لبنان بين ضغوط التفاوض وخيارات المقاومة: صراع داخلي على اتجاه القرار الوطني

لبنان بين ضغوط التفاوض وخيارات المقاومة: صراع داخلي على اتجاه القرار الوطني

 

Telegram

بقلم:سومر امان الدين
 
في لحظة إقليمية مُرتبكة، يقف لبنان عند مفترقٍ حادٍّ تتقاطع فيه الضغوط الدولية مع الإرادة الشعبية، وتتصارع فيه رؤيتان: لبنان الذي يُراد له أن يتكيّف… ولبنان الذي يريد أن ينهض. هي ليست معركة بين “تفاوض” و “مقاومة” فقط، بل بين فلسفتين تُحدِّدان معنى الوطن وحدود السيادة وطبيعة القرار الحرّ.
 
أولاً: التفاوض… حين يصبح قيداً لا خياراً
 
التفاوض في ذاته ليس ضعفاً، بل أداة سياسية تُستخدم حين يكون ميزان القوى متوازناً أو حين تملك دولة ما أوراق قوة حقيقية. لكن لبنان يُدفَع اليوم إلى طاولة تفاوض لا متكافئة، حيث:
• الدول الكبرى تريد إعادة رسم حدود النفوذ في المنطقة،
• والعدو يضغط بالنار ليحصد في السياسة ما فشل في الميدان،
• والجماعات الداخلية بعضها يراهن على الخارج أكثر مما يراهن على قوّة وطنه.
 
هنا يتحوّل “التفاوض” من فعل سيادي إلى وسيلة تطويعٍ وإعادة تشكيل للنظام اللبناني بما يناسب مصالح الآخرين. يصبح الحديث عن “وقف الحرب” مجرد غطاء لإعادة إنتاج ضعفٍ بنيويٍّ في الدولة، وكأن المطلوب أن يعود لبنان إلى موقع البلد الهشّ الذي تُفرَض عليه النتائج بدل أن يصنعها.
 
ثانياً: المقاومة… خيار الوجود قبل أن تكون خياراً عسكرياً
 
حين نتحدّث عن المقاومة، نحن لا نتحدث عن سلاح فقط، بل عن رؤية فلسفية للوجود الوطني:
هل يحق لشعبٍ صغير أن يرفض الإملاء؟ هل يمكن لوطنٍ محاصر بالتهديد أن يصنع قوة من ذاته؟
المقاومة في لبنان ليست فعلاً “رديفاً للدولة”، بل فعل إحياء للدولة حين تغيب إرادتها أو تُحاصَر.
هي التعبير الأكثر صراحة عن أن:
• السيادة لا تُستورد،
• والحرية لا تُمنح،
• والأمن لا يُكتَب في بيانات الأمم المتحدة.
 
المقاومة اليوم تُواجه ليس فقط العدو على الحدود، بل مشروع إعادة لبنان إلى ضعف ما قبل 2000 وما قبل 2006. لذلك يتحوّل خيار المقاومة إلى خيار مصير: إمّا أن يبقى لبنان موجوداً بكرامته، أو يتحوّل إلى ساحة تُدار من الخارج.
 
ثالثاً: الصراع الداخلي… أزمة رؤية لا أزمة سلاح
 
جوهر المشكلة في لبنان ليس “السلاح”، بل القرار الوطني:
هل لبنان بلدٌ يريد صناعة توازناته بقوته؟
أم بلدٌ يريد الآخرين أن يرسموا له مستقبله؟
 
الصراع الحقيقي هو بين:
• فئة ترى أن الأمن يأتي من الخارج، وأن موازين القوى تُحدَّد في السفارات،
• وفئة ترى أن الأمن يُصنع في الأرض، وأن مستقبل لبنان يولد من صمود ناسه لا من رضا الآخرين.
 
هذا الصراع ليس سياسياً فحسب، بل فلسفياً:
هو صراع بين مفهوم “الوطن كملجأ”، ومفهوم “الوطن كفكرة”، بين مجتمعٍ استهلكته الخيبات ومجتمعٍ قرر أن يصنع انتصاراته بيده.
 
رابعاً: بين الضغط والخيارات… أين يتجه لبنان؟
 
لبنان اليوم ليس أمام خيارين تقليديين، بل أمام معادلة وجودية:
• إذا ذهب إلى التفاوض من دون قوة، فهو يذهب إلى تنازل.
• وإذا ذهب إلى القوة من دون وعي سياسي، فهو يفتح الباب لصراع طويل.
 
الطريق الوحيد هو توازن مكتمل:
قوة مقاومة تُكمل الدولة… ودولة قوية تحمي خيار المقاومة وتستثمره سياسياً.
لا دولة بلا مقاومة واقعية، ولا مقاومة بلا دولة قادرة على تحويل الصمود إلى مكسب وطني.
 
خامساً: الخاتمة… لبنان الذي نريد
 
لبنان لن ينهض من خلال التفاوض وحده، ولا من خلال المعارك وحدها، بل من خلال قرارٍ وطنيٍّ حرّ لا يخضع لضغط، ولا يُدار بالإنابة، ولا يُباع في أسواق السياسة.
المعركة اليوم ليست على الحدود، بل على روح البلد:
هل يبقى لبنان ساحةً تُدار من الخارج؟
أم يتحوّل إلى وطن يكتب قدره بنفسه؟
 
لبنان بين ضغوط التفاوض وخيارات المقاومة…
ليس مجرد عنوان سياسي، بل معركة فلسفية على تعريف الوطن.
والأوطان التي تعرف نفسها… لا يهزمها أحد.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram