مؤشرات أميركية جديدة نحو سورية… وتفاهم "الوكالة" مع طهران تمهيد دولي للعودة إلى فيينا حكومة ميقاتي تنطلق بترحيب دولي عربي… التحدي الداخلي سعر الصرف ورفع الدعم البيان الوزاري لصندوق النقد… والثقة المتوقعة تقارب الـ 100… ونصرالله الليلة لخطة السفن
المناخ الإقليمي يحمل المزيد من المؤشرات الأميركية نحو سورية، حيث ورش العمل التي تنعقد في مراكز الدراسات تتلاقى على نضج التوقيت المناسب لإعلان خطوة بحجم الانسحاب العسكري، وتفويض روسيا بمواصلة المسؤولية عن الحرب على "داعش" من جهة، وترتيب مستقبل العلاقات بين الجماعات الكردية التي تلوذ بواشنطن والعاصمة السورية، وبالتوازي دراسات ومقالات في صحف كبرى مثل "وول ستريت جورنال" تجد في قانون قيصر للعقوبات على سورية تحدياً وفرصة، حيث الاستمرار بتطبيقه عبء على واشنطن، والرفع التدريجي والمستهدف لعقوباته فرصة للانفتاح على الدولة السورية سواء من بوابة الاستثناء الذي يفترض أن يطال استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سورية، ليطال مجالات أخرى أشد أهمية في مستقبل العلاقات الأميركية- السورية، مثل تمويل إعادة النازحين، وتمويل إعادة الإعمار، خصوصاً البنى التحتية.
بالتوازي مؤشرات الانفراج أخرى تطال الملف النووي الإيراني مع تعاظم الخشية الأميركية والأوروبية من الاستثمار المتاح لإيران لمراكمة الإنجازات كلما تأخرت العودة إلى الاتفاق النووي، وما كشفته نتائج زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران من تفاهمات تحت الثوابت الإيرانية بعدم تسليم إنتاج كاميرات المراقبة قبل العودة للاتفاق، وعدم الممانعة بتجديد ذاكرتها التسجيلية لشهر مقبل إفساحاً في المجال للعودة إلى الاتفاق، بينما حمل رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي تأكيداً لمواقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي تبلغها الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي لضمان حصر التفاوض في فيينا بالملف النووي من دون أي أوهام حول جوائز ترضية في ملفات أخرى مقابل الرفع الكامل للعقوبات والالتزام الكامل بالموجبات من الجانبين الأميركي والأوروبي، وهو ما تم بحثه بين المبعوث الأميركي الخاص بالملف النووي روبرت مالي والمسؤولين الروس خلال زيارة مالي لموسكو خلال اليومين الماضيين، وسط إشارات متعددة أميركية وأوروبية وروسية عن العودة الوشيكة لمفاوضات فيينا مع مشاركة إيران في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في مناخ الانفراجات تقلع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وسط ترحيب أميركي- أوروبي- عربي بولادتها، وينعقد اجتماعها الأول اليوم كخطوة أولى نحو بدء صياغة بيانها الوزاري الذي تؤكد مصادر قريبة من رئيس الحكومة أن الأولوية في البيان ستكون للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، بينما تحدثت المصادر عن أولوية داخلية تتمثل برفع الدعم والبطاقة التمويلية المترابطين معاً، وبالتوازي بالحفاظ على استقرار سعر الصرف وإنهاء الأسعار المتعددة للدولار في السوق.
مصادر نيابية تعتقد أنّ الحكومة ستنال ثقة تقارب المئة صوت، مع الإخراج المتمثل بانضمام كتلة لبنان القوي لمانحي الثقة بعد صدور البيان الوزاري، والتزام كتل المستقبل والتنمية والتحرير والوفاء للمقاومة وكتل المردة والقومي والرئيس ميقاتي بمنح الثقة وترجيح منحها من اللقاء التشاوري.
ليلاً سيطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وترجح مصادر حزب الله أن يعلن السيد نصرالله خطة توزيع حمولة السفن من المازوت، بعد وصولها أمس إلى البقاع، كما قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين.
بعد التقاط الصورة التقليدية لها بمشاركة رئيس مجلس النواب نبيه بري، تعقد الحكومة الجديدة جلستها الأولى قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتي ستفضي إلى تكليف لجنة لصياغة البيان الوزاري الذي سيكون عليه الواقع الاقتصادي وكيفية معالجته، فضلاً عن التأكيد على التعاون مع المنظمات الدولية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي وفق خطة إصلاحية إنقاذية للبلد والانفتاح على الدول العربية والصديقة وترتيب العلاقات معها بما يخدم مصلحة لبنان كما سيؤكد البيان الوزاري إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها ودعم الجيش والقوى الأمنية.
إلى حين إقرار الحكومة البيان الوزاري تمهيداً لنيلها الثقة في مجلس النواب، أكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ "البناء" أن تعاطي التيار هو إيجابي وأن قرار منح الثقة رهن برنامج الحكومة، مشددة على أنّ ما يهمّنا كتكتل أن تنجح الحكومة في المهمة المشكلة إليها ونحن من جهتنا سنساعدها في عملية الإصلاح في حال سلكت طريق تطبيق الإصلاحات والتدقيق الجنائي. وفي سياق متصل تشدد المصادر على عمل الوزراء بعيداً من الحسابات السياسية والتناقضات، مضيفة سنكون بالمرصاد لأي محاولات تعيق الإصلاح ومحاربة الفساد وتسيير شؤون المواطنين، مع تأكيده أن العهد لا يملك الثلث الضامن وأن هذه الحكومة تتسم بالوزراء التوافقيين الذين لا يمكن احتسابهم على فريق دون الآخر.
وأعلن رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في حديث تلفزيوني أمس عن منح الحكومة الثقة لإعطائها فرصة لأنّ الوقت ليس للمناكفات السياسية والمزايدات، ونتمنى نجاح الحكومة لإنقاذ البلد مما هو فيه، ولبنان لم يعد يتحمل مراهنات جديدة.
وتظن مصادر مطلعة لـ "البناء" أنّ أحداً من المكونات السياسية لن يذهب إلى تعطيل هذه الحكومة، أولاً لأن الظروف لا تسمح باللعب على وتر الصراعات، ثانياً تقاطع الدور العربي (الأردني والمصري) والأميركي والروسي والفرنسي على أهمية تأليف حكومة تقوم بما هو مطلوب منها لإنقاذ الوضع ووضع حد للانهيار تمهيداً لترتيب الأوضاع في مرحلة مقبلة، في إشارة إلى ما بعد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. ورأت المصادر أن هذه الحكومة ستعمل على إدارة الأزمة ومعالجتها، بخاصة أن هناك ملفات ضاغطة تنتظرها من رفع الدعم وأزمة المحروقات والاحتكار. ورجحت المصادر أن تكون القرارات التي ستصدر عن مجلس الوزراء توافقية، بخاصة أن انتقاء وزراء هذه الحكومة استند إلى ضرورة تشكيل فريق عمل متجانس لا يعطل أي إنتاجية حكومية مطلوبة.
في الموازاة، أشارت مصادر مطلعة على موقف الرئيس ميقاتي لـ "البناء" إلى أنّ برنامج الرئيس ميقاتي يقوم على التفاوض مع صندوق النقد والتصدي للأزمة الاقتصادية والاجتماعية وإجراء الانتخابات النيابية، معتبرة أن برنامج الرئيس ميقاتي سيكون مثقلاً بالعمل وتنفيذ الوعود التي قطعها، وهناك تعويل من قوى سياسية محلية وخارجية على هذه الحكومة على تحقيق الإنجازات، بالتالي يفترض بالجميع إقران الأقوال بالأفعال وتجاوز كل الخلافات والانكباب على العمل والتعاون لإنجاح الحكومة في تنفيذ مهامها.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي باشر السبت عقد اجتماعات متتالية مع الوزراء في إطار مناقشة تصوّرهم لعمل وزاراتهم والملفات الأساسية المطلوبة، والتحضير للبيان الوزاري الذي ستنال الحكومة الثقة على أساسه. كما عقد ميقاتي اجتماعاً ضمّ الوزراء الجدد والسابقين المعنيين بموضوع البطاقة التمويلية التي تمّ الإعلان عن المباشرة بتسجيل من يرغب الإفادة منها وفق الشروط المحدّدة.
وحرص رئيس الحكومة على الاطّلاع تفصيلياً على المراحل التي قطعها هذا الموضوع، وما إذا كان الإعلان عن البطاقة قد اقترن فعلياً بمصادر تمويل محدّدة، ومواعيد محدّدة للدفع، أم أنّ البحث سيستمر في هذا الموضوع لإيجاد التمويل المناسب والحلول النهائية لكلّ المسائل المتعلقة بهذا الملف. وقد اتفق بنتيجة البحث على أن يستكمل الوزراء الجدد والسابقون البحث في الأيّام القليلة المقبلة لإعداد التقرير النهائي في هذا الموضوع.
وأبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري في تصريح له ارتياحه لتشكيل الحكومة، معتبراً أنه "ابتداء من الغد (اليوم) ستنطلق الحكومة إلى العمل ونأمل بأن توفق لما فيه خير اللبنانيين".
أما حزب الله فرأى على لسان النائب حسن عز الدين في تشكيل الحكومة "خطوة إيجابية تستدعي تضافر جهود جميع الجهات السياسية لأجل النهوض بالبلد وانتشاله من الانهيار التام، والبدء بمجموعة من الإجراءات السريعة لمعالجة الأزمات الحياتية الآنية، والتأسيس لوضع خطة إنقاذية في إطار خطة شاملة لتعزيز الاقتصاد المنتج على كل الأصعدة، ما يسهم في دعم الليرة اللبنانية والحفاظ على قدرتها الشرائية"، مشدداً على "ضرورة أن تضع هذه الحكومة على سلم أولوياتها مهمة تأمين الأموال اللازمة، ووضع البطاقة التمويلية موضع التنفيذ لمساعدة المواطن ورفع قدرته على المواجهة".
وأعرب الاتحاد الأوروبي، عن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في لبنان، برئاسة نجيب ميقاتي. وقال الاتحاد الأوروبي في تصريحات أوردتها وكالة "رويترز"، أنه مستعد لحشد الجهود، من أجل دعم لبنان، ومساعدته على مواجهة الأزمات التي يعانيها. وقال على جميع الأطراف المعنية أن تظهر نفس العزم والقدرة على التسوية، وأن تتبنى من دون تأخير الإجراءات اللازمة لضمان تلبية الاحتياجات الفورية والتوقعات المشروعة للشعب اللبناني. بما في ذلك التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. ودعا الاتحاد الأوروبي لضرورة مباشرة الاستعدادات للانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية العام المقبل "بطريقة حرة ونزيهة وشفافة".
وعلى صعيد أزمة المحروقات، أفادت مصادر شركات المحروقات لـ "البناء" أن البواخر الموجودة في البحر لا تستطيع التفريغ، ومردّ ذلك أنّ مصرف لبنان لم يمنحها حتى الساعة الاعتمادات اللازمة، ومن غير المعلوم إن كانت الاعتمادات ستنتظر بدء الحكومة عملها بعد نيلها الثقة، محذرة من أن المخزون سينفد وأن نحو 90 في المئة من المحطات على الأراضي اللبنانية ستكون مقفلة اليوم.
إلى ذلك وفيما وصلت الباخرة الإيرانية إلى مرفأ بانياس، بانتظار أن ينقل وقودها عبر الصهاريج من سورية إلى جنوب بعلبك عبر خط حمص- الهرمل، أشارت مصادر مطلعة على الملف لـ "البناء" إلى أن الأولوية عند حزب الله تكمن في توزيع المازوت على المستشفيات والأفران وآبار المياه ومعامل الأدوية في كل المناطق اللبنانية، ليتمّ في مرحلة لاحقة تأمين المازوت لمن يرغب من الأفراد والشركات وفق آلية ستحدّد لاحقاً.
ويتحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء اليوم، عند الثامنة والنصف حول آخر التطورات والمستجدات في البلاد، حيث سيتناول في كلمته ملف المحروقات وتحديداً البواخر الإيرانية، حيث من المرجح أن يصل المازوت عبر الصهاريج من سورية إلى لبنان في الساعات المقبلة، كما سيعطي حيّزاً في كلمته للملف الحكومي وعمل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
إلى ذلك برز أمس إعلان وزير النفط والثروة المعدنية السوري المهندس بسام طعمة أنّ خط الغاز العربي جاهز داخل سورية لنقل الغاز المصري إلى لبنان وأن سورية ستحصل على كميات من الغاز مقابل مروره عبر أراضيها بموجب الاتفاقيات الموقعة ما ينعكس بالفائدة على عمليات توليد الطاقة الكهربائية في البلاد. مبيّناً أنّ الجانب اللبناني طلب 600 مليون متر مكعب من الغاز في العام أيّ بمعدل 1.6 مليون متر مكعب يومياً.
وقال الوزير طعمة في تصريح خاص لـ "سانا"، إنّ خط الغاز العربي داخل الأراضي السورية جاهز لنقل الغاز بعد أن أجريت عليه عمليات الصيانة باعتباره جزءاً من شبكة الغاز الداخلية بعد تعرّضه لعشرات الاعتداءات الإرهابية وسرقة الإرهابيين لتجهيزات محطات الصمامات المقطعية الثلاث من جهة الحدود الأردنية، مبيّناً أنّ عمليات إصلاحه كلفت مليارات الليرات السورية.
وأوضح وزير النفط أنه بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين سورية ومصر عام 2000 وانضمام الأردن إليها عام 2001 وقع على عاتق كل بلد إنشاء جزء من خط الغاز العربي الواقع ضمن أراضيه وتخضع أعمال الصيانة لنفس هذا المبدأ، لافتاً إلى أن هناك وصلة من خط الغاز بطول 600 متر ضمن المنطقة الحدودية بين سورية والأردن يحتاج الكشف عليها إلى تنسيق بين البلدين، مشيراً إلى أنّ شبكة الغاز كانت عاملة منذ عام 2009 وتوقف العمل فيها بداية عام 2012 بسبب انخفاض كميات الغاز المنتجة في مصر.
من جهة أخرى، أكد مصدر أردني مطلع أن عملية الربط الكهربائي من الأردن مع لبنان لن تتمّ قبل الربع الثاني من العام المقبل بسبب أعمال الصيانة من قبل الجانب السوري للشبكة الكهربائية ضمن حدودها.
***************************************
هديّة سلامة لميقاتي: رفع الدعم قبل الانتقال إلى السرايا!
الهدية الأولى لنجيب ميقاتي ستكون رفع الدعم عن المحروقات. وهذه هدية سعى بنفسه للحصول عليها، لافتراضه أن وصولها قبل بدء عمله رسمياً، سيحُرّره من المسؤولية، التي كان شريكاً فيها من خلال دعمه الدائم لرياض سلامة. لكن على المقلب الآخر، فإن الأخبار الآتية من خلف الحدود تبدو أكثر رأفة. فمع اقتراب وصول النفط العراقي وإعلان سوريا جهوزية خط الغاز للاستجرار إلى لبنان، يعلن السيد حسن نصر الله اليوم بدء وصول المازوت الإيراني، شارحاً آلية توزيعه ومراحله
انتهى مسلسل تأليف الحكومة الطويل، وأتى فصل نيلها الثقة. لكن قبل ذلك، لا بد من الصورة التذكارية التقليدية على درج قصر بعبدا. هذه الصورة يفترض أن تُلتقط قبيل اجتماع الحكومة عند الساعة 11 قبل الظهر الذي سيخصّص حصراً للتعارف بين مكوّنات الحكومة الجديدة ولتشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري. اللجنة التي يُتوقع أن تتمثّل فيها كل الكتل، يُفترض أن تعدّ البيان خلال شهر كحدّ أقصى، قبل أن تمثل أمام المجلس النيابي لنيل الثقة.
وفيما تبدأ اليوم أيضاً عملياً التسليم والتسلّم بين عدد من الوزراء، لم تتغيّر أولويات البلد في الفترة الفاصلة بين التأليف ونيل الثقة. لا تزال مسألة الكهرباء والمحروقات مصدراً لمعاناة يومية. لكن بحسب ما صار معلوماً، فإن الباخرة الأولى من بواخر الفيول المستبدلة مع العراق، ستصل هذا الأسبوع، على أن تستمر بوتيرة أسبوعية، بما يضمن تأمين أربع ساعات إضافية من التيار الكهربائي يومياً. أما على الخط العودة إلى استجرار الغاز المصري إلى لبنان، فيبدو أن الإجراءات التحضيرية تسير بشكل متسارع أيضاً، وقد أعلنت وزارة النفط في سوريا إتمام صيانة القسم الأكبر من الشبكة التي تمر عبر الأراضي السورية.
أما على خط المازوت الإيراني، وبعدما صار معلوماً أن الباخرة الأولى وصلت فعلاً إلى سوريا، سيخرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليعلن بدء دخول المازوت إلى لبنان. وهو سيخصص حيزاً كبيراً من خطابه اليوم لشرح آلية التوزيع ومراحله، حيث يفترض أن تكون الأولوية للمستشفيات ودور العجزة والأفران والمصانع الحيوية، على أن يليها في المرحلة الثانية المولدات الخاصة، علماً بأن الخطاب يتناول أيضاً التطورات على الساحة الفلسطينية، إضافة إلى التطورات المتصلة بتأليف الحكومة.
لكن إذا كان المازوت الإيراني سيؤمن بعضاً من حاجة السوق، فإن البنزين بدأ يفقد من المحطات، حيث تكررت أمس الأخبار عن إقفال أغلبها بانتظار تسلّم المحروقات من الشركات، التي تحمّل بدورها المسؤولية لمصرف لبنان الذي يرفض فتح اعتمادات لبواخر متوقّفة أمام الشاطئ اللبناني، علماً بأن مصادر معنية تؤكد أن محطات عديدة تتذرّع بالإشكالات التي تحصل لإغلاق أبوابها والحفاظ على مخزونها إلى حين رفع الدعم وتحقيق أرباح ضخمة غير مستحقة.
إلى ذلك، أصدرت نقابة أصحاب المحطات بياناً طالبت فيه القوى الأمنية بتنظيم الوقوف على المحطات وحمايتها قبل أن تضطر مكرهة إلى الإقفال.
وبحسب المعلومات، فإن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، يُردّد أن مبلغ الـ 200 مليون دولار المُخصّص لاستيراد المحروقات على سعر 8000 ليرة للدولار قد نفد (خصص مبلغ 25 مليون دولار لمصلحة كهرباء لبنان)، ولم يعد بإمكانه فتح أي اعتماد على السعر المدعوم. وهو ما يعني عملياً نهاية الدعم، مع ما يؤديه ذلك من تضخم إضافي، وارتفاع غير مسبوق في الأسعار. وفيما توقعت مصادر مطّلعة أن تتم الإشارة إلى رفع الدعم اليوم، كانت أخرى تشير إلى أن تأليف الحكومة لن يؤخّر هذا الإعلان، بل على العكس سيسرّعه. وبحسب المصادر، فإن رفع دعم هو قبل أن يكون قراراً لسلامة أو للمجلس المركزي لمصرف لبنان، هو طلب لميقاتي، الذي يريد أن يُرفع الدعم قبل تسلّمه مهامه يوم الثلاثاء.
وإذا صح ذلك، فإن رفع الدعم سيكون أوّل الملفات على طاولة الحكومة الجديدة، التي علم أن رئيسها بدأ بالفعل اجتماعات مع عدد من الوزراء لمناقشة ملفات أساسية تواجه الحكومة، ومنها على سبيل المثال، ملف البطاقة التمويلية، الذي يفترض الإسراع في إنجازه.
*******************************
أول استحقاقات الحكومة المحروقات ووزراء “متنمّرون”!
مع ان اليوم الاثنين يشكل عملياً موعد الانطلاقة الرسمية لحكومة الرئيس #نجيب ميقاتي التي أبصرت النور الجمعة الماضي، فإن ما يمكن وصفه بالطالع السيء استبق الجلسة الأولى لمجلس الوزراء التي ستعقد في قصر بعبدا قبل ظهر اليوم لتشكيل اللجنة الوزارية لصياغة البيان الوزاري بعد التقاط الصورة التقليدية. ذلك ان عدداً وافراً من الوزراء الجدد لم يمهلوا رئيس الحكومة ولا مجلس الوزراء مجتمعاً، كما تفرض الأصول الشكلية والدستورية لانعقاد الجلسة، بل استغلوا فترة الساعات الـ48 الفائتة التي أعقبت اعلان مراسيم تشكيل الحكومة وراحوا ينتشرون عبر الشاشات معلنين بملء الفم بياناتهم الوزارية الفردية كل على هواه واتجاهاته الخاصة، بل ان بعضهم ذهب بعيداً جداً في اطلاق العنتريات التي تنوعت بين مواقف “متنمرة” سياسية اوخدماتية اوإعلامية. شكلت هذه الثغرة صدمة أخرى أعقبت ثغرة أولى تمثلت في تفلت مجموعة وقائع حول “فضائح” او مواقف لوزراء جدد شغلت الرأي العام وطغت حتى على الاصداء الإيجابية التي تركها اعلان الحكومة داخليا وخارجيا، الامر الذي شكل واقعياً عينات ونماذج من حالة مشروعة عامة في البلاد يطغى عليها انعدام الثقة بمجمل الطبقة السياسية، وجاءت الشوائب التي تضمنتها التركيبة الحكومية لتزيد في تفاقم هذه الحالة.
ومع ذلك فان التحديات الجوهرية والأكثر جدية وخطورة ستبدأ اليوم تحديداً أولا مع تحديد العناوين الأساسية للتحديات التي ستواجهها الحكومة من خلال بدء صياغة البيان الوزاري. ومع ان أحداً لا يأخذ بالبعد الجدي لالتزام الحكومات المتعاقبة بياناتها الوزارية، فانه سيتعين على الحكومة الجديدة ان تتعامل بمنتهى الدقة والحذر وروح الالتزام مع الأولويات التي ستوردها في بيانها الذي سيشكل الوثيقة الأساسية لتعاملها مع مجتمع دولي، صحيح انه رحب بتشكيلها، ولكنه ذكر بشكل صارم بأن دعمه ل#لبنان سيكون مشروطاً بالإصلاحات الأساسية التي يجب على الحكومة التزامها وتنفيذها. اما الدفعة المباشرة الأخرى للتحديات التي بدأت الحكومة في مواجهتها واقعياً فتمثلت في الاستشراء غير المسبوق في أزمات البلد ولا سيما منها ازمة المحروقات الذاهبة من اليوم الى أسوأ مراحلها في الفترة الفاصلة ما بين رفع الدعم نهائياً عن المحروقات والجفاف الواسع في تزود المواطنين بالبنزين والمازوت، فيما تتجه أيضا ازمة الكهرباء الى عتمة شاملة. هذه القنبلة الجاهزة للانفجار اجتماعياً بأقسى اشكالها ستكون في الساعات المقبلة بمثابة الاختبار الأشد ضغطاً على الحكومة فيما يبدأ وزراؤها الجدد تسلم مهماتهم من الوزراء السابقين.
وكان الرئيس ميقاتي باشر السبت عقد اجتماعات متتالية مع الوزراء في إطار مناقشة تصورهم لعمل وزاراتهم والملفات الأساسية المطلوبة، والتحضير للبيان الوزاري الذي ستنال الحكومة الثقة على أساسه. كما عقد ميقاتي اجتماعا ضم الوزراء الجدد والسابقين المعنيين بموضوع البطاقة التمويلية التي تم الاعلان عن المباشرة بتسجيل من يرغب الافادة منها وفق الشروط المحددة. وحرص رئيس الحكومة على الاطلاع تفصيلياً على المراحل التي قطعها هذا الموضوع، وما إذا كان الاعلان عن البطاقة قد اقترن فعلياً بمصادر تمويل محددة، ومواعيد محددة للدفع، أم أن البحث سيستمر في هذا الموضوع لايجاد التمويل المناسب والحلول النهائية لكل المسائل المتعلقة بهذا الملف. وقد اتفق بنتيجة البحث على أن يستكمل الوزراء الجدد والسابقون البحث في الأيام القليلة المقبلة لإعداد التقرير النهائي في هذا الموضوع.
الاتحاد الأوروبي
وفي الاصداء الخارجية لولادة الحكومة أعرب الاتحاد الأوروبي، أمس عن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في لبنان، برئاسة نجيب ميقاتي. وقال في تصريحات أوردتها وكالة “رويترز” أنه مستعد لحشد الجهود، من أجل دعم لبنان، ومساعدته على مواجهة الأزمات التي يعانيها. وقالت المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية: ” لقد تفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد بشكل ملحوظ في الأشهر الماضية، وزادت من الصعوبات الحالية بسبب شلل القوة ونقص الوقود، لذلك على جميع الأطراف المعنية أن تظهر نفس العزم والقدرة على التسوية، وأن تتبنى بدون تأخير الإجراءات اللازمة لضمان تلبية الاحتياجات الفورية والتوقعات المشروعة للشعب اللبناني. بما في ذلك التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي”. ودعا الاتحاد الأوروبي الى ضرورة مباشرة الاستعدادات للانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية العام المقبل “بطريقة حرة ونزيهة وشفافية” وأضاف “في هذا الصدد نرحب بتصريح رئيس الوزراء ميقاتي وعزمه على إجراء هذه الانتخابات في موعدها المحدد، فنحن واقفون إلى جانب لبنان في جهوده للتغلب على التحديات التي يواجهها البلاد”.
واما في المواقف الداخلية من الحكومة فرحبت الهيئة السياسية في “التيّار الوطنيّ الحرّ” بـ “تشكيل الحكومة الجديدة التي أسقطت بولادتها كل الافتراءات والممارسات والأكاذيب التي استهدفت على مدى سنة كاملة تعطيل المؤسسات لضرب العهد وكسر التوازنات ” ولكنها مضت في المناورات زاعمة ان “التيّار الذي لم يشارك في الحكومة، قام بواجبه الوطني في تسهيل ولادتها وهو ينتظر بيانها الوزاري ليحدّد موقفه من إعطاء الثقة لها، مع فتح باب النقاش لذلك.
السنيورة وجعجع
في المقلب المتحفظ او المعارض قال الرئيس فؤاد السنيورة قال في حديث لـ “النهار” قبل ساعات قليلة من ولادة الحكومة ان “المشكلة الاساس، هي أن الدولة مخطوفة، وهو ما يظهر جلياً بعدم التقيد بالدستور … كل معالم الدولة أصبحنا في حل منها، ولم نعد نميز بين ما هو حق وما هو باطل”. واعتبر ان “ما يزيد مشكلة انفراط البلد وتفككه، هو ما طرح من ثلث معطل لرئيس الجمهورية. هذا الواقع يدل بوضح إلى تخريب النظام الديموقراطي. ليس فقط الثلث المعطل، إنما نمط تشكيل حكومات الوحدة الوطنية، وهي التي بات تقليدها واقعاً منذ عام 2008. تحوّلت الحكومة إلى مجلس نواب مصغر، وهذا أول انتهاك للدستور أي أن الحكومة هي انعكاس للمجلس”. واعتبر السنيورة ان رئيس الجمهورية ميشال عون “الذي يصر على موقفه وشروطه لا يكترث لما يحدث للناس ولا يوافق إلا إذا نال ما يريد، وهذا يعني أنه لا يتصرف كرئيس للجمهورية بل كرئيس لتيار سياسي. وما وصلنا اليه من وضع مزر يتحمل مسؤوليته الجميع، ذلك عندما كنا نوافق أخيراً على شروطه، الم يُحجز البلد في الفراغ لمدة سنتين ونصف السنة بين 2014 و2016؟ عدم احترام الدستور أوصلنا إلى ما نحن عليه وخطفت معه الدولة.” ورأى ان “إخراج البلد من مأزقه لا يتم فقط بتأليف حكومة، الحكومة المتجانسة بلا وصاية سياسية وحدها تتقدم، مع إدراك مجلس النواب لما يجب أن يتخذه “.
أما رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع فقال “ان النواة الصلبة للمجموعة الحاكمة المكونة من “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” مسؤولة عن ايصال لبنان الى الحضيض فكيف لها ان تنتشله عن طريق حكومة هي مسؤولة عن تشكيلها في شكل اساسي؟” وقال “بغض النظر عن وجود بعض الشخصيات التي نكنّ لها الاحترام ومع تقديرنا لجهود الرئيس نجيب ميقاتي وعزمه الدائم على تحمل المسؤولية، فإنه على الأرجح لن يكون قادراً على احداث التغيير المطلوب والشروع في المسار الانقاذي بوجود المجموعة الحاكمة إياها”. وفيما لم ير جعجع “ان في الحكومة ثلثاً معطلا لا فوق الطاولة ولا تحتها” ، الا انه اعتبر “ان التأليف بذاته ليس الا حبّة بانادول” . وحول امكانية منح تكتل الجمهورية القوية الحكومة الثقة، قال ان “موقفنا المبدئي من كل الحكومات السابقة هو نفسه، غير ان التكتل سيجتمع ويناقش البيان الوزاري ويدرس تركيبة الحكومة، علماً ان ليس ما يشجع على الثقة ما دامت المنظومة السيئة ذاتها كانت لها اليد الطولة في إنتاج هذه الحكومة”.
*******************************************
البيان الوزاري: خريطة طريق إصلاحية تتجنّب “الإشكاليات”
ميقاتي إلى السراي اليوم و”الثقة” مضمونة: وعد “الحرّ” دَيْن!
قياساً على تصريحات بعض وزرائها… أغلب الظنّ أنّ “الآتي أعظم” على اللبنانيين تحت قيادة حكومة سلّمت دفة القيادة الوزارية في عدد من حقائبها لشخصيات من ذوي الفكر الإصلاحي “المحدود”، سرعان ما كشفت في باكورة تصريحاتها عن “عورات” فضائحية و”أعطاب” بنيوية في سبل مقارباتها للأزمة والحلول اللازمة لها.
ومع انتهاء “سكرة” التكليف والتأليف، تستهل الحكومة الوليدة أسبوعها الأول بأجندة مدججة بالصواعق الاجتماعية والحياتية والحيوية، لا سيما مع احتدام أزمة البنزين والمازوت تحت وطأة حجب غالبية المحطات خراطيمها، وتوقف الشركات المستوردة عن تسليم المحروقات مقابل عدم فتح اعتمادات لتفريغ البواخر المنتظرة في عرض البحر… ولذلك فإنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سينتقل اليوم فور انتهاء جلسة “الصورة التذكارية” في قصر بعبدا إلى السراي الحكومي “لبدء العمل” لأنّ البلد لم يعد يملك “ترف تبديد مزيد من الوقت”، وفق تعبير مصادر مقربة منه، مؤكدةً أنّ “الملفات الداهمة تستوجب الإسراع في الخطوات، لكن لكي تبدأ الحكومة فعلياً بالعمل يجب أن تنال الثقة أولاً”.
وهنا لوحظ خلال الساعات الأخيرة إطلاق “التيار الوطني الحر” حملة إعلامية تفتح “بازار” منح الثقة من عدمه للحكومة، غير أنّ أوساطاً واكبت المفاوضات التي سبقت ولادة الحكومة جزمت بأنّ هذا الموضوع محسوم بموجب “وعد قطعه رئيس الجمهورية ميشال عون بأن تنال الحكومة الثقة من قبل تكتل “لبنان القوي”، لقاء الحصة الوازنة التي حصل عليها العهد وتياره في تشكيلتها”، وبالتالي فإنّ “المسألة غير قابلة لإعادة النقاش فيها على قاعدة أن وعد نيل ثقة “التيار الحرّ” أصبح بمثابة “الدّيْن” في ذمة رئيس الجمهورية”.
أما وقد تشكلت الحكومة وضمنت القوى التي تقف خلف تشكيلها تعبيد الطريق السريع أمام منحها الثقة البرلمانية، فإنّ اجتماع مجلس الوزراء الأول في القصر الجمهوري اليوم سيكون “فولكلورياً بروتوكولياً” لزوم مشهد استعراض “الكليشيهات” الرئاسية والتقاط الصورة التذكارية، على أن ينطلق العمل التنفيذي من السراي الكبير مع بدء اجتماعات لجنة صياغة البيان الوزاري، الذي “لن يكون مسهباً إنما ستكون فقراته محددة وصفحاته مقتضبة”، وفق تأكيد المصادر المقربة من رئيس الحكومة، لافتةً إلى أنّ “عمر الحكومة قصير نسبياً والانتخابات على الأبواب، ومهام الحكومة واضحة”.
وإذ آثرت المصادر عدم الخوض مسبقاً في مقاربة مصير “البنود الشائكة” المرتقبة في مسودة البيان، فإنّ أوساطاً حكومية ترى أن يصار “في أغلب الظن” الى اعتماد “النَفَس ذاته الذي كان سائداً في البيان الوزاري السابق لحكومة حسان دياب”، معربة عن ثقتها بأنّ رعاة حكومة ميقاتي “لن يسمحوا لأي موضوع شائك بأن يعكّر صفو انطلاقتها”، مع الإشارة في هذا السياق إلى أنّ “موضوع ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي يتمسك بها “حزب الله” بات يشكل عملياً عاملاً ثانوياً أمام هول الكوارث التي حلت فوق رؤوس اللبنانيين”.
ومن هنا، تشير الأوساط إلى أنّ “البيان الوزاري سيكون بمعظم فقراته إصلاحياً، بشكل سيحدد خريطة الطريق الإصلاحية للحكومة”، مشددةً على أنّ كل المؤشرات المتواترة من مختلف المكونات الوزارية تؤكد أن صياغته “لن تأخذ وقتاً طويلاً، وأنّ الاتجاه هو نحو تسريع الخطوات الدستورية لإنجاز مسودة البيان ونيل الثقة البرلمانية على أساسها، لأنّ الجميع يعي متطلبات المرحلة ودقتها، والتعاطي مع الأمور الإجرائية سيكون على هذا الأساس”.
*******************************************
الحكومة اللبنانية تنطلق من أرضية «لزجة»… ونضوب للاحتياطي الأجنبي
خبير استثماري: الأولوية لبرنامج {النقد الدولي} والتواصل مع الخليج
بيروت: علي زين الدين
تنطلق الحكومة اللبنانية، برئاسة نجيب ميقاتي، رسمياً، اليوم (الاثنين)، في اجتماعها (البروتوكولي) الأول، بعد مخاض طويل دام 13 شهراً، خرجت خلاله الأزمة المعيشية الحادة عن السيطرة جراء التدهور المتسارع للأوضاع النقدية والمالية والاقتصادية، وتعميم أجواء الإحباط وعدم اليقين بإمكانية الخروج من النفق الذي تسبب بانكماش حاد غير مسبوق للناتج المحلي، ونضوب شبه تام للاحتياطات الحرة من العملات الصعبة.
وبمعزل عن برنامج العمل الذي يرتقب أن تحدده الحكومة في بيانها الوزاري، والذي ستتقدم به لنيل الثقة «المضمونة» من مجلس النواب تمهيداً لتسلم مهامها التنفيذية، فإن الأرضية اللزجة التي تقلع منها على خط البداية، والمناخات العاصفة التي قوّضت معظم الركائز الاقتصادية للبلاد وأطاحت بمزاياها التنافسية، تشي -بحسب المحللين والخبراء- برحلة محفوفة بمخاطر الفشل والتزحلق بين المصاعب والعقبات الكبيرة، ما لم يواكبها دعم خارجي متين سريع.
ويجمع اقتصاديون تواصلت معهم «الشرق الأوسط» على ضرورة تسريع إعادة تشكيل فريق العمل الوزاري والإداري المفوض بإعداد خطة الإنقاذ والتعافي، بالمشاركة والتنسيق المسبقين مع لجنة المال النيابية، ومكونات القطاعين النقدي والمصرفي، واستئناف المفاوضات مع إدارة صندوق النقد الدولي، بصفتها مقدمة شرطية لإثبات خيار الحكومة وجديتها، بدعم صريح من الأطراف الداخلية الفاعلة في اعتماد خيار الإصلاحات الهيكلية الكفيلة بإخراج لبنان من محنه المتفشية على كل الأصعدة، ثم المباشرة بتصحيح الانحراف المالي، والخروج القسري للبلد من الأسواق المالية الدولية، اللذين نتجا عن قرار الحكومة السابقة، في أوائل مارس (آذار) من العام الماضي، التوقف عن دفع مستحقات الديون القائمة على الدولة بالعملات الأجنبية، من دون أي تفاوض جدي مع الدائنين.
ويؤكد المسؤول الخبير في الصيرفة الاستثمارية فوزي فرح أن «إعادة تصويب علاقات لبنان الخارجية هي المهمة العاجلة التي يجب على الحكومة العتيدة إعدادها، بصفتها أولوية ضامنة لكبح الانهيار في المجالات كافة. ويجب أن تكون المهمة مزدوجة متزامنة، في حال توفرت الأجواء المناسبة، بداية مع المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمها صندوق النقد والبنك الدوليين، وإعادة التواصل مع الدول الخليجية من جهة موازية، مع مراعاة إشراك القطاع الخاص، وبالأخص القطاعات الحيوية، في تحديد معالم خريطة الطريق لإعادة بناء المظلة الإقليمية والدولية للبنان».
ويرى فرح، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن التخبط في إدارة الخيارات والأزمات «لم يقتصر في أضراره الكارثية على نزف كامل الاحتياطات الحرة من العملات الصعبة لدى البنك المركزي فحسب، واقتصاره حالياً على التوظيفات الإلزامية البالغة نحو 14.5 مليار دولار، بل الأخطر أنه كاد يستنفد كامل منظومة الثقة المحلية والخارجية التي راكمها الاقتصاد الوطني على مدار 3 عقود متتالية بعد الحرب، وهو مخزون لا يقدر بثمن، نظراً لما منحه للبلاد من نمو قوي أوصل الناتج المحلي إلى نحو 55 مليار دولار، ودفع بقطاعه المصرفي إلى إدارة أصول بلغت نحو 250 مليار دولار، معززة بانتشار للوحدات والفروع التابعة في 33 دولة، إضافة إلى التميز التاريخي لقطاعات التعليم والاستشفاء والخدمات والسياحة والوساطة المالية وسواها».
وبالفعل، فقد تراجع إجمالي الناتج المحلي من نحو 55 مليار دولار في نهاية عام 2018 (قبل انفجار الأزمة) إلى نحو 33 مليار دولار في نهاية عام 2020، مع توقع انكماش إضافي بنسبة 10 في المائة هذا العام. كما تصاعدت نسبة الفقر بشكل مريع لتقارب نسبة 75 في المائة من إجمالي السكان، وهو ما دفع بالبنك الدولي إلى تصنيف أزمة لبنان من بين الأزمات العشر، وربما من بين الأزمات الثلاث، الأكثر حدة عالمياً منذ أواسط القرن التاسع عشر.
وفي سياق متصل، تم تصنيف الديون الحكومية بالعملات الصعبة، وبحكمها الأصول المصرفية في الدرجة الأدنى والأقرب إلى التعثر (حالة التخلف عن الدفع المقيّدة)، على لوائح مؤسسات التصنيف الدولية. وهذه الوضعية المتردية غير قابلة للتحسين قبل التوصل إلى اتفاق حول إعادة هيكلة الدين العام، البالغ رقميا نحو 100 مليار دولار، ومنه نحو 35 مليار دولار لمحفظة سندات الدين الدولية (يوروبوندز)، وذلك ضمن برامج مالية واقتصادية إصلاحية، وإعادة هيكلة ميزانيات المصارف التجارية ومصرف لبنان، التي تعد ضرورية من أجل إطلاق برنامج صندوق النقد الدولي، وبالتالي يسهل توصل لبنان إلى اتفاقيّات إصلاحية متعددة الأطراف ودولية، إضافة إلى فتح باب المناقشات مع مساهمين دوليين.
وفقاً لهذه الوقائع، وضرورات الإقلاع عن إنكار كارثيتها وتداعياتها، يوضح فرح أن «المعطيات المتوفرة بشأن الدعم الخارجي المتوخى تشترط حصول تحول صريح في السياسات المعتمدة للإنقاذ، ضمن خطة متكاملة تستجيب أساساً للمتطلبات التي تحددها المؤسسات الدولية، والتي ورد أغلبها أيضاً كالتزامات في ورقة العمل التي سبق أن قدمتها الحكومة اللبنانية إلى (مؤتمر سيدر) في ربيع عام 2018، واستحصلت بموجبها على وعود بدعم ائتماني وتسهيلات بنحو 11 مليار دولار، ثم تنصلت منها حتى قبل انفجار الأزمة»، مضيفاً: «ليس من داعٍ لابتكارات جديدة في هذا المضمار، فالشروط محددة واضحة، وما من مبرر للعودة إلى أساليب المماطلة والتسويف».
ويشير إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص في إعادة هيكلة منظومة العلاقات مع دول الخليج، والاستفادة من شبكة علاقاته المتميزة فيها، وأيضاً من واقع استضافة دول مجلس التعاون لمئات آلاف اللبنانيين المقيمين في ربوعها المشاركين في نهوضها ونمو اقتصاداتها، إنما ينبغي التنبه أيضاً إلى طمأنة هذه الدول وسواها من المانحين الإقليميين والدوليين بأن أي مساعدة على سبيل الدعم أو الإقراض سيجري إنفاقها حصراً ضمن الأهداف المحددة لها، وتحت سقف أعلى معايير الشفافية والرقابة والمساءلة. فما أظهرته الدولة من فساد وهدر في إدارة المال العام دفع جميع المانحين إلى توخي الحذر والتدقيق قبل التجاوب مع طلب أي معونة أو تسهيلات، وربطها باتفاقية البرنامج مع صندوق النقد.
*******************************************
مجلس وزراء اليوم للصورة و”البيان”… وأوروبا: لحشد الجهود دعماً للبنان
أخيرا تألفت الحكومة التي تحوّل تشكيلها إلى معجزة وحدث، فيما كان يفترض ان تتألّف خلال أيام او أسابيع قليلة أبعد تقدير، بسبب كارثية الوضع المالي. ومع تأليفها انتقل التركيز إلى جانب آخر، يبدأ من اجتماعها الأول والبيان الوزاري وجلسة الثقة، لينتقل إلى الأساس المتمثل بإنتاجيتها وقدرتها على فرملة الانهيار وإعادة ترميم الوضع رويداً رويداً.
لا شك في انّ مجرد تأليف الحكومة انعكس ارتياحاً في الأسواق ولدى الناس وانخفض الدولار، وبالتالي، كيف بالحري في حال نجحت في إدارة ملفاتها، وأحسنت في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، وتمكنت من تحقيق رزمة إصلاحات، فيعني أنّ الدولار سيواصل انخفاضه، وانّ الناس ستبدّد مخاوفها مع شعورها انّ الانهيار توقف وانّ ظروفها ستبدأ بالتحسُّن.
فالبلاد فعلاً أمام فرصة إنقاذية جدّية، ولكن من يضمن أن لا تنسحب مشاكل التكليف على التأليف، وان يتحول مجلس الوزراء مساحة شغب وتعطيل بدلاً من أن تكون مساحة وئام وفعالية، خصوصاً انّ الخلافات والانقسامات هي نفسها، والأطماع السلطوية لم تتغيّر، والسؤال الأساسي الذي ستجيب عنه الأسابيع والتطورات المقبلة هو الآتي: لماذا تنجح حكومة ميقاتي حيث فشلت حكومة الرئيس حسان دياب؟
وفي مطلق الحالات، الآمال المعلّقة على الحكومة واسعة وكبيرة، من الناس التي تريد «حجّ خلاص» من أوضاعها المأسوية، إلى المجتمع الدولي الذي لاقى التأليف بترحيب واسع. فهل ستكون الحكومة على قدر تطلعات الناس وحسن ظن عواصم القرار؟ أم انّ الأمور ستراوح مكانها بسبب حجم التحدّيات السياسية الهائل، مع بدء العد العكسي للانتخابات النيابية، وانطلاق المعركة الرئاسية مع اقتراب دخول الرئيس ميشال عون السنة الأخيرة من ولايته؟
وإن دلّ حجم الترحيب الدولي بولادة الحكومة على شيء، فعلى انّ المجتمع الدولي يريد مساعدة لبنان واللبنانيين، ولكن يتوقّف على الحكومة وإنتاجيتها وتجاوبها مع الشروط الإصلاحية المطلوبة من أجل فتح باب المساعدات، وبالتالي، كل نظرية انّ لبنان يتعرّض لحصار غير دقيقة، وإذا كان من حصار فهو حصار القوى المعنية للشعب اللبناني، بسبب سلوكها وممارساتها التي لا تبدّي مصلحة لبنان العليا.
وفي مؤشر الى الجدّية التي يتعاطى بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لم ينتظر نيل حكومته الثقة، إنما شرع في اجتماعات ولقاءات واتصالات من أجل تمهيد الأرضية، خصوصاً انّ الوضع لا يحتمل ترف الوقت والانتظار، في ظل أوضاع حياتية كارثية، والاستحقاق الأبرز هذا الأسبوع سيكون مع رفع الدعم عن المحروقات او فتح اعتمادات جديدة ربما أخيرة لها، لأنّ مخزون البنزين لدى الشركات انتهى، ومعظم المحطات رفعت خراطيمها وطوابير الذلّ عليها تضاعفت.
ولا تنحصر الأمور بمادة البنزين، إنما المازوت واقتراب فصل الشتاء، ومصير العام الدراسي الذي لم يعد من أبرز تحدّياته وباء كورونا، إنما رواتب المعلمين ووصول التلامذة الى مدارسهم مع أزمة البنزين وارتفاع اسعاره، والوضع المعيشي الصعب عموماً، وكل القطاعات المأزومة، وفي طليعتها القطاع الاستشفائي. ولكن بلا شك انّ ولادة الحكومة تعطي أملاً في إمكانية البدء بمعالجة هذه الأزمات وغيرها، فيما لو لم تتشكّل لكان الارتطام الكبير قد وقع.
الصورة التذكارية
في هذه الاثناء، أُنجزت في القصر الجمهوري الترتيبات لعقد الجلسة الاولى للحكومة الجديدة اليوم، بعد انقطاع مثل هذه الجلسات لفترة استمرت 13 شهراً، وتحديداً منذ العاشر من آب العام الماضي، تاريخ استقالة حكومة مواجهة التحدّيات برئاسة الدكتور حسان دياب. بحيث لم تُعقد خلالها أي جلسة للحكومة لا في قصر بعبدا ولا في السرايا الحكومية.
وقبيل هذه الجلسة، سينضمّ رئيس مجلس النواب نبيه بري عند الحادية عشرة إلا خمس دقائق ليشارك في الصورة التذكارية التي ستُتخذ على درج الحديقة الخلفية للقصر الجمهوري، قبل انعقاد الجلسة عند الحادية عشرة برئاسة رئيس الجمهورية.
لجنة البيان الوزاري
وفي المعلومات، انّ لجنة وزارية تتراوح بين 6 الى 8 وزراء ستشكّل في الجلسة وتكلّف إعداد البيان الوزاري الذي ستطلب على اساسه هذه الحكومة ثقة المجلس النيابي في اسرع وقت ممكن.
وكشفت مصادر وزارية لـ «الجمهورية»، انّ فريق ميقاتي صاغ مسودة مشروع للبيان الوزاري، ليكون مادة اولية ينطلق منها النقاش لإعداده في اسرع وقت ممكن، وسط اعتقاد أنّ ذلك سيكون ممكناً خلال 10 ايام على الأكثر.
عناوين البيان الوزاري
وفي المعلومات، انّ البيان الوزاري سيكون مختصراً جداً، ويستعير في فصوله الأساسية «خريطة الطريق» التي قالت بها «المبادرة الفرنسية»، لجهة الحديث عن أولويات مواجهة حاجات الشعب اللبناني الى المحروقات والادوية والخبز، وسبل مواجهتها، بما فيها الخطوات اللازمة لمواجهة تداعيات رفع الدعم المنتظر في الايام القليلة المقبلة.
كذلك سيتناول البيان الوزاري الإصلاحات الإدارية والاقتصادية والنقدية، انطلاقاً من بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والجهات الدائنة والمانحة، وإقرار الاصلاحات المتصلة ببعض مشاريع القوانين، من بينها السعي الى اقرار بعض القوانين المالية، ومنها إحياء الحديث عن قانون «الكابيتال كونترول» وتلك المتصلة بقطاع الطاقة والكهرباء، وفق الخطط المستعجلة التي نوقشت في مؤتمرات باريس وفي زيارة الموفدين الفرنسيين الى بيروت، كما بالنسبة الى مشروع بطاقة «دعم»، وتلك الخاصة ببرنامج الفقر الذي تشرف على إدارته وزارة الشؤون الاجتماعية.
أما في الشق السياسي، فسيركّز البيان على ضرورة السعي الى استعادة الثقة الدولية بلبنان وعلاقاته السابقة وإحياء الديبلوماسية اللبنانية، لإعادة وصل ما انقطع مع الدول العربية والغربية والخليجية ومنها المملكة العربية السعودية تحديداً. اما بالنسبة الى ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» فسيصار الى استنساخها من بياني حكومتي دياب والحريري الأخيرتين كما كانت بنصها الحرفي من دون اي عقدة. مع العلم انّ هذا البند لم يعد يتعرّض لأي انتقاد منذ خروج حزب «الكتائب اللبنانية» من الحكومات المتعاقبة بعد حكومة الرئيس تمام سلام التي شُكلّت قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان بأشهر قليلة، وأدارت فترة الشغور الرئاسي على مدى 29 شهراً، ومن ثم منذ بداية عهد الرئيس عون حتى تشكيل هذه الحكومة.
وفي شق منه، سيشدّد البيان على ضرورة توفير الظروف المالية والادارية والامنية المؤدية الى إجراء الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية المقرّرة في ربيع 2022 . كما سيشدّد على رعاية التحقيقات العدلية الجارية في تفجير مرفأ بيروت واعادة إعماره، وصولاً الى إجراء التشكيلات والمناقلات القضائية في اسرع وقت ممكن، كما بالنسبة الى التشديد على التزام لبنان القرارات الدولية ذات الصلة بالقضايا التي تعني الجنوب ومختلف اختصاصاتها، بما فيها القرار 1701 وضبط الحدود البرية والبحرية والجوية.
الحلبي
وفي هذا السياق، أكّد وزير التربية عباس الحلبي لـ»الجمهورية»، انّه «يفترض ان لا يستغرق إعداد البيان الوزاري وقتاً طويلاً، لأنّ البلد في الويل وليس لدينا ترف الوقت»، لافتاً الى «انّ إقرار البيان ونيل الثقة ينبغي أن يحصلا سريعاً، حتى نباشر العمل».
واعتبر انّ «ليس أمام الحكومة سوى خيار النجاح»، مشيراً الى «انّ الناس يعانون من هموم قاسية وهم محقّون في استعجال معالجتها، لكن عليهم في الوقت نفسه ان يعطونا فرصة والتمهّل في إصدار الأحكام علينا».
الحاج حسن
وأبلغ وزير الزراعة عباس الحاج حسن الى «الجمهورية»، انّه بدءاً من اليوم ستعكف اللجنة التي سيشكّلها مجلس الوزراء على وضع البيان الوزاري، مشيراً الى «انّ المرحلة التي وصلنا اليها من الانهيار تحتّم الإسراع في إنجازه».
وشدّد على «انّ إقرار البيان ونيل الثقة من مجلس النواب يجب أن لا يستغرقا اكثر من اسبوعين، لأنّ الوضع دقيق والوقت ثمين ولا يجوز بتاتاً التفريط به». واستبعد ان تكون هناك نقاط خلافية مستعصية على المعالجة خلال النقاش حول البيان، لافتاً الى «انّ مجرد حلّ عقدة العِقد، اي تشكيل الحكومة، يُبين أنّ هناك قراراً متخذاً بالتسهيل سيسري حكماً على البيان الوزاري، وبالتالي اظن انّ كل الأمور المتعلقة به ستكون مسهلة». واكّد «انّ الحكومة محكومة بالنجاح في مهمة لجم الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وتقليص تداعياته، لأنّ البديل هو الانزلاق الى نحو قعر أعمق للهاوية».
تأجيل اجتماع للجنة الدعم
على صعيد متلازم، قالت مصادر وزارية، انّ تشكيل الحكومة الجديدة أرجأ اجتماعاً كان مقرراً ان يُعقد اليوم بين وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية في الحكومة السابقة، وممثلي البنك الدولي والمؤسسات الاممية المهتمة ببرنامج مواجهة الفقر وبطاقة الدعم التمويلية، الى مرحلة لاحقة، في انتظار ان يتسلم الوزير الجديد هيكتور حجار مهماته الوزارية من سلفه.
مواقف محلية ودولية
وعلى صعيد المواقف الداخلية، يتحدث الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله عند الثامنة والنصف مساء اليوم، حول آخر التطورات والمستجدات.
ويُنتظر ان يتناول في جانب من حديثه الحكومة والمهمات التي تنتظرها وموضوع سفن المحروقات الايرانية الآتية الى لبنان ومجمل الاوضاع الداخلية وعلى مستوى المنطقة.
وفي المواقف الدولية، أكّد الاتحاد الأوروبي دعمه لتشكيل حكومة جديدة في لبنان. وقال في تصريحات لوكالة «رويترز»، أنّه مستعد لحشد الجهود، من أجل دعم لبنان، ومساعدته في مواجهة الأزمات التي يعانيها.
وقالت المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية في بيان: «يرحّب الاتحاد الأوروبي بالإعلان عن توقيع الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي على مرسوم تشكيل حكومة في لبنان يوم الجمعة الماضي». وأضافت: «لقد تفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد بشكل ملحوظ في الأشهر الماضية، وزادت من الصعوبات الحالية بسبب شلل القوة ونقص الوقود، لذلك على جميع الأطراف المعنية أن تظهر نفس العزم والقدرة على التسوية، وأن تتبنّى من دون تأخير الإجراءات اللازمة لضمان تلبية الاحتياجات الفورية والتوقعات المشروعة للشعب اللبناني. بما في ذلك التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي».
ودعا الاتحاد الأوروبي الى ضرورة مباشرة الاستعدادات للانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية العام المقبل «بطريقة حرة ونزيهة وشفافة».
واضاف: «في هذا الصدد نرحّب بتصريح رئيس الوزراء ميقاتي، وعزمه على إجراء هذه الانتخابات في موعدها المحدّد، فنحن نقف إلى جانب لبنان في جهوده للتغلّب على التحدّيات التي تواجهها البلاد».
كورونا
على الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامة، في تقريرها اليومي، حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 785 اصابة جديدة (759 إصابة بين المقيمين و26 حالة بين الوافدين) ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ 21 شباط 2020 إلى 613498 اصابة. كذلك تمّ تسجيل 11 وفاة جديدة خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيّات إلى 8192 حالة.
*******************************************
لجنة البيان اليوم: مفاوضات صندوق النقد والانتخابات النيابية
حماس وزاري لمقاربة الملفات.. والمحروقات أول الاختبارات
قبل ان يعلن الرئيس نبيه بري ان الكلمة لدى الحكومة بدءاً من اليوم «العمل المنتج»، كشف الرئيس نجيب ميقاتي، انه قبل، التقاط الصوة التذكارية اليوم في بعبدا، وتشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري، بدأ اجتماعات مع الوزراء لوضع السياسة العامة للحكومة، التي تتوزع بين جملة أولويات اولها: الاقتصاد والمال، وثانيها: أسس التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وثالثها: وضع سياسة خارجية تعيد لبنان إلى حيوية علاقاته مع الدول الصديقة والشقيقة، لا سيما الدول العربية، مشيرا إلى انه لا يمكن الحصول على مساعدات إلا بناء على برنامج واضح المعالم واستثمارات شفافة وواضحة الوجهة».
وأكّد انه لن يسمح لمجلس الوزراء ان يكون ساحة صراع.
وكشف الرئيس نجيب ميقاتي، انه بدأ تواصلاً منذ فترة تكليفه مع الصناديق العربية في سبيل إعادة تفعيل مشاريع الدعم لبنان، ومنها التواصل مع الكويت، «لإعادة احياء قرض ميسر وطويل الأجل لإنجاز خطة الكهرباء وبناء المعامل».
وعلى هذا الصعيد، أكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أنه مع تأليف لجنة صياغة البيان الوزاري في مجلس الوزراء اليوم ،فأن العمل ينصب على اعداد بيان محكم لا يحمل عناوين فضفاضة لأنه يقتصر على خطط تحمل صفة الإنقاذ المالي والمعيشي . ولفتت إلى أن الرئيس ميقاتي أبلغ المعنيين أن هذا البيان لن يتضمن مطولات موضحة أن هناك أفكارا عمل عليها تصلح لأن تكون مسودة بيان وزاري.
وافادت هذه المصادر أن جلسة تعارف تسود اليوم بين الوزراء وقد تتخللها كلمات ترحيبية لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مشيرة إلى ان الطابع البروتوكولي يغلب على أولى اجتماعات الحكومة انطلاقا من الصورة التذكارية.
وعلم من المصادر إن هناك توجها لصياغة البيان بسرعة والعودة به إلى مجلس الوزراء بهدف إقراره وإحالته إلى مجلس النواب.
وقالت أن البيان سيكون محكوما بسقف المعالجات الأوضاع الراهنة ويطلق آلية التفاوض مع صندوق النقد الدولي في اقرب وقت ممكن ويتعهد بأجراء الانتخابات النيابية كما العمل على التأكيد على الإعلانات مع الدول العربية.
ورداً على سؤال عن موضوع رفع الدعم والبطاقة التمويلية، أوضحت المصادر نفسها ان الحكومة ستواكبها، ولذلك هناك توقعات بجلسات حكومية، ستبحث في سلسلة ملفات من هذا القبيل، لا سيما بعد نيلها الثقة من مجلس النواب.
وكشفت مصادر وزارية ان الرئيس ميقاتي باشر مع عدد من الوزراء التحضير للخطوط العريضة للبيان الوزاري للحكومة للمباشرةبدراسته وانجازه بعد تشكيل لجنة البيان الوزاري في الجلسة الاولى لمجلس الوزراء التي ستعقد اليوم في بعبدا بعد التقاط الصورة التذكارية للحكومة.
واشارت المصادر الى ان البيان،سيكون مقتضبا، وليس فصفاضا،ويتضمن السياسة العامة للحكومة والملفات والمواضيع الاساسية التي ستقاربها،خلال فترة تحملها لمسؤولياتها،وفي مقدمتها الالتزام بالعمل بكل الامكانيات المتوافرة وبسرعة لانقاذ لبنان من ازمتة المالية والاقتصادية بدءا، باجراء الاصلاحات المطلوبة في مختلف وزارات وادارات الدولة اللبنانية، وسبل معالجة الازمة المالية والاقتصادية مع الصناديق والمؤسسات المالية الدولية. التأكيد على المباشرة بالنهوض بقطاع الكهرباء، في اطار خطة متكاملة وضمن مهلة محددة. والسياسة الخارجية للحكومة والتأكيد على اقامة افضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة والصديقة في العالم، وتضمين البيان الوزاري نصا متقاربا لما ورد في بيان الحكومة السابقة عن علاقة المقاومة بالدولة اللبنانية، مع التأكيد على دور الجيش اللبناني في الحفاظ على الامن والاستقرار على الاراضي اللبنانية كافة،والالتزام بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
تحديات أربع
بالمقابل، تقلّل جهات شاركت في توليد الحكومة مما ينتظر من الحكومة الحالية، في بلد تتقاذفه الأزمات، ويحتاج إلى قرارات جريئة، أو السير في تسويات كبرى.
وتحدثت عن التحديات التي تواجهها حكومة ميقاتي، وأبرزها: 1 – ان ادارة الازمة الاقتصادية او على الاقل المساعدة على عدم تفاقمها اكثر، وابرام اتفاقيات مع الجهات الدولية المانحة بشروط جديدة سيتولاها هذه المرة الثنائي الوطني ولو بشكل غير مباشر.
2: التحضير للانتخابات النيابية عبر اقرار قانون انتخابي جديد، والمعلومات المتداولة تؤكد بانه لا عودة للقانون الانتخابي النسبي على اساس لبنان١٥ دائرة، وهناك مطلب داخلي- دولي باجراء الانتخابات على اساس لبنان دائرة انتخابية واحدة.
3: اعادة ترتيب العلاقات اللبنانية -السورية من دولة لدولة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، واعادة تفعيل العلاقات اللبنانية- العربية.
4 – التزام الحكومة باستخراج النفط والغاز وابرام اتفاقات مع شركات تستوفي الشروط لتلزيمها.
البنزين اختبار ميداني
وستكون أولى التحديات بدءاً من اليوم مع تدخل فعلي للقوى الأمنية لضبط الوضع على محطات البنزين، التي يمكن ان تفتح أبوابها اليوم، على الرغم مما أعلنه ممثّل الشركات فادي أبو شقرا من ان المحطات لم تزوّد بالبنزين، ومعظمها لن يفتح اليوم، لتزويد السيّارات والآليات بهذه المادة الحيوية، قبل رفع الدعم.
وترسو ثلاث بواخر بالقرب من السواحل اللبنانية، ولا تقل حمولتها عن 70 ألف من البنزين، لا تكفي ليومين، لكن إفراغ الحمولة تحتاج إلى قرار من مصرف لبنان بفتح اعتماد جديد، أو رفع الدعم، بما في ذلك لجهة المازوت أيضاً. مع الإشارة إلى ان الباخرة الإيرانية المحملة بالمازوت، وصلت إلى مرفأ بانياس وسينقل المازوت بالصهاريج إلى لبنان.
إلى ذلك، تتجه الأنظار اليوم إلى ما سيعلنه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في اطلالته المسائية، حيث افيد ان نصر الله سيتناول في حديثه ما آل إليه الوضع الحكومي لجهة التأليف، حيث سيبارك هذه الخطوة ويحث الحكومة الجديدة على الإسراع في وضع الخطط والبرامج الإنقاذية، ذات الأهم في خطابه وقف المعلومات سيكون إعطاء الإشارة لتحرك الصهاريج المحملة بالمازوت والقادمة من دمشق بعد ان افرغتها الباخرة الإيرانية وهو سيجدد تأكيده بأن توزيع المحروقات لن يستثني أحداً من اللبنانيين.
مذكرة دياب
وفي ما خص مذكرة الاحضار في ملف الرئيس دياب، قال وزير الداخلية القاضي بسّام المولوي: المذكرة لم تصل بعد إلى القوى الأمنية بحسب معلوماتي، والقوى الأمنية تنفذ القوانين، وبالموضوع القضائي الملف ليس لدي، ولا اسمح لنفس بإعطاء رأيي به. مشيرا إلى اننا سنتعامل مع الأوضاع القائمة، وفق ما تقتضيه القوانين، وسنقوم بما نستطيع ليكون المواطنين مرتاحين.
613498 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 785 إصابة جديدة بفايروس بكورونا و11 حالة وفاة، في الساعات الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع إلى 613498 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020..
*******************************************
الاجتماع الأول لحكومة ميقاتي اليوم… هل تنجح بفك عزلة لبنان المالية ؟
الإرادة السياسية للحكومة هي من سيُحدّد مطالب صندوق النقد الدولي وقيمة المساعدة
الشق المعيشي هو الأولوية… ما هي خيارات الحكومة الاقتصادية ؟ – جاسم عجاقة
لبنان شبه معزول مالياً نتيجة قرارات حكومية عشوائية غير مدروسة. الدولار لم يعد يتدفّق إلى لبنان بالطريقة التي كان يتدفّق بها في الماضي والسؤال الوجيه: لماذا؟ حتماً سببه الأول مثلث القطيعة مع الدول الخليجية، والمواجهة مع المجتمع الدولي، وإعلان وقف دفع سندات اليوروبوندز، ومن ثم السياسات الريعية التي تمّ إتباعها، إلى الفساد المُستشري والتهريب والاحتكار، كل ذلك من العوامل أوصلت لبنان إلى هذه الحالة، وبالتالي دفعت نحو عزلة مالية قاسية على لبنان قلصت تدفقات الدولار إلى لبنان إلى مستويات لا يُمكن معها تأمين الإستيراد اللازم للشعب اللبناني.
في الداخل، فرض الإحتكار والتهريب (بكل أنواعه) تسريع الأزمة حتى وصل الأمر إلى رمي علب الحليب والأدوية المنتهية الصلاحية في القمامة في الوقت الذي يفتقد المواطن إليها. كما أن تجارة المحروقات في السوق السوداء، سحبت كل الكميات المتوافرة في السوق في الوقت الذي تمتد فيه طوابير السيارات على أبواب المحطات على مئات الأمتار وحتى على كيلومترات. كل هذا حصل في ظل فراغ سياسي وحكومي قاتل يرتقي إلى مستوى الجرائم بحق المواطن اللبناني الذي فقد خلال عامين كل ما كان يتمتع به من أمن إجتماعي ورفاهية ليُصبح المتلقي الأول للمساعدات الإنسانية في العالم!
الحكومة أبصرت النور بعد ثلاثة عشر شهراً على إستقالة سابقتها، وثلاثة وعشرين شهراً على بدء الإحتجاجات الشعبية. هذه الحكومة التي تمتلك حصرية القرار الإقتصادي، مطالبة اليوم بوضع الشق المعيشي في أول سلم أولوياتها رأفة بالناس الذين هم أساس وسبب وجودها.
الإهتمام بالشق المعيشي يعني بعبارة بسيطة تأمين حاجات المواطن الأساسية من طعام وأدوية وطبابة ومحروقات وتعليم. هذه الحاجات هي أساسية لكي يعيش الإنسان بكرامته. هذا الأمر هو أساسي مع رفع الدعم شبه الكامل في منتصف الشهر الجاري وبالتالي لا إمكانية لإنتظار أية حلول متوسطة أو بعيدة الآمد. وهذا الأمر يفرض تأمين دولارات للإستيراد ووقف الإحتكار والتهريب في وقت قياسي لا يتخطّى عدّة أيام، لذا نرى من الضروري القيام بخطوات ضرورية على سبيل المثال لا الحصر :
أولا – الطلب من المصدرين إعادة دولاراتهم إلى القطاع المصرفي اللبناني وهو ما يتطلّب من الحكومة ضمان حرية تنقل هذه الأموال في كل مرّة يُريد أصحابها إستيراد مواد أولية. بالطبع، مع الإشارة إلى إمكانية الاستفادة من مبلغ الـ 860 مليون دولار أميركي حصة لبنان من برنامج صندوق النقد الدولي والتي يُمكن اللجوء إلى قسم منها إذا ما تمّ تأخير تنفيذ الإجراءات.
ثانيًا – ضرب الإحتكار والتهريب عبر إعطاء القوى الأمنية والجيش مُهمّة مكافحة هذه الظواهر التي ترفع الأسعار وتُفقد السوق من الدولارات.
هاتان الخطوتان كفيلتان بحلّ المُشكلة مبدئياً أو بمعنى آخر فرملة التدهور الحاصل قبل بدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي وهو ما سيؤمّن حلاً مستدامًا من خلال حل مُشكلة الدين العام، والمالية العامة كما وإعادة جذب الإستثمارات بهدف تشجيع الإقتصاد.
بالتوازي مع ذلك، إن التفاوض مع صندوق النقد الدولي والذي أصبح شرطا لأي مساعدة خارجية، هو الخطوة الثانية التي يتوجّب على حكومة الرئيس ميقاتي القيام بها. عمليًا، هناك إلزامية لوضع رؤية واضحة لموضوع التفاوض وإستراتيجيته والذهاب إلى المفاوضات برؤية موحدة، لأن غياب هذا الأمر يعني أننا سنقع في نفس المُشكلة التي وقعت بها حكومة الرئيس حسان دياب. لكن الأساس في هذه العملية أن لا تكون خطة الرئيس ميقاتي مبنية على خطة حكومة دياب والتي تنصّلت من كل ديونها وحمّلتها إلى القطاع المصرفي وكبار المودعين. الخطأ الكبير الذي تمّ إرتكابه هو وقف دفع سندات اليوروبوندز (وهي أموال اللبنانيين بالدرجة الأولى) بالإضافة إلى الدعوة إلى تصفير رأسمال مصرف لبنان والقطاع المصرفي. هذا الخطأ المنهجي إنسحب على ثقة الأسواق – والأهم ثقة الناس – بالقطاع المصرفي مما أدّى إلى تحويل مُشكلة السيولة إلى مشكلة ملاءة. ولا نعلم إذا كانت حكومة الرئيس حسان دياب على علم بأن القوانين تعفي المصارف من إلتزاماتها تجاه المودعين في حال إفلاسها! من هذا المنطلق، كيف يُمكن تصفير رأسمال المصارف بدعوى المحافظة على أموال المودعين؟ إن حاكم مصرف لبنان تعهّد في إحدى مقابلاته التلفزيونية بعدم السماح بإفلاس أي مصرف، وبالتالي يتوجّب إعادة إحياء هذا القطاع مع محاسبة كل من تجرأ من خلال قراراته المتهورة إلى جر البلاد إلى المستنقع الحالي.
هدف صندوق النقد الدولي من التفاوض مع الحكومة هو مساعدة لبنان للخروج من أزمته، لكن هذه المساعدة مشروطة بتحقيق ثلاثة أهداف:
الهدف الأول: فتح لبنان أمام التجارة الدولية من خلال تعزيز الصادرات وتسهيل الإستثمار الأجنبي المباشر؛
الهدف الثاني: وضع سياسة نقدية (Monetarism) لسعر الفائدة وذلك من خلال البنك المركزي على أن يكون مستقلاً عن الحكومة، ومحاربة التضخم المالي. وهو ما يعني أن المال يُصبح مُحايدًا في اللعبة الإقتصادية وتنسحب الدولة من الفضاء الإقتصادي وهو ما يعني تعزيز الليبيرالية.
الهدف الثالث: إستبدال التنظيم العام بتنظيم السوق من خلال إعتماد آليات السوق (حوافز بأسعار السوق والخصخصة).
هذه الأهداف الثلاثة سيتمّ ترجمتها عمليًا بإجراءات (تُسمّى إجماع واشنطن) ومن المتوقع أن يشترطها صندوق النقد الدولي من أجل مُساعدة لبنان والتي يُمكن تصنيفها في ثلاثة خانات: التحرير، والخصخصة، وإلغاء الضوابط. وهذه الإجراءات هي:
أولاً – وضع موازنة تحوي على إجراءات مالية تُخفّض العجز إلى أقلّ من ٢٪ من الناتج المحلّي الإجمالي ويكون فيها الإنفاق العام موجّها نحو الأنشطة التي تعد مصدراً للعوامل الإيجابية مثل الصحة والتعليم والبنى التحتية؛
ثانيًا – خفض الضرائب على الإستثمارات بهدف تشجيعها وتخفيف العبء عن المقيمين مع ضرورة الأخذ بعين الإعتبار البند الأول؛
ثالثًا – ترك تحديد أسعار الفائدة للسوق أي بحسب مبدأ العرض والطلب ومنع أي تدخل من خارج آليات السوق؛
رابعًا – إعتماد سعر صرف حرّ أو مرن في أقل تدبير وترك السوق يُحدّد هذا السعر بحسب آلية العرض والطلب مع القبول في المرحلة الأولى بسعر صرف حرّ موجّه على أن لا تتخطى المدة الزمنية مُدة الإصلاحات؛
خامسًا – رفع كل الإجراءات الحمائية التي تُشكّل عائقاً أمام التبادل التجاري العالمي وهو ما يعني ضمّنًا دخول لبنان إلى منظمة التجارة العالمية وما يرافق ذلك من كسر للإحتكارات على كل الأصعدة (سلع وخدمات)؛
سادسًا – جذب الإستثمار الأجنبي المباشر بهدف تعظيم حجم الإقتصاد وزيادة الرخاء للمواطن اللبناني؛
سابعًا – إعتماد الخصخصة وذلك بهدف تقليص عجز الموازنة وزيادة الثقة بآليات السوق من خلال الهيئات الناظمة؛
ثامنًا – تحرير آليات السوق بالكامل من أية قيود وتشكيل هيئات ناظمة قطاعية لتأمين هذه الغاية؛
تاسعًا – ضمان حقوق الملكية الخاصة (وهو ما ينطبق على أموال المودعين في المصارف)؛
عاشرًا – إعتماد المكننة كعنصر أساسي لمكافحة الفساد وتأمين الخدمات العامة بدون إستنسابية أو رشاوي؛
في الواقع، منهجية صندوق النقد الدولي تعتمد على تقييم الإرادة الفعلية لدى المسؤولين في البلد موضوع المساعدة على القيام بإصلاحات من أجل تحقيق الأهداف الآنفة الذكر. وإذا كان صحيحًا أن الصندوق لا يفرض شيئًا على الحكومات، إلا أن الوصول إلى المساعدة يمرّ إلزاميًا بتحقيق شفافية وفعالية في السياسات الحكومية وإلا سيُقفل الصندوق أبوابه، إذ هو ليس مؤسسة خيرية.
يُمكن القول أن مصرف لبنان – الممثل الرسمي للبنان لدى صندوق النقد الدولي – ووزارة المال هما على تواصل مُستمر مع الصندوق من خلال عمليات التقييم التي يقوم بها الصندوق للبنان. وبالتالي، فإن هذين الطرفين هما أساسيان في أية مفاوضات. وإذا كانت المرحلة الراهنة في لبنان تفرض إجراءات ذات طابع إجتماعي – عادة لا يدخل فيها صندوق النقد بل هي من مهام البنك الدولي – فإن إشراك وزارات أخرى في عملية التفاوض قد يكون ضروريًا. إلا أن ما يجب معرفته أن صندوق النقد يتعامل مع مالية الدولة بالدرجة الأولى وبالتالي وجود أفرقاء أخرين هو من باب الضرورة التي تفرضها الأوضاع المعيشية الحالية والرغبة لدى الصندوق بتأمين إستخدام فعال للأموال التي ستدّخل البلاد.
إذا وبحسب نتيجة التقييم المشترك بين الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان من جهة، وصندوق النقد الدولي من جهة أخرى، يتمّ التوافق على برنامج يحوي على شقّين:
الأول – ويتعلّق بخارطة طريق للإصلاحات والإجراءات التي ستقوم بها الحكومة اللبنانية والتي ستضعها بنفسها من دون أية ضغوطات عليها من صندوق النقد الدولي؛
الثاني – يتعلق بجدول المساعدات التي سيقوم بها صندوق النقد الدولي والمرهونة – أي كل دفعة – بتنفيذ الإصلاحات التي تعهدت الحكومة القيام بها.
يبقى القول أن هناك عدة ملفات ستكون من دون أدنى شكّ حامية، نذكر منها:
الملف الأول – قطاع الكهرباء والذي تعتبره المؤسسات الدولية أولوية قصوى ويجب إصلاحه. من هنا نتفهّم الخطوة التي قام بها الرئيس ميقاتي من خلال الإتصال بالكويت لإعادة تفعيل قرض تم توقيعه في 4 \ 2 \ 2013 بقيمة 445 مليون دولار أميركي لتأهيل 3 وحدات في معمل الجية (330 ميغاواط) و4 وحدات في معمل الذوق (600 ميغاواط) والذي تمّ إلغاؤه بسبب الخلافات السياسية الداخلية.
الملفّ الثاني – هو القطاع المصرفي والذي نرى فيه إنقسامًا حادًا داخليًا. فمن جهة هناك من يطالب بفكفكة القطاع المصرفي (خطة حكومة دياب) والبدء بخمسة مصارف جديدة، ومن جهة أخرى هناك من يطالب بإعادة تفعيل القطاع المصرفي مع إجراء الإصلاحات اللازمة ومحاسبة المرتكبين، وهو أفضل بكثير من الرأي الأول
الملف الثالث – هو ضبط التهريب عبر الحدود والذي يفرض ضبط خروج السلع والبضائع بطريقة غير شرعية عبر الحدود. لكن لهذا الملف أبعاد أخرى حتى ولو أن صندوق النقد الدولي لا يشترط أي إجراءات لها علاقة بالسياسية.
الملف الرابع – هو ملف الخصخصة والذي سيكون مطروحًا على الطاولة بقوة نظرًا إلى فشل العديد من المؤسسات العامة في تأمين الخدمات كما يجب إلى جانب تحقيقها خسائر ملحوظة على مرّ السنين.
الملف الخامس – هو ملفّ القطاع العام والذي سيكون سببا لتشكيل جبهة إعتراض داخلية مثل ما حصل في العديد من الدول الأخرى على مثال اليونان.
في الختام، الإستحقاق الأول – أو الامتحان الأول – لحكومة الرئيس ميقاتي يحل منتصف هذا الشهر مع رفع الدعم، فهل تنجح الحكومة في إجتماعها الأول اليوم في الخروج بحلول تُوَطّئ إلى إجراءات تُخفّف عبء الأزمة عن كاهل المواطن اللبناني؟
اليوم الأول حاسم من عدة أوجه، إذ إن الانطباع الذي ستخلفه من خلال إجتماعها وتجانس أعضائها والنظرة الموحدة إلى عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها، إلى جانب تقبل الأمانة بمسؤولية وطنية وأخلاق مهنية، هي الأمور الأولية التي تؤسس إلى نجاح العمل الجماعي بعيداً عن الشعبوية والطائفية والمصالح الضيقة التي أوصلت البلد إلى ما وصل إليه.
*******************************************
الحكومة أمام الامتحان الأوّل: البيان الوزاري
لأن وضع البلاد بألف خير ولا داعي للاستعجال، حُددت الجلسة الاولى لمجلس الوزراء الجديد، بعد يومين من التشكيل. فأهل التأليف أنهكتهم المحادثات والاجتماعات واللقاءات للخروج بتركيبة تحاصصية مرضية لهم جميعا، على مدى نحو 50 يوما، فاستحقوا بعد إنجازهم التفاهم على صيغة تكنوقراطية نعم، لكن سياسية حتما، وفيما المصائب اليومية تكوي الناس، قسطا من الراحة في الويك أند، استعدادا للمرحلة المقبلة، وهي الاصعب.. لن نحكم على الحكومة الجديدة انطلاقا من هذه المعطيات غير المشجعة كلّها، وسنرصد سرعتها في وضع بيان وزاري وفي الاتفاق على خطة انقاذ في ما بينها للشروع في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي.. فهل ستفلح في هذا التحدي المصيري للبنان واللبنانيين، للبقاء والصمود والنهوض من كبوتهم، غداة تأكيد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «اننا سنخرج من المهوار»؟ ام ان الخلافات في المشاريع بين رعاتها السياسيين، في الداخل والمنطقة والعالم، سيمنع هذا الاتفاق؟ وهل سيصمد التقاطع الفرنسي – الاميركي – الايراني الذي أتاح ولادة الحكومة، وينعكس ايضا على ادائها فيتيح تعاونا مع صندوق النقد الدولي مثلا؟ ام ان اللحظة هذه ستنقضي قبل ان يستفيد منها اللبنانيون – ملوكُ تضييع الفرص، فنبقى نتخبط في جهنم؟
البيان الوزاري
الجواب عن هذه الاسئلة كلّها ستحمله الايام المقبلة، وتباشيره الاولى ستظهر في جلسة اليوم التي سيتخللها تكليف لجنة لصياغة البيان الوزاري. بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، البيان العتيد لن يثير خلافات كبيرة، ذلك ان سيغلب عليه الطابع الاقتصادي التقني، ولن يخوض في الكليشيهات السياسية – الاستراتيجية التقليدية كثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، وهو سيلحظ ايضا تمسكا بالتواصل والتعاون مع الجهات الدولية والاممية كلّها ومع كل دولة مستعدة لمساعدة لبنان وسيجدد ايضا حرص بيروت على افضل العلاقات مع محيطها العربي ومع كل اشقائها واصدقائها التاريخيين. لكن هل ستكفي هذه الجمل الجميلة لارضاء الخارج عموما والعرب والخليجيين خصوصا؟
رصد دولي
بحسب المصادر، اي من العواصم الكبرى لا ولن يحكم على الحكومة مسبقا. فهي سترصد أداءها وسلوكها وافعالها لا الاقوال، سيما على خط محاربة الفساد وتحقيق الاصلاحات. فاذا تمكنت من النجاح في هذه المهمة واتخذت قرارات مشجعة ووازنة في هذا المجال، سيما في ما خص وزارة الطاقة وفي ترشيد الادارة (…) فإن الدول المانحة ستكافئها وستتشجّع على دعمها ورفدها بالاموال والمساعدات، وستتجاهل شكلَها «التكنوسياسي». اما اذا غلب على عمل الحكومة الطابَع التحاصصي وبقيت تدور حول نفسها، كما حصل مع حكومة حسان دياب، فإن أزمة البلاد ستستمر ولن تُمدّ للدولة يد عون من الخارج… الثقة بالحكومة اذا، شعبيا ودوليا، ستُبنى لبنة لبنة بقرارت يفترض ان تتخذها هي، فهل ستصدق مواقف الرئيس عون والرئيس نجيب ميقاتي، وحديثهما عن فريق متجانس وعن ورشة عمل قوية ستنطلق سريعا للانقاذ؟ ام ان هذه الايجابيات التي تم ضخُّها ستكون مزيّفة وأتت من باب الفولكلور الذي يرافق كل ولادة حكومية؟
بري متفائل
في المواقف الداخليةأبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري في تصريح له ارتياحه لتشكيل الحكومة، معتبرًا أنه «ابتداء من الغد ستنطلق الحكومة الى العمل ونأمل ان توفق لما فيه خير اللبنانيين».
وفي السياق افيد ان الثقة البرتقالية شبه محسومة وهي جزء من التسوية التي اتاحت ابصار الحكومة النور، وامس رحبت الهيئة السياسية في التيّار الوطنيّ الحرّ بعد إجتماعها الدوري برئاسة النائب جبران باسيل بـ»تشكيل الحكومة الجديدة التي أسقطت بولادتها كل الافتراءات والممارسات والأكاذيب التي استهدفت على مدى سنة كاملة تعطيل المؤسسات لضرب العهد وكسر التوازنات والأعراف والأصول وضرب الدستور بمحاولة الإعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية.
في المقلب الآخر، سارعت القوى المعارضة الى القنص على تركيبة الحكومة ولم تر فيها ما يوحي بالانقاذ. في هذا الاطار، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في حديث صحافي «ان النواة الصلبة للمجموعة الحاكمة المكونة من «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» مسؤولة عن ايصال لبنان الى الحضيض فكيف لها ان تنتشله عن طريق حكومة هي مسؤولة عن تشكيلها في شكل اساسي؟
ازمات لا تنتهي
وفي وقت من المرجح ان تنتهي مسألة البيان والثقة النيابية الاثنين المقبل (اي في ٢٠ الجاري) في حد اقصى، الانهيار ينخر كل شيء، والشعب والقطاعات يرصدان اجراءات الحكومة. وفيما بات رفع الدعم عن المحروقات نهائيا، أمرا شبه واقع، افيد ان 99% من المحطات ستقفل ابوابها اليوم الاثنين اذا لم تجد السلطة حلا لتزويدها بالبنزين والمازوت بكميات وافية. وفي انتظار وصول النفط الايراني او الغاز المصري لا فرق، لبنان مهدد بالعتمة الشاملة ابتداء من الاثنين ايضا. فقد اشارت معطيات صحافية الى ان الشركة المشغلة لمعملَي دير عمار والزهراني أبلغت مؤسسة كهرباء لبنان في 12 آب الماضي بأنّ المؤسسة لم تقم بتنفيذ التزاماتها تجاه العقد الموقع مع الشركة وقد تم منح المؤسسة مهلة 30 يوماً لتصحيح الأوضاع الخاصة بالعقد». ولفتت المعلومات إلى أنّه «حتى تاريخه لم تبادر المؤسسة إلى أيّ إجراء لتصحيح تلك الأوضاع، وعليه فإن المعملين سيصبحان خارج الخدمة ابتداءً من صباح اليوم الاثنين بسبب عدم التزام المؤسسة ببنود عقد التشغيل والصيانة، ما سيفقد لبنان حوالى 60 في المئة من الطاقة الكهربائيّة المقننه أصلاً بسبب عدم توفر الفيول، أي أن لبنان سيذهب من العتمة الجزئية إلى العتمة الكاملة»… كل ذلك فيما الخبز والادوية شبه مقطوعين والمستلزمات الطبية ايضا مع شح الدولار وصعوبة فتح الاعتمادات.. فهل ستتمكن الحكومة الوليدة من وضع حدّ للجلجلة هذه؟!
نسخ الرابط :
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي