إسرائيل تعرّي توحّشها: أسرى فلسطين تحت المقصلة

إسرائيل تعرّي توحّشها: أسرى فلسطين تحت المقصلة

اجتازت إسرائيل، أمس، مرحلة جديدة على طريق تشريع قانون إعدام الأسرى، تمهيداً للتصديق عليه بالقراءة الأولى بعد غدٍ الأربعاء، فيما يُتوقّع أن يمرّ القانون بالمصادقات الثلاث، إذا ما حظي بدعم الائتلاف الحاكم.

 

Telegram

رام الله | يحثّ الائتلاف اليميني الإسرائيلي الحاكم الخطى نحو تشريع أكثر القوانين دموية في تاريخ الكيان، والمتمثّل في إعدام الأسرى الفلسطينيين، في ما سيعني، حالَ سريانه، الحُكم على مئات الأسرى بالموت؛ علماً أن تل أبيب تنفّذ عمليات إعدام وقتل بحقّ الأسرى والمواطنين بشكل دائم. واجتازت إسرائيل، أمس، مرحلة جديدة على طريق تشريع القانون، بعد مصادقة «لجنة الأمن القومي» في «الكنيست» على مشروعه، تمهيداً للتصديق عليه بالقراءة الأولى بعد غدٍ الأربعاء. ويُتوقّع أن يمرّ القانون بالمصادقات الثلاث، إذا ما حظي بدعم الائتلاف الحاكم، خصوصاً أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أعلن دعمه له، في أعقاب تنفيذ صفقة تبادل الأسرى.

وقال منسّق شؤون الأسرى والمفقودين، غال هيرش، خلال الجلسة، إن زعيم «الليكود» يدعم مشروع القانون، بعدما كان عارض مناقشته في الوقت الذي سبق إبرام الصفقة، «نظراً إلى الخطر الذي كان سيشكّله على المختطفين الأحياء». وأضاف: «منذ ذلك الحين، ونحن في خضمّ المفاوضات، وقد ضيّقت ذراعنا العسكرية والسياسية الخناق على حماس، وهذا ما حدث»، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أن رئيس الحكومة يدعم أيضاً خيار منح منسّق شؤون الأسرى والمفقودين حقّ طلب تغيير الحكم من خلال تقديم «تقرير سرّي قبل اتّخاذ القرار» إلى المحكمة. وردّ عليه وزير الأمن القومي المتطرّف، إيتمار بن غفير، الذي يدفع وحزبه «قوة يهودية» بمشروع القانون، بأن «ذلك لن يحدث. على كل مخرّب أن يعلم أن هناك عقوبة واحدة فقط لقتل الأطفال والنساء والمسنّين، هي عقوبة الإعدام. لا يجب منحهم الأمل والدافع لحكم آخر». وذكر بن غفير، في تغريدة عبر منصة «إكس» بعد المصادقة على طرح المشروع: «أشكر رئيس الحكومة على دعمه قانون إعدام المخربين، ولكن يجب ألّا يكون للمحكمة أيّ تقدير موقف، وليعلم كلّ مخرّب يقدم على القتل بأنه سيُحكم عليه بالإعدام فقط».
ويُعدّ قانون إعدام الأسرى، أحد البنود التي جرى التوافق عليها بين «الليكود» وحزب «قوة يهودية»، لضمان مشاركة الأخير في الائتلاف. كما أنه يمثّل واحداً من أبرز الأهداف التي يسعى بن غفير إلى تحقيقها؛ إذ اتخذ الأخير، منذ دخوله إلى الحكومة، عدّة خطوات للضغط عليها لتمريره، من بينها تهديده خلال اجتماع كتلة حزبه في «الكنيست» (20 تشرين الأول)، بأنه في حالة عدم طرح المشروع خلال ثلاثة أسابيع، فإن حزبه لن يكون ملتزماً بالتصويت على مشاريع قوانين الائتلاف. ودأب الوزير المتطرّف، منذ بدء الحرب في غزة، على اقتحام السجون والتنكيل بالأسرى الفلسطينيين، وتهديدهم على الملأ وأمام الكاميرات بالقتل والإعدام.

وكانت «هيئة البث الإسرائيلية» أفادت، الخميس الماضي، بأن وزارة القضاء، والمستوى السياسي، توصّلا إلى تفاهمات أولية في شأن تقديم عناصر وحدة «النُّخبة» التابعة لـ»حماس» إلى المحاكمة، والاتفاق على إنشاء محكمة خاصة بهم، بحيث تُقدَّم استئنافات الأسرى إليها فقط. وسيكون قضاة هذه المحكمة من المتقاعدين أو أولئك الذين على وشك التقاعد. وبحسب «كان»، تحتجز إسرائيل ما بين 250 و300 من عناصر «النخبة» ممَّن شاركوا في عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023، فيما «التحقيقات معهم في مراحلها النهائية». وتعتزم النيابة العامة اتّخاذ قرار في شأن تقديمهم إلى المحاكمة خلال الأسابيع المقبلة، بعدما جمّدت إسرائيل التقدّم في هذا الملف لأشهر عدّة، طوال المدّة التي احتجزت فيها «حماس» أسرى إسرائيليين أحياء. ولكن بعد تسلّمها آخر 20 أسيراً على قيد الحياة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، أعلن وزير القضاء، ياريف ليفين، أنه سيعمل بسرعة على دفع مشروع القانون قُدماً.

لطالما أثارت مسألة إعدام الأسرى جدلاً قانونيّاً وسياسيّاً وأمنيّاً في إسرائيل، وتحديداً منذ احتلال الضفة الغربية

وبدأ مسار قانون إعدام الأسرى في الـ26 من شباط 2023، حين أقرّت «اللجنة الوزارية للتشريع» مسوّدة مشروع يُعرَف بـ»تعديل قانون العقوبات - الإعدام للإرهابيين - 2023». وتلت ذلك، في الأول من آذار، القراءة التمهيدية داخل «الكنيست»، قبل أن يحال المشروع على «لجنة الأمن القومي» في الـ13 من الشهر نفسه. وتسعى الحكومة الإسرائيلية، في العام الجاري، إلى تفعيل عقوبة الإعدام عبر مسارَين متوازيَين: الأول، جعل الإعدام حكماً ملزماً في حالات جرائم القتل «بدافع إرهابي» معادٍ لإسرائيل؛ والثاني، إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة منفّذي عملية السابع من أكتوبر، بموجب «قانون الإبادة» لعام 1950.

ولطالما أثارت مسألة إعدام الأسرى جدلاً قانونيّاً وسياسيّاً وأمنيّاً في إسرائيل، وتحديداً منذ احتلال الضفة الغربية. وعلى رغم تبنّي تل أبيب، في عام 1967، قراراً وجّه إلى النيابة العامة بالامتناع عن طلب الإعدام في القضايا الأمنية خلال مرافعتها أمام المحاكم، إلّا أن النقاش حول القانون كان يعود مع كلّ عملية فدائية صعبة. وجرى توثيق عدد من العمليات التي أعادت المسألة إلى طاولة النقاش، أبرزها: عملية مطار اللد في عام 1972 التي أسفرت عن 24 قتيلاً، واستهداف عائلة فوغل في إحدى مستوطنات نابلس، وقبل ذلك عملية الفتى منصور من الداخل المحتل الذي وضع عبوة في حافلة وأصاب بعض الركاب من دون وقوع قتلى، لتطالب النيابة الإسرائيلية إثر ذلك بإعدامه. وينطبق الأمر نفسه أيضاً على موسى الطلالقة الذي شارك في عملية «فندق سافوي» لحركة «فتح» في تل أبيب عام 1975، وبعدها قضيّة كريم وابن عمه ماهر يونس اللذين أصدرت المحكمة الابتدائية الإسرائيلية حكماً بإعدامهما لكن محكمة الاستئناف ألغت القرار؛ وفي التسعينيات، أصدرت المحكمة العسكرية في جنين قراراً بإعدام الأسير سعيد بدارنة على خلفية مشاركته في تفجير المحطة المركزية في الخضيرة والعفولة، لكنه ألغي بالاستئناف؛ وفي عام 2003 رأى اثنان من القضاة ضرورة إعدام رائد الشيخ، وهو شرطي فلسطيني أدين بقتل جنديَّين وسط رام الله.

وأَرجعت تحليلات رفْض إسرائيل في السابق تشريع الإعدام، إلى اعتبارات استراتيجية وسياسية تتعلّق أولاً بتجنّب تحويل العقوبة إلى محرّض مباشر على تأجيج الصراع مع الفلسطينيين؛ وثانياً الحفاظ على صورة إسرائيل الدولية في ظلّ حساسية ملفّ حقوق الإنسان، والخشية من أن يؤدّي تنفيذ أحكام الإعدام إلى تشجيع عمليات خطف الجنود والمدنيين بغرض المقايضة والإفراج عن المحكومين بالإعدام.
وتُجمِع المؤسسات الحقوقية على أن إسرائيل، وعلى رغم أنها لم تنفّذ أيّ حكم إعدام بحقّ فلسطينيين عبر مسار تشريعي أو قضائي في المحاكم، لكنها نفّذت آلاف عمليات الإعدام بحقّهم ضمن مسارات «خارج القضاء»، كالقتل المتعمّد أثناء الاعتقال، والاغتيالات التي شرّعتها المحكمة العليا الإسرائيلية عام 2006 - «بشروط صارمة» تتعلّق بالمشاركة المباشرة في الأعمال القتالية وضرورة التحقُّق من عدم مقتل مدنيين أثناء الاستهداف -، وسياسات الإهمال الطبي بحقّ الأسرى، أو التعذيب أثناء الاعتقال والتحقيق.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram