35% من المنتسبين و20% في موقع قرار: الأحزاب اللبنانية طاردة للنساء!
لا يزال تمثيل المرأة في السلطة محدوداً، رغم نضالاتها وضغط الجمعيات النسوية، لرفع مستوى مشاركتها في الحياة السياسة. إذ تشغل النساء 6.25% من مقاعد المجلس النيابي الحالي، و10.37% من مقاعد المجالس البلدية، و20.8% من الحقائب الوزارية.
في محاولة لفهم واقع مشاركتها السياسية وإشكاليّتها، استطلعت دراسة بعنوان «المرأة اللبنانية: من المشاركة السياسة إلى القيادة الحزبية» واقع المرأة في الأحزاب، انطلاقاً من دور الأحزاب في خلق الفرص أو العوائق للمشاركة السياسية. وأظهرت أنّ التقاليد والمعايير الجندرية تعيق تقدّم المرأة في الميدان السياسي وتقاوم التغيير وتحافظ على الفجوات بين الجنسين. كما بيّنت أنه مهما ارتفعت مشاركة المرأة في النشاط الحزبي على صعيد العضوية والانتساب، يبقى وصولها إلى المراكز القيادية ومراكز القرار بين المستحيل والمحدود.
الدراسة أعدّتها الخبيرة في السياسات الجندرية عبير شبارو والصحافية راغدة صافي، بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان، وامتدّت من كانون الأول 2023 إلى أيار 2024، وشملت ثمانية أحزاب لبنانية، هي: التيار الوطني الحر، تيار المردة، تيار المستقبل، حركة أمل، الحزب التقدمي الاشتراكي، حزب «القوات اللبنانية»، حزب الكتائب وحزب «تقدم». وأظهرت أنّ نسبة مشاركة النساء كأعضاء في الأحزاب تراوحت بين 15% كحدٍّ أدنى (الحزب التقدمي الاشتراكي) و58% كحدٍّ أقصى (تيار المستقبل)، تليه حركة أمل بنسبة 45%. بذلك، يصبح المعدّل الوسطي للأحزاب الثمانية 35%.
كما بيّنت الدراسة أنّ الشابات اللواتي تراوح أعمارهن بين 18 و31 عاماً، يمثّلن 43% من إجمالي فئة الشباب الحزبية. ويظهر ذلك «زيادة في رغبة الأجيال الجديدة من النساء في المشاركة في العمل السياسي المنظم، والتحديات التي تواجهها المرأة في مسيرتها السياسية خاصة بعد الزواج والإنجاب، والتي تؤدّي إلى تراجع معدّل مشاركتها السياسية، فيما تنقطع المشاركة لدى البعض».
في المقابل، تؤكّد الدراسة ضعف وجود النساء في مراكز القرار الحزبية، إذ يراوح بين معدوم وهزيل، ما يستدعي «تمكين البيئة الحزبية بدلاً من تمكين النساء سياسياً». إذ يبلغ تمثيل النساء في القيادة العليا لاتخاذ القرارات السياسية «27.1% ويتراجع إلى 21.2% في الأحزاب التقليدية، باستثناء حزب «تقدم»، حديث النشأة، الذي ترأسه امرأة خلافاً للأحزاب السبعة الأخرى».
كما «سُجِّلت «القوات» في المرتبة الأخيرة بنسبة 5% و»الاشتراكي» في المرتبة الأولى بنسبة 42%». ولا يعني ذلك أنّ «الاشتراكي» حقّق تقدّماً في هذا السياق. فعلى صعيد القيادات المتوسطة التنفيذية، التي تكون على اتصال مباشر بالمناصرين، بلغ تمثيل المرأة في «الاشتراكي» صفراً. أمّا على صعيد القيادة التنفيذية، فـ«يتأرجح تمثيل النساء بين 5% (أمل) و36% (الكتائب)، بمعدّل وسطي 21.7%، وغالباً ما يمثّلن النساء فيها قسم المرأة».
والتحديات التي تعيق تقدّم النساء إلى مواقع القيادة داخل الأحزاب، بحسب آراء المسؤولات في قسم المرأة في الأحزاب، التي استطلعتها الدراسة، تتوزّع على الشكل الآتي: الثقافة المجتمعية والعائلية (100%)، المواقف الأبوية المقاومة للتغيير داخل الحزب (75%)، انسحاب النساء من العمل الحزبي (63%)، الضغوط الناتجة عن الاعتقاد بأنّ فشل امرأة واحدة ينعكس على جميع النساء (63%)، العنف ضد النساء في السياسة (50%)، صعوبة جذب النساء للانضمام إلى الحزب (38%)، غياب الدعم والموارد المالية (38%)، البيئة الدينية (25%) وجميع ما سبق (13%).
أما تحدّيات المشاركة في الأحزاب، فمنها: العامل المادي وعدم استقلالية المرأة اقتصادياً، العنف ضد المرأة في السياسة كأحد أساليب تشويه سمعتها في المجال العام، سيطرة النظام الذكوري على بيئة عمل الأحزاب الذي لا يقبل انخراط المرأة بسهولة، تفضيل الوريث السياسي الذكر وحصر المرأة في أدوار نمطية.
ولدى سؤال الأحزاب عن دورها في دعم مشاركة النساء سياسياً، أقرّت 87.5% منها أنّ وثائقها الأساسية مثل أنظمتها الداخلية أو إعلاناتها التأسيسية تتضمّن المساواة بين الجنسين كقيمة أو مبدأ موجّه، لكن في 50% منها فقط توجد سياسة مكتوبة لمكافحة التحرّش الجنسي (75% تفرض عقوبات على ذلك). يذكر أنّ التحرّش الجنسي أو اللفظي، كما عبّرت المحازبات، يشكل عائقاً أمام العمل السياسي، خصوصاً أنّ محاولات دائماً ما تجري لإسكاتهن أو إحراجهن، لكنهن لا يُقدّمن شكاوى رسمية، لأنها برأيهن «ليست فاعلة».
ولتجاوز العقبات، اعتمدت العديد من الأحزاب السياسية آليات رسمية تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين، بما في ذلك إنشاء هيئات نسائية ووضع سياسات لمراعاة حقوق المرأة. غير أنّ افتقار هذه الآليات للدعم الفعلي المادي والمعنوي قلّل من تأثيرها. وفي المقابل، «تضمّنت 50% من الأحزاب كوتا لتعزيز المساواة بين الجنسين، بنسب تمثيل راوحت بين 20% و33%».
وتوصّلت الدراسة في الخلاصة إلى أنّ تحسين وضع المرأة يتطلّب إصلاح جذري يشمل معالجة الأسباب التي تؤدّي إلى التمييز الجندري، واتخاذ تدابير مؤقّتة لتعديل الممارسات الثقافية والسلوكيات التمييزية تمهيداً لإحراز تقدّم على المدى البعيد. وأوصت الأحزاب بالعمل على حماية النساء من التحرّش، وإقرار كوتا داخلية للمراتب القيادية، ووضع آليات ديمقراطية لضمان شفافية اختيار المرشحين وترشيح النساء لمقاعد نيابية وبلدية «آمنة».
كما ركّزت على ضرورة إصلاح المنظومة القانونية، وإلغاء القوانين التمييزية ضد المرأة، ومراجعة قانون الانتخاب، وإقرار الكوتا النسائية، ومكافحة العنف ضد النساء في السياسة عبر التشريعات، ووضع آليات حكومية لكسر الصورة النمطية عبر مناهج دراسية وإعلامية لتحدّي الثقافة الذكورية، مشيرةً إلى دور أساسي يجب أن يؤدّيه المجتمع المدني والجهات المانحة ووسائل الإعلام في توعية المجتمع على حقوق النساء السياسية ودعم النساء للمشاركة في الحياة السياسية.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
.اضغط هنا
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي