الأزمة مع السعودية مفتوحة… والحكومة باقية رغم تراكم الأزمات… وقرداحي باق /
واشنطن مع الاستقرار وبقاء الحكومة ولن تتدخل… والرياض: الأزمة مع حزب الله /
ميقاتي لمظلة حماية دولية… وصفي الدين: لو كان القرار لنا لما تجرأ أحد على لبنان
يقول مرجع نيابي إن ما نشهده منذ سنتين كان ينبئ ببلوغنا هذه اللحظة، التي يجري خلالها رفع مستوى الأزمة من إطارها الداخلي ونقلها إلى المستوى الإقليمي، ولأن حزب الله بذاته صار لاعباً إقليمياً كان لا بد للسعودية أن تحضر مقابله مباشرة، خصوصاً بعدما استنفدت محاولات خلق مكافئ لبناني بوجهه، خصوصاً اليأس من تجربة الضغط على الرئيس سعد الحريري لتشكيل رأس حربة المواجهة مع حزب الله، على قاعدة العزل السياسي والفيتو على مبدأ الشراكة الحكومية، وصولاً لمحاولة فرض الخروج من التسوية الرئاسية التي صاغها الحريري مع الرئيس ميشال عون، وجاءت النتائج المخيبة للرهان على ما تستطيعه القوات اللبنانية في ضوء نتائج مجزرة الطيونة، واستنجاد القوات بالسعودية للخروج من مأزق المساءلة القضائية، وإثارة مظلوميتها كقضية بديلة لقضية دعم مسار القاضي بيطار كعنوان تصادم مع حزب الله، وبدلاً من وعودها بالمجاهرة بقوتها العسكرية واستعدادها لخوض المواجهة المسلحة، تبنت خطاباً تراجعياً يخالف ما توقعته السعودية التي بنت أحلاماً على دور عسكري علني للقوات بوجه الحزب، فحضرت السعودية على طرف الأزمة المقابل لحزب الله، في ربط نزاع سيستمر لحين توافر شروط تسوية كبرى في المنطقة، يرجح المرجع أن الرغبة السعودية هي بإعادة لبنان إلى ما كان عليه عشية اتفاق الطائف قبلها، وإغراقه في الفوضى والفراغ حتى تصبح التسوية شرطاً لإعادة تكوين المؤسسات برعاية سعودية مباشرة للطرف المقابل لحزب الله.
يقول المرجع إن الموقف الأميركي هذه المرة لا يبدو شبيهاً بالموقف الأميركي عشية اتفاق الطائف الذي تزامن مع اندفاعة أميركية في المنطقة ترجمتها حرب الخليج وجسدها مؤتمر مدريد، بينما تتزامن الهجمة السعودية مع انكفاء أميركي من المنطقة من جهة، وخشية من انفلات المواجهة مع حزب الله بصورة تهدد الاستقرار الإقليمي، وخصوصاً الاستقرار على جبهات المواجهة مع كيان الاحتلال، ويفسر المرجع النيابي كلام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد لقائه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بعدم الاستعداد للدخول على خط الخلاف اللبناني- السعودي، وبتمسك واشنطن ببقاء الحكومة والحفاظ على الاستقرار في لبنان، بأنه إفساح مجال أمام الرياض لخوض معركتها تحت هذين السقفين.
الكلام السعودي عن توصيف الأزمة بصفتها أزمة وجود حزب الله ودوره وما وصفه وزير الخارجية السعودي بهيمنة حزب الله على الدولة، دفع بقضية وزير الإعلام جورج قرداحي إلى الخلف بعد التداول بفرضية استقالته ليومين كمخرج من الأزمة، علماً أن قرداحي لم يعد أحداً بالاستقالة، خصوصاً بعدما تلقى دعماً واضحاً من الوزير السابق سليمان فرنجية ومن حزب الله، ومع تراجع فرضية استقالة الحكومة بعد المواقف الأميركية والفرنسية الداعمة لبقائها، زال عامل الضغط الوحيد الذي كان يمكن أن يدفع بقرداحي للاستقالة، وفقاً لقول فرنجية، لا نريد أن تسقط الحكومة لأن لبنان يحتاج بقاء الحكومة، ولن تتشكل حكومة بدلاً منها إذا استقالت، فصارت المعادلة، أزمة مفتوحة، وبقاء كل من الحكومة والوزير قرداحي، ووضع حزب الله معادلتين بصفته الطرف المستهدف، الأولى أمام تمسك الأميركي بالحكومة تمسك الحزب بقرداحي، وأمام المطالبة الداخلية والخارجية بإقالة قرداحي وضع مستقبل الحكومة موازياً لمستقبل قرداحي، والثانية الرد على كلام وزير الخارجية السعودي عن هيمنة حزب الله على الدولة بكلام رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، بقوله، لو كان هذا صحيحاً وكان لنا القرار في لبنان لما تجرأ أحد على لبنان، «واللي بيتطلع فينا بعين منقبعلو العينتين».
ولم تنجح الاتصالات التي تكثفت على الخطوط المحلية والدولية خلال عطلة نهاية الأسبوع في احتواء عاصفة الأزمة الديبلوماسية التي افتعلتها السعودية مع لبنان والمواقف العالية السقف التي تخللتها، وأوحت بنذر قرار حرب سياسية اقتصادية دبلوماسية تشنها السعودية على لبنان لتحقيق جملة أهداف وللهروب من المأزق الذي تواجهه في اليمن وساحات أخرى في المنطقة، بموازاة مواجهة عنيفة ومفتوحة تكشفت إلى العلن بشكلٍ غير مسبوق بين حزب الله والسعودية التي أخفقت حتى الساعة بأساليبها وضغوطها وتهديداتها في تحقيق مآربها بإجبار وزير الإعلام جورج قرداحي على الاستقالة ولا حتى الاعتذار في ظل تأكيده أمس بأنّ الاستقالة غير واردة عنده، كما فشلت المملكة في دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الاستقالة تحت وطأة الضغوط والمقاطعة الدبلوماسية، وذلك بعدما أجرى ميقاتي سلسلة اتصالات مع واشنطن وباريس نصحته بعدم الاستقالة.
وبعد مداولات ومشاورات بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والرئيس ميقاتي والبطريرك الماروني مار بشارة الراعي، حسم قرداحي أن استقالته من الحكومة غير واردة. ولفتت معلومات «البناء» إلى أن استقالة قرداحي باتت وراءنا ولا أحد مقتنع بها من المرجعيات الرئاسية، كما أن موقف حزب الله متصلب برفض هذا المخرج، وأبلغ المعنيين بأنه في حال استقال سيسحب وزراءه من الحكومة ولذلك لن يستقيل قرداحي لئلا تسقط الحكومة. كما أكدت المعلومات بأن استقالة الحكومة غير واردة في هذا الظرف الصعب التي تعيشه البلاد، وهذا ما تؤكد عليه عواصم قوى غربية فاعلة في لبنان كواشنطن وباريس اللتين أكدتا بأن بقاء الحكومة أمر أساسي لاستقرار لبنان.
وكان ميقاتي طلب من قرداحي «تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لإعادة إصلاح علاقات لبنان العربية». فيما طلب الراعي من قرداحي خلال زيارته له في بكركي الاستقالة، كما كشف رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعد لقائه الراعي أن «وزير الاعلام عرض علي الاستقالة من بعبدا أو من بكركي، إلا أنني رفضت، فهو لم يرتكب أي خطأ… لا نقبل بالتعاطي بدونية مع أي جهة كانت». فيما أفادت معلومات أخرى أن «البطريرك الراعي طالب قرداحي بالاستقالة والأخير لم يعلّق لا سلباً ولا إيجاباً».
وكشفت مصادر «البناء» أن «ميقاتي أجرى سلسلة اتصالات خلال 48 ساعة الماضية بعدد من المسؤولين الأميركيين والخليجيين في محاولة لاحتواء الموقف الخليجي المستجد، وكذلك تواصل مع «قصر الإليزيه» للاستفسار عن حقيقة الموقف الأميركي والغربي والأوروبي عموماً من حكومته، وما إذا كان هناك قرار خارجي بإسقاطها، كما استفسر عن تعامله إزاء هذا الموقف، فطلب الفرنسيون منه الانتظار لإجراء مروحة اتصالات مع واشنطن والرياض والإمارات لمحاولة تطويق ذيول الأزمة».
وكشفت مصادر أخرى أن «ميقاتي توجه من لندن إلى اسكتلندا، ليجري هناك سلسلة من اللقاءات الدولية والعربية، اليوم وغداً تتعلق بالأزمة اللبنانية مع دول الخليج، على هامش قمة المناخ». ولفتت إلى أن «لقاءات ميقاتي في اسكتلندا، ستبحث في سبل دعم لبنان للنهوض من أزماته، وستكون له كلمة في قمة المناخ، التي يشارك فيها أيضاً وزير البيئة ناصر ياسين».
وكان وزير الخارجية والمغتربين، عبدالله بوحبيب، بحث في اتصال هاتفي، مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، كافة الجهود المبذولة لاحتواء التصعيد، والتخفيف من حدة الأزمة الراهنة، ومشدداً على أهمية التواصل والتلاقي، مع كافة الأشقاء الخليجيين والعرب، وحرص لبنان على أطيب العلاقات معهم، بما يخدم مصلحة الجميع.
وفيما لم تستجب دول خليجية عدة للتجييش السعودي بقطع العلاقات مع لبنان، لا سيما قطر وعمان، توقفت مصادر سياسية عند موقف الجامعة العربية التي لم تجارِ الرياض بمستوى موقفها كما كانت تشتهي، بل جاء موقف الجامعة معتدلاً، فمن جهة طالبت لبنان بالعمل على معالجة الأزمة، ومن جهة ثانية دعت دول الخليج لإعادة النظر بإجراءاتها. فيما دعت وزارة الخارجية الإماراتية المواطنين المتواجدين في لبنان بضرورة العودة في أقرب وقت.
ورحّبت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان، بـ»البيان الصادر عن وزارة الخارجية العمانية، الذي أعربت فيه عن أسفها العميق لتأزّم العلاقات بين عدد من الدول العربية والجمهورية اللبنانية ودعت الجميع إلى «ضبط النفس والعمل على تجنّب التصعيد ومعالجة الخلافات عبر الحوار والتفاهم، بما يحفظ للدول وشعوبها الشقيقة مصالحها العليا في الأمن والاستقرار والتعاون القائم على الاحترام المتبادل وعدم التدخّل في الشؤون الداخليّة»، وأكّدت «حرص لبنان الشديد على أفضل العلاقات مع إخوانه الخليجيّين والعرب».
وفيما علمت «البناء» أنه تم التداول بمخرج مساء السبت الماضي بين عون وميقاتي والراعي بالطلب من قرداحي الاستقالة من تلقاء نفسه حفاظاً على المصلحة الوطنية ولتهدئة الغضب الخليجي، لفتت مصادر «البناء» إلى أن هذا الحل سقط كون قرداحي لم يرتكب أي خطأ وتصريحه سبق توزيره فكيف يمكن أن تتحمل الحكومة المسؤولية؟ ما دفع بالمرجعيات الرئاسية إلى إبلاغ المعنيين بعدم قدرة لبنان والحكومة التجاوب مع المطالب السعودية، كما جرى نقاش عن جدوى استقالة قرداحي وما إذا كانت ستستوعب الغضب السعودي أو ستفك حصارها عن لبنان وتساهم في مؤتمرات الدعم المالي، فطالما لم تستطع أي دولة تقديم ضمانات بهذا الصدد وطالما أن السعودية تقاطع الحكومة منذ تشكيلها وتحاصر لبنان منذ عام 2019 على الأقل، فباتت الاستقالة بلا جدوى وخطوة عبثية مهينة لأنها ستخسر لبنان كرامته وسيادته ولن تعيد له «العطف والدعم» الخليجيين. إلى جانب أن استقالة قرداحي لن تعيد الحكومة إلى الاجتماع بظل عدم التوصل إلى حل لأزمة تنحي القاضي طارق البيطار بقضية المرفأ حتى الساعة ولا بقضية أحداث الطيونة الدموية»، لا سيما أن مطلب السعودية هو اعتذار القرداحي وإقالته، كما أن لا يمكن للسعودية تكرار ما فعلته في فرض إقالة وزير الخارجية السابق شربل وهبي في موضوع قرداحي، كون هناك فرق بين الحالتين: فالأول أخطأ بحق الشعب السعودي وخلال منصبه الوزاري، أما قرداحي فعبر عن موقفه السياسي فقط من دون أي ذم أو إهانة وقبل تعيينه وزيراً. لذلك أشار أكثر من مصدر وزاري إلى أن «الحكومة لن تستقيل ولن يستقيل أحد من أعضائها ولا حتى وزراء تيار المستقبل». فيما علمت «البناء» أن السعودية لن تتراجع عن هذه المطالب وإلا ستكثف ضغوطها على لبنان وستحث دول خليجية وعربية أخرى على حذو حذوها».
في غضون ذلك، دخلت الدبلوماسية الأميركية على خط امتصاص الأزمة التي افتعلتها السعودية، وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تصريح له عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن اجتماع جمعه بنظيره السعودي فيصل بن فرحان، بحثا خلاله الأوضاع في لبنان.
ولم يجارِ الموقف الأميركي الموقف السعودي، بل أكد على العلاقة الجيدة مع لبنان، ما يشير بحسب المراقبين إلى أن السعودية تفردت بالخطوات التصعيدية وجاءت نتيجة مواقف وحسابات سياسية وشخصية للنظام السعودي، وهذا ما ظهر بوضوح بتصريح الناطق الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، سامويل وربيرغ، الذي أوضح أن «بلاده ليس لديها موقف معين من الأزمة الدبلوماسية والسياسية بين لبنان والسعودية»، مشدداً على «أننا لا نريد الدخول في الصراع القائم بين البلدين، لأن لدينا علاقات مع لبنان ومع الشعب اللبناني منذ سنوات، كما لدينا علاقات مع الدول الخليجية». وأوضح في حديث تلفزيوني، أن «أميركا ترى أن الوقت الآن هو لدعم الحكومة اللبنانية وتشجيع الاستقرار».
وكشفت مواقف المسؤولين السعوديين بعرضهم أسباب خطواتهم ضد لبنان، بأن القضية ليست موقف قرداحي ولا تهريب مخدرات إلى المملكة، بقدر ما هي تخفي أهدافاً مبيته لتحقيق غايات خاصة على حساب لبنان، وإلا لأمكن معالجة تصريح الوزير بالطرق الدبلوماسية المتبعة عادة بين الدول فكيف إذا كان بين دولتين عربيتين شقيقتين، وهل يستأهل الأمر كل هذا التهديد والعقاب للدولة والشعب في لبنان؟ وأقر وزير الخارجية السعودي بأن الإشكالية في لبنان أكبر من تصريح وزير، وإنما تكمن في سيطرة وكلاء إيران. ورأى في حديث إلى قناة «العربية» أن «لبنان يحتاج إلى إصلاح بسبب سيطرة حزب الله على مفاصل القرار». ولفت إلى أن هيمنة حزب الله على النظام السياسي في لبنان تقلقنا وتجعل التعامل مع لبنان غير ذي جدوى للسعودية ودول الخليج، وعلى قادة لبنان إيجاد مخرج لإعادة لبنان إلى مكانته في العالم العربي وهذا الموضوع متاح».
في المقابل شن رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، السيد هاشم صفي الدين هجوماً هو الأعنف على السعودية، ورد على تصريحات وتهديدات المسؤولين السعوديين، لا سيما على وزير الخارجية السعودي بأن «حزب الله بعيد من كل هذه الأدبيات، وهي أدبياتكم أنتم، والهيمنة والسلبطة والتهديد والوعيد والضغط، ولو أن حزب الله مهيمن على لبنان، لكنت رأيت لبنان آخر، ولما كان لكل الطغاة في لبنان والمنطقة والعالم، أي كلمة هنا في لبنان، ولو كانت كلمة الفصل في لبنان لنا، ليس فقط لا نقبل أن يتعدى أحد على كرامتنا، وإنما الذي ينظر لنا بعين، سوف نقلع له عينتاه، ولكن ليس نحن من يأخذ القرار في البلد، نحن شركاء ولا تضحكوا على العالم أننا نهيمن على لبنان».
واعتبر صفي الدين أن «الحكومة حاجة، وهذه الحكومة يجب أن تقوم بأقل الواجبات بالحد الأدنى مما هو فيه ومن يعمل على توجيه الضغوطات والرسائل واختلاق الأزمات، من أجل أن تفرط هذه الحكومة، أو من أجل أن تتعطل أو من أجل أن يضرب الاستقرار في لبنان، أو من أجل الضغط بعقوبات أميركية أو سعودية أو غير ذلك، هو الذي يريد أن يخرب لبنان ونحن بذلنا وتحملنا ودماؤنا شاهدة على ذلك، من أجل أن لا نأخذ بلدنا إلى الاقتتال الداخلي وقمنا من أجل ذلك بمعالجة المشاكل الاقتصادية والداخلية للبنانيين والذين يدفعون باختلاق الأزمات أزمة أمنية هنا وأزمة دبلوماسية وأزمة سياسية هناك هم الذين يعملون على تخريب لبنان». وقال: «ما تفعله السعودية في لبنان، هي تدين نفسها، وهي تريد أن تقول، أنا الذي أخرّب البلد وأحاصره، هم وراء هذا التهديد، يريدون أن يقولوا للبنانيين، إن حياتكم ومعيشتكم ومستقبلكم بأيدينا، ولكن خسئوا، حياة لبنان ومستقبل اللبنانيين، هو بيد الله وبفضل الذين قدموا الدماء، وضحوا من أجل كرامة الوطن ووحدته وعزته». مشيراً إلى أن «ما يحصل في السعودية، شيء كبير، حيث أن السعودية والخليج عموماً، الذي سار في ركب العلاقات مع إسرائيل، لا يتحمل في المستقبل صوتاً يخرج من لبنان وغيره، ينتقد العلاقات السعودية الإسرائيلية، التي ستصبح علانية في القريب من الأيام المقبلة»، مؤكداً أن «ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يعيش القلق وسوف يواجه مأزقاً كبيراً بعد سقوط مأرب في اليمن، والخوف والقلق من ضياع كل الأوهام التي جاء بها محمد بن سلمان وهذه الخشية هي جزء مما يواجهه لبنان وفشة خلق باللبنانيين».
وكشفت أوساط مطلعة على موقف الحزب لـ»البناء» أن «إقالة قرداحي سيدفع وزراء الحزب للاستقالة من الحكومة فوراً، فالقضية لم تعد مصير وزير، بل مسألة سيادة ومواجهة عدوان سياسي – دبلوماسي اقتصادي، يعمل على إرضاخ وإذلال لبنان ويخفي قراراً بتعميم الفراغ السياسي والحكومي لأخذ البلد إلى أتون الفوضى والخراب الأمني على غرار مشهد الطيونة»، وشدّدت على أن «الحزب سيواجه الحلقة الجديدة من مشروع العدوان، أولاً برفض إقالة قرداحي، وثانياً الاستقالة في حال تمّ ذلك، وثالثاً رفض أي خضوع للابتزاز لتلبية المطالب الأميركية الإسرائيلية المذلة»، مضيفين: «الحزب لن يتراجع في هذه المعركة كما لم يتراجع في معارك أشدّ إيلاماً».
****************************************
لبنان يرفض الابتزاز والسعودية تهدد بعقوبات اقتصادية | ميقاتي للغرب: غطّوني أو أستقيل
يعرف الرئيس نجيب ميقاتي قواعد اللعبة. السعودية لم تختَره رئيساً للحكومة. وهي أساساً غير مهتمة بالتواصل معه. ويعرف أيضاً أنه جاء إلى رئاسة الحكومة بغطاء أميركي وفرنسي. لذلك، يتصرف عملياً على أساس أن باريس أولاً، ثم واشنطن وربما آخرون، هم من يقررون مصير حكومته. لذلك عمد فور اندلاع «الغضب السعودي» من تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، إلى التواصل مع الفرنسيين والأميركيين طالباً المشورة والعون. وأول ما سمعه: لا تستقل، دعنا نحاول التوسط، لكن فَكّر في خطوة تساعدنا! ومع تعثر المحاولات في لبنان، توجه ميقاتي إلى بريطانيا للمشاركة في قمة المناخ، حيث يتوقع أن يلتقي هناك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ويجري اتصالات للاجتماع بمسؤولين أميركيين، وفي جيبه ورقة من خيارين: إما توفير تغطية دولية لحكومتي أو الاستقالة!
الوساطة مع الغرب بدأت بتواصل وزير الخارجية عبدالله بو حبيب مساء الجمعة مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشرق الأوسط فيكتوريا نولاند التي أبلغته استعداد بلادها للتوسط شرط تقديم لبنان تنازلاً كاستقالة قرداحي. ثم عاد رئيس الحكومة واتصل بالمسؤولة الأميركية التي أعادت على مسمعه ما أبلغته لوزير الخارجية، ولم تجبه على طلبه بترتيب لقاء له مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على هامش قمة المناخ في اسكتلندا. وقد كان ميقاتي صريحاً في إبلاغ المسؤولة الأميركية بأنه غير قادر على إجبار قرداحي على الاستقالة، وأن استقالته ستفتح الباب على تعقيدات قد تقود إلى استقالة وزراء حزب الله وربما وزراء حركة أمل ما سيطيح بالحكومة. فانتهى الاتصال بنصيحة من نولاند لميقاتي بـ«الاستعانة بصديق»، هو البطريرك الماروني بشارة الراعي، علّ الأخير يقنع قرداحي أو فرنجية اللذين دعاهما إلى زيارته.
استجاب البطريرك وأبدى حماسة للتدخل لمعالجة الأمر، على رغم كلام قيل له بأن لا مصلحة لبكركي بذلك، خصوصاً بعد تدخله لمعالجة ذيول كمين الطيونة. لكنه اعتبر أن الموضوع السعودي حساس وهو الذي تربطه بالرياض علاقة وثيقة. لذلك، طلب من فرنجية زيارته برفقة الوزير قرداحي. لكن فرنجية قرر التوجه بمفرده، وكان شديد الوضوح في القول للبطريرك بأن ما يجري ليس سوى عملية إذلال وابتزاز لن يقبل الوقوع تحتها مهما حصل. وهو لا يرى موجباً لاستقالة وزير أدلى بموقف قبل توليه منصبه، ويعبّر عن موقف سياسي مثل أي شخص في العالم. وأبلغه بأنه شخصياً لن يطلب من قرداحي الاستقالة. ولفت فرنجية انتباهَ الراعي إلى أن هذه الطريقة في التعامل لا تعكس احتراماً للبنان، وأنه لا يجوز للبنانيين الوقوع تحت ضغط هذا النوع من الابتزاز. في وقت لاحق، زار قرداحي الراعي الذي حثّه على الاستقالة مع تعمّد تسريب الطلب، فأعاد وزير الإعلام شرح موقفه، وقال إنه مستعد لأي خطوة ضمن سياق عام، لكن العلاج لا يتم على هذا النحو.
أعطت الرياض «مهلة غير مفتوحة لمعالجة الوضع» لا تتعدى يومين
وكان فرنجية قد تشاور مع حلفائه، وسمع كلاماً واضحاً من قيادة حزب الله بأنه لا يحبذ تقديم قرداحي استقالته من الحكومة. وقال مرجع سياسي إن ميقاتي لم يهدد بإقالة وزير الإعلام لأنه تبلغ أنه في حال لم يكن موافقاً على معالجة مختلفة، فليستقل هو من الحكومة إذا وجد نفسه غير قادر على الاستمرار في مهمته أو لم يكن قادراً على تحمل الضغوط السعودية.
ميقاتي أجرى أيضاً مشاورات مع الرئيس نبيه بري الذي ينسق مع قيادة حزب الله ورئيس تيار المردة. وفهم رئيس الحكومة أن الثنائي الشيعي لا يمانع أي حل، ولكن ليس من زاوية الخضوع للابتزاز السعودي. بينما سارع فرنجية إلى إبلاغ الرئيس ميقاتي بأنه في حال إقالة أو استقالة قرداحي فهو لن يعيّن بديلاً عنه، وهو ما عدّه ميقاتي موقفاً عالي السقف. في هذه الأثناء، تبين أن كل ما فعله الأميركيون هو الطلب من الكويت تجميد قرارها سحب سفيرها بانتظار نتائج لقاء الراعي مع فرنجية. وبعد إعلان الأخير موقفه صدر القرار الكويتي بسحب السفير.
عدم الإقالة أو الاستقالة زاد من غضب السعودية التي بقيت مصرّة على موقفها، وزاد من هذا الغضب تسمية حكومة صنعاء شارعاً في العاصمة اليمنية باسم قرداحي، ورفع صور له. لذلك، أعطت الرياض، بحسب مصادر، «مهلة غير مفتوحة لمعالجة الوضع» لا تتعدى يومين، قبل اتخاذ قرار قطع العلاقات مع لبنان وسحب السفراء. فيما فُهم أن إقالة قرداحي أو استقالته تعيد العلاقة إلى مرحلة ما قبل كلامه، أي أن الرياض باقية على موقفها من الحكومة وعدم تقديم أي مساعدة للبنان. والإقالة أو الاستقالة تعني فقط وقف الإجراءات الديبلوماسية الأخيرة وعدم قطع العلاقات. وبحسب المصادر فإن الرياض، في وجه رفض الاستقالة، بدأت بوضوح «إجراءات الطلاق» مع الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها، وهي تنوي رفع مستوى الحصار من خلال فرض عقوبات على كيانات وشخصيات لبنانية بتهمة العمل ضد مصالحها أو دعم الإرهاب في الجزيرة العربية. وستقفل الأبواب أمام أي نوع من الدعم للبنان. وذهبت مصادر معنيّة إلى أن السعودية قد تطلب من القوى الحليفة لها في لبنان، أو تلك التي تمون عليها، مثل القوات اللبنانية وتيار المستقبل، الاستقالة من المجلس النيابي وتعطيل المجلس لا الحكومة حصراً.
حلفاء السعودية في لبنان يراهنون على موقف ما من رئيس الجمهورية ميشال عون ومن الرئيس ميقاتي. يلفت هؤلاء إلى أن الأول سبق أن تخلى عن وزير الخارجية شربل وهبه ولا يمكن أن يتحمل في نهاية عهده قطع العلاقات الخليجية مع لبنان، وأن للنائب جبران باسيل مصلحة بتسجيل موقف مراع للسعودية في وجه فرنجية. أما ميقاتي فلن يكون قادراً على الاستمرار في حكومة في وجه السعودية بعدما كان يراهن على أن تكون حكومته حكومة انفتاح عليها.
مشاركة الوزير خليل في خلية الأزمة تمت من دون موافقة الثنائي الشيعي
رغم ذلك، أبلغ رئيس الحكومة وزراء بارزين وجهات سياسية وسفراء أجانب أنه لا ينوي الاستقالة، وسيسعى خلال مشاركته في قمة المناخ إلى إجراء الاتصالات الهادفة إلى فتح حوار مع السعودية. وبعد تشكيل خلية الأزمة التي ضمت كالعادة وزراء يمثلون جميع الطوائف في الحكومة، علماً أن مشاركة الوزير يوسف خليل تمت من دون موافقة الثنائي الشيعي، وعقد الاجتماع في مكتب وزير الخارجية، ليصار بعدها إلى دعوة نائب السفيرة الأميركية، ريتشارد مايكلز، للمشاركة في الاجتماع (لم يستنكر أحد حضور مسؤول أميركي اجتماعاً رسمياً لبنانياً). وبدا الموقف الأميركي أكثر استياء مما ظهر علناً. وخلافاً لما أشيع، لم يتحدث الديبلوماسي الأميركي عن شروط سعودية في ما خص الموقوفين في ملف تهريب المخدرات أو أي ملفات عالقة بين لبنان والسعودية، بل ركّز على أن مدخل الحل يكون باستقالة قرداحي. وفهم أن هناك خلافاً داخل خلية الأزمة على كيفية مقاربة الأزمة: بين من يُريد الاعتذار للسعودية واستقالة قرداحي، ومن يطلب ربط الاستقالة – إذا كان لا بُدّ منها – بمقابل يحصل عليه لبنان. «فما جرى لا يتعلّق فقط بكلام قرداحي، والدليل على ذلك بيان السعودية التي اشتكت مثلاً من عدم تنفيذ لبنان لوثيقة التعاون القضائي الدولية، علماً أنّ لبنان لم يوقّع عليها أصلاً. كما اشتكت من عدم التعاون في مكافحة تهريب المخدرات، علماً أنّ وزير الداخلية الأسبق محمد فهمي قدّم لهم تقريراً عن كل مراحل التعاون». كذلك يسود أجواء الخارجية امتعاض من تصريح السفير اللبناني لدى السعودية فوزي كبارة الذي تحدّث عن إمكانية عودة العلاقات إلى طبيعتها «في حال نفّذ لبنان ما هو مطلوب منه»، فبدا كأنّه متحدّث باسم السعودية وليس لبنان، وتحدّث خلافاً لموقف الدولة الرسمي.
مع ذلك فإن ميقاتي لا يزال يعوّل على لقاء يعقده مع وزير الخارجية الأميركي على هامش قمة المناخ المقررة في غلاسكو، من أجل تحصين حكومته في وجه رد الفعل السعودي. لكنه أُبلغ ظهر أمس، من قبِل الأميركيين، أن لا لقاء مع بلينكن، ما اعتبره أول رسالة سلبية أميركية. فعاد ليتصل بالفرنسيين الذين يقولون إنهم رتبوا اجتماعاً له مع ماكرون. ويفترض بالأخير إجراء الاتصالات لترتيب لقاءات لميقاتي مع مسؤولين أميركيين. ويشيع ميقاتي في أوساطه أنه لا يرى داعياً لبقاء الحكومة في حالة كانت تحت حصار عربي وغربي وغير قادرة على القيام بأي إصلاحات. علماً أنه يعرف أن سبب الحرص الغربي على بقاء الحكومة يتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة التي يتوقع الغرب أن يحقق حلفاؤه فوزاً كبيراً فيها.
إلى ذلك، تبيّن أن استقالة قرداحي كانت عنواناً لنقاش موسع حول ما تقوم به السعودية في لبنان، وأن في لبنان قوى بارزة لن تقبل مقايضة استقالة وزير بعودة السفير وليد البخاري إلى بيروت، وأن الأخير بات شخصاً غير مرغوب به من قبل غالبية الشعب اللبناني، وهو محل تندّر جميع من يلتقونه، لا سيما حلفائه من الإعلاميين والسياسيين. كما أن تقارير وزارة الخارجية السعودية تصف جهده في لبنان بأنه «غير ذي جدوى».
فشل في الحوار مع إيران حول حزب الله
السعودية: المسألة تتجاوز قرداحي
علمت «الأخبار» من مصادر واسعة الاطلاع أن قرار السعودية قطع العلاقات مع لبنان متخذ منذ أسابيع، وأن التوقيت لم يكن يحتاج سوى إلى ذريعة تم استخراجها من تصريح لوزير الإعلام جورج قرداحي أدلى به قبل تأليف الحكومة بوقت طويل. لكن الأمر بالنسبة للسعوديين احتاج إلى هذه الذريعة نتيجة رفض الولايات المتحدة وفرنسا ودول خليجية قرار محاصرة لبنان وإخضاعه لعقوبات واسعة.
وذكرت المصادر أن الجانب السعودي أبلغ جهات دولية وعربية أن مشكلته تنطلق من الدور «العملاني والكبير» الذي يقوم به حزب الله في اليمن، وأن الرياض في حال إحباط نتيجة رفض الجانب الإيراني التجاوب مع طلبها التدخل لدى الحوثيين للقبول بوقف لإطلاق النار، ثم زاد الإحباط عندما طرح السعوديون مسألة «خبراء حزب الله في اليمن» وجاءهم الجواب الإيراني: اذهبوا إلى بيروت وابحثوا الأمر هناك!
وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أعلن صراحة في مقابلة مع شبكة «سي أن بي سي» الأميركية، بأن سبب الوضع الحالي بين السعودية ولبنان «أوسع من مجرّد تعليقات وزير واحد»، وأن المشكلة هي في «واقع أن المشهد السياسي في لبنان لا يزال يُهيمن عليه حزب الله». ورفض أن يُسمّي ما يجري حالياً بين البلدين بـ«الأزمة»، معلناً أن السعودية تعتقد أن التعامل مع لبنان في هذه المرحلة «غير مثمر أو مفيد» بالنسبة لها، وليس من مصلحتها.
الوزير السعودي كرّر موقفه في حديث إلى وكالة «رويترز» بالقول: «القضية أوسع بكثير من الوضع الحالي… المهم أن تُصيغ الحكومة في لبنان، أو المؤسسة اللبنانية، مساراً للمُضي قدماً بما يحرّر لبنان من الهيكل السياسي الحالي، الذي يُعزّز هيمنة حزب الله».
ميقاتي: اللهم إني قد بلّغت
في مجموعة «واتساب» التي تضم وزراء الحكومة، وصلت رسالة مساء أمس من الرئيس نجيب ميقاتي كتب فيها: «أعزائي جميعًا، الله وحده يعلم مدى سعادتي بهذه المجموعة المميزة، ويزداد سروري بجديتكم بالعمل والمثابرة من أجل انجاح مسيرتنا. ولا أخفي عليكم انني كنت ناشدت سابقًا معالي الوزير قرداحي بأن يغلّب حسه الوطني على اي أمر آخر، ولكن هذا لم يُترجم واقعياً، وعليه نحن أمام منزلق كبير. واذا لم نتدارك حل هذه الازمة سريعًا، نكون وقعنا في ما لا يريده احد منا. اللهم اشهد إني قد بلغت…».
*************************************
السنة السادسة: التحكّم الكامل لـ “حزب الله”
وسط تخبط أركان الدولة والحكومة في عجز فاضح عن اتخاذ “قرار سيادي” يدرأ عن لبنان التداعيات الكارثية لعاصفة الغضب الخليجية حياله، قرر “#حزب الله” ان يهدي حليفه رئيس الجمهورية #ميشال عون في ذكرى بدء السنة السادسة والأخيرة من عهده، عرض قوة من شأنه ان يثبت ان الحزب هو الحاكم بأمره، وهو صاحب القرار المطلق والسطوة الساحقة على الحكم والحكومة. وفيما اتجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى “الاستعانة” بالوساطات الغربية، ولا سيما منها الفرنسية والأميركية، علّها تفتح باباً للحوار مع الدول الخليجية لتخفيف وطأة العزلة التي بدأت تحكمها حول لبنان إجراءات المقاطعة الديبلوماسية والتجارية بداية، وفيما تصاعدت هذه الإجراءات منذرة بعزل قاس وطويل الأمد، جاء رد “حزب الله ” مزدوجاً عبر منع استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي حتى حين اتجه الاخير نفسه إلى الاستقالة، وزيادة وتيرة التحدي عبر رفع صور قرداحي في شوارع يمنية عبر الحوثيين وامام السفارة اللبنانية في طهران. واما المفارقة التي اثارت دلالات بالغة السلبية فتمثلت في ان الرئيس عون الذي “احتجب” امس عن ذكرى مرور خمس سنوات على انتخابه وتسلمه مهماته، فبدا غائبا تماماً عن مجريات صراع بات يتهدد لبنان بأوخم العواقب كإحدى النتائج الأساسية الخطيرة لواقع العهد المتحالف مع “حزب الله” وليس في غياب العهد عن اتخاذ قرار حاسم يعلن فيه رفضه جر لبنان إلى هذا المنقلب وردع أي فريق عن العبث بمصير لبنان وتسخيره لمصالح الارتباط بمحور إقليمي ينزع لبنان من محيطه ويتهدد مصالحه ومصالح أكثر من 500 الف لبناني يعملون في الدول الخليجية، سوى الاثبات الذي زود الدول الخليجية وغيرها الذريعة الأكبر للمضي في إجراءاتها.
حصل كل ذلك على وقع نهاية السنة الخامسة وبداية السنة السادسة من العهد، في وقت تتربص بالبلاد تداعيات الملفات الكارثية الأخرى التي، وان غابت ظرفيا عن واجهة المشهد الداخلي بعدما عصفت به انواء المقاطعة الخليجية غير المسبوقة للبنان، سرعان ما ستعود بتفاقم اشد سوءاً مع ترنح الحكومة أكثر فأكثر بعدما حولها الفيتو تلو الفيتو من “حزب الله” اشبه بحكومة تصريف اعمال هرمة قبل ان تتجاوز الأربعة أسابيع من عمرها.
قرداحي: لا استقالة
ولذا جاءت الحصيلة النهائية للمواجهة التي بدت الدولة، عهدا وحكومة، الطرف العاجز والأضعف فيها، بأن أعلن وزير الإعلام جورج قرداحي امس بشكل حاسم ان استقالته من الحكومة “غير واردة” وسط تدفق تصريحات نواب ومسؤولي “حزب الله” بالإشادة به وبرفض استقالته وبالهجوم على الإجراءات الخليجية.
وبدا الوضع الحكومي كأنه خرج من الإطار اللبناني – الخليجي الصرف بعدما تقرر “رسميا” ومن خلال وزير الخارجية عبد الله بو حبيب و”خلية الازمة” الوزارية دعوة بالقائم بالاعمال الأميركي في بيروت وإبلاغه طلباً رسمياً بتوسيط الولايات المتحدة مع دول الخليج لاحتواء الازمة، لكن الوزير نفسه نعى اللجنة ليلا في حديث إلى “الجديد” اذ قال “لم يعد هناك وجود للخلية التي “انتهى أمرها” نتيجة فشلها ونحن الآن جميعاً على اتصال مع ميقاتي. الخلية فشلت لأن الأزمة أصبحت أكبر من الوزارات وأكبر من لبنان بسبب عوامل خارجية وداخلية أيضاً وهي لن تجتمع مرة أخرى”.
وعلم ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيعزز اتصالاته اليوم وغدا على هامش مشاركته في قمة المناخ في غلاسكو في اسكوتلاندا مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن للطلب إليهما التدخل في احتواء الازمة مع دول الخليج.
#السعودية والإمارات
وقد بحث وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان الأوضاع في لبنان، بحسب ما جاء في تغريدة أمس لبلينكن.
وكرر الوزير السعودي تأكيده ان “الإشكالية في لبنان أكبر من تصريح وزير، وإنما تكمن في سيطرة وكلاء إيران، وعلى قادته ان يفيقوا”. أضاف: “لبنان بحاجة لمراجعة واصلاح شامل يُعيد له سيادته ومكانته في العالم العربي وسندعم أي جهود في هذا الاتجاه”.
كما أن السفير السعودي في لبنان وليد بخاري كتب امس على حسابه الخاص عبر “تويتر” :”أنّ المُخْطِئُ لا يَرْتَكِبُ الخَطِيئةَ إِلاَّ بِإرادةٍ مُسْتَتِرَة…” قالَها جُبران خليل جبران فسمِعها العالَم! ذلك هو أديبُ الكلمةِ”.
وبرزت الأولوية التي تعطيها المملكة العربية السعودية للتطورات مع لبنان من خلال توجيه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز “تقديره وشكره لأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لتضامن البلدين مع السعودية في أزمة تصريح وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي”. في المقابل، اعتبر أمير الكويت أن ما اتخذته بلاده من إجراءات “تؤكد وحدة دول مجلس التعاون الخليجي، وعمق الأخوة بين شعوبه كافة”. كما أجرى العاهل السعودي اتصالا بالملك حمد بن عيسى، عبر خلاله عن شكره نظير ما قامت به البحرين من إجراءات تجاه التصريح، و”بما يجسد تضامن السعودية والبحرين ويعكس وحدة دول مجلس التعاون الخليجي”. وجدد ملك البحرين تأكيده عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، وتماسك دول مجلس التعاون الخليجي.
وكانت سبحة الإجراءات كرت من دول خليجية إضافية في حق لبنان. واستدعت وزارة الخارجية الكويتية، سفيرها من لبنان، وطلبت من السفير اللبناني لديها مغادرة أراضيها خلال 48 ساعة. كما قرّرت دولة الإمارات المتحدة سحب ديبلوماسييها من لبنان ناصحة مواطنيها المقيمين بالسفر والاخرين بعدم السفر إليه. وأمس اصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بيانا جاء فيه: ” نظرًا للأحداث الراهنة وبناءً على قرار منع سفر مواطني دولة الإمارات إلى لبنان والذي جاء تزامناً مع قرار سحب دولة الإمارات ديبلوماسييها من لبنان، تدعو وزارة الخارجية والتعاون الدولي جميع مواطنيها الموجودين في لبنان بضرورة العودة إلى دولة الإمارات في أقرب وقت”.
وفيما لم تتخذ قطر وسلطنة عُمان إجراءات مماثلة لتلك التي اخذتها الدول الخليجية الأربع الأخرى انتقدت قطر تصريحات وزير الإعلام اللبناني، فيما أعربت سلطنة عمان “عن أسفها العميق لتأزم العلاقات بين عدد من الدول العربية والجمهورية اللبنانية”، في معرض تعليقها على خلاف السعودية ولبنان.
وأجرى وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب اتصالا هاتفياً بنظيره العُماني السيد بدر بو السعيدي “مثمّناً البيان الصادر عن وزارة الخارجية العُمانية بخصوص الأزمة الراهنة ومؤكداً أهمية الحوار والتفاهم لتجاوزها وحرص لبنان الشديد على أفضل العلاقات الأخويّة مع أشقّائه العرب والخليجيين”. كما أجري اتصالا مماثلا بنظيره القطري.
بكركي والإخفاق
ولعل اللافت في هذا السياق ان الاندفاع نحو الوساطة الأميركية والفرنسية جاء عقب الفشل في توسيط بكركي لاقناع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية باعتباره المرجعية السياسية لوزير الإعلام، وقرداحي نفسه أيضا بالاستقالة، اذ لم يتوصل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي إلى إقناعهما بالإقدام على تقديم قرداحي استقالته بعد لقائيه معهما تباعا السبت الماضي.
وعكست عظة الراعي في جانب منها أمس هذا الإخفاق اذ قال: “أتت هذه الحكومة بغية إنهاض لبنان وترميم علاقاته مع الأسرة العربية والدولية. فتعثرت بسبب التحقيق القضائي في إنفجار المرفأ. وتأتي اليوم الأزمة مع المملكة العربية السعودية خصوصا ودول الخليج العربي عموما، وهي متعددة الأسباب ومتراكمة، ومن شأنها أن تسيء إلى مصلحة لبنان ومصالح اللبنانيين. لذلك نتطلع إلى أن يتخذ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وكل معني بالموضوع، خطوة حاسمة تنزع فتيل تفجير العلاقات اللبنانية الخليجية. وإذ ندعو إلى هذا الموقف الحاسم، فدفاعاً عن لبنان واللبنانيين المقيمين في الوطن وفي الخارج”.
*********************************************
ميقاتي يعوّل على ماكرون… والسعودية لا ترى “جدوى” من لبنان “الإيراني”
“حزب الله” يغرز “الخنجر اليمني” في خاصرة الحكومة: قرداحي “يمثّلني”!
بعد نهاية أسبوع حافلة بـ”اللف والدوران” حول مسألة استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي من عدمها، انتهى مشهد التخبط الحكومي على سيناريوات مفتوحة على كافة الاحتمالات، بعدما أطاح رعاة قرداحي وحُماته السياسيين والإقليميين بكل صيغ الحلول الممكنة لتطويق ذيول الأزمة المتفجرة مع دول الخليج العربي رأفةً بالبلد المفلس وأبنائه المُعدمين… فلا مناشدة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزير إعلامه “تقدير المصلحة الوطنية” نفعت، ولا حتى تمني بكركي عليه “تغليب مصلحة لبنان فوق أي مصلحة أخرى” لاقت آذاناً صاغية، ليأتي رد قرداحي بصريح العبارة عبر قناة “الجديد”: استقالتي غير واردة”.
وبعدما بدا من ميوعة في التعاطي الرئاسي والحكومي أمام هول ما قد تستجره القطيعة الخليجية العربية من ويلات على البلد، ذكّر البطريرك الماروني بشارة الراعي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بمسؤولياتهما المباشرة عن الإسراع في اتخاذ “خطوة حاسمة تنزع تفجير العلاقات اللبنانية – الخليجية دفاعاً عن لبنان واللبنانيين المقيمين في الوطن وفي الخارج”… بينما على الضفة المقابلة أمعن “حزب الله” في غرز “الخنجر اليمني” في خاصرة الحكومة بارتقائه في الموقف من تبني كلام قرداحي المؤيد للحوثيين في مواجهة “العدوان السعودي – الإماراتي”، إلى مرحلة تهويلية جديدة فرضها على جدول أعمال مجلس الوزراء تقوم على معادلة نقلتها أوساط “الحزب” إلى المعنيين ومفادها: قرداحي “يمثلني” وأي إطاحة به ستطيح بالحكومة!
وإذ سُرّبت معلومات صحافية مساءً تنقل صراحةً تلويح قرداحي بهذه المعادلة خلال مكالمته الهاتفية مع ميقاتي بسؤاله: “إذا أنا استقلت هل تضمن بقاء حكومتك؟”، سارع مكتب الإخير الإعلامي إلى نفي هذه المعلومات، بالتزامن مع تولي المسؤولين في “حزب الله” إطلاق رشقات تحذيرية غير مباشرة باتجاه السراي الحكومي، تصبّ في خانة شبك المصير الحكومي بمصير مقعد وزير الإعلام، بدءاً من رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” محمد رعد الذي كان الأكثر وضوحاً في التعبير عن هذا الاتجاه، من خلال تحذيره من أنّ الأزمة القائمة “لا تنتهي بإقالة أو باستقالة وزير إنما ربما بتصدع الوضع الحكومي برمته”، تلاه النائب حسن فضل الله بالتصويب على ما تمارسه “جهات في الحكومة” من ضغوط على قرداحي، متوجهاً إلى كل من يعنيه الأمر بالقول: “نحن نقف إلى جانب الوزير جورج قرداحي وسنتصدى ولن نخضع”.
وبينما كانت صور وزير الإعلام الممانع ترتفع في صنعاء حيث قررت جماعة “الحوثي” استبدال اسم “شارع الرياض” باسم “شارع جورج قرداحي”، كان وزراء الحكومة يتخبطون في حرب تغريدات وتغريدات مضادة على خلفية الموقف من الأزمة مع الخليج العربي، انطلاقاً من تغريدة تصعيدية دعا فيها وزير “حزب الله” علي حميه إلى “شد الأحزمة وعدم الخضوع للابتزاز فما الحياة إلا وقفة عز”، ليأتيه رد من وزير الصحة فراس أبيض من دون أن يسميه مدوّناً: “صحيح الحياة وقفة عز، وهي أيضاً وقفة وفاء” لما قدمته السعودية ودول الخليج للبنان واللبنانيين “من دعم وإعمار ومنح وفرص عمل”، ليتبعه وزير البيئة ناصر ياسين الذي يرافق ميقاتي إلى قمة المناخ بتغريدة بدت مضادة لتغريدة حميه، شدد فيها على أنّ “الأوطان لا تدار بتغريدات بطولية وأوهام الانتصارات”، وصولاً إلى وزير الداخلية بسام مولوي الذي دعا في تغريدته إلى أن “يتعظ الجميع فلبنان يستمد شرعيته العربية من علاقاته المميزة والعميقة مع السعودية ودول الخليج العربي، ولا يحتمل عزلته عن محيطه ولا يمكن لأحد تغيير هويتنا العربية”.
أما على مستوى الجهود الحكومية لمحاولة رأب الصدع مع العرب، وبينما اتكأ وزير الخارجية عبدالله بو حبيب على “تطمينات أميركية” بتأمين الغطاء لاستمرار الحكومة، نقلت مصادر وزارية إيلاء رئيس الحكومة أهمية كبيرة لنتائج لقائه المرتقب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في سبيل تحصين الكيان الحكومي ومنع انفراط عقده، موضحةً أنّ “الأجواء الأميركية والفرنسية لا تزال حريصة على بقاء الحكومة بالتوازي مع تكثيف الجهود لتبريد أرضية الأزمة الخليجية تحت أقدامها”.
وفي حين يترقب المسؤولون الحكوميون خلاصة ما توصل إليه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان بشأن مستجدات الملف اللبناني، قطع بن فرحان الشك باليقين في معرض تشخيصه مسببات الأزمة اللبنانية مشدداً على أنّ المملكة العربية السعودية لم تعد ترى أي “جدوى” من التعامل مع لبنان في ظل “هيمنة وكلاء إيران” عليه، وخلص إلى التأكيد على كون الأزمة ليست بين السعودية ولبنان بل هي أزمة داخل لبنان نفسه، داعياً في هذا المجال إلى أن “تصيغ الحكومة اللبنانية مساراً للمضي قدماً بما يحرر لبنان من الهيكل السياسي الحالي الذي يعزز هيمنة “حزب الله”، لأنّ لبنان يستحق الكثير وهو قادر على تحقيق الكثير لو التفت قادته لمصلحة لبنان بدل المصلحة الشخصية أو مصالح دول أخرى مثل تمكين “حزب الله” من جميع مفاصل الدولة”.
*********************************************
حزب الله «يتحكّم» بموقف قرداحي وخيار استقالة الحكومة «غير وارد»
بيروت: كارولين عاكوم
أكد وزير الإعلام جورج قرداحي أن استقالته من الحكومة غير واردة فيما بدت واضحة الضغوط التي يمارسها حزب الله لجهة رفضه هذه الاستقالة وهو الخيار المستبعد بالنسبة إلى الحكومة مجتمعة حتى الساعة مع تكثيف الاتصالات الخارجية على أكثر من خط لإيجاد حل للأزمة بين لبنان ودول الخليج التي سيكون لها تداعيات سلبية على مختلف الصعد في لبنان.
وفيما قالت مصادر في «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط» إن موقف حزب الله هو الذي يتحكم بقرار قرداحي لجهة الاستقالة من عدمها، أكدت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أنه يتم العمل على إيجاد حل من المرجح أن يكون أساسه استقالة قرداحي، ولفتت في الوقت عينه إلى أنه ليس هناك أي توجه لاستقالة الحكومة حتى الآن لا سيما أن المجتمع الدولي غير مشجع للخطوة لما لها من آثار سلبية على البلد.
وأمس أعلن قرداحي لقناة «الجديد» أن استقالته من الحكومة غير واردة وهو موقف تزامن مع تصعيد من قبل النائب في حزب الله حسن فضل الله ووزير الأشغال المحسوب على الحزب علي حمية الذي دعا إلى «شد الأحزمة وعدم الخضوع للابتزاز».
وقال حمية في تغريدة له: «السيادة الوطنية واستقلالية القرار وكرامة لبنان، تسمو على كل اعتبار».
من جهته كان واضحاً النائب فضل الله برفض ما قال إنها ضغوط تمارس على قرداحي، موضحاً «نرفض الضغوط التي تمارس على وزير الإعلام، سواء جاءت من جهات في الحكومة أو من جهات خارجية، وأي موافقة على سياسة الإذعان هي مزيد من الخضوع والإهانة وعدم الشعور بالكرامة…»
مع العلم أن رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية (المحسوب عليه الوزير قرداحي وحليف حزب الله)، كان قد أعلن بعد لقائه البطريرك الراعي يوم أول من أمس، أن وزير الإعلام عرض عليه تقديم استقالته من بكركي أو إلى رئيس الجمهورية لكنه رفض.
وفي هذا الإطار، يقول نائب رئيس تيار المستقبل، النائب السابق مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستبعد أن يكون حزب الله هو من شجع قرداحي على عدم الاستقالة بحيث إنه كلما زادت القطيعة والتباعد بين لبنان ودول الخليج سيكون هو مرتاحاً ويستفيد أكثر انطلاقاً من أن هذا الأمر يخلق فراغاً يعتقد أنه (حزب الله) يعمل هو وإيران على سده إضافة إلى تفاقم ردود الفعل الشعبية».
من جهته، قال الوزير السابق بطرس حرب: «الجميع يحمل الحكومة مسؤولية هذه الأزمة، وينتظر منها خطوات تسهم في ترطيب الأجواء وحلها»، سائلاً: «لكن هل ستسمح إيران وحزبها بذلك، أم ستستمر في التهديد بالانسحاب من الحكومة، وبالتالي تعطيلها نهائياً وتفجيرها من الداخل، وما سيكون موقف رئيس الجمهورية وحزبه من هذا الأمر؟».
ورفض حرب في بيان له «أي مس بالمملكة، ونرفض تعريض اللبنانيين لمخاطر تعطيل علاقات لبنان بها وانعكاس ذلك على المصلحة الوطنية العليا، كما إعطاء أي مبرر لتغطية خطأ الإساءة إليها وعدم اتخاذ الموقف الملائم لمعالجة الأزمة السياسية التي نشأت…»، مضيفاً «ارتكب أحد الوزراء خطأً جسيماً أدى إلى خلق الأزمة في العلاقات اللبنانية – السعودية، والجميع يعلم أن من مصلحة لبنان إيجاد مخرج منها، وأن رفض الوزير المعني الاعتذار من المملكة أو الاستقالة من الحكومة، لرفع الضرر عن لبنان، عمق الأزمة وأدى إلى تعليق العلاقات الدبلوماسية وسحب السفراء. الجميع يحمل الحكومة مسؤولية هذه الأزمة، وينتظر منها خطوات تسهم في ترطيب الأجواء وحلها، لكن السؤال الكبير، هل ستسمح إيران وحزبها بذلك، أم ستستمر في التهديد بالانسحاب من الحكومة، وبالتالي تعطيلها نهائيا وتفجيرها من الداخل، وما سيكون موقف رئيس الجمهورية وحزبه من هذا الأمر؟».
وختم: «جاءت هذه الحادثة لتؤكد ما نطالب به منذ زمن بعيد، من أن لا قيامة لدولة لبنان ما دام في يد حزب الله سلاح غير شرعي متحكم بالقرارات السياسية للدولة ومصادر للقرار الوطني، وما دام مسؤولوها، من أعلى الهرم إلى أسفله، خاضعين للوصاية الإيرانية وقابلين بمصادرة رأيهم، رغم كل الأضرار والمصائب التي تترتب على ذلك».
*********************************************
“الجمهورية”: قرار اميركي ـ فرنسي بإستمرار الحكومة تقابله ضغوط لاستقالة قرداحي
تتسارع الاتصالات في مختلف الاتجاهات وعلى كل المستويات المحلية والاقليمية والدولية لاحتواء الأزمة الناشئة بين لبنان والمملكة العربية السعودية، على خلفية مواقف وزير الاعلام جورج قرداحي، كان أعلنها قبل توزيره بأسابيع، وتركّز هذه المساعي والاتصالات على ايجاد حل يشكّل مخرجاً يرضي الجميع، فيما تقوم الولايات المتحدة الاميركية بوساطة في العمق لإنهاء هذه الأزمة، كان من عناوينها لقاء وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن مع نظيره السعودي الامير فيصل بن فرحان، على هامش قمة المناخ في غلاسكو، وتواكبها اتصالات غير مباشرة لبعض المسؤولين مع الرياض. ورشح انّ بعض الجهات المعنية ترغب في أن يقدّم قرداحي استقالته كمخرج من شأنه ان يجنّب استقالة الحكومة برمتها، خصوصاً انّ المسؤولين اللبنانيين تلقّوا بعض الإشارات من دول ومؤسسات دولية مالية وغير مالية، تدل الى انّها تعيد النظر في التعهدات التي قطعتها للتعاون مع الحكومة.
لكن هذه الاتصالات والمساعي لم تثمر نتائج عملية بعد، في ظلّ معلومات تشير الى انّ الساعات المقبلة ستحمل معطيات تراوح بين الإيجابية والسلبية، علماً أنّ قرداحي الذي يتلقّى تمنيات من بعض المراجع في الداخل ومن جهات في الخارج، تدعوه الى تقدير الموقف، اكّد تمسّكه بموقفه الرافض للاستقالة، لاقتناعه بأنّه لم يخرج عن سياسة الحكومة المتمسكة بتعزيز علاقات لبنان مع اشقائه العرب، وانّ ما عبّر عنه قبل توزيره إنما كان موقفاً شخصياً، لا يلزم الحكومة بعدما صار وزيراً فيها، في الوقت الذي اكّدت الرياض انّ موقفها يتجاوز مواقف قرداحي الى ما تسمّيه «هيمنة عملاء ايران على لبنان» وهي تعني بذلك «حزب الله» وحلفاءه.
وفي هذا الخضم، ينشط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من اسكوتلندا بلقاءات على هامش قمة غلاسكو للمناخ، وباتصالات مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومع جهات عربية ودولية، محاولاً تدوير الزوايا لإيجاد حل ينقذ حكومته، التي ما زالت طريّة العود، من السقوط، الذي في حال حصوله قد يكون له انعكاسات مدمّرة على لبنان الغارق في انهيار مالي واقتصادي ومعيشي يحتاج معه الى دعم عربي ودولي كبير للخروج منه. وعلمت «الجمهورية»، انّ ميقاتي مصرّ على استقالة قرداحي لانّها تسحب الذريعة السعودية وتشكّل مفتاحاً للحل.
استبعدت مصادر مطلعة ان تتمّ قريباً معالجة الازمة بين دول الخليج ولبنان، لافتة إلى أنّه بات ثابتاً انّ الموقف الحاد للسعودية وبعض العواصم الخليجية يتجاوز في جوهره حدود الاعتراض على تصريحات قرداحي.
ووقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية»، انّ المواقف التي أدلى بها قرداحي «كانت الشرارة التي أشعلت برميل البارود، ولكن البرميل ممتلئ أصلاً بالمواد المتفجرة، وكان يكفي ان يُرمى فيه اي ثقاب حتى ينفجر». ولفتت إلى «انّ استقالة قرداحي من عدمها أصبحت مجرد تفصيل في هذه الأزمة التي تمتد خيوطها حتى مأرب في اليمن»، كاشفة انّ «ليست هناك أي ضمانات بأنّ الرياض والدول المتضامنة معها ستتراجع عن إجراءاتها التصعيدية الأخيرة اذا استقال قرداحي».
واشارت المصادر إلى «أنّ هناك انطباعاً لدى بعض المراجع الرسمية بأنّ المستهدف مما يجري ليس إقصاء وزير الإعلام فقط بل الحكومة برمتها، لكن في المقابل يوجد قرار أميركي ـ فرنسي باستمرار الحكومة، الأمر الذي من شأنه منحها إكسير البقاء وإيجاد توازن دولي يحميها حتى إشعار آخر، في انتظار مرور العاصفة».
دعم اوروبي واميركي
وكانت مراجع ديبلوماسية وسياسية مطلعة اكّدت لـ «الجمهورية» انّ الولايات المتحدة الاميركية وقادة الاتحاد الاوروبي «على اتصال مع المسؤولين اللبنانيين لمنع انهيار الحكومة». ولفتت المصادر الى انّ ليس هناك اي «مؤشرات الى الآن عن استقالة الحكومة او اي من الوزراء»، وهي اشارة اكّدت حجم الضغوط التي بُذلت لمنع ميقاتي من الاستقالة، وكذلك بالنسبة الى بعض الوزراء الذين كانوا قد اعدّوا كتب الاستقالة ما لم يُقدم ميقاتي عليها.
وانتهت المراجع الى التأكيد، «انّ استقالة الحكومة قبل ان تقوم بأي مهمة مطلوبة منها تعدّ امراً سلبياً جداً، وتعطي مؤشرات خطيرة تجاه مجموعة الاستحقاقات المطلوبة منها. لكن هل هي قادرة على القيام بأي من هذه المهمات في ظل قدرة بعض الأطراف على تجميد عملها وشلّها الى الدرجة التي تسبب بها وزراء ثنائي حركة «أمل» و»حزب الله».
مصير الحكومة
الى ذلك، قالت مصادر مواكبة للاتصالات، انّ الأزمة المستجدة بين الدول الخليجية والحكومة تستأثر بكل المواقف والمتابعات السياسية «لأنّ عليها يتوقف ليس فقط مصير الحكومة، إنما مصير البلد في حال اتخذت الدول الخليجية قراراً بسحب السفراء نهائياً وقطع العلاقات مع لبنان، ما يؤدي إلى عزله عن محيطه للمرة الأولى في تاريخه ودخوله في منعطف خطير جداً. ولذلك ثكثر الدعوات السياسية والروحية الى معالجة هذه الأزمة سريعاً، بغية تجميد الإجراءات المتخذة والعودة إلى ما قبل نشوئها، لأنّه خلاف ذلك يعني مضي الدول الخليجية في خطواتها ويصبح متعذراً العودة إلى الوراء، ويدخل لبنان في وضع جديد من عزلة غير مسبوقة، فضلاً عن تداعياتها الخطيرة على بلد يعيش أساساً في أزمة مالية واقتصادية خانقة، معلوم انّ خروجه منها غير ممكن من دون مساعدة خارجية وتحديداً خليجية».
ولفتت المصادر الى «المحاولات التي أجرتها واشنطن وباريس تحديداً قبل تأليف الحكومة وبعدها، لاقناع الدول الخليجية بتبديل مواقفها والانتقال من النأي بالنفس إلى توفير مستلزمات الدعم للحكومة. ولكن الموقف الخليجي ربط اي مساعدة محتملة بأداء الحكومة ومواقفها وممارستها، في اعتبار انّ زمن الدعم المجاني على طريق «الشيك على بياض» ولّى إلى غير رجعة، وبالتالي الحكومة كانت تحت مجهر الاختبار، فإذا برهنت عن تبدُّل في السياسة الخارجية تكون نجحت في إعادة تفعيل العلاقة مع دول الخليج، وفي حال فشلت بذلك تبقى الأمور في الحدود التي كانت عليه، لأنّ الخليج ليس على استعداد لمساعدة دولة تستهدفه في أكثر من جانب، بدءاً من السياسة، مروراً بالمخدرات، وصولاً إلى الأمن والخلايا الأمنية.
ولكن ما لم يكن في الحسبان إطلاقاً يكمن في تطوّر الأمور بهذا الشكل والسرعة على أثر بث المقابلة التي كان أجراها قرداحي قبل تأليف الحكومة، ما يعني انّ الدول الخليجية لم تعد تتحمّل حتى موقفاً من هذا النوع، بعد ان طفح الكيل معها من لبنان، ولم تعد في وارد المسامحة ولا غض النظر، فإما لبنان دولة صديقة وتعمل بموجبات هذه الصداقة، وإما دولة عدوة وجب التعامل معها على هذا الأساس بقطع العلاقات الديبلوماسية».
معالجة الذيول
واضافت المصادر، انّ «حتى لو جمّدت الدول الخليجية خطواتها، فإنّ معالجة ذيول الأزمة باتت صعبة ومعقّدة، ودلّت الى عمق هذه الأزمة، ولكن الأساس يبقى في معالجة الإشكالية الأخيرة سريعاً قبل ان تتدهور الأمور أكثر فأكثر، لأنّ المصلحة اللبنانية العليا تستدعي إقفال هذا الملف وحفاظ لبنان على علاقاته مع الدول الخليجية التي تشكّل المتنفّس الأساسي له، فهو يتنفس اقتصادياً من الرئة الخليجية، إن لجهة الدعم والمساعدات الخليجية، أو لناحية الجالية اللبنانية الواسعة العاملة في هذه الدول. وفي حال تطورت الأمور سلباً فإنّ انعكاسات هذه الأزمة ستتجاوز التردّي المالي على مساوئه وخطورته، إلى التأثير على سائر الاستحقاقات بدءاً من الاستقرار السياسي مع الحكومة المعطّلة بسبب أزمة انفجار المرفأ، وصولاً إلى الانتخابات النيابية واحتمالات تطييرها».
بعبدا تواكب
وكانت الإتصالات الجارية لتطويق الأزمة احتلت اولوية اهتمام رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي بقي على تواصل مستمر مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الموجود في لندن، قبل ان يتوجّه مساء امس الى غلاسكو في اسكتلندا لحضور قمة المناخ. وقالت مصادر مطلعة لـ «الجمهورية»، انّ عون تشاور وميقاتي في نتيجة الاتصالات التي أجراها مع الفرنسيين والأميركيين منذ اندلاع الازمة، وبقي على تواصل مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس خلية الأزمة الوزارية وزير الخارجية عبدالله بوحبيب وقرداحي، للوقوف على آخر المواقف مما يجري، ولمتابعة المقترحات المتبادلة وتطورات الوساطة الاميركية والتحرّكات الفرنسية. وأضافت المصادر، انّ عون «اكّد مرة اخرى تمسّك لبنان بأفضل العلاقات مع السعودية ودول الخليج وضرورة معالجة التطورات الاخيرة بالحوار ومن خلال مؤسسات الدولتين».
ميقاتي وماكرون
ولفتت المصادر، الى انّ ميقاتي سيلتقي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبل ظهر اليوم في غلاسكو، فيما قطعت الاتصالات شوطاً بعيداً لترتيب لقاء بينه وبين وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن الذي يرافق الرئيس الاميركي جو بايدن الى قمة المناخ.
وفي الوقت الذي تكثفت فيه المساعي لترتيب لقاء بين ميقاتي ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، قالت المصادر لـ «الجمهورية»، انّ دونه مصاعب وعقبات، فليس لدى ميقاتي ما يلبّي سلسلة الشروط السعودية وما قصده من تصريحاته الاخيرة.
وليلاً علمت «الجمهورية»، انّ ميقاتي سيلتقي على هامش قمة المناخ وزراء خارجية تركيا والكويت ومصر، فيما بقيت مواعيد لقاءات أخرى معلّقة الى حين الاطلاع على برنامج المؤتمر ووقائعه.
الموقف السعودي
وعلى صعيد الموقف السعودي، أفادت وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس) انّ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود اتصل هاتفياً أمس بأمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وأعرب له عن «تقديره لما قامت به دولة الكويت من إجراءات تجاه التصريح الذي أدلى به وزير الإعلام اللبناني، وبما يعكس تضامن دول مجلس التعاون الخليجي. وعدّ أمير دولة الكويت، ما اتخذته بلاده من إجراءات تؤكّد وحدة دول مجلس التعاون الخليجي، وعمق الأخوّة بين شعوبه كافة».
كذلك اتصل الملك سلمان بملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وشكره «نظير ما قامت به البحرين من إجراءات تجاه تصريح وزير الإعلام اللبناني، وبما يجسّد تضامن المملكة والبحرين، ويعكس وحدة دول مجلس التعاون الخليجي». ومن جهته ملك البحرين «جدّد تأكيده عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، وتماسك دول مجلس التعاون الخليجي».
«وكلاء ايران»
في هذه الاثناء أكّد وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان آل سعود في مقابلة بثتها قناة «العربية» مساء امس الاول: «ليس هناك أزمة بيننا وبين لبنان». وتابع: «لكنّ هناك أزمة في لبنان بهيمنة وكلاء إيران على المشهد، وهذا هو ما يقلقنا وما يجعل التعامل مع لبنان ليس بجدوى للمملكة ولا اعتقد لدول الخليج». واضاف: «لا اود اختزال الموضوع في تصريحات شخص، معين فالإشكالية أكبر من ذلك. الاشكالية في لبنان هي استمرار هيمنة «حزب الله» على النظام السياسي».
وقال بن فرحان: «الحقيقة أنّ لبنان يستحق الكثير وهو قادر على تحقيق الكثير لو التفت قادته لمصلحة لبنان، لا بجعل المصلحة الشخصية لمصالح دول أخرى مثل تمكين «حزب الله» من جميع مفاصل الدولة». واضاف: «المهم الآن أن يستفيق القادة في لبنان وان يبحثوا عن مخرج يرجع للبنان الى مكانته في العالم العربي». وأوضح أنّ الأمر «يتطلب إصلاحاً ومراجعة شاملة، الحقيقة انّ الأمر في يد اللبنانيين، وعليهم أن يقرّروا ما هي مصلحة بلدهم. وهذا سيعالج كافة المشكلات».
الحضن العربي او الايراني
ولوحظ انّ مواقف بن فرحان توحي انّ تسريبات اوساط الجامعة العربية كانت «دقيقة» عندما اشارت الى «انّ الكرة في ملعب لبنان، وهو صاحب القرار الذي يشكّل مفتاحاً للازمة القائمة». ولفتت الى انّ المجموعة العربية متمسكة بدعم لبنان وانّها «لا تريده تحت سيطرة حزب الله»، وأنّ على المسؤولين تحديد خيارهم النهائي بين «الحضن العربي» و»الحضن الايراني»، وانّه من الصعب بعد الذي حصل الوصول إلى اي انفراجات ما لم تصدر مثل هذه الإشارات من بيروت وكذلك من الصعب جداً التراجع عن هذا الموقف».
كبش محرقة
في غضون ذلك، ردّ وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب على نظيره السعودي، فتوجّه اليه قائلًا: «أقول لوزير خارجية السعودية انّ «حزب الله» مكوّن أساسي في لبنان، لكنه ليس كل لبنان ولا يهيمن على لبنان. ولن نقبل أن تُحل أي أزمة على حساب السعودية أو على حساب لبنان. ولتتحرك جامعة الدول العربية وتدعو إلى الحوار».
واعلن بوحبيب انّه «لم يعد هناك وجود لخلية الأزمة التي كلّفه ميقاتي رئاستها. وقال في مداخلة تلفزيونية انّه «انتهى أمرها نتيجة فشلها، ونحن الآن جميعاً على اتصال مع الرئيس ميقاتي». وأضاف: «الخلية فشلت لأنّ الأزمة أصبحت أكبر من الوزارات وأكبر من لبنان بسبب عوامل خارجية وداخلية أيضاً. وهي لن تجتمع مرة أخرى». وقال: «هناك قساوة سعودية لا نتفهمها. فالمشكلات بين أي دولتين يتمّ حلّها عبر الحوار «وما عملنا حوار». أخاف على جورج قرداحي «أنو يطلع كبش المحرقة» والاحتمال لا يزال موجوداً». وأكّد انّ «الحكومة باقية. وبحسب ما علمت من الرئيسين عون وميقاتي أنّ هناك تطمينات دولية لدعمها. التعويل في بقاء الحكومة يبقى على الداخل».
القطري والعماني
وكان بوحبيب اتصل أمس بنظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، شاكرًا «كافة الجهود المبذولة لاحتواء التصعيد، والتخفيف من حدّة الازمة الراهنة»، ومشدّدًا على «أهمية التواصل والتلاقي، مع كافة الأشقاء الخليجيين والعرب، وحرص لبنان على أطيب العلاقات معهم، بما يخدم مصلحة الجميع». كذلك اتصل بنظيره العماني بدر بو السعيدي، مثمناً بيان الخارجية العمانية حول الأزمة الراهنة، ومؤكّداً «أهمية الحوار والتفاهم لتجاوزها وحرص لبنان الشديد على أفضل العلاقات الأخوية مع أشقائه العرب والخليجيين».
مواقف
وفي المواقف، اعتبر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد «انّ الأزمة مع السعودية ودول الخليج متعددة الأسباب ومتراكمة، ومن شأنها أن تسيء إلى لبنان ومصالح اللبنانيين». وقال: «نتطلع أن يتخذ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، خطوة حاسمة تنزع فتيل تفجير العلاقات اللبنانية الخليجية، وهذه الخطوة هدفها الدفاع عن لبنان واللبنانيين في الداخل والخارج».
«حزب الله»
واعتبر «حزب الله» اللبناني أنّ ما يواجهه لبنان على خلفية تصريحات قرداحي، جزء من «خشية» السعودية من سقوط مأرب اليمنية في أيدي الحوثيين.
وقال رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين في كلمة له في جنوب لبنان: «لا يعقل أن يكون الموضوع مرتبطاً بتصريح بل هو أكبر من ذلك». وأضاف: «ما يحصل في السعودية شيء كبير، حيث أنّ السعودي والخليج عموماً الذي سار في ركب العلاقات مع إسرائيل لا يتحمّل في المستقبل صوتاً يخرج من لبنان وغيره ينتقد العلاقات السعودية -الإسرائيلية التي ستصبح علنية في القريب من الأيام المقبلة». واضاف أنّ «ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعيش القلق، وسوف يواجه مأزقاً كبيراً بعد سقوط مأرب.. والخوف والقلق من ضياع كل الأوهام التي جاء بها محمد بن سلمان، وهذه الخشية هي جزء مما يواجهه لبنان وفشة خلق باللبنانيين».
وشدّد على أنّ لبنان بحاجة إلى الحكومة، مشيراً إلى أنّها «يجب أن تؤدي أقل الواجبات بالحدّ الأدنى».وقال: «من يعمل على توجيه الضغوط والرسائل واختلاق الأزمات من أجل أن تفرط هذه الحكومة أو تتعطل أو ضرب الاستقرار في لبنان أو الضغط بعقوبات أميركية أو سعودية أو غير ذلك، هو الذي يريد أن يخرب لبنان».
خطوة حاسمة
في غضون ذلك، أكّد وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي «للجمهورية» انّ «الكلام لم يعد ينفع. فحان وقت العمل والشروع فوراً بتطبيق الإجراءات المطلوبة وإنجاز إصلاحات شاملة كخطوة أولى لترميم العلاقة مع الدول العربية الشقيقة». وكرّر التأكيد «أنّ لبنان يستمد شرعيته العربية من علاقاته المميزة والعميقة مع أشقائه في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، وهو لا يحتمل ان يكون في عزلة عن محيطه العربي الذي لطالما وقف الى جانب الشعب اللبناني في أصعب الظروف». وشدّد على انّه «لا يمكن أحد تغيير هوية لبنان العربية. وبالتالي فهو لا يمكنه أن يكون منصّة للهجوم على أي دولة شقيقة إنطلاقاََ من ثوابت المصلحة الوطنية».
وعلى صعيد الإجراءات الواجب اتخاذها، اعتبر مولوي «انّ ما تطلبه المملكة العربية السعودية هو ما نحن نريده لها ايضاً، والتي هي واجبات على الدولة اللبنانية، وهي تؤمّن أيضًا مصلحة الشعب اللبناني». وأكّد انّ ضمان أمن المملكة العربية السعودية واستقرارها وأمانها وأمن مجتمعها هي من ابرز النقاط التي يجب العمل عليها»، معرباً عن التزامه بصفته وزير داخلية لبنان «القيام بما يلزم لمنع تهريب المخدرات وحبوب الكبتاغون عبر مطار رفيق الحريري الدولي كما عبر كل المعابر الحدودية إن عبر المرفأ أو المعابر البرية».وأضاف: «أتابع شخصياً كل التقارير الأمنية التي ترد الى الوزارة بواسطة الاجهزة الأمنية المختصة وسأعالجها في الشكل اللازم في حال لمست فيها أي تهديد للداخل أو للخارج».
البرلمان الاوروبي
وفي ظل هذه الهواجس التي توسعت دوائرها على اكثر من مستوى، يصل الى بيروت اليوم وفد من لجنة العلاقات مع بلدان المشرق في البرلمان الأوروبي برئاسة عضو البرلمان السيدة ايزابيل سانتوس وممثلين من مجموعة التحالف التقدمي الاشتراكي الديموقراطي وحزب «الخضر» الأوروبي. وقالت مصادر اوروبية انّ مهمة الوفد استطلاعية وروتينية يقوم بها موفدون أكثر من مرة كل عام بهدف الاطلاع على الأوضاع في لبنان وتقدير حاجات اللبنانيين في ظل الظروف الصعبة التي تعبرها البلاد.
وسيبدأ الوفد زيارته غداً بلقاء مع رئيس الجمهورية قبل ان يجول على رئيس مجلس النواب نبيه بري تمهيداً لعقد سلسلة لقاءات مختلفة مع رؤساء الكتل البرلمانية والقوى التغييرية وفي مجالات انمائية واجتماعية وانسانية مختلفة.
موقوفو عين الرمانة
من جهة ثانية، دعا أهالي عين الرمانة الى التجمع عند الثامنة والنصف صباح اليوم أمام المحكمة العسكرية في منطقة المتحف، للوقوف إلى جانب موقوفي الطيونة وأهاليهم، على أن يبدأ التجمع عند الثامنة صباحاً أمام سنتر «أبراج» في فرن الشباك.
وتزامناً، دعت جمعية تجار الشياح – كرم الزيتون وعين الرمانة وفرن الشباك جميع التجار الى إقفال محالهم اليوم من الثامنة صباحا حتى الـ 12 ظهراً.
*********************************************
الرياض لمعالجة ارتهان البلد لإيران.. ومصير الحكومة يتقرَّر «في قمة المناخ»!
رعونة سياسية تحمي «تهوُّر قرداحي» والانقسام الوزاري يُهدِّد برنامج الكهرباء والغاز ومفاوضات الصندوق
كأن الإجراءات الخليجية التي تسببت بها «الرعونة» لدى بعض اللبنانيين، في مواقع شتى، والتي من شأنها ان تلحق الضرر الفادح بالمصالح اللبنانية، سواء في ما خصّ الاحتضان السياسي، أو الدعم الاقتصادي عبر الاستيراد للمزروعات والبضائع أو توفير الفرص للمواطنين للعمل، بل مضى الفريق المناهض إلى «صب الزيت» على النار، تارة عبر حضّ وزير الإعلام جورج قرداحي على عدم الاستقالة، والتمسك بالبقاء في الحكومة، على الرغم مما لمسه من رغبة رئاسية مشتركة باتخاذه خطوة الاستقالة، وليس الاقالة، لأسباب ليس أقلها عدم تعريض حكومة الرئيس ميقاتي لخطر الانحلال، إذا ما ارتأى «الثنائي الشيعي» وبعض حلفائه التضامن مع قرداحي.
وتصاعدت حدة الازمة بين لبنان والمملكة العربية السعودية الى منحى، لم يعد ممكنا معالجتها باستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي فقط، كما كان الأمر في بداياتها، بسبب سوء ادارة وتردد كبار المسؤولين، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، اللذين لم يبادرا فورا الى معالجة فورية، اما بالطلب الى قرداحي الاستقالة الطوعية، اواقالته على الفور.
واشارت مصادر سياسية تتابع ملف الازمة، بكل تفاصيله، الى ان اسلوب معالجة الازمة، بتبويس اللحى، وتجاوز سقطة وزير الإعلام هكذا، من دون اي إعتذار رسمي، والامعان في اصدار المواقف الارتجالية ضد المملكة، زاد بالطين بلة، وفتح ملف ازمة العلاقات بين البلدين منذ بداياتها، وذكر بسجل الاساءات الممنهجة، والاصطفافات مع أعداء المملكة، بالمواقف والممارسات حتى اليوم.
واشارت المصادر الى ان طلب لبنان وساطة الولايات المتحدة الأميركية لحل الازمة مع المملكة، لم يؤد الى اي نتيجة، بعدما اظهر الجانب السعودي، لائحة تضمنت الاساءات للمملكة، وسلسلة قدمتها الرياض، للمسؤولين اللبنانيين سابقا، لحل ازمة تردي العلاقات ووضع حد لكل ما يضر بها، لاسيما انتهاج لبنان سياسة عدم الانجرار للتحالفات المعادية للمملكة ودول الخليج العربي، والامتناع عن تدريب الإرهابيين الذين يستهدفون أراضي والممتلكات والمواطنين السعوديين داخل الاراضي اللبنانية، وتسليم المطلوبين بتصنيع وتهريب اطنان من المخدرات الى المملكة وهم معروفون بالاسماء واماكن وجودهم. ولكن كل هذه المطالب، لم يتم التجاوب معها وبقيت معلقة، لخشية وعجز السلطات اللبنانية من حزب الله، إلى ان وصلت الازمة الى ذروتها، مع المواقف الاخيرة للوزير قرداحي.
ومن جهة ثانية، كشفت المصادر ان طلب وساطة الولايات المتحدة الأميركية لحل الازمة مع المملكة، تفاعل داخليا، بين اهل السلطة، لاسيما، بين رئيس الجمهورية من جهة، ورئيس الحكومة من جهة ثانية، بعدما تبين ان طلب هذه الوساطة حصل بايعاز من فريق رئيس الجمهورية مع وزير الخارجية وبمعزل عن الاتفاق مع ميقاتي، وذلك في محاولة مكشوفة من الفريق المذكور للتقرب من الجانب الاميركي لتلميع صورته، واظهار نفسه بالرافض للمواقف المؤيدة لايران، في حين يفضل ميقاتي ويسعى للطلب من الاشقاء في مصر والجامعة العربية، لعب دور الوسيط مع المملكة، لانه اجدى وافعل، وهو ما يسعى اليه.
وكشفت المصادر نفسها، ان تفاعل الازمة على هذا النحو، اقلق حزب الله ، الذي يرفض اقالة أو استقالة الوزير قرداحي، لانه يعتبر هذه الاستقالة موجهة له، ومستاء من الاسلوب الرسمي بالتعاطي مع هذه الازمة، لاسيما الاستعانة بالوسيط الاميركي للاتصال بالمملكة لحلها، ويعتبر ان تصاعد المطالبة باستقالة قرداحي يندرج باطار الحملات المتصاعدة ضد الحزب في المنطقة كلها، وياتي كذلك باطار الاستهدافات الممنهجة ضده، وهو يرفضها بالكامل
ويدعو المسؤولين لاتخاذ مواقف ترفض هذا الطلب.
وتشير المصادر الى ان اكثر ما يزعج الحزب، هي المواقف التي صدرت عن حلفاء له، ترفض مواقف قرداحي، وتشيد بالعلاقات مع المملكة ودول الخليج العربي، بينما كان مفترضا ان تؤيد مواقف الوزير قرداحي أو تلتزم الصمت في هكذا ازمات، وفي مقدمة هؤلاء النائب طلال ارسلان ووئام وهاب والنائب أسامة سعد أيضا.
وتسجل مصادر الحزب بالمناسبة عتبا كبيرا، على قسم كبير من حلفائها، الذين غابوا كليا، عن ادانة القوات اللبنانية في احداث الطيونة الدموية، وتجنبوا
انتقاد سمير جعجع، وكأن الامور مترابطة مع بعضهما البعض، وتدعو للشك والتساؤل عن اهدافها المبيتة.
وقالت مصادر مطلعة على مواقف قصر بعبدا لـ«اللواء» أن الرئيس عون كان على تشاور مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في الجهود المبذولة لمعالجة تداعيات القرار السعودي وعدد من دول الخليج ردا على المواقف التي كان اعلنها الوزير جورج قرداحي قبل توزيره.
وشددت المصادر على ان تأكيدا برز على تمسك لبنان بأفضل العلاقات مع السعودية ودول الخليج وضرورة معالجة التطورات الاخيرة بالحوار ومن خلال مؤسسات الدولتين.
وبانتظار ما ستنتهي إليه مشاورات الرئيس ميقاتي في غلاسكو في ايسلندا على هامش مؤتمر المناخ، مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وربما مع وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن، في ضوء ما طلبه لبنان عبر خلية الأزمة من كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا من التوسط لمعالجة الأزمة بين لبنان ودول الخليج، بدا الموقف آخذاً في الفرز، وزارياً وسياسياً بين متوجه لمعالجة عملية، ترضي الجانبين السعودي والخليجي، أو التخفي وراء شعارات، تدفع لاستمرار الاشتباك وتصعيده. وهو الأمر الذي شدّد عليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، إذ دعا في عظته الأحد إلى اتخاذ خطوة حاسمة تنزع فتيل تفجير العلاقات اللبنانية – الخليجية.
وأوضحت أوساط مراقبة لـ«اللواء» أن الاتصالات التي باشرها الرئيس ميقاتي في الخارج ويستكملها على هامش مشاركته في قمة المناخ قد تعكس مناخا معينا بشأن توجه حكومته في ما خص الأزمة مع دول الخليج على أن أي جلسة حكومية مقبلة غير محددة بعد وعلى الأرجح لن تحدد قبل ضمان الموقف الموحد من الأزمة إذ أن مواقف لعدد من الوزراء على وسائل التواصل الاجتماعي ابرزت انقساما في الرأي وهذا ما قد يصعب الموقف ويضعف الحكومة مجددا. وأكدت الأوساط نفسها أن الحكومة مضطرة أن تجتمع في وقت ما على اعتبار أن هناك استحقاقات تستدعي قرارات حكومية. واشارت مصادر وزارية متابعة الى ان كل المسؤولين اللبنانيين واغلبية الشعب اللبناني يريدون افضل العلاقات مع الدول العربية ولا سيما الخليجية اكثر من اي دولة في العالم. وان الحوار هو افضل السبل لحل الخلافات او المشكلات القائمة والتي لا نسميها ازمات.
وحضر الوضع في لبنان، في الاجتماع الذي عقد بين الوزير الأميركي بلينكن ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان.
وحسب المتحدث باسم الخارجية الأميركي، فإن واشنطن لا تريد الدخول في ما اسمته «الصراع بين لبنان والسعودية بوجود علاقات تربطنا بين البلدين» معتبرا ان: ألوية الولايات المتحدة استقرار لبنان.
محلياً، تابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ظهر أمس، المداولات التي طرحت خلال الاجتماع الذي عقد في وزارة الخارجية والمغتربين لخليّة الأزمة التي انشأها ليل أمس رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بعد التشاور مع رئيس الجمهورية، لمعالجة تداعيات موقف المملكة العربية السعودية الأخير.
وجدّد الرئيس عون التأكيد على حرصه على إقامة أفضل وأطيب العلاقات مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومأسّسة هذه العلاقات وترسيخها من خلال توقيع الاتفاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، بحيث لا تؤّثر عليها المواقف والآراء التي تصدر عن البعض، وتتسبّب بأزمة بين البلدين لا سيّما وانّ مثل هذا الأمر تكرّر أكثر من مرّة.
واعتبر الرئيس عون انه من الضروري ان يكون التواصل بين البلدين في المستوى الذي يطمح إليه لبنان في علاقاته مع المملكة ومع سائر دول الخليج.
وفي هذا السياق، أجرى الوزير عبدالله بو حبيب اتصالا هاتفياً امس، بنظيره العُماني بدر بو السعيدي، «مثمّناً البيان الصادر عن وزارة الخارجية العُمانية بخصوص الأزمة الراهنة، ومؤكداً على أهمية الحوار والتفاهم لتجاوزها وحرص لبنان الشديد على أفضل العلاقات الأخويّة مع أشقّائه العرب والخليجيين». وصدر لاحقاً عن وزارة الخارجية والمغتربين امس، بيان جاء فيه: «ترحب وزارة الخارجية والمغتربين بالبيان الصادر عن وزارة الخارجية العُمانية، والذي أعربت فيه عن أسفها العميق لتأزم العلاقات بين عدد من الدول العربية والجمهورية اللبنانية، ودعت الجميع إلى ضبط النفس والعمل على تجنب التصعيد ومعالجة الخلافات عبر الحوار والتفاهم بما يحفظ للدول وشعوبها الشقيقة مصالحها العليا في الأمن والإستقرار والتعاون القائم على الإحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».
وحسب مصادر مطلعة على اجواء السرايا، «فالحكومة التي تألفت وفق المبادرة الفرنسية تحظى بدعم خارجي، خصوصا من الولايات المتحدة والدول الاوروبية لمنع انهيارها، وبالتالي فإن ضغوطاً خارجية تجري قطعا للطريق على خطوة استقالة الحكومة».
ورأت المصادر أن السبب في هذا التوجه «انه إذا استقالت الحكومة سيتعذر بعدها تأليف حكومة جديدة في عهد الرئيس ميشال عون، وهذا يعني أنه سوف يمسك بالسلطة التنفيذية، وهذا ما يثير ريبة الكثيرين».
واشارت الى أن الاتصالات لم تهدأ بين لبنان ودولة الخليج عبر وسطاء لتهدئة الأوضاع، «خاصة وان بيانات رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة كانت واضحة لجهة عدم تبني ما ورد على لسان قرداحي فضلا عن أنها أكدت التمسك بما ورد بالبيان الوزاري وبأفضل العلاقات مع السعودية والدول العربية».
واكدت المصادر» أن إتصالات فرنسية واميركية تجري مع السعوديين لترتيب الحلول والمحافظة على الاستقرار في لبنان».
وطالب الوزير أبوحبيب الجامعة العربية بالدعوة لعقد اجتماع لمعالجة المشكلة بين لبنان والمملكة العربية السعودية.
واشار بوحبيب الى انه لم يعد هناك وجود لخلية الازمة التي تم تشكيلها اثر الازمة التي اندلعت مع السعودية بعد نشر مقابلة الوزير جورج قرداحي، وقد «انتهى أمرها» نتيجة فشلها ونحن الآن جميعاً على اتصال مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، واعتبر بان خلية الازمة فشلت لأن الأزمة أصبحت أكبر من الوزارات وأكبر من لبنان بسبب عوامل خارجية وداخلية أيضاً وهي لن تجتمع مرة أخرى.
واوضح بو حبيب في تصريح تلفزيوني، بانه لا يوجد خلاف مع كل دول الخليج، وعمان وقطر لم يقطعا العلاقات معنا، كما ان سفير لبنان لا زال في الامارات. ورأى بان هناك قساوة سعودية لا نتفهمها في التعاطي مع لبنان فالمشاكل بين أي دولتين يتم حلها عبر الحوار قبل قطع العلاقات وهذا ما لم يحصل.
واضاف «أخاف على جورج قرداحي «أنو يطلع كبش المحرقة» والاحتمال لا يزال موجوداً».
واكد بان الحكومة باقية وهناك وعود محلية ودولية لمساندتها. وشدد على اننا لا نقبل بحل اي ازمة على حساب السعودية او حساب لبنان، ونحن مع اي حوار ان كان ثنائياً او عبر الجامعة العربية.
وتوجه الى وزير الخارجية السعودي بالقول «حزب الله مكون رئيسي في لبنان، ولكن ليس هو المكون الوحيد في لبنان ولا يمثل كل لبنان». واوضح بان حزب الله لا يهيمن على لبنان ولكنه مكون اساسي، وكل فريق في لبنان لديه خصوصيات ولا يتنازل عنها.
فرحان: المشكلة في هيمنة إيران
خليجياً، اعتبر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بأن الإشكالية في لبنان أكبر من تصريح وزير، وإنما تكمن في سيطرة وكلاء إيران. ورأى بن فرحان في حديث الى قناة «العربية» بان لبنان بحاجة إلى إصلاح شامل يعيد له سيادته وقوته ومكانته في العالم العربي، وسندعم اي جهود في هذا الاتجاه والحوار مستمر مع الافرقاء العالميين.
واشار وزير الخارجية السعودي الى ان لبنان يحتاج إلى إصلاح بسبب سيطرة حزب الله على مفاصل القرار. ولفت الى ان هيمنة حزب الله على النظام السياسي في لبنان تقلقنا وتجعل التعامل مع لبنان غير ذي جدوى للسعودية ودول الخليج، وعلى قادة لبنان ايجاد مخرج لاعادة لبنان الى مكانته في العالم العربي وهذا الموضوع متاح.
واوضح بن فرحان بأنه مازالت المحادثات مع إيران استكشافية ولم تصل إلى نتائج جوهرية. واعتبر بانه من المهم بأن الانتخابات العراقية حصلت بنجاح ودون اضطرابات أمنية وأفرزت نتيجة واضحة. أعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات، أنه «نظرًا للأحداث الراهنة، وبناءً على قرار منع سفر مواطني دولة الإمارات إلى لبنان، والذي جاء تزامناً مع قرار سحب دولة الإمارات دبلوماسييها من لبنان، تدعو وزارة الخارجية والتعاون الدولي جميع مواطنيها المتواجدين في لبنان بضرورة العودة إلى دولة الإمارات في أقرب وقت».
ولفتت، في بيان، إلى أنه «أشار وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي خالد عبدالله بالهول، أنه تجسيداً لحرص دولة الإمارات، الدائم على متابعة أوضاع مواطنيها في الخارج وضمان سلامتهم، اتخذت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، كافة الإجراءات اللازمة لتسهيل عودة مواطنيها من لبنان، كما أكد على جاهزية الوزارة لتسخير الإمكانات كافة لمساعدة أي مواطن موجود في لبنان وذلك للعودة إلى دولة الإمارات».
ولفت السفير السعودي في لبنان، وليد بخاري، في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنّ «المُخْطِئُ لا يَرْتَكِبُ الخَطِيئةَ إِلاَّ بِإرادةٍ مُسْتَتِرَة…» قالَها جُبران خليل جبران فسمِعها العالَم! ذلك هو أديبُ الكلمةِ».
انقسام وزاري
وزارياً، انقسم الموقف، فقد اشار وزير الصحة فراس الابيض في تصريح له عبر وسائل التواصل الاجتماعي في رد غير مباشر على تصريح وزير الاشغال علي حمية الذي اعتبر بان الحياة وقفة عز، الى انه «صحيح الحياة وقفة عز، وهي أيضًا وقفة وفاء، واقولها كلبناني اقام وعمل في المملكة العربية السعودية لسنين، مع كامل التقدير لكل ما قدمته وتقدمه دول الخليج للبنان، من دعم واعمار ومنح، وفرص عمل».
ودعا وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي إلى «الاتعاظ لان لبنان يستمد شرعيته العربية من علاقاته المميزة والعميقة مع أشقائه في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، ولا يحتمل عزلته عن محيطه ولن يكون يوماً منصة للهجوم على أي دولة شقيقة. لا يمكن لأحد تغيير هويتنا العربية. فلنباشر فوراً بتطبيق إجراءات إصلاحية شاملة».
ورأى وزير البيئة ناصر ياسين، أن «الأوطان لا تُدار بتغريدات «بطولية» وأوهام الإنتصارات، بل بحكمة وتروي لمعالجة الكم الهائل من الأزمات، المزمن منها والمتجدد، وبحوار مع الأشقاء العرب لإعادة الثقة معهم، وبإنفتاح على المجتمع الدولي».
ورأى وزير الاقتصاد أمين سلام ان استقالة قرداحي بادرة حسن نية تعيد الأمور إلى مرحلة التفاوض والتحاور مع دول الخليج. كاشفاً ان وضع البلاد لا يحتمل حتى الحديث عن استقالة الحكومة.
وغرد وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية: السيادة الوطنية واستقلالية القرار وكرامة لبنان، تسمو على كل اعتبار، فألف نعم ونعم للندية في العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل، وألف لا ولا لإذلال وطن وشعب جُبِل على حرية الرأي والتعبير، وألف نعم ونعم لشدِّ الأحزمة وعدم الخضوع للابتزاز.
واكد وزير الاعلام جورج قرداحي في حديث أن استقالته من الحكومة غير واردة. وكان قد زار يوم السبت البطريرك الماروني بشارة الراعي، بطلب من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي زار الراعي قبل زيارة قرداحي، وقال في تصريح من بكركي: ان قرداحي إذا استقال أو أُقيل لن نسمي خلفاً له، مع ان مصلحتي الشخصية والسياسية تقول انه يجب ان اشجع قرداحي على الاستقالة، وقد عرض علي ان يقدم استقالته من قصر بعبدا او من بكركي، لكني رفضت لأن ضميري لا يسمح لي ان اطلب من وزير لم يخطئ خلال وزارته، ولا اقبل ان يقدم قرداحي فدية عن احد.
وتمنى فرنجية الاستمرار بأفضل العلاقات مع الدول العربية. وقال: خلال السنوات الـ١٥ الأخيرة لم يكن لدينا أي موقف ضد الدول العربية والخليجية وهذا ليس انطلاقاً من التزلف الذي يمارسه البعض بل انطلاقاً من قناعاتنا.
واستنكر رؤساء الحكومات السابقون، فؤاد السنيورة، سعد الحريري وتمام سلام، المواقف الخارجة عن الاصول والاعراف والمواثيق العربية والدبلوماسية والاخلاقية التي صدرت عن وزير الاعلام في الحكومة جورج قرداحي سواءٌ تلك التي أدلى بها قبل تشكيل الحكومة أو بطبيعة التبريرات التي صدرت عنه بعد ذلك، لأنّها أصبحت تشكل ضربة قاصمة للعلاقات الأخوية والمواثيق والمصالح العربية المشتركة التي تربط لبنان بالدول العربية الشقيقة، وتحديداً مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولاسيما مع المملكة العربية السعودية.
هذه الدول التي تتصدرها المملكة العربية السعودية هي التي وقفت إلى جانب لبنان في الحرص على استقلاله وسيادته وحرياته ومِنْعتِه وصموده واستمراره كوطن للعيش المشترك، ووقفت الى جانبه على الدوام في مواجهة كل الازمات والمحن والملمات التي تعرض لها لبنان على مدى السنوات الماضية ومنذ إعلان استقلاله.
إنّ الخطوة الاولى المطلوبة وفي الحد الادنى هي في أن يدرك الوزير المعني إلى ما أوصلته مواقفه من إِضرار بالمصلحة الوطنية العليا للبنان، وبالتالي في أن يبادر ويسارع إلى تقديم استقالته. إذ إنّ استمراره في الحكومة أصبح يشكّل خطراً على العلاقات اللبنانية- العربية وعى مصلحة لبنان وعلى مصالح اللبنانيين في دول الخليج العربي وفي العالم.
وكان الحريري في بيان له أن وصول العلاقات بين لبنان وبين المملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج العربي الى هذا الدرك من انعدام المسؤولية والاستقواء بالافكار المنتفخة، فهذا يعني بالتأكيد اننا بتنا كلبنانيين نعيش فعلاً في جهنم. سياسات رعناء واستعلاء باسم السيادة والشعارات الفارغة قررت ان تقود لبنان الى عزلة عربية غير مسبوقة في تاريخه. محملا حزب الله المسؤولية.
ان السعودية وكل دول الخليج العربي لن تكون مكسر عصا للسياسات الايرانية في المنطقة، وسيادة لبنان لن تستقيم بالعدوان على سيادة الدول العربية، وتعريض مصالح الدول الشقيقة وامنها للمخاطر المستوردة من ايران.
استنكر مجلس الأعمال اللبناني السعودي، في بيان، «تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، ومن قبله وزير الخارجية السابق، شربل وهبه، وغيرهما من المسؤولين، ممن أساءوا إلى علاقة لبنان، بمحيطه العربي، لاسيما الدول التي وقفت إلى جانبنا أوقات المحن وفي مقدمها السعودية«.
اضاف: أنه إنطلاقا من الأزمة التي تسببت بها التصريحات غير المسؤولة لوزير الإعلام، والذي لم يبادر لا للاعتذار ولا للاستقالة، وحرصًا منا على استمرار علاقات لبنان بالسعودية ودول الخليج الأخرى، وعلى مصالح اللبنانيين، ندعو المسؤولين إلى اتخاذ التدابير الآيلة إلى إقالة وزير الإعلام، الذي تسبب بأزمة غير مسبوقة مع السعودية ودول الخليج الأخرى.
وقال المجلس: أنه إذا تُرك الأمر من دون معالجة جذرية، سيلحق أضرارًا بالغة بالمصلحة العليا للدولة واللبنانيين، الذين يتطلعون إلى تمتين العلاقات مع محيط لبنان العربي، وتصحيح المسار الانحداري الذي أخذ لبنان إلى مواقف ساهمت في عزلته عن الدول الشقيقة التي استمد منها منذ تأسيسه عناصر القوة والتطور الاقتصادي وساعدت في إنهاء النزاعات المسلحة والحفاظ على سلمه الأهلي.
كما استنكر مجلس العمل اللبناني في أبو ظبي، في بيان له السبت، ما جاء على لسان وزير الإعلام جورج قرداحي، مشددا على أن الشعب الذي يتمسك بالتضامن والوفاء والعلاقات التاريخية مع دول مجلس التعاون الخليجي، لا يرضى أبدا بأي سياسة أو خيار أو محور يخرج لبنان من بيئته العربية التي يتفاعل معها، ويحيا فيها منذ عشرات السنين.
ودعا المسؤولين «إلى القيام بكل ما يلزم لإعادة لبنان إلى موقعه العربي الطبيعي، واتخاذ القرارات الحازمة والإجراءات اللازمة لإصلاح العلاقات اللبنانية – الخليجية وإعادتها إلى سابق عهدها المزدهر، ونحن الجالية اللبنانية في الإمارات، نعتبر أنفسنا نسيجا من هذا المجتمع ونعيش بين أهلنا وإخواننا في وئام ووفاق، شركاء متضامنين في السراء والضراء».
642024 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 685 إصابة جديدة بفيروس «كورونا» و7 حالات وفاة، رفعت الحالات المثبتة إلى 642024، خلال الـ24 ساعة الماضية.
*********************************************
بالأرقام… هذه أبرز التداعيات الإقتصادية للأزمة مع المملكة العربية السعودية
فيول العراق في خطر… وإستجرار الكهرباء والغاز من الأردن رهن العاصفة الحالية
أبعاد الأزمة تتخطّى استقالة قرداحي وتطال مواقف لبنان السياسية والديبلوماسية – جاسم عجاقة
لأول مرّة في التاريخ تسوء العلاقات بين الجمهورية اللبنانية والمملكة العربية السعودية لهذا المستوى. فالمملكة قامت بسحب سفيرها من لبنان وطلبت من السفير اللبناني مُغادرة الأراضي السعودية وأوقفت كل عملية إستيراد من لبنان إلى أراضيها. وتبعها في إجراءاتها كلٌ من الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والكويت؛ ومن المتوقّع أن يكون لمجلس التعاون الخليجي مواقف مُتضامنة مع المملكة العربية السعودية. وتبقى المخاوف من تداعيات على مستوى جامعة الدول العربية مع تعليق عضوية لبنان في مجلس الجامعة وهو ما سيكون له تداعيات على الأمد البعيد.
هذا التصعيد، الجديد القديم، الذي فجّرته اليوم تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، بدأ عام 2011 إبان الإطاحة بحكومة الرئيس الحريري، وأخذ يتراكم مع الحرب في اليمن، وموقف وزارة الخارجية اللبنانية من بيان الجامعة العربية ضد إيران، وقضية تهريب الكبتاغون إلى المملكة العربية السعودية، وتصريحات وزير الخارجية السابق شربل وهبي إلى أن وصلت إلى تصريحات الوزير قرداحي.
وإذا كان هناك إجماع من قبل المعنيين على أن المطلوب من لبنان النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية، فإن هذا المطلب بعيد المنال نظرًا إلى الإنقسام السياسي الداخلي في لبنان.
تداعيات بالمليارات
عمليًا التداعيات الإقتصادية والمالية لهذا التصعيد حتمية وستُترجم أقله على خمس مستويات:
المستوى الأول – الصادرات اللبنانية إلى الدول العربية: تُشكّل الصادارت اللبنانية إلى الإمارات العربية المتحدة 14.52% من إجمالي الصادرات اللبنانية البالغة 3.8 مليار دولار أميركي في العام 2020، وتحتل بذلك المرتبة الأولى بين الدول العربية. وتأتي المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية مع 5.75% (219 مليون دولار أميركي)، وقطر في المرتبة الثالثة مع 3.95% (150 مليون دولار أميركي)، والعراق في المرتبة الرابعة مع 3.58% (136 مليون دولار أميركي)، وسوريا في المرتبة الخامسة مع 3.21% (122 مليون دولار أميركي)، ومصر في المرتبة السادسة مع 2.59% (99 مليون دولار أميركي)، والأردن في المرتبة السابعة مع 2.07% (79 مليون دولار أميركي)، والكويت في المرتبة الثامنة مع 1.95% (74 مليون دولار أميركي)، وسلطنة عُمان في المرتبة التاسعة مع 0.68% (26 مليون دولار أميركي) والجزائر في المرتبة العاشرة مع 0.44% (17 مليون دولار أميركي)، والبحرين في المرتبة الحادية عشر مع 0.39% (15 مليون دولار أميركي)…
وتُشكل إجمالي الصادرات اللبنانية إلى مجلس التعاون الخليجي 27.25% من إجمالي الصادرات اللبنانية أو ما يوازي 1.04 مليار دولار أميركي (ثلث الصادرات اللبنانية!). أمّا الصادرات اللبنانية إلى الدول العربية مُجتمعة فهي تُشكل 40.63% من إجمالي الصادرات اللبنانية أو ما يوازي 1.55 مليار دولار أميركي.
إذًا وبفرضية فرض عقوبات على لبنان من قبل جامعة الدول العربية، فهناك مخاطر من أن تصل الخسائر المباشرة على الإقتصاد نتيجة وقف الصادرات اللبنانية إلى الدول العربية إلى 1.55 مليار دولار أميركي! الجدير ذكره أن الصادرات الزراعية هي المُتضرّر الأول حيث أن الأسواق الخليجية هي الوجهة الأولى لهذه الصادرات.
المستوى الثاني – تحاويل المغتربين اللبنانيين: تُشير أرقام الـ Migration Policy إلى أن صافي الهجرة اللبنانية منذ العام 2015 وحتى العام 2020 بلغت 150 ألف مهاجر لبناني. وتُقدّر المؤسسة أعداد اللبنانيين (منتصف 2020) في الدول العربية على الشكل التالي: المملكة العربية السعودية مع 154 ألف عامل، الإمارات العربية المُتحدة مع 42 ألف عامل، الكويت مع 13 ألف عامل، ليبيا مع 12 ألف عامل، قطر مع ثمانية ألاف عامل، الأراضي المُحتلّة مع ثمانية ألاف مُهاجر، البحرين وسلطنة عمان أربعة ألاف عامل في كلٍ منها، مصر ثلاثة ألاف عامل، العراق والأردن ألفي عامل في كل بلد، الجزائر والمغرب ألف عامل في كلٍ منها.
ويُقدّر البنك الدولي مبلغ تحاويل المغتربين إلى لبنان في العام 2020 بـ 6.3 مليار دولار أميركي، مقارنة بـ 7.4 مليار دولار أميركي في العام 2019، و7 مليار دولار أميركي في العام 2018، و7.1 مليار دولار أميركي في العام 2017. وفي تفاصيل التحاويل، تُشير أخر الأرقام والتي تعود إلى العام 2017 أن إجمالي التحاويل من المملكة العربية السعودية بلغت 1.6 مليار دولار أميركي، وتحاويل اللبنانيين من الإمارات العربية المُتحدة بـ 266 مليون دولار أميركي. وإذا كانت الأرقام من باقي الدول العربية غير مُتوافّرة، إلا أن التقديرات تُشير إلى أكثر من 2.5 مليار دولار أميركي من تحاويل من اللبنانيين المقيمين في الدول العربية.
وفي بيان أصدرته الخارجية السعودية ، قالت أن المملكة لا تُحمّل اللبنانيين العاملين على أراضيها مسؤولية ما آلت إليه الأمور وأنها تُحمّل السلطات اللبنانية المسؤولية، وبالتالي من المتوقّع أن لا يكون هناك – رسمياً – من ردّات فعل ضد اللبنانيين العاملين على أراضي المملكة أو في الدول الخليجية الأخرى. ومن جهة ثانية فإن وضع مؤسسة القرض الحسن على لائحة العقوبات السعودية، وإن كان لا يتعلق بتصريحات قرداحي، فهو يهدف بالدرجة الأولى إلى ملاحقة المتعاونين مع المؤسسة من داخل المملكة والخليج عامة وهو ما سيؤدّي حتماً إلى عملية تضييق واسعة على التحاويل بالإجمال.
المستوى الثالث – النفط العراقي: من المعروف أن وصول النفط العراقي إلى شركة كهرباء لبنان يمر بعملية swap مع شركة إماراتية وهو ما قد يؤدّي في حال إستعرّت الأزمة إلى وقف العقد وبالتالي سيتمّ حرمان لبنان من الفيول لشركة الكهرباء وهو ما سيزيد من مُعاناة الشعب اللبناني الذي يُعاني أصلًا من فساد مُطبق في هذا القطاع.
المستوى الرابع – إستجرار الكهرباء والغاز من الأردن: المشروع الأميركي والذي ينص على إستجرار الكهرباء من الفائض في الإنتاج الأردني بالإضافة إلى الغاز من مصر عبر الأردن، هو أيضًا في خطر الضغوطات العربية على الأردن الذي يتعلّق بنسبة كبيرة بالمساعدات الخليجية. وبالتالي وفي ظل فرضية تصعيد إضافي، هناك إحتمال لوقف هذا المشروع برمّته.
المستوى الخامس – المفاوضات مع صندوق النقد الدولي: منهجية حكومة الرئيس ميقاتي تختلف بالجوهر مع منهجية حكومة الرئيس دياب. فحكومة دياب إعتمدت على مبدأ توزيع الخسائر على اللاعبين الإقتصاديين (لا يُمكنهم بأي شكل تغطية الخسائر)، في حين أن حكومة الرئيس ميقاتي إعتمدت مبدأ النمو الإقتصادي لإمتصاص الخسائر بناءً على نصائح صندوق النقد بحكم أن الفائض الأولي هو الوحيد القادر على إعادة الإنتظام المالي للدولة اللبنانية. إلا أن هذا النمو لا يُمكن أن يأتي إلا من خلال إستثمارات مصدرها الأساسي هو مؤتمر سيدر. وهنا تكمن المُشكلة، إذ أن 45% من وعود الإستثمارات تأتي من دول الخليج سواء مباشرة أو غير مباشرة. وبالتالي وفي ظل فرضية التصعيد، فإن برنامج حكومة الرئيس ميقاتي لا يستقيم وستكون المُعاناة اللبنانية أطول وكلفتها على المواطن أعلى.
الخروج من الأزمة
الخروج من الأزمة الديبلوماسية مع المملكة العربية السعودية لم يعد يقتصر على إستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، فالتصعيد كان يُمكن تفاديه في البداية لو تمّت هذه الإستقالة، إلا أن حجم التصعيد تخّطى هذا المستوى إلى مستويات أخرى.
بالطبع الملجأ الرئيسي للسلطات اللبنانية هي فرنسا وبالتحديد الرئيس ماكرون الذي إلتقاه الرئيس ميقاتي أول من أمس للبحث في الأزمة على هامش قمّة كوب 26 المناخية في بريطانيا. إلا أن فرنسا التي عجزت عن الإستحصال على موعد لميقاتي في الرياض، سيكون من الصعب عليها حلّ هذه الأزمة بالشروط اللبنانية خصوصًا أن الوحدة الخليجية خلف المملكة العربية السعودية قائمة وبالتالي لن يكون من السهل الخروج من الأزمة.
إجتماع خلية الأزمة الوزارية أول من أمس، شهدت حدثًا له معان كثيرة. فوزير الخارجية اللبنانية طلب من القائم بالأعمال الأميركية حضور إجتماع اللجنة وهو ما يوحي أن السلطات اللبنانية تطلب مُساعدة الأميركيين في مواجهة هذه الأزمة عبر التوسط مع المسؤولين السعوديين.
إلا أن الوساطة الأميركية – إذا ما حصلت – لن تكون بالشروط اللبنانية، فالتصعيد الأميركي الأخير تجاه لبنان عبر فرض عقوبات على شخصيات لبنانية سياسية ومن بيئة الأعمال، تحمل في طياتها مواجهة مع حزب الله. وبالتالي وفي ظلّ فرضية قبول الأميركيين الوساطة، من المتوقّع أن يكون هناك شروط على رأسها قبول لبنان (وضمنًا حزب الله) بسياسة النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية وهو ما يعني عدم التدخل العسكري أو الإعلامي في اليمن وسوريا والعراق. ويبقى السؤال الجوهري عمًا إذا كان الأفرقاء اللبنانيين مُستعدين لملء هذا الشرط الذي يعتبره العديد من السياسيين الحاليين أنه سيكون شرطًا أساسيًا للحصول على مساعدات خارجية ومن ضمنها مساعدة صندوق النقد الدولي.
*********************************************
الأزمة مع دول الخليج والعرب مفتوحة
ليس بالتمنيات ولا بالمناشدات ولا باستدرار العطف على البلد المنهار وشعبه الذي يحصد ويلات ممارسات منظومته الفاسدة تعالج اخطر ازمة على الاطلاق اوقع لبنان نفسه فيها، متجها نحو عزلة عربية هي الاولى في تاريخه. وليس باجتماعات خلية ازمة ولا باتصالات مع دول اجنبية ولا حتى باستقالة وزير الاعلام جورج قرداحي الذي شكلت مواقفه النقطة التي فاض بها كأس الخليجيين وفجرت حمم غضبهم تجاه لبنان. فالمنعطف المصيري الذي بلغه لبنان اليوم يستوجب ابعد من ذلك كله وابعد ايضا من استقالة حكومة برمتها.
دول الخليج
ففي وقت غادر السفير السعودي وليد بخاري بيروت اول امس ، على ان يغادر سفير لبنان لدى السعودية فوزي كبارة الرياض بعدما قُطعت العلاقات الديبلوماسية والإقتصادية بشكل كامل، استدعت وزارة الخارجية الكويتية، سفيرها من لبنان، وطلبت من السفير اللبناني لديها مغادرة أراضيها خلال 48 ساعة، وأشارت إلى أن «القرار بشأن لبنان جاء بسبب استمرار التصريحات السلبية من المسؤولين اللبنانيين وبعد عدم معالجة المواقف المرفوضة والمستهجنة ضد السعودية ومجلس التعاون الخليجي».
وأعلنت دولة الإمارات، سحب ديبلوماسييها من الجمهورية اللبنانية. ودعت مواطنيها الى عدم السفر الى لبنان .
وقال وزير الدولة خليفة شاهين المرر إن قرار سحب الديبلوماسيين جاء تضامناً مع المملكة العربية السعودية، في ظل النهج غير المقبول من قبل بعض المسؤولين اللبنانيين تجاه المملكة، وفق وكالة الأنباء الإماراتية «وام».
كما أشار إلى استمرارية العمل في القسم القنصلي ومركز التأشيرات في بعثة الدولة لدى بيروت خلال الفترة الحالية.
توازيا، أعلن المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية بدولة قطر عن استغرابه الشديد واستنكاره للتصريحات الأخيرة الصادرة عن وزير الإعلام بالجمهورية اللبنانية.
وأعربت سلطنة عُمان «عن أسفها» العميق لتأزم العلاقات بين عدد من الدول العربية والجمهورية اللبنانية»،وقالت وزارة الخارجية العُمانية في بيان، مساء السبت الماضي، أنها «تدعو الجميع إلى ضبط النفس والعمل على تجنب التصعيد ومعالجة الخلافات عبر الحوار والتفاهم، بما يحفظ للدول وشعوبها الشقيقة مصالحها العليا في الأمن والاستقرار والتعاون القائم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».
بن فرحان
وأعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود أن «الأزمة مع لبنان تعود أصولها لهيمنة حزب الله».
وفي حديث لـ»رويترز»، أشار الى أنه «لا رأي لنا فيما إذا كانت حكومة لبنان تبقى أم ترحل».
وفي حديث للعربية أوضح وزير الخارجية السعودي أن ليس هناك أزمة مع لبنان بل أزمة في لبنان بسبب هيمنة إيران، وأضاف: «هيمنة حزب الله على النظام السياسي في لبنان تقلقنا».
ولفت الى أن هيمنة حزب الله تجعل التعامل مع لبنان غير ذي جدوى، مؤكدا أننا سندعم أي جهود لإصلاح شامل يعيد لبنان إلى العالم العربي وأردف: «الحوار مستمر مع الشركاء الدوليين بشأن لبنان».
ونفى الديبلوماسي السعودي أي تدخل في لبنان مشددا على أننا لا نملي عليه شيئا.
خلية الازمة
على خط المعالجات، وبناءً على طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتشكيل خلية أزمة للبحث في «الأزمة المستجدة مع السعودية»، عقد اجتماع في وزارة الخارجية، ضم وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، وزير الاقتصاد امين سلام، وزير المالية يوسف خليل، وزير التربية والتعليم العالي عباس حلبي ومدير عام القصر الجمهوري انطوان شقير. كما انضم القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان ريتشارد مايكلز لمدة نصف ساعة وغادر. وأشار وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، بعد انتهاء الاجتماع، إلى أننا «تواصلنا مع الأميركيين لحضور الاجتماع لأنهم قادرون على معالجة الأزمة الراهنة». وكشف أن «أطرافًا دولية دعت ميقاتي إلى «استبعاد» خيار الاستقالة عن الطاولة». أما وزير التربية عباس الحلبي فقال: «العمل الحكومي مستمر ولا يمكن ترك البلد من دون حكومة بالنظر إلى الأزمات التي يعيشها». وأضاف: «الموضوع قيد المعالجة ونتطلع إلى ساعات قليلة لمعالجة تداعيات الأزمة. وأملنا كبير أننا قادرون على التوصل الى حل هذه الأزمة قريبًا».
قرداحي ليس فدية
وفي السياق، زار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي.واكد بعد اللقاء ان قرداحي إذا استقال أو أُقيل لن نسمي خلفاً له، لافتاً الى ان «مصلحتي الشخصية والسياسية تقول انه يجب ان اشجع قرداحي على الاستقالة ، وقد عرض علي ان يقدم استقالته من قصر بعبدا اوالبطريركية المارونية، لكني رفضت لان ضميري لا يسمح لي ان اطلب من وزير لم يخطئ خلال وزارته ولا اقبل ان يقدم قرداحي فدية عن احد. وتمنى الاستمرار بأفضل العلاقات مع الدول العربية..
تحييد لبنان
داخليا، وفي موقف نوعي من الازمة، اكدت الهيئة السياسيّة في التيار الوطني الحُرّ اثر اجتماعها الدوري برئاسة النائب جبران باسيل «على وجوب تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية التي لا علاقة له بها، مع تمنّيه الرفاه والأمان لكل الدول العربية وشعوبها ، مشددا على وجوب مراجعة لبنان كامل سياساته العربيّة بمّا يؤدّي الى اتّخاذ كُلّ الاجراءات اللازمة من جانبه بغية تأطير هذه العلاقات وتفعيلها، على قاعدة احترام الذات واحترام الآخر».
للاستقالة
من جهة ثانية دعا الرؤساء سعد الحريري و فؤاد السنيورة وتمام سلام الى استقالة قرداحي مشددين على ان تصريحاته شكلت ضربة للعلاقات الأخوية والمصالح العربية المشتركة التي تربط لبنان بالدول العربية، وتحديدا مع دول مجلس التعاون الخليجي.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :