يُعتبر نسيج العظام أحد أكثر أنسجة الجسم حيويةً وتجدّدا، إذ يقوم بعملية مستمرة من البناء والهدم للحفاظ على قوته وتوازنه. غير أن هذا التوازن الدقيق قد يختلّ بسبب ممارسات غذائية خاطئة نتبعها دون أن نشعر، فتُضعف العظام تدريجيًا وتزيد من خطر الإصابة بالكسور أو هشاشة العظام. ولأن الغذاء هو العامل الذي يمكننا التحكم به بسهولة مقارنة بالعوامل الوراثية أو الهرمونية، فمن الضروري أن نتعرّف على العادات التي تُلحق الضرر بعظامنا، وكيف يمكن تجنّبها للحفاظ على نسيج عظمي سليم مدى الحياة. من أبرز هذه العادات، الإفراط في استهلاك الملح. فالملح لا يؤثر فقط في ضغط الدم، بل يُعدّ أيضا من أكثر العوامل التي تسرّع فقدان الكالسيوم من الجسم. إذ يؤدي تناول كميات زائدة من الصوديوم إلى زيادة طرح الكالسيوم في البول، مما يقلل من الكمية المتاحة لبناء العظام وتقويتها. ولذلك، من المهم تقليل الملح في الطعام، وتجنّب الأطعمة المصنّعة والوجبات السريعة الغنية بالصوديوم، إذ تُسهم على المدى الطويل في إضعاف البنية العظمية دون أن نلحظ ذلك مباشرة. وإلى جانب الملح، هناك عامل آخر لا يقلّ ضررًا وهو الإفراط في تناول الكافيين والمشروبات الغازية. فالكافيين، عند استهلاكه بكميات كبيرة، يحدّ من امتصاص الكالسيوم في الأمعاء، بينما تُخلّ المشروبات الغازية بتوازن المعادن داخل الجسم بسبب محتواها العالي من الفوسفور. وبالتالي، فإن الجمع بين الإفراط في الكافيين والمشروبات الغازية يشكّل خطرًا مزدوجًا على العظام. لذا يُنصح باستبدالها بالماء أو الشاي الأخضر أو الحليب قليل الدسم، للحفاظ على توازن الجسم المعدني. ولأن الضرر لا يأتي دائما من المذاق المالح فقط، فإن الإفراط في تناول السكر الأبيض يُشكّل خطرا آخر على صحة العظام. فزيادة السكريات في النظام الغذائي تؤدي إلى ارتفاع إفراز الكالسيوم والمغنيسيوم عبر البول، مما يُفقد الجسم عناصره الأساسية لتجديد النسيج العظمي. علاوة على ذلك، تسبّب الأطعمة الغنية بالسكر التهابات خفيفة مزمنة داخل الجسم، تُضعف مناعة العظام على المدى البعيد. ومن هنا، فإن التقليل من استهلاك الحلويات الصناعية واستبدالها بالفاكهة الطازجة أو العسل الطبيعي باعتدال خطوة أساسية نحو حماية العظام.وبالانتقال إلى نوع آخر من العادات الغذائية الخاطئة، نجد أن الإفراط في تناول البروتين الحيواني قد يضرّ العظام رغم فوائده المعروفة لبناء العضلات. فحين ترتفع نسبة البروتين في الجسم، يزداد إنتاج الأحماض التي يحاول الجسم معادلتها عبر سحب الكالسيوم من العظام.لذلك، يجب الاعتدال في تناول اللحوم الحمراء والتركيز على تنويع مصادر البروتين، كالبقوليات والمكسرات، للحفاظ على التوازن الغذائي دون الإضرار بالنسيج العظمي.ومن جهة أخرى، لا يمكن الحديث عن صحة العظام دون التطرّق إلى الكالسيوم وفيتامين D. فإهمال الحصول على هذين العنصرين يعني ببساطة حرمان العظام من مواد البناء الأساسية. فالكالسيوم يشكّل المكوّن الرئيسي للعظام، في حين يُساعد فيتامين D على امتصاصه وتثبيته داخلها.ومن هنا، يجب الحرص على تناول الأطعمة الغنية بهما مثل الحليب، والأجبان، والسلمون، وصفار البيض، إلى جانب التعرض المنتظم لأشعة الشمس في ساعات الصباح للحصول على جرعة طبيعية من فيتامين D.وإذا كانت بعض الأطعمة تُضعف العظام تدريجيًا، فإن الحميات القاسية تُدمّرها بسرعة. فاتباع أنظمة غذائية منخفضة السعرات أو خالية من مجموعات غذائية رئيسية يُعرّض الجسم لنقص شديد في العناصر الضرورية لبناء العظام. ومع مرور الوقت، يضعف النسيج العظمي لأن الجسم لا يجد ما يُجدّد به خلاياه.لذلك، يُنصح باتباع حميات متوازنة تضمن خسارة الوزن دون حرمان الجسم من احتياجاته الأساسية. في النهاية، يمكن القول إن صحة العظام انعكاس مباشر لعاداتنا اليومية. فكل ما نأكله يترك أثره على المدى الطويل، إما بتقوية العظام أو بإضعافها. ومن خلال تقليل استهلاك الملح والسكريات، وضبط تناول الكافيين والبروتين الحيواني، والحرص على تزويد الجسم بالكالسيوم وفيتامين D، يمكننا بناء أساس صلب لعظام قوية تدعمنا مدى الحياة
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي