دائرة حاصبيا–مرجعيون تشتعل: الثنائي يثبت، والرباعي يرشح خير الدين رغم ثقل ملفاته

دائرة حاصبيا–مرجعيون تشتعل: الثنائي يثبت، والرباعي يرشح خير الدين رغم ثقل ملفاته

مع اقتراب الانتخابات، تتبلور اللوائح في الجنوب بين تثبيت مقاعد الثنائي الشيعي، ولائحة مستقلة للنائب إلياس جرادي، وصراع درزي يحتدم حول مروان خير الدين وماجد الحمرا.

 

Telegram

كتب رشيد حاطوم

مع اقتراب الانتخابات، تتبلور اللوائح في الجنوب بين تثبيت مقاعد الثنائي الشيعي، ولائحة مستقلة للنائب إلياس جرادي، وصراع درزي يحتدم حول مروان خير الدين وماجد الحمرا.

 

في الجنوب، حيث تمتزج الجغرافيا بالرمزية السياسية، تعود دائرة مرجعيون–حاصبيا إلى واجهة المشهد الانتخابي، لتختبر من جديد معادلات القوة والثبات داخل ما يُعرف بـ«معقل الثنائي الشيعي».
تضمّ الدائرة خمسة مقاعد: شيعيان، سني واحد، أرثوذكسي واحد، ودرزي واحد، وهي مساحة سياسية حسّاسة تمتد من عمق الجنوب حتى تخوم البقاع الغربي، وتشهد منذ أسابيع حركة استثنائية في اتصالات المرشحين ودوائر القرار الحزبي.

يعمل الثنائي الشيعي – حركة أمل وحزب الله – على إعادة تثبيت بنيته التنظيمية داخل الدائرة، وسط تداول بتجديد الثقة بترشيح النائبين علي حسن خليل وعلي فياض للمقعدين الشيعيين، ما يعكس رغبة القيادة في المحافظة على التوازنات الداخلية وعدم إحداث خضّة داخل القاعدة الانتخابية.
أما المقعد السني فما زال موضع نقاش داخل دوائر القرار في حركة أمل، إذ لم يُحسم بعد ما إذا كان النائب قاسم هاشم سيُعاد ترشيحه، أم أنّ الرئيس نبيه بري سيفتح الباب أمام تغييرٍ مدروس، خصوصاً في ضوء محاولات الثنائي استيعاب التحولات الاجتماعية والسياسية داخل البيئة السنية في الجنوب.

في المقابل، يتخذ المقعد الأرثوذكسي منحى أكثر تعقيداً، إذ تشير المعطيات إلى سعي الثنائي لضمّ النائب الدكتور إلياس جرادي إلى لائحته، في حين يُظهر الأخير ميلاً واضحاً نحو تشكيل لائحة مستقلة تعكس توجهه الإصلاحي، وقد بدأ فعلاً سلسلة من الاتصالات مع شخصيات مستقلة لتأسيس جبهة انتخابية تبتعد عن الاصطفاف التقليدي، ما قد يخلق توازناً جديداً داخل الدائرة ويفتح نافذة لتعدد الخيارات أمام الناخبين.

أما على ضفة المقعد الدرزي، فتتقدّم الساحة اسم مروان خير الدين، مرشّح التحالف الرباعي والمصرفي المعروف، لكن حملته تواجه موجة اعتراض واسعة، خصوصاً بعد ما أُثير حول الملفات القضائية التي تطاله، وفضيحة دفع كفالة حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة والبالغة 14 مليون دولار، وهو ما اعتبرته القاعدة الدرزية “خطأً أخلاقياً” يتناقض مع روح المرحلة.

ويشير مصدر سياسي مطّلع إلى أنّ خير الدين، وإن كان يرتبط بعلاقة مصاهرة مع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، إلا أنه عملياً أقرب إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، الذي يتعامل مع المشهد ببراغماتيته المعهودة، إذ يرى أنّ فوز خير الدين يُسجَّل له، أما خسارته فتقع على حساب أرسلان.
هذا الواقع ولّد اعتراضاً حاداً داخل صفوف مؤيدي أرسلان الذين يعتبرون أنّ زعيمهم “قضى عقوداً في العمل السياسي وكفه نضيف أمام الجميع”، فلماذا يتم ترشيح من يواجه هذا الكم من الملفات الثقيلة؟

وفي المقابل، ينقل مصدر مقرب من خير الدين أنه يردّد في مجالسه الخاصة أنّه ينتظر الموقف الأميركي منه، متسائلاً عمّا إذا كانت واشنطن ستُدرجه على لوائح العقوبات، وعندها "يبني على الشيء مقتضاه".
ويضيف المصدر أنّ داخل صفوف الفريق المؤيد للمقاومة هناك عتب واضح على قبول ترشيحه ضمن اللائحة المدعومة من الثنائي، “إذ يعلم الجميع تماماً من هو مروان خير الدين، وما يمثّله من ارتباطات مالية وسياسية معقّدة”.

في المقابل، يبرز اسم ماجد الحمرا، الناشط السياسي والاجتماعي كوجهٍ درزي يحظى بقاعدة شعبية راسخة ودعم من مشايخ الطائفة، نتيجة حضوره الميداني وقربه من الناس في ظل الأزمات الاقتصادية، فضلاً عن الدور الذي لعبه في استيعاب النازحين خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على الجنوب.

في هذه الدائرة التي تُعدّ من أكثر الدوائر انضباطاً انتخابياً في لبنان، يبدو أنّ خيوط التحالفات لم تُحكم بعد بشكل نهائي، وأنّ ميزان القوى التقليدي يواجه اختباراً جديداً في ظلّ حراكٍ مستقل يحاول خرق الاصطفاف الثنائي عبر خطاب إصلاحي وميداني.
ومع تزايد وتيرة الاجتماعات والاتصالات، يترقّب المراقبون إعلان الرئيس بري الكلمة الفصل في تركيب اللائحة، بينما يسجّل الميدان حركة غير مسبوقة توحي بأنّ المعركة المقبلة في مرجعيون–حاصبيا قد لا تكون نسخة مكرّرة من سابقاتها.
ويُضاف إلى ذلك التحول الذي ظهر بوضوح في الانتخابات البلدية الأخيرة، حيث شهدت القرى والبلدات الدرزية في الدائرة تصدّعاً داخل القواعد الاشتراكية وتمرداً على قرارات القيادة الحزبية، ما كشف عن شرخٍ عميق بين القيادة والميدان، وأعطى مؤشراً واضحاً على تبدّل المزاج الانتخابي وميول القواعد نحو خيارات أكثر استقلالية وأقرب إلى نبض الناس.

تقول أوساط متابعة إنّ خلف الكواليس تجري مراجعة دقيقة لتوزيع الأصوات داخل القرى والبلدات الحدودية، وإنّ بعض الحلفاء القدامى باتوا أكثر ميلاً للتمايز الهادئ، انتظاراً لتبدّل المناخ الإقليمي.
وتشير المصادر إلى أنّ البيئة الدرزية نفسها تشهد تحولات في الولاء السياسي: من ولاء تقليدي للأحزاب الكبرى إلى ميول نحو شخصيات محلية مستقلة، ما يغيّر قواعد اللعبة في المقعد الدرزي ويجعل أي رهان على حلف ثابت أمراً محفوفاً بالمخاطر.
وفيما يواصل الثنائي عمله بثقة الصدارة، يهمس أحد العارفين بأنّ “الجنوب ليس كما كان… فالمزاج تغيّر، لكن الصمت لا يزال سيّد اللحظة”.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram