*ماذا لو لم يترشّح سعد الحريري في بيروت؟*

*ماذا لو لم يترشّح سعد الحريري في بيروت؟*

 

Telegram

 

أتى خبر احتمال عدم ترشّح الرئيس سعد الحريري للإنتخابات صادمًا لجمهوره بعض الشيء. وبعيدًا عن الغوص في الأسباب الكامنة وراء هكذا قرار، أكان نتيجة الضغط السعودي أم الإفلاس المالي، فإن عدم ترشّح رئيس تيار المستقبل سيكون لديه عند قومٍ فوائدُ.

فما هي انعكاسات هذا القرار في حال لم يبدّل الحريري من توجّهه حتى موعد الإنتخابات المقبلة؟
ممّا لا شكّ فيه أن حيثيةً مقبولة ومحترمة على صعيد الأرقام وعلى الأرض ما زال يشكّلها شخص ابن رفيق الحريري في دائرة بيروت الثانية، على الرغم من زلزال 17 تشرين الذي استهدف أحزاب السلطة وشخصياتها ومن ضمنها الحريري. يضاف إلى 17 تشرين زلزال آخر استهدف الحريري نفسه، هو السخط السعودي ورغبة المملكة بانهاء الحياة السياسية لمن كان يومًا ما يشكّل “بنك السعودية في لبنان”. ما مرّ كان كفيلًا بتدمير الرجل، لو كان على الساحة السنية بديلًا حقيقيًّا عنه، وهو الأمر الذي لم يتوفّر حتى الساعة.

ثمّة أقاويل عديدة لا يمكن سوى للحريري نفسه أن يؤكّدها أو أن ينفيها، إلّا أن جوّ عدم ترشّحه يروّجه الأقربون قبل الخصوم، أولئك الذين يعرفون ما يدور في خبايا بيت الوسط في بيروت ومنزل الحريري في أبو ظبي.
وبعيدًا عن التخمين، وقبل أشهر قليلة من الإنتخابات النيابية التي قد تكون الأقسى في تاريخ لبنان، تشير الوقائع أن دائرة بيروت الثانية ستشهد على ترشّح ثلاث لوائح أساسية، قد تصبح أربع، إضافة للائحتين ثانويتين لا ترجّح المعطيات إمكانية حصولهما ولو على حاصل واحد. لائحة تيار المستقبل، ولائحة الثنائي الشيعي والأحباش، ولائحة المخزومي التي قد تضم مرشحي المجتمع المدني.

في انتخابات عام 2018 تمكّنت لائحة تيار المستقبل من تحصيل 6 حواصل، خمسة منها لكتلة المستقبل ومقعد لكتلة اللقاء الديمقراطي، فيما نالت لائحة الثنائي والأحباش 4 حواصل توزّعت على الأحباش وحزب الله وحركة أمل ومقعد للتيار الوطني الحر، فيما حصل فؤاد المخزومي على مقعد وحيد من لائحته المكتملة.
عوامل عديدة قد تساهم هذه المرة في تراجع نسبة الإقتراع في بيروت الثانية، أبرزها عدم ترشّح الحريري، اضافة للأوضاع الإقتصادية الصعبة واليأس من امكانية التغيير لدى البيارتة تحديدًا. وبحسب المعلومات، فإن الرئيس تمام سلام يدرس امكانية عدم ترشّحه في ظل عدم ترشّح الحريري، فالرجل المعروف بهدوئه قد لا يرغب بحمل ثقلٍ من هذا النوع، كترؤس لائحة سلطوية في أصعب الظروف.

وعليه، إن تراجعت نسبة الإقبال على التصويت، سينخفض الحاصل في بيروت لحدود العشرة أو تسعة آلاف صوت أو ربّما أقل وهنا يكمن التبدّل. فلائحة تيار المستقبل رُفع حاصلها بشكل واضح من خلال فائض الأصوات التي أمّنه الحريري بنفسه، فيما اليوم قد يُحجم بعض جمهور المستقبل عن التصويت في حال غياب “زعيمهم”، فيتراجع حاصل لائحته بشكل واضح. هذا الفارق قد تستثمره اللائحتان المنافستان مباشرة. هنا سوف تشتعل معركة الفواصل، فالكسر الأعلى بين اللوائح التي نجحت بتخطي الحاصل الأوّل على الأقل، سيمنحها مقعدًا اضافيًا.

حزب الله قد يستثمر هذا الأمر بترشيح أحد حلفائه عن احد المقعدين الأورثذكسي أو الدرزي (ترك المقعدين شاغرين في الانتخابات الماضية) فيما سيسعى الأحباش لترشيح مرشح ثانٍ قد يحظى، بعد تقسيم الأصوات بشكل منظّم، بالوصول الى المجلس النيابي.

المخزومي من جهته يعي هذا الأمر بشكل كبير، وعليه يحاول استمالة لائحة الثورة لعلّها تؤمن له حاصلًا ثانيًا يثبّت له حضوره البيروتي، ويعزّز من تبنّي ترشيحه فيما بعد إلى رئاسة الحكومة التي يطمح إليها منذ زمن.
وفي حال لم تصل المفاوضات بين قوى ثورة 17 تشرين والنائب المخزومي إلى الخواتيم السعيدة، سيصب عدم ترشّح الحريري في بيروت في مصلحة المعارضة، لا سيما وأن شكوكًا ينتاب القيمين على تشكيل لوائح الثورة حول قدرتها على تأمين الحاصل في بيروت الثانية في ظل غياب قوة تجييرية أساسية أو نواب سابقين كما سيحصل في المتن وكسروان والشمال.

مرشحو المستقبل هم الخاسر الوحيد من عدم ترشّح رئيس التيار، فكيف ستتفادى اللائحة مزيدًا من التقهقر؟
بحسب المعطيات والأرقام، ورغم أن الحملة الإنتخابية لم تبدأ بعد ولم تتضح معالمها بشكل واضح، سيكون المستقبل بحاجة لتدعيم لائحته بأسماء لها تڨلها وحضورها السياسي قبل الشعبي، لتساهم في رسم صورة جدّية للتيار. فإمّا ترؤس الرئيس تمام سلام للائحة، أو ترشّح السيدة بهية الحريري في بيروت، أو محاولة ايجاد شبيه لهما. عدا عن ذلك لا يمكن للائحة تقوم على مرشحين “عاديين” أن تعوّض غياب ابن رفيق الحريري، لدى شارعه بالطبع وليس لدى أي شارع آخر. ولو حلّ سلام أم حلّت الحريري مكان سعد لن يعوّضا غيابه تمامًا، فالرجل خاض الانتخابات بنفسه في كل لبنان في المرّة الماضية، ليكون العزوف السنّي واقعًا في حال غيابه.
فهل يفعلها الحريري مكرهًا رغم الصورة الغامضة والسوداوية لمصير لائحة لن يقودها بنفسه؟ أم أنه سيتراجع عن توجّهه هذا وسيترشح ليحفظ ماء وجهه؟

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram