افتتاحية صحيفة البناء
مشروعان حكوميّان على الطاولة: تكنو سياسيّة برئاسة ميقاتي… أو وحدة وطنيّة برئاسة الحريري/ مفاوضات الترسيم تنطلق منتصف الشهر… ورعاية رئيس الجمهوريّة بين المادتين 49 و52
لقاء فوشيه ـ الموسويّ الوداعيّ أعاد الأمور إلى نصابها بين حزب الله والفرنسيّين وفتح طريق تفعيل المبادرة
لا يزال إعلان اتفاق الإطار لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية اللبنانية، بالتلازم مع تثبيت الحقوق اللبنانية في الحدود البرية المرسّمة، محور الحياة السياسية والتعليقات الإعلامية. فالحدث الكبير الذي خرق الجمود بما أوحى به لجهة تقاطع غير مباشر بين المقاومة التي تقف وراء مسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قاد التفاوض بتفويض وطني شامل كانت المقاومة في قلبه، من جهة، والأميركيين الذين يقفون كجهة مرجعيّة محورية في هذا الاتفاق ومن بعده التفاوض، ما أطاح بالعديد من التكهنات حول اتجاه الأمور بعد فشل الرئيس المكلف مصطفى أديب بتأليف حكومته وصولاً لاعتذار، إلى مزيد من التصعيد في المواجهة التي يشكل الأميركيون والمقاومة طرفيها المباشرين، فبدت التجاذبات التي رافقت الملف الحكومي ومن خلالها العقوبات الأميركية وفتح ملف وزارة المال، أوراق تفاوض أميركية أملاً بتعديل اتفاق الإطار، انتهت مفاعيلها بفشلها في تعديل المواقف. وما جاء في الإعلان ينهي الوظيفة التفاوضية لهذه الأوراق مع انطلاق المسار التفاوضي منتصف الشهر الحالي بعد زيارة لمعاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر لبيروت.
لبنان الذي يستعدّ لدخول المفاوضات تحت رعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعدما أعلن بري انتهاء مهمته، أمام نقاش دستوريّ لمرجعية الرعاية الرئاسية للتفاوض، بين المادة 52 التي يجري الحديث عنها كإطار مرجعي للإشراف الرئاسي، وهي تنص على تولي رئيس الجمهورية المفاوضة على المعاهدات الدوليّة وإبرامها بعد عرضها على مجلس الوزراء، وإقرارها بقانون إذا كانت لها جوانب مالية. وهذا هو الحال في الترسيم والثورات النفطية، وخطورة أن يشكل الإطار لجهة تضمنه الربط بالتفاوض على معاهدات دولية فتح الباب لتحويل الترسيم الى معاهدة سياسيّة لا يريدها لبنان، ويسعى لتفاديها. وبين مرجعية المادة 49 التي تنص على أن رئيس الجمهورية يرأس المجلس الأعلى للدفاع وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، فيشرف على المفاوضات من هذا الموقع وبهذه الصفة لضمان بقاء التفاوض ضمن الإطار التقني العسكري، ينتهي بتوقيع محاضر وخرائط تودع لدى الأمم المتحدة ضمن ملف الحدود الدولية للبنان، ولا ينتهي بمعاهدة يوقعها لبنان وكيان الاحتلال برعاية أممية وشراكة أميركية فتصير أقرب لمعاهدة سلام، واعترافاً بالكيان. وبانتظار حسم دوائر القصر الجمهورية للسياق الدستوري لإشراف الرئيس على المفاوضات تتبلور تدريجياً الصورة الوفد عسكري الذي تقوم قيادة الجيش بتكوينه وتسمية أعضائه بعناية فائقة تراعي التاريخ العسكري والخبرة التفاوضية والتخصصات التقنية الجغرافية والاقتصادية والقانونية.
السؤال الرئيسي الذي طرحه إعلان اتفاق الإطار يطال كيفية التعامل الأميركي خلال التفاوض مع الملف الحكومي والمبادرة الفرنسية، مع ترجيح أن تتلقى المساعي الحكومية والمبادرة الفرنسية جرعة تنشيط. فالمطلوب حكومة ترعى التفاوض وتطبق نتائجه، والكلام الأميركي عن انفراجات اقتصادية في وضع لبنان بحصيلة التفاوض، يرتبط بوجود حكومة.
في الملف الحكومي قالت مصادر على صلة بما يجري تداوله في الكواليس من سيناريوات، إن الأمور بين خيارين حكوميين، ينتظر الحسم بينهما موقف أميركي يترجم بموقف سعودي وحراك فرنسي. والخياران هما، حكومة وحدة وطنية وفقاً للصيغة الأولى للمبادرة الفرنسية. وفي هذه الحال يكون الرئيس سعد الحريري هو المرشح لترؤس الحكومة. أو حكومة تكنوسياسية تضم وزراء دولة سياسيين ووزراء تقنيين بخلفية سياسية. وفي هذه الحالة يكون الرئيس نجيب ميقاتي صاحب الطرح هو المرشح بدعم من الرئيس الحريري.
على مستوى التحركات الفرنسية كان اللقاء الوداعيّ الذي جمع السفير الفرنسي برنار فوشيه ومسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي، فرصة لتنقية العلاقات بين الطرفين وإعادتها إلى نصابها بعد كلمتي الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وقالت مصادر أتيح لها الاطلاع على أبرز ما دار في الاجتماع إن الاتجاه لتفعيل وتزخيم المبادرة الفرنسية شكّل عنوان اللقاء.
لقاء فوشيه – الموسوي
مع غياب الملف الحكوميّ بشكل تام وبعد إعلان الرئيس نبيه بري عن اتفاق الإطار لترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة، سيطرت حالة من الاسترخاء السياسي على المشهد السياسي وسط ترقب داخلي – خارجي لأمرين: حركة اتصالات جديدة تبدأها فرنسا مع الدول الفاعلة في الساحة اللبنانية ويواكبها رئيس الجمهورية ميشال عون بمروحة مشاورات مع الرئيس برّي والكتل النيابية، والثاني انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي في الناقورة برعاية الأمم المتحدة ووساطة أميركية منتصف الشهر الحالي.
وخرق رتابة المشهد لقاء متوقّع بين السفير الفرنسي برونو فوشيه ومسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي في حارة حريك، لقاء وصفته مصادر مطلعة بالبروتوكولي قبيل مغادرة فوشيه لبنان.
وأشارت قناة «أو تي في» إلى أن فوشيه حاول خلال لقائه الموسوي أن يفسّر ما الذي حصل مع الفرنسيين بالنسبة للمبادرة، مشيرة إلى أن السفير قال بأن الفرنسيين شعروا بخيانة من أطراف مقرّبة منهم.
جمود حكوميّ
ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» إلى أن الملف الحكومي لم يخرج من دائرة الجمود الكلي حيث لم يرصد أي اتصال أو لقاء على هذا الصعيد»، مشيرة إلى أن «لا اقتراحات ولا مبادرات جديدة سوى اقتراح الرئيس نجيب ميقاتي بتأليف حكومة تكنوسياسية من 20 وزيراً 14 تكنوقراط و6 وزراء دولة يمثلون الطوائف والكتل النيابية»، لكن مصادر في فريق المقاومة توضح بأن «الطرح لم يتبلور بعد ولم يطرح جدياً ولم يعرف إذا كان مجرد طرح شخصي من ميقاتي أو من رؤساء الحكومات السابقين الأربعة»، لافتة إلى أنه من «المبكر الحديث عن حلول والأمور معقدة».
عين التينة
وفيما علمت «البناء» أن المبادرة الفرنسيّة في طور التفعيل وهي الوحيدة القابلة لإيجاد الحل، يجري ترطيب الأجواء على خط الضاحية – قصر الصنوبر – عين التينة التي لفتت أوساطها لـ»البناء» إلى تمسّكها بالمبادرة الفرنسيّة وتطلّعها لاستئناف الفرنسيين دورهم على قواعد وأسس ومعايير جديدة بالتكليف والتأليف لعدم تكرار الأخطاء والالتباسات في تجربة مصطفى أديب».
قبلان
واعتبر المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان أن «المبادرة الفرنسيّة التي رأينا فيها بصيصاً من الأمل، لا نزال نعوّل عليها، على الرغم من كل الافتراءات الظالمة وغير العادلة التي ساقها صاحبها باتجاه الثنائي الوطني الشيعي، واتهمه بالعرقلة ووضع العصي في الدواليب، آملين من صاحب المبادرة أن يكون واقعياً وغير منحاز، وعلى مسافة واحدة من الجميع، وليس لديه أي توجّهات خفيّة سوى تعافي لبنان وإنقاذه، والحفاظ على وحدته».
بيت الوسط
أما مصادر بيت الوسط، فأعادت التأكيد بأنها غير معنية بأي اقتراحات كاقتراح ميقاتي، مشيرة إلى أن «الحريري أكد في بيانه الأخير أنه ليس مرشحاً لرئاسة الحكومة ولن يسمّي أحداً مع تمسكه بالمبادرة الفرنسية والتعاون مع أي مسعى جديد يؤدي إلى إنقاذ البلد».
بعبدا
فيما لم يرصد في بعبدا أي توجّه لبدء مشاورات سياسية في عطلة نهاية الأسبوع، مرشحة أن يطول «أمد الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة على أن عون سيعمل على ضمان اتفاق كامل يسبق استشارات التكليف»، وتعوّل مصادر سياسية على زيارة مرتقبة لوزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف إلى لبنان نهاية الشهر المقبل وعلى مؤتمر الدعم الفرنسي الذي تعتزم فرنسا عقده لدعم لبنان وعلى بدء مفاوضات الترسيم منتصف الحالي، مشيرة إلى أن التوصّل إلى اتفاق على الترسيم سيفتح الباب على انفراجات اقتصاديّة في لبنان.
الترسيم ليس اتفاق سلام
وفيما تتردّد أصوات في الداخل تشكك باتفاق الإطار وتفسّر مضامينه وتوقيته بمنحى تشكيكي وبأن لبنان قدّم تنازلات وأن المفاوضات تمهيد لعقد اتفاق سلام مع «إسرائيل» ما يفقد سلاح حزب الله قيمته وجدواه، لفتت مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» إلى أن «الطرف الإسرائيلي الأميركي هو الذي تنازل عن شروطه في التفاوض لا سيما موضوع التفاوض غير المباشر وبرعاية الامم المتحدة وتلازم المسارين البري والبحرين، وبالتالي هذا إنجاز يسجل للبنان الذي فرض شروطه على «إسرائيل» ما يمكنه من تثبيت حقوقه النفطية في مياهه، وبالتالي فرصة لإنقاذ لبنان من الانهيار وبناء اقتصاد منتج وحيوي». وأكدت المصادر بأن مفاوضات ترسيم الحدود لا تعني اعترافاً بـ»إسرائيل» ولا اتفاق سلام معها ولا تعديل بحدود لبنان البرية»، موضحة أنها مفاوضات غير مباشرة وعلى ملف محدّد ولمدة محددة وضمن ثوابت واضحة لا تمسّ بالحقوق السيادية والقوانين اللبنانية ولا تغير بأن «إسرائيل» عدو للبنان».
الفرزلي
وأشار نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية تعهدت بشكل غير رسمي أن تنتهي مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان و»إسرائيل» خلال 6 أشهر».
ولفت الفرزلي، في حديث صحافي إلى أن «موقف لبنان الذي يفاوض باسمه رئيس مجلس النواب نبيه بري، كان موقفاً واضحاً وصارماً، يتعلق بجهة الحفاظ على مبادئ عدة، وهي أن تجري المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة، وأن تكون المفاوضات غير مباشرة مع «إسرائيل»، وأن تعتمد الحدود البرية في الاتفاقية التي توصلوا إليها كالترسيم على الحدود البرية، النقطة التي توصلوا إليها أن تنطلق من الحدود البرية إلى الحدود البحرية، وليس العكس كما كان يحاول المفاوض الإسرائيلي». كما شدّد على أن «المنطقة المتعلقة بمزارع شبعا والمناطق المحتلة، هي خارج إطار الترسيم، والترسيم البري الذي أتحدث عنه، هو الخط الأزرق المتعارف عليه في لبنان حالياً، حددت هذه الحدود».
سلامة: الأزمة الحادة باتت وراءنا
على صعيد آخر، برز تصريح لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي أكد بأن «الأزمة الحادة باتت وراءَنا وأن مصرف لبنان ولجنة الرقابة سيقومان بكل الإجراءَات المتاحة قانوناً، لإعادة تفعيل مساهمة القطاع في تمويل الاقتصاد. فالرسملة والسيولة أساسية لتمويل الاقتصاد واستمرارية القطاع ترتبط بقدرته على تجديد نفسه».
وأشار سلامة خلال اللقاء الشهري الذي عُقد بين مصرف لبنان ولجنة الرقابة وجمعية المصارف، إلى أنه «أبلغ الحكومة بعدم المسّ بالاحتياطي الإلزامي لديه بالعملات الأجنبية لأغراض الدعم ما يتيح الدعم عملياً لشهرين أو ثلاثة أشهر للمواد الأساسيّة وتحديداً المحروقات والقمح والدواء بسعر صرف 1500 ل.ل. للدولار وللمواد الغذائيّة بسعر صرف 3900 ل.ل. للدولار. وأمِلَ أخيراً أن تنجز الحكومة مقترح البطاقات لحماية القدرة الشرائية للفئات الأكثر انكشافاً على الأوضاع المعيشية».
أما بالنسبة للقانون الذي أقرَّه المجلس النيابي (الدولار الطالبيّ) لفت سلامة إلى أن «مصرف لبنان سيدعم الدولار الطالبي كما القمح والدواء لكن مع ضرورة إيجاد آلية مركزية لئلا يُسَاء استعمال القانون باللجوء إلى أكثر من مصرف من قبل ذوي العلاقة. وتمَّ التوافق على انتظار التعميم التطبيقي لتوضيح كافة هذه الجوانب والذي من المفترض أن تصدره وزارة المال».
ارتفاع الدولار
وسجل سعر صرف الدولار ارتفاعاً جديداً في السوق السوداء تراوح بين 8550 للشراء و8650 للمبيع. وفسر خبراء ماليون هذا الارتفاع بأنه نتيجة اقتراب موعد رفع مصرف لبنان الدعم عن السلع والمواد الغذائية وبالتالي ارتفاع أسعارها ما دفع بالتجار الكبار الى شراء كميات كبيرة من الدولار لتمكينهم من استيراد المواد من الخارج.
اعتراض على قرار الداخلية
وتصاعد اعتراض رؤساء عدد من البلديات على قرار وزير الداخلية محمد فهمي إقفال 111 بلدة بسبب تفشي فيروس كورونا فيها. وأرسل رؤساء البلديات رسائل اعتراض الى القائمقامين والمحافظين ووزير الداخلية مطالبين بالتراجع عن قرار الإقفال، لأن القرار مبني على معطيات ومعلومات وإحصاءات اما قديمة واما مغلوطة، بينما هناك قرى كثيرة فيها عدد إصابات بالعشرات ولم يشملها القرار.
وعُلِم ان من بين البلدات والقرى التي ارسلت رسائل اعتراض او هي بصدد ارسال الكتب، بلديات الزلقا – عمارة شلهوب، وسوق الغرب ورعشين وشقرا وخربة قنافار في البقاع الغربي والشيخ طابا في عكار ورشعين قضاء زغرتا وإبل السقي في الجنوب ورومين قصاء صيدا.
على صعيد آخر تفاعلت أزمة المستشفيات، حيث اعتبر وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن «من يكون بموقع المسؤولية يرى الأمور بمنظار وطني». وقال خلال حديث تلفزيوني: «نحن مع حقوق المستشفيات، لكننا أمام وضع صعب، وهذه مسؤولية وطنية». وأضاف: «اجتمعنا في السراي الحكومي مع رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان، وجرى بحث موضوع دعم الدواء، وأنا مصرّ على الاستمرار في دعمه».
*********************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
دومينو الأزمات ينذر بالاتساع وعزل 111 بلدة
يمر اليوم أسبوع كامل على اعلان السفير مصطفى اديب كرئيس مكلف لتشكيل الحكومة اعتذاره عن إكمال مهمته، فيما بدا الاستحقاق الحكومي برمته كأنه صار معلقا، ومعه أيضا المبادرة الفرنسية وسط جمود رئاسي ورسمي وسياسي غير مسبوق تبدو معه البلاد كأنها متروكة في مهب بحر الازمات الذي يضربها. واذا كان الاختراق اليتيم لهذا الواقع القاتم والجامد تمثل في اعلان الاتفاق الإطار على انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل في 14 تشرين الأول الحالي في مقر قوات اليونيفيل في الناقورة برعاية الأمم المتحدة وحضور مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر ممثلا الوساطة الأميركية التي طلبها لبنان وإسرائيل، فان هذا التطور على أهميته الاستراتيجية لم يحجب التصاعد الخطير في الاتجاهات الدراماتيكية التي تطبع الواقع الداخلي على مختلف الصعد الصحية والاقتصادية والمالية والاجتماعية. ذلك ان دومينو الازمات هذا بدا في الأيام الأخيرة بمثابة عاصفة هوجاء تنذر بمزيد من اغراق البلاد في تداعيات الازمات المخيفة كلما ابتعدت احتمالات تشكيل حكومة جديدة تتفرغ لمواجهة الانهيارات المتعاقبة بأسرع ما يمكن خصوصا بعدما تنامى هاجس انهيار الواقع الصحي ولا سيما منه الاستشفائي، وبات اقرب مما يظنه كثيرون. ومع ان جهات مطلعة تعزو شلل الحركة والمشاورات التي كان ينبغي ان تنطلق غداة اعتذار مصطفى اديب عن المضي في عملية تشكيل الحكومة الجديدة الى تسلل تفشي الإصابات بفيروس كورونا الى قصر بعبدا، الامر الذي استوجب فرض إجراءات بالغة التشدد انتفت معها كل الحركة طوال أيام الأسبوع الحالي، فان هذا السبب على وجاهته بطبيعة الحال لن يكفل في قابل الساعات والأيام فتح ملف الاستحقاق الحكومي على غاربه والضغط بقوة الازمات المتراكمة والمستفحلة وتجاوز كل الاعتبارات السياسية المهترئة لتشكيل حكومة جديدة والا فان البلاد تتجه نحو مصير اشد قتامة من كل تداعيات الازمات التي تعاقبت عليه منذ سنة تماما تقريبا. حتى ان بعض الجهات المعنية بمراقبة مسار الازمات المتنوعة والمتعددة باتت تخشى ان يتسبب السباق الجاري بين الانهيارات بواقع يسقط كل المعايير التي طرحت عبر الوساطة الفرنسية لتشكيل حكومة إنقاذية ويحتم البحث من جديد عن معايير تتقدم معها عملية الفرملة العاجلة والأشد إلحاحا للانهيار الصحي والاجتماعي وما سينجم عنه من تداعيات مخيفة كأولوية حارة وعاجلة لا تحتمل ترف إعادة الجدل حول الشروط والمطالب والتعقيدات كتلك التي أطاحت تجربة مصطفى اديب. ولذا تقول هذه الجهات ان مطلع الأسبوع المقبل سيكون موعدا قسريا لا طوعيا للاتجاه بسرعة نحو تحريك المشاورات لتأليف الحكومة الجديدة واستعجال تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتأليف الحكومة الجديدة، والا فان المضي في الاتكال على حكومة تصريف الاعمال لمدة طويلة ولمآرب معروفة سيشكل الوصفة الأسوأ لتسريع دورة الانهيارات على نحو مخيف.
الحكومة ومفاوضات الترسيم
ولعل انطلاقة المشاورات ستكون من خلال الخلوة الرئاسية التي ستجمع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ومعهما رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب في الطائرة التي ستقل الثلاثة الى الكويت الاثنين المقبل لتقديم التعازي بأمير الكويت الراحل. وسيكون الاستحقاق الحكومي الملف الأساسي في المشاورت كما سيحضر ملف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل الذي اعلن بري الاتفاق الإطار المتصل به فيما بدأت رئاسة الجمهورية تستعد لخطواته التنفيذية باعتبار انها ستتولى الملف كلا.
وفي هذا السياق اوضحت مصادر بعبدا لـ”النهار” انه ستعتمد آلية قائمة على تشكيل وفد من ضباط الجيش مع خبراء في القانون الدولي وفي قانون المياه والبحار دعماً للجانب العسكري في عملية التفاوض من النواحي القانونية والدولية والبحرية، فيما يجري تداول أسماء عدّة من الخبراء لتولّي عملية التفاوض التي ستتولاها اللجنة بإسم لبنان بمشاركة الأمم المتحدة ورعاية الولايات المتحدة الأميركية”. ورجحت أن تأخذ المفاوضات المدى المطلوب بعد اعلان اطار التفاوض على أن تباشر الجلسة الأولى في 14 تشرين الأول الجاري في الناقورة، حيث سيبدأ العمل الجدي من خلال نسخة متطورة عن اللجنة الثلاثية التي تعقد في الناقورة بمشاركة الأمم المتحدة التي تضطلع بدور نقل مضمون التفاوض. وشددت على ان دور اللجنة محدّد للتفاوض التقني على المياه والأرض ومعالجة ثغرات الخط الأزرق والنقطة 31 في الناقورة والنقطة b1 التي على أساسها سترسّم الحدود البحرية. وسيحضر كلّ فريق مع أرقام ووثائق ويباشر التفاوض، ويمكن ألا يحصل تفاهم أو أن تستمر المفاوضات شهوراً . وأكدت ان بعبدا تعول على البعد الاقتصادي لأي نتائج ايجابية يمكن أن تسفر عنها المفاوضات، مع الاشارة الى أنّ النجاح يساهم في تأمين مناخ أمني ملائم للعمل في ظلّ اتفاق قائم بين شركات توتال وإني ونوفاتيك التي حصلت على الامتياز في البلوكين الرابع والتاسع”.
وعلى رغم المناخ الجدي الذي نشأ عن اعلان الاتفاق الإطار للمفاوضات، فان ذلك لم يحجب التصاعد الواسع لموجة الانتقادات اللاذعة بل التشكيك في موقف “تحالف الممانعة ” ولا سيما منه عموده الفقري “حزب الله ” من خطوة التفاوض مع إسرائيل بكل ما تنطوي عليه من دلالات مثيرة للريبة في موقف الحزب الذي التزم صمتا وابتعادا مريبا عن كل ما اثير في شأن موقفه وموقف حلفائه.
جرس الإنذار
وسط هذه الأجواء برزت اخطار الواقع الصحي والاستشفائي في لبنان كاولوية لم يعد ممكنا تجاهلها في ظل جرس الإنذار المتقدم للغاية الذي شكله اتساع الانتشار الوبائي لفيروس كورونا وبدايات خطر عجز القطاع الاستشفائي عن احتواء الاعداد القياسية في الإصابات او أيضا في ما يتصل الاهتزاز الحاد للواقع المالي المتصل بهذا القطاع منذرا بتداعيات مخيفة. وفي وقت كانت فيه نقابة مستوردي المعدات الطبية تحذر من ان “العالم راح تموت في بيوتها مش على أبواب المستشفيات”اذا رفع الدعم، اتخذ الانتشار الوبائي بعدا شديد الخطورة في ظل اصدار وزارة الداخلية والبلديات قرارا بتطبيق إجراءات الاقفال والعزل التي يفرضها ارتفاع نسب المصابين الى سقوف غير مقبولة محددة عالميا على 111 بلدة وقرية في كل المحافظات اللبنانية. ويسري الاجراء من صباح غد الاحد الى صباح الاثنين 12 تشرين الأول بغية حصر الانتشار الوبائي . وتزامن الاجراء الذي ينفذ للمرة الأولى بهذا الاتساع في عدد البلدات دفعة واحدة وفقا لتوصيات اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف كورونا، مع قفزة مخيفة جديدة في ارقام الانتشار الوبائي في لبنان اذ سجلت وزارة الصحة امس 1291 إصابة و12 حالة وفاة. وارتفع بذلك مجمل عدد الإصابات منذ شباط الماضي الى 42159 إصابة. وأثار قرار وزير الداخلية ردود فعل احتجاجية واسعة لدى الكثير من البلديات التي أجمع عدد مهم منها على الإشارة الى ارقام مبالغ فيها للإصابات كما اعترضت نقابة السوبرماركت وطالبت الوزير بالتراجع عن قراره . ولكن الوزير محمد فهمي رد مؤكدا ان التدابير اتخذت بناء للائحة وضعتها اللجنة الوزارية بأسماء القرى ذات المستوى الخطير المرتفع من الانتشار الوبائي .
ولم تقتصر لوحة الكوارث التي تتهدد لبنان على الواقع الصحي اذ تخوض حكومة تصريف الاعمال سباقا مع التدهور المتصل بأزمة المحروقات وعملت امس على محاولة وضع أسس مالية وتنظيمية لتنظيم حل هذه الازمة. كما ان الواقع التربوي في ظل كورونا يبدو بالغ التعقيد ماليا وتنظيميا . وقد اعلن وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب بعد اجتماع برئاسة دياب في السرايا قرارا بتوزيع منح مالية على جميع تلامذة المدارس والثانويات الخاصة والعامة والمعاهد .
*************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
بعاصيري في عين التينة: هل يحضّر الثنائي “بيعة” جديدة لواشنطن؟
كورونا… “التخبّط” يتفشى!
كل مؤشرات البلد “تتدركب” نزولاً، إلا مؤشر كورونا يواصل مساره صعوداً كاسراً حاجز الألف إصابة يومية وحاصداً مئات الإصابات الجديدة كل 24 ساعة. من الواضح أن الأمور خرجت عن السيطرة وبات الوباء في مرحلة متقدمة من “التفشي مجهول المصدر” يتنقل بين الأحياء والمناطق والمحافظات بلا حسيب أو رقيب، بينما الأداء الرسمي يثبت يوماً بعد آخر عجزاً موصوفاً عن وقف تمدد الفيروس، لا سيما في ضوء التضارب الفاضح في الصلاحيات وتنازعها بين وزارتي الصحة والداخلية في حكومة تصريف الأعمال، حتى أضحى التخبط “يتفشى” بإيقاع متزايد لينعكس في اتخاذ قرارات عشوائية فاقمت الوضع تأزماً وإرباكاً في مقاربة الإجراءات والمعالجات المتوخاة.
من المجحف القول إنّ الجهات الرسمية لم تبذل مجهوداً كبيراً في مواجهة الوباء، لكن الثابت حتى الآن أنّ مجهودها ذهب هباءً منثوراً تحت وطأة حالة الضياع المستحكمة بقيادة دفة التدابير الواجب اتباعها، فعندما يصدر وزير الداخلية والبلديات قراراً بالإقفال التام يُصدر وزير الصحة العامة استثناءات تتيح إقامة الأعراس، وعندما يطلب الأخير إقفال البلد لأسبوعين يستنفر الأول لصلاحياته ويؤكد أنّ البلد “مش لعبة أسبوع منسكر وأسبوع منفتح”… وهكذا دواليك بين “هالك” الداخلية و”مالك” الصحة يواصل “قبّاض الأرواح” حصد المزيد من الوفيات والإصابات مسجلاً بالأمس حصيلة قياسية جديدة أسفرت عن وفاة 12 مصاباً بالفيروس وإصابة 1291 حالة جديدة.
وإثر اتخاذ وزارة الداخلية والبلديات قراراً بعزل 111 بلدة وإغلاقها بشكل كامل ابتداءً من صباح الأحد ولمدة أسبوع، أثار القرار بلبلة وامتعاضاً في البلدات المعنية لا سيما وأنّ المعنيين في عدد من البلديات الخاضعة لقرار العزل أكدوا أنهم لم يتبلغوا مسبقاً بالقرار ولم يتم التنسيق معهم في آليات تطبيقه، فضلاً عن إبداء البعض منهم استغرابهم لإدراج بلدات على قائمة الإقفال التام رغم أنّ الحالات المصابة فيها لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
وإذ سارع وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي إلى التنصل من مسؤولية التفرّد في اتخاذ قرار العزل وأحال المعترضين إلى التوصية الصادرة عن اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف كورونا باعتبارها هي من زودته بلائحة القرى المصنفة بأنها ذات مستوى مرتفع من الخطر على مقياس التفشي الوبائي، أوضحت مصادر معنية بالملف لـ”نداء الوطن” أنّ اختيار البلدات ضمن إطار هذه اللائحة أتى بناءً على تصنيفها ضمن نطاق “المناطق الحمراء” وفق حصيلة ترصد انتشار الوباء في المناطق اللبنانية كافة، مشيرةً إلى كون القرار اتخذ بناءً على إحصاء الإصابات نسبةً إلى عدد السكان في كل بلدة.
وفي مقابل الانتقادات التي طالت هذا الإجراء، لفتت المصادر إلى أنه تم اعتماده تماشياً مع “الطريقة الأميركية” في عزل المناطق التي يتفشى فيها الوباء تفادياً لخيار الإقفال الشامل الذي يشل البلد والاقتصاد، وأكدت أنّ بعض الاعتراضات مفهومة ولا مانع من إعادة النظر في وضع بعض البلدات التي تشملها لائحة الإقفال، لكن في الوقت الراهن يبدو هذا الإجراء هو الأمثل لفصل المناطق المصنفة “حمراء” عن باقي المناطق ذات الانتشار الوبائي المحدود نسبةً لعدد سكانها، وإلا فإنّ عدم المبادرة لاتخاذ إجراءات جذرية سريعة سيؤدي إلى كارثة صحية لن يكون في المقدور التصدي لها، خصوصاً وأنّ هناك نقصاً حاداً في أجهزة التنفس بينما القدرة الاستشفائية بلغت مستوياتها الاستيعابية القصوى.
أما في المشهد السياسي، فلا يزال وهج “الترسيم الحدودي” مع إسرائيل يطغى على شريط الأحداث الداخلية، في حين يغرق الملف الحكومي في غيبوبة قسرية بانتظار معطيات جديدة من المفترض أن تبدأ طلائعها بالتبلور أكثر الأسبوع المقبل في ضوء استئناف الاتصالات والمشاورات بين الرئاستين الأولى والثانية.
لكنّ الجمود المستأثر بالمشهد الحكومي، خرقه بالشكل أمس خبر استقبال رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة نائب حاكم المصرف المركزي السابق محمد بعاصيري، وهو ما استرعى انتباه مصادر مراقبة توقفت باهتمام عند دلالات هذا اللقاء وأبعاده، موضحةً لـ”نداء الوطن” أنّ “بعاصيري يبقى مرشحاً جدياً لرئاسة الحكومة باعتباره من الشخصيات التي تحظى بدعم غربي وأميركي على وجه التحديد، وبالتالي ليس مستبعداً أن يكون استقبال بري له أتى في سياق استكشاف آفاق وإمكانيات التفاهم حكومياً ليبنى على الشيء مقتضاه في مشاورات التكليف والتأليف”، وختمت المصادر متساءلةً عما إذا كان “الثنائي الشيعي يتحضّر لتقديم “بيعة” حكومية للأميركيين بعد “البيعة” الحدودية”؟.
*************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
تل أبيب تتوقع ضغوطاً إيرانية على «حزب الله» للتراجع عن الموافقة على المفاوضات
مقابل التفاؤل في واشنطن حول اتفاق إسرائيلي ـ لبناني على الحدود البرية أيضاً
في مقابل التقديرات المتفائلة في واشنطن بأن تتعمق المفاوضات الإسرائيلية – اللبنانية حول الحدود البحرية، وتتطور للاتفاق أيضاً على الحدود البرية، تسود تقديرات في تل أبيب بأن «حزب الله»، الذي أعطى الضوء الأخضر لهذه المفاوضات، سيتراجع في مرحلة معينة بضغط من القيادة الإيرانية.
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن إمكانات التوصل إلى اتفاق على الحدود البحرية وحتى البرية قائمة جداً، لأن الخلافات بين الطرفين تعد طفيفة ومعظم الأطراف اللبنانيين معنيون بتسوية ويأملون بأن تكون نتيجة الاتفاق مع إسرائيل إطلاق مشروع حفر آبار الغاز وتحقيق طفرة في وضع لبنان الاقتصادي، لكن إيران تخشى من تبعات اتفاق كهذا. ومن مصلحتها أن يبقى لهيب التوتر مشتعلاً على حدود إسرائيل الشمالية.
ووفقاً لمصادر سياسية في تل أبيب، فإن قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالكشف عن مخازن الصواريخ والذخائر في ثلاثة أحياء في بيروت، قبل يوم واحد من إعلان الولايات المتحدة عن اتفاق إسرائيلي – لبناني عن مفاوضات الغاز، لم يكن صدفة. فقد أراد أن يكون النشر متوازناً مع موقف حكومته، التي تضع رخاء لبنان مقابل تخفيض دور «حزب الله» في التأثير على الحكم. وجاء ليعد الرأي العام العالمي لاحتمال تفجير الأوضاع الأمنية.
وكان الجيش الإسرائيلي قد نشر تقريراً عن المخازن في لبنان، في الوقت نفسه الذي كشف فيه نتنياهو الأمر خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الثلاثاء الماضي. وفي اليوم التالي، عندما أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي، ديفيد شنكر، عن الاتفاق على المفاوضات المباشرة، كان الجيش الإسرائيلي يذكر الجميع بأنه ما زال في حالة تأهب قصوى على الحدود مع لبنان، التي بدأها قبل شهرين، في أعقاب مقتل المسؤول الميداني من «حزب الله»، كمال حسان، في غارة إسرائيلية على موقع للجيش السوري تستخدمه الميليشيات الإيرانية قرب دمشق. ووقع حادثا تصادم بين إسرائيل و«حزب الله» كادا يدهوران الوضع إلى حرب أو عملية حربية كبرى.
ونقل عن مسؤولين في قيادة الجيش الإسرائيلي أن «حزب الله» حاول الانتقام لمقتل حسان، حتى يضع قاعدة تعامل جديدة. وقد عبر أمين عام الحزب، حسن نصر الله، عن هذه القاعدة عندما قال إنه في حال مقتل عنصر من الحزب فإن إسرائيل ستدفع بعنصر من جنودها. ووفق المصدر الإسرائيلي، بذلت قواته جهداً حتى ينزل نصرالله عن هذه الشجرة وينهي التوتر. وقال: «فتحنا له باب التراجع. أرسل لنا ثلاثة مقاتلين لتنفيذ عملية ضد موقع عسكري إسرائيلي، وكان بإمكاننا قتلهم ولم نفعل. قمنا بدفعهم إلى الهرب عن طريق إطلاق الرصاص من حولهم. فلم يحترموا مبادرتنا. ثم أرسلوا خلية تسللت إلى منطقة حدودية في منتصف الليل وفي ظل الضباب الكثيف، وراحت تطلق الرصاص على بيوت إسرائيلية على الحدود، وبسبب حالة الطقس لم نتمكن من قتلهم وقمنا بقصف موقعين للحزب على الحدود، ونحن نعرف أنهما مهجوران. وكان يفترض بهم أن يكفوا. لكنهم مستمرون، ونصرالله يدعي بأن الجندي الإسرائيلي لا يجرؤ على التحرك على الحدود. والحقيقة أننا نتحرك كالعادة من دون أي مشكلة وندخل مناطق وراء السياج الحدودي. وعناصر (حزب الله) يشاهدوننا ولا يجرؤون على المساس بنا، لأنهم يعرفون أننا جاهزون للرد بشكل قاسٍ حتى لو تدهورت الأمور إلى عملية كبرى، أو حتى إلى حرب».
وحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن المعادلة المطروحة اليوم أمام لبنان، بما في ذلك «حزب الله»، هي الاختيار بين الحرب والدمار وبين السلام والازدهار. وأضاف: «إن كنا نريد الصراحة أكثر، القرار بيد نصرالله. نحن نعرف أنه يتعرض لضغوط شديدة من قادته في طهران لإبقاء الوضع على الحدود ملتهباً. فهذه مصلحة إيرانية واضحة. وهذا أسلوب إيراني تقليدي. يشعلون الأوضاع في سوريا وفي العراق وفي اليمن وفي ليبيا ويريدونها مشتعلة في لبنان. واللبنانيون بغالبيتهم يعرفون أن هذا التوتر ليس في مصلحتهم. فعندهم ما يكفي من أزمات ومشاكل. لديهم أزمة حكم. وأزمة كورونا. وأزمة اقتصادية تهدد بإفلاس الدولة. ومخازن الأسلحة تبين أن ما جرى في مرفأ بيروت وفي قانا من انفجارات يمكن أن يحصل في كل موقع في البلاد، فـ(حزب الله) وضع لبنان على آبار من المتفجرات. والآن، توجد فرصة لإنهاء الصراع المفتعل مع إسرائيل حول مسألة الحدود. وقد بات واضحاً أن حسن نصرالله بات أمام منعطف تاريخي. فإما يقرر أن يكون شيعياً لبنانياً، يضع مصلحة لبنان فوق أي اعتبار، ويخفض التوتر ويتيح للمفاوضين التوصل إلى اتفاق وإما أن يكون شيعياً إيرانياً، يخدم أجندة طهران ويضرب مصلحة وطنه لبنان.
والمعروف أن موعد بدء المفاوضات بين إسرائيل ولبنان تحدد ليوم 14 الجاري، وسيكون على مستوى منخفض من التمثيل، إذ يحضر عن لبنان مسؤولون في وزارة الطاقة، ويحضر عن إسرائيل مسؤولون بالمستوى نفسه، كما يشارك ممثلون عن الجيشين. ويكون الوسيط الأميركي حاضراً بقوة، وإلى جانبه «المضيفون»، أي قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة، في قرية الناقورة اللبنانية، الملاصقة للحدود مع إسرائيل. ومع أن الطرفين يؤكدان أنهما سيجريان مفاوضات رسمية فيما بينهما بشأن خطوط الحدود البحرية فقط، فقد أعرب الوسيط الأميركي ديفيد شنكر عن تفاؤله من توسيعها لتشمل الحدود البرية أيضاً.
*************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الفضائح بالجملة .. والحكومة تنتظر «أرنب الحلّ».. واتفاق الترسيم محصّن
يبدو أنّ المشهد الداخلي سيبقى مضبوطاً على ايقاع اتفاق إطار مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، الذي أعلنه الرئيس نبيه بري. أقلّه إلى موعد انطلاق هذه المفاوضات التي يعوّل عليها لبنان في تأكيد سيادته على حدوده البحرية، وكذلك على البر.
وبديهي هنا التأكيد، أنّ طغيان ملف الترسيم، بما يعتريه من نفحة أمل، ولو مستقبلية، بإمكان استفادة لبنان وبحريّة كاملة، من ثرواته الغازية والنفطية الكامنة في النقاط المتنازع عليها في البحر بين لبنان واسرائيل، لا يحجب صورة الفراغ الحكومي بما تنطوي عليه من سلبيات، ومن إفلاس لدى كلّ المعنيين بهذا الملف، من أيّ عنصر دفع إيجابي في اتجاه تأليف الحكومة، وفي وقت باتت فيه الأزمات المتدحرجة على رؤوس اللبنانيين، تدق أجراس التفاقم، وتنذر بشرّ مستطير على كل المستويات الاقتصادية والمالية والمعيشية.
الاجواء المرتبطة بملف التكليف والتأليف، يتجاذبها توجهان متناقضان، يؤشر تصلّبهما حيال بعضهما البعض الى صعوبة أن يلتقيا بإرادتهما، على مساحة مشتركة تُبنى عليها الحكومة الجديدة؛ الأول، فريق الرئيس سعد الحريري المنكفئ بعيداً من خط التكليف والتأليف، تاركاً كرة التخبّط في ملعب من يسمّيهم هذا الفريق برافضي التسوية والمعطلين للمسار الحكومي، عبر شروط استعلائية، ومحاولة فرض اعراف جديدة تطيح الدستور والطائف. والمقصود هنا ثنائي حركة «امل» و»حزب الله». والثاني، هو ثنائي الحركة والحزب، اللذان يعتبران انّ كرة الاستفادة من فشل «التجربة الفاشلة» مع تكليف مصطفى اديب، هي في ملعب الحريري وفريقه.
وفيما تعتبر «أمل» انّ التفاهم هو الاساس الذي يفترض ان تُبنى عليه الحكومة الجديدة، يبدو «حزب الله» لا يزال يحتفظ بنبرة عالية تجاه هذا الفريق، ويتهمه بـ»محاولة إحداث انقلاب في البلد، عبر محاولة تشكيل حكومة موظفين يديرهم هذا الفريق كيفما يشاء، ويأخذ البلد في الإتجاه الذي يريده سياسياً واقتصادياً ومالياً، فكان لا بدّ من إفشال هذا الانقلاب».
من أين سيخرج الارنب؟
لكن أمام انسداد الأفق على الخط الحكومي، وإنكفاء الأطراف السياسية المعنيّة، وخصوصاً السنيّة منها، الى خلف المشهد، في ما بدا انّه يشبه انتظاراً لتطورات ما، تدفع في اتجاه اعادة فتح المرشحين لرئاسة الحكومة، يستلقي على الخط الحكومي السؤال التالي: من أيّ كمّ سيخرج أرنب التكليف والتأليف؟
اذا كان مجرّد اعلان اتفاق اطار مفاوضات الترسيم، قد مرّر في الأجواء الداخلية نسمة ايجابية، كانت انعكاساً للايجابية البالغة التي عكستها الجهات الدولية المعنية بهذا الاتفاق، وتأكيدها على اهمية انجاز ملف الترسيم، وفق خريطة الطريق المحدّدة في «اتفاق الاطار»، فإنّ بعض المقاربات السياسية لهذا الاتفاق، تعاكس التوجهات الصدامية الثابتة على الخط الحكومي على ضفتي الحريري وفريقه، وثنائي «أمل» و»حزب الله»
فهذه المقاربات، ترى انّ الفرصة اللبنانية مؤاتية للاستثمار على هذا الحدث المتمثل باتفاق الاطار، وما له من بعد اممي واميركي، والانتقال من مرحلة فقدان التوازن السياسي السائدة حالياً جراء الشلل الكامل في السلطة التنفيذية، الى مرحلة ضبط هذا التوازن وتثبيته بـ»قطف» الحكومة في هذا الوقت بالذات، وإخراجها من المغارة السياسيّة التي تحتجزها داخلها، توجّهات متناقضة وطروحات متصادمة تعطل ولادتها.
الحاجة مضاعفة
وبحسب تلك المقاربات، فإنّ حاجة البلد الى التوافق السياسي على حكومة سريعة، باتت مضاعفة في هذا الوقت، أولاً، لجهة مهمتها الانقاذية والاصلاحية والتي سبق ان حدّدتها المبادرة الفرنسية، فضلاً عن انّ الفراغ في السلطة التنفيذية، وكلما طالما أمده، يستحيل ولّادة لمزيد من الاهتراء، وسلاحاً قاتلاً لكلّ أمل بالنهوض بالبلد من هذا الاهتراء. وثانياً، لجهة ضرورة وجودها كسلطة كاملة المواصفات والصلاحيات، في موازاة حدث ينطوي على اهمية استثنائية بالنسبة الى لبنان، فمن جهة يعزز وجودها موقع وموقف المفاوض اللبناني، وعدم وجودها حتماً سيربكه، ومن جهة ثانية تلعب الدور المطلوب منها في مواكبة مفاوضات الترسيم، التي بدأت الاستعدادات منذ الآن لإقامة احتفالية ضخمة لانطلاقتها في مقر قيادة «اليونيفيل» في الناقورة منتصف الشهر الجاري.
اسبوع التزخيم
وبحسب ما تجمّع لـ»الجمهورية» من الجهات المعنيّة بملف تأليف الحكومة، فإنّها تعوّل على الأسبوع المقبل في أن يكون أسبوع تزخيم المشاورات السياسية للاتفاق على شخصية الرئيس المكلّف، وبالتالي بناء الحكومة الجديدة على أرضية توافقية. ذلك أنّ المناخ الدولي، مع الاعلان عن اتفاق اطار المفاوضات، صار اكثر دفعاً في هذا الاتجاه، وهو ما اكّدت عليه نصائح دولية تلقّاها مسؤولون لبنانيون في الساعات الماضية، تعتبر أنّ من الافضل للبنان ان تنطلق مفاوضات الترسيم في ظلّ وضع هادىء ومستقر سياسياً وحكومياً، وليس كما هو الآن في حال اللااستقرار.
وفي هذا السياق، كشف أحد كبار المسؤولين، انّ شخصيّة امميّة، نقلت اليه ما يفيد عن رغبة أميركية في تشكيل حكومة بصورة عاجلة في لبنان، تلتزم بإجراء الاصلاحات التي ينادي بها الشعب اللبناني.
ويأتي ذلك بالتزامن مع ما نقلته مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية، عن رصد فرنسي حثيث لمجريات الداخل اللبناني.
وتلفت هذه المصادر، الى «أنّ التواصل لم ينقطع بين باريس وبيروت، منذ المؤتمر الصحافي الناري للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون»، وهو ما اكّدته مصادر سياسية واسعة الاطلاع، التي تحدثت عن تواصل فرنسي مع «حزب الله» بعد خطاب الرئيس الفرنسي. من دون ان توضح هذه المصادر ما دار بين الجانبين.
وكشفت المصادر الديبلوماسية من باريس، «انّها تملك معطيات جديّة تفيد بأنّ لدى الرئيس ماكرون توجّهاً جديًّا لتفعيل مبادرته في القريب العاجل»، ولكن من دون ان توضح ماهية هذا التفعيل.
وبحسب معطيات المصادر عينها، فإنّ مهلة الستة اسابيع، التي حدّدها الرئيس ماكرون لتشكيل حكومة في لبنان، والتي انقضى منها اسبوع حتى الآن، لا تعني ان يتمّ هذا التشكيل في الاسبوع الخامس او السادس، بل أنّ باريس راغبة في أن تتشكّل الحكومة قبل ذلك، وهي ستدفع في هذا الاتجاه، الّا انّ ذلك بالتأكيد رهن تجاوب الاطراف في لبنان، الذين يفترض ان يكونوا قد استفادوا من التجربة السابقة التي انتهت بالرئيس المكلّف مصطفى اديب الى الاعتذار.
ورداً على سؤال عن صحّة ما تردّد عن انّ الرئيس ماكرون سيرسل موفداً الى لبنان ليواكب تشكيل الحكومة قالت المصادر: «لبنان بند اساس في اجندة الايليزيه، والرئيس ماكرون لن يترك مبادرته، وهذا أمر ثابت بالنسبة اليه، وسيكون حاضراً حتماً في لبنان لإنجاحها، سواء عبر موفدين شخصيّين او ديبلوماسيّين. وأما بالنسبة الى التوقيت فهو خاضع بالتأكيد لروزنامة الرئيس الفرنسي».
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية، استقبل السيد مخائيل بوغدانوف الممثل الخاص لرئيس روسيا الإتحادية في الشرق الاوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي في ٢ تشرين الاول السيد جورج شعبان الممثل الخاص لرئيس الحكومة اللبنانية السابق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري.
وتم خلال اللقاء بحث الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمعيشية في لبنان، بما في ذلك ما يمكن بذله من جهود من أجل تجاوز الأزمة الحكومية في هذا البلد الصديق، وكان التأكيد من الطرف الروسي على الموقف الروسي المبدئي والثابت في دعم وتأمين الإستقرار السياسي الداخلي في لبنان، من خلال تأمين حوار وطني على مبدأ الإلتزام بوحدة واستقلال لبنان.
اتفاق الاطار
من جهة ثانية، بقي المشهد الداخلي أمس، خاضعاً لارتدادات الإعلان عن اتفاق إطار مفاوضات ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان واسرائيل، وخلافاً للصورة الدولية التي قاربت هذا الاتفاق بوصفه حدثاً استثنائياً للاطراف المعنية به، وخطوة في اتجاه ترسيخ الأمن والإستقرار على جانبي الحدود بين لبنان واسرائيل، فإنّ المقاربة الداخلية لم تكن بمستوى هذا الحدث، حيث تمّ التعاطي معه ببرودة ملحوظة، وكأنّه أمر يعني فقط، فئة معيّنة من اللبنانيّين، دون سائر اللبنانيين.
فالرئيس نبيه بري، الذي اعلن عن الاتفاق في احتفالية عين التينة امس الأول، يصنّف هذا الحدث كإنجاز استثنائي للبلد، يفتح الطريق أمام لبنان لبسط سيادته على كامل حدوده المائية وما تكتنزه من ثروات من النفط والغاز، وكذلك حدوده البريّة. فيما تجاوزت سائر المقاربات الداخلية هذا الإنجاز، وصوّبت على ما وصفته «العُرف» الذي يريد بري أن يفرضه، متجاوزاً صلاحيات رئيس الجمهورية في ما خصّ التفاوض حول عقد المعاهدات الدولية الخارجية، والتي عاد رئيس الجمهورية وأكّد عليها، ايّ الصلاحيات، في بيان المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية بعد اعلان بري عن الاتفاق.
بازار التجاذبات
وربطاً بالجو الداخلي البارد من إعلان اتفاق الإطار، اكّدت مصادر سياسية لـ»الجمهورية»، انّ النقطة الاساس، هي الّا يتمّ إدخال هذا الملف في بازار الخلافات والتجاذبات الداخلية، التي من شأنها الّا تُضعف فقط الموقف اللبناني وتربكه في مفاوضات، بالتأكيد لن تكون سهلة مع الاسرائيليين، بل من شأنها أن تنسف كلّ ما تحقّق في هذا الملف وكل الجهد الذي بُذل على مدى سنوات طويلة، للوصول الى هذا الاتفاق.
واذ لفتت المصادر الى «ثغرة اساسية تعتري هذا الاتفاق – الاطار، وهي عدم تحديد سقف زمني لهذه المفاوضات، بل ابقاها مفتوحة، ما قد يجعلها عرضة للتمديد المتتالي لفترات طويلة تزيد على الاشهر وربما لسنة واكثر»، اكّدت هذه المصادر «أنّ اولوية لبنان حالياً هي ان ينصرف الى التحضير لهذه المفاوضات، أكانت ستستمر لفترة قصيرة، او ستستمر لفترة طويلة، وأن يعدّ العدّة مسبقاً للدخول اليها محصّناً بموقف لبناني موحّد، ومستعداً لمواجهة ما قد يخبئه الاسرائيليّون من مفاجآت او عمليات تحايل قد يلجأون إليها، تحقيقاً لمصلحتهم على حساب لبنان وحقوقه».
الاتفاق محصّن
في هذا الوقت، أبلغت قيادة «اليونيفيل» الجهات المعنية اللبنانية، «أنّ التحضيرات اللوجستية لانطلاق عملية التفاوض بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي في مقر القيادة الدولية في الناقورة، على جهوزية تامة لاستقبال المفاوضين، مع ابداء الأمل في أن يتمكّن الطرفان من إنجاز الاتفاق النهائي سريعاً بينهما».
بدوره، اكّد مسؤول دولي معني بالإتفاق لـ»الجمهورية»، انّ الاتفاق حول اطار مفاوضات الترسيم، محصّن، اولاً بحاجة الجانبين اللبناني والاسرائيلي اليه، وثانياً، بالحضور الأميركي المباشر، والتزام الولايات المتحدة الاميركية بأن تلعب دور الوسيط الايجابي والمسهّل لعملية التفاوض، وثالثاً، وبالرعاية الاممية لهذا الاتفاق، والتي ستكون قيادة «اليونيفيل» وفقاً لهذه الرعاية، عاملاً مساعداً في اتجاه تحقيق الغاية المرجوة من الاتفاق بالنسبة الى لبنان واسرائيل.
ورداً على سؤال قال المسؤول الدولي: «إنّ أمد المفاوضات يتحدّد من خلال مجريات التفاوض، وكما هو مرسوم فإنّ الاجتماعات التمهيدية حسمت الكثير من الأمور، وثمة اتفاق واضح على انّ المفاوضات التي سيذهب اليها الطرفان، هي مفاوضات تفصيلية، ومنتجة في آن معاً، ومن هنا لا أعتقد أنّ بلوغ الاتفاق النهائي سيتطلب وقتاً طويلاً».
ورداً على سؤال آخر، قال: «كما قلت، محصّن اممياً واميركياُ، وبالتالي لا يستطيع ايّ طرف سواء لبنان او اسرائيل، تعطيل الاتفاق، فضلاً عن انّ كلا الجانبين في حاجة ماسة اليه، وانا مدرك انّ حاجة لبنان الى هذا الاتفاق، هي اكبر من حاجة اسرائيل اليه، إذ أنّه سيفتح امامه آفاقاً ينتظرها منذ امد بعيد، وتتعلق بالمخزون النفطي والغازي الذي يشكّل بالنسبة اليه عاملاً جوهرياً ومساعداً للخروج من ازمته الاقتصادية والمالية».
وخلص المسؤول الدولي الى القول: «انّّ الاتفاق الحدودي بين لبنان واسرائيل، يشكّل عامل استقرار على جانبي الحدود بين البلدين. واتفاق الجانبين على بدء المفاوضات لبلوغ هذا الاتفاق، تعكس بشكل جلي رغبة الجانبين بعدم التصعيد او الدخول في مواجهة».
فضائح
اقتصادياً ومعيشياً، يبدو البلد عالقاً في حقل من الفضائح، حيث بدأت مفاعيل رفع الدعم تتفاعل في الاسواق قبل أن يبدأ تنفيذ القرار. وكأنّ المقصود اليوم تحضير الاجواء لكي يشعر المواطن بالذلّ ويصبح جاهزاً لمواجهة تداعيات وقف الدعم، والتي ستنعكس حتما ارتفاعاً دراماتيكياً في اسعار كل السلع، وستصبح قدرات الناس على توفير الحد الأدنى من العيش الكريم محدودة. لكن المشكلة لن تتوقف عند هذا الحدّ، لأنّ دولار السوق السوداء بدأ يرتفع دراماتيكياً وكأنّه يعطي اشارة مسبقة الى ما سيكون عليه الوضع بعد رفع الدعم. وقد لامس امس عتبة الـ8600 ليرة.
توزّع المشهد حالياً بين مجموعة أزمات متراكمة، من أخطرها أزمة المحروقات وأزمة الدواء. بعض المحطات أغلقت بالكامل، محطات أخرى فرضت تقنيناً ذاتياً في توزيع البنزين. كذلك بدأ الدواء ينفد في الاسواق. لكن الأدهى، انّ الحس الوطني غائب، والفساد ينتشر على كل المستويات، والأجهزة الرسمية عاجزة عن فرض القوانين. وبعد فضيحة استمرار تهريب المحروقات المدعومة الى سوريا، وفضيحة التخزين لتحقيق ارباح اضافية، برزت امس فضيحة الدواء. وقد كشف النائب ميشال الضاهر ما يجري في قطاع استيراد الدواء. وتساءل في تغريدة، «الى متى يقوم مستورد الدواء بإيداع 150 مليون ليرة في حسابه، يتمّ تحويل هذا المبلغ الى المورّد بما يعادل 100 الف دولار بالسعر الرسمي، يحصل المستورد على عمولة 30 بالمئة أي 30 الف دولار، أي ما يعادل 250 مليون ليرة، وبهذه العملية يكون قد استحصل على الدواء مجاناً، بالاضافة الى مبلغ 100 مليون ليرة».
هذه الفضيحة، اذا ما أُضيفت الى فضيحة تهريب المحروقات، والى فضيحة استخدام الطحين المدعوم المخصّص للخبز، لصناعة الحلويات وتحقيق ارباح كبيرة، كل ذلك يدل الى حجم الهدر في الدعم، والى غياب الضمير لدى قسم كبير من المستوردين والتجار الذين يستغلون الدعم لتحقيق ارباح خيالية غير مشروعة.
لكن هذه الفوضى لا تبرّر رفع الدعم عشوائياً، وترك الناس لمصيرهم. ويبدو من خلال المواقف المعارضة لوقف الدعم التي تظهر تباعاً، انّ البلد سيكون في مواجهة عاصفة هوجاء، ستترك آثارها التدميرية على المجتمع.
سلامة
الى ذلك، رأى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أنّ «الاقتصاد يعاني من مشاكل كبيرة مع غياب كامل لأية معالجات».
واشار سلامة خلال اللقاء الشهري بين مصرف لبنان وجمعية المصارف، الى أنّ «الخزينة العامة تعاني كما الاقتصاد، وانّه أبلغ الحكومة بعدم المس بالاحتياطي الإلزامي لديه بالعملات الأجنبية لأغراض الدعم، ما يتيح الدعم عملياً لشهرين أو ثلاثة أشهر للمواد الأساسية وتحديداً المحروقات والقمح والدواء بسعر صرف 1500 ليرة للدولار وللمواد الغذائية بسعر صرف 3900 ليرة للدولار.
وشدَّد سلامة على «ضرورة التزام المصارف مضمون التعميم 154 والذي هَدِفَ من جهة أولى إلى إعادة تكوين السيولة الخارجية ولدى المصارف الإمكانية لتكوين 3% بالشكل المناسب. لافتاً الى أنّ «الالتزام بنسب إعادة التحويل (15% للزبائن و30% للـ PEP) تساهم بدورها في تقوية السيولة».
ورأى سلامة أنّ «الأزمة الحادة باتت وراءَنا، وأنّ مصرف لبنان ولجنة الرقابة سيقومان بكل الإجراءَات المتاحة قانوناً، وذلك لإعادة تفعيل مساهمة القطاع في تمويل الاقتصاد. فالرسملة والسيولة أساسية لتمويل الاقتصاد واستمرارية القطاع ترتبط بقدرته على تجديد نفسه».
ولفت سلامة الى «أنّ مصرف لبنان كان قد أصدر تعميماً بهذا الخصوص والمطلوب التقيّد به».
ورأت الجمعية أنّه «ورد في الأسباب الموجبة للقانون الذي أقرَّه المجلس النيابي، أنّ مصرف لبنان سيدعم الدولار الطلابي كما القمح والدواء». ورأت كذلك «ضرورة إيجاد آلية مركزية لئلا تتمّ اساءة استعمال القانون باللجوء إلى أكثر من مصرف من قبل ذوي العلاقة».
وتمَّ التوافق على انتظار التعميم التطبيقي لتوضيح كافة هذه الجوانب، والذي من المفترض أن تصدره وزارة المالية.
كورونا
على الصعيد الصحّي، يتعاظم هاجس «كورونا» على مدار الساعة، مع دخول لبنان مرحلة التفشّي المجتمعي لهذا الوباء الخبيث، وعلى نحو لم يعد في الامكان اللحاق به واحتوائه. وهو امر يفاقم من حجم المخاطر التي يرخيها هذا الامر على حياة اللبنانيين.
وفي وقت بدأت فيه عدادات الاصابات بهذا الوباء، تقترب من عتبة الـ1500 اصابة يومياً، وهو النتيجة الطبيعية لحال الاستهتار الشامل، بلا أي ضوابط، توشك عشرات المناطق والبلدات والقرى اللبنانية لأن تصبح منكوبة لاستفحال الوباء فيها وظهور مئات الحالات، وهو الامر الذي دفع بوزارة الداخلية الى اصدار جدول بهذه المناطق، واقفالها وعزلها بالكامل، كإجراء احترازي، لعلّه يؤدي الى احتواء الفيروس والتقليل من عدد الحالات المتزايدة.
وفيما اكّدت مصادر وزارة الداخلية لـ»الجمهورية»، انّ تعليمات مشدّدة قد اعطيت للاجهزة الامنية في التشدّد بتطبيع الاجراءات الجديدة، حذّرت مصادر وزارة الصحة مما سمّته انفجاراً وبائياً خطيراً فيما لو استمر تراخي المواطنين امام هذه الجائحة، وعدم تقيّدهم بالإجراءات الوقائية المطلوبة منهم سواء بالالتزام الكلي بالكمامة، وبالتباعد وعدم الاختلاط، حفاظاً على سلامتهم وسلامة مجتمعهم.
ورداً على سؤال عمّا اذا كان هناك توجّه للاقفال من جديد، لفتت المصادر الى انّ اي اجراء يمكن ان يساهم في احتواء الوباء، لا بدّ من اتخاذه اياَ كان نوعه، ولكن المهم قبل كل شيء هو تجاوب المواطنين مع الاجراءات والالتزام بها.
*************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
إستئناف المشاورات الاسبوع المقبل: مفاوضات الترسيم تعيد الإعتبار للحكومة السياسية؟
الكورونا تكتسح 111 بلدة وعراجي يحذّر.. وسلامة لحوار بين المصارف والمودعين
استفحل الداء، وتناقص الدواء، وضجت البلاد بسوء الاداء، هذا ما ينطبق، بموضوعية، على المشهد الصحي، وتبعاته في البلاد، بعدما تفشى وباء فايروس كورونا، وحل في المحافظات والاقضية والمنازل والمؤسسات التربوية، والقضائية والادارية، وحتى الصحية، وفاقم من الخلافات، سواء في ما خص الاجراءات او الاستثناءات.
فصحياً، نشرت وزارة الصحة جدولاً يظهر توسع انتشار الفايروس، واعلنت في تقريرها اليومي عن تسجيل 1291 اصابة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي الى 42159، اضافة الى وفاة واحدة.
ادارياً، شمل قرار وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال العميد محمد فهمي على خلفية تفشي كورونا، بعد الاصابات المرتفعة فيها بالفايروس 111 قرية وبلدة، في محاولة لضبط الانفلات، وسط اعتراض مؤسسات وبلدات سألت عن معيار الاقفال، واعلنت عدم الالتزام.
وفي هذا الاطار، أكد رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي في تصريح لصحيفة اللواء ان قرار اقفال بعض المناطق التي تشهد ارتفاعا في الاصابات بكورونا سليم ورأى ان الوضع لامس الخط الاحمر ولم يكن في الامكان التساهل معلنا انه كان يؤيد خيار وزير الصحة ب الاقفال ١٥يوما انما بشرط تطبيق إجراءات قاسية بحق المخالفين بعد ذلك.
وقال انه رفع الصوت في الجلسة العامة لمجلس النواب محذرا من امكانية سير لبنان في النموذج الايطالي بالنسبة الى كورونا واشار الى وجود مرضى في قسم الطواريء يتم علاجهم بفعل اشغال ٩٠بالمئة من الاسرة وهذا امر خطير. واذ اعلن ان القطاع الطبي في لبنان منهك بفعل غياب اي حماية كافية له من وباء كورونا كما الحوافز دعا المستشفيات الخاصة الى الالتزام بتعهداتها لجهة اقسام لكوفيد ١٩.
واشار الى ان هناك مسؤولية فردية ايضا تتصل بالمواطنين الذين عليهم الالتزام ب الاجراءات الوقائية كما ان هناك مسؤولية لدى الدولة والوزارات لجهة فرض الاجراءات الصارمة والتشدد وقمع المخالفات.
وسط هذا الارباك المتزايد، الذي احدثته تداعيات كورونا توقعت مصادر رسمية إعادة تنشيط الاتصالات المتعلقة بالملف الحكومي، الاسبوع المقبل، بالتوازي مع التحضير لمفاوضات تحديد الحدود في 14 الشهر الحالي، «بعدما اخذت القوى السياسية فترة اسبوع لتقييم تجربة تكليف الدكتور مصطفى اديب بإيجابياتها وسلبياتها»، ورجحت ان يتم التركيز في الاتصالات على اقتراح الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة تكنو- سياسية من عشرين وزيراً بينهم ستة وزراء سياسيين يمثلون الطوائف والقوى السياسية الست الكبرى».
وذكرت مصادرمتابعة للملف الحكومي، ان المشاورات المرتقبة تتركز على محاولة الاتفاق على اسم الرئيس المكلف وبرنامج الحكومة حتى لا تحصل قفزة في المجهول، وان ثنائي «امل» وحزب الله سيبدآن الاسبوع المقبل اتصالات مع الحلفاء (تيار المردة والحزب القومي واللقاء التشاوري للنواب المستقلين والحزب الديموقراطي اللبناني) لبلورة وجهة نظر موحدة وواضحة حول الملف الحكومي قبل الاتصال بالتيار الوطني الحر للغاية ذاتها.
وسُجّلَت زيارة السفير الفرنسي برونو فوشيه يوم الاربعاء الماضي الى مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله»عمار الموسوي في الضاحية الجنوبية، وصِفَتْ بانها زيارة وداعية قبيل مغادرة فوشيه لبنان (غادر امس بيروت).
وحسب معلومات «اللواء»، جرى خلال اللقاء البحث في الموضوع الحكومي وظروف ما احاط بالمبادرة الفرنسية وعدم تمكن الرئيس اديب من تشكيل الحكومة ومواقف الاطراف وفرنسا مما حصل.
مصادر في فريق 8 اذار اطلعت على بعض مضمون الزيارة إكتفت بالقول لـ «اللواء»: ان السفير الفرنسي المح الى ما يمكن وصفه «ان المبادرة الفرنسية ضُرِبَت من بيت ابيها فتعرقلت مهمة اديب، وان فرنسا اخطأت بحصر ملف التشكيل بيد فريق واحد»، فيما أشارت قناة «او.تي.في» وقناة «الجديد» إلى أن فوشيه «حاول خلال لقائه الموسوي ان يُفسّر ما الذي حصل مع الفرنسيين بالنسبة للمبادرة، ومصادر مطلعة تقول بأن السفير قال بأن الفرنسيين شعروا بخيانة من اطراف مقربة منهم».
وكان نشاط قصر بعبدا خلال الاسبوع الحالي شهد نشاطا خفيفا بفعل حالات كورونا التي سجلت غير ان الرئيس عون واصل اتصالاته ومتابعته لعدد من القضايا.
ونفت دوائر قصر بعبدا دخول الرئيس عون الى المستشفى، وقالت انه بخير ولا صحة للخبر، الذي يندرج ضمن الشائعات والاكاذيب التي تتناول رئيس الجمهورية.
ويغادر الرئيس عون بعد غد الاثنين برفقة الرئيسين بري وحسان دياب ووزير الخارجية الى الكويت لتقديم واجب العزاء بامير الكويت الراحل صباح الاحمد الجابر الصباح، على ان يعودوا في اليوم نفسه.
وافادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان محركات الملف الحكومي تعمل بوتيرة بطيئة ولكن يفترض ان تتحرك المحركات بالوتيرة المطلوبة دعما للمبادرة الفرنسية او تمسكا بها الاسبوع المقبل وتوقفت عند تموضع الرئيس الحريري ضمن المبادرة الفرنسية وابتعاده عن معادلة الرئيس ميقاتي.
ولفتت الى ان هناك معلومات تشير الى ان الثنائي الشيعي لا يزال متمسكا بها و الامر كذلك بالنسبة الى رئيس الجمهورية الذي سبق ان اعلن ذلك مكررة القول ان التشاور بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب سيحصل حتما في ما خص عملية التكليف.
وفي هذا السياق، كشف مصدر وزاري في 8 آذار ان فرنسا ابلغت لبنان عن توجهها لاعادة تفعيل مبادرتها باتجاه تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة، وهي تقوم بمسعى عربي ودولي لاعادة تسويقه، علما ان مصادر مهمة ضمن الدائرة الضيقة جدا بالثنائي الشيعي نفت ان تكون فرنسا قد نقلت مؤخرا لحزب الله اي كلام جديد في خصوص اعادة تفعيل مبادرتها.
وللمرة الاولى، نقل المصدر عن الثنائي تاكيده عدم ممانعته تكليف الحريري لرئاسة الحكومة، ذاهبا ابعد من ذلك حين اكد بشكل واضح بان المشكلة اليوم ليست في الاسم ولكن في برنامج الرئيس المكلف وشكل الحكومة التي ينوي تاليفها ومدى التزامه بالتعاون مع كل القوى لتاليف حكومة «سياسية ووطنية» تستطيع متابعة مسالة ترسيم الحدود وتطبيق «اتفاق الاطار» وفق ما تم الاتفاق عليه، وموضوع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وحل الازمة الاقتصادية وتطبيق الاصلاحات.
اكثر من ذلك، اعتبر المصدر الوازن في ٨ آذار ان ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة اهم من تشكيل الحكومة بالنسبة للقوى الدولية، وهو موقف جديد ومهم ومن المفترض ان ياخذ تفاعلاته بالنقاش داخليا وخارجيا ومن الطبيعي ان يطغى حاليا على موضوع الحكومة، معتبرا ان المنطق يقول بان هذا الاتفاق يجب ان يترك اثارا ايجابية على لبنان لجهة اجبار واشنطن على مراجعة خياراتها لبنانيا في حين ان الفرنسيين استبقوا الاعلان عن «اتفاق الاطار» وبدأوا الحديث جديا عن اعادة تفعيل مبادرتهم.
وكشف نائب رئيس مجلس النواب إيلي فرزلي، بأن الولايات المتحدة الأميركية قد تعهدت بشكل غير رسمي أن تنتهي مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل خلال 6 أشهر.
وقال فرزلي، في حديث لوكالة «سبوتنيك» امس: «هناك دور معين للولايات المتحدة الأميركية، التي تعهدت بصورة غير رسمية، أن المفاوضات ستنتهي خلال ستة أشهر».
وأشار فرزلي إلى أن «موقف لبنان الذي يفاوض باسمه دولة الرئيس نبيه بري، كان موقفا واضحا وصارما، يتعلق بجهة الحفاظ على المبادئ التالية أولا، أن تجري المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة وثانياً، أن تكون المفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل».
وأوضح فرزلي أن «المنطقة المتعلقة بمزارع شبعا والمناطق المحتلة، هي خارج إطار الترسيم، الترسيم البري الذي أتحدث عنه، هو الخط الأزرق المتعارف عليه في لبنان حاليا، حددت هذه الحدود».
وفي ما خص الدور الروسي استقبل الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في الشرق الأوسط وبلدان إفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الممثل الخاص للرئيس سعد الحريري جورج شعبان.
وأفاد بيان لوزارة الخارجية الروسية أن «اللقاء بحث في الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمعيشية في لبنان، بما في ذلك ما يمكن بذله من جهود من أجل تجاوز الأزمة الحكومية في هذا البلد الصديق. وكان تأكيد من الجانب الروسي على موقف روسيا المبدئي والثابت في دعم وتأمين الاستقرار السياسي الداخلي في لبنان، من خلال تأمين حوار وطني على مبدأ التزام وحدة لبنان واستقلاله».
سلامة لحوار بين المصارف والمودعين
والاهم، اقتصاديا، ومالياً، الاتفاق الذي تم بين حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف الى المبادرة الى فتح حوار مع ممثل المودعين، بمشاركة لجنة الرقابة علىالمصارف.
وجاء في وقائع الاجتماع الشهري بين حاكم المركزي رياض سلامة وجمعية المصارف الذي عقد امس، تأكيد سلامة ان الازمة الحادة باتت وراءنا وان مصرف لبنان ولجنة الرقابة سيقومان بكل الاجراءات المتاحة قانونا، لاعادة تفعيل مساهمة القطاع في تمويل الاقتصاد، فالرسملة والسيولة اساسية لتمويل الاقتصاد واستمرارية القطاع ترتبط بقدرته على تجديد نفسه.
ومن زاوية المترتبات على غياب المعالجات الاقتصادية وعدم وضع خطة التعافي وضع التنفيذ والارباك الناجم عن التوقف عن دفع السندات (Default)، وتعليق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
ورأى كذلك أن الخزينة العامة تعاني كما الاقتصاد وأن مصرف لبنان بطلب من وزارة المال واستناداً إلى المادة 91 من قانون النقد والتسليف يموِّل بالليرة من جهة أولى عجز الخزينة المستمر ومن جهة ثانية يكتتب بسندات الخزينة التي تستحق بغياب اكتتاب من أية جهة أخرى.
وأعلم الجمعية أنه أبلغ الحكومة بعدم المس بالاحتياطي الإلزامي لديه بالعملات الأجنبية لأغراض الدعم ما يتيح الدعم عملياً لشهرين أو ثلاثة أشهر للمواد الأساسية وتحديداً المحروقات والقمح والدواء بسعر صرف 1500 ل.ل. للدولار وللمواد الغذائية بسعر صرف 3900 ل.ل. للدولار. وأمِلَ أخيراً أن تنجز الحكومة مقترح البطاقات لحماية القدرة الشرائية للفئات الأكثر انكشافاً على الأوضاع المعيشية.
وطالب الحاكم المصارف بالالتزام بمضمون التعميم 154، الهادف الى اعادة تكوين السيولة الخارجية لدى المصارف.
كما شدد الحاكم على التقيد بالمطلوب، فطالبت جمعية المصارف بايجاد آلية لئلا يساء استعمال القانون، بانتظار تعميم تطبيقي تصدره وزارة المال.
وفي شأن مالي آخر، اجتمع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني مع الوزير المفوض بالشؤون الاقتصادية الفرنسي فرانسوا دو ريكولفيس. خلال الاجتماع، جرى البحث في تطبيق خارطة الطريق الفرنسية التي تم وضعها في الأول من شهر أيلول ومختلف المواضيع الاقتصادية والمالية، لاسيما مسألة التدقيق الجنائي لحسابات مصرف لبنان والموازنة والكابيتال كونترول والإصلاحات الجمركية ومتابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. من جهته، أكد ريكولفيس أنه لاحظ تقدّماً على هذه الأصعدة. بدوره، شدّد وزني على أهمية متابعة الإصلاحات في المرحلة المقبلة.
الاقفال الخلافي
اما كورونياً، فقرار خلافي بالإقفال الموضَعي درءاً لكورونا، اعلن عنه وزير الداخلية اليوم، ليثير قرارُه موجة كبيرة من الرفض، عبَّر عنها رؤساء بلديات كثيرون، حيث جاء في نص القرار أنه «يقفل بشكل كامل، اعتبارا من الساعة 6 صباحا من يوم الأحد 4/10/2020 ولغاية الساعة 9 صباحا من يوم الإثنين 12/10/2020، عدد محدد من القرى والبلدات، على ان يتوقف العمل في كافة الإدارات والمؤسسات الرسمية والخاصة في نطاقها، كما تلغى المناسبات الاجتماعية والحفلات والسهرات والتجمعات على أنواعها، ويتم التنسيق مع المرجعيات الدينية لجهة إقفال دور العبادة.
ولاحقاً، اصدر وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال طارق المجذوب قراراً باقفال المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة والوحدات الادارية والفنية التابعة للوزارة، الواقعة في نطاق القرى والبلدات المشار اليها في بيان وزارة الداخلية من 4/10/2020 الى صباح الاثنين الواقع فيه 12/10/2020.
وكانت رئاسة الجامعة اللبنانية اعلنت الاقفال الكامل لاسبوع باستثناء العمل يومين في الادارة المركزية.
*************************************
افتتاحية صحيفة الديار
لبنان يتحضر لاتفاق تقني يُرسّم حدوده الجنوبية برعاية الامم المتحدة ووساطة اميركية
جمود حكومي بانتظار الآلية الفرنسية الجديدة… واقفال 111 بلدة بسبب «كورونا»
نور نعمة
بعد ان وضع رئيس مجلس النواب الاطار المناسب لعملية ترسيم الحدود اللبنانية البحرية الجنوبية معلنا ان دوره انتهى في هذا الملف، بدأ رئيس الجمهورية العمل على تشكيل الوفد المفاوض للاجتماع الاول الذي سينعقد في الناقورة في 12 او 14 تشرين الاول وعلى الارجح في 14 تشرين الاول، وفقاً لمصادر مقربة من قصر بعبدا. وسيضم هذا الاجتماع الوفد المفاوض اللبناني في حضور مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد شنكر وممثل عن الامم المتحدة، علما ان الدولة اللبنانية لم تحسم موقفها حول الصيغة الاميركية التي وضعها الموفد الأميركي فريديريك هوف لتسوية الخلاف حول البلوك 9 في جنوب لبنان حيث المساحة المتنازع عليها تقارب 860 كلم من الحدود البحـرية بالقرب من الناقورة.
وتتوقع اوساط بارزة في 8 اذار أن تبدأ المفاوضات التقنية خلال أسبوعين. وفي حال موافقة لبنان على آلية التفاوض على تلازم المسارين البرّي والبحري، فهذا يعني ضرورة نجاح التفاوض على المسارين وأي فشل في مسار سيوقف المسار الآخر حتى حلّ الخلاف على المسار الأول، ولدى الجيش لجنة أساسية للتفاوض على البرّ ويشكل لجنة فرعية للتفاوض على البحر من أصحاب الاختصاص، ويمكنه الاستعانة بخبرات خارجية نظراً لأنّ تقنيات البحر تختلف عن تقنيات البرّ.
وتعقيبا على ذلك، قالت اوساط وزارية ان عملية ترسيم الحدود هي اتفاق تقني بين دولتين متحاربتين لمعرفة حصة لبنان من الغاز والنفط . واشارت الى ان التوقيت لاعلان موعد ترسيم الحدود البحرية جاء من الولايات المتحدة التي ارجأت مرارا هذا الملف لاسباب اميركية داخلية. اما عن تردد بعض المعلومات ان هذا الاتفاق التقني سيمهد لاحقا الى مفاوضات للتطبيع او السلام مع الكيان الصهيوني، فهذا امر عار عن الصحة. بيد ان اعتراف لبنان بالعدو الاسرائيلي او التطبيع امر ليس مطروحا لا بل مرفوض ومن سابع المستحيلات في تاريخ لبنان وفقا للاوساط الوزارية.
مصادر مقربة من قصر بعبدا:
الرئيس عون يتحضر لمفاوضات الترسيم
الى ذلك، ووفقا للمادة 52 من الدستور اللبناني، يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة الا بعد موافقة مجلس الوزراء. وهنا في هذه الحال، يتفق الرئيس عون مع رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ما لم تشكل حكومة جديدة.
اذا ووفقا للدستور، يقوم الرئيس ميشال عون بالتحضير للفريق المفاوض الذي سيضم ضباطاً من الجيش اللبناني وخبراء في القانون الدولي، وقوانين المياه وتحديدا قوانين البحار، والحدود الاقليمية.
واشارت المصادر المقربة من بعبدا الى ان هذا الملف مر بمراحل متعددة وقد لقي اهتماما كبيرا من قبل رئيس البرلمان نبيه بري وعمل الاخير على هذا الملف بالتنسيق مع الرئيس عون وبالاتفاق مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
وتشير المصادر اليوم الى ان الرئيس بري اعلن ان دوره في ملف ترسيم الحدود البحرية انتهى، وبالتالي سيكون رئيس الجمهورية ميشال عون من سيتابع الملف والمفاوضات. وكشفت المصادر ان اول اجتماع سينعقد في منتصف الشهر في الناقورة في حضور الامم المتحدة والولايات المتحدة عبر مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد شينكر. ويجري التفاوض مع العدو الاسرائيلي بطريقة غير مباشرة من خلال ممثل الامم المتحدة.
الترسيم بوساطة الاميركيين
قالت اوساط سياسية ان الاميركيين يتابعون ملف ترسيم الحدود البحرية في جنوب لبنان منذ عشر سنوات، وهم الاكثر تأثيراً في الكيان الصهيوني في اقناعه بالتراجع في مكان او التشبث في مكان اخر. ولذلك قبلت الدولة اللبنانية ان يكون الوسيط الاميركي بين لبنان والعدو الاسرائيلي نظرا لدوره اللافت في هذا المجال.
في المقابل، قالت مصادر ديبلوماسية للديار ان البعض من فريق 8 آذار الذي اقفل الابواب الحكومية امام باريس فتح الابواب الترسيمية للحدود البحرية امام واشنطن. وعللت المصادر الاسباب بأن البعض في فريق 8 اذار يعتبر ان واشنطن هي الجهة التي يمكن تسليفها وهي بدورها تسلفه على قاعدة ان مفاتيح اللعبة السياسية هي بيدها. وبالتالي البعض من فريق 8 اذار لا يميل الى التفاوض مع فرنسا لانه يعتبر انها غير قادرة على تقديم اي شيء له . هدف البعض من 8 اذار هو فتح قنوات للحوار والتواصل مع واشنطن، ويريد ان يقايضها بما يعزز وضعيته المستقبلية في منطقة متحولة يصار الى اعادة هندستها مجددا من قبل الادارة الاميركية. فهل ستتلقف واشنطن هذه الرسائل بايجابية وتبادر الى تقديم موقف لين واقل تشددا؟
من جهة اخرى، ترى الاوساط البارزة في 8 اذار ان ربط اعلان إطارالاتفاق بالمبادرة الفرنسية ليس منطقياً او صحيحاً لسببين: كون الاطار منجزاً ومتفقاً عليه وأعلنه بري قبل انفجار المرفأ في 4 آب الماضي، وبالتالي إطار التفاوض غير المباشر سبق المبادرة الفرنسية بشهر على الاقل.
جمود في الملف الحكومي
اما في المشهد السياسي الداخلي، فلا تطور في الملف الحكومي بانتظار ما سيقوله المسؤولون الفرنسيون وما هي الالية الجديدة للعمل بها. وقد علمت الديار ان الرئيس الفرنسي ايمانيول ماكرون اجرى بعض التغييرات في الملف المتعلق بالازمة اللبنانية. وفي ضوء ما ستطرحه فرنسا، يمكن البناء على شكل الاتصالات المتوقفة حاليا بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، وكذلك الخطوط لا تزال مقطوعة بين سعد الحريري والثنائي الشيعي. اما الوزير السابق وليد جنبلاط فقد ابتعد عن الملف الحكومي بعد ان قام باتصالات مكثفة بين الحريري وبري لم تؤد الى نتيجة.
وعليه، يسود الجمود في ملف تشكيل الحكومة، خاصة ان الرئيس عون لن يجري مشاورات ولا تكليفاً على غرار ما حصل مع الرئيس المكلف السابق مصطفى اديب تجنبا للوقوع بالاخطاء نفسها.
طرح ميقاتي اعلامي فقط
وفي سياق متصل، كشفت اوساط وزارية للديار ان رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الوحيد الذي لا يزال ينشط في الملف الحكومي حيث طرح حكومة تكنو-سياسية يترأسها وتكون من 18 وزيراً يتوزعون كالاتي: ستة وزراء قريبين من فرنسا وستة للثنائي الشيعي وحلفائه وستة لتيار المستقبل وحلفائه ولا يملك اي فريق الثلث الضامن.
القوات اللبنانية: نتقاطع مع حلفاء سابقين اذا كان المشروع ايجابياً للبنان
بالنسبة للمبادرة الفرنسية، رأت مصادر في حزب القوات اللبنانية انه واضح ان المبادرة في شقها الحكومي علقت اليوم حيث تجري الادارة الفرنسية عملية تقييم وتشاور لما حصل من اجل تفادي العقبات السابقة. ذلك ان فرنسا عندما تعود لتدفع هذه المبادرة قدما في مرحلة جديدة ستحرص جيدا ان لا يصار الى اجهاضها بل تتمكن من تحقيق الخرق المطلوب بتشكيل حكومة انقاذية. ذلك ان المصادر القواتية اتهمت الثنائي الشيعي بإفشال المبادرة الفرنسية لحسابات خاصة به مشيرة الى ان الاليزيه لن تقبل هذه المرة ان تذهب جهودها هدرا.
على صعيد العلاقة بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل التي يسودها الكثير من المشاكل، قالت المصادر القواتية أن القوات مستعدة لاي مشروع سياسي يؤمن المصلحة العليا للبنان وتتقاطع مع حلفائها السابقين من اجل تحقيقه وانجازه. وتابعت هذه المصادر: «خير دليل على ما نقوله انه ورغم ان العلاقة بين القوات وتيار المستقبل لم تعد كما كانت في السابق ولكن عندما رأت القوات اللبنانية ان هناك مجااًل لاسقاط مجلس النواب عن طريق استقالة الثلاثي القوات -المستقبل-الاشتراكي، لم تتردد القوات في فتح هذا الموضوع مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري». وبالتالي صحيح ان علاقات القوات مع التيار ليست باحسن احوالها ولكنها ليست مقطوعة، ذلك ان القوات عندما ترى اي مشروع يخدم مصلحة مشروع 14 اذار السياسي الذي لا ينتهي فالقوات مستعدة للتواصل مع حلفائها السابقين على غرار تيار المستقبل.
ولفتت المصادر الى أن الدكتور سمير جعجع جدد دعوته الى الاشتراكي والمستقبل من اجل الاستقالة من المجلس النيابي منذ اسبوع بما ان الامور وصلت الى افق مسدود وفقا للقوات.
هل لبنان على هاوية صحية مروعة؟
وعلى الصعيد الصحي وتحديدا في محاربة تفشي كورونا، اعلنت وزارة الداخلية قرار اقفال 111 بلدة في لبنان بعد ان ارتفع معدل الاصابات بشكل قياسي ومخيف. ذلك ان وباء كورونا بات يشكل تهديدا كبيرا، واذا اكمل لبنان على هذا المنوال فسيكون امام هاوية صحية مروعة. والحال ان المستشفيات الحكومية تقوم بقدر المستطاع لمعالجة المرضى، ولكن كلما زاد عدد الاصابات كلما زاد الثقل على المستشفيات وكلما امتلات اسرة مرضى كورونا. فهل سنصل الى وقت لن يكون هناك عدد متوافر من الاسرة لتطبيب مرضى كورونا؟
انها فعلا كارثة صحية يتجه اليها لبنان اذا لم تتدارك وزارة الصحة ووزارة الداخلية التسارع في عدد الاصابات والعمل على الحد منها، كما يتوجب على المواطن اللبناني الالتزام بالاجراءات الوقائية لسلامته والابتعاد عن الاماكن المكتظة والتقيد بما تقوله وزارة الصحة. بيد ان المواطن مسؤول ايضا عن صحته وهو يستطيع ان يحمي نفسه من وباء كورونا كي لا يواجه المواطنون اللبنانيون كارثة اخرى وهم يعانون من ازمات عديدة في لبنان.
الوضع الاقتصادي سوداوي
يبدو ان لبنان ينطفئ رويدا رويدا اقتصاديا وماليا ومعيشيا ولا مؤشر لانتعاش اقتصاده في المدى القريب ولا البعيد اذا لم تتشكل حكومة وتحصل الدولة اللبنانية على المساعدة المالية الضرورية. والسبب ان لا مقاربة فعلية ولا معالجة حقيقية لاسباب الازمة، بل كل ما نسمعه توصيف للواقع الاقتصادي المتردي دون اي خريطة طريق جدية تعكس ارادة فعلية في انقاذ لبنان.
الدولار يرتفع في السوق السوداء بشكل متسارع وقد قارب حدود 8,500 ليرة لبنانية، وهذا مؤشر سيىء يشير الى ان ندرة الدولار في الاسواق والى العقوبات الاميركية التي حدت من تدفق الدولار الى السوق اللبناني الى جانب افشال المبادرة الفرنسية التي كانت عبارة عن محاولة جدية لمعالجة الازمة المالية والاقتصادية.
وسيواصل الدولار الارتفاع في ظل هذه الاجواء السلبية داخليا وخارجيا حيث ان وباء كورونا ارخى بظلاله على اقتصاد لبنان المهترئ، ناهيك بالخلافات التي احبطت ولادة حكومة، وبالتالي فقدان الثقة بالسوق اللبناني والقطاع المصرفي لا يزال مستمراً.
اضافة الى ذلك، يقترب المصرف المركزي من رفع الدعم على المواد الاساسية كالقمح والادوية والمحروقات، وهذا سيشكل ضربة كبيرة موجعة للاقتصاد وللحالة المعيشية للمواطن اللبناني، ذلك ان لبنان متجه نحو ارتفاع نسبة الفقر بشكل مروع ومهدد بثورة جياع بما ان مصير الليرة سوداوي.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي سامي نادر للديار ان الدولار يواصل ارتفاعه والليرة اللبنانية فقدت 85% من قيمتها ومصرف لبنان يتجه تدريجيا لرفع الدعم عن المواد الاساسية مشيرا الى ان هذا الامر سيؤدي الى المزيد من الانهيار الاقتصادي والمالي. ولفت الى ان المواطن لا يمكن ان يشتري الدواء بسعر مرتفع والمستشفيات لا يمكن ان تؤمن حاجات الناس كلها. ووفقا للخبير الاقتصادي سامي نادر ان مواصلة استيراد الوقود الذي لم ينخفض ولكن نجده مقطوعاً في عدد كبير من المناطق اللبنانية امر يثير الريبة، وبالتالي اصبح واضحا ان هذا التهريب منظم لتفريغ احتياطي مصرف لبنان من العملات. وكشف نادر ان احتياطي مصرف لبنان انخفض 10 مليار دولار منذ بداية السنة حتى اليوم، وهذا امر مروع. وفي تموز تحديدا انخفض 2,3 مليار وبالتالي لم يعد باستطاعة مصرف لبنان الاستمرار في الدعم.
واستغرب نادر ان يعول البعض على ان استخراج النفط سينقذ لبنان معتبرا ان اي مشروع اقتصادي من دون اصلاحات لن يؤدي الى اي نتيجة ايجابية. وهنا دعا الخبير الاقتصادي الى اعادة احياء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والابتعاد عن شيطنة اميركا في هذه المرحلة لان لبنان بحاجة لضخ سيولة في اقتصاده، ويكون ذلك عبر صندوق نالقد الدولي.
*************************************
افتتاحية صحيفة الشرق كورونا يعزل 111 بلدة.. وأزمة المستلزمات الطبية تتفاعل
يحتار المواطن في لبنان اي هم يتابع .جبل الهموم المتعاظم فوق رأس كل لبناني من اصغر طفل الى اكبر كهل، لم يعد يتسع للازمات المتراكمة يوميا لكثرتهاً. هل يخزّن الدواء المهدد بالانقطاع، لاسيما من يعانون من امراض مزمنة تضطرهم لتناوله يوميا؟ هل يبحث عن محطة وقود تملأ خزان سيارته بالبنزين المهدد كل يوم بالانقطاع؟ هل يشتري كميات من المازوت تقيه تقنين الكهرباء فيما لو توقفت المولدات البديلة عن كهرباء الدولة والبرد القارس لا سيما في الجبال وفصل الشتاء على الابواب فيما اسعار قوارير الغاز مهددة ببلوغ الـ60 الف ليرة للقارورة اذا رفع الدعم؟ كيف سيغطي كلفة علاجه ان اضطر لدخول مستشفى بعدما عمد بعضها الى رفع التعرفة واعتماد سعر صرف 3950 ليرة لبنانية للدولار، هذا ان توافر العلاج، وقد حذرت نقابة مستوردي المعدات الطبية من ان “العالم رح تموت ببيوتها مش على أبواب المستشفيات”، اذا تم رفع الدعم، وان ما تبقى من مخزون متروك للحالات الطارئة جداً من أجل الاستمرارية؟ كيف سيؤمن الاقساط المدرسية والجامعية ونصف الشعب في البطالة والعوز ونصفه الآخر يقنّن لقمة الخبز لتكفيه شر الذلّ الذي تقوده اليه الطغمة الحاكمة ببرودة اعصاب وهي تعرقل كل حل لوضع حد للأزمة؟ حتى من وفّر جنى العمر ليخصص اولاده في الخارج يعجز عن تغطية نفقات التعليم بعدما حجزت ودائعه في المصارف؟
سبحة الهموم لا تنقطع وتعدادها لا ينتهي. فما السبيل للبقاء والصمود في هذا البلد، وقد خطفه فريق حزبي – سياسي يبيع ويشتري على حساب الوطن والشعب، يُرسم حدودا مع العدو ويتركها سائبة للنهب والتهريب برعايته مع من يصنّفه شقيقاً، يتحكم بالسلطة ويقطع بشروطه طريق الاستشارات لتكليف رئيس حكومة ينقذ البلاد، قد يكون متضررا منه ومصلحته تقتضي الابقاء على حكومة تصريف الاعمال “خاصته” لاسباب لم تعد خافية على احد؟
عزل 111 بلدة!
وسط دوامة الازمات هذه، قفز الهم الصحي الى واجهة الاهتمام المحلي الشعبي مجددا امس مع قرار غير مسبوق بعزل 111 بلدة لبنانية، من صباح غد الاحد حتى صباح الاثنين 12 تشرين الجاري، صدر امس عن وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي، لحصر تفشي وباء كورونا. وفي وقت ساد التباس كبير كيفية تطبيق هذا القرار عمليا على الارض، رفع عددٌ لا بأس به من البلدات الصوت اعتراضا، مؤكدين ان الاعداد التي سجلت لاصابات في نطاقها، قديمة او مبالغ فيها ولا تستدعي عزلها.
دعم الدواء
صحيا ايضا، اعتبر وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن “من يكون بموقع المسؤولية يرى الأمور بمنظار وطني”. وقال خلال حديث لتلفزيون: “نحن مع حقوق المستشفيات، لكننا أمام وضع صعب، وهذه مسؤولية وطنية”. وأضاف: “اجتمعنا اليوم في السراي الحكومي مع رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان، وجرى بحث موضوع دعم الدواء، وأنا مصر على الاستمرار في دعمه”.
ما عم نشحد!
في المقابل، أعلنت نقابة مستوردي المعدّات والمستلزمات الطبية “ان الشركات هي التي موّلت المستشفيات منذ سنوات ومنذ شهر أيار 2019 أموالنا محجوزة في المصارف ومصرف لبنان أوقف تحويلاتنا الى الخارج”. أضافت في مؤتمر صحافي: “ما عم نشحد من حدا” هذه أموالنا وتعب شركاتنا ونشهد قرارات عشوائيّة ما أدى الى خلق أزمة كبيرة”. وتابعت: “قدّمنا مشاريع قوانين للجنة الصحة النيابية وللنواب لاتزال في الأدراج والمسؤولون هم من أوصلوا البلد الى هذه المرحلة”. وقالت: “ممنوع المسّ بالدعم وإذا حصل ذلك فـ”العالم رح تموت ببيوتها مش على أبواب المستشفيات”. واعتبرت “ان المتضرّر الأكبر اليوم هو المواطن اللبناني والمخزون ضئيل جداً لذلك قررنا أن يكون هذا المخزون للحالات الطارئة جداً من أجل الاستمرارية”.
لقاح الانفلونزا
في المقابل وفي غياب لقاح الانفلونزا الموسمي في الصيدليات، وقد تهافت لشرائه المواطنون نتيجة تمنّي بعض الأطباء إجراءه تفادياً لالتقاط الفيروس وتاليا عدم القدرة على تمييز العوارض المتشابهة إلى حدّ كبير مع عوارض فيروس كوفيد -19، وسط تساؤلات عن اسباب حصر توزيعه بوزارة الصحة وخشية من استيراده من ايران كشف رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي أن “النقص عالمي موضحا ان 75 ألف لقاح إنفلونزا وصل أمس، 60 ألفا ستوزّع على أن يتم الاحتفاظ بالـ 25 ألفا الباقية لإعطاء أولوية تسليمها للحالات الأكثر عرضة للإصابة بـ “كورونا” طبعاً تحت إشراف وزارة الصحة والطبيب المعني، ومن المتوقّع أن يصل خلال الأيام المقبلة 300 ألف لقاح آخر”، مطمئنا إلى أن “وكلاء الأدوية أو “اليونيسيف” يؤمّنون اللقاح المذكور”.
1291 إصابة جديدة و12 حالة وفاة
أعلنت وزارة الصحة العامةامس تسجيل 1291 اصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي منذ 21 شباط الماضي الى 42159 حالة، و12 حالة وفاة رفعت العدد التراكمي الى 386 حالة.
البلدات المعزولة
القبيات، الشيخ طابا، مجدلا، المحمرة، حوش الرافقة، شكا، حامات، بصرما، بتوراتيج، انفه، برسا، المنية، كفرببنين، بقرصونة، القلمون، مزيارة، رشعين، اهدن، زغرتا، مرياطة، حصون، اده، ترتج، نهر ابراهيم، فتري، بلاط، عمشيت، حصرايل، رعشين، جعيتا، الدوار، بلونة، فتقا، زكريت، الزلقا، ديك المحدي، الفنار، بصاليم، بكفيا، قرنة الحمرا، بيت الشعار، نابيه، الخنشارة، دوار المتن، حملايا، عينطورة، المروج، بياقوت، المطيلب، انطلياس – النقاش، مزرعة يشوع، بعبدات، صاليما، الشياح، حارة حريك، الحدت، فالوغا، عاريا، الهلالية، كفرشيما، وادي شحرور العليا، بسابا، بحمدون الضيعة، حومال، العزونية، الكحالة، سوق الغرب، عين داره، بطمة، خريبة، الرميلة، كفرحيم، برجا، الجاهلية، نيحا، الزعرورية، شحيم، بتلون، دير القمر، عانوت، البرامية، مجدليون، عين الدلب، عبرا، البابلية، الهلالية، الغسانية، القريّة، المية ومية، كفرجرّة، دبل، شقرا، رميش، بنت جبيل، ابل السقي، رومين، عمّيق، المنصورة، مشغرة، خربة قنفار، غزة، شتورة، كفرزبد، نبحا، الفرزل، قاع الريم، رعيت، رياق – حوش حالا، تربل، سعدنايل، برالياس.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :