أحيتها القطارات ومزقتها الحرب.. ما لا تعرفه عن بابنوسة السودانية
منذ اندلاع الحرب في السودان يوم 15 أبريل 2023، تحولت مدينة بابنوسة الواقعة على بعد نحو 700 كيلومتر جنوب غربي العاصمة الخرطوم إلى ساحة قتال مفتوحة.
إذ أجبرت الطائرات والقذائف والمسيرات عشرات الآلاف من المدنيين على النزوح، تاركين وراءهم منازلهم وأسواقهم ومصانعهم على شفا الخراب.
واليوم، يكاد لا يوجد مدني واحد في بابنوسة التي تحولت إلى مدينة أشباح، تتلاشى فيها الحياة التي بناها أجيال من العمال والمهندسين والموظفين منذ أكثر من قرن.
فماذا نعرف عن هذه المدينة؟
السكك الحديدية.. شريان الحياة
في ستينيات القرن الماضي، وصلت السكك الحديدية إلى بابنوسة لتلعب دوراً حاسماً في رسم ملامح نهضتها. حيث جعلت منها مركزاً حيوياً يربط شمال السودان بجنوبه وغربه. ويمتد الخط من الرهد المتصل بالأبيض، ليتفرع من بابنوسة في مسارين رئيسيين: الأول غرباً نحو نيالا (1959)، والثاني جنوباً إلى واو (1962).
وعلى طول هذه المسارات تنتشر محطات استراتيجية مثل أبو زبد والفولة والضعين وأبو جابرة وبحر العرب، التي لم تكن مجرد محطات توقف، بل شواهد على تاريخ النقل والصناعة في السودان.
غير أن خط السكك الحديدية تعرض لأضرار كبيرة خلال الحرب الأهلية الثانية، لكن أعيد تأهيله عام 2010 بتمويل أممي قدره 250 مليون دولار، ليعود القطار ناقلاً البضائع من غرب السودان إلى جنوبه قبل الانفصال عام 2011. ورغم ذلك، تظل المدينة بلا مطار، وأقرب منفذ جوي لها هو مطار كوستي.
الصناعة
وعام 1960 شهد افتتاح أول مصنع للألبان المجففة في إفريقيا والعالم العربي، بحضور الزعيم اليوغسلافي جوزيف بروز تيتو. فشكل هذا الحدث علامة فارقة في تاريخ المدينة، ثم تلاه توسع صناعي لتجفيف الصمغ العربي، الكركدي، التبلدي، والعرديب، قبل أن يتراجع النشاط مع تراجع التنمية في الإقليم.
وكانت بابنوسة مقصداً للعمال من شتى أنحاء السودان، فيما شكلت محطة السكك الحديدية شريانها الحيوي الذي ربطها ببقية البلاد.
اسم من الطبيعة
أما اسم المدينة فيعود، حسب الباحث صلاح الأمين لكلمة البَابَنُوس، الاسم المحلي لشجر الأبنوس الذي كان يكثر في محيط المدينة.
كما أوضح الأمين للعربية.نت/الحدث.نت أن خشب الأبنوس يعد من أثمن أنواع الأخشاب في السودان، ويستخدم في صناعة الأثاث والتحف الفاخرة، ما منح المدينة اسماً يعكس غناها الطبيعي وخصوصيتها البيئية.
حصار منذ يناير
في حين تعيش بابنوسة اليومحت حصار طويل، فالجيش السوداني يتمسك بمواقعه، بينما تواصل قوات الدعم السريع هجماتها عبر الطائرات المسيرة والمدفعية بعد سيطرتها على الفاشر.
ووفق مصادر محلية، دفعت الدعم السريع بتعزيزات كبيرة إلى محيط المدينة المحاصرة من جميع الاتجاهات منذ مطلع 2024، في محاولة للسيطرة عليها، لكن مواجهة القوات المسلحة كانت عنيفة ومستمرة منذ أشهر.
فيما أدى الحصار منذ يناير الماضي إلى تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية، وغادر معظم السكان المدينة سيراً على الأقدام، في مشهد يعكس حجم المأساة الإنسانية.
وحسب "غرفة طوارئ بابنوسة" وهي لجنة إغاثية محلية، فإن المدينة خالية تقريباً من سكانها، بعد أن نزح نحو 177 ألف نسمة.
بينما عبّر أحد النازحين عن الأمل بالعودة يوماً، مضيفاً: "توقفت الحياة فجأة، كأن الزمن هنا تجمد".
أهمية استراتيجية
وتقع بابنوسة في قلب غرب كردفان، على خطوط مواصلات تربط مناطق الإنتاج الزراعي والتجاري الكبرى مثل الرهد والفولة والدبيبات وأبو زبد.
ووفقاً لمحللين عسكريين، سيشكل السيطرة على المدينة السيطرة على شرايين الإمداد غرب السودان، وتعطيلها يشل الحركة الاقتصادية في الإقليم بأسره.
كما تقع المدينة في ولاية غنية بالنفط، ما يزيد من حساسيتها في حسابات الصراع الدائر.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
.اضغط هنا
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي