس، وهو من الكتلة التي يرأسها ميقاتي، إن «التعقيدات السياسية كبيرة والمساعي مستمرة للجم التصعيد مع دول الخليج»، معتبراً أن «الأمر يحتاج إلى مسار واضح ومتكامل لإعادة بناء الثقة، والخطوة الأولى تبدأ بتحكيم الوزير قرداحي ضميره»، مضيفاً: «أما في حال لم يقدم قرداحي على الاستقالة، فيترك للرؤساء الثلاثة (رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة) تحديد الخيارات الواجب اتخاذها». وعبر عن أسفه «للتعقيدات السياسية التي تنعكس سلباً على مصير المشاريع المطروحة على طاولة النقاش». ورأى أن «قبل الإقدام على اتخاذ الخيارات الحاسمة، المطلوب عمل جدي فلا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يدفع الناس ثمن الخلافات السياسية».
في المقابل، برزت دعوات لاستقالة رئيس الحكومة، بما في ذلك من الوزير السابق أشرف ريفي، الذي ثمن موقف ميقاتي الأخير، لكنه دعاه للاستقالة. وتوجه ريفي إلى رئيس الحكومة بالقول: «يريد (حزب الله) أن يجعل منكم كما أسلافكم، شهود زور على هيمنته على الوطن وتطبيق استراتيجيته الإيرانية، وها هم وزراؤه يعطلون حكومتكم للإطاحة بالعدالة، والأجدى بكم والأحرى بكم أن تستقيلوا أنتم ووزراؤكم من هذه الحكومة تحت عنوان الإصرار على العدالة وحماية المحقق العدلي البطل طارق البيطار».
وأضاف ريفي: «نخشى، دولة الرئيس، أن تنتهي قضية العدالة باستقالة الوزير قرداحي، مقابل الإطاحة بالقاضي بيطار وعندها تتحملون مسؤولية تاريخية». وقال: «استقل يا دولة الرئيس فأنت رئيس حكومة معطلة ومنزوعة الصلاحيات ومسلوبة القرار… البلد يحتاج إلى حكومات (حزب الله) غير المقنعة». وأضاف: «فتحت عباءة حكومتك يمارس (حزب الله) فائض القوة على اللبنانيين، ويمارس فائض التبعية لإيران في اليمن والعراق وسوريا، ولبنان يدفع الثمن… فالحكمة تقتضي الاتعاظ من تجارب المساكنة مع السلاح. ألستَ أنت القائل (إن) لـ(حزب الله) اليد الطولى في لبنان؟ ها هي اليد الطولى تقضي على مهمتك قبل أن تبدأ. ها هي اليد الطولى بستار حكومتك تهدد الأمن القومي لدول الخليج العربي، وتضع لبنان في أسوأ عزلة عرفها في تاريخه».
كذلك، دعا النائب السابق فارس سعيد، ميقاتي، إلى الاستقالة، وكتب عبر حسابه على «تويتر»: «لأن اللحظة وطنية ولأن تجاوز الواقع السياسي القديم ضرورة… ولأن الوحدة الداخلية ضرورية لرفع الاحتلال الإيراني، ولأن رفع الاحتلال مقدمة لبناء الدولة، ندعو لقيام مجلس وطني يطالب بتنفيذ الدستور والقرارات العربية والدولية». وتوجه إلى الرئيس نجيب ميقاتي، بالقول «لا رأي لمن لا يطاع… استقل».
******************************************
“الجمهورية”: التصلّب الخليجي: الضغط سيتوالى .. الحكومــة معلّقة .. ودعوات دولية لتجنّب المأزق
مع تصلّب الموقف السعودي، يبدو أنّ لبنان قد دخل في مرحلة طويلة من الانتظار الصعب لجلاء الغيمة الخليجية عن أجوائه، وعودة العلاقات بين لبنان والسعودية وسائر دول الخليج الى سابق عهدها. ومع التصلّب السياسي الداخلي والافتراق الحاد في مقاربة الأزمات، دخلت الحكومة في وضع مربك لا تُحسد عليه، على حدّ تعبير بعض وزرائها، حيث بات من الصّعب عليها أن تجتمع في المدى المنظور، لوقوعها بين فكّي كماشة يضغطان عليها بقساوة شديدة، الأول من الباب القضائي وما يتصل بالخلاف حول التحقيق العدلي بانفجار مرفأ بيروت، والموقف من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، والثاني من الأزمة الخطيرة الآخذة في التصاعد أكثر بين لبنان ودول الخليج.
لا مخارج
الطافي على سطح المشهد السياسي هو التسليم العام بأنّ سبل المخارج والحلول مقفلة بالكامل، وسط إشارات سلبية تتوالى من دول الخليج، عن إجراءات عقابيّة اقسى، ونقمة شديدة على ما تسمّيها مصادر ديبلوماسية عربية «الفريق السياسي الحاكم والمستسلم لـ«حزب الله»، ويغطي عدوانيته تجاه اصدقاء واشقاء لبنان».
وبحسب المصادر الديبلوماسية، فإنّ السعودية قد اتخذت قرارها بالذهاب الى المدى الأبعد في الدفاع عن مصالحها وأمن مواطنيها، ولن تتهاون مع أي سلطة يديرها «حزب الله». واكّدت انّ اي حديث عن تراجع المملكة في إجراءاتها التي اتخذتها، ليس سوى كلام خيالي، وخصوصاً انّ الإجراءات التي اتُخذت ما هي الّا البداية».
مطبات امام الحكومة
وفيما تبلّغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان يوانا فرونيسكا كل الدعم لحكومته وتشجيعها على المضي بالإصلاحات المطلوبة، قالت مصادر حكومية لـ«الجمهورية»، انّه على الرغم من الدعم الدولي لبقاء الحكومة واستمرارها في تحمّل مسؤولياتها في هذا الظرف الصعب، الّا انّ وضعها ليس سليماً على الإطلاق، ومفتوح على شتى الاحتمالات، جراء مواقف بعض الأطراف داخل الحكومة، في إشارة واضحة الى موقف «حزب الله».
ولفتت المصادر، الى انّ الرئيس ميقاتي كان واضحاً لهذه الناحية، حينما اشار في خطابه امس الأول في السرايا الحكومية، الى «حزب الله» من دون أن يسمّيه، وحديثه عن «نهج التفرّد والتعطيل الذي تعرّضت له الحكومة من داخلها، واستدراجها الى التدخّل في أمر قضائي لا شأن لها فيه». إضافة الى التعبير عن امتعاض من موقف الحزب من الأزمة المستجدة بين لبنان ودول الخليج، ومطالبته السعودية بالاعتذار».
وقالت المصادر، انّ «هذا المنحى يضع مطبات خطيرة في طريق الحكومة، كما انّه يتسبب في مفاقمة الأزمة، في الوقت الذي تُبذل فيه جهود ومساعٍ في غير اتجاه لاحتواء هذه الأزمة، والحدّ من تفاعلاتها، وصولاً الى إعادة الامور الى طبيعتها بين لبنان وأشقائه، وبالأخص مع المملكة العربية السعودية. وخصوصاً انّ لهذه الأزمة ارتدادات شديدة الخطورة على كل اللبنانيين من دون استثناء».
وبحسب المصادر الحكومية، فإنّ «معالجة الأزمة مع دول الخليج تشكّل الاولوية لدى رئيس الحكومة، وهو بالتالي لن يدخر وسيلة الّا ويلجأ اليها في الاتجاه الذي يعيد الامور الى سابق عهدها، ومن هنا هو يلقي بالمسؤولية على الشركاء في الحكومة لتقدير حجم الضرر الذي يلحق بلبنان جراء هذه الأزمة وتفاقمها، ويعتبر انّ مفتاح العلاج يكون بأن يبادر وزير الاعلام جورج قرداحي الى تغليب المصلحة الوطنية واتخاذ الموقف المنتظر منه، أي الاستقالة، باعتبار هذه الخطوة من شأنها ان تفتح الطريق في اتجاه معالجة كل ما يعتري علاقة لبنان بالسعودية وسائر دول الخليج».
«حزب الله»
وبحسب مصادر مطلعة على موقف «حزب الله»، فإنّ ما صدر عن ميقاتي كان له الصدى السلبي في اوساط الحزب. وقالت لـ«الجمهورية»: «تصريحات وزير الاعلام ليست السبب في الإجراءات التي اتخذتها السعودية تجاه لبنان، والسعوديون انفسهم اكّدوا انّها مرتبطة بـ»حزب الله»، ومن هنا نرفض تحويل وزير الاعلام كبش محرقة او التضحية به، ولا «حزب الله» ولا تيار «المردة» في وارد ان يمارسا اي ضغط على الوزير قرداحي لحمله على الاستقالة».
وفي معلومات المصادر المطلعة، انّ «كل الاطراف الدوليّة التي عبّرت للرئيس ميقاتي عن دعم مباشر، واكّدت على استمرار حكومته، شجعت في المقابل على استقالة قرداحي كمدخل لحلّ الأزمة، الّا انّ اياً من هذه الاطراف لم يقدّم اي ضمانة او اي التزام ضمني او علني بالقيام بأي مسعى جدّي مع السعودية لإلغاء او التخفيف من اجراءاتها التي اتخذتها بحق لبنان. ما يعني انّه حتى ولو أقدم الوزير قرداحي على تقديم استقالته، فستستمر السعودية في اجراءاتها الضاغطة على لبنان».
ورداً على سؤال عمّا اذا كان استمرار الوضع على ما هو عليه قد يتطوّر الى حد استقالة رئيس الحكومة وقلب الطاولة على رؤوس الجميع، قالت المصادر المطلعة: «قبل الحديث عن استقالة رئيس الحكومة وقلب الطاولة ينبغي السؤال عن الفائدة والجدوى من هذه الاستقالة وأي رؤوس ستُقلب عليها الطاولة». اضافت: «لكل الأطراف من دون استثناء مصلحة في بقاء الحكومة واستمرارها، على الأقل لإدارة الوضع اللبناني ولو بالحدّ الأدنى من الضوابط، وتهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات النيابية».
يُشار في هذا السياق، الى انّ التطورات الاخيرة ستكون محور الخطاب الذي سيلقيه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الخميس المقبل.
3 سيناريوهات
الى ذلك، وإذ استبعدت مصادر مسؤولة لـ«الجمهورية» عقد جلسة لمجلس الوزراء في المدى المنظور، اشارت الى انّ سببين جوهريين يمنعان الحكومة من الانعقاد، اي قضية المحقق العدلي وتصريحات الوزير قرداحي. واذ اشارت الى انّ حركة اتصالات مكثفة جرت في الساعات الاخيرة، سعياً لبلوغ مخرج ولكن من دون ان تحقق أي إيجابيات.
وقلّلت المصادر عينها «من احتمال عقد جلسة للبحث في إقالة الوزير قرداحي، لافتة الى رفض قاطع من قِبل «حزب الله» تحديداً اللجوء الى هذا الخيار»، مشيرة الى انّ هذا الامر قد يفتح على مشكل كبير، ليس على مستوى الحكومة، بل على مستوى المشهد السياسي العام.
وكشفت المصادر عن سيناريوهات عديدة يجري التداول فيها بين المستويات السياسية، وتتقاطع عند نقطة جوهرية، وهي انّ ارتدادات القطيعة السعودية والخليجية مع لبنان شديدة الصعوبة عليه اقتصادياً وماليا، وخصوصاً في ظل الحديث عن دفعات متتالية من الإجراءات القاسية. واما السيناريوهات فهي:
الاول، أن يستجيب وزير الاعلام لتمنيات رئيس الحكومة ويبادر الى تقديم استقالته. إذ انّ من شأن ذلك ان يجعل رئيس الحكومة يتنفس الصعداء، ويسهّل مهمته الصعبة في إعادة ترتيب العلاقات اللبنانية مع السعودية ودول الخليج.
الثاني، ان يتمسك وزير الاعلام بموقفه الرافض للاستقالة، وان يكون كبش فداء مجانياً في هذه الأزمة، ما قد يكون سبباً لدفع رئيس الحكومة الى الاستقالة. مع انّ هذا الاحتمال ضعيف حتى الآن، وخصوصاً في ظل النصائح الدولية التي أُسديت بتجنّب اللجوء الى هذا الخيار.
الثالث، إبقاء الحال على ما هو عليه، من عضّ للأصابع، في انتظار من يصرخ اولاً. والاكيد في هذا السياق، انّ لبنان سيكون الخاسر، إذ انّه بدأ الصراخ من الآن، ولا يحتمل أي اجراءات تصعّب ازمته الخانقة اكثر فأكثر.
باريس مجدداً
الى ذلك، أبلغت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية الى «الجمهورية» قولها، «انّ تواصلاً حصل بين مسؤولين فرنسيين وسعوديين حول لبنان، اعقب تواصلاً مباشراً بين الاميركيين والسعوديين، ولكن من دون ان يفضي ذلك الى تليين في الموقف السعودي».
وفي السياق، أكّدت وزارة الخارجية الفرنسية أنّها على «اتصال وثيق بجميع الأطراف المعنية بالنزاع المستجد بين الدول العربية ولبنان».
ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في تصريح نشره موقع الخارجية الفرنسية، «جميع الأطراف، وكذلك المسؤولين اللبنانيين، إلى تعزيز التهدئة والحوار لصالح الشعب اللبناني واستقرار لبنان»، مشدّداً على أنّه «أمر حاسم للمنطقة». وقال انّ «فصل لبنان عن الأزمات الإقليمية له أهمية أساسية»، مشيراً الى «وجوب أن يكون لبنان قادراً على الاعتماد على جميع شركائه الإقليميين لدعمه على طريق تطبيق الإصلاحات».
ويُشار في هذا السياق، الى ما اوردته صحيفة «الإندبندنت»، التي شدّدت على «حاجة لبنان إلى الاعتماد على شركائه الإقليميين للمساعدة، بعد أن سحبت السعودية والكويت والبحرين والإمارات سفراءها من بيروت، وطردت المبعوثين اللبنانيين لديها، في أعقاب تصريحات قديمة أدلى بها وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، انتقد فيها علناً الحرب التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن».
ورأت الصحيفة أنّ «الخلاف الخليجي لا يهدّد بزعزعة استقرار الاقتصاد اللبناني المتعثر فحسب، بل يفضي إلى إحداث صدع في الحكومة الهشة التي تشكّلت في البلاد قبل شهرين فقط، بعد عام من الجمود السياسي والمفاوضات الصعبة». وحذّرت من أنّ «العزلة عن دول الخليج تهدّد بإدخال لبنان في مشاكل مالية أكبر، لاسيما وأنّ لبنان يعتمد على التصدير إلى دول الخليج، وأيضاً التحويلات المالية التي يرسلها اللبنانيون الذين يعيشون في دول مثل الإمارات».
وأشارت إلى أنّ «ثمة كتلة تدعم قرداحي، الذي رفض مراراً تقديم استقالته، وتقول إنّ تصريحاته سُجّلت في شهر آب قبل أن يصبح وزيراً، ومن بين قاعدة دعمه الكتلة البرلمانية لجماعة «حزب الله« اللبناني المدعومة، والتي نقل التلفزيون المحلي عن المتحدث باسمها قوله، إنّ «ردّ الفعل السعودي، يرقى إلى شن حرب». كما لفتت إلى انّ «ما زاد الطين بلّة تسجيلات صوتية مسرّبة، نشرتها صحيفة «عكاظ» السعودية، لوزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، قلّل فيها على ما يبدو من أهمية المساعدات المالية السعودية، مشيرة ضمناً إلى أنّ دول الخليج تطلب الكثير للقضاء على «حزب الله».
القانون الانتخابي
من جهة ثانية، ومع نفاذ قانون الانتخاب كما عدّله مجلس النواب أخيراً، يُنتظر ان يشهد الاسبوع المقبل تطوراً لافتاً يتمثل بمبادرة «تكتل لبنان القوي» بتقديم مراجعة طعن بالقانون أمام المجلس الدستوري، وهو امر قد يُدخل البلاد في سجال انتخابي ومزايدات مفتوحة حول الموعد المحدّد لإجراء الانتخابات في 27 آذار المقبل، وكذلك حول تصويت المغتربين.
وقالت مصادر التكتل لـ«الجمهورية»: «انّ مراجعة الطعن التي قد تُقدّم الاسبوع المقبل او في اي وقت آخر ضمن المهلة المحدّدة قانوناً لتقديم المراجعات الى المجلس الدستوري، تهدف الى تصحيح الخطيئة التي ارتكبتها الاكثرية النيابية، ورفع الظلم الذي لحق بالمغتربين وبما يزيد عن 10 آلاف ناخب يُحرمون من حق الاقتراع جراء تقديم موعد الانتخابات من ايار الى شهر آذار».
وتوقعت المصادر ان يبطل المجلس الدستوري القانون وتعديلاته، وخصوصاً انّه تضمن مخالفات دستورية واضحة، وخصوصاً لناحية التصويت على ردّ القانون الى رئيس الجمهورية وبأكثرية مرتجلة، خلافاً للأكثرية المطلقة التي يحدّدها الدستور أي 65 نائباً.
وقد اعلنت رئاسة الجمهورية، انّ «قانون تعديل قانون الانتخاب بات نافذاً حكماً، بعد رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إصداره وعدم توقيعه، لعدم أخذ مجلس النواب بملاحظاته حول المخالفات الدستورية والقانونية التي شابته».
وقد صدر في ملحق العدد 43 من الجريدة الرسمية، القانون النافذ حكماً الرقم 8 الصادر بتاريخ 3/11/2021 القاضي بتعديل بعض مواد القانون الرقم 44 تاريخ 17/6/2017 المتعلق بانتخاب اعضاء مجلس النواب.
ولم يقترن تعديل القانون بتوقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي سبق ان ردّه الى مجلس النواب، طالباً إعادة النظر فيه لوجود مخالفات دستورية وقانونية، تمّ إدراجها بالتفصيل في الكتاب الذي ارسله الرئيس ميشال عون الى مجلس النواب قبل اسبوعين. وجاء اعتبار القانون نافذاً حكماً ووجب نشره استناداً الى المادة 57 من الدستور، وذلك بعد عدم اصداره من رئيس الجمهورية، نظراً لعدم أخذ مجلس النواب بالملاحظات عن المخالفات التي أبداها الرئيس عون وطلب في حينه إعادة النظر فيها.
******************************************
تفاهم رئاسي على آلية المعالجة: تبريد مع الخليج.. وإنضاج طبخة استقالة قرداحي طوعاً!
الإنتخابات على رأس الأولويات الدولية.. وعدوى الإشتباك تهدّد الجسم القضائي
في خضم واحدة من أخطر الأزمات المصيرية التي تواجه لبنان الدولة والمجتمع، والمتعلقة بتأزم العلاقات مع المملكة العربية السعودية خاصة، ودول الخليج على وجه عام، بدا الموقف اللبناني مشرَّعاً على كل الاحتمالات، وان القوى الرسمية والسياسية كل يغني على ليلاه:
1 – الرئيس نجيب ميقاتي يسعى لرأب الصدع في العلاقات، من موقع ما نص عليه البيان الوزاري، وعدم ترك الحبل على غاربه في ما خصّ الأزمة الناشئة مع الرياض ودول مجلس التعاون، ليتاح لاحقا للحكومة ان تفي بوعودها في ما خص الكهرباء وسعر صرف الدولار وإصلاح النظام المصرفي، وخطة التعافي الاقتصادي، مع ترقب زيارة للأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش إلى لبنان قبل نهاية العام الجاري.
2 – التيار الوطني الحر، وفريق الرئيس ميشال عون، منشغل بمآل التعديلات على قانون الانتخاب، من باب الطعن، امام المجلس الدستوري، بدءاً من اليوم بعد نشر قانون الانتخاب في الجريدة الرسمية أمس من خارج التوقيع الرئاسي، على ان تنتهي المهلة المتاحة في 18ت1 الجاري، أي قبل عيد الاستقلال.
3 – الفريق الشيعي، لا سيما حزب الله، يعطي الأولوية لرؤية قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت خارج الملف، بعد كفّ يده، ثم يأتي دور مجلس الوزراء للحضور، من زاوية التضامن مع وزير الإعلام جورج قرداحي، كما هو الوضع حتى الآن.
4 – وسط هذه الوضعيات المأزومة، لم ينج مجلس القضاء الأعلى من خضة داخلية، على خلفية قرار القاضي حبيب مزهر بكف يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في انفجار المرفأ على خلفية الدعوى التي قدمها ضده الوزير السابق يوسف فنيانوس، موقفا التحقيق في انفجار المرفأ، لترفع شكوى ضده إلى التفتيش القضائي، مع العلم ان القاضي مزهر عضو في مجلس القضاء الأعلى.
واشارت مصادر سياسية إلى ان مسار معالجة الازمة المستجدة مع المملكة العربية السعودية، يميل نحو تخفيف منسوب التصعيد السياسي، وانتهاج اسلوب التبريد المتدرج والاستيعاب، وصولا الى حل المشكلة التي تسببت بها مواقف وزير الاعلام جورج قرداحي وما تبعها من ردود فعل ومواقف متلاحقة بهذا الخصوص.
وكشفت المصادر أن التفاهم على انتهاج اسلوب التبريد والاستيعاب، تم الاتفاق عليه في اللقاء الذي جمع بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي امس
الاول، باعتباره الاسلوب الانسب والمفيد، باتجاه حل الازمة، واعادة تأهيل العلاقات المهتزة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، لمافيه مصلحة لبنان وهذه الدول، بدلا من سياسة التصعيد التي توصد كل الابواب وتضر الجميع من دون استثناء، ومحاولة فصل هذا الملف عن حملات التراشق والتصعيد المتبادل بين الحزب والمملكة.
واعتبرت المصادر ان سلوك هذا المنحى الاستيعابي، بالتفاهم بين جميع الاطراف، يرتكز اولا، على تجنب الاصرار على اقالة وزير الاعلام كما دعا البعض، على أن يتبع ذلك استقالة طوعية لقرداحي، يزال من خلالها فتيل تفجير الازمة مع دول الخليج واستناد االى هذه المصادر، يبدو أن هذا المخرج لحل الازمة، لا يلقى رفضا من قبل الاطراف الداعمة لقرداحي، لاسيما حزب الله وتيار المردة تحديدا، اللذين رفضا اقالته، الا انهما ابلغا رئيس الحكومة، عبر الحاج حسين خليل ووسطاء، انهما لن يطلبا من وزير الاعلام الاستقالة، ولا البقاء في الوزارة، وهو حر بالخيار الذي يعتمده بالنهاية، بقاء او استقالة، الامر الذي اعتبرته المصادر بمثابة المخرج المرتقب للازمة، برغم الصعاب والتدخلات التي قد تعيق وتعطل تنفيذه، لغايات وحسابات سياسية واقليمية.
ولذلك، توقعت المصادر ان يستغرق تنفيذ هذا الحل بعض الوقت، في حين كان التركيز خلال لقاءات رئيس الحكومة مع عون وبري، على ضرورة، تسريع الخطى، لمعاودة عقد جلسات مجلس الوزراء المعلقة، بأسرع وقت ممكن، لاظهار مدى جدية الحكومة الإلتزام بتنفيذ تعهدات امام المجتمع الدولي، ولعدم اضاعة مزيد من الوقت سدى، بينما سينكب رئيس الحكومة والوزراء على دراسة وانجاز ملفات متطلبات المرحلة المقبلة، بانتظار معاودة جلسات الحكومة المعلقة، بسبب مطالبة الثنائي الشيعي الحكومة باتخاذ قرار تنحية أو رفع يد المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، الذي يبدو ان اسلوب معالجته، يأخذ منحى آخر، قد يشكل مخرجا لهذه المشكلة أيضا.
وعلى الرغم من اقفال ابواب المعالجات السياسية والقضائية، إلّا ان بعض الامور التي تعمل عليها السلطات الرسمية «ما زالت ماشية» كما قال مصدر رسمي لـ«اللواء»، حيث ان ملف التدقيق الجنائي الذي تقوم به شركة «الفاريز اندمارسال» في حسابات مصرف لبنان على السكة الصحيحة حتى الان، وتقوم الشركة بدرس اجوبة مصرف لبنان على 133 سؤالاً ارسلتها له ويرد عليها تباعاً، عدا ان التحضيرات لمفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي «ماشية» أيضاً من الجهتين اللبنانية والدولية.
بالمقابل، أبلغت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أنه لم يسجل أي جديد على صعيد معالجة الأزمة مع دول الخليج وليس هناك إلا سلسلة اتصالات تتم وفق خارطة الطريق التي أطلقها الرئيس ميقاتي. واعتبرت المصادر أنه في حال نجحت الاتصالات لتأمين جلسة الحكومة فإن مناخ التفجير قد يكون طاغيا ولذلك فإنه من الأفضل تأمين اجواء توافقية قبيل أي جلسة حكومية.
ورأت أن الحكومة في وضع لا يحسد عليه، على أن أي خيار تلجأ إليه سيكون مرا معربة عن اعتقادها أنه من الضروري افساح المجال امام تحركات داخلية وخارجية لبلورة حل بشأن الأزمة مع دول الخليج يتيح على الأقل عودة التمثيل الديبلوماسي.
ولكن أوساط مراقبة قالت أن المسألة ليست بهذه السهولة على الإطلاق ولذلك لا بد من أن تكون الخطوات مدروسة ولا تعمق الأزمة ولا تطيلها.
ونفى مكتب الرئيس ميقاتي ما ورد في «الجديد» عن لقاء جمعه مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل.
وذكر التقرير ان «ميقاتي بقي مصرا على ان حل الأزمة يبدأ باستقالة قرداحي أو اقالته» مشيرا إلى ان «حزب الله متمسك بموقفه بضرورة الإبقاء على قرداحي ومنعه من الاستقالة».
وهكذا راوحت الازمات القائمة على اكثر من صعيد مكانها، فلا حلول لعودة جلسات مجلس الوزراء ولا مقاربات حقيقية عملية لمعالجة الازمة مع المملكة العربية السعودية، برغم نداءات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبعض المسؤولين الاخرين لوزير الاعلام جورج قرداحي «لتحكيم ضميره والنظر الى مصلحة لبنان». فيما تتوجه الانظار الى ما سيعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في هذه القضايا، حيث يتحدث في «يوم شهيد حزب الله»، الخميس المقبل في الثالثة عصراً.
ويبدو ان كل الاقتراحات التي طرحت لمعالجة مسألة جلسات الحكومة سقطت، حيث علمت «اللواء» ان حزب الله يرفض عقد اي جلسة قبل معالجة مسألة «الارتياب» من القاضي طارق بيطار، وخشية طرح مسألة إقالة الوزير قرداحي. وقد جرى تواصل بين الرئيس ميقاتي والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين الخليل الذي ابلغ رئيس الحكومة رفض عقد اي جلسة تطرح فيها إقالة قرداحي، وابلغ الخليل هذا الموقف الى معاون رئيس المجلس النائب علي حسن خليل الذي ابلغه بدوره للرئيس نبيه بري.
أكدت وزارة الخارجية الفرنسية، أنها على اتصال وثيق بجميع الأطراف المعنية بالنزاع المستجد بين الدول العربية ولبنان.
ودعا وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، في تصريح نشره موقع الخارجية الفرنسية، جميع الأطراف، وكذلك المسؤولين اللبنانيين، إلى تعزيز التهدئة والحوار لصالح الشعب اللبناني واستقرار لبنان، مؤكدا أنه «أمر حاسم للمنطقة».
ورأى أن «فصل لبنان عن الأزمات الإقليمية له أهمية أساسية». وقال: «يجب أن يكون لبنان قادرا على الاعتماد على جميع شركائه الإقليميين لدعمه على طريق تطبيق الإصلاحات».
كما تبلغ ميقاتي خلال اجتماعه في السراي مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان يوانا فرونتسكا، التي زارت بكركي ايضا، «كل الدعم لحكومته وتشجيعها على المضي بالاصلاحات المطلوبة». وقالت: إن الهدف من هذه اللقاءات التشاورية هو الإطلاع على مجرى التطورات السياسية في لبنان ووضع تقويم موضوعي، كما تطرقنا الى مجمل الأوضاع العامة في لبنان، وشرح لنا دولة الرئيس أين نحن من هذه الأوضاع، فأبدينا كل الدعم لعمل الحكومة مشجعين على المضي في الإصلاحات المطلوبة، كما أطلعتُ الرئيس على معطى إيجابي يتمثل بتنظيم لقاء تحت عنوان «المنصة الإنتخابية» يوم الإثنين المقبل في الثامن من الجاري برعاية وزارة الداخلية والبلديات، وبمشاركة السفراء المعتمدين في لبنان بهدف التركيز على مجريات الإنتخابات المقررة في آذار المقبل ودعم لبنان على هذا الصعيد، فنحن نعتقد أن إجراء الإنتخابات ضمن المهل الدستورية هو قرار يخص اللبنانيين وأن منظمة الأمم المتحدة ستقف داعمة لهم.
ومن هذه الزاوية، وعطفاً على ما قاله وزير الخارجية الفرنسي لجهة عدم إقحام لبنان في الصراعات، كشفت مصادر دبلوماسية للمرة الاولى معلومات عن عقد لقاءات رفيعة المستوى بين الفرنسيين وممثلين عن القوى اللبنانية الاساسية في البلد للبحث في كيفية ترتيب ميثاق لبناني جديد، وتقول المعلومات ان البحث يدور حول اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، على ان يتبعها اجراء مؤتمر لبناني شامل برعاية فرنسية مباشرة ، ويحكى في هذا الصدد عن مساع لتولي مصر الاشراف على التسوية.
ما يطلبه الاميركيون عبر الفرنسيين بشكل صريح ومباشر هو موافقة الثنائي الشيعي على تسهيل ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، والالتزام بما يشبه ربط النزاع مع العدو الاسرائيلي مقابل تعزيز دورهم وموقعهم في النظام اللبناني الجديد.
الكلام هنا حول منح الاقليات في لبنان مجلس شيوخ اي تطبيق ما نص عليه اتفاق الطائف، بالتوازي مع استحداث موقع نائب رئيس الجمهورية ومنحه للشيعة، في حين يجري التداول بتوسيع صلاحيات مجلس الوزراء وسحب الامتيازات التي يتمتع بها الموارنة في المؤسسات لاسيما وظائف الفئة الاولى.
يضاف الى ذلك، طرح واشنطن عبر الفرنسيين استراتيجية دفاعية تضمن مركزية قرار الحرب والسلم لدى الدولة اللبنانية، ومؤازرة قوى المقاومة فقط لتنفيذ قرارات الدولة وليس اتخاذ قرارات احادية، ومنع حصول المقاومة على اية اسلحة نوعية ، ومراقبة تطبيق هذا القرار من خلال مراقبة المعابر والحدود وضبطها تحت اشراف دولي، بما يعنيه ذلك من ترسيم الحدود البرية مع سوريا بشكل نهائي، وتباعا تحديد هوية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي يؤكد لبنان وقوى المقاومة لبنانيتها.
احتجاج العشائر
وبالتزامن مع مؤتمر صحفي عقده أركان العشائر العربية في خلدة مع وكلاء الدفاع عن المعتقلين من أبناء العشائر لدى الأجهزة الأمنية، أقدم عدد من الفتية والنسوة على قطع الطريق لفترة وجيزة، احتجاجاً على قرار قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان سرعان ما تجاوبوا مع القوى الأمنية على فتحها وتسهيل حركة السير أمام الناس.
كما أقدم عدد من الأهالي على حرق الإطارات، وحملوا لافتات مندّدة بقرار القاضي الظنّي، كتبوا فيها: «المعتدي طليق والمعتدى عليه سجين»، «الحرية لشباب خلدة»، «ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء»، و«لسنا مكسر عصا».
وسط انتشار أمني كثيف وإجراءات أمنية استثنائية، عَقدت العشائر العربية في لبنان وهيئة المحامين الموكلين بالدفاع عن المعتقلين من أبناء العشائر في خلدة لدى الأجهزة الأمنية، مؤتمراً صحفيّاً، شارك فيه المئات من أبناء العشائر من خلدة ومختلف المناطق اللبنانية، وجرى خلال المؤتمر، إطلاع الرأي العام اللبناني والعربي على حيثيات أوضاع المعتقلين ظلماً جراء الهجوم المسلح الذي شنه عليهم عشرات العناصر التابعة لـ»حزب الله» المدججين بشتى أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في خلدة.
وعرض محامُو الدفاع خلال المؤتمر المسار الذي سلكه التحقيق في أحداث خلدة والمعطيات التي استند إليها القرار الظني، مُوضحين أنّه «لم يتمّ حتّى الساعة توقيف أيّ أحد من المعتدين على المنطقة التابعين لـ»حزب الله».
وأسهب المحامون في كشف مسار التحقيق، فأكدوا انحياز القضاء الكلي والتام للطرف المهاجم، وأماطوا اللثام عن أعمال التعذيب الجسدي الوحشي الذي يتعرض له المعتقلون من أبناء العشائر، ومنهم القاصرون والأبرياء الذين لم يكونوا في المنطقة خلال تشيع المدعو علي شبلي المقتول ثأراً بسبب قتل الطفل حسن غصن قبل نحو سنة وثلاثة أشهر.
وأكّد المحامون ان «القرار الظني الذي أصدره القاضي فادي صوان، ليس نهاية المعركة، بل هو بداية المواجهة القانونية والحقوقية والعدلية، ولن يموت حق وراء مطالب».
على الصعيد القضائي، تقدم وكلاء الضحايا الاجانب في انفجار المرفأ المحامون مازن حطيط وفاروق المغربي وطارق الحجار امام الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله بطلب فصل ملف رد القاضي طارق البيطار عن ملف رد القاضي نسيب إيليا.
645104 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 713 إصابة جديدة بفايروس كورونا، ما رفع عدد الإصابات الإجمالية منذ انتشار الوباء في البلاد حتى اليوم إلى 645104 حالة» كما تمّ تسجيل 6 وفيات جديدة.
******************************************
عقوبات أميركية ثلاثية الأبعاد تطال سياسيين ورجال أعمال وقضاة
الاتصالات مع صندوق النقد مستمرة… ووفد يزور بيروت في الأيام المقبلة؟
مصرف لبنان يتدخل على العرض والطلب لضبط سعر صرف الدولار – المحلل الاقتصادي
تُصنّف العقوبات الإقتصادية في خانة الأدوات التي تمتلكها الديبلوماسية بهدف تطويع القرار السياسي لبلد مُعيّن. وتُعتبر هذه الأداة أداة «حادّة» تمتلكها حكومة البلد الذي يفرض العقوبات لفرض واقع لا يُمكن تغييره في السياسة أو حتى في الحرب. هذا المفهوم هو مفهوم قديم تعود منابعه إلى العام 432 قبل الميلاد، حين قام الإغريقيون بفرض عقوبات تجارية على ميغارا بهدف دفع الميغاريين إلى تعديل سلوكهم التجاري والسياسي تجاه إغريقيا. ويٌخبرنا التاريخ أنه منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، حصل العديد من الحصارات الاقتصادية للأعداء والخصوم لاجبارهم على تغيير سلوكهم السياسي أو الاجتماعي.
هذا وشكّل تاريخ 11 أيلول 2001 نقطة تحوّل في مفهوم العقوبات مع إعتماد الأميركيين لإستراتيجية جديدة في فرض العقوبات وذلك عبر إستهداف منظّمات، وأفراد، وشركات مباشرة من خلال تجميد الأصول التابعة لهم وحظر سفرهم وحظر شرائهم الأسلحة. وسُمّيت هذه الإستراتيجية بـ «العقوبات الذكية» بحكم أنها تستهدف الأفراد والمؤسسات دون أن تطال كل الشعب. وإستطاعت الولايات المُتحدة الأميركية فرض تطبيق إجراءاتها على مُعظم دول العالم مُستعينة بإقتصاد يُشكل أكثر من ربع إقتصاد العالم.
العقوبات الأميركية على أفراد ومنظّمات في لبنان بدأت مع إقرار الكونغرس الأميركي قانون في العام 2015، إلتزم به لبنان وطبّقه في أيار العام 2016، بالإضافة إلى قانون ماغنتسكي العالمي والذي أقرّ أيضًا على أيام الرئيس الأميركي أوباما ويطال كل فرد مُتهم بالفساد أو بخرق حقوق الإنسان في بلده. وإستخدمت الإدارة الأميركية هذه القوانين لفرض عقوبات على مسؤولين ورجال أعمال لبنانيين بدءًا من العام 2017 مع فرض عقوبات على 90 فردًا وكيانًا لبنانيًا بالإضافة إلى النواب: أمين شري ومحمد رعد في تموز 2019، وعلي حسن خليل في أيلول 2020، وجبران باسيل في تشرين الثاني 2020، وجميل السيد في تشرين الأول 2021، والوزير السابق يوسف فنيانوس في أيلول 2020، ورجال الأعمال جهاد العرب وداني خوري في تشرين الأول 2021.
وكانت الخارجية الأميركية قد أعلنت في وقت سابق من هذا العام، أن الولايات المُتحدة الأميركية ستستهدف سياسيين يقوّضون تشكيل الحكومة بالإضافة إلى رجال أعمال مُتهمين بالفساد. وما العقوبات الأخيرة التي فرضتها إلا تنفيذًا لما كانت قد صرّحته مُسبقًا.
لكن الملفت في تحليل تطورات هذه الإستراتيجية أنها أصبحت تتمحور حول ثلاثة أبعاد: سياسي بحت، ويطال سياسيين من المسؤولين الحاليين أو السابقين، وإقتصادي مالي، يطال رجال أعمال تتهمهم واشنطن بالفساد، وقضائي، يطال قضاة مع التحرّي الذي تقوم به السلطات الفرنسية بناءً على طلب أميركي حول قضاة مُتهمين بالفساد. وهذا يعني أن الإدارة الأميركية ومعها الإتحاد الأوروبي بدأت في عملية تفكيك للنظام اللبناني القائم على الفساد عبر ضرب أعمدته أي الأداة والغطاء.
وتُشير مصادر مُطلعة إلى أن هناك عشرات الأسماء المُستهدفة خصوصًا من بيئة الأعمال التي تتهمها واشنطن بأنها قامت بعمليات فساد من خلال الإستفادة من المال العام والقيام بعمليات تهريب أو فساد في الصفقات العمومية. وتقول المصادر أن عجز القضاء اللبناني عن المحاسبة لن يمرّ مرور الكرام وأن المحاسبة ستأتي من الخارج إذا لم تتمّ داخليًا. وتعتبر واشنطن أن الأداة الأساسية للفساد في لبنان تتمثّل في بيئة قوامها رجال أعمال (عددهم لا يتخطّى المئة شخص) يُنفّذون عمليات فساد تخالف دقائق قانون ماغنتسكي ويتم تغطيتها من قبل أصحاب نفوذ (سياسيين وقضاة).
بين العقوبات الأميركية والتصعيد السعودي
مصدر نيابي مُعارض يقول لجريدة «الديار» أن التصعيد السعودي لا يُمكن فصله عن العقوبات الأميركية، لا بل على العكس يجب ربط التطورين مع بعضهما البعض. ويُشير المصدر أن الأميركيين والسعوديين يستهدفون حزب الله في مواجهة أصبحت مفتوحة ومكشوفة من خلال إستهداف العقوبات الأميركية لكل من تعاون أو يتعاون مع حزب الله ومن خلال ضغط سعودي رسمي يهدف إلى إظهار الحزب على أنه المُشكلة الأساسية لما يعيشه لبنان.
ويُضيف المصدر إلى أن الضغط كثيرًا على لبنان قد يُعطي نتائج مُعاكسة لما يريده الأميركيون والسعوديون، لذا يتوقع المصدر أن يكون هناك سقف للإجراءات المُتخذة من قبلهما على أن تكون العقوبات الأميركية على شخصيات لبنانية هو العنوان البارز في المرحلة المُقبلة في مقابل لجم للتصعيد السعودي.
وفي قراءة إستراتيجية لهذه التطورات، يرى المصدر أن لبنان أصبح ورقة تفاوض على طاولة المفاوضات الأميركية – الإيرانية وهو ما سيجعل لبنان يعيش مرحلة من الغموض المطبق حتى الإنتخابات النيابية المُقبلة.
الشللّ الحكومي
الشلّل الحكومي الناتج عن تحقيقات جريمة المرفأ أصبح يُلقي بثقله على الواقع الإقتصادي والمعيشي للمواطن. وزاد الطين بلّة الأزمة الناتجة عن تصريحات الوزير جورج قرداحي حيث أصبح الشلّل الحكومي رهينة بقاء كلٌ من القاضي بيطار والوزير قرداحي في منصبهما، وهو ما دفع العديد للحديث عن حل ينص بـ»قبع» القاضي بيطار من منصبه كمحقق عدلي مقابل إقالة أو إستقالة قرداحي. إلا أن المُعطيات تُشير إلى أن هذه المعادلة أصعب من أن يتمّ تطبيقها بهذه السهولة بعد التصريحات الأميركية والأوروبية حول عدم المسّ بالقاضي البيطار وهو ما يُمكن إعتباره تلويح بعقوبات على كل من يمس بالقاضي. ويعتقد أحد الوزراء السابقين في حديث في جلسة خاصة، أن إستقالة قرداحي كانت لتحصل اليوم قبل الغد لو أن هذه المقايضة كانت مُمكنة. وبالتالي فإن الشلّل الحكومي سيستمر إلى حين إيجاد مخرج لهذه الأزمة مما يعني مواجهة بين الرئيس ميقاتي وداعمي الوزير قرداحي خصوصًا بعد جرعة الدعم التي تلقاها الرئيس ميقاتي من الشخصيات التي قابلها في قمة غلاسكو والتي تمّ ترجمتها في تصريح «عالي النبرة» لميقاتي بعد لقائه الرئيس عون حيث قال «من يريد التعطيل فمكانه ليس في مجلس الوزراء» في مقابل رفض قرداحي الإستقالة.
بعض الأوساط تُشير إلى أن الميقاتي يستفيد من الوقت بحكم أن الإستقالة الآن تضر بمصالحه الإنتخابية والخضوع لشروط الحزب ورئيس الجمهورية يُعرّض مصالحه الخارجية للخطر. من هذا المنطلق، تتوقّع الأوساط أن يكون المسار القادم هو مسار تصعيدي مع إستمرار شلل الحكومة وهو ما سيُلقي بتداعياته على الشق المعيشي.
الوضع المعيشي
الواقع السياسي المتأزم والشلّل الحكومي زاد من معاناة اللبنانيين الذين أصبحوا يعيشون على وتيرة الأنباء السيئة اليومية من فقدان المازوت لتأمين الخدمات العامة من إتصالات وكهرباء، إلى أرتفاع أسعار الخبز والمحروقات، مرورًا بإرتفاع أسعار السرفيس وإرتفاع أسعار المحروقات… هذا الواقع المأزوم أصبح الرفيق اليومي للمواطن اللبناني الذي – وعلى غرار ما ينص عليه علم الإجتماع – تأقلم مع هذا الواقع وأصبح همّه الأول الحصول على لقمة عيش وقليل من الكهرباء والمازوت والغاز.
التردّي الإجتماعي هذا سيأخذ منحًا تصاعديًا في الأيام المُقبلة خصوصًا أن الدولار الأميركي مُرشّح إلى الإرتفاع في السوق السوداء إذا ما إرتفعت وتيرة الإجراءات الخليجية ضد لبنان. وإذا ما حافظ الدولار على مستوياته بين 20 ألف ليرة و21 ألف ليرة للدولار الواحد، فالفضل يعود بحسب مرجع إقتصادي إلى إرتفاع عرض الدولارات على منصة صيرفة وسحب السيولة بالليرة اللبنانية من السوق. وبالتالي يطرح المرجع السؤال عن قدرة مصرف لبنان على الإستمرار في هذه العملية خصوصًا إذا ما كانت الأفق مسدودة أقّله حتى الإنتخابات النيابية المُقبلة.
المفاوضات مع صندوق النقد
في هذا الوقت تستمر الإتصالات بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي من باب وزارة المال ومصرف لبنان حيث أن الإجتماعات التحضيرية تتوالى مع إرسال الحكومة اللبنانية لأجوبة ومستندات بناءً على طلب فريق صندوق النقد الدولي. وبحسب التصريحات الرسمية من المتوقع أن يحضر إلى بيروت وفد من صندوق النقد الدولي خلال الأيام المقبلة لبدء عملية التفاوض على برنامج الحكومة الإصلاحي والذي يُشكّل حجر زاوية في عملية الإقتراض من صندوق النقد الدولي. وبحسب مصادر مصرفية، هناك الكثير من العقبات أمام هذه المفاوضات من قانون الكابيتال كونترول إلى قطاع الكهرباء مرورًا بوقف عمليات التهريب وكلها ملفات تُشكّل إنقسامًا واضحًا بين القوى السياسية في المجلس النيابي.
وبحسب مصادر حكومية، فإن الحكومة ستقوم بما هو مطلوب منها وليتحمّل كل فريق سياسي مسؤولياته الوطنية وليُحاسب الناخب هذه القوى في الإنتخابات النيابية المُقبلة
******************************************
صمت رئاسي .. وأميركا تلبّي طلبات الجيش
على حبل «تحكيم الوزير جورج قرداحي ضميره» بات مصير حل الازمة الديبلوماسية الناشبة مع دول الخليج معلقاً، كما هو معَلَق قرار استقالته بيد حزب الله. حتى الساعة لا حلول ولا مخارج للأزمة وكل الاقتراحات تصطدم بجدار تصلّب الحزب من دون تقديم البديل، فيما تُرمى في سوق التداول الاعلامي سيناريوهات معادلات كارثية على غرار «البيطار مقابل قرداحي». عقم شامل وسط تضاؤل الامال الى حد الانعدام ببلوغ نهاية نفق الازمة المستجدة قريبا، فيما البلاد تتحرج نحو المزيد من الانهيارات.
لا علاجات
لا تزال الازمات المحلية الكثيرة اقتصاديا وديبلوماسية وحكوميا من دون علاجات. وغداة جولة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على كل من رئيسي الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، لم يُسجّل اي حراك علني ولا اي بوادر حلحلة في اي من الملفات، بل على العكس، يبدو حزب الله على تشدده وتصلّبه خاصة في ما يخص اطاحة المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار والتمسك بوزير الاعلام جورج قرداحي.
حفظ ماء الوجه
وفي انتظار ما سيقوله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في هذه القضايا، حيث يتحدث في «يوم شهيد حزب الله»، الخميس المقبل في الثالثة عصراً، ووسط صمت مطبق يلتزمه الرئيس نبيه بري ونوابه ازاء الازمة الخليجية، قالت مصادر قريبة من عين التينة ان الرئيس بري قدم مبادرة تلقفها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وسوقها الا ان ابواب بعبدا اوصدت في وجهها، فما جدوى اطلاق مبادرات جديدة ما دام مصيرها الحتمي على هذا النحو؟
وفي المعلومات عن المخارج المتداولة، انه تم طرح امكان عقد جلسة لمجلس الوزراء، يغيب عنها وزراء حزب الله ويحضرها وزراء حركة امل يصار في خلالها الى اقالة الوزير جورج قرداحي ، الا ان الاقتراح سقط، فيما يجري البحث عن مخرج يحفظ ماء وجه حزب الله . وليس بعيدا ادرجت مصادر مطلعة على الحراك الداخلي قضية الكف الموقت ليد القاضي بيطار في اطار ترطيب الاجواء ليس الا، كاشفة عن فتح قنوات تواصل بين الرئيس نجيب ميقاتي وحزب الله عبر النائب علي حسن خليل.
دعم الحكومة
الى ذلك، تبلغ ميقاتي خلال اجتماعه في السراي مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان يوانا فرونتسكا، التي زارت بكركي ايضا، كل الدعم لحكومته وتشجيعها على المضي بالاصلاحات المطلوبة.
في الاثناء، شدد النائب نقولا نحاس على ان «التعقيدات السياسية كبيرة والمساعي مستمرة للجم التصعيد مع دول الخليج»، معتبرا ان «الامر يحتاج الى مسار واضح ومتكامل لإعادة بناء الثقة والخطوة الأولى تبدأ بتحكيم الوزير قرداحي ضميره».
وقال في حديث إذاعي: «أما في حال لم يقدم قرداحي على الاستقالة فيترك للرؤساء الثلاثة تحديد الخيارات الواجب اتخاذها». وأسف «للتعقيدات السياسية التي تنعكس سلباً على مصير المشاريع المطروحة على طاولة النقاش». ورأى أن «قبل الاقدام على اتخاذ الخيارات الحاسمة، المطلوب عمل جدي فلا يجوز بأي شكل من الاشكال أن يدفع الناس ثمن الخلافات السياسية».
فصل ملفات
قضائيا، تقدم وكلاء الضحايا الاجانب في انفجار المرفأ المحامون مازن حطيط وفاروق المغربي وطارق الحجار امام الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله بطلب فصل ملف رد القاضي طارق البيطار عن ملف رد القاضي نسيب إيليا.
الى ذلك، اعتبر وكيل الوزير السابق يوسف فنيانوس المحامي طوني فرنجيه ان «القانون اعطى المدعى عليه حق الدفاع عن نفسه، وهو حق مقدّس». وأشار في حديث تلفزيوني الى انه طلب ردّ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار على أساس الإستنسابية وعدم الحياد ومخالفة القانون. ولفت فرنجيه الى ان «القاضي البيطار متحيّز عاطفيًا مع أهالي الضحايا»، مشددا على انه «يجب على القاضي أن يكون متجرّدًا من كل هذه الأمور». وقال «عندما أجد أن القاضي يخطئ أو ينحرف عن مسار القانون سأطلب رده». وكشف ان « 23 موقوفا في ملف المرفأ، لم يتحدّث أي منهم عن اي علاقة لحزب الله بالنيترات». ورأى ان «هذا الملف سُخرت اليه مئات الاف الدولارات، من اعلام وغيره..».
القانون نافذ
على صعيد آخر، اعلنت رئاسة الجمهورية ان «قانون تعديل قانون الانتخاب بات نافذاً حكماً بعد رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إصداره وعدم توقيعه لعدم أخذ مجلس النواب بملاحظاته حول المخالفات الدستورية والقانونية التي شابته». صدر في ملحق العدد 43 من الجريدة الرسمية القانون النافذ حكماً الرقم 8 الصادر بتاريخ 3-11-2021 القاضي بتعديل بعض مواد القانون الرقم 44 تاريخ 17-6-2017 المتعلق بانتخاب اعضاء مجلس النواب. ولم يقترن تعديل القانون بتوقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي سبق ان ردّه الى مجلس النواب طالباً إعادة النظر فيه لوجود مخالفات دستورية وقانونية فيه تم ادراجها بالتفصيل في الكتاب الذي ارسله الرئيس عون الى مجلس النواب قبل اسبوعين. وجاء اعتبار القانون نافذاً حكماً ووجب نشره استناداً الى المادة 57 من الدستور، وذلك بعد عدم اصداره من رئيس الجمهورية نظراً لعدم اخذ مجلس النواب بالملاحظات عن المخالفات التي ابداها الرئيس عون وطلب في حينه اعادة النظر فيها.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :