افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الاثنين 4 تشرين الاول 2021

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الاثنين 4 تشرين الاول 2021

 

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء :

اتصال الأسد وعبدالله ينهي سنوات الحرب ‏والحصار ويسبق دعوة سورية لاجتماع ‏عمّان الإقليمي إيران تحذر أذربيجان من ‏العبث الأمني "الإسرائيلي"… وواشنطن ‏تشيد بالقاضي بيطار / "القومي" يعقد ‏مؤتمره: *لوحدة الحزب *المقاومة هويتنا ‏ومهمتنا *الشام خيارنا *لمجلس تعاون ‏مشرقي‎ /‎

 

طوت سورية والأردن سنوات الحرب العجاف، عبر اتصال جمع الرئيس السوري الدكتور بشار ‏الأسد بالملك الأردني عبدالله الثاني، في تتويج لمسار بدأ باستضافة عمان للقاء وزاري رباعي ‏ضم الأردن ومصر وسورية ولبنان لتأمين استجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري عبر سورية ‏إلى لبنان انطلاقاً من كلام أميركي صريح بتعليق بعض عقوبات قانون قيصر على سورية، ‏في محاولة لتطويق نتائج سفن كسر الحصار التي استجلبها حزب الله بالتنسيق مع سورية ‏وإيران، لتتدحرج بعد ذلك الخطوات التي جمعت سورية والأردن، وفيما كان الجيش السوري ‏ينهي بؤر الجماعات المسلحة في الجنوب انطلاقاً من تحرير درعا، جاءت دعوة عمان لوزير ‏الدفاع السوري بصورة رسمية وعلنية أول خطوة سياسية واضحة نحو تموضع أردني جديد، ‏يعكس إرادة دولية وإقليمية بالتراجع عن خيار الحرب والتسليم بحقائق الانتصار السوري، ‏ولحقت بذلك لقاءات ومواقف فالتقى وزيرا خارجية البلدين الدكتور فيصل المقداد وأيمن ‏الصفدي في نيويورك، وتفتح الحدود البرية بين البلدين ويعود تشغيل خطوط الطيران بين ‏دمشق وعمان، ويكون التتويج بالاتصال الذي جمع الرئيس السوري والملك الأردني، تمهيداً ‏لدعوة أردنية تقول مصادر متابعة للملف إنّ عمّان ستوجهها لدمشق للمشاركة في الاجتماع ‏الدولي الإقليمي الذي ستستضيفه هذا الشهر كاستمرار للقمة التي عقدت في بغداد تحت ‏عنوان قمة دول جوار العراق وغابت عنها سورية‎.‎
في المشهد الإقليمي خطت إيران خطوة هجومية رادعة نحو أذربيجان تحذيراً من العبث ‏الأمني "الإسرائيلي"، موجهة رسالة واضحة للأميركيين، مضمونها ما ورد في كلام وزير ‏الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، بأنّ إيران لن تسمح بتحويل مناخ التفاوض حول ‏ملفها النووي إلى فرصة لتمرير خطوات تمس بأمنها الاستراتيجي، فأولويات إيران تبدأ بأمنها ‏القومي، وقرار التفاوض في فيينا سيتم تحت سقف مفهوم الأمن القومي الإيراني، والغرب ‏المستعجل على عودة المفاوضات بعلم أن إيران غير مستعجلة، وأن عليه وقف ألاعيب ‏التذاكي ولغة التحدي، لأن هذا ما يؤذي المسار التفاوضي وقد يعرضه للخطر‎.‎


لبنانياً يبقى الترقب لما ستفعله الحكومة في الملفات الساخنة وفي مقدمتها ملف الكهرباء ‏والبطاقة التمويلية، بينما ينتظر اللبنانيون ما سيلحق بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت، بعد ‏الجمود الذي أصاب التحقيق جراء المطالبات القانونية بوقف التسييس الذي وجهت أصابع ‏الاتهام للمحقق العدلي القاضي طارق بيطار بتقديمه على المسار القضائي الصرف، وجاء ‏البيان الصادر عن نواب في الكونغرس الأميركي للإشادة بالقاضي بيطار ونزاهته، وإعلان ‏دعمه ليرسم علامات إضافية حول مخاطر التسييس الذي يتهم بيطار باعتماده بدلاً من ‏المعايير القانونية، وسط تساؤلات عن كيفية تعامل الجسم القضائي الذي سينظر بالدعاوى ‏المرفوعة بوجه القاضي بيطار لهذا البيان الأميركي كإشارة على مخاطر وقوع التحقيق في ‏فخ اللعبة السياسية‎.‎


على خلفية المشهد الإقليمي والمحلي، حيث المواجهة مع مشروع الهيمنة الأميركية ‏والعدوانية الصهيونية عنوان المهام التي ترسم وجهة المرحلة المقبلة، عقد الحزب السوري ‏القومي الاجتماعي مؤتمره، متمسكاً بالوحدة هدفاً مستمراً، وبالمقاومة نهجاً وهوية ومهمة ‏راهنة، والعلاقة بالشام كخيار يتجدّد ويتأكد كلّ يوم، وبتجديد الدعوة لقيام مجلس للتعاون ‏المشرقي كردّ على الحصار والتهديدات التي يمثلها الاحتلال والعدوان والإرهاب‎.‎
وعقد الحزب السوري القومي الاجتماعي مؤتمره العام يومي الجمعة والسبت الماضيين في ‏دار سعاده الثقافية والاجتماعية في ضهور الشوير تحت شعار "بناء وارتقاء… إرادة لا ترد" ‏بمشاركة أعضاء عبر‎ Google Meet ‎من الأردن والكويت ومناطق عبر الحدود… الخليج ‏وأفريقيا وأستراليا وفرنسا وألمانيا والنمسا والبرازيل وكندا والولايات المتحدة ‏الأميركية والمملكة المتحدة والصين‎.‎
وبالتزامن عقد اجتماع في مجمع صحارى في دمشق ناقش ورقة العمل ورفع مجموعة من ‏المقترحات والتوصيات إلى هيئة مكتب المؤتمر العام‎.‎
وافتتح رئيس هيئة مكتب المؤتمر الأمين حنا الناشف، المؤتمر باسم سورية وسعاده وألقى ‏كلمة أكد فيها "أن قدرنا هو الوحدة، ليكون لنا حزب قوي وقادر وفاعل، أما شقّ الحزب فهو ‏غاية كلّ أعدائه بهدف تحقيق ضعفنا وعجزنا كي يؤخذ على حزب وحدة الأمة أنه حزب لا ‏يستطيع توحيد نفسه". وأضاف: "سيبقى هدفنا وحدة الحزب وشعارنا وحدة الحزب، وسيكون ‏هناك بند مدرج على جدول الأعمال لنبحث فيه الوسائل لإعادة اللحمة إلى الحزب ولإصدار ‏توصية ملزمة بهذا الصدد‎".‎
كما شهد المؤتمر عشرات المداخلات استهلها رئيس الحزب الأمين وائل الحسنية بعرض موجز ‏للجهود التي بذلتها القيادة الحزبية في سبيل الوصول إلى مؤتمر جامع، لافتاً إلى أنه جرى ‏تأجيل موعد انعقاد المؤتمر 6 مرات، تجاوباً مع مساعي الحليف القومي الذي أبدى حرصاً ‏وبذل جهداً من أجل وحدة الحزب، ووجب علينا في هذا المؤتمر أن نشكر سورية رئيساً وقيادة ‏ومسؤولين على إيلائهم كلّ اهتمام ورعاية لحزبنا. وأكد رئيس الحزب أن هذا المؤتمر سيكرّس ‏ثابت السعي إلى وحدة الحزب، وهذا الثابت سيكون الشغل الشاغل للقيادة الجديدة‎.‎
كما كانت مداخلة لرئيس المجلس الأعلى الأمين أسعد حردان، الذي قدّم إحاطة سياسية ‏للوضع العام في أمتنا مبيّناً حجم التحديات الكبيرة، معتبراً أن للحزب السوري القومي ‏الاجتماعي دوراً رئيساً في مواجهة هذه التحديات، وأنّ تفعيل هذا الدور واجب الوجوب، ومن ‏هنا حرصنا الشديد على أن يكون حزبنا قوياً بوحدته وفاعلاً بجهود كلّ القوميين الاجتماعيين ‏الذين آمنوا بحزبهم طريق خلاص للأمة. وقال: نحن معنيون بتحمّل مسؤولياتنا تجاه شعبنا، ‏وصوناً لقضيتنا، وهذا يملي علينا تأكيد المؤكد تمسكاً بثوابتنا وخياراتنا، وثباتاً على نهج ‏الصراع والمقاومة لدحر الاحتلال والإرهاب. وختم: أن ما تضمّنته أوراق عمل المؤتمر من ‏مقترحات وأفكار، كلها جديرة بالبحث والمناقشة والإقرار، وميزة حزبنا أن العقل مشدود دائماً ‏إلى فكرة التحديث والتطوير والبناء والارتقاء‎.‎
ومن التوصيات التي تبناها المؤتمرون‎:‎
تأكيد ثبات الحزب السوري القومي الاجتماعي على نهج الصراع وخيار المقاومة والاستمرار ‏في خوض معركة المصير والوجود لتحرير كل أرضنا وصون حقنا القومي، ورفض ومواجهة ‏كل أشكال ما يسمى التطبيع مع العدو الصهيوني، وتعميم ثقافة المقاومة ودعوة كل ‏شعبنا وكل الشعوب العربية إلى الوقوف بوجه سياسات التطبيع والهرولة التي ترمي إلى ‏تصفية المسألة الفلسطينية وإضعاف أمتنا عبر تقسيم المقسم، لمصلحة العدو الصهيوني ‏والاستعمار العالمي‎.‎
التأكيد على التحالف الوثيق مع كل قوى ودول المقاومة وتزخيم المبادرة التي أطلقها الحزب ‏السوري القومي الاجتماعي لقيام مجلس تعاون مشرقي لتحقيق التساند القومي على ‏المستويات كافة، بما يحقق مصلحة أمتنا، ويُسقط مفاعيل الحصار الذي تتعرض له‎.‎
وسجّل المؤتمرون توصية باستمرار الوقوف إلى جانب الجمهورية العربية السورية التي ‏شكلّت على الدوام حاضنة المقاومة في أمتنا، ولم تتخلّ يوماً عن فلسطين، لا بل دفعت ‏أثماناً باهظة لأنها وقفت بحزم ضد مخطط تصفية المسألة الفلسطينية، ووقفت إلى جانب ‏وحدة لبنان والعراق. وأكدت التوصية ثبات الحزب السوري القومي الاجتماعي على تحالفه ‏مع الشام، وهو تحالف تعمّد بالدم في مواجهة الاحتلال الصهيوني على أرض لبنان، وفي ‏مواجهة الإرهاب والتطرف على أرض الشام‎.‎
في غضون ذلك، لم يُسجل المشهد الداخلي أي تطور بارز وسط ترقب للخطوات التي ‏ستقوم بها الحكومة على صعيد الملفات الملحة في ضوء الإنتاجية المحدودة التي خرجت ‏بها الجلسة الأولى لمجلس الوزراء. وبحسب معلومات "البناء" فإن الملفات الحياتية لا سيما ‏الكهرباء وارتفاع سعر صرف الدولار والمحروقات والمواد الغذائية ستكون محور اهتمام ‏الحكومة في الجلسات المقبلة واللجان الوزارية التي شكلت في الجلسة الأولى إضافة إلى ‏استكمال الإجراءات التي أعلن عنها وزير التربية لتسهيل بدء العام الدراسي، فضلاً عن ‏استكمال الخطوات المطلوبة لاستئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي‎".‎
ويشكل ملف الكهرباء أحد أهم الاختبارات أمام الحكومة، لا سيما مع إعلان مؤسسة كهرباء ‏لبنان أمس عن انهيار الشبكة مجدداً نتيجة تدني القدرات الإنتاجية إلى حدودها الدنيا ما ‏سيؤدي إلى توقف بعض المعامل عن العمل، بالتالي المزيد من التقنين بساعات التغذية ‏التي وصلت في بعض المناطق إلى الصفر. فيما تساءلت مصادر نفطية عن مصير بواخر ‏الفيول العراقي التي تصل تباعاً إلى لبنان وكيف يتم استخدامها والاستفادة منها في رفع ‏ساعات التغذية؟ كما عن مصير سلفة الكهرباء التي أقرها مجلس الوزراء في جلسته الأربعاء ‏الماضي؟
وأثار ملف الكهرباء سجالاً حاداً واتهامات متبادلة بين نواب كتلتي التنمية والتحرير ولبنان ‏القوي، إذ رد النائب سيزار أبي خليل، في تصريح على النائب ياسين جابر، الّذي أشار إلى أن ‏الوزراء المتعاقبين على وزارة الطاقة نهبوا أموال الوزارة، قائلًا: "مش كلّ الوزراء متل ‏وزرائكم‎".‎
وأشار عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم، في تصريح إلى أنّه "أن تصل ‏الكهرباء إلى صفر تغذية، فالأمر يحتاج إلى معالجة سريعة"، مشدّداً على أن "كفى ذلاً ‏وإهانةً، وإلّا فلتعلن الوزارة استسلامها ليتدبّر الناس أمورهم، ولا تسألوا كيف سيحصل ‏المواطن على حقّه، في ظلّ هذا الاستهتار والاستخفاف بحقّ العيش الكريم للبنانيّين‎".‎
وعلى صعيد الاستعدادات التي تجريها اللجنة الوزارية المولجة استئناف التفاوض مع ‏صندوق النقد أشارت المعلومات إلى أن "الوفد الذي سيفاوض صندوق النقد الدولي، ‏سيعقد اجتماعاً خلال أيام"، وأكدت أن "الوفد سينطلق من الخطة التي وضعتها الحكومة ‏السابقة برئاسة حسان دياب، مع تحديثها وإدخال التعديلات عليها، لذلك سيجتمع مع خبراء ‏لازار لإعادة صياغتها. كما سيجتمع خبراء لازار مع جميع الأفرقاء المعنيين منهم المصارف، ‏لتحديد أرقام الخسائر وأسبابها ولكنها لن توزع الخسائر". وشددت على أن "مسار التفاوض ‏مع صندوق النقد سيكون إيجابياً، ويُتوقع أن يصل لبنان لصورة واضحة بنهاية العام الحالي‎".‎
ولا تزال عيون رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تتبع وتترصد الجهود الفرنسية مع السعودية ‏لاقناعها بدعم لبنان، إذ وصل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أمس إلى السعودية ‏حيث سيجري محادثات مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان في الرياض. ولفتت مصادر ‏فرنسيّة إلى أن "الملف اللبناني سيكون مدرجاً على طاولة المباحثات الفرنسية- السعودية ‏وأنّ باريس مستمرّة بمساعيها بدعم حكومة لبنان‎".‎
وفيما أشارت معلومات "البناء" إلى أن المال الخليجي هو أساس في عملية النهوض ‏بالاقتصاد اللبناني وفي تأمين المال اللازم من صندوق النقد والدول المانحة، استبعدت ‏مصادر سياسية لـ"البناء" أن يشهد الموقف السعودي أي تغير نوعي باتجاه دعم لبنان بعد ‏سنوات على مقاطعة لبنان، لافتة إلى أن "الموقف السعودي مرتبط بالموقف الأميركي ‏الذي لم يفك الحصار بشكل كامل عن لبنان، بل مستمر في الحصار باستثناء إعادة تفعيل خط ‏الغاز والفيول العربي إلى لبنان"، مضيفة أن واشنطن لا تريد فك الحصار عن لبنان قبل ‏اختبار رهانها على تغيير موازين القوى في المجلس النيابي في الانتخابات النيابية المقبلة، ‏وحتى ذلك الحين ستستمر في سياسة العقوبات والحصار للضغط على بيئة حزب الله ‏وحلفائه في التيار الوطني الحر وقوى أخرى، وذلك لإضعافها في الانتخابات المقبلة‎".‎
وبقيت تداعيات زيارة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة إلى بيروت حاضرة في المشهد ‏السياسي، لا سيما وأنها التجلي الأكثر وضوحاً للمتغيرات في المنطقة والتحول في الموقف ‏الأميركي انطلاقاً من موازين القوى الجديدة التي فرضها محور المقاومة في الإقليم، نظراً ‏للطابع السياسي للزيارة الأردنية والرسائل التي حملتها بحسب ما تقول مصادر مطلعة على ‏الزيارة لـ"البناء"، والتي كشفت بأن الخصاونة نصح المسؤولين اللبنانيين وميقاتي الإسراع ‏بالتواصل مع سورية كنافذة أساسية لإنعاش الاقتصاد اللبناني‎.‎
ورأى وزير الخارجية الأسبق الدكتور عدنان منصور تعليقاً على الزيارة لـ"البناء" أن زيارة ‏الحصاونة أتت بضوء أخضر أميركي، كما زيارة الوفد الوزاري اللبناني إلى دمشق واللقاء ‏الرباعي في الأردن لإعادة تفعيل الخط العربي إلى لبنان وفق التوجيهات الأميركية، بعد زيارة ‏السفيرة الأميركية دروثي شيا إلى بعبدا بعد كلام السيد نصرالله حول النفط الإيراني الذي غير ‏المعادلة وكسر "قانون قيصر"، وأجبر الأميركيين على تزويد لبنان بالكهرباء والغاز عبر سورية ‏للقوطبة على توسع النفوذ الإيراني في لبنان‎.‎
ويشير منصور إلى أن "سورية هي المتنفس البري الوحيد للبنان وبالتالي الخيار الوحيد ‏للانفراج الاقتصادي، لا سيما بعد عودة العلاقات التجارية بين الأردن وسورية، ما يفتح طريق ‏تصدير المنتجات اللبنانية عبر سورية سواء إلى العراق أم إلى الخليج عبر الأردن، وهنا جاء ‏قانون قيصر ليضرب شبكة التواصل التجارية والاستراتيجية بين هذه الدول ويعاقب كل دولة ‏تتعامل مع سورية ومنها لبنان". ويذكّر منصور بالاتفاقيات الموقعة بين سورية ولبنان والتي ‏تعطلها حكومات لبنان المتعاقبة والتي تحتم اجتماع الدولتين لمتابعة تنفيذها‎".‎
ولفتت أوساط مطلعة لـ"البناء" إلى أن "الوقت الراهن هو التوقيت المثالي لزيارة ميقاتي ‏إلى سورية، وأي تأجيل سيُرى بالمنظار السوري أنه ينطلق من حسابات خارجية وليس من ‏حسابات القناعة وحسن النية والجوار النابعة من تاريخ وعمق العلاقات الأخوية بين البلدين"، ‏داعية الحكومة إلى حذو حذو الاردن وطرق أبواب دمشق عاجلاً قبل أن تفعل ذلك ‏آجلاً. وعلمت "البناء" في هذا السياق أن رئيس الحكومة الأردنية نصح ميقاتي بالتواصل ‏الرسمي والمباشر مع سورية كما تفعل الأردن، إلا أنه بحسب أوساط رسمية فإن التوجه ‏الحكومي ولا سيما رئيس الحكومة هو التريث بانتظار الموقف الخليجي والأميركي والاكتفاء ‏بإرسال وفود تقنية أو الوزير المختص إلى دمشق وعمان لمتابعة الإجراءات الجارية لإعادة ‏تفعيل الخط العربي‎.‎
وقال رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان عبر "تويتر": "الاتصال الهاتفي بين ‏الرئيس السّوري بشّار الأسد والملك الأردني عبدالله الثاني يؤكّد المؤكد، ويعكس ما ‏ستشهده الفترة المقبلة من انفتاح عربي ودولي على سورية"، وأضاف: "هذا أضعف الإيمان ‏إذ لا استقرار في المنطقة من دون عودة العلاقات الطبيعية بين الدول العربية وسورية". ‏وختم ارسلان: "يبقى الأمل أن نتعظ في لبنان‎".‎
في سياق ذلك يتكشف كل يوم حجم الاستثمار الخارجي لقضية تحقيقات تفجير مرفأ بيروت ‏من خلال التدخل في عمل القضاء اللبناني، وفي سياق ذلك، دان النائب حسن فضل الله في ‏تصريح، موقف نواب في الكونغرس الأميركي من القضية، "لما يشكله من اعتداء سافر على ‏سيادة لبنان، وتدخل مكشوف في هذه التحقيقات، لفرض إملاءات على القرارات القضائية، ‏وهو ما يتطلب موقفاً رسمياً واضحاً بالدفاع عن سيادة لبنان، ورفض هذه الإملاءات وعدم ‏السماح بأي استجابة لها". وقال: "إن الموقف الأميركي المعلن من مسار التحقيقات ودور ‏المحقق العدلي وموقعيته، يؤكد وجود تدخل أميركي مباشر في هذا الملف لتوظيفه في ‏إطار تصفية حسابات أميركية في الداخل اللبناني بعد فشل الحروب والحصار لإخضاع لبنان‎".‎
وأضاف: "بينما يلوذ وعاظ السيادة بالصمت عند كل اعتداء أميركي عليها، بل ويتناغمون ‏معه، فإن هذا التوظيف الأميركي يتلاقى مع محاولات قوى محلية استغلال حالة الاستسابية ‏وازدواحية المعايير التي تعتري التحقيقات، واستثمار دماء الشهداء وآلام المتضررين، لتحقيق ‏مكاسب سياسية وتقديم أوراق اعتماد لجهات خارجية‎".‎
وختم فضل الله: "كل ذلك يستدعي إعادة التحقيقات في انفجار المرفأ إلى مسارها الوطني ‏الصحيح دستورياً وقانونياً، بعيداً من أي إملاءات خارجية أو توظيف داخلي أو تسييس، وليكن ‏الهدف الوحيد كشف الحقائق وإحقاق العدالة لمحاسبة المتورطين الحقيقيين، واعتبار ذلك ‏قضية وطنية تعني جميع اللبنانيين

***************************************

افتتاحية صحيفة الأخبار :

 

اختراعات "المركزي": الخسائر تتحوّل إلى أصول‎!‎

هناك بند في موازنة مصرف لبنان اسمه بند "الأصول الأخرى"، وهو ‏يتضمّن قسماً كبيراً من خسائره، أو ما يُسمّى "الفجوة" التي بلغت قيمتها ‏‏67 مليار دولار في نهاية تموز 2021، بعدما كانت خطة التعافي المالي قد ‏حدّدتها بنحو 43.8 مليار دولار في نيسان 2020. لهذا الحساب قصّة تبدأ ‏بمطالعة صادرة في عام 2002 عن الدائرة القانونية في مصرف لبنان ‏لتُفتي بجواز اختراع هذا البند
حصلت "الأخبار" على وثيقة تؤكّد أن مصرف لبنان يعمل على إخفاء خسائره، على الأقل منذ عام 2002. فقد اخترع ‏حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومن دون رأي المجلس المركزي أو عرض الموضوع على مفوّض الحكومة، ‏حساباً في موازنته أسماه "الأصول الأخرى" وسجّل فيه غالبية ما يتكبّده من خسائر، ثم قسّمه لاحقاً ليصبح حسابين ‏‏(الأصول الأخرى والأصول الناتجة من عمليات تبادل الأدوات المالية). الوثيقة تشير إلى أن سلامة أراد ورقةً يتسلّح ‏بها لقونَنة إجراء غير شرعي خارج الأصول المحاسبية. وهكذا حصل، إذ نال من مدير الشؤون القانونية في مصرف ‏لبنان بيار كنعان، فتوى تؤكّد أنّ "الأصول الأخرى" هي خسائر أنكر تحقّقها طوال الفترات الماضية‎.‎

في 7 تموز 2003، صدر عن مديرية الشؤون القانونية كتابٌ يحمل الرقم 2524/11 مستهلٌّ بعبارة "جواباً على ‏سؤالكم (رياض سلامة) الشفهي، حول إمكانية استهلاك الخسائر التي أصابت مصرف لبنان نتيجة إصداره سندات ‏بالدولار الأميركي لاستبدال جزء من محفظته من سندات الخزينة بالليرة والعملات الأجنبية فضلاً عن إصداره ‏شهادات إيداع مصرفية لفترات واستحقاقات متتالية". ويخلص الكتاب، إلى الإجازة للحاكم بتسجيل الخسائر في حساب ‏خاص. هذه الإجازة بنى عليها سلامة، ليفتح حساباً اسمه "الأصول الأخرى". هذا التمادي في المخالفة بدأ بتوجيه ‏السؤال شفهياً وليس خطياً، فضلاً عن عدم "عرض الموضوع على المجلس المركزي لمصرف لبنان، أو إعلام ‏مفوّض الحكومة به"، يقول أحد الأعضاء السابقين في المجلس المركزي. أما في المضمون، "فلا يجوز طلب رأي ‏قانوني بما يخصّ أمر محاسبي، ولا سيما بوجود معايير عالمية للمحاسبة. إذا كان لا بُدّ من استيضاح، فالجهة الصالحة ‏هي وحدة المحاسبة وشركتا التدقيق العالميتان اللتان يتعامل معهما مصرف لبنان. مُجرّد السؤال، يعني أنّ طريقة ‏سلامة غير مألوفة حسابياً وتُثير علامات استفهام‎".
يُدير الدائرة القانونية في "المركزي"، بيار كنعان وقد أُحيل إلى التقاعد منذ سنوات، ولكنّه يستمر في رئاسة الدائرة ‏القانونية بصيغة التعاقد. كنعان مُقرّب من الحاكم ويُطلَق عليه في مصرف لبنان لقب "الفاخوري"، لامتهانه إدارة أذن ‏الجرّة كما يطلب سلامة. المطالعة حول "الأصول الأخرى" إحدى مآثره. فهو يستند في مطالعته، إلى المادة 70 من ‏قانون النقد والتسليف، وتحديداً واجب مصرف لبنان الحفاظ على سلامة النقد، شارحاً كيف لجأ هذا الأخير إلى إصدار ‏سندات بالدولار الأميركي لاستبدال جزء ممّا يحمله من سندات بالليرة والعملات الأجنبية، "إنجاحاً لمؤتمر باريس 2". ‏ويعترف كنعان بأنّ هذه العمليات ستُكبّد مصرف لبنان خسائر، عبر قوله: "ولمّا كان الإطفاء الفوري لهذه الخسائر ‏سيُعيق إنجاح هذه التدابير، وبالتالي سيؤثّر سلباً على النتائج المُبتغى التوصّل إليها خدمةً للمصلحة العامة. ولمّا كانت ‏المبادئ المحاسبية التجارية غير واجبة التطبيق قانوناً بالنسبة إلى مصرف لبنان، كونه شخصاً من أشخاص القطاع ‏العام (...) لا أرى قانوناً ما يمنع المصرف المركزي من اتّباع الأسلوب المحاسبي الذي يؤمّن هذه الغاية من دون أن ‏يمسّ ذلك بمبدأ الشفافية وصحة القيود المحاسبية. وأرى، بالتالي، بأن لا شيء يمنع من قيد الخسائر المتراكمة الممكن ‏أن تُصيب الأموال الخاصة لمصرف لبنان في حساب خاص يجري إطفاؤه من أرباحٍ مستقبلية‎".
هذه الفتوى القانونية استخدمها الحاكم لبدء إخفاء الخسائر في حساباته، ولكنّه لم يكتف بذلك، بل توسّع فيها ليحوّل ‏الخسائر إلى "أصول‎".‎

يعتبر أحد المسؤولين الماليين السابقين أنّ اجتهاد بيار كنعان "يُجيز لسلامة تحت عنوان سلامة النقد، القيام بكلّ ‏شيء. ماذا عن مهامّه الأخرى؟ وماذا عن خسائره التي نتجت عن ممارساته التدميرية للاقتصاد؟". ولكنّ ‏المطالعة في الوقت نفسه "تنسف أكاذيب سلامة عن أنّ ترحيل الخسائر هو إجراء محاسبي مُعتمد، وتُدعّم ما ورد ‏في ورقة شركة "لازار" عن أنّ الخسائر بدأت تتراكم منذ ما قبل عام 2002. أما الأهم، فإنّها تكشف بداية إخفاء ‏الفجوة في حسابات مصرف لبنان". الاعتراف بأنّ بند "الأصول الأخرى" هو خسائر مُحقّقة "يعني أنّ ‏مطلوباته أكبر من موجوداته، ويُفترض بحسب المعايير العالمية أن يُسجّل ذلك بشكل واضح في الموازنة‎".
لم يقتصر الأمر على ذلك، ففي تشرين الثاني 2015، وبالتزامن مع بدء "الهندسات المالية"، اخترع سلامة بنداً ‏جديداً سمّاه "الأصول من عمليات تبادل الأدوات المالية"، نقل إليه قرابة 12 مليار دولار من الخسائر في بند ‏‏"الأصول الأخرى". في خطة التعافي المالي لحكومة حسّان دياب وشركة "لازار" للاستشارات، ورد أنّ ‏خسائر مصرف لبنان تبلغ أكثر من 40 مليار دولار. أما بحسب آخر موازناته المنشورة لنهاية أيلول 2021، فإنّ ‏مجموع الخسائر (بندَا "الأصول الأخرى" و"الأصول من عمليات تبادل الأدوات المالية") بلغ قرابة الـ67 مليار ‏دولار، وفق سعر صرف 1507.5 ليرات لكلّ دولار‎.
خسائر مصرف لبنان تأتي نتيجة "سنواتٍ من العمليات المالية الخاسرة التي أدارها، وقد تسارع هذا التراكم في ‏إطار الهندسات المالية التي بدأت في عام 2016 (بدأت بطريقة "غير رسمية" سنة 2015 مع إجراء عمليتين ‏لمصلحة مصرفَي عوده وميد، قبل أن تشمل الهندسات 35 مصرفاً بين عامَي 2016 و2017)"، كما ورد في ‏خطة التعافي المالي. في العادة، تلجأ البنوك المركزية العالمية لتأخير احتساب الخسائر، ربطاً بأرباحٍ ستُحقّقها في ‏المستقبل، لكن في الحالة اللبنانية، تقول الخطة إنه "عَكَف على استخدام هذه الممارسة المحاسبية على مدى فترة ‏زمنية أطول بكثير، وبات إجمالي الخسائر غير المُحققة يُمثّل جزءاً لا يُستهان به من إجمالي أصول مصرف ‏لبنان المُبلّغ عنها، وهو مبلغ ضخم لا يُمكن مقارنته بأي حالة أخرى في العالم‎".
ما قام به "المركزي" هو ليس فقط حالة فريدة بين البنوك المركزية العالمية، بل حتى إنّ مصرف لبنان بإدارة ‏سلامة، لا يعترف أساساً بوجود خسائر، ولا يُدرجها في خانة الالتزامات. فهو أصدر بياناً العام الماضي ليُبرّر ‏بأنّه "لا خسائر لدى البنك المركزي"، وما يُحكى عنه هو العوائد الناتجة من الفرق بين كلفة طباعة العملة وقيمتها ‏الاسمية، أي ما يُسمّى بـ"عوائد سكّ العملة‎ - Seigniorage". ‎وحدّد في بيانٍ آخر أنّ "التكاليف المُرحّلة هي ‏بسبب تدخّل البنك المركزي لدعم مالية الحكومة تحت ضغط زيادات أجور موظفي القطاع العام والتداعيات ‏الاقتصادية لتدفّق اللاجئين السوريين منذ سنة 2011‏‎".
لا يتضمّن بند "الأصول الأخرى" سوى خسائر مصرف لبنان المُحقّقة بسبب عملياته، ولكنّ سلامة يُحاول ‏التضليل عبر إشاعة أنّه يتضمن ديوناً على الدولة، كشراء المحروقات لمصلحة كهرباء لبنان. يُخبر الوزير ‏السابق منصور بطيش أنّ "مصرف لبنان كان يُحوّل الدولارات لشراء المحروقات، وتدفع له المالية المبلغ بالليرة ‏اللبنانية. بعدها صار سلامة يُعطي الدولة الليرات مقابل استحواذه على سندات دين بالعملة الأجنبية (ليس مقابلها ‏تدفّقات حقيقية)، بل عمد إلى تسييل قسم منها في السوق. ما يعني عملياً، أنّ الدولة سدّدت ديونها بالدولار". إلا أنّ ‏سلامة عمد عن قصد إلى "تسجيل نحو 18 مليار دولار ثمن شراء محروقات لمصلحة مؤسسة الكهرباء". يستند ‏بطيش إلى دراسة للاقتصادي توفيق كسبار أظهر فيها أنّ وزارة المالية زوّدت مصرف لبنان "بين عامَي 2009 ‏و2019 مبالغ تصل إلى 17.5 مليار دولار. الحكومة من خلال وزارة المالية هي التي موّلت مصرف لبنان ‏بالدولار وليس العكس". الكذبة الأولى هي إذاً أنّ خسائر مصرف لبنان ناتجة عن استدانة الدولة، ويُضيف بطيش: ‏‏"الكذبة الثانية أنّ جزءاً من الخسائر ناتج من الدفاع عن العملة الوطنية. سلامة دافع عن سياسة تحفيز الاستيراد ‏الاستهلاكي وليس المواد المفيدة للاستثمار، وزاد العجز في ميزان المدفوعات (صافي الأموال التي تخرج وتدخل ‏إلى البلد)، وليس لحماية العملة. أما تثبيت سعر الصرف فأتى لاعتبارات خاصة بالمنظومة القائمة ومصالحها‎".
إعادة تفعيل الاقتصاد وإطلاق القطاعات الإنتاجية، لا تتحقّق من دون عوامل عدّة أبرزها الاعتراف بالخسائر ‏ومعالجتها. بند "الأصول الأخرى" يُشكّل جزءاً من سياسة سلامة النقدية التدميرية للمجتمع، ومواجهة هذه ‏الممارسات الشاذّة لا تنجح من دون أن تأتي ضمن خطة إصلاح متكاملة، يكون أحد أهم بنودها إعادة هيكلة ‏مصرف لبنان والمصارف‎.‎

*************************************

 

افتتاحية صحيفة النهار  

الكهرباء تنهار… والراعي إلى التحذيرات القصوى

لم تهادن الحالة الكارثية التي تتسم بها أزمة #الكهرباء، الحكومة ولا رئيسها #نجيب ميقاتي، بعد اقل من أسبوعين من انطلاقتها العملية، مع ان الرئيس ميقاتي يقدم ملف الكهرباء إلى اول الأوليات الأكثر الحاحاً، فكان أن أطلقت أمس مؤسسة كهرباء #لبنان الإنذار الأشد خطورة حيال الانهيار الشامل للشبكة الكهربائية بما لم يسبق له مثيل حتى في حرب تموز 2006 الإسرائيلية على لبنان. وبمثل المناخ المتفاقم بخطورة عالية حيال الأزمات الحياتية والخدماتية والاجتماعية، دهمت الحكومة تداعيات مناخ التهويل والترهيب الذي انبرى مسؤولو “حزب الله ” ونوابه إلى تعميمه على نحو استعلائي واستفزازي في الآونة الأخيرة على خلفية ما اعتبروه “نصراً مبيناً” في عمليات التوظيف السياسي لاستقدام المحروقات الإيرانية إلى لبنان، بل راحوا يطلقون تلميحات بالغة الخطورة حيال استحقاق الانتخابات النيابية. ولعلّ ارتفاع منسوب خطورة هذا المناخ مع بدء الاستعدادات للانتخابات هو ما دفع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس إلى إطلاق ما يمكن اعتباره ذروة مواقفه من “إقامة جيش) في لبنان) تابع لدولة اجنبية ” وهو ما يستعيد تماماً مواقف أطلقها سلفه الراحل البطريرك مار نصرالله بطرس صفير عشية استحقاقات انتخابية مفصلية في حقبة الصراع بين معسكري 14 آذار و8 آذار.

 

هذه المناخات الملبّدة بأجواء تفاقم الازمات الداخلية من جهة، وتصاعد مؤشرات سلبية وربما خطيرة في افق الاستعدادات للانتخابات النيابية التي باتت تسابق كل الازمات بما يعكس الأهمية الساحقة التي ستكتسبها هذه المرة في رسم المصير اللبناني برمته لسنوات، ستشكل عاملاً ضاغطاً بقوة على الحكومة والقوى المنخرطة فيها، لا سيما وان ملامح الانقسامات من داخل الحكومة لم تتأخر في الظهور والانكشاف المبكر حيال ملفات الانتخابات النيابية وحتى في ملف التفاوض مع صندوق النقد الدولي.


 
 

وفي ملف صندوق النقد، اوضح ميقاتي لـ “النهار”ان اللجنة الوزارية المكلفة متابعة الاتصالات والمفاوضات مع الصندوق بدأت اجتماعاتها في الايام الاخيرة مع المؤسسة الدولية عبر تقنية “زوم” برئاسة نائب رئيس الوزراء سعادة الشامي، وعضوية وزيري المال يوسف الخليل والاقتصاد امين سلام وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. واكد رئيس الحكومة انه لا يعارض الاستعانة عندما تدعو الحاجة بأي عضو في الحكومة او اي مستشار من اجل توضيح موقف القطاع المعني. فعلى سبيل المثال سيتم التعاون بالطبع مع وزير الطاقة وليد فياض عند مناقتشة هذا الملف. ويأتي كلام ميقاتي هنا بحصره هذه المهمة بالوزراء اولاً بعد الضجة التي أثيرت حيال ادخال مستشارين للرئيس ميشال عون إلى عضوية اللجنة وتبقى رسالة ميقاتي هنا وفق شعار “أهلا وسهلاً بالجميع” شرط ان تكون هناك حاجة الي اي شخص في هذه المفاوضات. وفهم ان ثماني ملفات أساسية ستكون مطروحة للنقاش التفصيلي اليوم بين ميقاتي والمنسق الفرنسي للمساعدات الفرنسية للبنان بيار دوكان الذي يبدأ زيارة لبيروت موفداً من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون استكمالا للمحادثات التي اجراها ميقاتي في الاليزيه الأسبوع الماضي.


 
 

ومعلوم ان بيروت تشهد هذا الأسبوع حركة ديبلوماسية كثيفة تبدأ اليوم مع زيارة الموفد الفرنسي دوكان الذي سيعقد اجتماعات مع الوزراء المعنيين بالملفات التي تشرف عليها باريس مباشرة، ومع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والاطلاع على العناوين العريضة للخطة قيد الاعداد للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. ثم يزور بيروت غداً وزير الخارجية القبرصي، ومن بعده وزير الشؤون الخارجية الالماني، على ان يقوم وزير خارجية إيران حسين امير عبداللهيان بزيارته لبيروت في 6 و7 الجاري.

 

 

مواقف البطريرك

 

في غضون ذلك، أحدث موقف البطريرك الراعي أمس دوياً واسعاً اذ حضّ الحكومة الجديدة على اتباع “الصراحة والإقدام في المواقف حيال جميع القضايا التي يشكو منها الشعب، وأن توفر الأسباب الوجيهة لكي تحوز على تأييد الناس لها”. وقال إنه “ينبغي عليها أن تتخطى انتماءات أعضائها وتعلو فوق الأحزاب والطوائف، وتصد القوى التي تسعى إلى الهيمنة على مسارها وقراراتها. فتتمكن من إثارة القضية اللبنانية في اتصالاتها العربية والدولية، ومن طرح موضوع حياد لبنان الذي يبقى الضامن لنجاح جميع الحلول”. كما اعتبر ان “الشعب لم يعد يتحمل تدوير الزوايا بين الحق والباطل، وبين السيادة والإذعان، وبين القاتل والضحية. أصدقاء لبنان العرب والدوليون ينتظرون التزام سياسة واضحة، وأداء مستقيما لكي يشاركوا في نهضته الاقتصادية والمالية، بعيداً من الإزدواجية الممقوتة. فلا نستطيع أن ندعي الحفاظ على السيادة وندع المعابر الحدودية مشرّعة، والمواقف الغريبة المسيئة إلى السيادة من دون رد. لا نستطيع تأييد الشرعية والقبول بتعددية السلاح وازدراء المؤسسات، وبإنشاء جيش تابع لدولة أجنبية على حد اعتراف أحد كبار المسؤولين في تلك الدولة. لا نستطيع رفع شعار النأي بالنفس ونبقى منحازين إلى محاور إقليمية تتنافى مع مصلحة لبنان”.

 

 

بين باريس وواشنطن

 

ولم تكن مواقف الراعي بعيدة عن موجة مواقف فرنسية وأميركية نددت بالوقائع التي أدت إلى عرقلة مهمة المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.

 

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان، الذي أجري أمس محادثات في الرياض مع نظيره السعودي يعتقد انها تناولت الملف اللبناني، قد أعلن عشية الزيارة أن “تشكيل الحكومة في لبنان خطوة مهمة للنهوض بالبلد”، وأكد أن على الحكومة اللبنانية تنظيم انتخابات مستقلة وشفافة.


 
 

وفي التفاعلات السلبية الناشئة عن تعليق التحقيق القضائي في انفجار مرفأ بيروت دعا عدد من النواب في مجلس الشيوخ الأميركي الحكومة اللبنانية إلى الحفاظ على سلامة القضاة، الذين يتولون التحقيق في الانفجار المروع الذي هز مرفأ بيروت في الرابع من آب العام الماضي مخلفا أكثر من 210 قتلى.

 

وأبدى بيان صادر عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، قلقه من “دور حزب الله في الدفع بقرار تعليق هذا التحقيق الحساس”.


 
 

كما شدد على نزاهة المحقق العدلي الناظر في ملف التفجير، القاضي طارق بيطار، معتبرا أنه قاضٍ محترم، خدم بلاده لأكثر من عقد.

 

إلى ذلك، اعتبر الموقعون على البيان أن على الحكومة اللبنانية الحرص على سلامة القضاة والمحققين، كي يكملوا واجباتهم وينهوا التحقيق.


 
 

وأعرب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي غريغوري ميكس عن قلقه الكبير إزاء رضوخ الحكومة اللبنانية للضغوط السياسية وتعليق وتعطيل تحقيق المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في انفجار مرفأ بيروت عام 2020.

 

ورأى أن أقل ما تستحقه عائلات الـ 219 شهيدا وضحية الذين قُتلوا جراء هذه المأساة والفشل الحكومي الفاضح هو تحقيق شامل ونزيه، فضلاً عن المساءلة الكاملة للمسؤولين بغض النظر عن منصبهم. وقال ميكس:” بسبب التسييس الدائم، لقد قدت في أيار الماضي 24 عضوًا في الكونغرس للدعوة إلى تحقيق دولي مستقل في الإنفجار والمسؤولين عنه”.


 
 

أما اغرب المفارقات فبرزت في ادانة النائب حسن فضل الله موقف نواب في الكونغرس الأميركي من التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، رغم ان حزبه هدد المحقق العدلي وساهم في تعطيل التحقيق. واعتبر فضل الله “إن الموقف الأميركي المعلن من مسار التحقيقات ودور المحقق العدلي وموقعيته، يؤكد وجود تدخل أميركي مباشر في هذا الملف لتوظيفه في إطار تصفية حسابات أميركية في الداخل اللبناني بعد فشل الحروب والحصار لإخضاع لبنان”.

 

ورد النائب السابق فارس سعيد على فضل الله فوصف موقفه بالوقح وقال “وقاحة النائب حسن فضل الله لا حدود لها، انتقد بيان صادر عن اعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي الذي دان تهديد حزب الله للقضاء، واعتبره تدخلا اميركيا في تحقيق المرفأ”. أضاف:”احترم عقولنا”.


 
*******************************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

“حزب الله” يتوعّد “الأميركيين” في الدولة… والراعي يعتبره “جيشاً أجنبياً”

باريس تستعجل الحكومة: الإصلاح يبدأ بالكهرباء!

 

في الجوهر تركزت المباحثات الفرنسية – السعودية في الرياض على الملفات “ذات الاهتمام المشترك”، ولأنّ الملف اللبناني لم يعد على سلّم اهتمامات المملكة وأولوياتها، بقي الاهتمام بلبنان فرنسياً “أحادياً” كما كان قبل اجتماع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، وبالتالي لن يكون أمام باريس سوى “المحاولة مرة أخرى” عساها تتمكن من إحداث كوة في جدار الموقف السعودي المتصلب إزاء الأكثرية الحاكمة في لبنان، وهو موقف ما زال ينسحب على النظرة إلى حكومة نجيب ميقاتي باعتبارها ليست سوى “توليفة منقّحة” لإفرازات هذه الأكثرية.

 

وفي الوقت الضائع، لم يجد لودريان سوى استعجال حكومة ميقاتي لإثبات جديتها “من دون تأخير” في الميدان العملي و”المباشرة فوراً بإجراء الإصلاحات” المرتقبة، كما شدد في مقابلة مع قناة “الحدث” أمس، مؤكداً على الحاجة الملحّة لتفعيل هذه “الإجراءات المعروفة والتي ينتظرها الجميع، وفي مقدمها الخدمات العامة الأساسية بدءاً بالكهرباء”. وللمفارقة أتى الموقف الفرنسي بالتزامن مع إعلان مؤسسة كهرباء لبنان بلوغ قدراتها الانتاجية أدنى مستوياتها، رافعةً المسؤولية عن كاهلها على قاعدة “أللهم إني بلغت” ببيان نبهت فيه إلى أنه “بات من شبه المستحيل المحافظة على ثبات واستقرار الشبكة الكهربائية، ما ينذر بانهيارها الشامل في أي لحظة وعدم امكان بنائها مجدداً”.

 

ومن العتمة الشاملة إلى تضاؤل بصيص الأمل بانتشال البلد من أزمته تحت وطأة استمرار “حزب الله” في استخدام لبنان مطيّة لتصفية حسابات إقليمية مع المجتمعين الدولي والعربي، ومنصة لإطلاق التهديد والوعيد شرقاً وغرباً بشكل لم يترك للبنانيين “صديقاً وقت الضيق”. وجديد تهديداته تجسد أمس بتوعّد رئيس مجلسه التنفيذي السيّد هاشم صفي الدين باجتثاث “الأميركيين” من الدولة اللبنانية، مشيراً إلى أنّ “الحزب” لا يزال متريثاً في الإقدام على “معركة إخراج الولايات المتحدة من أجهزة الدولة (….) لكن إذا جاء اليوم المناسب وخضنا هذه المعركة سيشاهد اللبنانيون شيئاً آخر”.

 

وإذ تباهى صفي الدين بأنّ “حزب الله” أصبح “جزءاً أساسياً من المعادلة الإقليمية”، وجاهر بأنّ “موضوع دخول صهاريج المازوت إلى لبنان ليس فقط من أجل المازوت، وإنما هو أمر يتعلق بـ(حرب) البحار والمحيطات (بين إيران وإسرائيل)”، مشدداً على أنّ “الحزب” سيعمد “عاجلاً أم آجلاً إلى استثمار الإنجازات (الإقليمية) لأنّ لبنان ليس لديه حل وعليه أن يتموضع عندما يتغيّر وجه المنطقة”… برز على الضفة السيادية المقابلة كلام عالي السقف في مواجهة مسلسل استباحة الشرعية والحدود والقضاء في البلد، فقال البطريرك بشارة الراعي في عظة الأحد: “لا نستطيع أن ندعي الحفاظ على السيادة وندع المعابر الحدودية مشرّعة، والمواقف الغريبة المسيئة إلى السيادة من دون رد، كما لا نستطيع تأييد الشرعية والقبول بتعددية السلاح وازدراء المؤسسات وبإنشاء جيش تابع لدولة أجنبية على حد اعتراف أحد كبار المسؤولين في تلك الدولة”، في إشارة واضحة إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذي فاخروا في أكثر من مناسبة بكون “حزب الله” هو ذراع عسكري لطهران في لبنان.

 

أما الحكومة الجديدة، فدعاها الراعي إلى أن “تصد القوى التي تسعى إلى الهيمنة على مسارها وقراراتها”، مديناً في الوقت عينه صمت هذه الحكومة إزاء ما تعرض له المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار من تهديدات علنية، على اعتبار أن عدم جواز تدخل الحكومة في شؤون القضاء لا يتعارض مع “واجبها في التدخل لوقف كل تدخل في شؤون القضاء”.

 

وحذر البطريرك الماروني في هذا المجال من أنّ “التدخلات التي يتعرض لها المحقق العدلي من شأنها أن تؤثر على مواقف الدول الصديقة تجاه لبنان بالإضافة إلى أنها تضعف هيبة القضاء عندنا”، مناشداً في المقابل “المرجعيات القضائية” بأن تبادر إلى “التحرك بجرأة، وتدافع عن ذاتها والقضاة وتحصّن الجسم القضائي ضد أي تدخل”.

*******************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

لبنان: قانون الانتخاب الحالي يبقى نافذاً والاغتراب سيقترع «حتماً»

اللجان النيابية تتفرغ للنظر في التعديلات المقترحة

  محمد شقير

استغرب مصدر نيابي لبناني بارز ما أخذ يشيعه فريق سياسي معين، في إشارة مباشرة إلى «التيار الوطني الحر»، من أن الهيئة العامة في البرلمان ستدخل تعديلات على قانون الانتخاب الحالي لمنع اللبنانيين المقيمين في بلاد الاغتراب من المشاركة في العملية الانتخابية التي ستجرى في 27 مارس (آذار) المقبل لانتخاب مجلس نيابي جديد، داعياً إلى الكف عن المزايدات الشعبوية التي لا جدوى منها والتي يراد منها تحريض فريق على آخر في محاولة مكشوفة لكسب ود الناخبين لعله يتمكن من إعادة تعويم نفسه سياسياً بعد تراجع شعبيته في الشارع المسيحي.

وكشف المصدر النيابي أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان اتفق مع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي على أن تجرى الانتخابات في 27 مارس المقبل، وقال لـ«الشرق الأوسط» بأن الرئيس بري سيدعو اليوم (الاثنين) اللجان النيابية المشتركة للاجتماع الخميس المقبل على الأرجح للبحث في التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب الحالي الذي لا يزال نافذاً ما لم تقرر الهيئة العامة في البرلمان استبدال قانون آخر به.

ولفت إلى أن الرئيس بري يصر على إجراء الانتخابات في موعدها المتفق عليه وأنه لا مفر من إنجاز هذا الاستحقاق لتأمين الانتظام في المؤسسات الدستورية لأن المجلس النيابي المنتخب هو من ينتخب رئيس جمهورية جديد خلفاً للحالي الرئيس ميشال عون فور انتهاء ولايته الرئاسية في 31 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022، وقال بأن اللجان النيابية ستعيد النظر في تحديد المهل بعد أن تقرر تقديم موعد الانتخابات على أن يعود القرار النهائي للهيئة العامة في البرلمان.

وأكد المصدر النيابي بأنه يعود للهيئة العامة النظر في تخصيص 6 مقاعد نيابية للمغتربين اللبنانيين المقيمين في بلاد الاغتراب على أن توزع على القارات الست مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ولفت إلى وجود تباين بين «التيار الوطني» الذي يصر على توزيع هذه المقاعد كأساس للبدء بتطبيقها وبين حزب «القوات اللبنانية» الذي يتمسك باقتراحه بأن ينتخب من هم في بلاد الاغتراب النواب الذين يتشكل منهم البرلمان الحالي أي 128 نائباً استناداً إلى قيودهم في لوائح الشطب في الدوائر الانتخابية مع إفساح المجال أمام تصحيحها في حال وجود أخطاء.

وأكد أن التباين في هذا الخصوص لا يقتصر على الخلاف بين «التيار الوطني» و«القوات» وإنما ينسحب على أطراف أخرى ويعود للبرلمان مجتمعاً القرار النهائي، ما يفتح الباب أمام تعليق العمل بتحديد 6 مقاعد للمغتربين، وهذا ما يدعو لتعديل قانون الانتخاب النافذ حالياً استناداً إل المداولات التي ستجرى في اجتماع اللجان النيابية المشتركة.

وأكد أن الرئيس بري يقف دائماً إلى جانب تطبيق القانون، وقال إن تقديم موعد إجراء الانتخابات من الثامن من مايو (أيار) 2022 إلى 27 مارس من العام نفسه يعود إلى حلول شهر رمضان في الأسبوع الأول من أبريل (نيسان)، وهذا ما يحول دون القيام بجولات انتخابية، إضافة إلى أنه ستليه أعياد الفطر والفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي وأيضاً للطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي.

واعتبر المصدر نفسه أن الإصرار على إجراء الانتخابات في موعدها ما هو إلا رسالة إلى المجتمع الدولي الذي ينظر إليها على أنها المدخل لإعادة تكوين السلطة في لبنان وإحداث تغيير فيها، مع أن القرار يعود أولاً وأخيراً إلى الناخب اللبناني وإرادته في التغيير، وقال بأن أمام الحكومة الميقاتية فرصة لتحقيق أبرز ما تعهدت به في بيانها الوزاري لكنها لن تكون مديدة ومفتوحة إلى ما لا نهاية.

وأضاف أن الفرصة الممنوحة للحكومة لإخراج البلد ولو على مراحل من الأزمات المتراكمة التي تحاصره تبقى في حدود أقل من ثلاثة أشهر لأن لبنان سيدخل في النصف الثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل في عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة التي يليها حكماً الانصراف لخوض الانتخابات النيابية والتحضير لها اقتراعاً وإدارياً من قبل وزارة الداخلية، فيما من المبكر منذ الآن تسليط الأضواء على طبيعة التحالفات الانتخابية التي لن تكون على قياس سابقاتها التي أجريت على أساسها الدورة الانتخابية الأخيرة.

وغمز المصدر النيابي من قناة رئيس الجمهورية برفضه التوقيع على المرسوم الخاص بفتح دورة استثنائية للبرلمان بعد أن وقع عليه الرئيس نجيب ميقاتي وأودعه لدى دوائر القصر الجمهوري للتوقيع عليه من قبل عون الذي لن يبدل موقفه بذريعة أن فتح هذه الدورة التي تستمر حتى تاريخ بدء العقد الثاني للبرلمان في أول ثلاثاء بعد 15 أكتوبر الحالي أي في 19 منه سيؤدي إلى عدم ملاحقة النواب المدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت طوال فترات انعقاده.

وأكد أن تقدير عون ليس في محله لأنه من غير الجائز ملاحقة هؤلاء النواب بعد أن ادعى عليهم المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار لمحاكمتهم أمامه، رغم أن الأصول الدستورية والقانونية لا تجيز محاكمتهم إلا أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وقال إن عون بامتناعه عن التوقيع على مرسوم فتح دورة استثنائية يكون قد حسم عدة أسابيع من عمر الحكومة التي يفترض بأن توظف لملاقاة الحكومة الميقاتية من قبل البرلمان في منتصف الطريق للتعاون معاً لإنقاذ البلد من الأزمات غير المسبوقة التي ضربته.

وتابع المصدر نفسه أن مجرد الموافقة على فتح دورة استثنائية ستدفع باتجاه دعوة البرلمان للانعقاد بصورة دائمة لإقرار القوانين استكمالاً لتلك التي أقرت في السابق، لأن هناك ضرورة لتمرير رسالة إلى المجتمع الدولي للتأكيد على أن الحكومة ملتزمة بالإصلاحات الإدارية والمالية للعبور بالمبادرة الفرنسية إلى بر الأمان استجابة لاحتياجات اللبنانيين من جهة وإتمام الاستعدادات الحكومية لبدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي من جهة ثانية.

وأكد أن أمام الحكومة الميقاتية فرصة وإنما ليست مفتوحة لتوفير الحلول التي تعهدت بها في بيانها الوزاري، وقال بأن تذرع عون بعدم فتح دورة استثنائية لا يتعلق بمنع النواب نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر من الملاحقة بمقدار ما أنه يعكس رفضه الإقرار بأن لبنان مع تشكيل الحكومة يدخل في مرحلة جديدة، وبالتالي لن يتغير لناحية العقلية التي يدير بها البلد، رغم أن ما تعهد به من إنجازات بقي حبراً على ورق وهو في حاجة لإنقاذ السنة الأخيرة من عهده.

لذلك يستعد البرلمان – بحسب المصدر – للبدء بورشة تجمع بين التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب وبين مشاريع واقتراحات القوانين التي تتيح للحكومة خوض معركة الإنقاذ وإنما بالأفعال وليس بالأقوال التي لا يزال يرددها عون وفريقه السياسي من دون أن يترجمها إلى خطوات تنفيذية لأن عون لن يتغير برغم أن البلد يقف أمام محاولة جدية لخوض معركة التغيير.

وعليه لن تكون هناك من عوائق تمنع الاغتراب اللبناني من المشاركة في العملية الانتخابية تكراراً لمشاركته في الانتخابات الأخيرة بخلاف ما يشيعه «التيار الوطني» الذي يبحث الآن عن تحقيق انتصارات وهمية على غرار تلك التي حققها عندما منح الحكومة الثقة متذرعاً بأنها التزمت في بيانها الوزاري بالعناوين التي كان طرحها في بيانه الأسبوعي لتبرير انعطافه في موقفه باتجاه تأييدها بخلاف مواقفه التي تأرجحت في حينها بين التأييد والامتناع عن منحها الثقة.

 

*******************************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

“الجمهورية”: أسبوع حكومي – ديبلوماسي بإمتياز.. وميقاتي يقود ورشة تحضيراً لخطوات عملية

ينطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هذا الاسبوع في ورشة لقاءات على كل المستويات تحضيراً لخطوات عملية ستخطوها حكومته وشيكاً على طريق تفريج الازمات التي يرزح تحتها اللبنانيون في مختلف المجالات، وهو في الوقت نفسه يعوّل كثيرا على الاتصالات الخارجية لتأمين المساعدات المالية المطلوبة للبنان، لأن الإنقاذ لا يمكن ان يتحقق سوى عن طريق المؤازرة الخارجية، خصوصا بعد وصول الانهيار إلى مستويات مخيفة، ويعتمد ميقاتي على باريس مدخلاً إلى العواصم الغربية والعربية، ومن الواضح ان الرئاسة الفرنسية تسخِّر كل علاقاتها من أجل توفير اي مساعدة ممكنة. ويسابق رئيس الحكومة الوقت سعيا إلى خطوات عملية، ولم يصطدم حتى الآن برفض دولي، وقد يكون من المبكر ان يفتح الخارج صناديقه للمساعدة او ان يعلن اعتذاره، والأسابيع القليلة المقبلة ستكون كفيلة بتوضيح الصورة حيال الموقف الخارجي، ولكن الأساس ان ميقاتي يقوم بدوره في محاولة «دقّ» كل الأبواب اللازمة، ومن الظلم بمكان إطلاق النار على الحكومة من دون منحها فترة سماح أقلها 90 يوماً، وبعد هذه الفترة يمكن بالتأكيد الحكم عليها بتصنيفها إما حكومة فاشلة وغير قادرة على الفعل والإنجاز وتتلهى بالوعود على غرار الحكومة السابقة الفاشلة، وإما انها على قدر مواجهة تحديات المرحلة.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انه إذا كان أحد أسباب الانهيار هو الفشل في إدارة الدولة، إلا ان أحد أبرز أسباب عدم القدرة على الخروج من هذا الانهيار يكمن في الموقف الخليجي الرافض مساعدة لبنان بعد تحوّله، في رأي بعض دول الخليج، منصة لاستهداف هذه الدول سياسياً، وتحوّل حدوده معابر مشرعة للمخدرات والممنوعات، وبالتالي في حال لم تُظهِر حكومة ميقاتي موقفا سياديا وحرصا على منع استمرار لبنان ممراً لاستهداف العواصم الخليجية، فإنّ أبواب الخليج ستبقى موصدة لأن دوله لن تقبل مواصلة مساعدة دولة تستخدم هذه المساعدات لاستهدافها، في رأي هذه الدول.

 

وأكدت المصادر منفسها «ان أبواب الخليج لن تفتح باتصال فرنسي – سعودي مشكور، إنما المدخل الأساس يكمن في الخطوات التي يجب على الحكومة ان تلجأ إليها من أجل تطمين هذه الدول الا انّ لبنان الرسمي لن يقبل استمرار السياسة السابقة، وان المواقف التي اطلقها ميقاتي على هذا المستوى كانت مشجعة بإعلانه في وضوح رفض استهداف الخليج من لبنان، إلّا ان الأمور تبقى مرهونة بالترجمات على أرض الواقع».

 

وعلقت اوساط رئيس الحكومة على ما يُشاع حول تعاطيه ورهاناته حول العلاقة مع الدول العربية، فقالت لـ»الجمهورية»: «ان كل ما يقال لا يعتدّ به لأن رئيس الحكومة أعلن منذ اليوم الاول انه سيبذل كل جهده لإعادة تصويب ما حصل من خَلل في علاقات لبنان بمحيطه العربي وهو لن يألو جهداً في سبيل تحقيق هذا الهدف وكل ما يقال خلاف ذلك هو من باب التشويش والذبذبة، فرئيس الحكومة موقفه واضح في هذا المجال وهو انّ لبنان جزء من محيطه العربي، وسيعمل لتصويب ما حصل من خلل في علاقات لبنان العربية من خلال الاتصالات المتواصلة التي يجريها وتبقى الامور مرهونة بخواتيمها».

 

وفي معلومات «الجمهورية» ان الاسبوع المقبل قد لا يشهد جلسة للحكومة كون الوزراء في صدد التحضير لملفات وزاراتهم، ولم يتسنّ لهم الوقت بعد لرفع بنودهم الى الامانة العامة لإدراجها على جدول الاعمال، واليوم تشهد السرايا الحكومية اجتماعاً هاماً موسّعاً يتعلق بمعالجة تداعيات الازمة المالية على سير عمل المرافق العامة، والذي يبحث اعادة تشغيل وانتظام العمل في المؤسسات والادارات العامة من كل جوانبها.

 

وعلمت «الجمهورية» ان هذا الاسبوع سيكون اسبوعا ديبلوماسيا بامتياز، حيث سيعقد رئيس الحكومة الاربعاء اجتماعاً موسعاً مع سفراء الاتحاد الاوروبي، وسيجتمع اليوم مع السفيرة الاميركية دوروثي شيا، على ان يلتقي تباعا بدءا من منتصف الاسبوع وزير خارجية ايران حسين أمير عبد اللهيان وكذلك وزيري خارجية المانيا وقبرص الذين سيزورون لبنان تباعاً.

 

ووصل الموفد الفرنسي بيار دوكان الى بيروت، لكن مواعيده لن تبدأ قبل يومين بحسب معلومات «الجمهورية»، وأوضحت مصادر السرايا الحكومية ان زيارة دوكان ليست لمتابعة لقاء ميقاتي ـ ماكرون، بل هي زيارة محددة سابقاً ستبحث في المساعدات الدولية للبنان كَون دوكان مسؤول عن هذه المساعدات الدولية، وعلم انه سيفتتح لقاءاته اليوم بلقاء وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية (وهو احد الوزيرين اللذين سماهما «حزب الله» في الحكومة)، ما يعكس اهتمام الجانب الفرنسي بقضية مرفأ بيروت.

 

وفيما لم تعلن له اي مواعيد مع المسؤولين الكبار، علم ان دوكان سيلتقي الوزراء المعنيين بالملفات التي تواكبها باريس، خصوصاً في مجالات الطاقة والإصلاح المالي والإداري. كذلك سيلتقي اعضاء اللجنة الوزارية المكلفة استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي للاطلاع على التحضيرات الجارية لاستئناف هذه المفاوضات.

 

وتتجه الانظار هذا الاسبوع الى عمل لجنة التفاوض مع صندوق النقد الدولي حيث استغربت مصادر حكومية استمرار الحديث عن خلافات واخبار تتعلق بالوفد المفاوض مع الصندوق. وقالت لـ»الجمهورية» ان «كل ما يشاع بهذا الخصوص هو اخبار غير صحيحة»، مؤكدة انه لم يتم تسمية خبراء ولن يشاركوا الا عندما تدعو الحاجة. واكدت ان الخبراء ليسوا اعضاء في اللجنة وكل ما يقال هو لِذرّ الرماد في العيون ولاختلاق مشكلات في غير مكانها. واوضحت المصادر انّ الوفد مؤلف فقط من نائب رئيس الحكومة ووزير المال ووزير الاقتصاد وحاكم مصرف لبنان، وعند الحاجة تستعين بخبراء، لكنهم ليسوا في عداد الوفد.

 

وكشفت المصادر ان اللجنة بدأت بعقد اجتماعات دورية غير معلنة وقطعت شوطاً لجهة التحضير لورقة الحكومة واجتماعاتها التي ستنطلق مع وفد الـIMF هي اجتماعات تقنية مهنية بحتة غير استعراضية ولن تعرض تفاصيلها على الاعلام لكي لا تتسبّب بتعقيدات يمكن ان تؤثر سلباً في مسار التفاوض.

 

ترقب لقاء لودريان – بن سلمان

 

وفي هذه الاجواء كشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان لبنان يترقب نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان للسعودية التي بدأها امس بلقاءٍ عقده مع وزير الخارجية الامير فيصل بن فرحان، وهو يستعد للقاء ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في مهمة ديبلوماسية دقيقة مهّد لها الاتصال الذي أجراه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بولي العهد قبل أيام، واستعرض معه العلاقات الثنائية بين البلدين وسلسلة المشاريع الكبرى التي تنفذها فرنسا في المملكة ومجموعة من الاتفاقيات الإضافية في أكثر من مجال، كما بالنسبة الى ما تحقق على مستوى الاتصالات السعودية ـ الايرانية الجارية عبر القناة العراقية، والتي كان ماكرون قد عايَنها في لقاء القمة لمجموعة دول جوار العراق لذي عقد في بغداد في 28 آب الماضي وخصّص جانب منه للوضع في لبنان مهّد للتسوية التي أدت الى ولادة الحكومة في 10 ايلول المنصرم.

 

ومن المرتقب ان يتناول اللقاء بين لودريان وبن سلمان مختلف التطورات في المنطقة والعالم، ومنها الملف الخاص بمصير المبادرة الفرنسية في لبنان التي وضعت على جداول أعمال كل اللقاءات والاتصالات الفرنسية والسعودية منذ ان أطلقها ماكرون قبل عام وصولاً الى السعي الفرنسي لدعم الحكومة الجديدة في لبنان برئاسة نجيب ميقاتي.

 

وفي انتظار ان تنجلي نتائج زيارة رئيس الديبلوماسية الفرنسية الى الرياض، كان قد سجل سلسلة مواقف تتصل بالوضع في لبنان فشدّد «على ضرورة مباشرة عمل الحكومة اللبنانية الجديدة فوراً لإجراء إصلاحات في البلد الذي يغرق في الأزمات»، وتحدث عن «تفعيل إجراءات جدية في مقدمها معافاة الخدمات العامة الاساسية بدءاً بالكهرباء».

 

وقال لودريان في تصريحات متلفزة عبر فضائية «الحدث» السعودية عشية زيارته المملكة: «ان تشكيل الحكومة هو خطوة مهمة في ما يخص التعافي»، واعتبر «أن التحدي الذي تواجهه هو المباشرة في العمل بلا تأخير وأن يكون اهتمامها الوحيد هو الدفاع عن مصالح الشعب الذي يعاني بشدة».

 

لودريان ـ بن فرحان

 

وكانت الرياض قد اعلنت عن استقبال وزير الخارجية السعودي لنظيره الفرنسي امس، موضحة انه جرى خلال اللقاء «استعراض وجوه العلاقات السعودية الفرنسية وسبل تعزيزها في شتى المجالات بما يخدم مصالح البلدين الصديقين، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حيال المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

 

وبدوره، التقى لودريان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل بن أحمد الجبير، و»بحث الجانبان في العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها على الصعد كافة، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

 

قرار استراتيجي

 

واستبعدت مصادر مطلعة ان ينجح ماكرون في اقناع السعودية بفتح أبوابها امام ميقاتي، بعد الاتصال الذي تم بينه وبين ولي العهد السعودي. وقالت لـ»الجمهورية» ان «الموقف السلبي للرياض من اي حكومة لبنانية في المرحلة الحالية هو قرار استراتيجي ليس من السهل تعديله او تغييره، وما دامت حرب اليمن مستمرة فإنّ الرياض ستبقى على موقفها انطلاقا من اقتناعها بأن بيروت باتت تشكل قاعدة متقدمة لإيران وان الدولة خاضعة لنفوذ طهران و»حزب الله»، علما ان هناك في المملكة من يعتبر انه اذا كانت باريس متحمسة لمساعدة الحكومة الجديدة فلتدفع لها بدل ان تطلب من الآخرين ذلك».

واعتبرت المصادر «ان المسار الوحيد المفتوح أمام ميقاتي راهنا هو التفاوض مع صندوق النقد الدولي»، مشيرة الى انه «سيكون أمام تحدي المواءَمة بين ضرورات التوصل الى اتفاق مع الصندوق وبين إقناع «حزب الله» بإبداء المرونة المطلوبة بعد معالجة اي هواجس محتملة».

 

وزير ألماني

 

وتبدأ غداً زيارة وزير الدولة للشؤون الخارجية الألماني ميلز آنين للبنان حيث يستهلها بلقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ان يجول على المسؤولين الكبار ونظيره اللبناني عبدالله بوحبيب. وتأتي زيارات الديبلوماسيين الأوروبيين الى بيروت في هذه المرحلة متزامنة مع ورشة عمل أطلقها الاتحاد الاوروبي لمواكبة الوضع بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما اشار إليه المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد السيد جوزيب بوريل، الذي اكد في تصريحات متفرقة انه «ليس لدى الاتحاد الأوروبي اي أجندة خفية في لبنان ونعمل على دعم الشعب اللبناني»، مؤكداً «أننا ندعم لبنان والشعب اللبناني بمقدار كبير وقدمنا كثيراً من الأموال». ولوحظ ان هذه الحركة الديبلوماسية الغربية تأتي استباقاً لزيارة وزير الخارجية الإيراني لبيروت في 6 و7 الجاري للقاء المسؤولين اللبنانيين الكبار.

 

إقتراع المغتربين

 

وعلى صعيد استحقاق الانتخابات النيابية أوضحت اوساط قريبة َمن عين التينة لـ»الجمهورية» ان رئيس مجلس النواب نبيه بري منفتح على اي قرار حيال اقتراع المغتربين، اذا كان هناك توافق واسع حوله. ولفتت هذه الاوساط الى ان بري لا يمانع من حيث المبدأ في انتخاب المقاعد الستة لقارات الاغتراب او في تأجيل الامر، تبعاً لما يمكن التفاهم عليه، وكذلك لا يمانع في خيار مشاركة المغتربين في الاقتراع على مستوى كل الدوائر او في تجميده.

 

طيبة الشعب

 

وفي المواقف السياسية من التطورات الجارية، لاحظ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد من بكركي ان «لبنان في حاجة إلى التحرر من المضللين والكذبة الذين يستغلون طيبة الشعب بالكلام المعسول فيما هم يُمعنون في الفساد». وقال: «إن المرحلة الحالية تستلزم من الحكومة الجديدة الصراحة والإقدام في المواقف حيال جميع القضايا التي يشكو منها الشعب، وأن توفّر الأسباب الوجيهة لكي تحوز على تأييد الناس لها. أيّدنا جميعا هذه الحكومة وتمنينا لها النجاح وما زلنا، ويبقى عليها أن تؤيد ذاتها بأداء رائد وبإبراز قدرة وزرائها على الاضطلاع بمهامهم. لذا، ينغي عليها أن تتخطى انتماءات أعضائها وتعلو فوق الأحزاب والطوائف، وتصد القوى التي تسعى إلى الهيمنة على مسارها وقراراتها».

 

واضاف: «أصدقاء لبنان العرب والدوليين ينتظرون التزام سياسة واضحة، وأداء مستقيما لكي يشاركوا في نهضته الاقتصادية والمالية، بعيدا من الإزدواجية الممقوتة. فلا نستطيع أن ندعي الحفاظ على السيادة وندع المعابر الحدودية مشرّعة، والمواقف الغريبة المسيئة إلى السيادة من دون رد. لا نستطيع تأييد الشرعية والقبول بتعددية السلاح وازدراء المؤسسات، وبإنشاء جيش تابع لدولة أجنبية على حد اعتراف أحد كبار المسؤولين في تلك الدولة (…) لا نستطيع رفع شعار النأي بالنفس ونبقى منحازين إلى محاور إقليمية تتنافى مع مصلحة لبنان. لا نستطيع الوعد بمجيء المساعدات والاختلاف على أرقام العجز وعلى كيفية التفاوض مع صندوق النقد الدولي. لا نستطيع الإصرار على التحقيق في جريمة المرفأ، ونمتنع عن الدفاع عن المحقق العدلي والقضاء، صحيح أنه لا يجوز للحكومة التدخل في شؤون القضاء، لكن واجبها التدخل لوقف كل تدخل في شؤون القضاء». وبالنسبة الى القوى السياسية، قال: «عليها أن تخفف من الاحتقان، وتلتقي في أطر وطنية وديموقراطية جدية وجامعة وذات صدقية، وتتحاور في ما بينها مباشرة لإنقاذ لبنان».

 

تدخّل مكشوف

 

ودان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، في تصريح، موقف نواب في الكونغرس الأميركي من التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، «لما يشكّله من اعتداء سافر على سيادة لبنان، وتدخل مكشوف في هذه التحقيقات، لفرض إملاءات على القرارات القضائية، وهو ما يتطلب موقفا رسميا واضحا بالدفاع عن سيادة لبنان، ورفض هذه الإملاءات وعدم السماح بأي استجابة لها». وقال: «إن الموقف الأميركي المعلن من مسار التحقيقات ودور المحقق العدلي وموقعيته، يؤكد وجود تدخل أميركي مباشر في هذا الملف لتوظيفه في إطار تصفية حسابات أميركية في الداخل اللبناني بعد فشل الحروب والحصار لإخضاع لبنان». ورأى ان «كل ذلك يستدعي إعادة التحقيقات في انفجار المرفأ إلى مسارها الوطني الصحيح دستوريا وقانونيا، بعيدا من أي إملاءات خارجية أو توظيف داخلي أو تسييس، وليكن الهدف الوحيد كشف الحقائق وإحقاق العدالة لمحاسبة المتورطين الحقيقيين، واعتبار ذلك قضية وطنية تعني جميع اللبنانيين».

 

فياض الى القاهرة فعمان

 

من جهة ثانية غادر أمس وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فياض الى مصر على رأس وفد ضم كلّاً من رئيس مجلس الادارة والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان المهندس كمال حايك والمديرة العامة للنفط المهندسة أورور فغالي وعددا من الخبراء والاختصاصيين. وسيعقد فياض اليوم اجتماعات مكثفة مع كل من وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا، ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر الدكتور محمد شاكر تتركز على القضايا المشتركة بين البلدين، خصوصا إمكان استعجال الخطوات الهادفة الى حصول لبنان على الغاز المصري في أسرع وقت ممكن.

 

وينتقل فياض والوفد المرافق مساء غد من القاهرة الى عمان للقاء نظيرته الاردنية هالة زواتي ونظيره السوري بسام طعمة الذي يوافيه من دمشق ومسؤولين في قطاع الكهرباء، وذلك لاستكمال البحث في بروتوكولات التعاون الخاصة بخط الغاز المصري واستيراد الطاقة الكهربائية من الاردن عبر الاراضي السورية، على ان يعود مساء الاربعاء الى لبنان.

 

 

 

*******************************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

تجدُّد السِّباق بين العتمة والكهرباء.. والتلاعب بالدولار يُلهب الأسعار!

ملف لبنان بين ولي العهد ولودريان .. ومهمة دوكان تتركز على الإصلاحات قبل المفاوضات مع الصندوق

 

السباق بين عتمة مؤسسة الكهرباء وتقاعس القوى الأمنية عن حماية محطات المؤسسة في بيروت والمحافظات الأخرى، وقصور الرؤية لدى القيمين عليها، ونور الكهرباء، المفترض ان يكون أولوية حكومية، وفقا للبيان الوزاري وتصريحات المسؤولين على أشده، وسط نظرة سوداوية اضفتها على المشهد مؤسسة كهرباء لبنان عندما فاجأت المواطنين بما اسمته: انهيار الشبكة الكهربائية صباح أمس (الأحد) نتيجة تدني القدرات الانتاجية إلى حدودها الدنيا.


 

وبصرف النظر عن الوقائع التقنية التي اوردتها المؤسسة، فإن خيارها بتشغيل المجموعات الانتاجية، ورفع القدرة الانتاجية إلى حوالى 600 ميغاواط وصولاً إلى نفاذه بالكامل، دونه مخاطر، ما لم توضع شحنة الفيول العراقي (GradeB) في الخدمة في خزانات الذوق والجية، ومسارعة التزود بمادة الغاز اويل لكل من معملي الزهراني ودير عمار، من ضمن قرض الـ100 مليون دولار لمصلحة الكهرباء، وهو القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في جلسته الأربعاء الماضي.

 

لا تعني التفسيرات التقنية والكهربائية، ومسألة الشحنات والمواصفات والمطابقات المواطن، الذي ترغب الحكومة بكسب ثقته، وهو بين خياري العتمة أو العجز عن مجاراة الارتفاع في سعر كيلوواط المولدات العاملة على المازوت، الذي يشتد الطلب عليه، وترتفع اسعاره مما يؤدي للجوء إلى الارتفاع في كلفة الاستفادة من كهرباء المولدات التي يعترض أصحابها على القرارات الوزارية في ما خص التسعير.. والاشتباك الأهلي بين المواطن وأصحاب المولدات، الذين وصفهم أحد المتكلمين في اعتصام حي البستان في صيدا بـ«مافيا المولدات الذي يمعنون بمراكمة الأرباح بالرغم من الضائقة الصعبة التي يعيشها النّاس.. وتساءل التجمع الاحتجاجي في حلبا كيف «يمكن ان يكون مقبولا ان تكون كلفة الاشتراك باهظة بحدود راتب موظف». وسط تساؤل مشروع عن «دور وزارة الاقتصاد وأجهزة الرقابة لضبط الارتفاع الجنوني للاسعار».

 

بالتزامن غادر وزير الطاقة والمياه وليد فياض مساء أمس إلى القاهرة، على رأس وفد ضم رئيس مجلس الإدارة كمال حايك، ومدير عام المنشآت النفطية اورور فغالي، ومختصين من الطاقة في مؤسسة الكهرباء، ومن مديرية النفط.

 

ويبدأ الوزير اللبناني اليوم اجتماعات مع كل من وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا، ووزير الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر محمّد شاكر.

 

وتتركز مواضيع البحث في هذه الاجتماعات حول حصول لبنان على الغاز المصري في أسرع فرصة ممكنة.

 

ويمضي الوزير فياض يومين في مصر، على ان يغادر مساء غد إلى عمان لعقد سلسلة لقاءات ومباحثات مع وزيرة الطاقة والثروة المعدنية في الأردن هالا زواتي ووزير النفط والثروة المعدنية في سوريا بسّام طعمة، كما ستشمل اللقاءات مباحثات بين مسؤولين عن قطاع الطاقة والنفط في الدول الثلاث لبنان وسوريا والأردن، بهدف حصول لبنان على كهرباء من الأردن عبر سوريا، على ان يعود مساء الأربعاء إلى بيروت.

 

سياسياً، علمت «اللواء» أن أي موعد لجلسة مجلس الوزراء المقبل لم يحدد بعد وقد تتوضح الصورة في مطلع الأسبوع المقبل على أن المجلس منفتح على طرح اي موضوع وجدول الأعمال ينبثق من القضايا التي ستتابعها الحكومة وتنطلق من الواقع اللبناني بيومياته المتعددة.

 

ولفتت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» إلى أن سلسلة ملفات تدرس في اللجان الوزارية قبل مناقشتها في مجلس الوزراء لبحثها بشكل متشعب. وأفادت أن هناك توجها بأتاحة المجال امام عرض ملاحظات الوزراء على ملفات وزاراتهم كما حصل مع وزير التربية والتعليم العالي عباس حلبي في الجلسة السابقة للحكومة.

 

إلى ذلك تردد أن زيارة الموفد الفرنسي بيار دوكان تأتي في إطار استطلاع الأوضاع والاطلاع عن كثب على مسار الأمور بإيعاز من الرئيس ماكرون ومتابعة النقاط التي تم بحثها في لقاء الرئيس الفرنسي مع رئيس مجلس الوزراء خلال زيارة الأخير إلى باريس. ومعلوم أن لقاءات دوكان في كل زيارة يقوم بها إلى بيروت كانت مختصة بموضوع المساعدات ولذلك لم يكن يعقد الكثير من اللقاءات.

 

وكشفت مصادر وزارية ان مهمة المبعوث الفرنسي السفير بيير دوكان، التي تبدأ في بيروت اليوم، تتناول الاطلاع على النقاط الاصلاحية، الواردة في خطة الانقاذ، التي ستتفاوض على اساسها الحكومة مع صندوق النقد الدولي. كما تتناول لقاءات غير معلنة مع الوزراء، الذين تشمل وزاراتهم الاجراءات الاصلاحية، ولاسيما، المالية، وزارة النفط والطاقة، وزارة الاشغال والنقل، الاتصالات، والادارات والمؤسسات العامة، التي تعنى بتنفيذ المشاريع المهمة، وبعضها بات، يستنزف الخزينة دون طائل،واعداد لائحة، بالإجراءات الاصلاحية، تمهيدا لمناقشتها، مع الدول والهيئات والصناديق المالية الدولية، المساهمة بمؤتمر سيدر للموافقة عليها، قبل صرف هذه المساهمات.

 

واشارت المصادر الى انه برغم عدم اكتمال خطة الحكومة الانقاذية، والتي كانت اعدتها الحكومة السابقة، وتحتاج الى بعض الوقت لانجازها، الا ان الخطوط العريضة فيها اصبحت معروفة، بعدما، تمت اعادة النظر، وتعديل نقاط ومفاصل اساسية فيها.

 

ويتوقع بلورتها قريبا، برؤية موحدة، لكل وزارات ومؤسسات الدولة بما فيها المصرف المركزي، وبعد اقرارها، ستبدأ فورا المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بخصوصها للتوصل الى اتفاق، للمباشرة بمساعدة لبنان للخروج من الازمة الراهنة.

 

ولم يستبعد مصدر وزاري ان يحضر ارتفاع الأسعار مجدداً في السوبر ماركات والمولات، بعدما سجل الدولار عودة سريعة للارتفاع، وبوتيرة متسارعة، ومفاجئة، مما رفع سعر كيلوواط الكهرباء، وأسعار الفروج، واللحوم، فضلا عن الخضار والفاكهة.

 

حركة دبلوماسية ناشطة

 

واليوم، لبنان يشهد حركة دبلوماسية مع وصول منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان لعقد اجتماعات مع الوزراء المعنيين بالملفات التي تشرف عليها باريس مباشرة ومع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والاطلاع على العناوين العريضة للخطة قيد الاعداد للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، فيما يزور بيروت ايضا وزير خارجية قبرص الثلثاء وبعده وزير الشؤون الخارجية الالماني، قبل ان يحط فيها وزير خارجية ايران حسين امير عبداللهيان بين 6 و7 الجاري.

 

وفي السياق، صدرت بعض المواقف الخارجية المؤكدة استمرار دعم لبنان وحث السلطة السياسية على اجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها فأشار وزير خارجية فرنسا جان ايف لو دريان الى أن «تشكيل الحكومة في لبنان خطوة مهمة للنهوض بالبلد»، وأكد أن على الحكومة اللبنانية تنظيم انتخابات مستقلة وشفافة.

 

من جهته، أشار المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الى ان «ليس لدينا أجندة خفية في لبنان ونعمل على دعم الشعب اللبناني»، مؤكدًا «اننا ندعم لبنان والشعب اللبناني بشكل كبير وقدمنا الكثير من الأموال».

 

وحسب المعلومات فإن الملف اللبناني حضر في اللقاء بين ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان والوزير الفرنسي، في ضوء الاتصال الذي اجراه الرئيس ايمانويل ماكرون بالامير محمّد قبل أيام.

 

وبالنسبة لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وحسب المعلومات، فإن خلافاً نشأ بين الفريق الرئاسي في بعبدا وقيادة الجيش حول استبدال الفريق العسكري المفاوض، برئاسة العميد بسّام ياسين، بآخر تقني دبلوماسي- إداري.

 

ونسبت قناة «الجديد» إلى ما اسمته معلومات إلى ان قائد الجيش العماد جوزيف عون، هدّد بالانسحاب من المفاوضات إذا تمّ استبدال الوفد العسكري.

 

وفي السياق، قال أمس رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيّد هاشم صفي الدين: «نحن نقول أن الأميركان يؤثرون في لبنان أمنيا وسياسيا وماليا واقتصاديا، وهم أقوياء في الدولة اللبنانية، ولديهم الكثير داخلها، ولكن نحن حتى الآن لم نخض معركة إخراج الولايات المتحدة الأميركية من أجهزة الدولة، ولكن إذا جاء اليوم المناسب وخضنا هذه المعركة، سيشاهد اللبنانيون شيئا آخر، فنحن لم نخض هذه المعركة، لأننا نعرف ما قدرة تحمل هذا البلد، فأميركا عدو لا تقل عداوة عن إسرائيل، وأحيانا أكثر عداوة منها، ولكن نحن نرى ونسمع ونقدر الموقف إن كان بإمكان اللبنانيين التحمل أم لا، وكذلك نحن حريصون على البلد في استقراره وهدوئه، والجميع يرى ماذا نفعل من أجل بقاء هذا الوطن».

 

اجتماع حلبي اليوم مع روابط الأساتذة

 

تربوياً، يجتمع وزير التربية والتعليم العالي عباس حلبي اليوم مع روابط الأساتذة في القطاع العام، في إطار البحث عن العودة إلى التعليم الاثنين المقبل.

 

وسيبلغ حلبي ممثلي الأساتذة والمدرسين بما يمكن تقديمه لجهة إعطاء كل أستاذ 50 دولاراً شهريا، فضلا عن عدد من بونات البنزين.

 

وحسب بعض المصادر، فإن الاتجاه الغالب لدى الروابط عدم الحماس لهذه الطروحات.

 

وبالنسبة للجامعة اللبنانية، يمضي الأساتذة بالملاك والتفرغ في الإضراب، لجهة بدء العام الجامعي، وانضم إليهم الأساتذة المتعاقدين بالساعة، مطالبين بإقرار التفرغ.

 

قضائياً، وفي موقف خارجي داعم للمحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي طارق بيطار، هو الاول اميركياً، دعا عدد من النواب في مجلس الشيوخ الأميركي الحكومة اللبنانية إلى الحفاظ على سلامة القضاة، الذين يتولون التحقيق في الانفجار المروع الذي هز مرفأ بيروت في الرابع من آب العام الماضي (2020)، مخلفا أكثر من 210 قتلى. وأبدى بيان صادر عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، قلقه من «دور حزب الله في الدفع بقرار تعليق هذا التحقيق الحساس». كما شدد على نزاهة المحقق العدلي الناظر في ملف التفجير، القاضي طارق بيطار، معتبرا أنه قاضٍ محترم، خدم بلاده لأكثر من عقد. واعتبر الموقعون على البيان أن على الحكومة اللبنانية الحرص على سلامة القضاة والمحققين، كي يكملوا واجباتهم وينهوا التحقيق.

 

625974 إصابة

 

صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي تسجيل 529 إصابة جديدة بفايروس بكورونا رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة إلى 625974، كما تمّ تسجيل 7 حالات وفاة.

 

 

*******************************************************

افتتاحية صحيفة الديار

أبعاد الإصلاحات المطلوبة دولياً ستُطيح بنظام «النيوباتريمونالية» القائم… هل من استجابة رسمية؟

 الزبائنية السياسية تُعطّل السياسات الإقتصادية والإنمائية… والتخلّي عنها خشبة الخلاص

 المواطن اللبناني في حال «إستقالة»… والقوى السياسية تُقوضّ المعارضة والرقابة الشعبية

المحلل الاقتصادي

 

يكثر الحديث عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وما تحمله هذه المفاوضات من إصلاحات مطلوبة لكي يموّل صندوق النقد الدولي خزينة الدولة. هذه المفاوضات تحوي على الكثير من الخطوات التي تعدّل سياسات القطاع العام وحتى الخاص من خلال قوانين وحوكمة رشيدة تؤثر إيجابًا على سلوك النخبة السياسية والمواطن.

 

من حيث الشكل، النظام اللبناني هو نظام ديموقراطي برلماني ليبيرالي، يتمتع فيه الفرد بحرية المبادرة التي تُعتبر أُسسّ النمو الإقتصادي والإنمائي. عمليًا يظهر النظام اللبناني بعيدًا كل البعد عن نصّ الدستور، إذ أن التوصيف الحقيقي للنظام اللبناني الحالي لا سيما في خضم هذه الأزمة مشابهته الى حد بعيد نظام الـ «نيوباتريموناليًا» (Neopatrimonialism) وهو من الأنظمة التي كانت قائمة في الدول الأفريقية بين ستينات وتسعينات القرن الماضي.

 

قبل التعريف بنظام النيوباتريمونالي يجدر بنا التعريف بنظام الباتريمونالي أو ما يُعرف بالميراث التقليدي. فبحسب «ماكس ويبر» هذا النظام هو عبارة عن نظام حوكمة قائم على السيطرة التقليدية، القائمة بحدّ ذاتها على مفهوم عدم الفصل بين العام والخاص، وبالتالي تأتي كل السلطات من الزعيم. ويُمكن وصف هذا النظام بنظام مركب بين متغيرات عشوائية وتقاليد تعكس سيطرة الزعيم إلى حدود أبعد من القرابة، وتشمل عادة أنظمة أوتوقراطية أو أوليغارشية تستثني من الحكم الطبقات الإجتماعية الفقيرة والمتوسطة. وفي ظل هذه الأنظمة، يكون ولاء القوى العسكرية للزعيم وليس للأمة.

 

يفرض مفهوم «عدم الفصل بين العام والخاص» في النظام الباتريمونالي تداعيات على عمل النظام نذكر منها: الفساد الإقتصادي، الفساد المرتبط بالتبادل الإجتماعي، الزبائنية، المحسوبية، الأبوية، الأحقية في مداخيل الدولة… كل هذه المفاهيم تدخل ضمن مفهوم الباتريمونالية.

 

النظام النيوباتريمونالي أو ما يُسمّى بالميراث الجديد هو نظام هجين يدمج البانريمونال مع المؤسسات القانونية والعقلانية المُستعارة من مفهوم الدولة الحديثة. بتعبير أبسط، هو نظام من تسلسلي هرمي إجتماعي يستخدم فيه المستفيدون موارد الدولة لتأمين ولاء الأفراد من عامة الشعب، وتعتبر هذه العلاقة علاقة غير رسمية بين الراعي (الأب) والمواطن (الإبن) ويمكن أن تمتد من مستوى عالٍ جدًا في هياكل الدولة إلى مستوى الأفراد في القرى.

 

ويرى الباحث كريستوفر كلافام في كتابه «طبيعة دولة العالم الثالث»، أن النظام النيوباتريمونالي هو «شكل من أشكال التنظيم الذي تسود فيه العلاقات ذات النوع الباتريمونالي الواسع في نظام سياسي وإداري مبني رسميًا على خطوط عقلانية قانونية» وتُستخدم فيه السلطة من أجل المكاسب الشخصية بدلاً من الفصل القاطع بين المجال الخاص والمجال العام.

الاستقرار الديمقراطي والنيوباتريمونالي

 

مما لا شكّ فيه أن الزبائنية السياسية هي المحرك الأساسي للحكم في لبنان والعمود الفقري للثقافة السياسية اللبنانية. فترسيخ الدولة بشكل جيد فرض على السلطة السياسية توقيع عقد إستقرار إجتماعي مبني على تجارة الولاء السياسي من خلال تبادل الأشياء التي تعود بالفائدة على طرفي الإتفاق. وتتعدد مظاهر هذه الظاهرة بقدر ما هي معقدة.

 

رافقت الزبائنية عملية ترسيخ الديمقراطية وساهمت في الاستقرار السياسي، وهو ما نراه في قدرة السلطة على إدارة الأحداث التي ترافق تبادل السلطة (تغيير حكومي أو رئاسي). لكن بالتوازي كان هناك عملية تحفيز لتكوين مجموعات وإثرائها بحيث تكون قادرة على المساومة وعلى مشاركتها في دوام إعادة إنتاج النظام الاجتماعي والسياسي القائم. هذه الممارسات النيوباتريمونالية القائمة على الاستخدام الخاص لموارد الدولة، والتعايش بين القواعد الرسمية وغير الرسمية لممارسة السلطة، والخطوط غير الواضحة بين المجالين العام والخاص وهياكل الهيمنة واحتكار الثروة، لا تفضي عمومًا إلى التنمية وتطور المجتمع!

التكيف الهيكلي والأزمات وفقدان شرعية الدولة

 

منذ الإستقلال والدولة اللبنانية تُعاني من آفة الفساد، آفة حاول معها الرئيس فؤاد شهاب وضع أطر قانونية للجمها. الصراع الذي نشب بين أركان الدولة أنذاك أوصل البلاد إلى الحرب التي فهم معها المتقاتلون أن الإستمرار بها غير مُمكن وبالتالي نشأ من بعدها عقد إجتماعي وسياسي جديد هدفه تعبئة كل الموارد لترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إلا أن الممارسة أفقدت الدولة جوهرها الاجتماعي، وبالتالي شهدت تراجعًا في أداء الحوكمة، وضعف الخدمات الإدارية بشكل كبير، وتدهور مرافق الخدامات العامة في مجالات الصحة والتعليم والنقل والصحة والسلامة.

 

هذا النظام الذي إستمر منذ التسعينات وحتى العام 2019، بإنهيار النظام الإقتصادي الذي تميّز بسيطرة الدولة عليه وعلى هياكله! وهنا يظهر أن التكيف الهيكلي والأزمات التي عصفت بالبلاد في هذه الفترة، لم ينجح لا بل أفقد الدولة شرعيتها الشعبية خصوصًا مع زبائنية سياسية أصبحت أكثر من قاتلة. واليوم يُطرح سؤال جوهري حول وظائف الدولة خصوصًا أن هناك إستحالة مادية لتوسيع رقعة المستفدين من هذه الزبائنية.

التناطح بين القوة السياسية والاقتصادية

 

تُشير التحاليل التاريخية أن التفاعل بين السياسة والاقتصاد في النظام النيوباتريمونالي اللبناني يوصل إلى نتيجة رئيسية وهي «الإنتشار الكبير للسلوك الريعي بين النخب (العامة والخاصة) المهيمنة منذ الطائف وحتى اليوم». ويُمكن القول أن القوى السياسية عمومًا تميل إلى إتباع مسار يسعى إلى الجمع بين الإثراء الخاص على حساب الصالح العام من ناحية والبقاء السياسي من ناحية أخرى (ترابط كبير بين المنطقان).

 

ويقول سياسي سينيغالي (وقد سبق للسنغال أن عانى من نفس آفة لبنان): «هدف الفساد ليس فقط الإثراء والإستمرارية الإقتصادية. إنه منهج سياسي بعمق من حيث أنه يهدف إلى ضمان البقاء السياسي للقادة! فالقضايا السياسية والاقتصادية لا تنفصل لأنها تتطلب موارد اقتصادية للحصول على الموارد السياسية والعكس صحيح».

 

وعلى صعيد أخر، يقول الباحث الفرنسي «بوي» في دراسة حول الآليات الاقتصادية في السنغال: «تحالف المصالح الذي رسخ الدولة منذ الاستقلال يجب أن يُسمح له بالانهيار لأن كلفة تضخم الزبائنية لا تُحتمل مالياً». ولعل هذا المقال هو أصدق وصف لحالنا اليوم لكل متدبر.

 

الجدير ذكره أنه وفي سياق تحليل الاقتصاد السياسي، مفهوم الريع يعني الدخل الناتج عن امتياز وصول النخب إلى الموارد وحالات إحتكار ذات منبع سياسي.

القبول الاجتماعي لممارسات الحكم السيئة

 

إذا كانت محطة 17 تشرين قد أظهرت حجم عدم الرضى الشعبي عن الأداء العام، إلا أن المفاجأة هي من الغضب المحدود نسبيًا للرأي العام حاليًا خصوصًا مع الواقع المعيشي الصعب. وبحسب باحثين في علم الإجتماع، قد يكون السبب خلف هذا السكون نوع من «الاستقالة». في الواقع النموذج الثقافي السائد في لبنان يستجيب بشكل ضعيف لقيم وفضائل المواطنة.

 

ويُشير تحليل الوقائع إلى أنه على الرغم من وجود سلطات رقابية، إلا أن هذه السلطات مُغيبة بشكل أو بآخر من خلال الزبائنية السياسية. ويُشير التحليل إلى أن ضعف هيكلية الضوابط والتوازنات الإجتماعية (تكتل مواطنين) لا يرتبط ببساطة بنقص الوسائل والقدرات، بل أيضًا بالإستراتيجية التي تعتمدها النخب الحاكمة لإضعاف هذه الضوابط والتوازنات.

التأثيرات على السياسات العامة ونوعية الإنفاق

 

نظام الزبائنية هذا يعتمد إلى حد كبير على الوصول إلى الريع وتوزيعه على أساس الزبائنية الساحقة. ويُمكن الجزم أن تأثيره ضار على تنفيذ السياسات العامة في المجال الإقتصادي والتنمية. فمثلا يُصبح بناء جسر أو سد هو خدمة تُظهر كرم الطبقة الحاكمة تجاه المواطن يكون مقابلها تبادل الخدمات السياسية. أيضًا يُمكن إعطاء مثال الموازنة التي لا تبنى بهدف الإنماء الإقتصادي إضافة الى غياب الخيارات العقلانية فيها وصلابة هيكليتها والرقابة على تنفيذها.

ما هي احتمالات التغيير في نظام الحوكمة؟

 

يُمكن للنظام النيوباتريمونالي أن يكمن وراء( أو يحل محل) الهيكلية البيروقراطية للدولة بحيث أن الذين لديهم علاقات هم من لديهم القوة الحقيقية وليس أولئك الذين يشغلون مناصب عالية في الدولة (كمثل حالة إلغاء ضبط سيارة في أيامنا هذه). وبالتالي نجزم أن هذا النظام يُقوض المؤسسات السياسية وسيادة القانون ويُشكل ممارسة فاسدة وحتى ولو كانت قانونية في بعض الأحيان.

 

المفاوضات مع صندوق النقد الدولي المنوي القيام بها في الأيام والأسابيع القادمة، ستركّز على نظام الحوكمة من بابه الإقتصادي والمالي. وبالتالي تُطرح الأسئلة عن قدرة القوى السياسية على الموافقة على التغيير والعبور من نظام نيوباتريمونالي إلى نظام ديموقراطي فعلي؟ فالإصلاحات التي سيطلبها صندوق النقد الدولي ستطال آليات عمل الدولة بالكامل وهو ما يفرض إلغاء الزبائنية السياسية على كل مستوياتها. فهل يُمكن للقوى السياسية الحاكمة أن تقبل بالقيام بإصلاحات تُطيح بأحاديتها في الدولة؟ سؤال مشروع في ظل غياب بوادر إيجابية على المستوى السياسي. على كل الأحوال هناك إستحقاق جوهري قادم وهو ملف التعيينات، فهل سيكون بمقدور الحكومة القيام بهذه التعيينات على أسس عملية أم أن الزبائنية السياسية ستُكمل طريقها إلى ما لا نهاية؟

 

وحدها الأيام المقبلة قادرة على الإيجابة على هذا السؤال!

 

 

***********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

 

الكهرباء تنهار .. ومندوبا فرنسا وإيران في بيروت  

 

باستثناء بعض المواقف الدولية المتصلة بجوانب محددة من الازمة اللبنانية، غابت عن الساحة الداخلية بالمطلق اي حركة سياسية او حتى نشاط رئاسي او وزاري ما اوحى بأن الجميع في استراحة المحارب قبل الاقلاع مجددا الاسبوع المقبل في ورش العمل والاجتماعات الحكومية تمهيدا لاطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي اثر تشكيل الوفد في الجلسة الاولى لمجلس الوزراء بما اثار من التباس حول عبارة « على ان ينضم الى الوفد لاحقا وزراء وخبراء»، بعدما تم طرح اسمي مستشارين لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر، ورسم علامات استفهام  حول ابعاد وجودهما ضمن الوفد وما اذا كانا صوتا لفريق سياسي ضمن الوفد اللبناني.

 

زوار في بيروت

 

وفيما تلقى الرئيس نجيب ميقاتي دعوة رسمية لزيارة تركيا يتوقع ان يلبيها قريبا، بعدما اكد ان الحكومة ستقوم بنفسها بكل الخطوات المطلوبة لاعادة وصل ما انقطع في علاقات لبنان مع الاخوة العرب من دون وساطات، وفي انتظار المصير الذي ستؤول اليه الاتصالات الناشطة لاستئناف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل برعاية اميركية في ضوء عزم واشنطن على احيائها وتوقع تحرك موفديها بين بيروت وتل ابيب للغاية بعدما تم تعيين اموس هوكشتاين وسيطا خلفا لجون ديروشيه الذي سلمته ادارة بلاده ملف افغانستان، تشهد الساحة الداخلية حركة ديبلوماسية تبدأ اليوم الاثنين  مع وصول منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان لعقد اجتماعات مع الوزراء المعنيين بالملفات التي تشرف عليها باريس مباشرة ومع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والاطلاع على العناوين العريضة للخطة قيد الاعداد للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، فيما يزور بيروت ايضا وزير خارجية قبرص الثلاثاء وبعده وزير الشؤون الخارجية الالماني، قبل ان يحط فيها وزير خارجية ايران حسين امير عبداللهيان بين 6 و7 الجاري.

 

لودريان والانتخابات

 

وفي السياق، صدرت بعض المواقف الخارجية المؤكدة استمرار دعم لبنان وحث السلطة السياسية على اجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها فأشار وزير خارجية فرنسا جان ايف لو دريان الى أن «تشكيل الحكومة في لبنان خطوة مهمة للنهوض بالبلد»، وأكد أن على الحكومة اللبنانية تنظيم انتخابات مستقلة وشفافة.وأوضح لو دريان للعربية أن نافذة المفاوضات مع إيران لن تبقى مفتوحة إلى الأبد وإجراءات الأمر الواقع الإيرانية تعقد العودة إلى اتفاق فيينا. وأضاف، «المفاوضات الإقليمية مع إيران يجب أن تشمل أنشطتها الصاروخية».

 

لا أجندة خفية

 

من جهته، أشار المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الى ان « ليس لدينا أجندة خفية في لبنان ونعمل على دعم الشعب اللبناني»، مؤكدًا «اننا ندعم لبنان والشعب اللبناني بشكل كبير وقدمنا الكثير من الأموال».

 

دعم اميركي لبيطار

 

وفي موقف خارجي داعم للمحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي طارق بيطار، هو الاول اميركياً، دعا عدد من النواب في مجلس الشيوخ الأميركي الحكومة اللبنانية إلى الحفاظ على سلامة القضاة، الذين يتولون التحقيق في الانفجار المروع الذي هز مرفأ بيروت في الرابع من آب العام الماضي (2020)، مخلفا أكثر من 210 قتلى. وأبدى بيان صادر عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، قلقه من «دور حزب الله في الدفع بقرار تعليق هذا التحقيق الحساس».

 

الراعي والسيادة

 

ومحليا نبه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى إن التدخلات التي يتعرض لها المحقق العدلي شأنها أن تؤثر على مواقف الدول الصديقة تجاه لبنان بالإضافة إلى أنها تضعف هيبة القضاء عندنا.

 

وقال: أصدقاء لبنان العرب والدوليين ينتظرون التزام سياسة واضحة، وأداء مستقيما لكي يشاركوا في نهضته الاقتصادية والمالية، بعيدا من الإزدواجية الممقوتة. فلا نستطيع أن ندعي الحفاظ على السيادة وندع المعابر الحدودية مشرعة، والمواقف الغريبة المسيئة إلى السيادة من دون رد. لا نستطيع تأييد الشرعية والقبول بتعددية السلاح وازدراء المؤسسات، وبإنشاء جيش تابع لدولة أجنبية على حد اعتراف أحد كبار المسؤولين في تلك الدولة.

 

من جهته قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، إن لم تتحقق العدالة ويحكم القانون لن تكون دولة. وطالما هناك مقاييس مختلفة لن تكون عدالة. وطالما هناك من يتحكم بمقدرات البلد لن تستوي الأمور.

 

اضاف:  إرفعوا أيديكم عن القضاء، دعوا الحقيقة تظهر.

 

شبكة الكهرباء

 

وفي ظل الفوضى الامنية المستشرية واستمرار التعديات على الاملاك العامة، حذرت مؤسسة كهرباء لبنان من «خطر الاقتراب من خطوط التوتر حفاظاً على سلامة الأشخاص والسلامة العامة»، وناشدت «القوى الامنية وضع حد لهذه الاعتداءات وتوقيف الفاعلين حيث ان هذه السرقات أدت وما زالت تؤدي الى خسائر جسيمة على الصعيد المادي وكذلك على صعيد سلامة الاستثمار واستقرار الشبكة الكهربائية».

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram