الاهتمام... حين يصبح الحنان لغة النجاة.
في زحام الحياة الصاخبة، حيث الكلمات تتدفق كالأنهار ولا تسمع، يأتي الاهتمام كهمسة هادئة في أذن الروح، ليقول: "أنا هنا، أنا أراك". في عالمٍ بات فيه التجاهل سمة، والبرود قناع، يظل الاهتمام الحقيقي شعاعًا من النور يخترق الظلام، دون أن يعلن عن نفسه بصوتٍ عالٍ.
الاهتمام ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو لغةٌ خاصة، يفهمها القلب دون الحاجة إلى ترجمة. إنه الحضن الدافئ الذي يأوي إليه الإنسان حين تتكسر به الأمواج، ويصبح العزاء الوحيد في صحراء الحياة. حين يأتي الاهتمام من شخصٍ ما، فإنه لا يأتي كهد، بل يأتي كحالة من حالات الوجود المشترك، حيث يشعر الشخص الآخر بوجودك، بوجعك، وبفرحك.
الاهتمام ليس سؤالًا عن الحال، بل قراءة ما خلف السطور.
هو تلك اللغة الصامتة التي تتجاوز الكلمات، وتخاطب القلب مباشرة. حين يهتم شخصٌ بك، فإنه لا يحتاج إلى الكثير من العبارات، بل يكفيه نظرة، أو لمسة، أو حتى صمتٌ يعبّر عن الاهتمام. في زمنٍ كثرت فيه الكلمات الفارغة، يصبح الاهتمام عملةً نادرة، لا تُشترى بالمال، ولا تُعطى كهدية، بل تُمنح من قلبٍ إلى قلب.
الإهتمام ليس ترفًا… بل حياة كاملة تُزرع في قلبٍ واحد.
هو الدواء الذي يُشفي الجروح، ويُعيد الأمل، ويجعل الحياة أكثر إشراقًا. حين تجد شخصًا يهتم بك بصدق، تمسّك به، لأنه قد يكون النور الذي يُنير دربك في الظلمات. وفي المقابل، إن كنت قادرًا على منح الاهتمام، فامنحه بكل قلبك، لأن تأثيره يتجاوز حدود الزمان والمكان.
في صورةٍ واحدة، ربما تختصر الحكاية: وجع في قلب امرأة، وسكون في عناق رجل. وما بين الوجنتين، رسالة لا تُقرأ بحروف، بل تُشعر: "الألم يذوب، حين يكون هناك من يهتم بك كما لو كنت النبض الأخير له."
نعيش في زمنٍ صار فيه التجاهل مهارة، والبرود فن، والمشاعر "رفاهية". لكن الاهتمام الحقيقي لا يزال ثائرًا، مقاوِمًا، حيًّا. إنه المقاومة الصامتة في وجه القسوة، في وجه العزلة، في وجه الفراغ العاطفي الذي ينهش الأرواح بلا صوت.
الاهتمام... لمسة من الحنان، قد تُغير مجرى حياةٍ بأكملها. دواء لا يُكتب في وصفات، لكنه يُنقذ من أعقد الأمراض: الوحدة. حين تجد من يهتم بك، لا تدعه يذهب، لأنه قد يكون السبب الوحيد الذي يجعلك تتمسك بالأمل. وحين تُقدم على منحه، افعله بكل جوارحك، لأنك بذلك تُعطي الحياة معنى جديدًا.
بقلم: فاطمة يوسف بصل
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي