في خطوة لم يتوقعها أحد، فرضت الخزانة الأميركية عقوبات على كلّ من النائب جميل السيد، ورجل الاعمال جهاد العرب ورجل الأعمال داني خوري، بشبهة الفساد والمساهمة بتقويض حكم القانون في لبنان.
وفي قراءة تحليلية لهذه الخطوة ومفاعيلها، اعتبر المحامي الدكتور بول مرقص، رئيس مؤسسة justicia الحقوقية واستاذ القانون الدولي الذي درس القانون الاميركي لعدة سنوات في الجامعة الاميركية في بيروت، أنّ " الملفت بموضوع العقوبات أنها تتناول مكافحة الفساد في لبنان وتفعل الأمر التنفيذي رقم 13441 الصادر عن الادارة الاميركية، أي السلطة التنفيذية، والذي يستهدف المتهمين بتقويض دولة القانون في لبنان"، مضيفا أنه "غالبا ما تكون العقوبات الاميركية ترمي إلى مكافحة الارهاب او تمويله بينما هذه المرة جاءت لذرائع محض داخلية تعنى بالداخل اللبناني ولا تعني العالم ككل، وبموضوع الفساد تحديدا".
وفسّر مرقص، في حديث لـ"الديار" أنّ "هذه العقوبات صادرة عن مكتب مراقبة الاصول والموجودات الاجنبية في الولايات المتحدة الأميركية التابع لوزراة الخزينة الاميركية، وهذا المكتب ليس محكمة بل هو إدارة عامة في الولايات المتحدة الاميركية وليس مقيدا بحسب القانون الاميركي القائم على مبدأ التشدد في المسؤولية "strict liability " أي هو غير مقيد بتعليل ويتمتع بسلطة تقديرية واسعة قائمة على مجرد الاشتباه، أي وجود شبهة، ولو كان يعدّ تقاريرا مفصّلة تقوده إلى هذه الشبهة بالتعاون مع سائر الادارات الاميركية العامة والوكالات المتخصصة وهو ما يسمى “public or administrative agencies .
وأوضح أن ّ "التظلّم من مقررات هذا المكتب الاداري تكون أمامه ومن ثم أمام المحكمة الفيدرالية الاميركية، بناء لدفوع يتقدم بها الشخص المفروضة عليه العقوبات، علما أنه في فترة الاعوام القليلة الماضية ومن خلال تجربتنا لم يرفع هذا المكتب الاسماء عن الائحة بسهولة، مما حدا بهؤلاء إلى اللجوء الى القضاء الاميركي بواسطة مكاتب محاماة محلية واميركية مع ما يترتب على ذلك من وقت وكلفة باهظة".
وعن مفاعيل هذا القانون قال مرقص "أولا من حيث تنقل الاشخاص، يصبح التنقّل صعبا إلى البلدان الغربية خصوصا، ومتعذرا إلى الولايات المتحدة الاميركية وعدد من الدول الاوروبية، حتى أنّ بعض الدول العربية قد يكون المرور عبرها محفوفا بمخاطر التوقيف كما حصل مع أحد المدرجين على لائحة العقوبات الأميركية في مطار "كزابلانكا" حيث اقطيد من هناك إلى الولايات المتحدة الاميركية وذلك تبعا للاتفاقيات القائمة مع هذه البلدان من قبل الولايات المتحدة".
أمّا على مستوى التحويلات المالية فشرح مرقص أنّ "التحويلات عبر المصارف الدولية المراسلة correspondent banks وشبكة الـswift تصبح متعذرة، شانها شأن الحسابات المصرفية التي تبادر المصارف إلى إقفالها بما فيها المصارف اللبنانية خصوصا الحسابات في عملة الدولار الأميركي".
وهنا تجدر الاشارة إلى أنّ "الحسابات بالليرة اللبنانية الموجودة في المصارف اللبنانية والتابعة للشخص المدرج على لائحة العقوبات قد تبقى مفعّلة في حال أخذ المصرف اللبناني موافقة او غطاء من المصرف المركزي، وذلك حسب تقدير هذا الأخير.
أما سائر الموجودات ومنها العقارية فيلفت مرقص إلى أنها "تجمّد إذا كانت في الولايات المتحدة الاميركية، او تحت سيطرة أشخاص أميركيين، وتصادر، وتمتد هذه الاجراءات والصعوبات على المقربين من دائرة الشخص المدرج الـassociates أو الأقرباء المباشرين direct family members خصوصا لناحية الحسابات المصرفية والتحاويل المالية".
وبالنسبة للموجودات العقارية للمقربين من الشخص المدرج اسمه على لائحة العقوبات وأقربائه المباشرين، فسمة قرينة قابلة لاثبات العكس، وهي أن هذه الموجودات ملكهم وليس ملك الشخص المفروض عليه عقوبات، بحسب مرقص.
وبالرجوع الى الشخص المفروضة عليه العقوبات، فيؤكّد مرقص أنّ "عقاراته في لبنان وموجوداته تبقى بمنأى عن أي تجميد أو مصادرة، ما لم تكن هناك طلبات خاصة في ذلك، أي تعاون خاص بين الدولة الاميركية والدولة اللبنانية".
وفي هذا الاطار يجب توضيح أنّ العقوبات التي فرضت على كلّ من الوزير السابق وئام وهاب، ورئيس "التيار الوطني الحرّ" جبران باسيل، والوزير السابق يوسف فنيانوس والنائب علي حسن خليل وبعض أفراد "حزب الله" وغيرهم من السياسيين والشخصيات اللبنانية المعروفة، صدرت عن نفس المكتب، أي مكتب مراقبة الاصول والموجودات الاجنبية في الولايات المتحدة الأميركية التابع لوزراة الخزينة الاميركية، ولكن بناء على قوانين أخرى.
نسخ الرابط :