افتتاحية صحيفة الأخبار:
بري يعلن اتفاق إطار التفاوض غير المباشر على ترسيم الحدود الجنوبية: التفاوض في حقل ألغام
بإعلانه رسمياً اتفاق الإطار لترسيم الحدود البرية والبحرية جنوباً، انتهى أمس دور رئيس مجلس النواب نبيه بري بعدَ عقد من التفاوض مع الأميركيين. انتقلت المسؤولية - وفق الدستور - إلى رئيس الجمهورية. وسيتولى الجيش اللبناني المفاوضات غير المباشرة، لترسيم الحدود البحرية، واستكمال ترسيم الحدود البرية، وهي المهمة التي يقوم بها منذ 13 عاماً. وسيكون على الجيش العودة إلى رئيس الجمهورية والحكومة قبل القيام بأي خطوة خلال المشاورات التي ينبغي أن يحرص على الحفاظ على صيغها "غير المباشرة"، عبر الأمم المتحدة. المفاوضات التي ستنطلق منتصف الشهر الجاري، ستكون أصعب من تلك التي خيضت للتوصل إلى اتفاق الإطار، وربما ستمتد لسنوات. واشنطن وتل أبيب ستبتزّان لبنان، إلى أقصى الحدود، لانتزاع تنازلات منه. ويُخشى من تعامل البعض في بيروت مع التفاوض كورقة للإفلات من العقوبات، أو لتحسين العلاقة مع واشنطن. هذه المخاطر، وغيرها، بدأت بالظهور من لحظة إعلان اتفاق الإطار. فالعدو احتفل بـ"مفاوضات مباشرة"، فيما تعمّد وزير الخارجية الاميركي الفصل بين الترسيم البري والترسيم البحري. في اختصار، المفاوضات ستُجرى في حقل ألغام
في توقيت محلّي دقيق، وإقليمي - دولي حسّاس، تقرّرَ التفاهم على الشروع في مفاوضات غير مباشرة بين لبنان و"إسرائيل"، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية على طاولة، فوقَها ملف النزاع الحدودي البرّ - مائي وما يستتبعه من أراضٍ لبنانية محتلة وبلوكات نفطية ونقاشات قد تطول أو تقصُر بحسب التطورات. نقاشات قد تلجأ خلالها تل أبيب وواشنطن الى المناورة وكسب أكبر عدد من الجولات والتنازلات اللبنانية.
هذا المشروع التفاوضي الذي سعت إلى هندسته الولايات المتحدة الأميركية، نجحَ لبنان في مراحله الأولى (بعدَ عقد من الأخذ والرد) بفرض الإطار الذي يريده كقاعدة للتفاوض، لكن الأمر قد لا يستمر، فيما لو فقد التفاوض الوحدة الداخلية حوله. الوصول إلى تفاهم رسمي لبناني حول الإطار الموحد الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يصطدِم، وحسب، بالمراوغة الأميركية والتعنت الإسرائيلي، بل أيضاً بالإنقسام الداخلي، إذ تماهت آراء بعض القوى السياسية سابقاً مع مطالب واشنطن، ولا سيما في ما يتعلق بفصل المسارين البري والبحري. والآن، وفيما تنخرط الإدارة الأميركية في أوسع عملية ضغط على لبنان لمحاصرة المقاومة وضرب حزب الله، سيدخل لبنان عملية التفاوض تحتَ وطأة العقوبات التي يُمكن أن تستخدمها واشنطن لسلب لبنان جزءاً من حقوقه، وهو ما دفع بري سابقاً إلى اعتبار أن "المعركة ستبدأ الآن" (راجع "الأخبار"، الجمعة 25 أيلول 2020).
بعد نحو شهرين من كشفه الوصول إلى اتفاق مع الأميركيين على إطار التفاوض ووصول الأمور إلى خواتيمها، أعلن بري رسمياً في مؤتمر صحافي عقده في عين التينة، أمس، عن الإطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في جنوب لبنان، بحضور وزيرة الدفاع الوطني في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزف عون وقائد اليونيفيل ستيفانو دل كول وممثلة المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش نجاة رشدي. مهّد بري لهذا الإعلان بالحديث عن "اتفاق الهدنة الذي وقّع بين لبنان والكيان الإسرائيلي عام 1949 بإشراف رئيس الأمم المتحدة آنذاك ومشاركة كولونيل أميركي اسمه كيمنون. كذلك تمّ منذ فترة ليست بعيدة، ترسيم الخط الازرق على الحدود البرية أو قسم منها برعاية اليونيفيل، وانطلاقاً من تفاهم نيسان 1996، وإثر التأكد من وجود غاز ونفط في حدودنا البحرية، انطلقت شخصياَ منذ عام 2010، بمطالبة الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون بترسيم الحدود البحرية ورسم خط أبيض في البحر المتوسط الازرق". وقال: "إثر تردد الأمم المتحدة وتمنعها بل وطلبها مساعدة الولايات المتحدة الاميركية، بادرت إلى طلب المساعدة شخصياً.
والجدير ذكره أن زيارة الوزير بومبيو الى لبنان ولقاءنا أعاد الملف الى طاولة البحث بعد أن كاد يتوقف، وبعد أن تعثر لفترة طويلة".
ثم تلا رئيس المجلس الإطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في جنوب لبنان بنسخته الأخيرة المعدلة يوم 22 أيلول 2020 (وهو نص وضعته الإدارة الاميركية)، ومضمونه:
"أولاً، الاستناد إلى التجربة الإيجابية للآلية الثلاثية الموجودة منذ تفاهمات نيسان 1996 وحالياً بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1701، التي حققت تقدماً في مجال القرارات حول الخط الأزرق.
ثانياً، في ما يخص مسألة الحدود البحرية، سيتم عقد اجتماعات بطريقة مستمرة في مقر الأمم المتحدة في الناقورة تحت راية الأمم المتحدة. ستعقد الاجتماعات برعاية فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان (UNSCOL). إن ممثلي الولايات المتحدة والمنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان مستعدان لإعداد محاضر الاجتماعات بصورة مشتركة، التي ستوقّع من قبلهما وتقدم الى إسرائيل ولبنان للتوقيع عليها في نهاية كل اجتماع.
ثالثاً، طُلب من الولايات المتحدة، من قبل الطرفين (إسرائيل ولبنان)، أن تعمل كوسيط ومسهّل لترسيم الحدود البحرية الإسرائيلية - اللبنانية، وهي جاهزة لذلك.
رابعاً، حين يتم التوافق على الترسيم في نهاية المطاف، سيتم إيداع اتفاق ترسيم الحدود البحرية لدى الأمم المتحدة عملاً بالقانون الدولي والمعاهدات والممارسات الدولية ذات الصلة.
خامساً، عند التوصل إلى اتفاقيات في المناقشات بشأن الحدود البرية والبحرية، سيتم تنفيذ هذه الاتفاقيات وفقاً للتالي: 1- على الحدود البرية، في ما يتعلق بالخط الأزرق: بعد التوقيع من قبل لبنان، وإسرائيل، واليونيفيل.
2- على الحدود البحرية، امتداداً إلى الحد البحري للمناطق الاقتصادية الخاصة للأطراف المعنيين سوف تتم مخرجات المناقشات النهائية للمحادثات المتفق عليها للبنان واسرائيل لتوقيعها وتنفيذها.
سادساً، تعتزم الولايات المتحدة بذل قصارى جهودها مع الطرفين المعنيين للمساعدة في تأسيس جو إيجابي وبنّاء مع الطرفين والمحافظة عليه، من أجل إدارة المفاوضات المذكورة أعلاه واختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن".
واعتبر بري، خلال ردّه على أسئلة الصحافيين، أن هذا الموضوع "في حال نجح، سيساعد في حل الأزمة الاقتصادية وسداد ديننا، بسبب وجود ثروة نفطية في البلوكين 8 و9". وعمّا إذا كان هناك من ضغوط اسرائيلية وأميركية يمكن أن تدفع لبنان إلى التنازل عن حقوقه، قال "كنت دائماً أقول هذا الكوب من المياه لن أعطي على قدره لأحد ولا أريد ان آخذ من أحد بنفس القدر أو أكثر". وأضاف هذا الاتفاق وقّع ولم يكن هناك عقوبات ولا شيء آخر. وعن تداعيات ما يحصل في المنطقة، ولا سيما في موضوع التطبيع، على هذا الاتفاق قال: "موقفنا هو التمسك بهذه المبادئ التي نتفق عليها جميعاً بدءاً من فخامة الرئيس الى آخر لبناني"، مشيراً إلى "أننا تأخرنا في التلزيم والآن هناك وعد بأن تبدأ توتال، وهي شركة رئيسية في الكونسورتيوم، قبل نهاية العام. وعندما كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في بيروت طلبت منه التكلم مع شركة توتال، وأن لا تتأخر دقيقة على الإطلاق، ونأمل ألا يحصل أي تأخير، هذا التفاهم سيساعد على البدء بالتنقيب، لأنها تبعد الآن 25 كيلومتراً عن الخط المتنازع عليه مع الكيان الاسرائيلي".
أمس، انتهى دور بري كما قال، لتنتقل المسؤولية إلى قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية والحكومة العتيدة. هل من يضمن أن لا يؤدي الضغط على هؤلاء الأطراف الى التنازل؟ أكد بري أننا "نريد أن نأخذ حقنا فقط، وأنا لست أكثر حرصاً من غيري على ذلك. الأمر يتطلب خبرة ومراساً". وأضاف رئيس المجلس: "لقد قالوا إن نبيه بري يأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية، قلنا لهم لا، وآخر من يخالف الدستور هو أنا. المادة 52 من الدستور هي التي تعطي الصلاحية لرئيس الجمهورية في موضوع المفاوضات والاتفاقيات الدولية، لكن هذا اتفاق إطار وهو كالذي يدلّك على الدرب التي يجب أن تسلكها فقط".
التصريحات التي تلت المؤتمر تؤكّد وجود تنسيق مسبق مع الجانب الأميركي واليونيفيل واتفاق على الإعلان الرسمي، وهذا ما يفسّر سرعة المواقف المرحبة. كما يفسّر تقاطع المصالح بين الأطراف الثلاثة: لبنان، الذي يريد استرجاع حقوقه كاملة والاستفادة من ثروته النفطية على الحدود الجنوبية. العدو الإسرائيلي يريد إقفال هذا الملف بـ"الحسنى" بعدما تعذّر عليه فرض شروطه بالقوة، والولايات المتحدة، وتحديداً الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يريد أن يقدّم هذا الإعلان كواحد من إنجازات السلام في المنطقة.
وسارع وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى الإعلان عن ترحيب بلاده "بقرار حكومتي إسرائيل ولبنان"، مشيراً الى أن "هذه الاتفاقية التاريخية بين الجانبين توسطت فيها الولايات المتحدة، وهي نتيجة ما يقرب من ثلاث سنوات من المشاركة الدبلوماسية المكثفة". وحصر بومبيو الاتفاق بالجانب البحري من الحدود، قبل أن يختم تصريحه بالحديث عن تطلع بلاده إلى المشاورات "المنفصلة، على مستوى الخبراء، بشأن الأمور العالقة المرتبطة بالخط الأزرق، والتي تعد بخطوة إضافية نحو الاستقرار الإقليمي". أما مساعده ديفيد شنكر، فأكد أنه "لن يتم التفاوض مع "حزب الله نهائياً في ما يخص ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل"، لافتاً إلى أن "هذا الاتفاق التاريخي سيساعد في حل المشكلة النهائية في لبنان". وأكد أن "التفاوض بين لبنان وإسرائيل خطوة إيجابية، والاتفاق سيساعد لبنان الذي يمر بأزمة اقتصادية". وأوضح شنكر في حديث إلى قناة "أم تي في" أن "اتفاق الإطار بين لبنان وإسرائيل لا يعني تطبيع العلاقات، وحزب الله قد يخرّب الاتفاق بين البلدين"، مشدداً على أن بلاده "ستواصل وضع مسؤولين لبنانيين داعمين للحزب على قائمة العقوبات".
كما سارعت قوات اليونيفيل إلى الترحيب بهذه الخطوة، وأبدت استعدادها لتقديم كل ما يلزم من دعم لإنجاز هذه الاتفاقات، فيما رحّب رئيس الجمهورية ميشال عون بـ"الإعلان الذي صدر عن وزير الخارجية الأميركي"، معلناً في بيان أن "الرئيس سيتولى التفاوض وفقًا لأحكام المادة 52 من الدستور، بدءاً من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض". بدوره، غرّد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على حسابه على موقع "تويتر"، قائلاً: "إذا كان اتفاق الإطار تطلّب كل هذا الوقت والجهد والتضامن الداخلي والتعاون الايجابي من المعنيين، فكيف باتفاق الترسيم واتفاق التقاسم"؟ وأضاف "هذه المرة علينا أن نفاوض لا على الطريقة الفارسية ولا على الطريقة العربية، بل على طريقتنا اللبنانية، صلابة ومرونة. صلابة بالتمسّك بالحقوق ومرونة بالعلم والحلول".
**************************************************
افتتاحية صحيفة البناء:
بري يعلن فوزه بماراتون 10 سنوات من الضغوط الأميركيّة… ويسلم الأمانة لعون هل سلّم الأميركيّ بالتوازنات التي دُفع لبنان نحو الانهيار لتغييرها بعد فشل العقوبات؟ موافقة أميركيّة إسرائيليّة على إطار للترسيم بشروط لبنان: لا تفاوض مباشر ورعاية أمميّة
بالمعنى القانوني والسياسي المفاوضات توشك أن تبدأ وهي بالتالي لم تنته حكماً، ولا توشك أن تنتهي، رغم أن تجاذبات أكثر من عشر سنوات رسمت حدود الممكن والممنوع والمستحيل فيها بما يكفي لتحديد هوامش التفاوض. وبالتوصيف القانوني والسياسي التفاوض الذي سيجري ليس مشروع معاهدة، كما توحي صلاحية رئيس الجمهورية بالتفاوض على المعاهدات الخارجيّة، وإلا دخل لبنان محظور التوقيع على معاهدة سياسية، وهو يفعل كل الممكن لتفادي هذه الكأس المرّة. فهي يجب أن تبقى مفاوضات عسكرية تقنية يشرف عليها رئيس الجمهورية كقائد أعلى للقوات المسلحة، وتتم تحت سقف رعاية الأمم المتحدة ضمن لجان رافقت مراحل شبيهة مع تفاهم نيسان عام 1996، والتثبت من الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، وهدفها محصور بتصديق خرائط ومحاضر تشكل امتداداً تقنياً، لتثبيت خط الحدود الدولية للبنان المرسم لدى الأمم المتحدة، والمطلوب تثبيت الاعتراف بعلاماته الميدانية والانطلاق منها لتثبيت خرائط ومحاضر للحدود البحرية تضمّ في وثائق الأمم المتحدة لخرائط ومحاضر الحدود البرية.
لبنان لا يفاوض سياسياً، ولا مشروع معاهدة لبنانية إسرائيلية على الطاولة، بل أكثر من ذلك، لبنان لم ولن يقبل بمفاوضات مباشرة، وقد انتزع شروطه المعاكسة للشروط الأميركية الإسرائيلية، من الفريقين الأميركي والإسرائيلي، بمفاوضات غير مباشرة، تحت الرعاية الأمميّة، بدلاً من التفاوض المباشر تحت الرعاية الأميركية، رغم كل الضغوط المالية المسخرة لفرض التنازلات عليه، ورغم تهديده بخطر الانهيار والعزل والحصار وإشهار سيف العقوبات فوق رأسه وتطبيق البعض الصعب من هذه العقوبات، والفوز اللبناني الذي يُكتب تحقيقه لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ينتظر استكماله بالفوز النهائي بعدما أعلن بري نهاية المهمة التي بدأت قبل عشر سنوات، بإعلان اتفاق الإطار الذي سيحكم التفاوض، بمستوى ضباط الجيش، لا وزارة الخارجية، وبصورة غير مباشرة وبرعاية الأمم المتحدة، حيث يجلس المفاوضون كل في غرفة سيتنقل بينهما الراعي الأممي والوسيط الأميركي، ولا يتم توقيع محاضرها من الراعي والوسيط إلا بعد توقيع طرفي النزاع.
رئيس مجلس النواب سلم الأمانة لرئيس الجمهورية، الذي أعلن ترحيبه بالاتفاق الإطار، لتختتم مرحلة هامة في طريق تثبيت حدود لبنان الاقتصادية في البحر، بينما أعلن بري أن التنقيب من طرف شركة توتال الفرنسيّة في المربع رقم تسعة الحدوديّ سيبدأ قبل نهاية العام بوعد من الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون.
الأميركيّون الذين رحّبوا بالاتفاق الذي مانعوا شروطه سنوات، وحجزوه رهينة في جيوبهم شهوراً، سيكشفون مع زيارة نائب وزير خارجيتهم ديفيد شينكر إلى بيروت خلال أيام عن درجة اقتناعهم بأنهم وصلوا إلى طريق مسدود رغم الضغوط والتهديد بالانهيار، والتلاعب بالتوازنات الطائفية التي شهدتها مفاوضات تشكيل الحكومة مؤخراً، واستخدام العقوبات التي شملت وزيرين سابقين في رسالة ضغط شديدة على الرئيس بري لدفعه لقبول تعديل الاتفاق. كما ستكشف الأيام المقبلة، ما إذا كان هذا الموقف الأميركي الإسرائيلي عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية، يشكل أكثر من حملة احتفالية إعلامية في المسار الانتخابي، ويمكن أن يؤشر لتوجه جديد يفتح الباب للإفراج عن لبنان واقتصاده وحكومته، بعدما تحول كل شيء بقوة الضغط والتدخل الأميركيين إلى رهائن للتفاوض على اتفاق الإطار الخاص بترسيم الحدود، وقد أنجز الاتفاق، أم أن التفاوض على الترسيم الذي سيبدأ لن يقل صعوبة عن التفاوض حول الإطار، وسيشهد مواصلة للضغوط والعقوبات عند كل منعطف تفاوضي؟
بري: انتهت مهمّتي
أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري الإطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في جنوب لبنان.
وقال بري خلال مؤتمر صحافي عقده في عين التينة: "طُلب من الولايات المتحدة أن تعمل كوسيط لترسيم الحدود البحرية وهي جاهزة لذلك، وحين يتم التوافق على الترسيم في نهاية المطاف سيتم إيداع اتفاق ترسيم الحدود البحرية لدى الأمم المتحدة عملاً بالقانون الدولي والمعاهدات ذات الصلة". وقال بري: "إذا نجح الترسيم، فهناك مجال كبير جداً، خصوصاً بالنسبة للبلوك 8 و9، أن يكون أحد أسباب سداد ديوننا".
وأوضح أن "الاتفاق حصل في 9/7/2020، والعقوبات على حسن خليل وغيره أتت لاحقاً ولا علاقة لها بترسيم الحدود". قائلاً: "أنا "بري بحلاش عالرّص" وعلي حسن خليل أصبح أقرب إليّ بعد العقوبات أكثر من قبلها".
وأكد أنه عمل على هذا الاتفاق منذ عقد من الزمن، وحصل تأخير حتى بعد التلزيم الذي كان من المفترض ان يحصل في السنة الماضية، وعدم الاتفاق كان أحد أسباب تأخير بدء توتال بالتنقيب قبل نهاية العام الحالي". وقال: "تمنيت على ماكرون خلال زيارته إلى لبنان أن يتفاوض مع "توتال" لئلا يحصل تأخير إضافي".
الخارجية الأميركية
وعقب مؤتمر بري، رحبت الخارجية الأميركية بقرار بدء محادثات لبنانية إسرائيلية حول الحدود. وقال وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو: "المشاورات بين لبنان و"إسرائيل" تمهد للاستقرار والأمن والازدهار، والخطوة تخدم حماية مصالح لبنان و"إسرائيل" والمنطقة". وتابع "واشنطن تتطلع لانطلاق قريب لمناقشات الحدود البحرية بين لبنان و"اسرائيل"".
شينكر في بيروت منتصف الشهر
وأفادت المعلومات أن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر سيزور لبنان منتصف الشهر الحالي لمتابعة وضع أسس المفاوضات حول تحديد الحدود البرية والبحرية. وأوضحت المعلومات أن الوفد الأميركي في المفاوضات سيكون بصفة وسيط ومراقب وليس في موقع الشريك المفاوض المقرر".
واشار شينكر الى انّ "إسرائيل ولبنان طلبا من الإدارة الأميركية تسهيل التفاوض والوساطة ولن يتم التفاوض مع حزب الله نهائياً في ما يخص ترسيم الحدود"، مشدّداً على انّ "لبنان يمر بأزمة اقتصادية واتفاق التفاوض مع إسرائيل سيساعده". وتابع: "سنستمر بوضع مسؤولين لبنانيين مساعدين لحزب الله على لائحة العقوبات، والـ"أف بي أي" لا يزال يحقق بانفجار مرفأ بيروت". وأعلن شينكر أنّ "المحادثات الإسرائيلية اللبنانية ستبدأ في الناقورة في 14 تشرين الأول وسيستضيفها ممثل الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش وسأحضرها شخصياً".
عون رحّب
بدوره، رحّب الرئيس عون بالإعلان الذي صدر عن بومبيو. مشيراً في بيان لمكتبه الاعلامي أن "رئيس الجمهورية سوف يتولى المفاوضة وفقاً لأحكام المادة 52 من الدستور، بدءاً من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض، آملاً من الطرف الأميركي ان يستمرّ في وساطته النزيهة".
وتلفت مصادر رئيس الجمهورية لـ"البناء" إلى أن "عون سيُعيد تنظيم التفاوض حياله مع المسؤولين التقنيين والعسكريين المعنيين بالتفاوض ضمن لجنة التفاوض اللبنانية"، مشيرة إلى "تحفظ لديه حيال نقطة تلازم مساري التفاوض البري والبحري".
وأكد مصدر مطلع على الملف لـ"البناء" أن رئيس الجمهورية ينطلق من ثوابت لمقاربة الملف، وهي:
حصر الترسيم في البحر من دون البر بحيث تكون المرجعية الأولى هي اتفاقية البحار والمرجعية الثانية اتفاقية الهدنة التي تؤكد على الحدود البرية، والمرجعية الثالثة القرار 425، فيما الرابعة القرار 1701.
أما الخط الأزرق بحسب المصدر، فلا يعني لبنان لأنه ليس خط حدود دولية، وكانت اللجنة العسكرية الثلاثية التي تولّت المفاوضات غير المباشرة اعتبرت هذا الخط لاغياً في العام 2000 لانتهاء مهمته.
ويؤكد المصدر أنّ أي تفاوض على الحدود البرية المعترف بها دولياً وفقاً للقرارات الدولية يعني استعداداً للتنازل عن قسم من هذه الحدود، لذلك آلية الترسيم يجب أن تحصر في الحدود البحرية لأنه لا يوجد اتفاق على حدود بحرية مع فلسطين المحتلة، أمّا في البرّ، فسيُطالب لبنان بتحرير الحدود البرية من الاعتداءات الإسرائيلية في النقاط الـ 13 بعد العام 2006.
ويشدّد المصدر على أنّ "لبنان لن يتنازل عن حقّه في المنطقة التي تنازعنا عليها "إسرائيل" بل ستركّز المفاوضات على تثبيت حقنا في مساحة 850 كيلومتراً مربعاً كاملة، علماً أنّ لبنان أعدّ الدراسات والوثاثق والأدلة التي تثبت ذلك وسيعرضها في أول جلسة تفاوض. لكن مطلعين على الملف أوضحوا لـ"البناء" أنّ "إعلان اتفاق الإطار لا يعني التوصّل إلى حلّ لملف ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي في وقت قريب، فالتباين حول نقطة تلازم المسارين في الترسيم يمكن أن يفجّر المفاوضات في أي وقت".
وبحسب اللواء المتقاعد في الجيش اللبناني عبد الرحمن شحيتلي، والذي رأس اللجنة الأمنية للتفاوض في هذا الملف في مراحل سابقة، يتوقع أن تبدأ المفاوضات التقنية خلال مدة أسبوع إلى أسبوعين. وأوضح لـ"البناء" أنّه في حال موافقة لبنان على آلية التفاوض على تلازم المسارين البرّي والبحري هذا يعني ضرورة نجاح التفاوض على المسارين وأي فشل في مسار سيوقف المسار الآخر حتى حلّ الخلاف على المسار الأول، ويلفت شحيتلي إلى أنّ لدى الجيش لجنة أساسية للتفاوض على البرّ ويشكل لجنة فرعية للتفاوض على البحر من أصحاب الاختصاص، ويمكنه الاستعانة بخبرات خارجية نظراً لأنّ تقنيات البحر تختلف عن تقنيات البرّ. ويشدّد على أنّ هذا الأمر يعود إلى قيادة الجيش التي هي قادرة على إدارة هذا الملف بكفاءة ووطنية عالية، والجيش قاد هذه المفاوضات العملية منذ العام 2010". ويوضح أن "الجيش ملتزم بالسقف السياسي للمفاوضات، وعند كل جلسة تفاوض غير مباشر يرفع تقريراً بنتيجة المفاوضات إلى رئاسة الجمهورية وإلى الحكومة وقيادة الجيش، لكن تغيير اللجنة الحالية أم الإبقاء عليها يعود لمجلس الوزراء".
وسيتركّز التفاوض بعد حسم نقطة الانطلاق بالترسيم على المنطقة المتنازع عليها بين لبنان و"إسرائيل" في "البلوكات" 8 و9 و10 وتبلغ مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً. ويفرّق شحيتلي بين الحدود الإقليمية التي هي حدود سيادية غير قابلة للتفاوض وبين حدود المنطقة الاقتصادية التي تخضع لمعايير أخرى في التفاوض، وتستند إلى اتفاقية البحار الدولية، فإمّا يحصل اتفاق بين لبنان و"إسرائيل" وإمّا يُصار إلى ترتيبات اقتصادية دولية لتحديد نقطة فاصلة لاستخراج النفط من الجهتين.
ويشير شحيتلي إلى نقطة مهمة على المفاوضين أخذها بعين الاعتبار، وهي أنّ لبنان يستند في الترسيم البرّي إلى حقوقه المكرّسة والمثبتة في القانون الدولي والقرارات الدولية وتحديداً في حدوده البرية، أمّا "إسرائيل" فلا تستند إلى أي مستند ومسوغ قانوني.
نيات اسرائيلية مبيّتة
لكن ثمة مخاوف من أن يكون إحياء ملف الترسيم أميركياً يُخفي مخططاً ونيات أميركية - إسرائيلية مبيتة لجرّ لبنان إلى مشروع التطبيع في المنطقة، فبحسب المصادر فإنّ لـ "إسرائيل" مصلحة أساسية في إنهاء هذا الملف لكي تبدأ باستخراج النفط، علماً أنّ حكومة الاحتلال صادقت منذ شهرين على التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية المسماة "ألون دي" وهي البلوك رقم 72 السابق، والذي يقع بمحاذاة البلوك رقم 9 اللبناني. أمّا المصلحة الثانية فهي إخراج هذا الملف من دائرة الصراع مع لبنان وربما ملفات نزاع أخرى تمهيداً لتسويق ملف التطبيع مع لبنان أو هدنة عسكرية طويلة الأمد تمهّد لسلام غير معلن بين لبنان والكيان الصهيوني، وذلك بعد نزع "ذريعة" النزاع الحدودي من يد حزب الله، وبالتالي استفادة الرئيس دونالد ترامب انتخابياً من خلال تقديم هذا الملف كهدية لـ"اسرائيل" لاستمالة الناخبين اليهود الأميركيين. وهذا قد يستتبع جهداً موازياً لإيجاد حل لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر.
الاتصالات الحكوميّة مجمّدة
وفيما يرى مراقبون أن التقدم المبدئي بملف الترسيم يمكن أن ينعكس ايجاباً على ملف تأليف الحكومة وسط جمود تام للاتصالات على هذا الصعيد، تشير مصادر "البناء" إلى أنّ لا علاقة بين ملف النفط وتأليف الحكومة، مشددة على أن الضغط الأميركي مستمر على لبنان وتعطيل تأليف حكومة يُمثَّل فيها حزب الله. لكن اللافت ربط شينكر ملف الترسيم بانفراجات اقتصادية مالية في لبنان، ما يُخفي استغلالاً أميركياً لهذا الملف لدفع لبنان للتنازل عن جزء من حقوقه مقابل الإفراج عن الدعم المالي الدولي.
ونقل زوار الرئيس عون عنه قوله لـ"البناء" الى أن الاتصالات الحكومية بين القوى السياسية مجمّدة ولم يحصل أي لقاء على هذا الصعيد"، مشيراً إلى أن الأبواب مقفلة حتى الآن في ظل تمسك الأطراف السياسيّة كافة على مواقفها وشروطها الأمر الذي سيعقد عملية التكليف والتأليف وبالتالي من المرجّح أن يتريث رئيس الجمهورية بالدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة وسيبادر بعد فترة وجيزة لإجراء مروحة اتصالات ولقاءات ومشاورات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والقوى السياسية كافة ومع فرنسا لجسّ نبض الأطراف للبناء على الشيء مقتضاه".
وترى مصادر سياسية لـ"البناء" بأن الأزمة الحكومية تعقدت أكثر بعد اعتذار مصطفى أديب، فالمشكلة الاصعب هي اختيار اسم سني لتكليف تأليف الحكومة لا سيما بعد ان أعلن الرئيس سعد الحريري بأنه ليس مرشحاً لرئاسة الحكومة كما لن يسمّي شخصية أخرى، ما سيفتح الباب أمام قوى الأكثرية النيابية الى اللجوء الى خيارات أخرى لم تعرف طبيعتها حتى الآن وذلك لملء الفراغ الحكومي لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والمالية.
ولفت خبراء عسكريون لـ"البناء" في هذا السياق، إلى أن الجهود التي تبذلها القوى الامنية لا سيما الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي والتنسيق بين كافة الأجهزة وتسجيل إنجازات أمنية بإجهاض المخططات الارهابية في الشمال نجحت في فرض سيطرتها على الوضع الأمني.
قانون العفو
في غضون ذلك، علمت "البناء" أن هناك جهوداً جدية للتوصل الى صيغة توافقية لقانون العفو العام مقبولة من الكتل السياسية، مرجحة إقرار القانون في جلسة 20 تشرين المقبل بصيغة وسطية لإطلاق الحد الأقصى من الموقوفين بشكل لا يمسّ بالأمن والاستقرار وبالقوانين.
تحقيقات تفجير المرفأ
على صعيد تحقيقات تفجير مرفأ بيروت، أصدر المحقق العدلي في الملف القاضي فادي صوان مذكرتي توقيف غيابيتين في حق مالك السفينة التي نقلت مواد نيترات الأمونيوم الى لبنان، وقبطان السفينة من "الجنسية الروسية"، وأحال الأوراق الى النيابة العامة التمييزية التي طلبت من الانتربول إصدار تعميم دولي للقبض عليهما.
وكان وفد قضائي وأمني لبناني قد توجّه الى قبرص للقاء مالك السفينة حيث مقر إقامته، مع الإشارة الى أن السلطات القبرصية سبق أن سجلت ودوّنت إفادته بالتنسيق مع السلطات اللبنانية.
أزمة استشفاء وأدوية
وفيما تستعدّ بعض المستشفيات الخاصة لزيادة تعرفتها بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار ابتداء من مطلع الأسبوع، أكد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن "المس بالدعم للقطاعين الصحي والاستشفائي وقطاع الدواء غير مطروح في الوقت الحالي والموضوع غير قابل للنقاش". وأعلن وزير الصحة بعد اجتماعه مع الهيئات الضامنة ونقيب المستشفيات أنه "تم التوصل إلى حل بين نقابة المستشفيات الخاصة ووزارة الصحة ينص على دفع مستحقات للمستشفيات الخاصة خلال شهر لمرضى كورونا عبر قرض من البنك الدولي وقيمته 39 مليون دولار".
إلا أن نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون حذّر من انه اذا رفع الدعم عن المواد والمستلزمات الطبية والادوية. فالناس ستموت في بيوتها وليس على أبواب المستشفيات. وتوجّه لحاكم مصرف لبنان مشدداً على ضرورة تسهيل عملية الدعم للمواد والمستلزمات الطبية وألا يكون فقط بالكلام، وقال "ابلغت أمس، من قبل احد المستوردين ان المركزي رفع الدعم عن مواد التعقيم"، فيما حذرت مصادر صحية من أننا نواجه أزمة أدوية في ظل فقدان عدد كبير من الأدوية في الصيدليات وارتفاع أسعار بعضها الآخر.
من جهتها، أعلنت نقابة تجار ومستوردي المعدات الطبية والمخبرية في لبنان توجهها لـ"التوقف عن تسليم البضائع إلا للحالات الحرجة جدًا، وذلك لحين فك الأسر عن التحويلات ومنع إفلاس الشركات وضمان عدم المساس بالقطاع الصحي للحفاظ على سلامة المواطن وحقه بالاستشفاء".
**********************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
مفاوضات “تاريخية” مع إسرائيل في زمن الانهيار
مع ان “العراب” اللبناني للاتفاق الإطار لانطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أماط اللثام عن انجاز التوصل الى هذا الاتفاق عبر “النهار” وتحديدا غداة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، فان ذلك لم يقلل الوقع الكبير للحدث لدى اعلان بري عصر امس رسميا التوصل الى الاتفاق العملي وكشف نصه الحرفي. هذا التطور الذي سارع بحفاوة لافتة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى وصفه بـ”التاريخي” خصوصا ان بلاده تلعب دور الوسيط في المفاوضات التي ستجرى برعاية الأمم المتحدة وتحت علمها بدا فعلا حدثا تاريخيا ولو ان أحدا ليس موهوما بان انطلاق المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل تحت مظلة الرعاية والوساطة الأممية والأميركية سيكون محفوفا بإمكان استهلاك اشهر وربما سنوات قبل التوصل الى اتفاق نهائي على الترسيم المزدوج والمتزامن والمتلازم للحدود اللبنانية الإسرائيلية برا وبحرا. فسواء من الزاوية اللبنانية الصرفة حيث يعاني لبنان من ظروف تاريخية في انهياراتها وأزماتها، او من الزاوية الإقليمية والعربية والدولية، جاء هذا التطور ليطلق زخات كثيفة من التساؤلات المشروعة والبديهية حيال توقيت هذا الاختراق الحقيقي لمجمل الأوضاع التي يجتازها لبنان او تلك التي تحيط به الامر الذي يسبغ فعلا على الحدث طابعا تاريخيا. فالرئيس بري بدأ رحلة التفاوض مع المبعوثين الاميركيين المتعاقبين على هذا الملف منذ عشر سنوات تماما أي من المبعوث الأول فريدريك هوف وصولا الى مساعد وزير الخارجية الأميركي الحالي ديفيد شينكر، وتوج مساره كمفاوض امس بإعلان الاتفاق الإطار الذي سرعان ما كرت سبحة تبنيه رسميا من إسرائيل وواشنطن والأمم المتحدة واليونيفيل. كما توج الامر داخليا بانتقال إدارة ملف التفاوض الى رئيس الجمهورية ميشال عون الذي بادر الى الترحيب بالوساطة الأميركية.
واذا كانت ملابسات الازمة الحكومية وما حصل من مجريات سلبية تسبب بها الثنائي الشيعي لجهة اطاحة المبادرة الفرنسية، جعل اوساطا محلية تركز الأنظار على الحساسيات الطائفية المتصلة بملف التفاوض السابق واللاحق، فان ذلك بدا هامشيا تماما امام الإطار الأكبر الذي يفرضه هذا التطور والمتصل بالسؤال “اين تضع عملية مفاوضات الترسيم لبنان في هذه اللحظة الإقليمية وقبل شهر واحد من الانتخابات الرئاسية الاميركية؟”. طبعا لا يمكن تصور لبنان ذاهبا حاليا الى مفاوضات سلام او تطبيع مع إسرائيل اسوة بعمليات التطبيع التي حصلت أخيرا وستتواصل لاحقا. ولكن يصعب تصور انطلاق المفاوضات أيضا على خلفية احتمال نشوب حرب جديدة بين إسرائيل و”حزب الله ” فيما الحزب يوقع بالاسم الكامل وليس بالأحرف الأولى على موافقته على المفاوضات، والا لما كان حليفه التوأم المفاوض، اعلن بنفسه الاتفاق الإطاري للمفاوضات. ويجري كل هذا في زمن الانهيارات اللبنانية والعجز السياسي الداخلي المطلق عن اجتراح حلول لابسط الأمور كما لاشدها تعقيدا. اذن لا ينفصل هذا التطور عما لمح اليه الاميركيون انفسهم أي ترسيخ الاستقرار المتبادل وتاليا السعي الى توظيف الثروات الغازية والنفطية بما يعزز الستاتيكو السلمي ويبعد شبح الحرب. وهذا يعني ان ثمة تقاطع مصالح أميركية وإسرائيلية ولبنانية على توقيت انطلاق المفاوضات كل من زاويته.
الاتفاق الإطار
الرئيس بري وفي تمهيد لتسليم مهماته الى الدولة عبر رئيس الجمهورية اعلن الاتفاق الإطار للمفاوضات على الترسيم البري والبحري في مؤتمر صحافي عقده في عين التينة متضمنا النص الرسمي الحرفي لاتفاق الإطار العملي الذي ستنطلق على أساسه المفاوضات استنادا الى تفاهم نيسان 1996 والقرار الدولي 1701 وعلى أساس تلازم المسارين برا وبحرا. وأشار الاتفاق الى انه “طلب من الولايات المتحدة ان تعمل كوسيط لترسيم الحدود البحرية وهي جاهزة لذلك وحين يتم التوافق على الترسيم في نهاية المطاف سيتم إيداع اتفاق ترسيم الحدود لدى الأمم المتحدة “.
وعلى اثر المؤتمر الصحافي الذي عقده بري أعلنت إسرائيل بدورها على لسان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز ان إسرائيل ولبنان سيجريان محادثات بوساطة أميركية حول الحدود البحرية بين البلدين. وقال الوزير الإسرائيلي في بيان انه من المتوقع انطلاق اجراء المفاوضات بعد عطلة عيد العرش اليهودي التي تنتهي في التاسع من شهر تشرين الأول الحالي.
كذلك سارع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى اصدار بيان رحب فيه بقرار بدء محادثات لبنانية إسرائيلية حول الحدود وقال ان الاتفاق التاريخي بين إسرائيل ولبنان توسطت فيه الولايات المتحدة وهو نتيجة ثلاث سنوات من المساعي وأضاف ان المحادثات بين إسرائيل ولبنان تمهد للاستقرار والأمن والازدهار معتبرا ان هذه الخطوة تخدم مصالح لبنان وإسرائيل والمنطقة. كما اكد بومبيو ان واشنطن تتطلع الى انطلاق قريب لمحادثات الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
وفيما أعلنت الأمم المتحدة انها تدعم أي اتفاق بين لبنان وإسرائيل لتعزيز الثقة أعلمت القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان اليونيفيل ترحيبها باتفاق الإطار لاطلاق مفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين. وأكدت اليونيفيل انها على استعداد لتقديم كل الدعم الممكن للأطراف وتسهيل الجهود لحل هذه المسألة. وأشارت الى انها في اطار قرار مجلس الامن الدولي 1701 تدعم أي اتفاق بين البلدين بما يعزز الثقة ويحفز الأطراف على الالتزام مجددا باحترام الخط الأزرق وعملية ترسيم الحدود الاوسع.
عون
وفي وقت لاحق اصدر مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بيانا اعلن فيه ترحيب الرئيس عون بالإعلان الذي صدر عن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن التوصل الى اتفاق اطار للتفاوض على ترسيم الحدود برعاية الأمم المتحدة وتحت رايتها وبوساطة مسهلة من الولايات المتحدة. ولفت البيان الى ان الرئيس عون “سوف يتولى المفاوضة وفقا لأحكام المادة 52 من الدستور بدءا من تأليف الوفد اللبناني المفاوض آملا من الطرف الأميركي ان يستمر في وساطته النزيهة”.
وأفادت مصادر رسمية ان اتصالا جرى بين الرئيسين عون وبري سبق اعلان الموقف في شأن الاتفاق الإطار حول ترسيم الحدود. وأضافت هذه المصادر ان الموقف جاء منسقا وحصل تفاهم حول كل النقاط التي طرحت وان رئيس الجمهورية بادر على الفور الى الترحيب بالوساطة الأميركية. وأفادت المصادر ان الوفد اللبناني المفاوض سيكون عسكريا ويضم خبراء في القانون والمياه والهندسة، وسيتولى الجيش التفاوض كما يجري الامر في اللجنة الثلاثية اللبنانية الإسرائيلية الدولية التي تجتمع في الناقورة. وستعقد الجولة الأولى من المفاوضات في 14 تشرين الأول الحالي في حضور مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر. وفي اول تعليق له على الاتفاق الإطار قال شينكر انه لن يتم التفاوض مع “حزب الله ” نهائيا في ما يخص ترسيم الحدود واكد ان الاتفاق التاريخي سيساعد في حل المشكلة نهائيا. ولفت الى ان اتفاق ترسيم الحدود لا يعني اتفاق سلام بين لبنان وإسرائيل لكنه يعني تحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي في المنطقة وسيساعد لبنان على الخروج من ازمته الاقتصادية.
يشار أخيرا الى ان الرئيسين عون وبري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب سيتوجهون الاثنين المقبل في طائرة واحدة الى الكويت لتقديم التعازي الى امير الكويت الجديد الشيخ نواف الأحمد الصباح بسلفه الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
*******************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
“حزب الله” على خطى السنيورة: المقاومة الديبلوماسية
“عين التينة” و”تل أبيب” تعلنان الترسيم… وعون “آخر من رحّب”!
بينما كانت الأصوات السيادية تتعالى من بكركي داعيةً لحياد لبنان وبسط سيادة الدولة على السلاح والقرار والتراب والنأي بها عن صراعات المحاور، كانت أبواق التخوين والنفخ في كير العمالة من جوقة الممانعة التي دأبت على “صهينة” المنادين بالسيادة ووصمهم بتهم التآمر والتطبيع تكتم أنفاسها، حتى كاد بعضها يهتف “لبيك أمريكا” على وقع انضواء المقاومة تحت راية “الشيطان الأكبر” كوسيط نزيه على طاولة المفاوضات مع العدو. “حزب الله” قال للأميركيين أمس أنا الدولة وقرار الحرب والسلم فيها، بيدي رفع السلاح وبيدي رفع “غصن الزيتون” في وجه إسرائيل، فاوضوا من أفوّضه بلا قفازات فرنسية أو غير فرنسية وخذوا ما يدهش العالم. وعلى هذه القاعدة، تجسدت الدهشة أمس بإعلان متزامن بين “عين التينة” و”تل أبيب” يزفّ خبر التوصل إلى اتفاق إطار مشترك لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، فتوالت مواقف الترحيب أميركياً وأممياً، بينما بدا رئيس الجمهورية ميشال عون آخر من رحّب بالخطوة فأصدر بياناً استلحق فيه دوره الدستوري في التفاوض الخارجي، بعدما جرّده منه الحزب وجيّره لرئيس مجلس النواب نبيه بري كي يثبّت ركائز التفاوض وأسسه مع الأميركيين، تاركاً من الآن فصاعداً لعون دور تنظيم الأطر اللوجستية على طاولة المفاوضات!
أما “ما بحلى على الرصّ” و”علي حسن خليل أقرب لي بعد العقوبات” و”لبنان بجيشه ومقاومته وشعبه لا أحد يمكنه أن يهدده”… فمجرد عبارات “شد عصب” استخدمها رئيس المجلس على هامش إعلان انطلاق قطار “التطبيع الحدودي” بين “حزب الله” وإسرائيل بوساطة أميركية تحت شعار “أكتر من حقنا أبدناش” التي قالها بري في معرض طمأنة الصديق والعدو إلى ليونة الموقف اللبناني والجهوزية التامة للتعاطي الإيجابي على طاولة المفاوضات، معرباً عن ثقته وأمله بأن تنجح الولايات المتحدة في “تأسيس جو إيجابي وبنّاء” بين لبنان وإسرائيل على طاولة المفاوضات، وكشف في هذا المجال أن الجانبين اللبناني والإسرائيلي “طالبا الولايات المتحدة بأن تعمل كوسيط ومسهّل لترسيم الحدود البحرية وهي تعتزم بذل قصارى جهودها للمساعدة من أجل إدارة المفاوضات واختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن”. وفي سياق متقاطع، جاء إعلان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز أن “إسرائيل ولبنان سيجريان محادثات بوساطة أميركية حول الحدود البحرية بين البلدين”، متوقعاً “إجراء المحادثات بعد عطلة عيد العرش (السوكوت) اليهودي” التي تنتهي في التاسع من تشرين الأول، وسط معلومات تفيد بتحديد الرابع عشر منه موعداً لأول جلسة تفاوض في الناقورة.
وإثر إعلان كل من بري وشتاينتز عن تدشين المسار التفاوضي بين البلدين، رحّب وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بهذا “الاتفاق التاريخي بين الطرفين الذي توسطت فيه الولايات المتحدة”، موضحاً أنه أتى “نتيجة حوالى ثلاث سنوات من المشاركة الديبلوماسية المكثفة من قبل السفير ديفيد ساترفيلد ومساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر”، ونوّه بكونها “خطوة حيوية إلى الأمام تخدم مصالح لبنان وإسرائيل والمنطقة والولايات المتحدة ومن شأنها أن تؤدي إلى مزيد من الاستقرار والأمن والازدهار للمواطنين اللبنانيين والإسرائيليين على حد سواء”. أما شينكر، فحرص بدوره على تأكيد مواصلة بلاده “فرض عقوبات على اللبنانيين المتحالفين مع حزب الله أو الضالعين في الفساد”، رغم الاتفاق بين إسرائيل ولبنان على إجراء محادثات الترسيم البحري، لافتاً الانتباه إلى أنّ التفاوض لن يكون مع “حزب الله” ومشدداً على أنّ “لبنان يمر بأزمة اقتصادية والاتفاق مع إسرائيل سيساعده”.
في الغضون، سارع رئيس الجمهورية إلى استنفار صلاحياته المنصوص عنها في أحكام المادة 52 من الدستور، فتعمدّ الترحيب بالإعلان الصادر عن “وزير الخارجية الأميركية” لا عن “رئيس مجلس النواب” حول التوصل إلى اتفاق إطار للتفاوض على ترسيم الحدود بوساطة الولايات المتحدة، تعبيراً عن “امتعاض دفين” من مصادرة الرئاسة الثانية دور الرئاسة الأولى في عملية التفاوض الخارجي، وفق ما لاحظت مصادر مواكبة لـ”نداء الوطن”، مشيرةً إلى أنّ “إعلان بري سحب يده من الملف بعد التوصل إلى اتفاق إطار أتى بدفع من “حزب الله” حفظاً لماء وجه عون، وتمهيداً للإعلان عن أن رئيس الجمهورية من الآن فصاعداً هو من سيتولى المفاوضة بدءاً من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض”.
غير أنّ مصادر مقربة من “التيار الوطني الحر” لم تخفِ استياءها من النهج الذي اتُّبع في “إدارة ملف التفاوض الحدودي بعيداً عن الأصول الدستورية”، مشددة لـ”نداء الوطن” على أنّ “العودة إلى الفضيلة لا تلغي فعل ارتكاب الرذيلة بحق الدستور وصلاحيات رئاسة الجمهورية”، وأردفت: “على أي حال الملف التفاوضي أصبح اليوم في عهدة الرئيس عون وكما قال رئيس التيار النائب جبران باسيل، علينا الآن البدء بمرحلة جديدة من التفاوض على الطريقة اللبنانية لا الفارسية ولا العربية”.
وعما قصده باسيل بقوله إنّ “لبنان يبدأ اليوم مرحلة استعادة الحقوق بالتفاوض هذه المرة”، أجابت المصادر ممازحة: “يبدو أنّ حزب الله اقتنع بأنّ المرحلة الحساسة الراهنة في لبنان والمنطقة تقتضي السير على خطى الرئيس فؤاد السنيورة في المقاومة الديبلوماسية لا العسكرية لاستعادة الأراضي والحقوق من إسرائيل”.
*******************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
“الجمهورية”: الترسيم الحدودي يسبق “الترسيم الحكومــي”.. والعقوبات باقية
تصدّرَ ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل الواجهة السياسية على حساب «الترسيم الحكومي» الذي دخل على ما يبدو في غيبوبة طويلة، وقد غاب عن مجموعة اتصالات جرت طوال يومين بين بعبدا وعين التينة تركّزت فقط على «الاتفاق الاطار» للمفاوضات الخاصة بالترسيم، والتي علمت «الجمهورية» انّ جلستها الاولى ستعقد في 14 من الجاري في الناقورة. وفي انتظار هذا الموعد «ما حَدا بالو بالحكومة»، بحسب قول مصدر سياسي لـ«الجمهورية»، كاشفاً ان «لا استشارات في وقت قريب، وانّ الاسابيع الستة التي حددها الفرنسي ستكون فترة انتظار دخل فيها ملف الحكومة في سبات عميق، فلا احد يتحدث مع احد ولا احد أصلاً لديه تصور لا لمرشح لرئاسة الحكومة ولا لاتفاق على حكومة، فلبنان سياسيّاً سيكون في الثلاجة ضمن المرحلة المقبلة. أمّا اقتصادياً وأمنياً فإنّ الامور مفتوحة، لكن تحت سقف الحد الادنى من الاستقرار».
مع تراجع الملف الحكومي تقدّم ملف الترسيم، واللافت للانتباه ليس اتفاق الإطار الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي هو مجرد عناوين عريضة لخريطة طريق طويلة ومتعرجة، وإنما هو بيانات الترحيب الدولية، وتحديداً من واشنطن وقيادة قوات «اليونيفل»، وإعلان الرئيس ميشال عون أنه سيتولى المفاوضة استناداً الى أحكام المادة 52 من الدستور.
ورداً على سلسلة التسريبات والنظريات التي طرحت اكثر من سؤال حول سبب إعلان بري للاتفاق الاطار، وليس رئيس الجمهورية الذي أناط به الدستور مهمة ادارة المفاوضات والمعاهدات الخارجية والدولية، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية» ان «لا حاجة لمثل هذا التفسير، فالتفاهم قائم منذ سنوات عدة على ان يكون ملف المفاوضات في هذا الشأن مع الرئيس بري قبل ان يأخذ شكله الدستوري والقانوني وفق ما يقول به الدستور وفقاً لأحكام المادة 52 من الدستور، بدءاً من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض».
تنسيق المواعيد
وأضافت هذه المصادر انّ ما أعلنه بري كان مدار اتصالات وتفاهمات في الساعات الأخيرة التي فصلت عن موعد إعلانه في الشكل الذي شهدته عين التينة أمس بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، كما كانت واشنطن على الخط مباشرة وهي التي تَولّت الاتصالات مع اسرائيل لتنسيق النصوص والمواقف منها في شكلها ومضمونها، فيما كانت الامم المتحدة تبلغ بأيّ تطوّر بالنظر الى الدور اللوجيستي الذي أنيط بها لتكون مقراً للمفاوضات غير المباشرة بين الطرفين برعاية اميركية وبتسهيلات من قيادة اليونيفل.
ترسيم دقيق لإطلاق التفاهم
وقالت المصادر انّ النص كان متفاهماً عليه بين بيروت وواشنطن وتل ابيب تَوصّلاً الى تحديد دقيق لمواعيد الإعلان عن الاتفاق، فكان التفاهم على ان يعلن لبنان ووزير الطاقة الاسرائيلي الإتفاق عند الثالثة بعد الظهر، على ان يصدر وزير الخارجية الاميركية في الثالثة والنصف عصراً موقفه بالنظر الى فوارق التوقيت بين بيروت وتل ابيب من جهة وواشنطن من جهة اخرى، وليكون بومبيو قد وصل الى مكتبه صباحاً ليكون موقفه في بداية نشاطه.
أول جلسة للمفاوضات
وفي معلومات «الجمهورية» انّ التفاهم على «اتفاق الإطار» الذي اعلن عنه امس واكَبه التفاهم على عقد اول جلسة للمفاوضات بين لبنان واسرائيل في مقر قيادة القوات الدولية «اليونيفل» في الناقورة، في حضور الوفدين العسكريين اللبناني والاسرائيلي ومساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادني ديفيد شينكر، الذي سيشارك في الجلسة الاولى فقط، إلا اذا دعت الحاجة في بعض المحطات الأساسية منها، كذلك سيحضر قائد القوات الدولية الجنرال ديل كول.
وفد عسكري وقانوني
وبناء على ما تقدم، سينكَبّ رئيس الجمهورية، وبالتنسيق مع وزارة الدفاع وقيادة الجيش، على تأليف الوفد اللبناني في الايام القليلة المقبلة، على ان يكون برئاسة ضابط كبير من الجيش اللبناني ويعاونه وفد موسّع من كبار الضباط، وتحديداً من المديرية الجغرافية في قيادة الجيش ومجموعة من الخبراء والمستشارين في القانون الدولي، وخصوصاً المتخصّصين في المفاوضات الدولية وقوانين البحار المطّلعين على ما يَتحكّم بها من اتفاقيات دولية لا بد من اعتمادها حفاظاً على حقوق جميع الاطراف.
لا إفراط في التفاؤل
وجنحت مصادر واكَبت المراحل التي قطعها التفاوض في ملف الترسيم في اتجاه عدم الافراط في التفاؤل، وقالت لـ»الجمهورية»: «الموضوع أصعب واكثر تعقيداً ممّا نتصوّر، فلا نزال في أول خطوة في طريق الـ1000 ميل المليء بالاشواك والمطبّات، خصوصاً انّ هذا الملف سيكون مرتبطاً مباشرة بأكثر من منحى سياسي ولا تزال الضبابية تلفه في لبنان والمنطقة، والتعاطي معه على أساس انه سلك طريقاً معزولاً بضوء أخضر أميركياً عن الملفات السياسية الحساسة الاخرى هو مغالاة او تمويه ليس إلّا». واضافت المصادر «انّ الجلسة الاولى في 14 تشرين الاول المقبل ستكون شكلية، والهدف منها هو أميركي اكثر منه لبنانياً او إسرائيلياً، لإعطاء الورقة الاضافية لترامب قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية من ضمن أوراق يسعى الى تجميعها حالياً بدفع كبير دعماً له في هذه الانتخابات».
بري
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد أعلن في مؤتمر صحافي امس التوَصّل إلى اتفاق إطار يرسم الطريق للمفاوض اللبناني لترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل.
وبعدما أذاع نص الاتفاق، قال بري انّ المفاوضات ستجري برعاية الأمم المتحدة، لافتاً إلى أنّ المنظمة الدولية ستعمل كوسيط بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البرية والبحرية، مشيراً إلى أنّ الجيش اللبناني سيقود المفاوضات. وقال: «في ما يخصّ مسألة الحدود البحرية، سيتم عقد اجتماعات بطريقة مستمرة في مقر الأمم المتحدة في الناقورة تحت راية» المنظمة الدولية. وأوضح أنّ «الاجتماعات (ستعقد) برعاية فريق المنسّق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان». وأضاف: «طُلِبَ من الولايات المتحدة من قبل الطرفين، اسرائيل ولبنان، أن تعمل كوسيط ومُسهِّل لترسيم الحدود البحرية، وهي جاهزة لذلك».
وبعد قليل من المؤتمر الصحافي لبري، صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية البيان الآتي: «رحّب فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بإعلان (وزير الخارجية الاميركي مايك) بومبيو عن التوصّل الى اتفاق إطار للتفاوض على ترسيم الحدود برعاية الأمم المتحدة وتحت رايتها، وبوساطة مُسهّلة من الولايات المتحدة الأميركية. وسوف يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة وفقاً لأحكام المادة 52 من الدستور، بدءاً من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض، آملاً من الطرف الأميركي ان يستمر في وساطته النزيهة».
بومبيو يرحّب
وكان بومبيو قد رحّب أمس بـ«الاتفاق «التاريخي» بين لبنان وإسرائيل لبدء محادثات في شأن الخلافات الحدودية بينهما، جرى التوصّل إليه «تحت رعاية الولايات المتحدة». وأعلن في بيان أنّ هذا الاتفاق «ثمرة جهود دبلوماسية حثيثة استمرت نحو 3 سنوات». وأضاف أنّ «الاتفاق بين الجانبين حول إطار مشترك للمفاوضات البحرية سيتيح للدولتين الشروع في محادثات من شأنها أن تفضي إلى مزيد من الاستقرار والأمن والازدهار للبنانيين والإسرائيليين على حد سواء». وأشار إلى «خطوة بالغة الأهمية تخدم مصالح لبنان وإسرائيل، والمنطقة، والولايات المتحدة»، مُعرباً عن أمله في انطلاقة «سريعة» للمحادثات حول الحدود البحرية.
وفي شأن الحدود البرية، تحدث بومبيو عن «محادثات منفصلة على مستوى خبراء لحل مسائل عالقة في شأن الخط الأزرق» الذي يفصل بين هاتين الدولتين اللتين تعدّان في حال حرب. وقال إنّ هذه المحادثات تحمل بدورها «تقدماً إيجابياً للاستقرار الإقليمي».
وحول المفاوضات الوشيكة بين إسرائيل ولبنان لترسيم الحدود، اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس أنّ «التوصّل لاتفاق على التفاوض بين لبنان وإسرائيل هو نجاح بحد ذاته». وأوضحت أنّ «اتفاق التفاوض اللبناني الإسرائيلي استغرق سنوات من العمل»، مشددة على أنّ «إدارة ترامب تعمل على تعزيز السلام في المنطقة».
إلى ذلك، أكدت أنّ «سياستنا ضد «حزب الله» ثابتة ولا تتغير»، لافتة إلى أنّ «حزب الله» تنظيم إرهابي، ونحن نعمل مع حكومة لبنان».
العقوبات مستمرة
ولكن في موازاة موقف بومبيو المرحّب بما سمّاه «الاتفاق التاريخي»، أعلن مساعد وزير الخارجية الاميركي والوسيط في ملف ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل ديفيد شينكر أنه «لن يتم التفاوض مع «حزب الله» نهائياً في ما يخصّ ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل»، لافتاً إلى أنّ «هذا الاتفاق التاريخي سيساعد في حل المشكلة النهائية في لبنان». وقال إنّ الولايات المتحدة ستواصل فرض عقوبات على اللبنانيين المتحالفين مع «حزب الله» أو الضالعين في الفساد، وأكد انّ فرضَ مزيد من العقوبات لا يزال قائماً حتى بعد إعلان إسرائيل ولبنان أمس أنهما اتفقا على إطار زمني للمفاوضات المقبلة.
الموقف الإسرائيلي
وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، في بيان أمس، إن إسرائيل ولبنان سيجريان مفاوضات بوساطة أميركية في شأن ترسيم الحدود البحرية بينهما. وأضاف: «انّ إسرائيل ولبنان سيجريان المفاوضات بوساطة أميركية لإنهاء نزاع حدودي بحري طويل الأمد بين البلدين، اللذين هما رسميّاً في حالة حرب حتى الآن». ورجّح أن تجري المفاوضات بعد عطلة العيد اليهودي، التي تنتهي في 9 تشرين الاول الجاري.
ترحيب أممي
وبُعَيد إعلان بري الاتفاق الاطار للمفاوضات على ترسيم الحدود، رحّبت القوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل» بهذا الإعلان، وأكدت، في بيان، أنها «على استعداد لتقديم كل الدعم الممكن للأطراف وتسهيل الجهود لحل هذه المسألة»، مشيرة إلى «أنها، وفي إطار قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، تدعم أي اتفاق بين البلدين (لبنان واسرائيل) بما يعزّز الثقة ويحفّز الأطراف على الالتزام مجدداً باحترام الخط الأزرق وعملية ترسيم الحدود الأوسع».
وغرّد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش عبر «تويتر» كاتباً: «أخبار مهمة وإيجابية تتمثّل في قرار لبنان وإسرائيل بدء المناقشات حول ترسيم الحدود البحرية التي ستُعقد في الناقورة في لبنان تحت علم الأمم المتحدة، ويستضيفها مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان (UNSCOL) وبمشاركة الولايات المتحدة كوسيط ومُيسّر للمناقشات الأخرى التي ستجري حول الخط الأزرق». وأضاف كوبيتش: «هذا الإنجاز الكبير الذي حققه لبنان تحت القيادة الرصينة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، يفتح المجال لمزيد من الاستقرار والأمن والازدهار الاقتصادي، وأؤكّد انّ الأمم المتحدة لن تدّخِر جهداً للمساعدة في تحقيق ذلك، وفقاً لِما طلبته أطراف الاتفاق الإطار».
«هدايا» الثنائي
وقالت مصادر سياسية معارضة «انّ الثنائي الشيعي الذي اصطدم بالفرنسي من الباب الحكومي، انتزعَ تنويها أميركياً ودولياً من باب الترسيم الذي سيملأ الفراغ السياسي والجمود الذي دخلت فيه البلاد مع تعليق المبادرة الفرنسية الحكومية». ورأت هذه المصادر «انّ ما خسره الثنائي الشيعي مع الرئيس إيمانويل ماكرون عَوّضه مع الرئيس دونالد ترامب الذي يحتاج إلى هدية من هذا النوع عشيّة انتخاباته الرئاسية تُضاف إلى الهدايا الخليجية بالسلام مع إسرائيل، فيقدّم نفسه رجل سلام وتفاوض قادر على تحقيق ما عجز أسلافه عن تحقيقه، فيما الهدية التي يقدمها الثنائي الشيعي معنوية أكثر منها عملية طالما انّ هذا المسار ما زال في بداياته لا نهاياته».
وأكدت المصادر نفسها «انّ الثنائي الشيعي قد تَقصّد توقيت الإعلان بعد تراجع المبادرة الفرنسية وقبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، فينفِّس الاحتقان الخارجي ضده ويُفرمِل الحصار والعقوبات، كذلك يوجّه رسالة مفادها انه على استعداد للتفاوض والدخول على خط الهندسة التي تعمل عليها واشنطن في المنطقة من أجل ربط النزاع مع مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية. ولم يكتف الثنائي بإهداء إعلان الإطار لترامب، بل قدّم هدية أخرى لعون الذي سارعَ إلى ملاقاة هذا الإعلان الذي وجده «هدية من السماء» بعد تعليق المبادرة الفرنسية ودخول الملف الحكومي في جمود قاتل وانكفاء دور رئيس الجمهورية، فجاءه ملف الترسيم ليعيد دوره إلى الواجهة وهذه المرة من البوابة الأميركية الترسيمية لا الفرنسية الحكومية. ووصّفت المصادر «إعلان بري» بأنه «ضربة معلّم ترمي إلى إعادة ترسيم دور «الثنائي» داخلياً وخارجياً».
لا عربية ولا فارسية
الى ذلك، غرّد رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على حسابه عبر تويتر، كاتباً: «اليوم يبدأ لبنان مرحلة جديدة من استعادة حقوقه، ولكن بالتفاوض هذه المرّة. اذا كان اتفاق الاطار تطلّب كل هذا الوقت والجهد والتضامن الداخلي والتعاون الايجابي من المعنيين، فكيف باتفاق الترسيم واتفاق التقاسم؟». وأضاف: «هذه المرة علينا ان نفاوض لا على الطريقة الفارسية ولا على الطريقة العربية، بل على طريقتنا اللبنانية، صلابة ومرونة. صلابة في التمسّك بالحقوق ومرونة في العلم والحلول. القضيّة فيها مزيج من السيادة والموارد، ويجب ان نعرف ان نحافظ على الاثنين ونوفّق بين الاثنين».
حال تأهّب
وفي غضون ذلك، قالت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية أمس «انّ حالة التأهّب الامنية العالية شمال اسرائيل ستستمر الى ما بعد عيد العرش الذي يبدأ الاسبوع المقبل، وذلك في ضوء إمكانية قيام «حزب الله» بتنفيذ عملية انتقامية. هذه الحالة العالية من التأهب مستمرة منذ 70 يوماً، وقد فشل خلالها «حزب الله» مرتين بتنفيذ العملية الانتقامية لمقتل أحد ناشطيه في غارة منسوبة لإسرائيل في سوريا».
ورغم مرور هذه الفترة الزمنية، لا يزال تقييم الوضع لدى الجيش الاسرائيلي انّ «حزب الله» ما زال ينوي تنفيذ عملية اخرى. وقال مسؤولون في الجيش الاسرائيلي: «لن يحدث اي تغيير في حالة التأهب، حتى بعد الكشف عن مواقع لصواريخ «حزب الله» الدقيقة. فإنّ حالة التأهب العالية ما زالت قائمة».
وذكرت «معاريف» انّ الجهاز الامني الاسرائيلي لم يتفاجأ بالرد السريع للأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله يوم الثلاثاء الفائت في السماح بجولات لصحافيين في المواقع التي نشرت اسرائيل صوراً عنها، بعد خطاب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين اسرائيليين قولهم انّ «نصرالله يمكنه الاستمرار في سرد القصص وإقامة الجولات التي تتعارض مع الادعاءات الاسرائيلية»، لكن مع ذلك وبحسب رأيهم «هو يفهم ويعرف جيداً عمق الاختراق الاستخباراتي لجهاز الامن الاسرائيلي، والى أي مدى هناك مشاريع اعتبرها سرية جداً قائمة بين سكان مدنيين – كشفت الواحدة تلو الأخرى».
*******************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
لبنان يعلن عن «اتفاق إطار» لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل
المفاوضات متوقعة منتصف الشهر في الناقورة
نجحت الوساطة الأميركية في بلورة «اتفاق إطار» بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية، وأعلن الاتفاق رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أمس، مشيراً إلى أنه «يرسم الطريق للمفاوض اللبناني وهو الجيش، برعاية رئيس الجمهورية والحكومة العتيدة»، بعد 10 سنوات من المفاوضات التي تولاها بري للتوصل إلى هذا الاتفاق، معلناً أن مهمته تنتهي هنا ليستأنفها الجيش بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي.
ورحبت الخارجية الأميركية بقرار بدء محادثات لبنانية إسرائيلية حول الحدود، معتبرة أنها «تمهد للاستقرار والأمن والازدهار». وقال وزير الخارجية مايك بومبيو إن الخطوة «تخدم حماية مصالح لبنان وإسرائيل والمنطقة»، لافتاً إلى أن الاتفاق على المفاوضات «هو نتيجة 3 سنوات من المساعي».
ومن المتوقع أن تنطلق الجولة الأولى من المفاوضات في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بحسب ما تفيد معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط». وستُعقد المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين في مركز الأمم المتحدة في رأس الناقورة في أقصى جنوب غربي لبنان، وفق الآلية نفسها التي تجري فيها اجتماعات اللجنة الثلاثية المؤلفة من الجيشين اللبناني والإسرائيلي وقوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب (يونيفيل)، تحت «علم الأمم المتحدة وبرعايتها»، وبحضور مندوب أميركي هو «وسيط ومسهل» في تلك المفاوضات.
ورحب الرئيس ميشال عون بالإعلان الذي صدر عن وزير الخارجية الأميركي بومبيو عن التوصل إلى «اتفاق إطار» للتفاوض على ترسيم الحدود وأعلن أنه سيتولى المفاوضات في هذا الشأن.
وأضاف بيان رئاسة الجمهورية أن عون سوف يتولى «التفاوض… بدءا من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض، آملاً من الطرف الأميركي أن يستمر في وساطته النزيهة».
وبدأت مهمة بري في العام 2010. «إثر التأكد من وجود نفط في حدودنا» وذلك بمطالبة الأمم المتحدة لترسيم الحدود البحرية ورسم خط أبيض في البحر المتوسط. وقال بري في مؤتمر صحافي عقده أمس: «إثر تردد الأمم المتحدة وطلبها مساعدة الولايات المتحدة بادرت شخصياً لطلب المساعدة» مشيرا إلى أن زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى لبنان ولقاءه معه أعاد ملف ترسيم الحدود إلى طاولة البحث.
وأضاف بري: «الولايات المتحدة تدرك أن حكومتي لبنان وإسرائيل مستعدتان لترسيم حدودهما البحرية بالاستناد إلى تجربة الآلية الثلاثية الموجودة منذ تفاهمات نيسان 1996 وحاليا بموجب القرار 1701». وأضاف: «طلب من الولايات المتحدة أن تعمل كوسيط لترسيم الحدود البحرية وهي جاهزة لذلك، وحين يتم التوافق على الترسيم في نهاية المطاف سيتم إيداع اتفاق ترسيم الحدود البحرية لدى الأمم المتحدة عملا بالقانون الدولي والمعاهدات ذات الصلة».
وأشار بري إلى أن الولايات المتحدة «تعتزم بذل قصارى جهودها من أجل إدارة المفاوضات واختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن»، مضيفاً: «إذا نجح الترسيم، فهناك مجال كبير جدا، خصوصا بالنسبة للبلوكين رقم 8 و9. أن يكون أحد أسباب سداد ديوننا».
وكشف بري أن «الاتفاق حصل في 9 يوليو (تموز) الفائت، موضحاً أن الاتفاق اليوم «هو اتفاق إطار وليس نهائياً يرسم الطريق إلى المفاوض اللبناني» في إشارة إلى الجيش اللبناني، و«سيتم عقد اجتماعات بطريقة مستمرة في مقر الأمم المتحدة في الناقورة وبرعايتها وتحت علم الأمم المتحدة»، مشدداً على «تلازم المسارين برا وبحرا». وقال أن مهمته اليوم تنتهي هنا.
ولا يزال لبنان وإسرائيل في حالة حرب رسمياً، ويتنازعان على حدودهما البرية والبحرية منذ عقود بما في ذلك منطقة بالقرب من ثلاث مناطق امتياز لبنانية للطاقة (هي البلوكات البحرية رقم 8 و9 و10). وتبلغ مساحة المنطقة المتنازع عليها في البلوك رقم 9 في جنوب لبنان، نحو 860 كيلومتراً مربعاً، وتقول إسرائيل إنها عائدة لها، بينما يصر لبنان على أنها تقع داخل منطقته الاقتصادية. وحال هذا النزاع دون انطلاق كونسورتيوم شركات «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«نوفاتيك» الروسية التي حصلت على ترخيص التنقيب قبل عامين من الحكومة اللبنانية، برحلة الاستكشاف في الرقعة.
وقال بري إنه «حصل تأخير حتى بعد التلزيم الذي كان من المفترض أن يحصل في السنة الماضية»، لافتاً إلى أن «عدم الاتفاق كان أحد أسباب تأخير بدء توتال بالتنقيب قبل نهاية العام الحالي». وقال: «تمنيت على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يتفاوض مع توتال لئلا يحصل تأخير إضافي»، لافتاً إلى أنه من المفترض أن تبدأ رحلة الاستكشاف قبل نهاية العام الجاري.
وقال بري إن الولايات المتحدة ستضغط من أجل التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن، وأكد أنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن إطار العمل قبل تحرك واشنطن لفرض عقوبات على معاونه السياسي النائب علي حسن خليل في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
ورحبت القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) بإعلان اتفاق الإطار لإطلاق مفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
واعتبر متحدث باسم «اليونيفيل» في لبنان أن الاتفاق «خطوة كبيرة»، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الاتفاق «من شأنه أن يخفف التوتر» في المنطقة الحدودية الجنوبية، مشيراً إلى أن الترتيبات ستُعلن لاحقاً.
وأكدت «اليونيفيل»، في بيان، أنها على استعداد لتقديم كل الدعم الممكن للأطراف وتسهيل الجهود لحل هذه المسألة»، مشيرة إلى أنها وفي إطار قرار مجلس الأمن الدولي 1701. تدعم أي اتفاق بين البلدين (لبنان وإسرائيل) بما يعزز الثقة ويحفز الأطراف على الالتزام مجدداً باحترام الخط الأزرق وعملية ترسيم الحدود الأوسع.
*******************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
الإعلان في بيروت وتل أبيب عن تفاهم للترسيم البحري والبري
بومبيو: الخطوة تاريخية.. والتفاوض غير مباشر بوساطة أميركية خلال أسبوعين
في خطوة، من شأنها ان تضع البلد على مسار مختلف، اعلن في كل من بيروت وتل ابيب، عن التوصل الى «اتفاق اطار» او تفاهم حول بدء مفاوضات برعاية الامم المتحدة، وغير مباشرة، في ما خص ترسيم الحدود البرية والبحرية المتنازع عليها، ووصفتها الولايات المتحدة بأنها «تاريخية».
وتتزامن الخطوة مع «جمود قاتل» في الملف الحكومي، وفي المشاورات السياسية والنيابية للإعلان عن موعد جديد للاستشارات النيابية الملزمة والتي من الممكن، وفقا للمعلومات، ان تتحرك بدءاً من الاسبوع المقبل.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الموقف الذي صدر في ما خص ترسيم الحدود منسق بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري وجرى اتصال بينهما اول من امس والاتفاق على جميع النقاط التي وردت كما حصل تواصل مع الفريق الأميركي.
وقالت ان الاجتماع الاول سيعقد في منتصف الشهر الجاري في الناقورة، وسيحضره مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد شنكر شخصياً، ويتألف الوفد اللبناني من ضباط من الجيش اللبناني، وخبراء في القانون الدولي، وقوانين المياه، لا سيما قوانين البحار، والحدود الاقليمية.
وفهم من مصادر مطلعة ان الإتفاق يفتح افاقا كثيرة وهناك صلابة ومرونة في أي تفاوض غير مباشر برعاية الأمم المتحدة وبوساطة اميركية. وقالت ان الأميركيين أصبحوا في قلب المعادلة السياسية التفاوضية ذات اهمية سيادية.
واشارت الى انه يؤمل الكثير من هذه الخطوة وادركت الولايات المتحدة الأميركية انه لا بد من التفاوض. وتحدث الاميركيون عن الخط الازرق والخلاف على النقاط ١٣ وذكر الوزير بومبيو انه يؤمل من هذا التفاوض الأستقرار في لبنان والمقصود بذلك التقيد التام ب ١٧٠١ ولبنان ينتظر ويأمل ان تكون الوعود صادقة في ما خص الترسيم والانقاذ الاقتصادي، وان تحفز الاتصالات الاسبوع المقبل لتسريع تشكيل الحكومة لتواكب ملف التفاوض حول الحدود البحرية والبرية.
مؤتمر بري
وعقد الرئيس بري، بعد ظهر امس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة مؤتمرا صحافيا قال فيه: «في ما يخص مسألة الحدود البحرية، سيتم عقد اجتماعات بطريقة مستمرة في مقر الأمم المتحدة في الناقورة تحت راية» المنظمة الدولية.
وأوضح أنّ «الاجتماعات (ستعقد) برعاية فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان». واضاف «طلِبَ من الولايات المتحدة من قبل الطرفين، اسرائيل ولبنان، أن تعمل كوسيط ومسهّل لترسيم الحدود البحرية وهي جاهزة لذلك».
وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان أنّ هذا الاتفاق «ثمرة جهود دبلوماسية حثيثة استمرت لنحو ثلاث سنوات». ولم يشر رئيس المجلس إلى تاريخ بدء المحادثات. وقالت إسرائيل من جانبها إنّ المباحثات ستكون «مباشرة» وستبدأ عقب انتهاء «عيد العرش» (سوكوت) في 10 تشرين الأول، وفق لبيان صدر عن مكتب وزير الطاقة يوفال شتاينتز.
حضر مؤتمر بري، وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر، وقائد الجيش العماد جوزف عون، وقائد قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان ستيفانو دل كول، وممثلة المنسق الخاص للامين العام للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش نجاة رشدي.
وقال بري: اثر التأكد من وجود غاز ونفط في حدودنا البحرية ، انطلقت شخصيا منذ عام 2010 اي منذ عقد من الزمن تماماً، بمطالبة الامم المتحدة وامينها العام بان كي مون لترسيم الحدود البحرية ورسم خط أبيض في البحر المتوسط الازرق.
واوضح انه إثر زيارة الوزير بومبيو الى لبنان ولقائنا به، اعاد الملف الى طاولة البحث بعد ان كاد يتوقف، وبعد ان تعثر لفترة طويلة، وذلك في 22 اذار، 2019 والمبادرة التي تمسكت بها ومتمسك بها لبنان لوضع اطار للمفاوضات هي :
اولاً : تفاهم نيسان 1996.
ثانياً : قرار مجلس الامن 1701.
ثالثاً: ان تكون الاجتماعات في مقر الامم المتحدة في الناقورة وبرعايتها وتحت علم الامم المتحدة.
أيضاً تلازم المسارين براً وبحراً بحيث لا ينفذ اي محضر برا او بحرا الا بتوقيع الاطراف وخاصة الطرف اللبناني.
واضاف بري: الاتفاق هو اتفاق اطار وليس الاتفاق النهائي. وهو يرسم الطريق امام المفاوض اللبناني الذي يتولاه الجيش اللبناني بقيادته الكفوءة وضباطه ذوي الاختصاص، برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية وأية حكومة عتيدة. وبعد اليوم انتهى عملي وآملاً بالتوفيق ان شاء الله للبنان والجميع.
ثم تلى الرئيس بري اعلان ما تم الاتفاق عليه وهو التالي :
الاطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في جنوب لبنان. آخر نسخة 22 أيلول 2020.
تدرك الولايات المتحدة الأميركية أن حكومتي لبنان وإسرائيل مستعدتان لترسيم حدودهما البحرية كما يلي:
الاستناد إلى التجربة الإيجابية للآلية الثلاثية الموجودة منذ تفاهمات نيسان 1996، وحالياً بموجب قرار مجلس الامن رقم 1701، التي حققت تقدماً في مجال القرارات حول الخط الأزرق.
في ما يخص مسألة الحدود البحرية، سيتم عقد اجتماعات بطريقة مستمرة في مقر الأمم المتحدة في الناقورة تحت راية الأمم المتحدة. ستعقد الاجتماعات برعاية فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان(UNSCOL). إن ممثلي الولايات المتحدة والمنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان مستعدان لإعداد محاضر الاجتماعات بصورة مشتركة، التي ستوقع من قبلهما وتقدم الى إسرائيل ولبنان للتوقيع عليها في نهاية كل اجتماع.
طُلب من الولايات المتحدة من قبل الطرفين (إسرائيل ولبنان) أن تعمل كوسيط ومسهل لترسيم الحدود البحرية الإسرائيلية- اللبنانية وهي جاهزة لذلك.
حين يتم التوافق على الترسيم في نهاية المطاف، سيتم إيداع اتفاق ترسيم الحدود البحرية لدى الامم المتحدة عملاً بالقانون الدولي والمعاهدات والممارسات الدولية ذات الصلة.
عند التوصل إلى إتفاقيات في المناقشات بشأن الحدود البرية والبحرية، سيتم تنفيذ هذه الإتفاقيات وفقاً للتالي:
5-1 على الحدود البرية، في ما يتعلق بالخط الأزرق: بعد التوقيع من قبل لبنان، وإسرائيل، واليونيفيل.
5-2 على الحدود البحرية، إمتداداً إلى الحد البحري للمناطق الإقتصادية الخاصة للأطراف المعنية، سوف يتم مخرجات المناقشات النهائية للمحادثات المتفق عليها للبنان واسرائيل لتوقيعها وتنفيذها.
6- تعتزم الولايات المتحدة بذل قصارى جهودها مع الطرفين المعنيين للمساعدة في تأسيس جو إيجابي وبنّاء مع الطرفين والمحافظة عليه، من أجل إدارة المفاوضات المذكورة أعلاه وإختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن.
وبعد ساعتين من مؤتمر بري، رحّب الرئيس عون «بالإعلان الذي صدر عن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو عن التوصل الى اتفاق اطار للتفاوض على ترسيم الحدود برعاية الأمم المتحدة وتحت رايتها، وبوساطة مُسهّلة من الولايات المتحدة الأميركية».
وأعلن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، في بيان، «ان الرئيس عون سوف يتولى المفاوضة وفقاً لاحكام المادة 52 من الدستور، بدءاً من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض، آملاً من الطرف الأميركي ان يستمر في وساطته النزيهة».
ورحّبت الخارجية الأميركية بقرار بدء محادثات لبنانية إسرائيلية حول ترسيم الحدود واعتبرت في بيان لها انّ «المشاورات بين لبنان وإسرائيل تمهد للاستقرار والأمن والازدهار». واشارت الى انّ «الاتفاق على مفاوضات إسرائيلية لبنانية نتيجة 3 سنوات من المساعي».
وقال بومبير: «اعلان اليوم خطة حيوية تخدم مصالح لبنان واسرائيل والمنطقة».
واعتبر شنكر ان ترسيم الحدود «سيساعد لبنان في الخروج من ازمته الاقتصادية من خلال تمكنه من استخدام موارده الاقتصادية».
واوضح شنكر ان الولايات المتحدة ستواصل فرض عقوبات على اللبنانيين الذين لهم صلة وتعاون مع حزب الله.
وشكر وزير الخارجية الاسرائيلي غازي اشكينازي، نظيره الاميركي، وفريقه لجهودهم الكبيرة التي ادت الى بدء محادثات مباشرة لترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
وقال: هذه خطوة مهمة جاءت بعد ثلاث سنوات من الاتصالات الدبلوماسية، ولم تكن لتتحقق لولا وساطة الولايات المتحدة الاميركية. مضيفا: نجاح المحادثات سيؤثر بشكل كبير على استقرار المنطقة، ويعزز ازدهار مواطني الشعبين في اسرائيل ولبنان.
كما أصدرت قيادة «اليونيفيل» في الناقورة، بيانا حول «التقدم في المفاوضات البحرية بين لبنان وإسرائيل»، رحبت فيه «بإلاعلان حول اتفاق الإطار لإطلاق مفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين».
وقالت: «إن اليونيفيل على استعداد لتقديم كل الدعم الممكن للأطراف وتسهيل الجهود لحل هذه المسألة. إن اليونيفيل، وفي إطار قرار مجلس الأمن الدولي 1701، تدعم أي اتفاق بين البلدين بما يعزز الثقة ويحفّز الأطراف على الالتزام مجدداً باحترام الخط الأزرق وعملية ترسيم الحدود الأوسع».
كما اعلنت الأمم المتحدة عن دعمها لأي اتفاق بين إسرائيل ولبنان «لتعزيز الثقة».
وكان لبنان وقع في 2015، اول عقد للتنقيب البحري عن الغاز والنفط في المربعين (4 و9) مع اتحاد شركات يضم «توتال» و«إيني» و«نوفاتيك» وجزء من المربع 9 ويُعِد محل نزاع بين لبنان واسرائيل.
لقاء بكركي
سياسياً، سجل امس لقاء بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والنواب المستقيلين حول إجراء انتخابات نيابية مبكرة. وأعلن النائب المستقيل نعمت افرام، من بكركي، ان «البطريرك لديه حرص كبير على بقاء الامل في لبنان ويرى ان الامل يتضاءل، نحن ابناء رجاء لذلك يجب ان نتمسك بهذه الارض». واكد افرام ان «المطلوب انتخابات مبكرة، لانها ترد المصداقية بين الشعب والقادة السياسيين».
من جهتها، قالت النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان: «طالبنا بنزع الشرعية عن هذه الطغمة الحاكمة وان يستمر البطريرك بالوقوف الى جانب شعبه الذي لم يعد قادرا على الاستمرار في هذا الوطن. فهجرة الادمغة كبيرة من البلد، والبطريرك يشعر بهذا الهم». اضافت: «ناشدنا البطريرك بالوقوف الى جانب الناس في حقها بتجديد الشرعية بالطبقة السياسية، نحن لم نخرج من الحياة السياسية بل دخلنا الى جانب ناسنا الذين دعونا للاستقالة فقد تهدمت نصف بيروت، ولم يتحرك أحد او يحرك كرسيه الجالس عليه». واكدت ان «حياة لبنان بحياده، وصرخة بكركي مدوية وستصل الى كل مكان». وسأل النائب المستقيل الياس حنكش النواب في البرلمان: «ماذا تنتظرون، اذا كنتم حقيقة تخافون على مصير شبابنا يجب القيام بهذه الصدمة».
الاستشفاء والدولار ازمة
اعلن نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أن «هناك ضغطاً على المستشفيات الخاصة ولكن نأمل أن يتم دفع قسم من مستحقات المستشفيات الخاصة لتقوم بواجباتها». وقال: «تم الاتفاق على أن يتم دفع فواتير مرضى كورونا خلال شهر او شهر ونصف كحد أقصى من وقت تقديمها لوزارة الصحة».
وأوضح هارون أن الاتفاق ينص كذلك على أن تدفع الجهات الضامنة كلفة الملابس الواقية للمستشفيات اي الـppe على أن تكون ٢٠٠ الف ليرة للغرف العادية و٤٠٠ الف لغرف العنايه الفائقة. وحذّر هارون من انه اذا رفع الدعم عن المواد والمستلزمات الطبية والادوية فالناس ستموت في بيوتها وليس على ابواب المستشفيات. وتوجّه لحاكم مصرف لبنان مشدداً على ضرورة تسهيل عملية الدعم للمواد والمستلزمات الطبية وألا يكون فقط بالكلام، وقال «ابلغت امس الاول من قبل احد المستوردين ان المركزي رفع الدعم عن مواد التعقيم».
وأعلنت نقابة تجار ومستوردي المعدات الطبية والمخبرية في لبنان توجهها للتوقف عن تسليم البضائع إلا للحالات الحرجة جدًا، وذلك لحين فك الاسر عن التحويلات ومنع افلاس الشركات وضمان عدم المساس بالقطاع الصحي للحفاظ على سلامة المواطن وحقه بالاستشفاء.
40868
صحياً، سجل لبنان في الساعات الـ24 الماضية 1248 اصابة جديدة بفايروس كورونا، و7 وفيات، ليرتفع العدد الى 40868 اصابة مثبتة مخبرياً.
*******************************************
افتتاحية صحيفة الديار
إعلان «إطار للتفاوض» بحرا وبرا : التوقيت أميركي ولا تطبيع مع «إسرائيل»
مفاوضات معقدة يتولاها الجيش بقيادة بعبدا وبري يحدد «الخطوط الحمراء»
عون يتحرك بعد كلام نتانياهو حول المرفأ : اين صور الاقمار الاصطناعية؟
ابراهيم ناصرالدين
لا تزال الاتصالات في الشأن الحكومي في «كوما» تعكس غياب حصول اي خرق ايجابي قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية، وفي «الوقت الضائع» برز اعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري التوصل الى اتفاق «اطار» سيتيح انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وكيان العدو، «بوساطة» اميركية، ورعاية «اليونيفيل»، واذا كان «الضغط» الاميركي واضحاً في توقيت الاعلان حيث يسعى الرئيس الاميركي دونالد ترامب استغلال اي حدث في صناديق الاقتراع، ومع بدء الترويج الدعائي عبر وزارة الخارجية الاميركية بوصف الاتفاق «بالتاريخي»، كان الرئيس بري واضحا في رسم «الخطوط الحمراء» بالتاكيد على ثلاثية الجيش، والشعب، والمقاومة الكفيلة بحصول لبنان على حقوقه دون زيادة او نقصان.. وفي هذا السياق، تجدر الاشارة الى ان المفاوضات الجدية ستبدأ الان، وقد تأخذ سنوات عديدة، وسط تشكيك «بنزاهة» الطرف الاميركي، وهي محادثات محمية بتوازن «الردع» الذي تؤمنه المقاومة للمفاوض اللبناني القادر على فرض شروطه على «الطاولة» مع عدو يجيد «المرواغة»، لكن تبقى الكثير من الاسئلة وعلامات الاستفاهم حول «شياطين التفاصيل» التي ستتوضح في جلسة التفاوض الاولى «غير المباشرة» في الناقورة، لكن المسألة الحاسمة ان هذه الخطوة ليست مقدمة للتطبيع بين لبنان واسرائيل، كما اعترف ديفيد شينكر بالامس … في هذه الاثناء، حرك المؤتمر الصحافي الاخير لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو ملف تفجير المرفأ من جديد، في ظل معلومات عن تحرك رسمي لبناني باتجاه فرنسا طلبا لتسليم التحقيق اللبناني صور الاقمار الاصطناعية لما قبل انفجار الرابع من آب، وما بعده، في ظل تمنع فرنسي غير مبرر، بعد وعد من الرئيس ايمانويل ماكرون لرئيس الجمهورية والحكومة بجعلها متاحة قريبا..
ضغوط وتعقيدات
فبعد أكثر من عشر سنوات، وقبل أسبوعين من وصول مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر إلى بيروت، انتهت المحادثات التي قادها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، إلى الاتفاق على الإطار التفاوضي الذي طرحه لبنان الرسمي كقاعدة لانطلاق التفاوض، ومع تسلم رئيس الجمهورية ميشال عون المهمة بحكم موقعه الدستوري، اكدت اوساط سياسية مطلعة، ان هذه المفاوضات التي ستبدأ بعد منتصف الجاري، ستكون صعبة، ومعقدة، وسيرافقها الكثير من الضغوط الاميركية والاسرائيلية، آخرها اعلان شينكر بعد ساعات على الاعلان، بأن عقوبات جديدة ستفرض على حلفاء حزب الله، وبحسب تلك الاوساط، لا ترتبط التعقيدات فقط بالحدود البحرية، وانما البرية التي ثبت لبنان تزامنها، وفي هذا السياق، لا شيء في البر ليفاوض لبنان عليه، فالحدود بالنسبة للمفاوض اللبناني مثبتة بوثيقة دولية في الامم المتحدة، وغيرقابلة للتعديل، ولكن الاسرائيليين يطرحون للمفاوضات 13 نقطة متحفظ عليها ويؤيدهم الاميركيون في ذلك، وقد سبق «لاسرائيل» ان حاولت التفاوض عليها العام 2000، لكن الجانب اللبناني رفض ذلك مؤكدا ان الخرائط الدولية هي للتنفيذ وليست للتفاوض .. وهنا تكمن معضلة تلال كفرشوبا ومزراع شبعا التي ترفض «اسرائيل» ادخالها في المفاوضات باعتبارها اراض سورية، بينما يصر لبنان على عدم حصول اي اتفاق لا يشمل استعادتهما، فهل «اسرائيل» مستعدة للخروج من هناك؟ وبأي ثمن؟
الجيش والحدود البحرية
اما الحدود البحرية، فالتفاوض سيكون اكثر تعقيدا، لان اسرائيل لم توقع على قانون البحار، وهي تريد 860 كلم من المنطقة الاقتصادية، ويصر الاميركيون حتى الان على اعتماد «خط هوف» للترسيم وهو ما يرفضه لبنان، والخلاف يطال نحو 40 بالمئة من الحقوق اللبنانية، وهناك خريطة مرسمة من قبل الجيش اللبناني جاءت لتحدد حقوق لبنان، وقد اعتمدت لتصحيح خطى المفاوضين اللبنانيين الذين ارسلتهم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2007 الى قبرص، وما هو معتمد من المؤسسة العسكرية يتماشى مع قانون البحار، وينطلق تحديدها من نقطة الناقورة البرية غير القابلة للتفاوض..
خطوط بري «الحمراء»
وفي معرض شرحه تفاصيل «الاتفاق»، قال الرئيس بري بان لبنان لن يتخلى عن حقوقه، لا زيادة ولا نقصان، وقوته في معادلة الجيش، والشعب، والمقاومة، واشار الى ان زيارة وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو إلى لبنان أعادت ملف ترسيم الحدود إلى الحياة والمبادرة التي تمسكت بها هي تفاهم نيسان 1996 وقرار مجلس الأمن 1701 وأن تكون الاجتماعات في مقر الأمم المتحدة في الناقورة وبرعايتها وتحت علم الأمم المتحدة وتلازم المسارين برا وبحرا». واضاف ان «الولايات المتحدة تدرك أن حكومتي لبنان وإسرائيل مستعدتان لترسيم حدودهما البحرية بالاستناد إلى تجربة الآلية الثلاثية الموجودة منذ تفاهمات نيسان 1996 وحاليا بموجب القرار 1701».
لا علاقة للعقوبات؟
وقال خلال المؤتمر الذي حضره قائد الجيش العماد جوزيف عون ووزيرة الدفاع في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر وممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان يان كوبيش : ان الولايات المتحدة تبذل قصارى جهودها من «أجل إدارة المفاوضات واختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن». وفي معرض تاكيده على عدم وجود ربط بين الاتفاق وتطبيع بعض الدول العربية مع اسرائيل، اكد انه عمل على هذا الاتفاق منذ عقد من الزمن، قبل «توجهات العرب، ونحن في لبنان موقفنا واضح وجميعنا متفقون على مبادئنا»، مشيرا الى انه «حصل تأخير حتى بعد التلزيم الذي كان من المفترض ان يحصل في السنة الماضية، وعدم الاتفاق كان احد اسباب تأخير بدء توتال بالتنقيب قبل نهاية العام الحالي». وقال : «تمنيت على ماكرون أن يتفاوض مع «توتال» لئلا يحصل تأخير اضافي». واضاف : «آخر من يخالف الدستور سأكون أنا، وما جرى التوصل إليه هو مجرد اتفاق اطار يحدد المسار الواجب سلوكه .. اضاف : «اذا نجح الترسيم، فهناك مجال كبير جدا، خصوصا بالنسبة للبلوك 8 و9، أن يكون أحد أسباب سداد ديوننا»… واوضح بري ان «الاتفاق» لا علاقة له بالعقوبات الاميركية، واشار الى انه حصل في 2020/7/9، والعقوبات على حسن خليل وغيره أتت لاحقا ولا علاقة لها بترسيم الحدود». وختم قائلا : «أنا «بري بحلاش عالرّص» وعلي حسن خليل أصبح أقرب إليّ بعد العقوبات أكثر من قبلها».
ترحيب بعبدا
من جهته، رحّب رئيس الجمهورية ميشال عون «بالاتفاق»، وأعلن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، ان عون سوف يتولى المفاوضة وفقاً لاحكام المادة 52 من الدستور، بدءاً من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض، آملاً من الطرف الأميركي ان يستمر في وساطته النزيهة..
باسيل : لا فرس ولا عرب!
وفيما اكدت وزير الدفاع زينة عكر عدم التنازل عن حقوق لبنان، كان لافتا ما غرّد به رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل عبر حسابه في «تويتر» قائلاً على نحو «ملتبس» : «اليوم يبدأ لبنان مرحلة جديدة من استعادة حقوقه، ولكن بالتفاوض هذه المرّة… إذا كان اتفاق الاطار تطلّب كل هذا الوقت والجهد والتضامن الداخلي والتعاون الإيجابي من المعنيين، فكيف باتفاق الترسيم واتفاق التقاسم؟»، وأضاف : «هذه المرة علينا ان نفاوض لا على الطريقة الفارسية ولا على الطريقة العربية، بل على طريقتنا اللبنانية، صلابة ومرونة… صلابة بالتمسّك بالحقوق ومرونة بالعلم والحلول»، وقال إنّ «القضيّة فيها مزيج من السيادة والموارد ويجب ان نعرف ان نحافظ على الاثنين ونوفّق بين الاثنين..».
واشنطن : خطوة «تاريخية»؟
في هذا الوقت، رحّبت وزارة الخارجية الأميركية بقرار بدء محادثات لبنانية إسرائيلية حول الحدود، وأعلن وزير الخارجية مايك بومبيو أن «لبنان وإسرائيل طلبا الوساطة الأميركية لتسهيل المفاوضات، ونتطلع إلى بدء محادثات الحدود بينهما قريباً، وفي استغلال واضح للاتفاق وصف «الاتفاقية» «بالتاريخية» وقال ان بلاده توسطت فيها والاتفاق على مفاوضات إسرائيلية – لبنانية جاء نتيجة 3 سنوات من المساعي، مؤكداً أنّ «الخطوة تخدم حماية مصالح لبنان وإسرائيل والمنطقة..!».
شينكر والعقوبات .. والتفاوض!
من جهته، اكد مساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر انه لن يتم التفاوض نهائيا مع حزب الله فيما يخص ترسيم الحدود، لافتا الى ان هذا الاتفاق «التاريخي» سيساعد في حل المشكلة النهائية في لبنان، وأوضح شينكر إلى ان «اتفاق الإطار بين لبنان وإسرائيل لا يعني تطبيع العلاقات، وحزب الله قد يخرب الاتفاق بين البلدين»، مشدداً على أنه «سنواصل وضع مسؤولين لبنانيين داعمين لحزب الله على قائمة العقوبات، وفي ربط واضح بين حل الازمة الاقتصادية والتفاوض قال شينكر ان التفاوض بين لبنان وإسرائيل خطوة إيجابية، والاتفاق سيساعد لبنان الذي يمر بأزمة اقتصادية..».
استغلال اسرائيلي
من جهتها حاولت اسرائيل اعطاء الحدث ابعادا سياسية، وقال وزير الخارجية غابي اشكنازي ان التفاوض سيكون مفتاح استقرار وازدهار المنطقة، فيما اكد وزير الطاقة الصهيوني، في بيان أنّ إسرائيل ولبنان سيجريان محادثات بوساطة أميركية بشأن الحدود البحرية. ومن جهتها، اصدرت قيادة «اليونيفيل» في الناقورة، بيانا حول «التقدم في المفاوضات البحرية بين لبنان وإسرائيل، رحبّت فيه «بالاعلان» وقالت إن اليونيفيل على استعداد لتقديم كل الدعم الممكن للأطراف وتسهيل الجهود لحل هذه المسألة بما يعزز الثقة ويحفّز الأطراف على الالتزام مجدداً باحترام الخط الأزرق وعملية ترسيم الحدود الأوسع..».
الاهداف الاسرائيلية – الاميركية؟
وفي هذا السياق، حذرت اوساط دبلوماسية في بيروت بان المسألة لا ترتبط فقط في استغلال ادارة ترامب لهذا الاعلان المتزامن لتحقيق إنجاز سياسي قبيل الانتخابات الرئاسية، فما تفعله الادارة الاميركية ليس تكتيكيا، بل يقوم على غرس مفهوم استراتيجي لإعادة تنظيم ميزان القوى في الشرق الأوسط، من خلال اقامة ائتلاف إقليمي للدول العربية لمواجهة إيران وضرب نفوذ الصين وروسيا في المنطقة، والخطوة الاولى التي نجحت فيها هي الدفع بهذا الائتلاف الإقليمي في ظل تحرير الدول العربية من التزاماتها التقليدية بالقضية الفلسطينية، وثمة محاولة لاستغلال الوضع السيء في لبنان لجره الى هذه المنظومة.
نتانياهو وتفجير المرفأ؟
وفيما تابع المحقق العدلي القاضي فادي صوان تحقيقاته في انفجار المرفأ، واصدر مذكرتي توقيف غيابيتين في حق مالك السفينة التي نقلت «الامونيوم» الى لبنان، وقبطان السفينة من الجنسية الروسية، واحال الاوراق الى النيابة العامة التميزية التي طلبت من الانتربول اصدار تعميم دولي للقبض عليهما، علمت «الديار» ان خطاب رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو امام الامم المتحدة متهما حزب الله بتخزين الاسلحة في الاماكن السكنية، يخضع لمزيد من التقويم في دوائر القرار الرسمية وغير الرسمية، واذا كانت المقاومة قد اجهضت البعد الدعائي، والاعلامي لاكاذيبه من خلال الجولة الميدانية السريعة لوسائل الاعلام الغربية والعربية واللبنانية في منطقة الجناح، فان الابعاد الامنية لهذا الظهور تخضع للتمحيص والاستدلال «ليبنى على الشيء» مقتضاه، خصوصا اذا ما توصلت الخلاصات الى وجود مخاطر امنية جدية مرتبطة بالظهور الاعلامي لنتانياهو.
التلميحات الاسرائيلية!
وبحسب اوساط معنية بهذا الملف، يبدو الربط الاسرائيلي بين تفجير مرفأ بيروت، واحتمال حصول تفجيرات اخرى، مريبا، وهو يطرح اكثر من علامة استفهام حول جدية الفرضيات التي تحدثت عن وجود عمل تخريبي وراء انفجار «الامونيوم».. وفي هذا السياق، اقترب نتانياهو كثيرا من «نقطة» الاعلان عن تبني هذا التفجير بشكل غير مباشر، وهو المعروف عنه حبه للتباهي امام الاسرائيليين في «صنع» البطولات، وقد سبق وتعرض لانتقادات شديدة لتلميحاته السابقة وتبنيه المسؤولية عن تفجيرات حصلت في ايران، والغارات المتواصلة على سوريا، ومن هنا ثمة متابعة حثيثة لما ورد في كلمته الاخيرة لمحاولة الفصل بين ما هو دعائي وتحريضي على حزب الله، وبين محاولاته للتلميح بالمسؤولية عن الانفجار الذي لم تستبعد السلطات اللبنانية بعد اي فرضية حوله، ولم تصل التحقيقات الى نتائج حاسمة بعد..
اين صور الاقمار الاصطناعية؟
وفي هذا الاطار، علمت «الديار» ان كلام نتانياهو خلق دينامية جديدة في التعامل مع ملف التفجير حيث افضت اتصالات مكوكية بين الاطراف اللبنانية المتابعة لهذا الملف، الى مبادرة رئاسة الجمهورية مجددا بارسال طلب رسمي الى السلطات الفرنسية عبر القنوات الرسمية المرعية الاجراء، لتزويد السلطات اللبنانية بصور الاقمار الاصطناعية الخاصة بيوم الرابع من آب، ما قبل التفجير وما بعده، لحسم مسألة وجود او عدم وجود تحليق لطيران حربي او «درون» في منطقة الانفجار، وكذلك حسم مسألة التفجير عبر «صاروخ» جو – ارض، او بحر – ارض، وهو امرسبق وتعهد به الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لكنه لم يوف بوعده حتى الان، كما لم يقدم عناصر «اف بي آي» الذين حققوا ميدانيا اي صور جوية لاسباب ما تزال مجهولة.. تجدر الاشارة الى ان انتفاء حصول هجوم صاروخي من الجو او البحر لا يلغي فرضية العمل التخريبي اليدوي عبر عملاء محليين او «كومندوس» بحري اسرائيلي.. وتنتظر الجهات الرسمية اللبنانية اجوبة فرنسية واضحة خلال الايام المقبلة.
«كورونا» فشل ويهدد بكارثة
في هذا الوقت، واصل «كورونا» التمدد وحصد المزيد من الارواح، وقد سجلت خلال الساعات الـ 24 الماضية 1248 اصابة و7 وفيات جديدة، فيما تبدو الدولة عاجزة عن اجتراح اي حلول لتخفيف الانتشار المخيف، وفي هذا السياق، حذرت اوساط معنية بالشان الطبي من الكارثة القادمة، وحملت الحكومة مسؤولية الانهيار الصحي في البلاد وتفشي «كورونا» على هذا النطاق الواسع، واشارت الى ان المسؤولين عن الملف يمكن وصفهم بانه ابطال العالم «بالارتجال»، فالمشكلة الحقيقية كانت ولا تزال ماذا عن «اليوم التالي»، فالفشل المدوي كان الإغلاق الأول الذي ادير دون استراتيجية عودة منسقة الى الحياة الطبيعية، فالخروج من الإغلاق لم تتم على نحو جيد، وجاء فتح المطار في توقيت سيىء للغاية ليخرب كل الجهود المضنية التي بذلت في لمكافحة موجة «الوباء» الاولى، وكانت نتيجة الارتجال في الخروج من الإغلاق هي السبب في الإغلاق الثاني، الذي انتهى قبل ان يبدأ، والان يدفع الجميع «كلفة» حتى التخبط الذي سيؤدي الى انهيار النظام الصحي على خلفية خلاف بين وزارة الصحة ووزارة الداخلية ما وضع لبنان عمليا تحت «مقصلة» مناعة «القطيع» المفتوحة على كافة الاحتمالات السيئة..
«ارباك» في رفع الدعم ؟
اقتصاديا، وصلت الاموال المتاحة للدعم في المصرف المركزي الى مليار و800 مليون دولار تكفي فقط الى 3 اشهر، ووفقا لمصادر اقتصادية مطلعة، لم يتوصل اجتماع عقد يوم الاربعاء في مصرف لبنان بين الحاكم رياض سلامة، ووزيري المال والدفاع، الى خلاصات نهائية حول كيفية الخروج من الازمة الراهنة، لكن جرى تثبيت بعض القواعد ومنها عدم المس بالدعم للفيول الخاص بالكهرباء، وعدم المس بدعم القمح، وتم ربط رفع الدعم عن البنزين والمازوت باصدار البطاقة الخاصة بالعائلات الاكثر فقرا، فيما سيجري استثناء ادوية الحالات المستعصية عن رفع الدعم… وفي سياق متصل، أعلنت نقابة تجار ومستوردي المعدات الطبية والمخبرية في لبنان توجهها للتوقف عن تسليم البضائع إلا للحالات الحرجة جدا، وذلك لحين فك الاسر عن التحويلات ومنع افلاس الشركات وضمان عدم المساس بالقطاع الصحي للحفاظ على سلامة المواطن وحقه بالاستشفاء.
*******************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
بري:حقنا سنأخذه بالكامل..ولا أحد يستطيع تهديد لبنان
أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري في مؤتمر صحافي عقده في مقر الرئاسة الثانية بعين التينة، الاطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في جنوب لبنان، بحضور نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع الوطني في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزيف عون وقائد اليونيفيل ستيفانو دل كول وممثلة المنسق الخاص للامين العام للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش نجاة رشدي.
واستهل الرئيس بري مؤتمره الصحافي بالقول: «نرحب بداية بالحضور الكريم، فالتمهيد ليس له علاقة بما سنعلنه رسميا، لقد وقع اتفاق الهدنة بين لبنان والكيان الاسرائيلي عام 1949 بإشراف رئيس الامم المتحدة آنذاك ومشاركة كولونيل أميركي اسمه كيمنون. كذلك تم منذ فترة ليست بعيدة، ترسيم الخط الازرق على الحدود البرية او قسم منها برعاية اليونيفيل، وانطلاقا من تفاهم نيسان 1996، واثر التأكد من وجود غاز ونفط في حدودنا البحرية، انطلقت شخصيا منذ عام 2010 اي منذ عقد من الزمن تماما، بمطالبة الامم المتحدة وامينها العام بان كي مون بترسيم الحدود البحرية ورسم خط أبيض في البحر المتوسط الازرق».
أضاف»: «اثر تردد الامم المتحدة وتمنعها بل وطلبها مساعدة الولايات المتحدة الاميركية، بادرت بطلب المساعدة شخصيا حيث تناوب على هذا الملف من الاميركيين اولا السفير فريدريك هوف منذ العام 2011 الى العام 2013، ثم آموس هوكستاين من عام 2014 الى العام 2016، ثم السفير ديفيد ساترفيلد من 2018 الى 2019 واخيرا مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد شينكر عام 2020. والجدير ذكره ان زيارة الوزير بومبيو الى لبنان ولقاءنا أعاد الملف الى طاولة البحث بعدما كاد يتوقف، وبعد ان تعثر لفترة طويلة، وذلك في 22-3-2019 والمبادرة التي تمسكت بها ومتمسك بها لبنان لوضع اطار للمفاوضات هي:
اولا: تفاهم نيسان 1996
ثانيا: قرار مجلس الامن 1701.
ثالثا: ان تكون الاجتماعات في مقر الامم المتحدة في الناقورة وبرعايتها وتحت علم الامم المتحدة.
أيضا تلازم المسارين برا وبحرا بحيث لا ينفذ اي محضر برا او بحرا الا بتوقيع الاطراف خصوصا الطرف اللبناني. هذا الذي سأتلوه عليكم ايها السادة هو اتفاق اطار وليس الاتفاق النهائي. هو اتفاق اطار يرسم الطريق امام المفاوض اللبناني الذي يتولاه الجيش اللبناني بقيادته الكفوءة وضباطه ذوي الاختصاص برعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية وأية حكومة عتيدة بعد اليوم انتهى عملي وآملا بالتوفيق ان شاء الله للبنان والجميع».
ثم تلا الرئيس بري اعلان ما تم الاتفاق عليه وهو التالي:
«الاطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في جنوب لبنان.
آخر نسخة 22 أيلول 2020
تدرك الولايات المتحدة الأميركية أن حكومتي لبنان وإسرائيل مستعدتان لترسيم حدودهما البحرية كما يلي:
الاستناد إلى التجربة الإيجابية للآلية الثلاثية الموجودة منذ تفاهمات نيسان 1996 وحاليا بموجب قرار مجلس الامن رقم 1701، التي حققت تقدما في مجال القرارات حول الخط الأزرق.
في ما يخص مسألة الحدود البحرية، سيتم عقد اجتماعات بطريقة مستمرة في مقر الأمم المتحدة في الناقورة تحت راية الأمم المتحدة. ستعقد الاجتماعات برعاية فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان (UNSCOL). إن ممثلي الولايات المتحدة والمنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان مستعدان لإعداد محاضر الاجتماعات بصورة مشتركة، التي ستوقع من قبلهما وتقدم الى إسرائيل ولبنان للتوقيع عليها في نهاية كل اجتماع.
طلب من الولايات المتحدة من قبل الطرفين (إسرائيل ولبنان) أن تعمل كوسيط ومسهل لترسيم الحدود البحرية الإسرائيلية – اللبنانية وهي جاهزة لذلك.
حين يتم التوافق على الترسيم في نهاية المطاف، سيتم إيداع اتفاق ترسيم الحدود البحرية لدى الامم المتحدة عملا بالقانون الدولي والمعاهدات والممارسات الدولية ذات الصلة.
عند التوصل إلى إتفاقيات في المناقشات بشأن الحدود البرية والبحرية، سيتم تنفيذ هذه الإتفاقيات وفقا للتالي:
5-1 على الحدود البرية، في ما يتعلق بالخط الأزرق: بعد التوقيع من قبل لبنان، وإسرائيل، واليونيفيل.
5-2 على الحدود البحرية، إمتدادا إلى الحد البحري للمناطق الإقتصادية الخاصة للأطراف المعنية سوف يتم مخرجات المناقشات النهائية للمحادثات المتفق عليها للبنان واسرائيل لتوقيعها وتنفيذها.
6- تعتزم الولايات المتحدة بذل قصارى جهودها مع الطرفين المعنيين للمساعدة في تأسيس جو إيجابي وبناء مع الطرفين والمحافظة عليه، من أجل إدارة المفاوضات المذكورة أعلاه واختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن.
واختتامها بالنجاح بأسرع وقت ممكن ان شاء الله».
حوار
وردا على اسئلة الصحافيين، قال الرئيس بري: «في الشق المتعلق فقط بقضية الترسيم وطبعا اذا نجح الترسيم، أعتقد ان هذا الكلام اذا وفق الله الجيش بهذا الموضوع ووفق بالتالي لبنان، هناك مجال كبير انه فعلا في البلوك رقم 8 رقم والبلوك رقم 9 كل الاستكشافات وكل الاشياء التي حصلت تثبت انهما يزخران بالمواد اللازمة ويساعدان في سداد ديننا ان شاء الله».
وعما إذا كان هناك من ضغوط اسرائيلية واميركية يمكن ان تدفع لبنان للتنازل عن حقوقه، قال: «كنت دائما اقول هذا الكوب من المياه لن اعطي على قدره لاحد ولا اريد ان آخذ من احد بنفس القدر او اكثر».
أضاف: «هذا الاتفاق وقع بتاريخ 9-7-2020 لم يكن هناك عقوبات ولا اي شيء آخر، فموضوع العقوبات على الاخ علي حسن خليل وعلى غيره ليس له علاقة بهذا الاتفاق، فهذا الاتفاق كنا قد توصلنا اليه وانتهينا منه، وللمصادفة انني بري ما بحلى عالرص».
وردا على سؤال اذا ما كان للتطورات الاقليمية تداعيات على هذا الاطار لاسيما موضوع التطبيع، أجاب: «قلت لقد بدأنا منذ عقد من الزمن أعمل على هذا الموضوع، فالعرب لم يكونوا في هذا التوجه الذي هم فيه الآن، انا اتكلم عن لبنان لا اريد ان اتكلم عن اي شيء آخر غير هذا الموضوع كي لا نضيعه، نحن في لبنان موقفنا هو الذي ذكرته التمسك بهذه المبادىء التي نتفق عليها جميعا بدءا من فخامة الرئيس الى آخر لبناني».
وإذا كان لبنان قد تأخر في اعمال التلزيم والتنقيب في بلوك رقم 9 وسيطالب بوقف اعمال التنقيب على الجانب الاسرائيلي واهمية انجاز الترسيم البري للحدود الشرقية مع سوريا،: «نعم صحيح لقد تأخرنا حتى بعد التلزيم لانه قد حصل وكان من المفروض ان نبدأ العام الماضي، واعتقد أن عدم الوصول الى اطار تفاوض قبل الآن كان سببا للتأخير، والآن هناك وعد بأن تبدأ توتال وهي شركة رئيسية في الكونسورتيوم، قبل نهاية العام. وعندما كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في بيروت طلبت منه التكلم مع شركة توتال وان لا تتأخر دقيقة على الاطلاق، ونأمل ألا يحصل أي تأخير، هذا التفاهم سيساعد على البدء بالتنقيب لانها تبعد الآن 25 كيلومترا عن الخط المتنازع عليه مع الكيان الاسرائيلي».
وردا على سؤال عما إذا كان دوره انتهى بعد الاعلان عن اتفاق الاطار وأخلت اسرائيل بهذا الاتفاق واستقوت بما يحصل في المنطقة، من سيدير هذا التفاوض غير المباشر مجددا، قال الرئيس بري: «قديما استضعفوا لبنان كثيرا، وعام 1967 قال موشي ديان ان لبنان هو على «عيني السوداء». اما اليوم فلبنان بجيشه وشعبه ومقاومته لا أحد يستطيع تهديده على الاطلاق، حقنا نريد ان نأخذه واكثر من هذا الحق لا نريد. نريد حقوقنا وليس اكثر، وانا لست أكثر حرصا من غيري على ذلك. لذلك الامر يتطلب خبرة ومراسا وما زلت، وأعطي مثلا صفحة ونصف استمر التفاوض للوصول اليها عشر سنوات صبرنا بقدر ما نستطيع ومرات عدة صار هناك «نكول» وتهجمات علي من الداخل اللبناني وقالوا ان نبيه بري يأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية، قلنا لهم لا، وآخر من يخالف الدستور هو انا. المادة 52 من الدستور هي التي تعطي الصلاحية لرئيس الجمهورية في موضوع المفاوضات والاتفاقيات الدولية، لكن هذا اتفاق اطار وهو كالذي يدلك على الدرب التي يجب ان تسلكها فقط».
وعن التهديدات الاسرائيلية الاخيرة للبنان وموقف المجتمع الدولي منها، قال: «نتكلم اليوم فقط بما يتعلق بحقوق لبنان النفطية».
أما عن الانقسام الداخلي وغياب حكومة ما يجعل لبنان بموقع الضعيف في هذا الملف، فقال: «لبنان عمره 6000 سنة ولا يزال في مرحلة التأسيس».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :