خلافاً لما كان متوقّع، مرّت جلسة الهيئة العامة لمجلس النواب على خير، وكأن شيئاً لم يحصل ذاك الخميس الأسود، وكأن عقارب الساعة توقفت عند اصطفاف الجلسة لتعاود بالأمس دورانها من حيث توقفت، بفضل استراتيجية إستيذ عين التينة الذي فرض إيقاعه على نواب "الزيتي" و"الأصفر"، الذين تجنّبوا المواجهة والصدام، ما طرح العديد من علامات الإستفهام وعزّز العديد من الفرضيات والسيناريوهات، التي سبق وتمّ تداولها خلال الأيام الماضية، رغم أن كلمة أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، قد فتحت الباب على مروحة واسعة من الخيارات المرّة.
ورغم أن المشهد السياسي لا يوحي أن "طبخة التسوية" التي يُعمل عليها قد استوت، رغم غسل الوزير محمد مرتضى، يديه من كل ما نُسب إليه، مؤكداً على أن وزراء "الثنائي" و"المردة" سيحضرون أي جلسة تتمّ الدعوة إليها لمجلس الوزراء دون شروط، واستعادة المحقّق العدلي نشاطه بزخمٍ بتحديد مواعيد جديدة لجلسات التحقيق مع المدّعى عليهم، فيما بقيت مذكرات التوقيف الغيابية المسطّرة "مع وقف التنفيذ" بحكم عدم تعميمها على الجهات المعنية لتنفيذها، بدا ثمة "تناغم" بين رئيس المجلس نبيه بري، ونواب "القوات" "من بعيد لبعيد"، حيث استفاد الرئيس بري من فرصة الجلسة وتصفية حسابه مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، "رادّاً له الإجر"، على خلفية ما قاله الأخير في خطاب ذكرى ١٣ تشرين، و" قواصه" على رئيس الحركة دون أن يسمّيه. فكانت النتيجة إقرار اقتراح قانون "المغوار" في ما خصّ اقتراع المغتربين، ومناوشات بالجملة بين الإستيذ والصهر، لتنتهي المُنازلة "بخسارة" البرتقالي، الذي نقل المواجهة إلى مكان آخر.
وإذا كانت الجلسة قد ظهرت غريبةً في تقاطع مصالحها بين أعداء الطيّونة - عين الرمانة، إلاّ أنها بيّنت "التحالف المخفي" بين ميقاتي وباسيل، الذي تُرجم في تدخّل رئيس الحكومة وأخذه "بصدره" مسألة "الميغاسنتر"، فإن ما حصل وما حقّقه الأطراف من انتصارات، لا يعني بأي حال من الأحوال أن المواجهة الدستورية انتهت والإنتخابات النيابية في موعدها. وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى أن المواد التي ينوي "التيارالوطني" الطعن بها أمام المجلس الدستوري لإبطالها، لن يؤخَذ بها، وهو ما يرجّح أن اتكال "البرتقالي" هو على توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون المرسوم.
في هذا الإطار، تقول المعلومات، أن رئيس الجمهورية لن يوقّع القانون المعدّل وينشره، وهو سيستهلك المدة القانونية اللازمة حتى نهايتها قبل أن يعيده إلى مجلس النواب لإعادة درسه والتصويت عليه، ما لم يُخرج أرنباً لم يكن في الحسبان، وبالتالي، نكون أمام أزمة مهل جديدة، ستجعل من إمكان إجراء الإنتخابات في آذار غير ممكن، وربما حتى في موعدها المتعارف عليه.
في المحصلة، إستنادا إلى كلّ ما تقدّم، مضافاً إليه تشكيلة الحوادث الأمنية المتوقّعة، والتوترات السياسية المنتظرة، بات بحكم الأمر الواقع، الإتفاق الضمني بين الأطراف المختلفة على تطيير الإنتخابات إلى ما بعد موعد الإنتخابات الرئاسية، إلاّ إذا حصل ما هو في حسبان القوى الكبرى لإحداث التغيير المرتقب، وقلب المعادلات من خلال الإنتخابات النيابية، وقد تكون جلسة الأمس قد فتحت ثغرةً في هذا المسار، من خلال فتحها الباب واسعاً أمام المغتربين للتصويت لل ١٢٨ مقعداً، وهم بغالبيتهم العظمى من الناقمين على الطبقة الحاكمة، وقادرون على قلبها.
عليه، نردّد مع الشاطر حسن، تعوّدنا أن لا نقول "فول ليصير بالمكيول"، في بلد الغريب والعجيب، الذي قد يكون أحدها حفر الأكثرية النيابية قبرها بيدها في حال قرر المغتربون المشاركة بكثافة في الإقتراع، فيقلبون المعادلة ومعها الأكثرية.... فقولوا انشالله....
نسخ الرابط :