حملة سعوديّة على ميقاتي ووزرائه... وحزب الله يصف إجراءات الرياض بـ"العدوان"
المطلوب رأس الحكومة
تريد السعودية رأس حكومة نجيب ميقاتي. حتى موعد الانتخابات، لا يبدو أن الرياض في وارد التخفيف من حربها الدونكيشوتية لـ"القضاء" على حزب الله، مع استعدادها لرفع سقف الضغوط، واستهداف مزيد من الوزراء في الحكومة الميقاتية. فبعد وزيري الإعلام والخارجية، أشارت تسريبات إلى امتلاك الرياض تسجيلات لوزير آخر في الحكومة يهاجم فيها السعودية والخليج
لم يحمل الرئيس نجيب ميقاتي من قمة المناخ سوى مزيد من الإرباك. الغربيون أجمعوا على دعم بقاء حكومته. لكن أحداً لم يعد رئيس الحكومة بالضغط على الرياض لتغيير موقفها من لبنان. فيما أخذت الضغوط السعودية بعداً جديداً بالهجوم على وزراء في الحكومة، يتقدمهم وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، مع تسريبات عن امتلاك السعوديين تسجيلات صوتية لوزراء آخرين يهاجمون فيها المملكة ودول الخليج. وأكّدت هذا التوجه تغريدة للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، من الرياض، قال فيها: "الأزمة تكمُن تحديداً في أن القديم يُحتضَر والجديد لم يولد بعد"، مضيفاً بما يُشبِه التهديد بأنه "في ظل هذا الفراغ، يظهر قدر هائل من الأعراض المرضية". وأوضحت مصادر على اتصال بالرياض أن السعودية في وارد مزيد من الضغوط التي ستتزايد مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية التي تنتظر منها نتائج تقلب المشهد على مستوى إدارة السلطة في لبنان.
وتجزم مصادر معنية بأن السعودية "تتحدث بصراحة أكثر من أنصارها" في لبنان. وهي تقول بوضوح إن "المطلوب هو رأس الحكومة مجتمعة لا استقالة وزير بعينه". وتشير المصادر إلى "التسريبات التي خرجت للتصويب على وزير الخارجية هدفت إلى التأكيد أن كل حكومة ميقاتي خاضعة لحزب الله ويجب مقاطعتها". وتعزز هذه القناعة معلومات عن "تسجيلات ستطال وزيراً آخر في الحكومة"، وإشاعات عن وجود "ملفات خاصة بوزراء آخرين"، بالإضافة إلى تهديدات يومية بفرض عقوبات جديدة على لبنان. وقد لوحظ في الأيام القليلة الماضية، توقف السفارة السعودية في بيروت عن منح تأشيرات لطالبي السفر إليها من اللبنانيين، وبث إشاعات بين أبناء الجالية اللبنانية في المملكة عن احتمال إلغاء إقامات أو منع التحويلات المالية إلى لبنان وغيره من العناوين بالتزامن مع حملة تعبئة يشارك فيها كل الإعلام السعودي. وفي بيروت، يكثر الكلام عن احتمال أن تطلب الرياض من نادي رؤساء الحكومات السابقين ممارسة ضغط على ميقاتي لدفعه إلى الاستقالة.
ميقاتي الذي يتحدث عن تعرضه لضغوط مباشرة من أوساط لبنانية قريبة من السعودية، يشير ضمناً إلى عدم رغبته في دخول مواجهة تنعكس سلباً على موقعه كممثل للطائفة السنية في لبنان. وهو قال لمتصلين به إنه لا يزال يرى ضرورة لاستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، وأبلغ الموقف نفسه إلى قرداحي الذي أكّد لرئيس الحكومة أن السعودية تريد ما هو أبعد من هذه الخطوة، وأن ما من ضمانة بأن الاستقالة ستقفل الباب أمام مزيد من الضغوط، وأنه مستعد لأي خطوة ضمن سياق عام وليس استجابة لضغط سياسي فقط. علماً أن رئيس الحكومة نفسه "مصدوم" لرفض أي مسؤول سعودي التواصل معه شخصياً أو هاتفياً. وهو تلقى رسائل سعودية سلبية تجاهه شخصياً. ويبدو أنه حتى "رحلة العمرة" التي كان يحضّر لها بالتعاون مع الفرنسيين، قد تتعرض للعرقلة أو تنحصر في أداء المناسك، من دون عقد أي اجتماع معه.
ومع عودته إلى بيروت، يبدو ميقاتي مصراً على خطوة أولى من جانب الشركاء في الحكومة تتمثل في استقالة قرداحي بما يسمح له بفتح باب المقايضة، وهي خطوة يبدو أنه لا يوجد في لبنان من يدعمها سوى أنصار الرياض. فيما الحل، برأي الرئيس ميشال عون، يتمثل بدعوة الحكومة إلى الانعقاد لمناقشة الأمر ضمن استراتيجية بناء علاقات واضحة مع كل الدول العربية والصديقة. إلا أن رئيس الحكومة لا يرغب في مواجهة في مجلس الوزراء قد تؤدي إلى إطاحة الحكومة. ومع تأكيده أنه لمس عدم ممانعة الرئيس عون لاستقالة وزير الإعلام، إلا أنه يلفت إلى أن هناك كتلة وازنة في الحكومة (حزب الله وحركة أمل وتيار المردة والنائب طلال إرسلان) لن توافق على الاستقالة قبل الحصول على ضمانات مسبقة بأنها ستفتح الباب أمام معالجة الأزمة، يسأل ما إذا كان في إمكان الحكومة الاجتماع "بحضور الجميع"، بعد قرار حركة أمل وحزب الله الامتناع عن حضور جلسات الحكومة إثر كمين الطيونة، ورفضهما المشاركة في الخلية الوزارية التي شُكلت بعد اندلاع الأزمة مع السعودية. علماً أن معلومات تحدثت عن موافقة الثنائي على المشاركة "في حال حُصِر النقاش بملف الأزمة مع الخليج".
إلى ذلك، وصف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ما تقوم به السعودية تجاه لبنان بـ"العدوان"، مطالباً الرياض بـ"الاعتذار من لبنان (...). يعملون بطريقة خاطئة لأن أحداً لا يستطيع ليّ ذراع حزب الله والشعب اللبناني، ولبنان ليس مكسر عصا، ولا نقبل أن تتدخّل السعودية بالحكومة". وعزا انزعاج الرياض إلى أنها "لم تستطع الهيمنة على القرار السياسي في لبنان، رغم الأموال التي دفعتها لأتباعها في البلد"، كما أنها "لم تعد تحتمل خسائرها في المنطقة (...)، وتوقيت العدوان على لبنان له علاقة بمأرب وبالخسارة المدوّية في اليمن". وشدّد على أن "القوات اللبنانية نفّذت كمين الطيونة نيابة عن أميركا والسعودية، بهدف محاصرة حزب الله عبر محاولة إشعال الفتنة".
***********************************
لا إقالة ولا استقالة ولا مجلس وزراء!
لا يزال السباق على أشدّه بين محاولات بعض السلطة والحكومة في لبنان وضع حدّ لعاصفة الإجراءات السعودية والخليجية في حق لبنان، والمضي في هذه الإجراءات بلا هوادة، ما دامت المواقف الرسمية اللبنانية لا تتجاوز حدوداً كلامية، ولا ترقى إلى مصاف الاجراء البديهي الذي تطالب عبره ال#دول الخليجية باستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي كنقطة انطلاق أولية لبدء معالجة الأزمة.
ومن المقرر ان يزور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي عاد من لندن مساء أمس، صباح اليوم رئيس الجمهورية ميشال عون ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري للبحث عن صيغة حل للأزمة الديبلوماسية التي نشأت مع المملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج.
ويبدو ان مطلب عقد جلسة لمجلس الوزراء لا يزال يصطدم برفض الوزراء الشيعة ومعهم الفريق الوزاري المتضامن مع وزير الاعلام جورج قرداحي، علما ان عقد جلسة لمجلس الوزراء هو مطلب رئيس الجمهورية، الا ان رئيس الحكومة غير متحمّس للدعوة انطلاقاً من عدم وجود اتفاق مسبق مما قد يسرّع في انفجار الحكومة من الداخل كما يخشى ميقاتي.
وسيزور ميقاتي رئيس مجلس النواب بعد بعبدا للبحث معه في حل لمسألتين: اعادة تفعيل عمل مجلس الوزراء بفصل التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت عن عمل السلطة التنفيذية، وصيغة المعالجة الممكنة لقضية وزير الاعلام جورج قرداحي الذي طالب باستقالته اولاً كمفتاح للحل كل من دخل على خط الوساطة لوقف الاجراءات الخليجية بحق لبنان.
ولكن وفق المعطيات الثابتة حتى البارحة، فإن الإقالة غير ممكنة، والاستقالة لم يقتنع بها بعد وزير الاعلام الذي يطالب بضمانات بأن الأزمة ستتوقف مع استقالته. كما ان الفريق الوزاري المتضامن معه يعتبر “ان معالجة مثل هذه المسألة لا تقتصر على الحكومة ولا تحل بجلسة لمجلس الوزراء، ولن تكون بالفرض ولا بالاستصغار. وهذه المسألة المستجدة لن تعطّل المطالبة المستمرة بمعالجة الخلل في مسار التحقيق العدلي في جريمة المرفأ”.
وتبعا لهذه المعطيات فحتى الآن كل الرسائل الايجابية التي صدرت عن المسؤولين اللبنانيين في اتجاه المملكة والعربية السعودية تقابل بصمت. حتى التسجيلات الصوتية المسربة لوزير الخارجية عبدالله بو حبيب لم يصدر عليها ردود فعل واعتبرها الجانب اللبناني بأنها تدخل في اطار حرية الرأي والتعبير ولا تمسّ أحدا.
#بوحبيب… مجددا
ومع ذلك حرص رئيس الجمهورية بعد استقباله عصر امس الوزير بو حبيب على تحميله موقفاً لاعلانه بشكل رسمي من منبر بعبدا، فنقل عنه بوحبيب “ان موقف لبنان واحد حيال ضرورة قيام افضل العلاقات مع السعودية وسائر دول الخليج والدول العربية”. وقال وزير الخارجية: “لا يجوز تأثر العلاقات باي مواقف فردية ووجهة نظر الدولة اللبنانية محددة في ما يصدر عن أركانها وفي البيان الوزاري للحكومة”، مؤكداً ان “اي إشكالية بين دولتين شقيقتين مثل لبنان والسعودية
لا بد ان تحل بالحوار والتنسيق وفق ميثاق جامعة الدول العربية.”
وأعلن بو حبيب “أن لبنان يتطلع إلى اشقائه العرب كي يكونوا إلى جانبه في ظروف الصعبة، واي تباعد عنه ستكون له انعكاسات سلبية تؤذي التضامن والتعاون بين الاشقاء”. وشدد على “ان لبنان ما كان يوما الا نصير الدول العربية الشقيقة كلها ولم يكن في يوم من الأيام ولن يكون معبرا للإساءة إلى أي دولة”.
وتحدثت مصادر سياسية مطلعة عن دلالات معبرة للفوارق اللافتة التي ظهرت بين نبرة وزير الخارجية المتشددة اول من أمس في حديثه لوكالة رويترز والنبرة المهدئة والمرنة التي طبعت تصريحه أمس عقب لقائه رئيس الجمهورية اذ يعكس البيان الذي تلاه بعد اللقاء انزعاج رئيس الجمهورية وقلقه من تمادي الأزمة مع الدول الخليجية وبدء مرحلة جديدة من المقاربات سعيا إلى احتواء الداعيات والأضرار البالغة التي لحقت بلبنان واللبنانيين وستلحق بهم بعد جراء هذه الأزمة ما لم يسارع لبنان إلى محاولة وضع حد سريع لها.
وكانت المعلومات الرسمية لبعبدا أوضحت ان الرئيس عون تابع هذا الملف من خلال سلسلة اتصالات لمعالجة الأوضاع التي نشأت عن قرار عدد من دول الخليج سحب سفرائها من لبنان والطلب إلى السفراء اللبنانيين لديها مغادرة أراضيها، ورصد ردود الفعل الغربية والدولية ودرس السبل الايلة لمعالجة الوضع المستجد، لا سيما في ضوء اللقاءات التي عقدها الرئيس ميقاتي مع عدد من القادة العرب والأجانب على هامش “مؤتمر المناخ” في غلاسكو واطلع الرئيس عون على التقارير الواردة من البعثات الديبلوماسية اللبنانية في الخارج التي تناولت أوضاع اللبنانيين في عدد من الدول الخليجية.
مواقف خارجية
في هذا السياق وعلى خط الاتصالات الدولية لتهدئة الأزمة الناشئة، التقى وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، على هامش المؤتمر حول المناخ في غلاسكو، نظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان. وجاء في بيان للخارجية الأميركية، أن الوزيرين بحثا التطورات في لبنان وسوريا. في المقابل، اكدت الخارجية الأميركية أن” حزب الله يهتمّ بمصالح إيران أكثر من اهتمامه بمصالح اللبنانيين، متهمة الحزب بأنه أحد الاسباب الرئيسة لتفاقم أزمات لبنان”.
وأعربت الولايات المتحدة، لاحقا عن أملها في أن تستعيد المملكة العربية السعودية وحلفاؤها من الدول الخليجية العلاقات مع لبنان، فيما عبَّرت عن تفهمها لمخاوف الرياض. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: “نعتقد أنّ العلاقات الديبلوماسية، قنوات الاتصال بين لبنان وشركائه، يجب أن تبقى مفتوحة”.
وفي المقابل غرّد السفير السعودي في لبنان وليد بخاري في تصريح على حسابه الخاص عبر “تويتر” وكتب: “تَكْمُنُ الأزمة تحديدًا في أنَّ القديمَ يُحْتَضَرُ وَالجديدَ لم يُولدْ بعد.. وَفي ظلِّ هذا الفراغِ يظْهَرُ قَدرٌ هائلٌ من الأعْراضِ المَرَضِيَّة…! المُفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي”.
في المقابل نقلت رويترز عن مسؤول إيراني كبير مقرب من مكتب الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي أن تحرك الرياض يظهر أن السعوديين “يخسرون أمام إيران على الجبهة الديبلوماسية ويحتاجون إلى بعض النفوذ “. واعتبر المسؤول الإيراني انه بينما أظهرت الأزمة أن السعودية قادرة على “عزل لبنان” فإنها لن تكون قادرة على عزل “حزب الله”.
المطارنة الموارنة
وفي المواقف الداخلية البارزة دعا المطارنة الموارنة إثر اجتماعهم الشهري في بكركي برئاسة البطريرك بشارة بطرس الراعي “المسؤولين في الدولة إلى الاسراع في ترميم العلاقات مع دول الخليج، وإزالة أسبابها، وعودة حركة التصدير والإستيراد معها”. وشددوا “على أن ظروف البلاد المأسوية كانت تقتضي أن تتألف حكومة في منأى عن التسييس، مهمتها الأساسية استجابة الشروط الدولية الموضوعة لمساعدة لبنان وإنه من المعيب حقا تحول التماسك الوزاري تعطيلا للسلطة الإجرائية وزيادة في شلل البلاد ونزيفها. وإن أبسط موجبات المسؤولية الوطنية الترفع عن الخلافات السياسية والإقبال على العمل الدؤوب تنفيذا للبيان الذي نالت الحكومة الثقة على أساسه”. وبينما تمسك المطارنة باجراء الانتخابات في مواعيدها، أبدوا “استياءهم وحزنهم البالغين أمام الأحداث المفاجئة والمستغربة التي كانت منطقة عين الرمانة – الطيونة مسرحا لها. وتقدموا بالتعازي من أهالي الضحايا والتمني بالشفاء العاجل للجرحى، وأكدوا أن خلاص البلاد الوحيد يكمن في تعزيز حضور الدولة الأمني والاجتماعي، وعملها على إحقاق الحقوق وسيادة العدالة، من خلال تحرير القضاء من التسييس والتطييف، وإطلاق يده في التحقيقات العائدة إلى تفجير مرفأ بيروت من جهة، وتلك العائدة إلى الأحداث المشار إليها، من جهة أخرى، بعيدا عن فوضى الإتهامات الشعبوية والإتهامات المقابلة لها، وعن امتهان الكرامات وتركيب الملفات في حق الذين يستدعون أو يساقون إلى التحقيق”.
***************************************************
مؤسّسات الدولة تتحلّل… وكرة “العصيان الوظيفي” تتدحرج
ميقاتي يحزم أمره: على قرداحي الاستقالة “بتهذيب”!
الكل بانتظار ما سيضعه الرئيس نجيب ميقاتي “على الطاولة” لحفظ ماء وجه السلطة وإعادة تعويم العهد وحكومته الأخيرة، فهل ينجح في محاولة إعادة تدوير الأزمات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حطام البلد أم أنّه سيحتفظ لنفسه بشرف المحاولة على قاعدة “أللهم فاشهد”؟ سؤال سيلقي بثقله على مجريات الساعات القليلة المقبلة ترقباً لما ستحمله المشاورات الرئاسية والسياسية من انبعاثات تصعيدية أو تبريدية على صفيح الأزمة الحكومية الساخنة.
ومن السراي الحكومي، يستأنف رئيس مجلس الوزراء أنشطته صباح اليوم وسط حرص دوائر السراي على حشد أوسع تغطية إعلامية لنشاط مرتقب عند الحادية عشرة ظهراً، قبل أن يشرع ميقاتي في جولة تشاورية مكوكية بين بعبدا وعين التينة لرسم خريطة حل شامل للخروج من المتاهة الحكومية انطلاقاً من حلّ عقدة استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي. إذ نقلت مصادر واسعة الإطلاع أنّ رئيس الحكومة “حزم أمره لناحية وجوب تعبيد الطريق باتجاه تقديم قرداحي استقالته “بتهذيب”، بمعنى تأمين إخراج معيّن للاستقالة يضعها ضمن قالب إيجابي هادف إلى إعلاء المصلحة الوطنية وإعادة التأكيد على حرص الحكومة وعزمها على تبديد كل ما من شأنه تعكير العلاقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي”.
ونقلت المصادر أنّ أجواء الرئاسة الأولى توحي بأنّ الرئيس ميشال عون متوافق مع رئيس الحكومة على ضرورة استقالة قرادحي، على أن يبقى التباحث بينهما اليوم في “السيناريوات المحتملة” لتقديم هذه الاستقالة، بالتشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري و”حزب الله” و”تيار المردة”، لا سيما وأنّ كل الأوساط العربية والدولية التي استفتاها لبنان في سبل حلحلة الأزمة مع السعودية ركّزت على استقالة قرداحي باعتبارها “نقطة البداية” في هذا الاتجاه.
وفي هذا السياق، كشفت المصادر أنّ “كل خيوط الوساطات، القطرية والأوروبية والأميركية، تقاطعت عند هذه النقطة بوصفها منطلقاً لا بد منه “لإعادة ترطيب الأجواء أولاً مع السعودية قبل الشروع في أي وساطة جدية ومنتجة معها، حتى الجانب الكويتي أكد للمسؤولين اللبنانيين الذين طلبوا مساعدته وجوب أن “تأخذ الحكومة اللبنانية المبادرة ومساعدة نفسها ليتمكن الآخرون من مساعدتها”. وبهذا المعنى ركزت الخارجية الأميركية أمس على ضرورة “إبقاء القنوات الديبلوماسية مفتوحة بين لبنان ودول الخليج”، مع التشديد في المقابل على أنّ “حزب الله أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم الأزمات اللبنانية”.
وتحت وطأة التصدعات المتزايدة على أرضية السلطة، تواصل الدولة مسيرة التحلّل والانحلال على وقع ارتفاع منسوب التآكل والاحتقان في المؤسسات والإدارات العامة، حيث ستبدأ كرة “العصيان الوظيفي” التدحرج اليوم انطلاقاً من دخول إدارات الدولة في شلل تام إيذاناً بتحركات تصعيدية متصاعدة تضع حبل الاضطرابات والإضرابات “على الجرار” بعد فشل الحكومة في تطويق تشعبات الأزمة وتداعياتها المعيشية والاجتماعية على موظفي القطاع العام.
وفي هذا السياق، أعلن موظفو الإدارة العامة الشروع في إضراب مفتوح بدءاً من اليوم بعدما تجاهلت السلطة “فقدان عائلاتهم أبسط مقومات العيش الكريم، بل العيش بأي شكل كان، بعد أن فقدت رواتبهم 95% من قدرتها الشرائية، فباتوا محرومين حتى الحد الأدنى من مقومات الحياة، الغذاء، الماء، الكهرباء، التعليم، الطبابة والاستشفاء والدواء”، مؤكدين المضي في الإضراب “إذا لم يبادر أوَلي القرار الى وضع حلول لمطالبنا”.
والشلل سينسحب كذلك على الجسم القضائي، مع دخول المساعدين القضائيين في إضراب مفتوح آخر ابتداءً من الإثنين المقبل سيتمّ خلاله “وقف العمل في الأقلام والدوائر كافة بسبب الظروف المعيشية الراهنة”، بعدما تبين لهم انسداد “أفق المعالجات إزاء الأوضاع الصعبة والكارثية”، وشددوا في بيان على أنّ التوقف عن العمل سيشمل “كافة الأعمال الإدارية والقلمية في كافة الأقلام والدوائر بشكل كامل، فضلاً عن ضبط محاضر الجلسات في المحاكم كافة بما فيها جلسات الموقوفين”.
***************************************************
انتقادات لبنانية لمقاربة السلطة للأزمة مع الخليج
لا تزال الأزمة مع دول الخليج تأخذ الحيز الأكبر والأساسي في لبنان، حيث تستمر فيه المواقف الرافضة لتصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي وتداعياتها، لا سيما مع إعلانه عدم نيته الاستقالة، وذلك بدعم من «حزب الله» الذي بات يتحكم بقراره، وصولاً إلى حد التهديد بإسقاط كل الحكومة عبر استقالة الوزراء المحسوبين على الحزب وحلفائه.
وضمن هذا السياق جاءت مطالبة المطارنة الموارنة يوم أمس بضرورة الإسراع في ترميم العلاقات مع دول الخليج وإزالة أسبابها، منتقدين تعطيل عمل الحكومة.
وفي بيان لهم إثر اجتماعهم الدوري برئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي، أكد المطارنة الموارنة «أن ظروف البلاد المأساوية كانت تقتضي أن تتألف حكومة بمنأى عن التسييس، مهمتها الأساسية استجابة الشروط الدولية الموضوعة لمساعدة لبنان، ولا سيما البدء بتنفيذ الإصلاحات على كل صعيد. إنه من المعيب حقاً تحوّل التماسك الوزاري تعطيلاً للسلطة الإجرائية وزيادة في شلل البلاد ونزيفها. وإن أبسط موجبات المسؤولية الوطنية الترفع عن الخلافات السياسية والإقبال على العمل الدؤوب تنفيذاً للبيان الذي نالت الحكومة الثقة على أساسه».
ودعا المطارنة «المسؤولين في الدولة إلى الإسراع في ترميم العلاقات مع دول الخليج، وإزالة أسبابها (الأزمة)، وعودة حركة التصدير والاستيراد معها».
وانتقد مسؤول الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور، مقاربة السلطة في لبنان للأزمة مع الخليج، مؤكداً أن الخطوة الأولى التي كان يفترض أن يقوم بها لبنان على الأقل كبادرة حسن نية هي استقالة قرداحي.
وقال جبور لـ«الشرق الأوسط»: «كان المطلوب من اللحظة الأولى، ولإظهار حسن النية والحرص على العلاقات العربية، دعوة صارمة لاستقالة قرداحي، وفي حال لم يستجب أن تلتئم الحكومة بمعزل عن انقسام مكوناتها لإقالة الوزير». وشدد على أن «المطلوب بإلحاح هو استقالة الوزير ومن ثم ألا يبقى لبنان منصة لاستهداف الدول الخليجية أو إطلاق المواقف السياسية (ضدها) أو إبقاء الحدود المفتوحة للمخدرات وللخلايا الأمنية التي تُدرّب في لبنان لاستهداف الدول الخليجية وغيرها».
ورأى جبور «أن الفريق السياسي في لبنان إما أنه يفتعل عن سابق تصوّر وتصميم أزمة من أجل عزل لبنان عن رئته الخارجية الأساسية أو أنه لا يستحق أن يكون في الموقع الموجود فيه»، مضيفاً أن «التعامل مع هذه الأزمة أظهر مرة جديدة أن الفريق الحاكم غير مؤهل ليكون في الموقع الذي تبوأه». ووصف ما يحصل بـ«الكارثة الكبرى حيث إن الفريق الحاكم لا يقدّر ماذا يعني قطع العلاقات الخارجية ومصلحة لبنان والشعب ولا يكترث لمستقبل لبنان ولا يدرك أهمية علاقات مع محيطه وما قدمته المملكة إلى لبنان سياسياً واقتصادياً وغيرها». وتابع: «إننا أمام واقع يستدعي انتفاضة وثورة والذهاب إلى تغيير السلطة».
وكتب النائب المستقيل ميشال معوض عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «وكأنها لم تكن تكفينا تصريحات جورج قرداحي لتأتي التسريبات الصادمة لعبد الله بو حبيب (وزير الخارجية)، لم يعد ينفع مع مثل هذه الحكومة استقالة وزير من هنا أو وزير من هناك وبات المطلوب استقالة أو إسقاط منظومة متكاملة لسلطة يديرها (حزب الله) وتتبنى سياساته العدائية ضد المصالح اللبنانية وتتسبب بعزلته».
من جهته، أكد المكتب السياسي لحزب الكتائب في اجتماعه الدوري أن «الأزمة التي اندلعت بين لبنان ودول الخليج ليست بنت لحظتها ولا تلخّص بكلام وزير الإعلام، بل هي نتيجة مسار من التنازلات والمساومات أقدمت عليها المنظومة وانتهت بالاستسلام التام لإرادة (حزب الله)، عبر انتخاب حليفه لرئاسة الجمهورية (الرئيس ميشال عون) وتغطية الحكومات المتعاقبة التي خضعت لإرادته، ومنحه مع حلفائه الأكثرية النيابية عبر قانون انتخاب فُصّل على هذا المقياس».
ورأى حزب «الكتائب» أن «حزب الله وبعدما سيطر على القرار السياسي في البلد، بدأ تنفيذ أجندته بعزله عن العالم وإبعاده عن أصدقائه وتغيير وجهه التاريخي، بهدف استخدامه ورقة تفاوض، فكيف لدولة تحترم سيادتها أن ترضى بوجود ميليشيا تخوض معارك خارج الحدود في سوريا واليمن وغيرها وتنشئ فروعاً مسلحة في دول العالم، لتحقيق مصالح راعيها الإقليمي إيران، فيما أهل البلد يهجرون وتتم ملاحقتهم في الدول التي لجأوا إليها».
ورفض حزب «الكتائب» ما وصفه بـ«منطق الرضوخ لمحاولة (حزب الله) إنجاز وضع اليد على الدولة»، ورأى أن «الحل الفوري لاستعادة لبنان من حكم الميليشيا وتواطؤ المافيا، هو بإعطاء الأولوية المطلقة لعملية الانتخابات، عبر حماية دولية تؤمن انتقالاً سلمياً للسلطة، فلا يكون تهرباً منها لا بالمماطلة ولا بالردود ولا بالطعون، وتقع على عاتق اللبنانيين، في لبنان والاغتراب، مسؤولية كبيرة لاختيار ممثلين وطنيين، سياديين، كفؤين وقادرين على تقديم بديل جدي، لبناء لبنان الجديد، ومن هنا يدعو المكتب السياسي جميع اللبنانيين المنتشرين في العالم، إلى التسجيل بكثافة لتأمين أكبر نسبة مشاركة تسمح بقلب المعادلات».
***************************************************
“الجمهورية”: إحياء الحكومة محور مشاورات رئاسية… الباب السعودي مقفل… والضغط الى تصاعد
حتى الآن، لم يستوعب الداخل اللبناني الصدمة السعودية التي قضت بإخراج لبنان من الحضن الخليجي، كما لم يتلمّس الممسكون بزمام الامور السبيل الذي يقودهم الى ردم الفجوة الكبيرة التي حُفِرت في جدار علاقة لبنان بالسعوديّة، وأسقطت هذا البلد في قطيعة أبعد من ديبلوماسية.
واذا كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد عاد من اسكتلندا مشحوناً بدعم دولي وحصانة لحكومته واستمرارها في تحمّل المسؤولية، فإن الاولوية في هذا المجال، كما تؤشّر الوقائع التي استجدت بعض التصعيد الديبلوماسي السعودي تجاه لبنان، هي لإعادة بعث الروح في الحكومة داخلياً واستنئناف انعقاد جلسات مجلس الوزراء التي تعطّلت لأسباب قضائية مرتبطة بالالتباسات التي أحاطت بالتحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت.
وعلمت “الجمهورية” في هذا السياق ان الرئيس نجيب ميقاتي، الذي عاد في وقت لاحق من ليل امس الى بيروت، سيزور اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عند العاشرة صباحا، كما يزور رئيس المجلس النيابي نبيه بري عند الحادية عشرة والنصف من قبل الظهر قبل ان يعود الى السرايا الحكومية.
وعشية اللقاءين، قالت مصادر بعبدا لـ”الجمهورية” ان عون ينتظر ان يستمع من ميقاتي الى عرض مفصّل لنتائج اللقاءات الواسعة التي اجراها في غلاسكو على هامش قمة المناخ، وتحديداً ما جرى من مشاورات وما رافقها من مقترحات متبادلة مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن وامير قطر تميم بن حمد آل ثاني ونظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح وعدد من نظرائه الاوروبيين وباقي المسؤولين العرب والغربيين، وما يمكن الافادة منه بحثاً عن المخارج الممكنة.
ليونة حول الجلسات
وبحسب معلومات “الجمهورية”، من مصادر موثوقة، فإنّ المستجدات الخليجية الأخيرة وارتداداتها السلبية على الداخل اللبناني، فرضت تعديلا في الأولويات الداخلية، بحيث ان هذه المستجدات وما رافقها من اجراءات عقابية سعودية وخليجية تجاه لبنان، فرضت نفسها بنداً أوّلاً في قائمة المتابعات الرسمية والسياسية الداخلية، تقدّم على كل الامور الأخرى، وجعل من اسباب تعطيل مجلس الوزراء ربطاً بالشكوك بأداء المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، امراً ثانوياً، قياساً مع الضغط الهائل الذي أرخته الاجراءات السعودية.
ولفتت المصادر الى ما سمّتها “ليونة مبدئية” لدى مختلف الاطراف حيال استئناف جلسات مجلس الوزراء”، وقالت لـ”الجمهورية”: اذا نجحت حركة الاتصالات الجارية على اكثر من صعيد فإنه من غير المستبعد ان يصار الى انعقاد جلسة للحكومة في غضون ايام قليلة، مشيرة الى “انّ هذا ما توحي به اجواء المراجع السياسية على اختلافها”. ونقلت عن احد المراجع قوله : “امام الضرورات تباح المحظورات”.
على ان الأساس في العمل الحكومي في هذه الفترة، يبقى في كيفية تجاوز أزمة تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي. وبحسب معلومات “الجمهورية” فإن هذه المسألة ما زالت معقّدة، والمشاورات حول هذا الامر جارية على اكثر من صعيد، الا انها لم تصل بعد الى المخرج الملائم.
وقالت مصادر وزاريّة لـ”الجمهورية”: لا بد من النظر الى الاثار البالغة السلبية على لبنان جراء الاجراءات الخليجية التي اتخذت، والتي يبدو انها ستأخذ مسارا تصاعديا ما لم تبادر الحكومة الى اتخاذ الموقف الملائم حيالها. مشيرة الى ان استقالة الوزير قرداحي من شأنها ان تشكل المخرج الذي قد يفتح باب الحوار مع السعودية لإعادة النظر في اجراءاتها، خصوصا ان الحكومة اعلنت انها لا تتبنى ما صدر عنه. ورئيس الحكومة عبّر عن قلق جدي من نتائج هذه الاجراءات على كل اللبنانيين، ومن هنا جاءت مطالبته لوزير الاعلام بأن يراعي المصلحة الوطنية، من دون ان تلقى هذه المطالبة اي استجابة من الوزير قرداحي.
ولفتت المصادر الى ان الوضع معقد لهذه الناحية، خصوصا ان الوزير اعلن انه ليس في وارد الاستقالة، اضافة الى ان تيار المردة وحلفاءه في الحكومة يرفضون هذا الامر، ويعارضون اي خطوة من شأنها ان تذهب برأس وزير الاعلام وحده، ومن دون ان تؤدي الى تعديل في الاجراءات السعودية او تراجع عنها.
وفي هذه الاجواء عبرت مراجع ديبلوماسية وسياسية عن قلقها من صعوبة التوصل الى اي صيغة تؤدي الى مخرج ما لإحياء البحث في الإجراءآت العقابية التي اتخذت وكيفية معالجة الموقف. وما يزيد من نسبة المخاوف حجم الشروط السعودية التي تتجاوز قدرة اللبنانيين على التأثير في تصرفات “حزب الله” وتوجهاته التي تشكل السبب الاساسي الذي دفع بالقيادة السعودية الى اتخاذ الاجرءات التي اعلن عنها، والتي تضامنت معها مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي، ولو لم تتدخل بعض المراجع الدولية لتوسعت وكانت اكثر قساوة وشمولية.
التصلب سيد الموقف
في هذا الوقت، كشفت مصادر ديبلوماسية عربيّة لـ”الجمهورية” أن الموقف السعودي من لبنان يَنحى في اتجاه تصاعدي، خصوصاً أنّ المملكة لم تلمس ايّ خطوة تعكس حسن نيّة الجانب اللبناني.
ولفتت المصادر الى فشل كل الوساطات التي جرت مع السعودية لتليين موقفها من لبنان، خصوصا ان الاسباب التي دفعتها الى اتخاذ هذا الموقف ما زالت قائمة، واكدت ان السعودية ترفض اي حوار مع الجانب اللبناني الذي يتحمل مسؤولية الاساءات المتتالية للمملكة من قبل “حزب الله”. ومن هنا ترجّح المصادر فشل اي مسعى جديد مع السعودية، في اشارة الى ما حُكي عن تحرّك سيقوم به وزير الخارجية القطرية.
وعكست المصادر الديبلوماسية استياء سعوديا من عدم مبادرة لبنان الى اتخاذ اي اجراء بحق وزير الاعلام وتصريحاته. وقالت: هذا الاجراء هو اقل ما يجب على الجانب اللبناني ان يقوم به.
وعما اذا كانت استقالة قرداحي ستؤدي الى الغاء الاجراءات السعودية والخليجية تجاه لبنان؟ قالت المصادر الديبلوماسيّة انها لا تملك ايّ معلومات حيال هذا الامر، الا انها اشارت الى ان لبنان في وضع صعب، وهو بحاجة الى كل اشقائه واصدقائه، وعليه واجب ان يقوم اولاً بما يعزز موقعه وحضوره مع اشقائه.
البخاري
وكانت لافتة في هذا السياق تغريدة اطلقها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، كتب فيها: “تَكْمُنُ الأزمةُ تحديدًا في أنَّ القديمَ يُحْتَضَرُ وَالجديدَ لم يُولدْ بعد… وَفي ظلِّ هذا الفراغِ يظْهَرُ قَدرٌ هائلٌ من الأعْراضِ المَرَضِيَّة..! المُفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي”.
تشاؤم اوروبي
بدورها، تخوّفت مصادر ديبلوماسية اوروبية مما سمّتها التطورات الاخيرة في لبنان، والتي تبعث على التشاؤم حيال مستقبل الوضع فيه اكثر من أي وقت مضى.
وقالت المصادر لـ”الجمهورية” انه من الضروري والملح بلوغ حل سريع للازمة الناشئة بين لبنان ودول الخليج، معربة عن تخوّفها من اشتداد هذه الأزمة اكثر، ودخولها مرحلة تعقيد اكبر في الايام المقبلة مع ما تحمله من سلبية كبرى على لبنان.
واشارت الى ان ثمة تفهّما للموقف السعودي، الا انها اكدت في المقابل ان استقرار لبنان يبقى اولوية بالنسبة الى المجتمع الدولي.
متابعة محلية
وقد حضر ملف الازمة بين لبنان ودول الخليج في اجتماع وزير الخارجيّة الأميركية أنتوني بلينكن ووزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان. ويأتي ذلك بالتزامن مع اتهام وزارة الخارجية الاميركية لـ”حزب الله” بأنه “يهتمّ بمصالح إيران أكثر من اهتمامه بمصالح اللبنانيين”، وانه “يشكل أحد الاسباب الرئيسة لتفاقم أزمات لبنان”.
اما محلياً، فقد اعلنت رئاسة الجمهورية ان الرئيس ميشال عون تابع مستجدات الازمة مع دول الخليج، واطلع على التقارير الواردة من البعثات الديبلوماسية اللبنانية في الخارج التي تناولت أوضاع اللبنانيين في عدد من الدول الخليجية، فيما نقل اليه وزير الخارجية عبدالله بو حبيب آخر ما استجد على هذا الصعيد.
وقال بو حبيب: انّ موقف لبنان واحد حيال ضرورة قيام أفضل العلاقات وعدم جواز تأثّر هذه العلاقات بأيّ مواقف فرديّة”، مضيفاً: “ان لبنان يعتبر أنّ أيّ إشكالية تقع مهما كان حجمها بين دولتين شقيقتين مثل لبنان والسعودية لا بدّ أن تُحلّ من خلال الحوار والتنسيق بروح من الأخوة، فكيف إذا كانت المشكلة صدرت عن شخص”. ولفت الى ان “ما حصل في الأيام الماضية يجب أن يقف عند حقّ تغليب المصلحة العربيّة المشتركة وعدم صبّ الزيت على النار، لا سيما أنّ لبنان لم يكن يوماً ولن يكون معبراً للإساءة إلى أيّ دولة”.
واكد أن “لبنان يتطلّع اليوم إلى أشقائه إلى الدول العربية عموماً ودول الخليج خصوصاً كي يكونوا إلى جانبه في الضائقة الاقتصادية التي يعيش فيها شعبه، وأيّ تباعد عنهم ستكون له انعكاسات سلبيّة”.
الصمت موقف
وفيما لوحظ استمرار رئيس المجلس النيابي الاعتصام بالصمت حيال التطورات الاخيرة، قالت مصادر مطلعة “ان هذا الصمت قد يكون موقفاً بحد ذاته”.
وكان بري قد ترأس امس اجتماعاً لهيئة الرئاسة والمكتب السياسي والهيئة التنفيذية واللجان الإنتخابية في حركة “أمل”، وناقش المجتمعون في الأوضاع العامة والمستجدات السياسية والشؤون المعيشية والإقتصادية. واعطى بري توجيهاته للهيئات الحركية ولنواب كتلة التنمية والتحرير للمباشرة بإعداد الدراسات اللازمة وإقتراحات القوانين الضرورية، لا سيما المتعلقة بإلزام الحكومة والمصرف المركزي والمصارف تثبيت وحفظ حقوق المودعين لودائعهم، ووضع التشريعات الكفيلة بإعادتها لأصحابها بحسب المسؤولية والدور، وإسقاط كل عمليات التقادم بمرور الزمن أو غيره، والضغط الجدي مع الحكومة لوضع قانون البطاقة التمويلية موضع التنفيذ.
أضرار الأزمة
يخطئ من يحتسب خسائر الأزمة مع دول الخليج العربي، من خلال ارقام الصادرات والتحاويل والعمالة فحسب، لأن الأضرار يمكن ان تذهب الى مدى أبعد، ومنها على سبيل المثال: مسألة إنجاح التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج انقاذي ينتشل البلد من أزمته العميقة.
صحيح ان الخسائر المرتبطة بالشق التجاري بكل تفرعاته مهمة وحيوية، لأن سوق الخليج يستوعب لوحده نصف الصادرات اللبنانية تقريبا، لكن لا يمكن التقليل من أهمية الاضرار التي قد تصيب ملف الانقاذ. اذ من المعروف ان اي اتفاق مع صندوق النقد لا يكفي مالياً لإخراج لبنان من أزمته، وان التعويل هو بشكل اساسي على الاموال الاستثمارية التي قد تدخل الى البلد بعد توقيع الاتفاق مع الصندوق، فمن المسلّم به ان اهمية الاتفاق مع صندوق النقد تكمن في الثقة التي يمنحها لتشجيع قدوم الاستثمارات. والسؤال هنا، اذا أحجم المستثمرون الخليجيون عن مواكبة الخطة والمجيء للاستثمار في لبنان، من سيأتي؟
كذلك سيفقد لبنان القدرة على اعادة احياء مؤتمر “سيدر” المخصّص لتنفيذ مشاريع في البنى التحتية، لأن حصة دول الخليج، لا سيما المملكة العربية السعودية، في تأمين التمويل للمشاريع الواردة في “سيدر” كبيرة جداً. وبالتالي، فإنّ استمرار الأزمة مع لبنان يعني ان كل هذا التمويل لن يتأمّن.
ولعلّ الامر الاخطر في هذه الأزمة انها لم تبلغ الحد الاقصى بعد، ومن غير الواضح السقف الذي يمكن ان تبلغه الاجراءات. والضرر الاقتصادي والمالي سيشعر به اللبنانيون مع الوقت، وهو ضرر لا قدرة لبلد مُفلس ومنهار، والحكم فيه معطّل، أن يتحمّله.
المطارنة: عيب
في هذا الوقت، اعرب مجلس المطارنة الموارنة عن “الاستياء والحزن البالغين أمام الأحداث المفاجئة والمستغربة التي كانت منطقة عين الرمانة – الطيونة مسرحاً لها”، وأكد “أن خلاص البلاد الوحيد يكمن في تعزيز حضور الدولة الأمني والاجتماعي، وعملها على إحقاق الحقوق وسيادة العدالة، من خلال تحرير القضاء من التسييس والتطييف، وإطلاق يده في التحقيقات العائدة إلى تفجير مرفأ بيروت من جهة، وتلك العائدة إلى الأحداث المشار إليها، من جهة أخرى، بعيدا عن فوضى الإتهامات الشعبوية والإتهامات المقابلة لها، وعن امتهان الكرامات وتركيب الملفات في حق الذين يُستدعون أو يساقون إلى التحقيق”.
وشدد المطاونة، في بيان بعد اجتماعهم الشهري امس، على “أنّ ظروف البلاد المأسوية كانت تقتضي أن تتألف حكومة في منأى عن التسييس، مهمتها الأساسية استجابة الشروط الدولية الموضوعة لمساعدة لبنان، لا سيما البدء بتنفيذ الإصلاحات على كل صعيد. إنه من المعيب حقاً تحوّل التماسك الوزاري تعطيلاً للسلطة الإجرائية وزيادة في شلل البلاد ونزيفها. وإن أبسط موجبات المسؤولية الوطنية الترفع عن الخلافات السياسية والإقبال على العمل الدؤوب تنفيذاً للبيان الذي نالت الحكومة الثقة على أساسه”.
ودعا المطارنة “المسؤولين في الدولة الى الاسراع في ترميم العلاقات مع دول الخليج، وإزالة أسبابها، وعودة حركة التصدير والإستيراد معها. وإلى إيلاء الجانب المعيشي والحياتي للمواطنين الأولوية على ما عداه، بعد تفاقم أزمات المحروقات وما ينسحب عليها بما لم يعد في استطاعة اللبنانيين تحمله وبما يهدِّد الأوضاع الأمنية. ولنا في تفشي السرقات وأصناف الاحتيال والسلب والنهب دليل كبير وخطير على ذلك، بالإضافة إلى نزيف الهجرة”.
كما شدد المطارنة “على الأهمية القصوى لإقامة الإنتخابات النيابية في مواعيدها”، وناشدوا جميع المخلصين من ذوي المسؤولية “الوقوف في وجه أي محاولات تعطيلية لها، وصيانة حق الترشح والاقتراع باعتباره حقا دستوريا من شأنه الإسهام في إحداث تغيير مطلوب في إدارة الشأن اللبناني العام”.
***************************************************
انتقاد سعودي لميقاتي.. ودعوة أميركية لإبقاء القنوات مفتوحة
الوسيط القطري يلتقي بلينكن قبل التوجه إلى بيروت.. وبكركي لخطوات تعيد العلاقات مع المملكة
كل الطبقة السياسية ومعها المراجع الرسمية تنتظر عودة الرئيس نجيب ميقاتي، لترى ما في جعبته من حلول لتعقيدات المعضلة بين المملكة العربية السعودية ومعها دول الخليج ولبنان، الذي يقع تحت تأثيرات الضغوطات الإقليمية، لا سيما الإيرانية، وسط سؤال مشروع: ماذا في جعبة المسؤولين عن الأزمة التي نشبت على خلفية مواقف، لا تخدم مصلحة لبنان، أعلن عنها وزير الإعلام جورج قرداحي، عن وعي أو عن غير وعي، بوطأة تأثيراتها السلبية على لبنان.
وكأن لقاءات الرئيس ميقاتي على هامش قمّة غلاسكو لقمة المناخ، والتي مثل فيها لبنان، وحدها التي تحمل حلولاً سحرية لازمة خطيرة، معروفة الأسباب التي أدّت إلى استفحالها، أم ان رمي الكرة إلى رئيس الحكومة هو اسهل السبل لتبرئة ساحة المعنيين بالمشكلة اساساً.
وحسب المعلومات، فإن الرئيس ميقاتي سيزور بعبدا اليوم للقاء الرئيس ميشال عون، على ان يزور في وقت واحد الرئيس نبيه برّي.
واستبعدت المصادر ان يتبلور اي حل سريع للازمة مع استمرار الخلاف والأنقسام السياسي على اقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، او اقناعه بالاستقالة الطوعية، لنزع فتيل الازمة التي تسببت بها مواقفه ضد المملكة، في حين توقعت المصادر ان تحتاج الاتصالات والمشاورات للتفاهم على الحل المطلوب، مزيدا من الوقت اللازم لتحقيق هذا الهدف, ونقلت المصادر عن اوساط نيابية، ان الرئيس بري الذي التزم الصمت تجاه الازمة، ينتظر ما يحمله ميقاتي بجعبته من نتائج وافكار، يحبذ التزام التهدئة وتبريد الاجواء، واستيعاب تداعيات المواقف السلبية الصادرة، وبعدها يمكن اعادة تحريك الاتصالات الديبلوماسية وتوسيع مروحتها، تمهيدا لاعادة الحرارة للاتصالات الديبلوماسية مع دول الخليج لبحث سبل الحل لها.
على صعيد آخر وصفت المصادر زيارة قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون الى الولايات المتحدة الأميركية بالمهمة واللافتة في هذا الظرف بالذات، وهي تعكس بوضوح مدى اهتمام وحرص الادارة الاميركية على توفير كل مستلزمات وحاجات استمراره بالدور الذي يقوم به للحفاظ على وحدة واستقرار وأمن لبنان في ظل الظروف الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية المتردية التي يمر بها لبنان حاليا.
وشددت على ان الاهتمام اللافت والتجاوب مع مطالب وحاجات الجيش، والتعاطي المباشر مع العماد جوزيف عون مباشرة، من دون اي مسؤول سياسي آخر، يعكس مدى الثقة التي توليها الادارة لشخصه، ورهانها على الدور المستقبلي للجيش، بالحفاظ على الاستقرار الامني وسيادة لبنان في مواجهة اي تحديات او صعوبات متوقعة، في حين يبدو التجاهل واضحا، اكان لرئيس الجمهورية ميشال عون او الحكومة أو أي مسؤول آخر، ما يعني ضمنا، انعدام الثقة بهؤلاء من جانب الادارة الاميركية.
وأوضحت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ«اللواء» ان الرئيسين عون وميقاتي سيتشاوران حول الخطوة السياسية، وفق الإطار المؤسساتي، معربة عن ضرورة معالجة الأمر، ضمن الأصول وبسرعة.. مشيرة إلى ترقب لما ستؤول إليه الوساطة القطرية.
ولكن حتى مساء أمس لم يكن تحدد موعد لزيارة الوزير القطري الشيخ محمّد عبد الرحمن آل ثاني.
واوضحت هذه المصادر أن دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد تبقى من ضمن الخيارات المطروحة شرط أن تتوفر مقومات نجاحه فلا تظهر النتيجة مثل المثل القائل «بدل ما يكحلها عماها».
وأفادت انه يفترض أن تسبق هذا الاجتماع سلسلة اتصالات داخلية من أجل تظهير الموقف الذي يجب أن بحظى بالإجماع ويحفظ الحكومة التي حصل رئيسها على دعم خارجي.
وعلى هذا الصعيد، لم يطرأ ما يفيد بعودة جلسات مجلس الوزراء بعد ارتياب وزراء أمل وحزب الله بالمحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، وسيكون هذا الموضوع أيضاً مدار بحث بين عون وميقاتي وكل من أمل وحزب الله.
واختصر السفير السعودي في لبنان وليد بخاري عبر «تويتر» التوجه السعودي للتعاطي مع لبنان بتغريدة استعان فيها بقول المفكر الايطالي انطونيو غرامشي: تَكْمُنُ الأزمةُ تحديداً في أنَّ القديمَ يُحْتَضَرُ وَالجديدَ لم يُولدْ بعد.. وَفي ظلِّ هذا الفراغِ يظْهَرُ قَدرٌ هائلٌ من الأعْراضِ المَرَضِيَّة..! وهو ما يشي بأن كل المحاولات المبذولة من المسؤولين اللبنانيين لتصحيح الوضع مع السعودية لن تصل الى نتيجة لأن البنيان القديم يتهاوى.
وانتقد الدكتور الجامعي السعودي سالم الباهي أستاذ العلاقات الدولية عدم قطع الرئيس ميقاتي زيارته والعودة إلى بيروت إلى معالجة الأزمة، داعياً إلى ان يكون في لبنان رجال دولة، وكاشفاً ان معامل حبوب الكابتغون موجودة في الضاحية الجنوبية.
وفي حين تابع عون نتائج الاتصالات عبر تقارير البعثات الدبلوماسية في الخارج، زاره امس وزير الخارجية عبد الله بو حبيب وقال بعد اللقاء: وضعتُ الرئيس عون في صورة التطورات الجارية بعد الأزمة مع السعودية ودول الخليج، وأعاد التأكيد أنّ موقف لبنان واحد حيال ضرورة قيام أفضل العلاقات وعدم جواز تأثّر هذه العلاقات بأيّ مواقف فرديّة.
اضاف: لبنان يعتبر أنّ أيّ إشكالية تقع مهما كان حجمها بين دولتين شقيقتين مثل لبنان والسعودية لا بدّ أن تُحلّ من خلال الحوار والتنسيق بروح من الأخوة، فكيف إذا كانت المشكلة صدرت عن شخص.؟ وما حصل في الأيام الماضية يجب أن يقف عند حقّ تغليب المصلحة العربيّة المشتركة، وعدم صبّ الزيت على النار لا سيما وأنّ لبنان لم يكن يوماً ولن يكون معبراً للإساءة إلى أيّ دولة.
وختم بوحبيب: لبنان يتطلّع إلى أشقائه إلى الدول العربية عموماً ودول الخليج خصوصاً كي يكونوا إلى جانبه في الضائقة الاقتصادية التي يعيش فيها شعبه وأيّ تباعد عنه ستكون له انعكاسات سلبيّة.
وعلى خطٍ موازٍ، إلتقى وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، على هامش مؤتمر المناخ في غلاسكو، نظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان. وجاء في بيان للخارجية الأميركية، «أن الوزيرين بحثا التطورات في لبنان وسوريا».
قال المتحدّث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس: «ندعو إلى إبقاء كل القنوات الدبلوماسية مفتوحة بين لبنان ودول الخليج لتحسين ظروف اللبنانيين».
وأوضح أنّ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ناقش مع رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، ووزير خارجية الإمارات «التحديات الاقتصادية التي يواجهها لبنان وسنقوم بكلّ ما في وسعنا لمساعدة اللبنانيين».
وسبق ذلك، إعلان الخارجية الأميركية ان حزب الله، يهتم بمصالح إيران أكثر من اهتمامه بمصالح اللبنانيين، متهمة الحزب بأنه أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم الأزمات.
وفي بكركي دعا المطارنة الموارنة إثر اجتماعهم الشهري برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي «المسؤولين في الدولة إلى الإسراع في ترميم العلاقات مع دول الخليج، وإزالة اسبابها، وعودة حركة التصدير والاستيراد معها، والتحذير «من تفشي السرقات واصناف الاحتيال والسلب والنهب دليل كبير وخطير على تفاقم الأزمات، بالإضافة إلى نزيف الهجرة».
تسجيل جديد لقرداحي؟
انتشر تسجيل جديد مسرب لوزير الإعلام جورج قرداحي، خلال مكالمة هاتفية أجرتها معه الناشطة في الثورة السورية ميسون بيرقدار، انتحلت فيها شخصية الإعلامية المصرية لميس الحديدي.
وقال قرداحي في الاتصال المنسوب إليه: نحن في إطار بحث بخطوة استقالتي للنظر بمدى جدواها إذا ما كانت نافعة أم لا، خاصة أن السبب ضعيف جداً والكلام الذي تسرب كررته أكثر من مرة، وفي الإعلام المصري أيضاً، قلت في أكثر من مقابلة إن الحرب على اليمن عبثية ويجب أن تتوقف، ولكنهم حولوها إلى قصة كبيرة لأن المستهدف ليس أنا وإنما الحكومة اللبنانية.
وأضاف قرداحي: لا أحد يمكنه إجباري على الاستقالة، ولكنهم يبتزونا بالرعايا اللبنانيين الموجودين في الخليج، وإنهم سيمنعونهم من إجراء تحويلات للأموال أو نطردهم من البلد، ولكنني لا زلت أدرس الموضوع فالأمر لا يتعلق بي فقط، هناك رئيس جمهورية ورئيس حكومة، ولم تحسم الأمور حتى الآن.
لقاءات عون
وفي واشنطن التقى قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب Gogary meeks والسيناتور Todyongثم عضو لجنة الموازنة في الحزب الديمقراطي في الكونغرس Rosn delarzo وتركز البحث على دعم الجيش وتعزيز قدراته.
تفاقم الوضع المعيشي
على الصعيد المعيشي،تفاقمت ازمات المواطنين مع ارتفاع اسعار المحروقات والخبز امس، واسعار اشتراكات المولدات الخاصة التي بلغت لهذا الشهر مليون و900 الف ليرة للخمسة امبير بحجة ارتفاع اسعار المازوت وشح المادة. فيما ينفذ موظفو القطاع العام الاضراب اليوم الخميس احتجاجا على اوضاعهم المعيشية،بينما نفذ السائقون العموميون تحركات على الارض امس في بيروت وصيدا.
وقد بلغ سعر الربطة من الحجم الكبير 9500 ليرة ما اضطر وزير الاقتصاد امين سلام الى تشكيل خلية أزمة «لمواكبة تطور تقلبات الاسعار في كلفة صناعة الرغيف للتصدي بأقصى درجة لمسألة ارتفاع ثمن ربطة الخبز والعمل على ابقائها بمتناول اللبنانيين، على أن تبقى اجتماعات الخلية مفتوحة لهذه الغاية».
وفي السياق، أعلن وزير العمل مصطفى بيرم، عن أنّه اتفق مع لجنة المؤشّر على مبلغ نقدي لا يدخل في صلب الراتب، مؤقتاً، لدعم الفئات الأكثر تضرراً في القطاع الخاص، وعددهم زهاء 700 او 800 الف، على ان يصار في الجلسة المقبلة للجنة المزمع عقدها عند التاسعة والنصف من صباح الخميس المقبل، تحديد السقف المالي العائد له.
ولفت بيرم، عقب اجتماع اللجنة، إلى أنها «ستعقد اجتماعاً مع الرئيس ميقاتي، عندما يصل إلى بيروت، وسيتمّ طلب سلفة منه لتعزيز صندوق التعويضات للعاملين في القطاع الخاص».
واضاف: «نحاول ان نتصرف بين حدين، الخروج من الانكماش عبر اعطاء نوع من الدعم النقدي لتحسين القدرة الشرائية، وفي نفس الوقت يتحرك صاحب العمل عبر زيادة حركة التوظيف للعامل اللبناني، لان الجميع يعلم ما نتعرض له من حصار من القريب والبعيد، وتشاهدون التطورات الاقتصادية والضغوط على لبنان. لذلك نحن نفكر بما هو متاح وبما هو مستطاع بطريقة هادئة بعيدا عن الضغوط وعن كسب شعبية من هنا وهناك. نحاول ان نتصرف علميا ليكون الجميع رابحا ونستطيع الخروج بنتيجة نوعا ما من الدعم».
وعن اضافة مبلغ 60$ على الراتب، اجاب: «انا بحكم مهنيتي لا استطيع التزام أرقام مسبقا، حصل اتفاق داخل الجلسة ولكن لن أتحدث بأي التزام في ما يتعلق بهذه الأرقام».
طلبات الرد تنتقل إلى الغرفة 12
قضائياً، تقدم وكلاء الدفاع عن الوزيرين المدعى عليهما علي حسن خليل وغازي زعيتر أمس، بطلب ردّ القاضي نسيب إيليا، رئيس الغرفة رقم 12 في محكمة الاستئناف، المخوّل البتّ بطلب الردّ المقدّم من الوزيرين ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.
سريالية المشهد
ويساهم طلب الردّ المقدم ضد إيليا في عرقلة نظره في طلب الردّ المقدّم ضد البيطار. ففور تبلّغ إيليا بطلب ردّه، يتوقّف والغرفة رقم 12 في النظر بالطلب المقدّم لردّ البيطار. أي أنّ وكلاء زعيتر وخليل عطّلا حتى مبتغاهم في ردع البيطار وكفّ يده عن الملف.
وفي أسباب تقديم طلب ردّ القاضي إيليا، أنه سبق ونظر في طلب رد مماثل وأسقطه في الشكال. وأنه طلب التنحّي عن البتّ في طلب ردّ مماثل ورفضت محكمة الاستئناف طلبه». وتشير مصادر الى أن القاضي إيليا طلب التنحي عن البتّ بطلب الردّ الأخير (26 تشرين الأول) المقدّم من الوزير السابق المدعى عليه والصادرة بحقه مذكرة توقيف غيابية يوسف فنيانوس. إلا أنّ الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله رفض طلب التنحي.
643749 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 702 إصابة جديدة بفيروس كورونا، وتسجيل ٧ حالات وفاة، ما رفع عدد الإصابات إلى 643749 حالة، المثبتة مخبرياً منذ ٢١ شباط ٢٠٢٠.
***************************************************
الأسد تلقى دعوة رسمية لزيارة الإمارات… والمطالب السعودية مستحيلة ولا حلول
٨ آذار لعون وميقاتي: قرداحي خط احمر ولا للاعتذار من الرياض ببيان حكومي
الإضرابات تشمل القطاع العام وأزمة نفايات… قيادات وازنة تشكك باجراء الانتخابات – رضوان الذيب
الازمة اكبر من كل القوى الداخلية اللبنانية ومخارج الحلول مقفلة، والمطالب السعودية مستحيلة، ولايمكن لاي طرف لبناني السير فيها من الرئيس ميشال عون الى الرئيس نجيب ميقاتي والحريري وجنبلاط وباسيل وحتى جعجع وسامي الجميل، الا اذا قرروا الانتحار السياسي واخذ البلد الى الحرب الاهلية، وافضل من عبر عن الشروط السعودية المستحيلة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الذي اعتبرها «شروط اذعان واذلال» لاننا نرفض تسليم رأس حزب الله الى السعودية وغيرها «رغم ان بو حبيب عاد واوضح حيثيات تصريحه، لكن ما قاله يعبر عن حقيقة الموقف السعودي الذي ابلغ الى المسؤولين اللبنانيين. ومن هنا وحسب مصادر مقربة من ٨ آذار، فان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تلقى اتصالا من احد وزراء ٨ اذار في مقر اقامته قي اسكتلندا اثناء مشاركته في قمة المناخ، نقل اليه استياء ٨ اذار من» تغريدته « الى وزراء حكومته وما تضمنته من دعوة «مفخخة « للوزير قراداحي الى اخذ قراره الوطني لمصلحة البلد اي الاستقالة، وابلغ ميقاتي ان استقالة قرادحي خط احمر ولن تحصل مهما كانت الضغوطات، وتمنى عليه باسم وزراء ٨ اذار عدم اعطاء التزامات في هذا الصدد لاي فريق عربي او دولي لان وزراء ٨ اذار سيستقيلون من الحكومة فورا ، ولن ينفع كل الدعم الدولي اذا قرر عون وميقاتي الضغط على قرداحي للاستقالة، لان القضية لم تعد قضية استقالة قرداحي بل الخضوع للشروط السعودية، وهذا لن يحصل. كما ابلغه استياء ٨ اذار من بعض ما ورد في خطابه في اسكتلندا من مسايرة للرياض وادوارها، وبالتالي فان مسار الامور لن يتضح الا بعد عودة ميقاتي ولقاءاته مع عون وبري ومختلف القيادات السياسية لوضعهم في اجواء اجتماعاته والوصول الى صيغة لم تتبلور بعد للخروج من المأزق في العلاقات مع الرياض، والجميع ينتظر ما ستسفرعنه لقاءات ميقاتي اليوم، و العائد بدعم دولي للحكومة.
وحسب هذه المصادر، فان القرار في مواجهة الشروط السعودية محسوم ولا تراجع عنه، والقرار اتخذ من ٨ اذار وتحديدا من حزب الله وشخصيات، وصدر من بيروت وليس من دمشق وطهران مطلقا. وحسب المصادر فان مسؤولين سوريين وايرانيين ابلغوا مرجعا سعوديا كببرا «ان دمشق والرياض لن تفاوضا عن حزب الله والحوثيين مهما كانت الاسباب، وعلى السعوديبن الحوار المباشر مع الطرفين» .
السعودية وحزب الله
وحسب مصادر عليمة بأجواء الاتصالات الاخيرة، فان الحلول مقفلة حتى الان، والتسوية التي طرحت مؤخرا بعقد اجتماع لمجلس الوزراء في بعبدا بعد عودة ميقاتي وصدور بيان عن مجلس الوزراء يتضمن اعتذارا من الرياض وتاكيدا على افضل العلاقات معها والاشادة بدورها كبديل عن استقالة قرداحي تم رفضها من وزراء ٨ اذار، وبالتالي فان الامور ذاهبة نحو التصعيد و٨ اذار لن تقبل بالاملاءات السعودية كي لا تتحول الى سابقة، خصوصا ان الطلبات السعودية من الحكومة تتضمن وقف النشاط الاعلامي الحوثي من بيروت واقفال قناة المسيرة، بالاضافة الى وقف الادوار الدبلوماسية للحوثيين من الضاحية الجنوبية.
هذه الشروط والشروط المضادة تؤكد ان الاتصالات الاخيرة لم تحقق اي تقدم، بانتظار خرق ما في المفاوضات الايرانية السعودية غير منظور في الافق، والتفاوض يدور بالنار حاليا في مأرب والمواجهات ليست لمصلحة الرياض، وهذا ما جعلها تفتح حربها المباشرة على حزب الله لحجب خسائرها في اليمن، واعتبار حزب الله رأس «الحربة « ضدها في لبنان وسوريا واليمن وحتى في العراق والمسؤول الاول عن كل تراجعاتها في هذه الملفات.
وتؤكد المصادر، ان الرياض ابلغت المعنيين، ان لا مشكة عندها في ملف ايران النووي واستئناف مفاوضات فيينا وفي دور حزب الله في لبنان وقوته، لكنها ضد الدور الاقليمي الكببر للحزب في سوريا والعراق واليمن، وبالرغم من تراجع دور الحزب في سوريا والعراق فانه اساسي ومحوري ومركزي في اليمن حسب هذه المصادر، لجهة حسم المعارك وتأمين كل المعدات اللوجيستية وتدريب الكوادر وادارة العمليات العسكرية، ولم تقتنع الرياض بالنفي الايراني بعدم وجود قوات لحزب الله في اليمن واقتصار الدعم على امور لوجيستية اعلامية، وتتمسك الرياض بانسحاب شامل للحزب من اليمن، وتحديدا من الحدود اليمنية القريبة من السعودية ومناطق النفوذ الشيعية لان ذلك يهدد امنها القومي، وتصرعلى ان يقتصر وجود حزب الله على مركز واحد فيه عناصر محدودة ولا مشكلة اذا كانت اعلامية، وهذا الشرط السعودي المستحيل يمنع اي تطور او تقدم في المفاوضات الايرانية – السعودية حتى الان بانتظار المخرج .
وحسب هذه المصادر، ان مسؤولين سعوديبن طلبوا من دمشق عبر الاماراتيين التحرك لايجاد الحلول، والعمل على دفع حزب الله الى مغادرة الملف اليمني وتخفيف نشاطه في سوريا، وكان رد دمشق حاسما «لن نفاوض عن حزب الله ابدا، ولا نتدخل بقراراته».
وتضيف المصادر، ان الهستيريا «السعودية بلغت ذروتها مع النكسات العسكرية في معركة مارب وانقلاب موازين القوى على الارض، وظهر ذلك من خلال بيان الاحزاب اليمنية المدافعة عن مارب واتهام السعوديين بالادارة الفاشلة للمواجهات، وفي المقابل يظهر الاصرار الحوثي على حسم المعركة عسكريا، وهذا ما سينعكس على لبنان وربما جعل المواجهة مفتوحة».
السيناريو السعودي مع الحريري
سيتكرر مع ميقاتي
وحسب المصادر، فان السعودية تعتبر حزب الله عدوها الاول في المنطقة، ومنذ اللحظة الاولى لحربها على اليمن، فتحت النار عليه، وطالبت القوى السياسية الحليفة لها في لبنان منذ اكثر من ٥ سنوات بالانخراط في مواجهة الحزب مهما كلف الامر، ورفضت معظم القوى اللبنانية التوجه السعودي في ظل عجزها عن المواجهة، ودفع سعد الحريري الثمن وتم اعتقاله في الرياض في مثل هذا اليوم منذ ٤ سنوات، وحوصر وليد جنبلاط وكل القيادات وتوقف الدعم السعودي للجيش وسحبت وديعة المليار دولار. وحسب المصادر، فان نجيب ميقاتي وحكومته سيدفعان ثمن عدم مواجهة حزب الله ورفض الاستقالة، والسيناريو السعودي الذي اصاب الحريري سيصيب ميقاتي مهما بلغ حجم الدعم الدولي لحكومته، ووحده سمير جعجع حظي بالرعاية الشاملة. وما شجع الرياض على الهجوم المباشر مؤخرا احداث شويا والناعمة والطيونة لاعتقادها ان هذه الحوادث فد تشكل فرصة لاغراق الحزب بالشوارع الداخلية ودفعه الى مغادرة اليمن، لكن حكمة حزب الله « فوتت « كل المحاولات الدولية وتحديدا السعودية لجره الى المواجهات الداخلية العبثية رغم كل ما تعرض له. و ما زاد من الغضب السعودي ايضا الموقف الحاسم للحكومة اللبنانية الميقاتية التي تعاملت مع ملف الطيونة بحزم واستدعاء حليف السعودية الاول سمير جعجع للتحقيق وتوقيف اكثر من ٢٥ قواتيا، وهذا ما قوبل باستياء سعودي كبير واعتبار الدولة رهينة بيد حزب الله ومؤسساته؟ وما رفع منسوب القلق السعودي ايضاً الصمت الاميركي الفرنسي على اجراءات الدولة ضد جعجع والرد بالحرص على الاستقرار والحكومة كيلا تطير الانتخابات. كما ان الاجراءات السعودية والخليجية ضد لبنان اصطدمت برفض دولي للتصعيد والتمسك بميقاتي، ونال دعما دوليا من خلال اللقاءات التي عقدها في غلاسكو. وقد عاد ميقاتي ليل امس مشحونا بجرعة دعم قوية للسير بالاصلاحات وتلبية الشروط الدولية الداعمة للملفات التربوية والصحية والاجتماعية والتحضير للانتخابات النيابية. وتتابع المصادر، ان المسؤؤلين السعوديين تبلغوا في غلاسكو القرارين الاميركي والفرنسي برفض الفوضى المسلحة والعودة الى خطوط التماس والحفاظ على ميقاتي وحكومته، وهذا ما يؤشر الى تباينات دولية واضحة من التوجهات السعودية ضد لبنان .
دعوة للأسد الى الامارات
هذه الصورة القاتمة للتطورات حسب المصادر لا تحجب بقعة الضوء المتمثلة في استمرار الحوار الايراني – السعودي والدعوة الرسمية التي وجهها ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد للرئيس بشار الاسد لزيارة الامارات ووعد الاسد بتلببتها، ولا يخرج عن هذا الاطار الايجابي المعلومات عن زيارة قريبة لمستشار الامن الوطني الاماراتي طحنون بن زايد لطهران «الذي يعتبر الرجل الاقوى في الامارات حاليا» للبحث عن مخارج لازمات المنطقة الاخيرة ولبنان تحديدا. كما سيزور وزير خارجية قطر بيروت للبحث عن مخارج ، وهذا ما يؤكد ان مواقف دول الخليج ضد لبنان كانت من اجل مسايرة القرار السعودي فقط، حرصا على وحدة مجلس التعاون الخليجي وفي الوقت نفسه التفتيش عن مخارج ترضي الجميع وتحفظ «ماء الوجه» السعودي، ولذلك تؤكد المصادر ان الساعات الـ ٤٨ القادمة ستحدد المسارات .
التشكيك في حصول الانتخابات
وفي ظل التطورات الاخيرة، ورغم الاصرار الدولي على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ٢٧ اذار، فإن الوقائع على الارض تشير الى عكس ذلك، مع اجراءات من معظم القيادات السياسية البارزة بوقف نشاطاتها وتحضيراتها الانتخاببة والتوزيعات المالية وابلاغ مسؤولي الحملات الانتخابية تجميد التحضيرات والايحاء لهم باستحالة اجراء الانتخابات النيابية في مثل هذه الظروف الاقتصادية والامنية والسياسية، حتى ان مرجعا بارزا ووازنا قال لكوادره ردا على سؤال عن التحالفات الانتخاببة «مين عم يحكي بالانتخابات حاليا». واللافت ان التوقف عن الاستعدادات صدر بعد احداث الطيونة وبتوقيت واحد من قبل الاطراف السياسية الاساسية التي تفضل عدم اجراء الانتخابات كونها تعيش قلقا لجهة التراجع في الحصص والاحجام نتيجة الاوضاع الاقتصادية ومعاناة الناس، وماذا تستطيع ان تفعل القوى الدولية اذا حصل التوافق ببن القوى الاساسية الداخلية على تأجيل الانتخابات النياببة، لكن طموحات القوى الداخلية تصطدم بالاصرار الدولي على انجاز الاستحقاق النيابي والاسابيع القادمة ستحدد المسارات.
الاوضاع الاقتصادية والاضرابات
وفي ظل اوضاع البلاد، فان المأزق الاقتصادي يتعمق، ومن المتوقع ان تنتهي فترة السماح للحكومة مع بدء نهاية السنة الخامسة من عهد الرئيس ميشال عون في عيد الاستقلال ومحاسبتها على تنفيذ ما وعدت به، و كل المؤشرات الاقتصادية توحي بالعجز عن تلبية مطالب الناس، وتستعد النقابات كافة وفي كل القطاعات الى موجات من التحركات الشعبية على الارض لتحقيق المطالب، وتنتظر القطاعات التربوية والنقل العام وسائقو التاكسي تنفيذ الوعود، والا فان الدولة سيصيبها شلل كامل مع انضمام موظفي القطاع العام والمؤسسات العامة الى الاضراب الشامل والتوقف عن العمل في كل الوزارات بدءا من اليوم، وستشمل التحركات تنظيم تظاهرات شعبية في كل المناطق وقطع للطرقات حتى تحقيق الجزء اليسير من المطالب والوعود الحكومية. وهنا يطرح السؤال: اين اصبحت البطاقة التمويلية فيما موجات الغلاء تجاوزت كل السقوف في حين تنتظر البلاد ازمة نفايات جديدة في كل المناطق، تهدد بكارثة مع بدء فصل الشتاء ؟
***************************************************
الأزمة الى مزيد من التعقيد… والسلطة تنتظر
لا جديد يذكر في افق ازمات لبنان ولا تصور لسبل الحل لشدة التعقيدات المحيطة بها. ذلك ان تمترس القوى السياسية خلف مواقفها مقابل الاتجاه التصاعدي للعقاب الخليجي للبنان في ضوء الجديد من التصاريح الوزارية «المؤذية» المسربة يقطعان الطريق على امكان مجرد البحث في المخارج. فالازمة الديبلوماسية على حالها ومثلها الشلل الحكومي في انتظار عودة رئيس مجلس الوزراء نجيب مقاتي من غلاسكو وما يمكن ان تنتجه جولة الاتصالات التي سيقوم بها على الافرقاء المحليين، وهو سيزور وفق المعلومات الرئيسين ميشال عون ونبيه بري اليوم للتشاور في امكان عقد جلسة لمجلس الوزراء وكيفية معالجة الازمة مع دول الخليج،علما ان مواقف حزب الله من استقالة الوزير جورج قرداحي على حالها، تماما كما التصلّب الخليجي والذي يبدو سيشتد رغم الوساطات الدولية، وقد حضر الملف اليوم على طاولة اجتماع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي اكدت وزارته اليوم «أن حزب الله يهتمّ بمصالح إيران أكثر من اهتمامه بمصالح اللبنانيين، متهمة الحزب بأنه أحد الاسباب الرئيسة لتفاقم أزمات لبنان»، بنظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، على هامش المؤتمر حول المناخ في غلاسكو.
بو حبيب
وجديد التصاريح الوزارية حمل وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الى بعبدا امس حيث التقى رئيس الجمهورية وقال بعد اللقاء «وضعتُ الرئيس عون في صورة التطورات الجارية بعد الأزمة مع السعودية ودول الخليج وأعاد التأكيد أنّ موقف لبنان واحد حيال ضرورة قيام أفضل العلاقات وعدم جواز تأثّر هذه العلاقات بأيّ مواقف فرديّة». اضاف «لبنان يعتبر أنّ أيّ إشكالية تقع مهما كان حجمها بين دولتين شقيقتين مثل لبنان والسعودية لا بدّ أن تُحلّ من خلال الحوار والتنسيق بروح من الأخوة فكيف إذا كانت المشكلة صدرت عن شخص … ما حصل في الأيام الماضية يجب أن يقف عند حقّ تغليب المصلحة العربيّة المشتركة وعدم صبّ الزيت على النار لا سيما وأنّ لبنان لم يكن يوماً ولن يكون معبراً للإساءة إلى أيّ دولة»
عون يتابع
الملف تابعه الرئيس عون من خلال سلسلة اتصالات لمعالجة الأوضاع التي نشأت عن قرار عدد من دول الخليج سحب سفرائها من لبنان والطلب الى السفراء اللبنانيين فيها مغادرة أراضيها، ورصد ردود الفعل الغربية والدولية ودرس السبل الايلة لمعالجة الوضع المستجد، لا سيما في ضوء اللقاءات التي عقدها الرئيس ميقاتي مع عدد من القادة العرب والأجانب على هامش «مؤتمر المناخ» في غلاسكو. واطلع الرئيس عون على التقارير الواردة من البعثات الديبلوماسية اللبنانية في الخارج التي تناولت أوضاع اللبنانيين في عدد من الدول الخليجية.
عودة ميقاتي
وفي السياق، استقبل الرئيس عون قبل الظهر في قصر بعبدا وزير العدل القاضي هنري خوري وتداول معه الأوضاع العامة والمضاعفات المتأتية عن الإجراءات التي اتخذها عدد من دول الخليج بحق لبنان. وأوضح خوري ان «الاتصالات مستمرة لمعالجة ما استجد ويفترض ان يتبلور الموقف بعد عودة الرئيس ميقاتي «.
بلينكن وبن زايد
على خط الاتصالات الدولية لتهدئة الازمة الناشئة، إلتقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على هامش المؤتمر حول المناخ في غلاسكو، بنظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان. وجاء في بيان للخارجية الأميركية، أن الوزيرين بحثا التطورات في لبنان وسوريا… في المقابل، اكدت الخارجية الأميركية أن حزب الله يهتمّ بمصالح إيران أكثر من اهتمامه بمصالح اللبنانيين، متهمة الحزب بأنه أحد الاسباب الرئيسة لتفاقم أزمات لبنان.
لترميم العلاقة
في المواقف، دعا المطارنة الموارنة اثر اجتماعهم الشهري في بكركي برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي «المسؤولين في الدولة الى الاسراع في ترميم العلاقات مع دول الخليج، وإزالة أسبابها، وعودة حركة التصدير والإستيراد معها.
وبينما تمسك المطارنة باجراء الانتخابات في مواعيدها، ابدوا «استياءهم وحزنهم البالغين أمام الأحداث المفاجئة والمستغربة التي كانت منطقة عين الرمانة – الطيونة مسرحا لها. دعوا الى تحرير القضاء من التسييس والتطييف، وإطلاق يده في التحقيقات العائدة إلى تفجير مرفأ بيروت من جهة، وتلك العائدة إلى الأحداث المشار إليها، من جهة أخرى، بعيدا عن فوضى الإتهامات الشعبوية والإتهامات المقابلة لها، وعن امتهان الكرامات وتركيب الملفات في حق الذين يستدعون أو يساقون إلى التحقيق».
طلب رد
ليس بعيدا، اشارت معلومات الى ان وكلاء الدفاع عن النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل تقدما بطلب رد الغرفة ١٢ في محكمة الاستئناف المدنية التي تنظر بطلب الرد الثاني المقدم من قبلهما، وذلك بعدما ردت الطلب الاول شكلا لعدم الاختصاص.
ارتفاع الاسعار
معيشيا، وبينما يستعد موظفو القطاع العام لاضراب الخميس احتجاجا على اوضاعهم المعيشية، وفي وقت نفذ السائقون العموميون تحركات على الارض امس في بيروت وصيدا، للغاية عينها، سجّلت اسعار المحروقات ارتفاعا اضافيا. كما سجل سعر ربطة الخبز ارتفاعا اضافيا، حيث بلغ سعر الربطة من الحجم الكبير 9500 ليرة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :