تبرز دولة الإمارات من بين أبرز النماذج في المنطقة والعالم، بفضل استراتيجيتها الطموحة ورؤيتها المتكاملة للتحول إلى قوة رقمية عالمية.

يأتي هذا التحول نتيجة تخطيط وطني طويل المدى، يضع التكنولوجيا في صميم التنمية الاقتصادية، ويعكس إصرار القيادة الإماراتية على أن تكون الدولة شريكاً فاعلاً في صياغة مستقبل الاقتصاد المعرفي العالمي.

وخلال السنوات الأخيرة، أصبحت الإمارات وجهة رئيسية للاستثمارات العالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، مدفوعة بسياسات جاذبة، وبنية تحتية رقمية متطورة، وتشريعات مرنة تحفّز الابتكار.

كما شهدت البلاد نمواً كبيراً في أعداد الكفاءات التقنية والمبرمجين، وتزايداً لافتاً في المبادرات الحكومية والخاصة التي تهدف إلى تعزيز القدرات الوطنية وتوطين المعرفة الرقمية.

وفي هذا السياق، تتكامل الجهود الحكومية مع رؤية استراتيجية واضحة تمتد حتى مئوية الإمارات 2071، لتجعل الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني.

من التعليم والبحث العلمي إلى الطاقة والنقل والخدمات الحكومية، تعمل الدولة على ترسيخ موقعها كمركز عالمي للحوسبة الفائقة والابتكار التكنولوجي، ليس فقط لمواكبة المستقبل، بل لصناعته انطلاقاً من قلب المنطقة العربية.

استثمارات مليارية وبحسب وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، عمر سلطان العلماء، في كلمته خلال مؤتمر الإمارات الصحافي الدولي 2025، فإن:دولة الإمارات تشهد مرحلة جديدة من تسارع الاستثمارات والمشروعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، في ظل رؤية وطنية تسعى لترسيخ مكانة الدولة كإحدى أبرز القوى المحركة للاقتصاد الرقمي عالمياً.

الاستثمارات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي بلغت أكثر 543 مليار درهم (حوالي 147.86 مليار دولار) منذ عام 2024 حتى الآن، منها 100 مليار درهم مخصصة لمشروع “ستارجيت الإمارات” و180 مليار درهم استثمارات خارجية، ما يعكس قوة حضور الدولة في الأسواق العالمية.شركة مايكروسوفت أعلنت استثمارات بقيمة 17 مليار دولار في دولة الإمارات خلال الفترة من 2023 إلى 2027، فيما ضخت شركة KKR العالمية نحو 5 مليارات دولار في مشاريع الذكاء الاصطناعي داخل الدولة.

هذه الأرقام تمثل دليلاً واضحاً على الثقة الدولية المتزايدة بقدرات الإمارات الرقمية.ووفق وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، فإن عدد المبرمجين في الدولة ارتفع إلى أكثر من 450 ألف مبرمج بعد أن كان الهدف 300 ألف بحلول عام 2025، وذلك بزيادة قدرها 376.9 بالمئة مقارنة بعام 2020، ما يؤكد نجاح البرامج الوطنية في تطوير الكفاءات الرقمية وتمكين المواهب المحلية والعالمية.

استراتيجية الدولة يقول الأمين العام السابق لمجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج، الخبير الاقتصادي جمال الجروان، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:تواصل دولة الإمارات ترسيخ مكانتها كإحدى أبرز القوى المحركة للاقتصاد الرقمي عالمياً، من خلال استثمارات تجاوزت نصف تريليون درهم في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.يأتي هذا التوجه انسجاماً مع استراتيجية الدولة للذكاء الاصطناعي، التي تهدف إلى جعل الإمارات مركزاً عالمياً لتطوير وتوظيف حلول الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحيوية، بما يعزز تنافسيتها الاقتصادية ويحقق تنمية مستدامة قائمة على المعرفة والابتكار.تعكس المبادرات الوطنية الرائدة، مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ومدينة مصدر الذكية، وبرنامج الإمارات للذكاء الاصطناعي، التزام الدولة بتعزيز منظومة الابتكار وتطوير الكفاءات الوطنية القادرة على قيادة المستقبل الرقمي.

كما تسهم هذه المشاريع في دعم بيئة الأعمال واستقطاب الاستثمارات العالمية في مجالات التقنية والبحث العلمي، ما يعزز مكانة الإمارات كمركز إقليمي وعالمي لتطوير الحلول الذكية وتوظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة المجتمع والاقتصاد.

ويشير الجروان إلى أن “هذه الاستثمارات النوعية تسهم في تعزيز نمو الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنتاجية ورفع كفاءة القطاعات الحيوية مثل الطاقة والصحة والنقل والتعليم والخدمات الحكومية، فضلاً عن خلق فرص عمل جديدة في مجالات الابتكار والبحث والتطوير، وتمكين الكوادر الوطنية من المهارات المستقبلية المطلوبة لعصر الاقتصاد الرقمي.

“ويختتم الجروان حديثه قائلًا: “بفضل هذا التوجه الاستراتيجي للقيادة الرشيدة، تمضي الإمارات بثبات نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة، يرسخ ريادتها الإقليمية ومكانتها العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، ضمن إطار رؤية (نحن الإمارات 2031) ومئوية الإمارات 2071، اللتين تضعان الابتكار والتكنولوجيا في صميم مسيرة التنمية المستدامة لبناء مستقبل أكثر ازدهارًا للأجيال القادمة.

“العاملون في الـ AI وتأتي الإمارات في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث نسبة العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي مقارنة بعدد السكان، وفقًا لتقرير لينكد إن بالتعاون مع جامعة “ستانفورد” في عام 2023، مما يعكس النضج الكبير في بيئة المواهب التقنية بالدولة.

ويشار إلى أن 58 بالمئة من أفراد المجتمع في الإمارات يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي بمختلف أنواعها، سواء في مجالات الذكاء التوليدي أو الحلول المتقدمة، لتصبح الدولة في المرتبة الأولى عالميًا في معدل الاستخدام المجتمعي لهذه التقنيات، متقدمة على الدول ذات الدخل المرتفع، بحسب وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، عمر سلطان العلماء.

الإمارات تصنع المستقبل بدوره، يقول خبير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي من جامعة سان هوزه الحكومية في كاليفورنيا، الدكتور أحمد بانافع، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:الاستثمارات المقدرة بأكثر من 500 مليار درهم في مجالات الذكاء الاصطناعي تؤكد طموحات الإمارات للتحول إلى مركز عالمي للابتكار (..).

بناء فريق عمل الذكاء الاصطناعي، وتشكيل مجلس الذكاء الاصطناعي للدولة، وإنشاء فرق عمل مع الرؤساء التنفيذيين للابتكار في الجهات الحكومية، وصياغة الخطط الاستراتيجية ونشرها في القمة العالمية للحكومات لعام 2018.

تفعيل العديد من البرامج والمبادرات وورش العمل في جميع الجهات الحكومية حول الآليات التطبيقية للذكاء الاصطناعي، وتنظيم قمة عالمية سنوية، وإطلاق المسرعات الحكومية للذكاء الاصطناعي.

تنمية قدرات القيادات الحكومية العليا في مجال الذكاء الاصطناعي، ورفع مهارات جميع الوظائف المتصلة بالتكنولوجيا، وتنظيم دورات تدريبية للموظفين الحكوميين.

توفير 100 بالمئة من خدمات الخط الأول للجمهور من خلال الذكاء الاصطناعي، ودمج الذكاء الاصطناعي بنسبة 100 بالمئة في الخدمات الطبية، والأمنية الخاصة بتحديد الهوية، وزيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الوظائف الروتينية.

القيادة من خلال تعيين المجلس الاستشاري للذكاء الاصطناعي، وإصدار قانون حكومي بشأن الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي، وتطوير أول وثيقة عالمية لتحديد الضوابط الضامنة للاستخدام الآمن والسليم للذكاء الاصطناعي