بقلم : فاطمة يوسف بصل.
ليس كلّ صامت خالٍ من الضجيج، وليس كلّ باسمٍ سعيد. خلف الملامح الهادئة قد تعصف أعاصير، وفي العيون الثابتة قد يختبئ بحر من الدموع. الناس لا يسيرون في الشوارع بأرواحهم فقط، بل يجرّون خلفهم أحقادًا دفينة، جراحًا لم تُشفَ، وخيبات لم يشاركوا بها أحدًا.
في زمنٍ صارت الأحكام فيه تُطلق كالرصاص، ننسى أن القلوب ميدان معارك خفية، وأن الأرواح تتنفس رغم الحطام.
تلك الفتاة التي تضحك بصوت عالٍ، يظنها الجميع مرحة، لكنها في الحقيقة تقف كل ليلة على حافة الانهيار، تضحك خوفًا من البكاء، وتخفي اكتئابها خلف ستارة الأمل الكاذب.
وذاك الرجل الجالس في الزاوية، لا يُشارك أحدًا الحديث، يُقال عنه منعزل، لكنه في داخله يُصارع فقدًا عظيمًا ويكتم صرخته لئلا يُقلق من يحب.
والمعلمة التي تراها صارمة لا تعرف الابتسام، لعلها تحمل عبء أسرة، وزوجًا طريح فراش المرض، تخفي وجعها بين دفاتر طلابها حتى لا يُقال إنها ضعيفة.
وهناك شاب لا يؤمن بالحب، لا لأنه لا يعرفه، بل لأنه ذاق مرار الخيانة، فارتدى قناع البرود ليحمي ما تبقّى من قلبه المحترق.
فما أكثر الحروب التي لا تُعلن، وما أقسى أن نحاكم الناس على ما لا نراه.
فرفقًا بمن تظنونهم بخير، وتحنّنوا على من لم يطلب الشفقة، فقط تروّوا… فإنكم لا تعرفون من يقف على شفا الانهيار بصمت.
الرحمة قبل الحكم نجاة، والتفهم قبل النقد حياة. فربّ كلمة حانية تُعيد إنسانًا من شفير الهاوية… وربّ حكم قاسٍ، يكتب نهاية صبرٍ كان يتوسل القليل من التفهم فقط.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :