كتب رشيد حاطوم
كلما اقتربت الاستحقاقات النيابية، يعود وليد جنبلاط إلى أسلوبه الأكثر فعالية في شدّ العصب الدرزي: خلق خطر جديد، عدوّ مبهم، عنوان فضفاض يوقظ الحساسية ويُعيد إمساك الجمهور. وفي المرّة هذه، قرّر أن ينعش “أرشيف الخوف” عبر استحضار ما يصفه برموز النظام السوري السابق الموجودين في لبنان، في لحظة سياسية دقيقة.
لكن خلف الكلام شيء آخر أبعد من العنوان.
فالرجل يريد، بحسب مصادر سياسية واسعة الاطلاع، تمكين علاقته وتعزيزها مع الرئيس أحمد الشرع، بعدما خسر الجزء الأكبر من نفوذه على دروز السويداء الذين خرجوا من العباءة التقليدية. الرسالة واضحة: العودة إلى البوابة السورية عبر خطاب “يُغسل” الماضي، ويعيد التوازن داخل بيئته الانتخابية.
على الضفة المقابلة، يتعامل “حزب الله” بميزان أبرد بكثير. الحزب نأى بنفسه عن تفاصيل الساحة السورية الجديدة، ولم يدخل في سجال لا مع “أركان” الماضي ولا مع “أركان” الحاضر. مصادر سياسية تشير إلى أنّ هناك تواصل خجول، غير مُعلن، بين الحزب والشرع، ولكنه في إطار جسّ نبض ليس أكثر. الحزب يراقب، لا يشهر. ينتظر اتضاح هوية الحكم وشكل النفوذ في دمشق، ليبني على الشيء مقتضاه.
أمّا الأجهزة الأمنية اللبنانية، فهي الأكثر حساسية في هذا الملف. تتعامل بميزان الذهب. بين حرص على عدم تفجير علاقة مع دمشق، وبين حماية للاستقرار الداخلي. وما يجري اليوم هو إدارة دقيقة للوقت، وللملف، وللأسماء، بعيداً عن الإعلام، منعاً لإقحام لبنان في صراع سوري ـ سوري من جديد.
في كواليس هذا الملف، يردّ أحد الأمنيين الكبار على سؤال حول “الهاربين السوريين” بجملة واحدة فقط:
«الأسماء عندنا، والأدوار مرصودة، ولكن توقيت فتح الدفاتر ليس قراراً لبنانياً بالكامل… ولا سورياً بالكامل أيضاً.»
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :